ملفات خاصة

 
 
 

تأملات سياسية في رحيل زياد الرحباني

تشييعه أظهر إمكانية باقية لتجاوز الوضع الراهن

إيلي القصيفي (أ.ف.ب)

الموهوب والعبقري الثائر

زياد الرحباني

   
 
 
 
 
 
 

نعش الموسيقار والملحن زياد الرحباني خلال مراسم الجنازة في كنيسة رقاد السيدة العذراء للروم الأرثوذكس في المحيدسة بكفيا، جبل لبنان، في 28 يوليو

كان موت زياد تراجيديا تشبه الكارثة، كأنه زلزال أو فيضان أو تسونامي. موت ضخم وقع على البلد الذي دخل منذ سنوات في موت سريري، قبل الحرب وبعدها، قبل الانهيار وبعده، بحيث لم يعد يمكن تعيين اللحظة التي بدأ فيها لبنان ينطفئ أو يدخل في موته السري والسريري، ولكنه وهو ينطفئ وهو يموت تبقى له القدرة على الحياة والاحتفال والضجيج، كما لو أن موته مؤقت أو أن موته فريد لا هو موت كامل ولا هو حياة كاملة. وبين الاثنين تدور دورة كاملة من الأمل والانكسار، ومن الفعل ورد الفعل.

لكن المسألة ليست إذا مات البلد أو لم يمت، وماذا يعني موت البلد أو عدم موته، المسألة أنه يجب أن يوجد أشخاص يرفضون أن يقولوا إن البلد قد مات، أشخاص يجب أن تكون لديهم مصلحة سياسية في القول إن البلد لم يمت، وهذا أولا إعادة اعتبار للسياسة أو أن السياسة تبدأ مجددا من هنا. وأما إعادة إنتاج الانقسام حول زياد والبحث عن معاني لهذا الانقسام، وعن منتصر ومهزوم وعن غالب ومغلوب، فهو انعدام السياسة بعينه.

وهنا ثمة شيء غريب وشيء جوهري وأصيل وهو أن البلد وأمام أي حدث يشبهه كموت زياد يقف ويقول أنا موجود، ليتحول هذا الموت إلى فعل حياة حقيقية لبلد كاد يختفي ويتحول إلى ركام وحطام سياسي واقتصادي وإنساني.

ومفردة البلد هنا التي لا تجد معناها الفعلي إلا في قاموس زياد الرحباني تصلح لأن تكون مفردة تأسيسية تعوض عن الوطن المفقود والدولة المتآكلة وتتوافق مع اللحظة المأزقية الراهنة ومع لحظة موت زياد كحدث يعيد إنتاج معنى للبنان في لحظة افتقاد المعنى، وبالتالي يشكل هذا الموت مخرجا سياسيا ممكنا من المأزق في حال وجد من يلتقط الإشارة ومن هو مستعد إلى المبادرة، في إعادة اعتبار فعلية للسياسة أي لإمكان فعل شيء لوقف التدهور، أو ببساطة لتسجيل موقف حيال ما يجري وحيال ما وصلت إليه الأمور، وحيال الفراغ الحاصل.

كان موت زياد ودفنه بمثابة مصالحة وطنية متأخرة وبمثابة تجاوز لمنطق الحرب الأهلية وإعادة الاعتبار أو التفكير في لبنان ما قبل الحرب

كأن موت زياد ودفنه هو ملء لفراغ لبناني طويل، فراغ امتلأ لفترة طويلة بمزيد من الفراغ، لكن موت زياد بدده أو أعطى إشارة بأن تبديده ممكن، فمن ساروا وراء نعش زياد من شارع الحمرا إلى بكفيا كانوا من حيث يدركون أو لا يجمعون طرفي الخيط ويرممون العلاقة المرضوضة بين بيروت والجبل بالمعنى السياسي وبالمعنى الحضاري، لأن زياد كان نموذج الحضارة اللبنانية ونموذج النموذج اللبناني ونموذج التجربة اللبنانية.

فزياد عاد مع مشيعيه إلى حيث كان وإلى نقطة البداية التي ابتعد عنها وقطع صلته بها خلال الحرب الأهلية وما بعدها، ولكن طيلة هذه الفترة لم توجد لحظة سياسية تعيده إلى هناك إلا لحظة موته. وهذا برهان متأخر جدا على ذيول تلك الحرب التي لا تزال اليوميات اللبنانية شاهدة عليها، في التعبير السياسي والعلاقات الاجتماعية والفرز الديموغرافي. وبهذا المعنى كان موت زياد ودفنه بمثابة مصالحة وطنية متأخرة وبمثابة تجاوز لمنطق الحرب الأهلية وإعادة الاعتبار أو التفكير في لبنان ما قبل الحرب، ذاك الذي أنتج الرحابنة والذين هم بدورهم أنتجوه في علاقة جدلية تبناها زياد وأخذها إلى أقصاها، إلى مواقف أخرى وعناوين أخرى، هي انقلاب على "لبنان الرحابنة"، لكنه انقلاب كان يجد ما ينقلب ضده، أي إنه كان يعارض هيكلا رمزيا وسياسيا و"ثقافيا" موجودا يملأ مكانه ويمتلك لغة ومنطقا، والأهم أن أول شروط بقائه و"تميزه" كان إتاحة الاعتراض عليه.

وإذا كان هذا اللبنان قد أنتج بموازاة المسرح والموسيقى والإبداع بأشكاله كلها شروطا موضوعية للحرب الأهلية التي قضت عليه نهائيا، فإن العطب الأساسي والتاريخي أن مرحلة السلم الأهلي بعد عام 1990 قد تأسست على تأبيد هذه الشروط وجعلها عصب الحياة السياسية ولاسيما بعد عام 2005 عقب اغتيال رفيق الحريري الذي افتتح حقبة الحرب الباردة بين اللبنانيين على نحو قضى على أي إمكانية سياسية للخروج من منطق الحرب الأهلية.

تشييع زياد أظهر إمكانية باقية لتجاوز الوضع الراهن، بوصفه تشييعا لا يشبه الانقسام القائم في البلد، بالرغم من محاولات توريطه في هذا الانقسام

وإذا كان وقوف العقل السياسي اللبناني عند "لبنان الرحابنة" في محاولة لإعادة إنتاجه بشروط جديدة بالرغم من كل التحولات الحاصلة ضرب من العبث والمستحيل، فإنّ اختصاره بأنه أنتج الحرب الأهلية ينطوي أيضا على عدم قدرة وعدم رغبة في تجاوز منطق الحرب الأهلية. وهذا يحيلنا إلى منطق "حزب الله" بوصفه القوة المهيمنة بعد الحرب وخصوصا بعد عام 2005، باعتباره منطقا قام أساسا على تسخيف "لبنان ما قبل حزب الله"، ليس من منطلق وعي نقدي وعقلاني وإنما من منطلق مصلحة سياسية لتبرير الحالة الجديدة ومن منطلق رغبة في تأكيد هزيمة هذا اللبنان ودفنه إلى الأبد بعدما دخل لبنان "العصر السوري" وعصر "حزب الله".

وهذا فارق أساسي بين اعتراض زياد على هذا اللبنان وتعريته له وسخريته من "ثقافته" وشخوصه وبين انقلاب "حزب الله" عليه من خلال تسخيفه أولا، ذلك أن اعتراض زياد لم يكن أداة أو وسيلة ما كان وجوده ممكنا من دونها. أي إن هذا الاعتراض لم يكن شرطا لوجود زياد كفنان قبل السياسي والأهم أن هذا الاعتراض لم ينجر إلى لعبة تسخيف للبنان من النوع الذي يشكك في بدايات زياد نفسها، بينما تحول تسخيف "لبنان الرحابنة" بالنسبة لـ"حزب الله" شرطا من شروط وجوده، أي إنه من دونه لا يستطيع أن يقدم نسخته اللبنانية.

و"حزب الله" سواء أدرك ذلك أو لا كان يحاصر نفسه بل و"يقضي" على نفسه كحزب لبناني يواجه ضرورة لأن يقدم نسخته اللبنانية وأن ينتج لبنانه الذي يحقق فيه مصالحه، ولكنه أساء تقدير المدى الذي يمكن أن يبلغه انقلابه على "لبنان الآخرين" من دون أن يعرض لبنانه ومصالحه نفسها للانهيار.

بهذا المعنى افتقد "حزب الله" للفكرة التصالحية ولفكرة أنه يمكن تجاوز الحدود السياسية والجغرافية وأنه يمكن الخروج من المساحة الضيقة، ليس بالعبور إلى سوريا والعراق واليمن، بل بالعبور إلى "لبنان الآخرين" أيضا، إلى مساحة لبنانية مشتركة تعيد الاعتبار لفكرة أنه يمكن بل ويجب الخروج من منطق الحرب الأهلية.

ولذلك ظل "الحزب" أسير منطق الانقسام القائم والذي تعود أن يرى البلد من خلاله وأن يفرزه من خلاله، وكأن هذا الانقسام تحول سببا وجوديا له، وهو ما ساهم في صعود أرباب هذا المنطق في المقلب الآخر، في لعبة جهنمية قضت على أي أمل في مصالحة لبنانية حقيقية وفي إمكان البحث عن مخارج حقيقية للمأزق الراهن، وخصوصا بعد الانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ وبعد الحرب الأخيرة، ولاسيما بعد تجويف البلد بالاغتيال الجسدي والمعنوي لكل من يملك منطقا بديلا، أي منطقا وطنيا، قائما أساسا على ضرورة تجاوز الانقسام أو تغيير طبيعته بعد أن أصبح طائفيا بحتا، وعلى ضرورة تجاوز منطق الحرب الأهلية.

بيد أن تشييع زياد أظهر العكس، أي أظهر إمكانية باقية لتجاوز الوضع الراهن، بوصفه تشييعا لا يشبه الانقسام القائم في البلد، بالرغم من محاولات توريطه في هذا الانقسام، من خلال البحث عن تموضع لتشييع زياد قياسا على تموضعه في مسيرته الفنية والسياسية.

ثمة نافذة فتحها تشييع زياد والحزن اللبناني الجامع عليه، لأنه زياد ولأنه ابن فيروز وابن عاصي الرحباني، ولأنه أيضا ابن انطلياس البلدة الساحلية التي شهدت أولى المصالحات الشعبية بعد الحرب

وهنا أيضا لا يمكن تجاوز أن موت زياد أتى في لحظة مفصلية في تاريخ البلد هي لحظة بداية نهاية "عصر حزب الله"، وهو ما يعني أن لبنان دخل مرحلة انتقالية، ليست بالضرورة ضد "حزب الله"، لكنها لحظة تفترض تحولات على مستوى القوى السياسية جميعا وفي مقدمتها "حزب الله" هذا إذا كان لا يزال بعد في لبنان قوى سياسية تستطيع أن تقوم بمراجعات وأن تبادر وأن تعيد تموضعها وتطرح عناوين جديدة.

وإذا كان موت زياد قد أعاد إنتاج شيء من انقسام اليمين واليسار في لبنان، وهو انقسام تلاشى أو شهد تحولات داخل اليمين وداخل اليسار، فإن الأحزاب "اليمينية" التي لم تقم بمراجعة حقيقية لتجربتها في الحرب، لا بل ما زالت تبني كل رصيدها السياسي على "إنجازاتها" خلال تلك الحرب، هذه الأحزاب يفترض أن تسائل نفسها أمام مشهد تشييع زياد الذي عبر "مناطقها": إلى أي حد هي عاجزة عن "العبور" السياسي والثقافي، متمسكة بتقليد سياسي لا يقيم أدنى اعتبار للمسألة الاجتماعية إلا من باب الرعاية، وذلك في مقابل بقايا يسار متفرقة تمحورت في غالبها بعد الحرب حول فكرة "المقاومة" وليس حول فكرة البلد، فإذا كانت المقاومة ضرورة في لحظة معينة فهي لا يمكن أن تكون على حساب فكرة البلد وشروطه وظروفه الموضوعية. إلا أن ذلك كله يكاد يكون من مرحلة تمضي. أما الآن فثمة نافذة فتحها تشييع زياد والحزن اللبناني الجامع عليه، لأنه زياد ولأنه ابن فيروز وابن عاصي الرحباني، ولأنه أيضا ابن انطلياس البلدة الساحلية التي شهدت أولى المصالحات الشعبية بعد الحرب عندما التقى الزعيم اليساري جورج حاوي بحزب "الكتائب"، وكأن تشييع زياد هو استعادة متأخرة لتلك المصالحة وهو تأكيد أنها ممكنة كإطار نظري للمبادرة السياسية، إذا كان ثمة من يفكر بالمبادرة...

 

مجلة المجلة السعودية في

29.07.2025

 
 
 
 
 

صارت صحيحة الخبرية

سليمان بختي

اكتشف مودّعو زياد الرحباني في مشواره الاخير من مستشفى فؤاد خوري في راس بيروت إلى بكفيا- المحيدثة، أنهم هم أيضاً كبروا مع زياد، وأن البلد ترهل كثيرًا ويكاد يفقد نضارته. وأن زياد حفر عميقًا في وجدانهم والذاكرة ليصبح بمعنى ما، من الرموز الموحدة القليلة في هذا البلد. ودّعوه بالصمت والدموع والورود وبصورته المطبوعة مع "بلا ولا شي منحبك". كانوا جميعا في لحظة حزن ووفاء.

كأنهم يريدون أن يقولوا له: رأيناك وشكراً على ما أعطيته من قلبك وروحك وإبداعك. شكراً على رفقة الطريق. لذلك عندما خرجت السيارة التي تقل النعش، رموا عليها الورود والأزر وصفقوا طويلًا كأنه سيحضر للتو. أكثر من وردة وقعت من النوافذ والشرفات. وكنت تسمع أكثر من شهقة دمع أو صرخة "يا كبير"، "يا ابن الغوالي"، "يا ابننا" أو "زياد... زياد". 

كلهم كانوا هناك، الأقارب والأصدقاء والجيران والمتابعون والمعجبون، من أعمار وأجيال مختلفة. كلهم كان يودع مع زياد بعضاً من عمره وأحلامه وضحكاته... ضحكات على أحوالنا وقد برع زياد في صفها وتظهيرها. ظاهرة زياد الرحباني في حياته وفي مماته. عبقرية ما انفكت تفري فريها في الحقول كافة

كان صادقا ومرهفًا وعبّر عن دواخلهم ولامس أوجاعهم ، ولم يتخلّ. مشوا معه لآخر شارع الحمراء، الشارع الذي مشاه زياد طويلًا. رددوا أغانيه. مشوا معه في الشوارع الأليفة في راس بيروت التي يعرفها زياد. وقبل أن يتحرك الموكب، قرعت أجراس كنيسة السيدة في المكحول تحية للمسجى

كان مؤثرًا وجود الباحث الفلسطيني منير شفيق في علوه التسعيني ينتظر عند مدخل المستشفى لإلقاء النظرة الأخيرة. وكذلك الممثل طارق تميم الذي كان يتحرك في كل اتجاه دامعًا. قال زياد الرحباني كلمته ومشى. لم يطلب أمراً لنفسه. هو من الرموز القليلة التي حاولت بناء الإنسان اللبناني

خرج زياد من الحياة خالي الوفاض ومكللًا بالأوجاع وقد أعطاها كل شيء. أما زياد الفنان فترك كنوزاً تغني وتضيء وتكمل الطريق. وترك العبرة في زمن اللا-اعتبار

ثمة أغنية أدمعتنا لمجموعة من الفتيات: "طلي اضحكيلو يا صبية، وضوي بقلبو غنيّة، هيدا خطيبك قوليلو، صارت صحيحة الخبرية، يا صبيه يا قمرية هنية"...

وفي آخر شارع الحمراء، عندما انطلق الموكب من جديد، وقفوا ولوحوا له بالمناديل...

 

####

 

زياد ابن أبيه

بول قطان

كان يكفي أن تذكر اسمه الأول ليعرف من يجالسك أنك تتحدث عنه… عنه فقط.

ذلك هو سرّ زياد الرحباني… أو الأصح مفارقته. كان همّه أن يتمّرد على إرث طويل عريض من الموسيقى والأغنية والشعر والمسرح، وحتى السياسة في معناها الوطني العام، فإذا به الوحيد الذي يستأهل حمل صفة "الوارث الشرعي" لما تركه عاصي ومنصور من كنوز.

يكفي أن يقول الناس "زياد" لنعلم أنّه هو. لم يعد مهماً التذكير بأنه ابن عاصي، أو بأنه كبير الجيل الثاني من العائلة الرحبانية. غير أن الحقيقة المتوارية بين دفاتر النوطة وأوتار الآلات وكواليس الخشبة، كانت تنبئنا كل يوم أنه ابن أبيه وعمّه حتى العظم. وهذا ما أقرّ به منصور الرحباني العام 1993، حين تقدّم الحاضرين في مؤتمر صحافي عقده زياد في نادي بقنايا-جل الديب للردّ على حملة صحافية شعواء، طاولت يومها عمله الجديد بعد غياب عشرة أعوام "بخصوص الكرامة والشعب العنيد". 

كان حضور منصور، ومعه هدى حداد وغسان الياس الرحباني، كافياً لتأكيد هذه الثابتة، لكنّ منصور عزّزها بكلام صريح، ليسمعه مريدو زياد ومنتقدوه على السواء.

وصف زياد مسرحيته الأولى "سهرية" (1974) بأنها أشبه بلقمة مغمّسة حتى الثمالة في الحساء الرحباني. وإذا به في مسرحيته الأخيرة قبل الاحتجاب الموقت، ونعني "شي فاشل" (1983)، يفتح نيرانه على بنيان مسرحي متكامل شيّده عاصي ومنصور، متكئاً على خلاصات مريرة، تبلورت لديه في زمن الحروب والانقسامات.

لقد شنّها حرباً على الحلم الرحباني، لكنّه لم يبدّل يوماً جلدته الموسيقية ولم يتنكّر لها، بل كانت متكأه الدائم للارتحال إلى فضاءات موسيقيّة جديدة، كان سبّاقاً إلى التقاط مفاتيحها

تذكّروا ما كان يقول عن عاصي: "يلحّن بإصبع واحد على البيانو… يطلب مني وكنت لا أزال طفلاً أن أفاضل بين جملتين موسيقيتين وأختار أيهما الأجمل".

تذكّروا أسطوانة "إلى عاصي" (1995) التي أرادها تحيّة للعملاق، وقال إنه أعاد توزيع أغنياتها بإمكانات كان يتوق والده إلى أن تكون طوع يديه، حين أخرجها إلى النور للمرّة الأولى.

تذكّروا أيضاً أن عاصي، هو من قصد زياد و"اشترى" منه أغنية "ع هدير البوسطة" لتؤديها فيروز في مسرح الأولمبيا في باريس العام 1979. كان كبير الرحابنة يدرك بحسه اللامتناهي أن إيصال هذه التحفة الشعبية بصوت السيدة، سيكون رهاناً على نجاح منقطع النظير

مثل عاصي، غادرنا زياد باكراً. رثته كارمن لبس وكتبت "حاسّة كل شي راح". صحيح… حسبنا أن ننشد الآن مع فيروز المتألّمة "لا تندهي ما في حدا".

 

المدن الإلكترونية في

29.07.2025

 
 
 
 
 

عمرو أديب ناعيًا زياد الرحباني: «كل التعازي للأسطورة»

ياسر ربيع

نعى الإعلامي عمرو أديب الموسيقار الراحل زياد الرحباني، الذي رحل عن عالمنا السبت الماضي الموافق 26 من يوليو بعد صراع مع المرض، عبر حسابه الرسمي بموقع التدوينات " X".

وعبّر الإعلامي عمرو أديب عن حزنه الشديد لفقدان الموسيقار الراحل زياد الرحباني، قائلا: "أن تحسد إنسانًا على جنازته وحب الناس له وألمهم عليه... عن زياد الرحباني أتحدث".

وأضاف عمرو أديب: "كل التعازي للأسطورة جارة الوادي، السيدة فيروز. ليكن الرب في عونها، ففراقه سيكون قاسيًا، وأظن أن وقوفها في مراسم العزاء وسط زحام الإعلام والأصدقاء سيكون مرهقًا جدًا له".

أول ظهور للفنانة فيروز في مراسم تشييع زياد الرحباني

في سياق متصل ظهرت السيدة فيروز في وداع مليء بالهيبة والوجع، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، لترافق نجلها الموسيقار الراحل زياد الرحباني إلى مثواه الأخير، في مشهد إنساني نادر جمع بين الصمت الموجع والحضور الطاغي للرموز.

وكانت كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة بكفيا، قد شهدت مراسم تشييع الراحل عصر الإثنين، بحضور السيدة فيروز إلى جانب ابنتها ريما الرحباني وعدد من أفراد العائلة والمقرّبين، وسط غياب متعمَّد للتغطية الإعلامية احترامًا لرغبة العائلة.

حزن بيروت وحب جمهورها

منذ ساعات الصباح، تجمهر الآلاف من محبّي زياد في شارع الحمراء أمام مستشفى خوري، رافعين صوره وملوّحين بالورود، في وداع عاطفي عفوي اختلطت فيه الزغاريد بالدموع.

وانطلق موكب الجنازة من الحمراء إلى بكفيا، مرورًا بشوارع امتلأت بالناس والهتافات، حيث بدا زياد وكأنه لا يزال يمشي بين جمهوره، على إيقاع موسيقاه وكلمات مسرحياته.

وداع خاص ومدفن في حديقة فيروز

وبحسب مصادر مقرّبة من العائلة، اختارت فيروز أن يكون وداعها لابنها بعيدًا عن كاميرات الإعلام، حيث جلست إلى جانب النعش داخل الكنيسة للحظات، قبل أن تنسحب إلى الصالون لاستقبال المقرّبين فقط.

وأكدت المصادر أن جثمان زياد لن يُدفن إلى جوار والده عاصي الرحباني في أنطلياس، بل في مدفن خاص داخل حديقة منزل السيدة فيروز في بلدة الشوير، تنفيذًا لوصيتها.

تفاصيل العزاء

أعلنت عائلة الرحباني أن مراسم العزاء تُقام اليوم الإثنين من الساعة 11 صباحًا حتى السادسة مساءً في كنيسة رقاد السيدة ببكفيا، على أن يُستأنف استقبال المعزّين غدًا الثلاثاء في نفس التوقيت والتصفيق، في مشهد نادر لعلاقة فنان بجمهور أحبّه بصدق.

 

####

 

وائل كفوري يودّع زياد الرحباني بكلمات مؤثرة ويعزّي فيروز

سلمى خالد

رحيل الموسيقار الكبير زياد الرحباني ترك صدمة عميقة في الوسط الفني اللبناني والعربي، حيث حرص عدد من الفنانين على نعيه وتقديم التعازي، كان أبرزهم النجم وائل كفوري، الذي عبّر عن حزنه بكلمات نابعة من القلب، موجّهًا رسالة مواساة إلى السيدة فيروز وعائلة الفقيد.

أعرب الفنان وائل كفوري عن حزنه العميق لرحيل الموسيقار زياد الرحباني، الذي توفي صباح السبت 26 يوليو 2025، بعد صراع طويل مع المرض.

ونشر كفوري عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" رسالة عزاء مؤثرة قال فيها:"ببالغ الحزن والأسى، أتقدّم من السيدة فيروز وعائلة الفنان الراحل زياد الرحباني وكلّ محبّيه بأحرّ التعازي والمواساة، له الرحمة والحياة الأبدية، ولعائلته الصبر والسلوان".

وكان زياد الرحباني، الذي رحل عن عمر ناهز 69 عامًا، قد عانى من مضاعفات خطيرة نتيجة إصابته بتليّف الكبد، ما أدى لاحقًا إلى تدهور حالته الصحية ودخوله المستشفى إثر أزمة قلبية حادة. وأعلنت وفاته داخل مستشفى خوري بمنطقة الحمراء في بيروت، وسط حزن كبير خيّم على محبيه وجمهوره الواسع.

وشُيّع جثمان الراحل في مراسم جنائزية مهيبة، شاركت فيها والدته، السيدة فيروز، حيث أُقيمت صلاة الوداع في كنيسة رقاد العذراء في جبل بكفيا. وتوافد محبو زياد إلى ساحة المستشفى وكنيسة بكفيا لتوديع فنان لطالما شكّل حالة استثنائية في الموسيقى والفكر والفن اللبناني.

ويُذكر أن زياد الرحباني كان علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية، بأعماله الجريئة والمختلفة التي جمع فيها بين العبقرية الموسيقية والرؤية النقدية للمجتمع والسياسة، مستكملاً بذلك الإرث الرحباني الذي بدأه والده عاصي الرحباني ووالدته السيدة فيروز.

 

####

 

فيروز تستقبل المعزين في وداع نجلها زياد الرحباني |صور

سلمى خالد

لا تزال مشاعر الحزن تخيم على الأوساط الفنية والشعبية في لبنان والعالم العربي، مع استمرار تلقي النجمة الكبيرة فيروز للعزاء في ابنها الموسيقار الراحل زياد الرحباني، وذلك لليوم الثاني على التوالي داخل كنيسة رقاد السيدة في بكفيا، وسط إجراءات أمنية مشددة، وبحضور ابنتها ريما.

لليوم الثاني على التوالي، استمرت النجمة اللبنانية فيروز في استقبال المعزين في رحيل نجلها الموسيقار  زياد الرحباني داخل كنيسة رقاد السيدة ببكفيا، حيث رافقتها ابنتها ريما، وسط حضور لافت لمحبي الراحل وأجواء يخيّم عليها الحزن العميق.

وكانت مراسم تشييع زياد الرحباني قد أُقيمت يوم الاثنين في جنازة مهيبة، اجتمع فيها آلاف من محبيه أمام مستشفى خوري بمنطقة الحمراء في بيروت، منذ ساعات الصباح الأولى، حاملين صوره وباقات الورود، ومرددين التصفيق والهتافات في وداعه الأخير.

وانطلق موكب التشييع من أمام المستشفى مرورًا بشارع الحمراء، حيث رافقه الجمهور على الجانبين، يلقي الورود والزغاريد، في مشهد مهيب يعبّر عن حجم الحب الذي ناله الفنان الراحل خلال مسيرته الطويلة.

وخلال مراسم العزاء، بدت السيدة فيروز متأثرة بشدة، تجلس في الكنيسة بهدوء موجع، تودّع ابنها بنظرات تملؤها الحسرة، بينما جلست إلى جانبها ابنتها ريما، التي بدا عليها الحزن العميق على فراق شقيقها.

يُذكر أن زياد الرحباني توفي صباح السبت الماضي عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد معاناة طويلة مع مرض تليّف الكبد. وقد ترك خلفه إرثًا فنيًا استثنائيًا في الموسيقى والمسرح العربي، امتد أثره على أجيال متعاقبة من الفنانين والجمهور في مختلف أنحاء العالم العربي.

 

####

 

لطيفة من قرطاج إلى بيروت.. وداع مؤثر لزياد الرحباني

ياسر ربيع

بعد ليلة فنية لا تُنسى على مسرح قرطاج في عيد الجمهورية التونسية، وجمهور كامل العدد احتفى بها غناءً ورقصًا وحبًا، غادرت الفنانة لطيفة تونس متجهة إلى بيروت، في رحلة خاصة محمّلة بالمشاعر، للمشاركة في وداع الموسيقار الكبير زياد الرحباني.

ورغم انشغالها الفني بعد نجاح حفلها، قررت لطيفة قطع إجازتها والتوجه فورًا إلى لبنان، حرصًا منها على إلقاء نظرة الوداع على من وصفته بـ"العبقري المختلف"، الذي ربطتها به علاقة فنية وإنسانية طويلة.

وعبر حساباتها الرسمية، عبّرت لطيفة عن ألمها الكبير لرحيل زياد، كاشفة عن آخر رسالة تبادلاها قبل وفاته بأيام، حيث قالت: "آخر رسالة بيننا قلتلي: أنا بتحسن وفي انتظارك… أنا جيتك يا حبيبي بس إنت رحت. ما أصعب فراقك يا زياد… يا رب صبّرنا، بس اللي مثلك ما بيموت… بحبك لتخلص الدنيا."

وتعد آخر أعمال زياد الرحباني، هو ألبوم غنائي كامل مع لطيفة يضم 7 أغاني، قامت بتسجيلهم بالفعل، ويضم أغنيتين من كلمات الشاعر الراحل عبدالوهاب محمد.

وكانت لطيفة قد أحيت حفلًا ضخمًا على مسرح قرطاج قبل أيام، بمناسبة عيد الجمهورية، وسط حضور جماهيري غير مسبوق، ونفاد التذاكر بالكامل، بحضور 20 ألف متفرج، وأذيع الحفل على الهوا فى بث موحد على كل القنوات التونسيه.

وقدّمت خلاله مجموعة من أغانيها القديمة والجديدة، من بينها "بحب بغرامك"، "كرهتك"، "يا ليالي"، إلى جانب أغانٍ من ألبومها الجديد قلبي ارتاح مثل "سوري"، "هوا هوا"، و"قلبي ارتاح"، وسط تفاعل كبير من الجمهور.

وشهد الحفل لوحات استعراضية راقصة بمشاركة فرقتها الموسيقية، في أول تعاون لها مع مخرج إيطالي وفريق تقني فرنسي عالمي، وهو ما أضفى طابعًا بصريًا مميزًا على المسرح.

وما بين الفرح الكبير في قرطاج، والحزن الصادق في بيروت، عبّرت لطيفة عن عمق ارتباطها الإنساني والفني بجمهورها وبالرموز التي أثرت في رحلتها الفنية، مؤكدة أن زياد الرحباني سيظل حيًا بفنه في القلوب والذاكرة.

 

####

 

مروى اللبنانية تنعي زياد الرحباني وتواسي فيروز:

"خسارة لا تُعوَّض"

ياسر ربيع

وسط حالة من الحزن والحداد التي تعيشها الساحة الفنية والثقافية في لبنان والعالم العربي، عبّرت الفنانة مروى اللبنانية عن بالغ أسفها وتأثرها الشديد برحيل الموسيقي الكبير زياد الرحباني، معتبرة أن لبنان فقد أحد أعمدته الفنية الأكثر جرأة وصدقًا.

ووجّهت مروى كلمات مواساة إلى السيدة فيروز، قائلة: " بأيّ كلام يمكن أن نرثي زياد؟ فقد كان صوته صوتنا، وهمّه همّنا، وجرأته مرآة لكل من كان يرفض أن يسكت. أشارك السيدة فيروز وجعها كأمّ أولًا، وكأيقونةٍ خسرت شريكًا فنيًا لا يتكرّر، ورفيقًا لرحلة مليئة بالعطاء ".

مروى: " لبنان اليوم ليس كما كان…الحبر جفّ، والموسيقى حزينة"

ورثت الفنانة مروى اللبنانية  الموسيقار الراحل زياد الرحباني بكلمات مؤثرة، قائلة :"رحل زياد، لكن لم ترحل قضاياه، ولا صرخاته في وجه الظلم، ولا نوتاته التي خلدت جراح هذا الوطن. رحيله ليس مجرد خبر حزين، بل لحظة مفصلية في تاريخ لبنان الفني والثقافي".

وأكدت أن زياد الرحباني لم يكن فنانًا عاديًا، بل حالة فكرية وثقافية متفرّدة، تمردت على السائد، وكسرت القوالب، وعبّرت عن وجدان الإنسان العربي كما لم يفعل أحد قبله.

تعزية للبنان… وفقدان لرجل بحجم وطن

وفي ختام كلمتها، قدّمت مروى تعازيها إلى الشعب اللبناني بأسره، معتبرة أن هذا الرحيل لا يخصّ العائلة الرحبانية وحدها، بل هو فقدان لكلّ بيت لبناني وعربي أحبّ زياد وتربّى على موسيقاه وأعماله المسرحية والإنسانية.

" نعزّي أنفسنا كما نعزّي فيروز. زياد سيبقى حيًّا فينا، في أغانينا، في حواراته، في ضحكاته الساخرة، وفي كلماته التي لن تموت "

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

29.07.2025

 
 
 
 
 

ماجدة الرومي ركعت وهي تواسي فيروز!

طارق الشناوي

مثلما عاش على هذه الأرض متمردًا ومختلفًا وصادقًا مع نفسه جاء وداعه فى شارع الحمراء والمعزون فى طريقهم لكنيسة رقاد السيدة وهم يتلبسون روحه، لم يتناقض وقار لحظات الوادع مع الحفاوة بالنعش، اقترب جثمان زياد من باب الكنيسة والكل يصفق ويغنى: (سألونى الناس عنك يا حبيبى).

رغم الزحام والتدافع بين الآلاف إلا أنه بمجرد حضور السيدة فيروز الكل أتاح لها الطريق للوقوف بجوار جثمان زياد وتلقى العزاء.

فيروز أيقنت أنها لحظة ستظل خالدة فى تاريخ الزمن، ولهذا قررت أن تكسر حاجز الصمت الذى رافقها طوال حياتها وأحكم قبضته عليها فى السنوات الأربع الأخيرة، إلا أنها تغلبت على كل شىء.

هذه السيدة عايشت أكبر فقدان فى الدنيا وهو رحيل الأبناء، المأساة بدأت مع رحيل ابنتها ليال فى نهاية الثمانينيات إثر إصابتها بانفجار فى المخ وهو نفس المرض الذى أودى بحياة عاصى الرحبانى، وأسفر الأمر عن زيادة الشقاق مع العم (منصور الرحبانى) اتهمته الشقيقة الصغرى ريما، وهى صحفية ومسؤولة عن الإرث الرحبانى، اتهمته بأنه أعلن متعمدا خبر رحيلها قبل رحيلها، وأضاف أيضا أن ما حدث بسبب (جرعة مخدر زائدة)، لا أحد يملك قطعا إجابة قاطعة عن ضلوع منصور فى شائعة تمس ابنة أخيه عاصى.

الأم فيروز ترعى ابنها هالى من ذوى الاحتياجات الخاصة، وبين الحين والآخر تنشر له العائلة صورة، لم نره فى وداع زياد، وحالته النفسية والعقلية متأخرة، ولكن لا يستطيع أحد تحديدها على وجه الدقة.

تبدو دائما فيروز امرأة قوية وهى تواجه وتتحمل كل ذلك، الله ألهمها وأدخل السكينة لقلبها، وفى الكنيسة باتت متماسكة واللبنانيون جميعا كانوا حريصين على أن يضمنوا سلامتها.

فى الكنيسة شاهدنا النجمة اللبنانية (كارمن لبس) التى عاشت مع زياد ١٥ عاما بزواج أمام الله ولكنه ليس أمام رجال الكنيسة وانفصلا وظل الرباط الروحى قائما.

الآراء الحادة واللاذعة والقاسية هكذا يبدو إطارها الخارجى إلا أنك لو أردت أن تمنحها صفة واقعية لنعتها بالصادقة؛ زياد أراد أن يكون فقط نفسه، آراؤه فى عدد كبير من المطربين والمطربات ظلت تطاردهم مثل نجوى كرم وأصالة وماجدة الرومى ونانسى وغيرهن، رغم ذلك حرص الجميع على توجيه واجب العزاء لفيروز.

فى اللحظة التى نذهب فيها إلى بيت من بيوت الله، هل نتصور أن هناك مجالا للكذب والادعاء؟!.. ذهبت ماجدة الرومى لعزاء فيروز وركعت أمامها وهى تواسيها. تعبير جسدى لا شعورى لا يتيح أبدا لإضافة شىء أو افتعال شىء، البعض كان يرى فى هذا المشهد شيئا آخر مستندا إلى رأى زياد عندما سألوه عن ماجدة الرومى قال (إنه يفضل ألا يقول رأيا فيها)، وعدم إبداء الرأى هو أقسى وأقصى رأى.

بين فيروز وماجدة الرومى فارق زمنى يصل إلى ٣٠ عاما، من اكتشف فيروز هو حليم الرومى، والد ماجدة، وقدم لفيروز فى البداية العديد من الألحان بل غنى معها دويتو، ثم التقت بالرحبانية (عاصى ومنصور) وصارت هى الضلع الثالث لهما، وأبعدوها عن حليم الرومى، اعتبر البعض وقتها أن ماجدة الرومى هى سلاحه للانتقام من المطربة التى قدمها للساحة ثم تمردت عليه.

كان هذا مجرد خيال تناقلته الصحافة.. فى الماضى وبين الحين والآخر تشتعل النيران ولكن أمام جلال الموت يهون كل شىء، اكتشفنا أن هناك من يعتبر ركوع ماجدة لفيروز الأم مجرد لقطة، رغم أنها كانت لحظة صادقة عاشتها ماجدة وصدقتها فيروز وباركها زياد!!.

 

####

 

لميس الحديدي توثق لحظة فيروز المؤثرة:

همست للسفير المصري «أنا بحب مصر» (فيديو)

كتب: علوي أبو العلا

نشرت الإعلامية لميس الحديدي عبر حسابها الرسمي على «فيسبوك»، فيديو مؤثرًا من اليوم الثاني لعزاء الموسيقار الراحل زياد الرحباني، نجل الأسطورة اللبنانية فيروز، والذي أُقيم في كنيسة سيدة الرقاد بكفيا، نفس المكان الذي شهد قداس الجنازة في اليوم السابق.

وظهرت فيروز في الفيديو بصمود وهدوء رغم الحزن العميق، وهي تستقبل المعزّين من شخصيات رسمية وسفراء وفنانين، في مشهدٍ لامس قلوب محبيها في الوطن العربي.

وكان من بين الحضور السفير المصري في لبنان علاء موسى، الذي عبّر عن تعازيه لجارة القمر، مؤكدًا عمق العلاقات الثقافية والشعبية بين مصر وفيروز والرحبانية. وكشف السفير أن فيروز همست له بكلمتين فقط خلال اللقاء، قالت فيهما: «أنا بحب مصر»، في لفتة إنسانية أثارت مشاعر الجمهور المصري والعربي.

وعلّقت الحديدي قائلة: «وهكذا، في قلب الحزن، وفي خضم الألم، تذكرت فيروز حبها لمصر... ومصر يا سيدتي، والمصريون جميعًا، يعشقون فيروز، يحفظون أغانيك، ويتألمون لألمك، ويدعون لك بالصبر ولزياد بالرحمة.»

الجدير بالذكر أن فيروز كانت قد غنّت لمصر بصوتها الخالد، ومن أشهر ما قدّمته: «مصر عادت شمسك الذهب» من كلمات الأخوين رحباني وألحان محمد عبدالوهاب.

 

المصري اليوم في

30.07.2025

 
 
 
 
 

أبيض وأسود.. زياد الرحبانى

بقلم حسام حافظ

تبدأ أغنية «قديش كان فيه ناس» للسيدة فيروز بعزف منفرد على البيانو جعلنى أسأل كل زملائى فى المرحلة الثانوية عن الملحن العبقرى لتلك الأغنية الجميلة، حتى علمت أنه «زياد الرحباني» وكنت أول مرة أسمع عنه وكان يبلغ من العمر عشرين عامًِا وهو ابن فيروز والفنان اللبنانى عاصى الرحباني، ومن يومها أصبحت أتوقع أن تكون كل أغنية جديدة لفيروز من تلحين ابنها زياد وهو ما لم يحدث بالطبع خلال الخمسين عامًا الأخيرة.

وعندما التحقت بكلية الإعلام وجدت كل الطلبة والطالبات يستمعون لأغنية «ع هدير البوستة» وكانت بالفعل أغنية جديدة فى اللحن والكلمات والأسلوب واستخدام الأوركسترا، وهى تشبه القصة القصيرة التى تصف حال ركاب الباص بين ضيعتى «حملايا» و»تنورين» والشاب الذى يصف الركاب يتعلق بالعيون السوداء الجميلة لفتاة تدعى «عاليا» وهى أغنية تشبه بساطتها قصص الكاتب الشهير أنطون تشيكوف.

والحقيقة أن زياد رحبانى بقدر ما كان مجددًا فى الموسيقى العربية وفى تلحين أغانى والدته الأسطورة، إلا أنه أبدع مجموعة من أجمل الألحان الشرقية الأصيلة مثل: «أنا عندى حنين ما بعرف لمين» و»حبيتك تانسيت النوم» و»سلملى عليه» و»بعت لك يا حبيب الروح» وهى أغانى من الطرب الشرقى الخالص، وفى نفس الوقت قام زياد بتلحين عشرات الأغانى «المودرن» الحديثة والتى ينتمى بعضها لموسيقى الجاز الأمريكية مثل «صباح ومسا شى ما بيتنسي» و»وجدن» و»كيفك انت» و»عندى ثقة فيك»، وكنت أتمنى أن تكون لزياد علاقة ما بالموسيقى التصويرية للأفلام، و هو بالفعل وضع الموسيقى التصويرية لفيلم «وقائع العام المقبل» للمخرج السورى سمير زكي، كما عمل مع المخرجة اللبنانية راندة الشهال فى فيلمين «متحضران» عام 1999 و»طيارة من ورق» 2003.

كان زميلنا الصحفى الكبير حافظ سلطان من عشاق فيروز، ولا توجد أغنية لها قديمة أو جديدة إلا ويعرفها وكانت أغنية «عودك رنان» جديدة استمعت إليها مرات عديدة من إذاعة مونت كارلو التى كانت تذيعها كل ساعة تقريبًا، وقلت له عندى أغنية لفيروز لم تسمعها من قبل قال لى «مستحيل» فأعطيته شريط الأغنية وجاء للجريدة فى اليوم التالى بعد أن ظل يسمعها سعيدًا طوال الليل، والحقيقة أن «عودك رنان» حالة خاصة فى الغناء العربى لأنها قصيدة لحنية وغنائية فى تمجيد الموسيقى والعود والفن بشكل عام وتأثيره على الإنسان.

لقد احترم زياد الرحبانى الفن المصرى خاصة ابداعات سيد درويش وزكريا أحمد واعتبرها قمة الموسيقى الشرقية المتطورة والقادرة على الثأثير فى الأجيال الجديدة، بل إنه اعتبر الأخوين الرحبانى «والده وعمه» هما الامتداد الطبيعى لهؤلاء العمالقة.. رحم الله زياد الرحبانى بقدر ما أمتعنا طوال نصف قرن من الإبداع.

 

الجمهورية المصرية في

30.07.2025

 
 
 
 
 

هدى العطاس: بديهة زياد...غزالة فاتنة لا يمكن اللحاق بها

المدن - ثقافة

ضجينا بالضحك. بينما واصل زيد: يا خيي المنخار شغلة كبيرة!

ذات صباح اتصل بي صديقي المقرب من زياد الرحباني وواحد من مساكب فضفضاته على ما يقول المثل الحضرمي (الماء له مناكب والحال له مساكب)، ونقل لي فضفضات زياد الغاضبة الناقدة المستبصرة، إزاء مآلات تفاقم الأوضاع في لبنان في السنوات الثلاث التي سبقت خروج اللبنانيين إلى الشارع وتصاعد احتجاجاتهم العام 2019. ومن ثم دخول البلد الأحب في أنفاق مظلمة لم يخرج منها حتى اللحظة

عبر الهاتف سألني صديقي اذا كنت أرغب الذهاب معه لرؤية زياد أثناء البروفات في الاستديو الذي يقع في شارع الحمراء. ولشدة حماستي رديت بالعدني: من صدقك بتسأل!! مااالك؟!.

ضحك وقال: بتقدري تجهزي في ربع ساعة؟

فقلت: وفي عشر دقائق كمان

وبعدم طبقت السماعة وعيت لورطة ربع الساعة التي حُشرت فيها.

ربع ساعة لا تكفي لضبط أناقة ملابسي فقط فكيف ببقية التفاصيل! في بيروت التي لا يرضيها إلا أن تكون بكامل أناقتك حتى لو كنت ذاهباً لشراء الخبز!!

وصلنا الاستديو، لكن زياد لم يكن هناك. اتصل صديقي ليخبره أنه ينتظره مع أديبة يمنية تريد أن تسلم عليه. وتناهى إليّ صوت زياد متعبًا متحشرجاً يعتذر.  

عدت إلى المنزل بخيبتي وارهاق ربع الساعة التي استنفدت بتحديها وسرعتها طاقتي. وإذ بصديقي يتصل ليخبرني أن زياد دعانا على منزله الليلة قائلًا له: تعا أنت و"الأديبة، الصبية اليمنية". في لبنان لا تشيخ النساء.. فهن صبايا وإن تجاوزن الثمانين. وهذا أحد فخاخ عشقها الذي توقعنا فيه.

فاجأني الديكور الأسود في منزل زياد، يكحل كل زوايا الصالون الذي التهم نصفَ مساحته طقمُ كنب متشاوف في لمعة سواده الابنوسي. وتّرني ديكور الصالون المتقشف إلا من السواد. لكن ما أن جلس زياد حتى بدد توتري بدعاباته وظرافة ما يروي من قصص وأخبار، وودّ ضيافته، ناهيك عن  استغراقي كذلك في مراقبة جهوزية بديهته المرعبة وذكاء ردوده! أتذكر منها أنه التفت لصديقي الذي يشترك وزياد بأنفيهما الكبيرين النائفين، قائلًا: تعرف ليه أنت صديقي؟ منشان ما يظل منخاري وحيد... وواصل قبل أن يرد صديقي المشهور هو الآخر ببديهته الحاضرة ولسانه الدرب، لكن من أين له أن يلحق بالغزالة الراكضة في ذهن زياد المتقد؟!

- ليك محظوظ إنه مناخيرنا وقعوا على بعض، أحسن ما يوقعوا على وجه شيء سياسي عميل يكسر إلنا ياهن. ضجينا بالضحك. بينما زياد واصل: يا خيي المنخار شغلة كبيرة! وأخذ يسرد علينا بعض المواقف الظريفة التي واجهها بسبب أنفه البارز، وتندرات ألفها ساعتها عن انوف أخرى معظمها لسياسيين.  ثم منشرحًا ومتذكرًا، انتقل بنا إلى أرض الرافدين حاكياً لنا تفاصيل أول زيارة له للعراق،.و ظللنا في ضحك متواصل لا ينقطع طوال السهرة، وود وضيافة -على بساطتها- كريمة غمرها زياد بظرافة روحه وتواضعه وألفة مجلسه وحديثه.

لقد اجتمعت في زياد الرحباني مَلَكات متعددة على صلة بالفن والتعبير، قلما تجتمع في أحد بهذا الظهور العبقري. أنما ملكة البديهة التي تكتنف روحه وتفكيره وموهبته في رأيي هي ما ينظٍّم عقد مواهبه وتمثل قلب الدينامو المحرض لتجليها.

والبديهة ليست فقط ذلك الاختزال الشائع في القدرة على الرد وسرعة الجواب.

إنما هناك ما هو أهم وأساسي في فعلها ومزيتها. وهو سرعة التقاط ذبذبات أي أمر فعل أو حديث أو مشهد وإدراك تناسبها وحجمها وضبط لحظة التعامل معها. وهذه كانت عبقرية البديهة الفنية التي امتلكتها موهبة زياد الموسيقية.  وتجلت في أبهى اوقات اتقادها حينما انتبه الموسيقار فيه لضرورة الانتقال بعبقرية صوت فيروز التي كانت حتى منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم ما زالت واقفة على رصيف الرحابنة الآباء. فسارعت بديهته التي لا تبارى الأخذ بيدها قبل أن" تذبل في شتاء التقليدية الرحبانية" لقد هدته بديهته الفنية الراكضة في حقول ذائقات وممارسات موسيقية متنوعة عربية وغربية، إلى أنه حان تجديد وتحديث مناهج مدرسة أبيه وعمه. وكان لعبقريته الفنية نصيب حظ وافر بملكه بديهة تنبؤية أبصرت ما بعد اللحظة الفنية التي يقف فيها. لربما نسغ ملكته هذه ينتهي نسبا إلى "زرقاء اليمامة".

استشعرت بديهة زياد السباقة السريعة ذائقة الجيل الذي يوشك التجديد الفني وموجته الشبابية الصاعدة آنذاك "منير ودياب والشاعري والساهر وعلامة وشعيل والرباعي ولائحة طويلة من الملحنين والفنانين العرب بدأت تستحوذ على ذائقة الجيل السبعيني والثمانيني وتلتهمها.  وأن مدرسة الرحبانية الكلاسيكية استنفدت زمنها وغير صالحة للاجترار. ووجب تجديدها بالتقاطع مع بعض أرث إشراقاتها اللحنية. والخروج منها بخلق موازاة وفرادة موسيقية في تأليف ألحان ونصوص شعرية وأغراض غنائية حديثة مواكبة. وهكذا منحتنا عبقرية موهبته وبديهته الموسيقية نسخة فيروز الباذخة في حداثتها وعصرنتها.

نسخة فيروز "الزيادية" في الوقت نفسه ليست على قطيعة ولا تنافس نسختها الرحبانية التقليدية السابق. بل أجاد زياد ضبط مقاييس نسخته الجديدة بما لا يخل بوئام تاريخ فيروز كظاهرة فنية،بحيث لا تقل بذخا وشهوقا فنياً عن نسخة عاصي ومنصور. وهكذا اهتدت بديهة زياد الراكضة في حقول الفرادة إلى اجتراح خط موسيقي "زيادي" خاص وتأليف نصوص بدت صادمة في قاعيتها وعافية تفاصيلها التي تحولت إلى اغان مبهرة بصياغاته الموسيقية وفذ موهبته. وقد حقق غايته في تحديث المدرسة الرحبانية وتواصل تجربتها ليس كونه غصناً في شجرتها إنما كونه شجرة فنية مستقلة مثمرة. و

هكذا ضخت موسيقى زياد شغفاً متجدداً وشغوفين جدد سيغدون متعبدين في محراب الغناء الفيروزي. وهكذا ايضا أهدى فيروز تذكرة مفتوحة لا ينقضي أجَل صلاحيتها في قطار الذائقة العربية ومحطات اجيالها المتنوعة منذ "معرفتي فيك" 1987 وكأن عنوان الألبوم هذا يفسر مرحلة كاملة لما بعده وأراد زياد عبرها القول: أنه عرف وأدرك أبعاد ومساحات وفرادة مخبأة في صوت فيروز لم يدركها ويعرفها سواه، وستشكل لهما قدرا فنيا جديدًا وممزاً يربط تجربتهما معا، وتحجز مكاناً للابن العبقري جوار الأم الايقونة في كبسولة الزمن التي تمخر التاريخ خبيئة محفوظة لكنوز الذاكرة البشرية.

(*) مدونة نشرتها الكاتبة اليمنية هدى العطاس في صفحتها الفايسبوكية

 

المدن الإلكترونية في

30.07.2025

 
 
 
 
 

بين التقدير والخذلان زياد الرحباني نموذجاً

د. حسان الزين

تكاثرت التعزيات بشكل لافت من مختلف الشرائح اللبنانية بوفاة الفنان زياد الرحباني، في مشهد يحمل دلالات إيجابية وأخرى سلبية لا تقلّ وزناً.

فلم تحظَ شخصية سياسية أو فنية بمكانة رمزية كما حظي بها زياد. لنقل إنه جامع البسمة على شفاه الأضداد قبل الأصدقاء.

إنّ صانع البسمة والموقف يُحترم حياً وميتاً، بل غالباً ما يُكرّم بعد الرحيل أكثر مما يُنصف في الحياة. هكذا هو الإنسان: لا يمنح وسام التقدير إلا بعد فوات الأوان. فالناس تميل إلى كتابة أوراق المدح نعياً لا عياناً.

كان زياد أمنية دفينة في قلب كلّ لبناني يمزج التناقضات في وجدانه، لكنه يدرك، في قرارة نفسه، أنّ بين جنبات هذه التناقضات أشخاصاً يحملون المعاني السامية. هؤلاء تمنى كلٌّ منهم، يوماً ما، أن يكون في ظلال زياد: في سخريته، وفي عناده، وفي وطنيته، وفي انحيازه للناس البسطاء، وللبنان الحقيقي لا الوهمي.

فـ زياد، في حياته، كان مقاوماً بالكلمة والموقف. واجه الفساد كما واجه العدو، وسخر من الطوائف كما سخر من الساسة. وإذا كان طيف المعزين قد اقتصر على أصدقاء درب المقاومة، لكان الموقف أكثر انسجاماً مع سيرته، وأشدّ وقعاً على العدو، وعلى أولئك الذين خاصموه أو شيطنوه حين كان حياً ولعله كان يتمنّى ان لا يحضروا جنازته.

لكن ما قام به أفيخاي أدرعي من تعزية باردة ومسمومة، كشف كلّ الذين زاحموا زياد في الحياة، وجاؤوا يتأنقون في حضرة موته.

فهل هؤلاء بصدق، رأوا في زياد درع لبنان الثقافي المقاوم؟ أم أنّ ما شهدناه هو جزء من دبلوماسية الجنائز التي تُتقنها النخب اللبنانية لإخفاء التناقضات وخداع الجماهير؟

هل كان المطلوب إفراغ زياد من فكره كما أفرغوا غيره من معنى نضاله؟

هل يُراد لزياد أن يُختصر في النغمة لا في الرسالة، وفي الفكاهة لا في المقاومة، وفي المارونية لا في العروبة؟

لقد رفضوا أن يكون زياد المسيحي الأرثوذكسي المقاوم ورقة قوّة. كما تواطأوا على تغييب جورج المسيحي الماروني الأسير، القادم من خنادق فلسطين. لكن ما بين زياد وجورج، خيط مقاوم واحد، وفكر خالد لا يُمحى بالتعزيات ولا بالمجاملات

 

البناء اللبنانية في

30.07.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004