رحلة في حياة فيروز.. ألم وحب وفن لا يموت
سلمى خالد
تمثل الفنانة اللبنانية فيروز،
التي يلقبها محبوها بـ "جارة القمر"، أحد أهم الرموز الفنية في العالم
العربي. ورغم مسيرتها الفنية الزاخرة بالأغاني الخالدة، إلا أن حياتها
الشخصية كانت مليئة بالمعاناة والألم، حيث كان لأبنائها نصيب من المعاناة،
وهو ما جعل الحزن يطبع على ملامح "النجمة التي لم تزل تشرق".
فيروز: أيقونة الفن والحياة الخاصة المعقدة
منذ أن وُلدت فيروز في
جبل الأرز بلبنان في 21 نوفمبر 1935، كانت حياتها حافلة بالتحديات التي
واجهتها بشجاعة وحب للحياة. فنانة بكل معنى الكلمة، تميزت بصوتها العذب،
الذي أضاء مساحات واسعة من العالم العربي. تنقلت بين المحطات الفنية لتقدم
أروع أغاني الحب، الحزن، والفرح.
لكن، كما تقول في كلماتها "الحياة ليست كما تبدو في
الأغاني"، حيث اختبرت فيروز صعوبات عظيمة في حياتها الخاصة، لاسيما في
علاقتها بأبنائها. فقد كانت تتسم حياتها العائلية بالكثير من التوترات، بين
المرض والوفاة، بالإضافة إلى الخلافات العائلية التي أثرت في مسيرتها
وحياتها.
وفاة نجلها زياد
الرحباني:
"فيروز
أم، زياد أخوي"
تعيش فيروز حاليًا
أحزانًا جديدة، بعد وفاة نجلها زياد الرحباني، والذي توفي مؤخرًا وسبب أثر
عاطفي عميق في قلب "جارة القمر".وفي وقت سابق، نشرّت ريما، شقيقة زياد، عبر
حسابها على فيس بوك صورة قديمة لفيروز وهي تحمل الكرسي المتحرك لابنها
هالي، الذي يعاني من إعاقة حركية.
وفي تعبير مؤثر عن الحزن، كتبت ريما في منشورها: "فيروز أم،
زياد أخوي، وهالي الرحباني أخوي... كانت حياتنا مليئة بالأسئلة والبحث عن
إجابات"، مؤكدة بذلك معاناتها الشخصية وحزنها العميق بعد وفاة نجلها زياد.
الرحيل المأساوي لابنتها "ليال"
بالإضافة إلى فقدان نجلها زياد، كانت فيروز قد فقدت ابنتها
"ليال" في حادث مأساوي في عام 1988، عندما كانت في التاسعة والعشرين من
عمرها. ليال توفيت جراء انفجار في المخ، وهو نفس المرض الذي عانى منه
والدها عاصي الرحباني. ريما الرحباني كشفت عبر حسابها على فيسبوك عن تفاصيل
هذه الحادثة الأليمة، مشيرة إلى أنها تعرضت لشائعة حول وفاة ليال بسبب
"أوفردوز" من المخدرات، وأن مصدر تلك الشائعة كان عمها منصور الرحباني، وهو
ما أضاف عبئًا نفسيًا إضافيًا على العائلة.
هالي الرحباني: ابنها الذي يحتاج إلى الرعاية
منذ ولادته، كان هالي الرحباني ابن فيروز بحاجة إلى رعاية
طبية خاصة، حيث أصيب بإعاقة حركية شديدة جعلته غير قادر على الحركة بمفرده.
ورغم ذلك، حرصت فيروز على العناية به طوال حياتها، حتى بلغ من العمر 63
عامًا، ليبقى في قلبها هو الرابط الأقوى بين الماضي والحاضر. حيث صرح إلياس
الرحباني في مقابلة صحفية سابقة، أن الأطباء أخبروا فيروز بأن هالي لن يعيش
أكثر من 8 سنوات، إلا أنه تجاوز تلك التوقعات بفضل رعاية والدته له.
الجانب الإنساني لفيروز: أم في مواجهة التحديات
على الرغم من الشهرة الكبيرة التي حققتها فيروز في مسيرتها
الفنية، فإنها كانت أكثر من مجرد فنانة. فقد كانت أمًا عاطفية ومضحية، وهذا
ما يعكسه تعاملها مع أحزانها وتحديات الحياة اليومية. في أحدث منشور لها
على فيسبوك، وصفت ريما رحباني مشهدًا من قداس عن راحة نفس والدها عاصي
الرحباني، مشيرة إلى أنها تفهمت الكثير من الأسئلة التي كانت تطرحها على
نفسها طوال السنين الماضية.
حياة فيروز بين الفن والألم
رغم أن مسيرة فيروز الفنية تزخر بالنجاح، إلا أن حياتها
الشخصية لم تكن خالية من المحن. فقد اضطرت لمواجهة الكثير من التحديات، من
فقدان أبناءها، إلى التعامل مع الألم النفسي والمعنوي الناجم عن أزمات
عائلية. وعلى الرغم من الألم، استمرت فيروز في إلهام جمهورها بأغانيها التي
تعبر عن الحب والحزن والفرح، وهي اليوم تظل رمزًا للفن العربي الخالد.
تستمر فيروز في العيش بقلوب محبيها وأبنائها الذين يظلّون
يشتركون معها في هذا الإرث الفني الثري، مستمدين القوة من نضالها وعزيمتها،
حتى في مواجهة أشد الأوقات الصعبة. |