جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

المال بوصفه طريق

حقائب محشوة وحلم مزيف

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

يؤسس محمد خان في فيلمه (نصف أرنب ـ 1982)، مفهوماً أخراً للطريق.. وهو المال، كقوة مسيطرة على سلوك الفرد في بنية المجتمع الجديد، حيث يتناول رحلة حقيبة تحوي نصف مليون جنيه، منذ خروجها من البنك وحتى ضياعها في النيل. ومن خلال هذه الرحلة تبرز لنا أحداث مثيرة وشخصيات كثيرة أعطت للفيلم طابعه البوليسي.

فنتابع شخصية يوسف، الموظف البسيط المليء بالأحلام الشبابية، والواقع تحت ضغوط وظيفته وطموحات خطيبته، الأمر الذي يدخله في طريق الجريمة، ليشكل طريقاً آخراً للثروة. فيوسف يعمل في أحد البنوك وليس له دخل سوى راتبه الشهري. متخرج من الجامعة منذ خمس سنوات ويعمل على توفير عش الزوجية مع خطيبته التي تحلم بالشقة التي تظهر في إعلانات التليفزيون.

هذا الموظف.. نراه يستلف من زميله جنيه واحد ويرده أخر الشهر، بينما تمر تحت يده كل يوم ملايين الجنيهات. يتورط في إحدى عمليات عصابة للمخدرات بطريق الخطأ، وتدفعه رغبة خفية بالدخول في مغامرة خطرة ومجنونة من أجل نصف مليون جنيه. فهو يعاني من الكثير من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويعيش حالة نفسية غير مستقرة من جراء ما يشاهده ـ على صعيد أسرته فقط ـ من تحولات سلوكية لمجارات الوضع السائد في المجتمع ككل. فوالدته تصر على سلك طرق ملتوية لطرد السكان الحاليين وزيادة الأجور، وتوافق على زواج ابنتها خريجة كلية الآداب من شاب ميكانيكي، ضاربة عرض الحائط بالتكافؤ العلمي والفكري بين الزوجين، في سبيل المال والثروة.

أما رفاعي (سعيد صالح) فهو عضو صغير في العصابة ومضحوك عليه، وظيفته القيام بعملية التبادل بين الفلوس والمخدرات، دون معرفته بأنه يحمل الملايين ويأخذ بالمقابل جنيهات قليلة. هو أيضاً دفعته ظروفه الحياتية الاقتصادية الصعبة للدخول في هذه اللعبة القذرة والخطرة. أما في الجانب الآخر فيوجد الرؤوس الكبيرة في العصابة، الطبقة الجديدة التي أثرت بطرق غير مشروعة وبوسائل وأساليب مشبوهة، وأبرز هذه الأساليب ظاهرة الاتجار بالمخدرات، تجارة تدر الملايين، أو بالأحرى الأرانب بلغة هؤلاء الانفتاحيين، وعلى رأسهم سراج منير (يحيي الفخراني).

يسجل محمد خان في فيلمه (نصف أرنب)، ذلك التحول الخطير الذي حصل لتصرفات الناس وأسلوبهم في الحياة، فبعد أن كان هدفهم هو الوصول إلى حياة إنسانية كريمة، أصبح الآن الوصول إلى الحقائب المحشوة بالأوراق النقدية والجري وراء الربح السريع والحلم بالثروة المزيفة، هو ما يسعون إليه اليوم. والفيلم لا يعالج هذه الفكرة بطريقة الوعظ والإرشاد المباشر، وإنما يبرزها من خلال مشاهد قصيرة وسريعة متفرقة هنا وهناك بين ثنايا الفيلم.

 

هنا البحرين في

07.03.2007

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)