البحرين.. أفلام وفعاليات سينمائية

 
 
 
 
 
 

بعد نجاح باهر ومميز..

حكاية بحرينية يدخل البحرين إلى عالم السينما العربية والعالمية

تحقيق -هنا البحرين

 
 
 
 

فيلم حكاية بحرينية

 
 
 
 
 
 
 

·      فاطمة عبدالرحيم:''جسدت شخصية فاطمة المتمردة التي تحمل الهم السياسي وتخرج في المظاهرات''.

·      مريم زيمان:'' حكاية بحرينية يعد نقلة نوعية في السينما البحرينية بفضل التقنية والفكرة الحقيقية

·      فهد مندي:'' سعدت بدور اليهودي المنتمي إلى البحرين الذي تفاعل مع قضاياها كجزء من كيانها''.

·      شيماء جناحي:'' الفيلم أبكاني عندما شاهدته فقد كان يحتوي على مشاهد درامية وكوميدية جميلة''

·      حسن الماجد:'' حكاية بحرينية سيشارك في مهرجان دبي للسينما وهو يحمل ذاكرة الوطن'' 

تجربة أدخلت البحرين حقبة جديدة في إنتاجها الفني والسينمائي على وجه الخصوص، تميزت بالفكرة الخلابة الجوهر والمضمون والتقنية السينمائية العالية ما أحدث طفرة في نوعية الإنتاج، ''حكاية بحرينية'' هذا الفيلم بما أثاره من نجاح وسط الأجواء الفنية والثقافية، يدخل اليوم ليشارك في مهرجان دبي للسينما ينافس بذلك الأفلام العربية والعالمية مبرزاً تاريخ البحرين خلال فترة الستينيات والسبعينيات بما فيها من تناقضات وإرهاصات ومشاعر متداخلة بين الثورة والإيمان بالقومية وبين الفرح والحزن والاندفاع نحو قضايا ذلك الوقت،  فيلم جسد الذاكرة البحرينية بصورة جميلة ومميزة فيها من اللمسات الجمالية التي أبرزها كل من الكاتب فريد رمضان والمخرج بسام الذوادي والفنانون بما بذلوه من جهد مشكور.

هنا البحرين التقت الفنانين المشاركين بالفيلم لمعرفة مشاعرهم وآرائهم حول فيلم حكاية بحرينية بعد النجاح الباهر الذي حققه.

بطلة الفيلم الفنانة فاطمة عبدالرحيم تقول في ''حكاية بحرينية'':'' هذا رابع فيلم أقدمه، وثاني فيلم مع المخرج المبدع بسام الذوادي، وقد جسدت في هذا الفيلم شخصية تراثية  تاريخية حقيقية، وهي شخصية البنت فاطمة المتمردة على وضعها  والتي تحمل الهم السياسي وتخرج دائما في المظاهرات إلا إن والدها يزوجها قسراً بإبن عمها في الوقت الذي تحب فيه حمداً الشخصية التي جسدها الفنان جمعان الرويعي الذي اعتادت على الخروج معه في المظاهرات، إذ إن العلاقة بينها وبين ابن عمها (زوجها) علاقة تشوبها المشكلات وفي كل مرة تلجأ إلى بيت والدها يقوم والدها بإرجاعها إلى بيت عمها حتى تتخذ قراراً في نهاية الأمر بالانتحار لتضع حداً لما كانت تعانيه من حياة بائسة''

 

تاريخ مستمد من الحقيقة

وعما يميز هذا الفيلم عن غيره من الأفلام التي قدمتها تقول فاطمة:'' حكاية بحرينية استخدم فيه تقنيات حديثه عالية جداً وسينمائية حقيقية وهذا الفيلم هو الأول من نوعه من هذه الناحية، ومن ناحية القصة فهي رائعة للغاية إذ إنها تحكي تاريخ البحرين القومي والنضالي، فنحن كشباب في هذا العمل أدركنا وعشنا تلك الأيام بحذافيرها من خلال الفيلم، وعرفنا تفاصيل حياة أهل المحرق وكيف كانوا يستمعون إلى خطابات جمال عبدالناصر وكيف كانت الروح القومية مسيطرة على الجميع وكيف كان المجتمع البحريني لا يفرق بين الأديان إذ تجد اليهودي والمسيحي والمسلم يتعايشون في تآخ.

وترى فاطمة عبد الرحيم أن نص الفيلم جميل للغاية يتحدث فيه عن قضية ثلاث نساء كل منهن لها معاناتها ولها طريقتها في التعايش مع هذه المعاناة أو حلها كما أن لكل واحدة منهن أسلوبها في اتخاذ قراراتها، كما ترى فاطمة ان الفيلم يعد مفخرة للبحرين من ناحية النص والإخراج والتصوير، فهو إبراز تاريخ البحرين في ساعة ونصف الساعة فيها من الفرح والحزن والكوميديا ما يثير العواطف بكل ما تثير الذاكرة آنذاك

وتعبر فاطمة عبدالرحيم عن فرحتها في مشاركة الفيلم في مهرجان دبي للسينما فتقول:'' حكاية بحرينية فيلم مخطط له للمشاركة في مهرجانات عربية وعالمية مثل مهرجان دلهي ومهرجان كان ومهرجان القاهرة وهذا ما يثلج الصدر، فهذا الفيلم يؤكد وقوف السينما البحرينية على أرض خصبة يتضافر جهود الكل ابتداءٍ من شركة البحرين للإنتاج السينمائي إلى المخرج بسام الذوادي ومنها إلى الممثلين فالكل كانت جهودهم واضحة في العمل''.

 

سينما حقيقية في التقنية

أما الفنانة مريم زيمان فتقول:'' حكاية بحرينية يعد نقلة نوعية في السينما البحرينية وأنا لا اقلل من قيمة الفيلم الأول (الحاجز) والذي شاركت فيها ولا (الزائر) فكل فيلم له فكرته، ولكن حكاية بحرينية كانت حكاية سينمائية حقيقية من ناحية التكنيك والكاميرات السينمائية التي كانت تستخدم في السينما العالمية، ومن ناحية الفكرة فالفيلم يحمل فكرة جميلة المضمون لأنها قصة واقعية والكاتب فريد رمضان هو كاتب مبدع حاول أن ينقل الصورة الحقيقية لتلك الفترة التي عاشتها البحرين في فترة الستينيات والسبعينيات والمخرج بسام الذوادي أصبحت لديه الخبرة في مجال عمل السينما بالإضافة إلى خبرته في (الحاجز) والزائر وهذا الفيلم الثالث أكسبه خبرة أكبر في مجال العمل السينمائي''.

وتحب الفنانة مريم زيمان القصص الحقيقية التي ليست من مخيلة الكاتب وإنما يكون إبداع الكاتب في إبروز حقيقتها بشكل رائع جدا، وترى زيمان أن البحرين بدأت تخطو خطواتها الأولى في مجال السينما وخصوصا وان فيلم (حكاية بحرينية) سيعرض في مهرجان دبي مما أسعدني إذ إننا وصلنا إلى السينما العربية والعالمية وخصوصا وأن المهرجان محضر له بشكل مدروس وتتمنى زيمان أن يكون تواجدهم في المهرجان إضافة لهم من ناحية الخبرة من خلال الالتقاء بالفنانين والكتاب ذوي الباع الطويل في المجال السينمائي

 

قصة عاطفية سياسية متميزة

ويعتبر الفنان فهد مندي أن فيلم حكاية بحرينية هو أول فيلم قدمه وهو يقول:'' عملت في الفيلم كماكيير بالإضافة إلى عملي فيه كممثل، إذ إنني جسدت دور اليهودي وسعدت كثيراً بهذه التجربة فقد قرأت النص في البداية كماكيير وأعجبت كثيرا بدور يحيى اليهودي بعدها تفاجأت أن بسام الذوادي طلب مني تجسيد هذه الشخصية الخفيفة إلا إنها أعطت ثقلاً في الفيلم إذ إنني بروزت صورة اليهودي المنتمي إلى البحرين والذي يقع في صراع بينه وبين نفسه بكونه يهودياً ويعيش في البحرين وما كان يطرا فيها من قضايا إلا أن أصدقاءه يساعدونه في تجاوز هذا الصراع رغم أنه يواجه العديد من المشاكل بسبب رفض بعض البحرينيين له بسبب عقيدته.

ويضيف مندي:'' فيلم حكاية بحرينية تميزت بالقصة الجميلة التي أبرزها الكاتب فريد رمضان إذ إنه قصة عاطفية وسياسية كما تتجلى فيها روح الكوميديا وكذلك تميزت بالشكل التراثي إذ أن مازال هناك تعطش إلى معرفة ما كان يدور في التاريخ وخصوصا في حقبة الستينيات والسبعينيات، ومشاركة الفيلم في مهرجان دبي السينمائي يعد نقلة جديدة لنا في السينما ولي أنا شخصياً وخصوصاً وأن المهرجان عالمي ومعروف دولياً، وأنا أرى أن البحرين ستحقق نجاحاً في مجال السينما وأملنا كبير في شركة البحرين للإنتاج السينمائي وما حكاية بحرينية إلا بداية الطريق والنجاح على المستويين العربي والعالمي''. 

وأشار مندي إلى إن الفيلم تميز وللمرة الأولى في البحرين بالتقنيات السينمائية الحقيقية، مما أدخل مجموعة العمل ككل في هذه الأجواء.

 

المرأة في الستينيات والسبعينيات

جسدت الفنانة شيماء جناحي دور منيرة في الفيلم وتتحدث عن دورها قائلة:'' منيرة شخصية جريئة تحب القراءة والاطلاع وبالأخص الروايات ولها ودورها في الدفاع عن أمها وأختها أمام والدها وعمها ويشاء القدر أن تلتقي محموداً وهو شاب مناضل تنشأ بينهما علاقة حب ولكن والدها يرفضه بسبب اختلاف مذهبيهما وبسبب عمله في السياسية مما يجعلها تتخذ قراراً بالهرب معه للزواج به في الخارج''.

وتستدرك شيماء فتقول:'' أحببت فكرة الفيلم كثيراً فقد أبكاني عندما شاهدته رغم أنني شاركت فيه. فالفيلم يحتوي على مشاهد درامية وكوميدية وأنا فخورة أن يكون عملي الأول مع المخرج المبدع بسام الذوادي فهو مدرسة سينمائية فذة. ومعروف بأنه لا يترك الأمور للصدف وإنما يختار عن قناعة وإدراك ولذلك أنا فخورة بأنه اختارني لتجسيد دور منيرة بعد أن نجحت في الاختبار''.

تعبر شيماء عن فرحتها في مشاركة الفيلم في مهرجان دبي للسينما فتقول:'' شعوري كشعور أية فنانة مثلت في هذا فيلم بهذه الضخامة الذي استخدمت فيه كاميرات سينمائية عالمية حقيقية، كما تم جلب فنيين من الخارج من ومع ذلك فإنه لا يمكن أن تكون للفيلم قيمة لولا الفكرة الجميلة التي كان يحملها والتي كانت تعكس فترة زمنية معينة وهذه الفترة مليئة بالحركات النضالية القومية التي اتسم بها شعب البحرين في تلك الفترة، وأعتقد أن هذه هي المرأة الأولى تطرح فكرة  جمال عبدالناصر وتأثيره في الحركة السياسية في البحرين بالإضافة إلى أن القصة حقيقية مما أكسبها المصداقية والإثارة لدى المشاهد.

 

إضافة للسينما البحرينية

ويتفق الفنان حسين الماجد مع شيماء فيقول:'' الفيلم مثل تجربة جميلة وناجحة بشكل عام وأنا سعيد بأنني حصلت على فرصة للعمل فيه، فقد كان دوري شخصية محمود السياسي الذي يقف ضد الحكومة ويطالب بحقوقه كما يدافع عن حقوق غيره من العمال، ونتيجة لعمله في السياسية رفضه والد الفتاة التي أحبها''.

ويرى الماجد أن كاست العمل كان جميلاً وخصوصاً وأننا كنا نتعامل - والحديث للماجد- مع فنيين من الخارج مما أكسبنا خبرة في العمل السينمائي وهو شيء مختلف في حد ذاته على مستوى الأعمال التي قدمانها من قبل هذا الفيلم أضاف إليَّ الكثير، والمميز في السينما أن الجمهور هو من يأتي ويقيم العمل، والجميل أن فيلم حكاية بحرينية سيشارك في مهرجان دبي للسينما وهو يحمل ذاكرة الوطن التي لا تنتهي بانتهاء وقت عرض الفيلم وإنما تبقى راسخة في الأذهان، فالفيلم يروي ماضينا وهو قصة واقعية وحقيقية تأسر بمصداقيتها نفس المشاهد.

ويضيف الماجد:'' كان من الصعب أن أبرز دوري وسط فنانين كبار لولا وقوف الجميع إلى جانبي بدون استثناء ، وبالأخص بسام الذوادي الذي كان معنا جنباً إلى جنب كما إنني حرصت على تقديم الدور بالصورة المطلوبة حتى إنني كنت مهتماً بأبسط الإكسسوارات التي تخدم الشخصية

هنا البحرين في 15 نوفمبر 2006

 
 
 
 
 
 
 
 

فضاء.. حكاية بحرينية

فريد رمضان

لماذا الحكاية؟ ولماذا أصبحت الحكاية بحرينية؟ كان هذا السؤال الذي واجهنا أنا والمخرج بسام الذوادي، بعد أن بدأ المخرج تصوير مشاهد فيلمه السينمائي الثالث. ذلك أن عنوان الفيلم السابق كان >أحلام صغيرة<، وكان هذا في عام 7991م حين قدمت السيناريو للمخرج للاطلاع والتعليق عليه، لم أكن أفكر بإمكانية إخراجه، رغم أنها كانت أمنية محبوسة في قلبي، كنت أريد أن أقول إن السينما هي ذاكرة المجتمعات، وحاولت في هذا السيناريو أن أجسد بعضهذه الذاكرة لهذا المجتمع الذي أنتمي إليه. فاجأني بسام بتعلقه بالعمل بعد قراءة، وإصراره على تنفيذه ليكون فيلمه الثاني بعد تجربته الأولى في فيلم >الحاجز< مع الكاتب أمين صالح وعلي الشرقاوي.

كانت أمامنا الكثير من العراقيل في تنفيذ هذا العمل، عراقيل تنبع ربما من جرأة النص وبعض القضايا المطروحة فيه، وهو الأمر الذي سمعته من كثير من الكتاب والأصدقاء بعد قراءة السيناريو، حتى أن البعض قال لي: إنك تحلم بتصوير هذا العمل في البحرين. نعم كنت أحلم، وكان حلمي صغيراً، وكذلك كانت أحلام شخصيات الفيلم، أحلام صغيرة، أحلام بوحدة عربية من المحيط إلى الخليج، أحلام بتحقيق الحب دون شروط أو سؤال الهوية، أحلام بعائلة متسامحة مع نفسها وأبنائها، أحلام بوظائف للعامل البحريني، وبتأسيس نقابات تكفل حقوقه. كلها أحلام كانت تضيع في الريح، وكان الوقت يمر والمخرج يفشل في الحصول على منتج يتحمل مسؤولية إنتاج هذا العمل، وكنا نقوم بتعديل السيناريو كلما انفرج وهم بإمكانية تصوير الفيلم. ولقد كتبت العديد الصحف العربية والمحلية عن هذا المشروع وانتشر الاسم، وظهرت أعمال تلفزيونية تحمل نفس العنوان الذي وضعناه على فيلمنا. ولم يعثر المخرج على جهة تمول العمل، أصابنا اليأس إلى درجة أنني بدأت أنسى العمل، وقلت ربما علينا أن نكتب وننسى ما نكتبه، ويظل المجتمع بذاكرته مفقوداً في مجال الفيلم البحريني.

ربما كان على السيناريو وأحلام المخرج بسام الذوادي على وعد، مثلما كان شعب البحرين على وعد مع إصلاحات جلالة الملك الذي حين جاء تغيرت ملامح البحرين، تغيرت ملامح شعبها، وعادت تنبض فيها الروح. فجاءت شركة البحرين للإنتاج السينمائي وبدأت كاميرا بسام الذوادي لتقول الحكاية، الحكاية التي لم نكن نستطيع أن نحكيها قبل ذلك. إن الاصلاحات التي أرساها الملك، فتحت أفق حرية التعبير لتحقق لنا إمكانية حفظ جزء ولو يسير من ذاكرة هذا الشعب العظيم، وتضحى الحكاية حكاية بحرينية.   

هنا البحرين في 15 نوفمبر 2006

 
 
 
 
 
 
 
 

فيلم حكاية بحرينية.. والذهاب إلى مستقبل سينمائي

تعرض شركة البحرين للسينما منذ مساء هذا اليوم الفيلم البحريني الثالث للمخرج بسام الذوادي، والذي قام بإنتاجه شركة البحرين للإنتاج السينمائي في أول مشاريعها الفنية المكرسة لتحقيق سينما بحرينية تتوفر لها أفضل الإمكانيات الفنية والتقنية. حول هذا الفيلم نستعرض هنا شهادات لكتاب وفنانين شاهدوا العرض الخاص، وحضروا عرض الافتتاح الرسمي الذي أقيم يوم الأحد الماضي تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء.

 

حسن حداد: بسام الذوادي يتفوق على نفسه

فعلها بسام الذوادي وتفوق على نفسه.. هذا هو الانطباع الأول الذي احتواني بعد مشاهدتي لفيلم >حكاية بحرينية< في عرضه السينمائي الخاص.. فالفيلم بشكل عام يشكل خطوة إلى الأمام بالنسبة لبسام الذوادي ومجمل فريقه الفني.. حيث جعلنا نشعر بمدى واقعية شخصياته، تلك التي (خلقها) الكاتب فريد رمضان مستفيداً من ذاكرته الخصبة وقدرته على تقديم تفاصيل حياتية نابعة من التاريخ القريب. نجزم بأن هذا الحماس والعزم الفني.. اللذين يتحلى بهما بسام لهما قادران على خلق ذلك الإحساس بالفرح عند أي شخص شاهد فيلمه الأخير هذا.. خصوصاً أن الفيلم يتحدث عن فترة زمنية مازالت تحضر في ذاكرة أغلب المتفرجين. وهو جيل حضر هذه التغييرات الاجتماعية والسياسية وحتى الثقافية.. لذا من الصعب تغيير هذا الواقع من قبل أي كاتب أو مخرج.. ليكون الفيلم بمثابة شهادة لفنان آثر أن يصنع السينما التي يحبها. في هذه الفسحة الصغيرة.. لا يسعني إلا أن أحتفي بهذا المولود الجديد.. الذي يشكل إضافة لمستقبل سينمائي منتظر.. وما سأدونه فيما يلي، هي انطباعات سريعة عن فيلم بحريني آخر..!! إلى أن يتسنى لي مشاهدة الفيلم أكثر من مرة.. والتخلص من تعاطفي الطبيعي الذي يعتريني عند مشاهدة فيلم بحريني.

يتناول الفيلم فترة تاريخية سياسية حساسة في تاريخ الوطن العربي، وهي الفترة الممتدة من هزيمة حزيران عام 7691م، وحتى وفاة جمال عبدالناصر عام 0791م. ويقدم الفيلم ثلاث شخصيات نسائية تحت ظروف اجتماعية صعبة، حرص فيها الكاتب فريد رمضان على تصوير حالات خاصة جداً ـ اجتماعية ونفسية ـ استقاها من الذاكرة، تلك التي رأى بأنها قد أثرت في تغيير واقع معاش لتلك الشخصيات التي اختارها.. لذا فلا يمكن الحديث عن تسلسل زمني واحد يمكن الركون إليه.. فالفيلم يقول بأن الأحداث تدور في مرحلة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.. ولم يكن له أي داع لكتابة التواريخ على شريط الفيلم.. فتلك الأحداث ـ السياسية منها بالذات ـ كانت قادرة على تقدير الزمن لدى المتفرج.. وكان ذاك شرحاً للمشروح أصلاً.

فيلم يتعامل مع حالات مثل التي شملها الفيلم، يحتاج إلى الكثير من التفاصيل الصغيرة التي تحيط بالشخصية وتسعى إلى تقديم عناصر تسندها وتبرر تصرفاتها وتزيد من مصداقيتها.. وهذا ما افتقدته بعض الشخصيات.. وجعلت من السرد السينمائي حالة مستعصية على المتفرج.. أنا هنا لا أتكلم عن الشخصيات وواقعيتها، بل عن الحالات التي عاشتها تلك الشخصيات.. هذه الحالات الاجتماعية والنفسية نراها مبتسرة في أحيان كثيرة.. لا يدعمها الكثير من التفاصيل لكي تصل إلى المتفرج بالشكل الصحيح.. وكمثال نرى بأن شخصية الأب لم ترسم بعناية وعمق، حيث نرى الأب غاضباً في جميع المشاهد بلا استثناء.. ما لم يبرره الفيلم بتاتاً.. فمن المنطقي أن يكون للغضب ظروف معينة.. إن لم يكن له أي مبرر. ربما نلاحظ بأن المتفرج قد تعاطف مع هذه الشخصيات غير المكتملة إلا أنه لم يستمر في تعاطفه عند نهاية هذه الحالات.. نهاية الفيلم.

 

منصورة الجمري: حكاية بحرينية.. سينما حقيقية

حسناً ها قد بدأ العرض وهاهو الإحساس ذاته يعود بمجرد انطلاق موسيقى الفيلم التصويرية وحتى قبل أن تتضح معالم الصورة، هل هو عزف محمد الحداد إذاً، الذي يسبق صورة الذوادي بلحظات، أم هو استرجاع لحظات لماض جميل مع صور الذوادي وخيالات فريد رمضان.

ثم إن كانت الموسيقى هي السبب فهل تعمد الذوادي أن يبدأ معها أم إنها التقنية التي فرضت أن يسبق الصوت الصورة، لتنقلنا منذ البداية الى أجواء وإلى نفوس أبطاله.

أكان الذوادي يعلم أن موسيقى الحداد ستحمل ذاك الأثر على مشاهديه، فتشدهم منذ أولى اللحظات وتترجم لهم كل ملامح عالم رسمه فريد رمضان على الورق ليترجمه الذوادي على الشاشة.

وإن لم تكن الموسيقى فهل هي روعة إخراج الذوادي الذي بدا وكأنه يجمع في هذا الفيلم عصارة خبراته في عالم الإخراج ليتخذ تقنيات إخراجية جديدة وجريئة، بكل ما تحمله الجرأة من معان!

فإن لم يكن هذا ولا ذاك، هل يرجع السبب للقصة والسيناريو الجميلين، اللذين يأخذنا رمضان عبرهما، كعادته دائماً، إلى بحرين السبعينيات لنشهد بعض أوجه الحياة فيها، ولنلمس بأم أعيننا كيف شكلت بعض الإفرازات السياسية والمجتمعية آنذاك مجتمع السبعينيات، ثم لنقرأ مع الاثنين كيف انعكست تلك الإفرازات على واقع اليوم، وكيف امتدت تأثيراتها على الحياة في بحرين اليوم.

ورمضان لمن قرأه على الشاشة، أو بين أوراق كتبه، أو حتى بشكل شخصي، هو ذلك البطل الروائي الذي يتنقل شبحه دائماً بين المشاهد التي يكتبها أو يقفز بين فصول حكاياته، أو حتى يطل دائماً في كل الأمسيات المشابهة أجواؤها لأجواء حكاياته. في هذا الفيلم على وجه التحديد يقفز فريد في كل مشاهده ووسط معظم حكاياته، منذ البداية نراه في جسد الطفل خليفة (نديم زيمان) الذي ينطلق راوياً للحكاية حاملاً روحاً تشبه تلك التي تجسدها كل روايات رمضان.

خليفة هو الراوي، لكنه راو صامت لا ينطق ببنت شفة، بل لا يدفع الأذى عن نفسه إذ يأتيه من أقرب المقربين، والده أو شقيقاته. هو في واقع الأمر شاهد على الأحداث، يشاع أنه يجسد فريد في الواقع، كما ينقل أن الرواية التي يقر صانعوها بكونها مستوحاة من قصة واقعية، هي رواية عاشها رمضان فعلاً وشهد معظم حوادثها إن لم يكن جميعها. ورمضان لم يعلق على سؤالي، بعد العرض السابق للفيلم، حول صحة الشائعة من عدمها سواء بابتسامة هادئة تشبه معظم ابتساماته لكنها تحمل في معانيها الكثير وبنظرة ما تبينتها بسبب أضواء دار العرض الصفراء الخافتة.

 

سوسن دهنيم: (حكاية بحرينية) رسم لأحلام المجتمع

بجرأتها وحضورها الأنيق تدخل موسيقى محمد حداد قاعة العرض، بكل ما تزخر به من دفء البحرينيين ــ حيث كان الكادر الموسيقي بحرينياً بأكمله ابتداء من المؤلف وامتداداً إلى العازفين مروراً بمهندسي الصوت ــ موسيقى مميزة كان لها حضور قوي أسست لبطل جديد لم يكن متواجداً في الدراما البحرينية بهذه الجدية وهذا التألق، رافقت أحداثاً لم تكن كبقية الأحداث التي تؤثث بقية قاعات العرض في ذلك اليوم، حيث كانت تلك الأحداث تدور في البحرين بين عامي 7691م و 0791م، أحداث تتزامن مع نكسة عام 7691م وتمتد حتى موت الزعيم العربي جمال عبدالناصر الذي كان له حضوره وسيادته على الشعب البحريني باختلاف هوياته كبقية الشعوب التي لم تتوانَ عن نصرته عبر مسيرات لا تتجاوز الأحياء..

أحداث عبرت عن أحلام شخوص من المجتمع البحريني البسيط تكسرت إثر النكسة التي طالت هذا المجتمع باعتباره عربيا كان يعول على >الرئيس< كثيراً، صور تلك الأحداث الكاتب والروائي فريد رمضان عبر فيلم (حكاية بحرينية) الذي أخرجه المخرج البحريني بسام الذوادي عبر شخصيات تجسدت في واقعنا بمرارة وما زالت تتجسد.

(حكاية بحرينية) حكاية رسمت أحلام الطفولة عبر خليفة الذي يمكنني اعتباره العين الراصدة لكل الأحداث، المراقبة عن بعد حتى تتمكن ذات يوم من تدوين ما رأته، خليفة الذي جسده الطفل نديم خليفة زيمان ببراعة وكتبه رمضان بواقعية وإخلاص حتى كأنك تشاهده ماراً من أمامك في قاعة العرض لا محصوراً في شاشة حبست وراءها ممثلين، كان له دور بارز بخلاف ما اعتدنا عليه في الدراما البحرينية حيث دائماً ما يكون دور الطفل هامشياً إلا عبر أداء رقصات أو سيناريوهات تكون أقرب إلى الصمت، لم يكن خليفة الطفل الوحيد حيث كان سالم هو الطفل الثاني الذي يرافقه رحلاته بين البحر والبيت الذي يقضي معظم وقته على سطحه في قفص الحمام.

هنا البحرين في 15 نوفمبر 2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004