ملفات خاصة

 
 
 

«ولنا في الخيال... حب؟» يحصد الإعجاب في «الجونة السينمائي»

فيلم رومانسي مصري بطولة أحمد السعدني ومايان السيد

الجونة مصرانتصار دردير

الجونة السينمائي

الدورة الثامنة

   
 
 
 
 
 
 

حصد الفيلم المصري «ولنا في الخيال... حب؟» إعجاباً لافتاً خلال عرضه بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة (16 – 24 أكتوبر «تشرين الأول» الجاري)، حيث يشارك ضمن الاختيارات الرسمية (خارج المسابقة) وسط عروض تتسم بالتنوع والأهمية، على غرار فيلم «حادث بسيط» للمخرج الإيراني جعفر بناهي، و«فرانكشتاين» للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو.

فيلم «ولنا في الخيال... حب؟» هو الروائي الطويل الأول للمخرجة سارة رزيق، وأول بطولة لشقيقها الممثل الشاب عمر رزيق، كما أنه العمل الأول لمدير التصوير محمد جاد، ووضع موسيقاه خالد حماد، ومن إنتاج «ريد ستار» للمنتجة السعودية باهو بخش، ويضم الفيلم إلى جانب أبطاله أحمد السعدني ومايان السيد وعمر رزيق، عدداً من الوجوه الجديدة من بينهم سيف حميدة وفريدة رجب.

وتدور الأحداث في إطار يجمع بين التشويق والرومانسية والدراما الموسيقية حول أستاذ جامعي منطوٍ، تضطرب حياته حين تطلب منه إحدى الطالبات مساعدتها في أزمتها العاطفية مع زميل لها، وخلال محاولته الوساطة بينها وبين حبيبها يكتشف شيئاً في الطالبة يوقظ مشاعره.

وشهد العرض الأول للفيلم الذي أقيم، الاثنين، حضوراً من ضيوف المهرجان وبعض الفنانين، من بينهم ليلى علوي، يسرا، بشرى، روجينا، هنادي مهنا، جيهان الشماشرجي، ياسمين رحمي، الفنان خالد سليم، المخرج أمير رمسيس، وعمرو منسي المدير التنفيذي للمهرجان.

واستقبلت السجادة الحمراء طاقم الفيلم الذي صعد على المسرح ليتلقى تحية من الجمهور، وقالت المخرجة التي كتبت السيناريو والحوار أيضاً: «لقد عملنا على الفيلم جميعاً من قلبنا وأتمنى أن يعجبكم».

وتنطلق أحداث الفيلم الذي تم تصوير بعض مشاهده داخل أكاديمية الفنون ودار الأوبرا من خلال علاقة حب تجمع بين «وردة»، تؤدي دورها مايان السيد وهي طالبة بمعهد السينما بعد دراستها للموسيقى، و«نوح» الطالب بمعهد الباليه الذي يجسد شخصيته الفنان الشاب عمر رزيق، حيث تربطهما قصة حب منذ طفولتهما وتجمعهما دراسة الفنون.

لكن «وردة» تضيق بتأخره عن موعده معها، وتتفجر الأزمة بينهما مع قدوم الأستاذ الجامعي «يوسف مراد»، ويؤدي دوره الفنان أحمد السعدني، الذي يقوم بتدريس الفن التشكيلي لطلبة معهد السينما ويتسم بالجدية الشديدة، ويعيش على ذكرى زوجته الراحلة التي جمعته بها قصة حب كبيرة.

ويقوم الأستاذ بطرد «وردة» من المحاضرة لتأخرها، فتتهم حبيبها «نوح» بأنه السبب في ذلك وأنه يفسد كل شيء فيما تحاول هي أن تثبت نفسها، فيقرر إنهاء علاقتهما بعد 10 سنوات من الحب، ما يشكل لها صدمة وتنتابها الشكوك.

لكن علاقتها والأستاذ تتطور، فبينما تطلب منه في البداية التدخل لإعادة علاقتها مع «نوح»، تعترف بحبها لأستاذها وتساعده في إصلاح بيته، لتحرك مشاعر الحب لديه، ما يسبب ارتباكاً له. ويجتمع أبطال الفيلم الثلاثة في مشهد في ختام الفيلم وهم يقدمون عرضاً موسيقياً ويرقصون مع أغنية «مرة واحد حب واحدة».

وأكد المنتج صفي الدين محمود مدير تطوير المشروعات بالشركة المنتجة أن ما أثار حماسهم للفيلم أنه شكل جديد ولا يشبه أي فيلم مصري آخر، ونقدم من خلاله مؤلفة ومخرجة لأول مرة، وكذلك مدير التصوير، ومهندس ديكور، وأبطال من الشباب.

وقال محمود لـ«الشرق الأوسط» إن هدفهم أيضاً الدفع بمواهب جديدة في صناعة السينما، وأن جزءاً كبيراً من حماسه للفيلم أنه تم تصويره في أماكن فنية مثل أكاديمية الفنون ومدينة السينما ودار الأوبرا، معبراً عن سعادته لإعجاب شباب بالفيلم بعد العرض، وإشادة فنانين كبار بتميز العمل.

وعَدّ الناقد الفني المصري، رامي المتولي، الفيلم يمثل «اختياراً جريئاً من المخرجة سارة رزيق في أول أفلامها، في تجربة رآها جديدة وجيدة متخذة شكل الفيلم الموسيقي ويرمي إلى تفاصيل لها علاقة بالسينما الأميركية على غرار فيلم (لا لا لاند)»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هو عمل مختلف عن الأفلام المصرية المعتادة، ومن نوعية الأفلام التي تمنح المشاهد شعوراً جيداً بعد مشاهدته ولا تمثل نوعاً من الضغط عليه عبر قصة بسيطة لأفلام تنتج بكثرة في كل أنحاء العالم لكنها لا توجد كثيراً في مصر، مشيداً بمشهد النهاية الذي جاء مبهجاً وبشركة الإنتاج التي وقفت خلف تجربة سينمائية طموحة».

ووصف الناقد الفني المصري، محمد نبيل، العرض بـ«المغامرة» من شركة الإنتاج، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «رغم وجود بعض أخطاء التجربة الأولى لكن الفيلم يكشف عن مخرجة موهوبة»، مؤكداً إعجابه بأداء الممثل عمر رزيق الذي لفت الأنظار في فيلم «شرق 12»، ويؤكد من خلال هذا الفيلم أنه فنان لديه مشروع ولا يعمل بشكل عشوائي، كما أثنى نبيل على أداء مايان السيد التي أجادت في شخصيتها بفيلم «كولونيا»، وتقدم شخصية مختلفة تماماً في «ولنا في الخيال... حب؟».

 

####

 

المخرجة المصرية يمنى خطاب: تركت وظيفة حكومية لتحقيق شغفي بالسينما

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن فيلمها «50 متر» مغامرة في التجريب البصري

الجونة مصرأحمد عدلي

عبّرت المخرجة المصرية يمنى خطاب عن سعادتها باختيار فيلمها الوثائقي الأول «50 متر» للمشاركة في منافسات الدورة الثامنة من مهرجان «الجونة السينمائي» بعد رحلة عمل بالمشروع استمرت لنحو 4 سنوات.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها شرعت في تصوير فيلمها الأول بعدما تركت وظيفتها في وزارة المالية المصرية، عقب الانتهاء من الدراسة بكلية «الاقتصاد والعلوم السياسية» في جامعة القاهرة، لتبدأ في البحث عن شغفها الحقيقي بالسينما، فدرست كتابة السيناريو في ورش مستقلة لمدة ستة أشهر، ثم بدأت تعلّم الإخراج التسجيلي عملياً أثناء تنفيذ الفيلم.

وأضافت يمنى خطاب أن حصولها على جائزة «ساويرس في السيناريو» عام 2018، كان بمثابة دفعة قوية جعلتها تؤمن بأن الوقت قد حان لخوض تجربة الإخراج وتحويل شغفها بالكتابة والرؤية البصرية إلى مشروع سينمائي متكامل، مشيرة إلى أن فكرة الفيلم جاءت في لحظة فارقة بحياتها، مع تأملها لتعامل والدها بعد خروجه على المعاش، وروتينه اليومي مع أصدقائه في تمارين الأيروبيك المائي، لتطور فكرة الفيلم تدريجياً من مجرد توثيق لهذا العالم البسيط إلى محاولة لفهم علاقتها بوالدها وإعادة اكتشاف المسافة التي تفصل بينهما.

وتدور أحداث الفيلم داخل حوض تدريب بطول خمسين متراً لفريق تمارين الأيروبيك المائية للرجال الذين تجاوزوا السبعين من العمر، حيث تقرر المخرجة أن توجه الكاميرا نحو والدها وتقترب منه عبر تجربة بصرية ووجدانية تمزج بين التوثيق والتخييل، وبالتدريج، يتحول الفيلم إلى رحلة تصالح بين الأب والابنة، وإلى محاولة لتفكيك الصمت الطويل بينهما من خلال عدسة الكاميرا ومشاهد يختلط فيها الواقع بالذاكرة والخيال.

وبيّنت أن تجربة «50 متر» كانت بالنسبة لها مغامرة شخصية قبل أن تكون مشروعاً سينمائياً، إذ تطلب منها مواجهة الذات والوقوف أمام الكاميرا بشفافية كاملة، مؤكدة أن أصعب لحظة كانت حين قررت أن تظهر أمام والدها في الكادر، لتتحول العلاقة بين المخرجة والموضوع إلى حوار إنساني مفتوح بين أب وابنته.

وتحدثت يمنى خطاب عن مراحل التصوير الطويلة قائلة إن «عملية التصوير استمرت على مدار صيفين متتاليين في عامي 2021 و2022»، موضحة أنها «كانت تجرب في كل مرة طريقة مختلفة في التصوير لتكتشف لغتها البصرية الخاصة أمام الكاميرا، باعتبارها جزءاً من الحكاية وليست مجرد راوية لها».

وأضافت أن «الفيلم احتاج إلى نوع من التجريب البصري، وأنها كانت تحاول أن تعيد اكتشاف المكان ذاته، وهو حوض السباحة، في كل مرة من زاوية جديدة، حتى لا يشعر المتفرج بالملل رغم أن الأحداث تدور في موقع واحد».

وأشارت إلى أن أكثر ما واجهته من صعوبات كان مرتبطاً بعملية المونتاج، التي استغرقت عامين كاملين؛ نظراً لأن المواد المصوّرة تجاوزت مائة ساعة من اللقطات المختلفة، بينها مواد أرشيفية صوّرها والدها بنفسه لها في طفولتها، موضحة أنها كانت في حاجة إلى استخلاص جوهر الحكاية من بين هذا الكم الكبير من المادة، وهو ما تطلب منها جهداً كبيراً وتجريباً متواصلاً.

وأضافت يمنى خطاب أنها «شاركت في عدد من ورش التطوير التي ساعدتها في بلورة الرؤية النهائية للفيلم وصياغة لغته السينمائية»، لافتة إلى أن «الفيلم استفاد من دعم مجموعة من الجهات الدولية والإقليمية، منها (صندوق البحر الأحمر للإنتاج) الذي منحها الدعم الأكبر عام 2022، فضلاً عن منحة من (المعهد الدنماركي للفيلم)، إلى جانب دعم من صناديق تطوير أوروبية أخرى ومن مهرجان (الجونة)».

وأوضحت يمنى خطاب أن عرض الفيلم العالمي الأول كان في «مهرجان كوبنهاغن الدولي للأفلام الوثائقية»، بدورته الماضية ضمن مسابقة «الموجة الجديدة»، ولاقى تجاوباً كبيراً من الجمهور، الأمر الذي جعلها تشعر بسعادة كبيرة مع تفاعل المشاهدين للعمل رغم اختلاف الثقافة واللغة.

وأضافت خطاب أن الفيلم هذا الشهر سيواصل جولته الدولية من خلال عروض مرتقبة في عدد من المهرجانات الأوروبية، من بينها «مهرجان سيني ميد» في مدينة مونتالييه بفرنسا، و«مهرجان فالينسيا» في إسبانيا، و«مهرجان ميدل إيست ناو» في فلورنسا بإيطاليا، مؤكدة أن هذه المشاركات تمنح الفيلم حياة أطول وتتيح له الوصول إلى جماهير متنوعة.

ولفتت إلى أن الأفلام التسجيلية بطبيعتها لا تندرج ضمن السوق التجارية، وأن المهرجانات تظل المساحة الأهم لعرضها ومناقشتها، معتبرة أن كل عرض في مهرجان جديد يمثل فرصة للتفاعل مع جمهور مختلف وقراءة جديدة للحكاية، لكن بعد جولة المهرجانات التي سيعرض فيها تسعى الشركة الموزعة لعرضه محلياً في سينما «زاوية» العام المقبل.

 

الشرق الأوسط في

21.10.2025

 
 
 
 
 

منطقة تأثير

مهرجان الجونة يحوّل السينما إلى أداة لإنقاذ الأرواح

البلاد/ طارق البحار:

تحوّل منتدى سيني جونة إلى منصة للنقاش العميق حول القوة الإنسانية للسينما، متجاوزًا حدود الترفيه. ففي ظل أجواء الحرب والدمار العالمية، كان السؤال المحوري للجلسة هو: كيف يمكن للسرد القصصي أن يخلق تغييرًا حقيقيًا ويجعل من صُنَّاع الأفلام سفراء للقضايا الإنسانية؟

جاءت جلسة "السينما تُفعّل أدوات الإنسانية" لتبحث عن آليات عملية تُمكّن السينما من تعبئة الدعم ونشر الوعي عبر الحدود، بدلًا من الاكتفاء بالنقاش الأكاديمي.

شهد افتتاح الجلسة عرضًا مؤثرًا لفيلم "ويبقى الأمل" (And Hope Remains)، وهو وثائقي من إنتاج المجلس الدولي للشؤون الإنسانية والخيرية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

الفيلم، الذي يجسد شعار الإمارات الدائم "الإنسان أولًا"، يوثق المشهد الإنساني في قطاع غزة خلال العامين الماضيين، ويسلط الضوء على قصص واقعية ترصد معاناة السكان، وفي الوقت ذاته، يبرز جهود الإغاثة الإماراتية في التخفيف من تلك المعاناة.

لأول مرة، قدم الفيلم لقطات ومشاهد من داخل غزة، عاكسًا واقع الأطفال والنساء وكبار السن، وجهود الإجلاء الطبي والرعاية التي حظي بها المتضررون في مدينة الإمارات الإنسانية. وقد شكّل هذا الفيلم الوثائقي نقطة انطلاق قوية لحوار عابر للقطاعات.

قامات الدبلوماسية والفن ترسم خارطة الطريق

جمع الحوار قادة من مجالات الحوكمة، والعمل الخيري، والثقافة لاستكشاف كيفية تحفيز السرديات السينمائية للتعاطف والتعاون. وأكدت المداخلات على المسؤولية المشتركة في استخدام القوة الناعمة، بمشاركة كل من:

 * الدكتور حمدان مسلم المزروعي: رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.

 * حمد عبيد الزعابي: سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى مصر.

 * المدير التتفيذى للمهرجان عمرو منسى،

 * الفنان القدير حسين فهمي.

 * النجمة الكبيرة يسرا.

أجمع المشاركون على أن السينما تمتلك قدرة فريدة على تجاوز التسلية لتصبح محفزًا حيويًا للتعاطف، والوعي، والتغيير. وتُعد القصص الفعالة هي المفتاح لتحويل الضرورة الإنسانية المجردة إلى نية جماعية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، مؤكدين أن الفن هو الأداة الأكثر فاعلية لـ "تفعيل أدوات الإنسانية"

 

####

 

شاهدته لكم في الجونة السينمائي..

The Luminous Life، ... دراسة معمقة لـ "الشك" تحت سيطرة الرأسمالية

البلاد/ طارق البحار:

قدم المخرج البرتغالي جواو روزاس في عمله الروائي الأول (The Luminous Life) الذي شاهدته لكم في مهرجان الجونة السينمائي، معالجة ممتازة لواحد من أعظم موضوعات السينما: الشباب، الفقر، وكسرة القلب.

ينطلق الفيلم من مقولة فلسفية عميقة: "من بين كل الأمور المؤكدة في الحياة، لا يوجد شيء أكثر تأكيداً من الشك". هذا الشك يجسده بطل الفيلم نيكولاو (فرانشيسكو ميلو)، الشاب البالغ من العمر 24 عاماً الذي لا يزال عالقاً في منزل والديه بعد عام من انفصاله عن حبيبته إينيس. ترفضه الرغبة في الالتزام بأي شيء، سواء كان علاقة عاطفية جديدة مع الشابة كلوي، أو مساراً مهنياً واضحاً، مما يجعله نموذجاً لـ "المتكاسل" الذي يصارع لإيجاد هدف في ظل الرأسمالية المتأخرة.

يقدم روزاس دراسة معمقة لحالة التذبذب التي يمر بها الشباب، ملتقطاً صعوبات العثور على الحب والهدف تحت وطأة الضغوط الاقتصادية واللاإنسانية.

يجد نيكولاو طريقه للخروج من شقة والديه ليحصل على وظيفة في متجر قرطاسية. وهنا يقتبس الفيلم مقولة سارتر عن "البقال الذي يحلم"، ليؤكد على الفكرة الجوهرية للفيلم: صعوبة الطموحات العليا في عالم مرتبط برأس المال. فأن تحلم بما يتجاوز وظيفتك يعني أنك ستواجه صعوبة في تعريف ذاتك في مجتمع يضع الأولوية للعمل فوق كل شيء. هذه المعضلة حادة بشكل خاص في البرتغال التي تعاني من التقشف، حيث يواجه الشباب خيارات محدودة.

يتميز أسلوب روزاس بالجاذبية والعفوية، حيث يتخذ معظم الفيلم شكل مشاهد مشي ومحادثات مضاءة بالشمس عبر زوايا لشبونة العصرية، مع مزيج من المشروبات والرقص والحوارات الفلسفية. وعلى الرغم من أن هذه الصورة تبدو مبهجة للوهلة الأولى، إلا أن الفيلم ليس "خفيف المحتوى"، بل يحمل في طياته نقداً اجتماعياً عميقاً.

أشار العديد من النقاد إلى تأثير المخرج الأسطوري إريك رومر على أسلوب روزاس، فبنية الفيلم البسيطة، المليئة بالتعقيدات العاطفية والتشابكات الرومانسية المتقاطعة، تدين بوضوح لمدرسة "الموجة الجديدة" الفرنسية.

بالحديث عن صناعة الأفلام، قد تبدو الإضاءة والتلوين في بعض المشاهد الداخلية الليلية باهتة مقارنة بجمالية اللقطات النهارية. لكن هذا النقص في الكمال التقني هو بحد ذاته انعكاس لواقع نيكولاو: إنه مرتبط بشكل واضح بالتكلفة الإنتاجية المنخفضة للفيلم.

فيلم "الحياة المضيئة" يثبت أنه لا يقل قوة في طموحاته وذكائه الإنساني عن الأعمال البرتغالية الكبرى الأخرى، مثل فيلم "لا أرتاح إلا في العاصفة" (الذي أثار ضجة في مهرجان كان 2025)، مقدماً إضافة سينمائية هامة وواعدة.

 

####

 

شاهدته لكم في الجونة السينمائي

"A Poet": سخرية لاذعة من عالم الفن الراقي عبر

البلاد/ طارق البحار:

قدّم وحضر المخرج سيمون ميسا سوتو فيلمه الجديد "A Poet" في مهرجان الجونة السينمائي، وهو عبارة عن دراسة شخصية جاذبة ومقلقة سرعان ما تتحول إلى سرد اجتماعي لاذع يستهدف مساحات الفن الرفيعة.

يرسم الفيلم صورة غير مريحة لبطل قصته، أوسكار ريستريبو (أوبييمار ريوس)، وهو رجل فاشل بكل المقاييس. يمكن وصفه بـ "السكير، الفوضوي، العاجز، والحزين"؛ كل هذه الأوصاف تنطبق عليه. إنه، بعد كل شيء، رجل كلمات، لكن يا للأسف على كل من يعرفه!

كان أوسكار شاعرًا حقيقيًا في شبابه، وحصد عددًا من الجوائز الأدبية التي باتت الآن تُعلَّق على رفّه، إلى جانب صورة الشاعر خوسيه أسونسيون سيلفا، وكأنها تلومه بهدوء على سنوات وسطه التي طغت عليها عقبة الكاتب، فشله لا يقتصر على الكتابة؛ فهو ليس أبًا مُجيدًا لابنته المراهقة دانييلا (أليسون كوريا)، ولا راعيًا جيدًا لوالدته المسنة (مارغريتا سوتو) التي لا تزال تدعمه بمصروف شخصي ومفتاح سيارة. ليس غريبًا إذن أنه يلجأ إلى الشرب. وعندما تسيطر عليه الكؤوس، لا يجد ما يصرخ به في أزقة ميديلين الخلفية سوى كلمة "شعر"، مغمغمًا بكلماته لكنه يترك شغفه بالقصيدة واضحًا.

يجد أوسكار نفسه مضطرًا لتقبّل واقع أكثر رتابة، حيث يوافق على وظيفة تدريس في مدرسة ثانوية محلية ليتمكن على الأقل من كسب ود ابنته. هناك، يلتقي بـ يورلادي (ريبيكا أندرادي)، وهي طالبة من الطبقة الفقيرة جدًا تتمتع بـ "موهبة طبيعية في..."، وتخمين ما هي تلك الموهبة ليس صعبًا.

الفيلم، المقسم إلى أربعة فصول، يغوص في أسئلة الفن والتجارة بنبرة مُتهكمة ومُحبة في آن واحد.

تتحول القصة إلى سرد لاذع عندما يقرر الأستاذ الفاشل أن يحوّل طالبته إلى نجمة. يُصوّر سوتو الثنائي على أنهما فنانان جماليان في عالم مليء بالانتهازيين، بدءًا من عائلة يورلادي التي ترى فيها "تذكرة مجانية" لتأمين معيشتها، وصولًا إلى النخبة الأدبية في ميديلين التي ترى الشيء ذاته، ولكن بمبالغ أكبر بكثير.

يُظهر المخرج سوتو كيف يفرض عالم الفن الأوروبي شروطه على المواهب الصاعدة من خلفيات مهمشة؛ فعلى يورلادي أن تثبت أنها "جادة" عبر ملء قصائدها بـ الشكوى من الفقر والعِرق لتنال دعم الممولين الأوروبيين ذوي الجيوب العميقة.

يوازن الفيلم ببراعة بين الكوميديا السوداء والمشاعر الحقيقية، فبدلًا من تقديم نهاية "سارة"، يمهد أوسكار طريقه إلى الجحيم بنواياه الذاتية. ورغم كل شيء، فإن الإحساس الحقيقي الذي ينقله سوتو إلى الجمهور تجاه أوسكار عندما يفسد الأمور لنفسه، يعكس براعته النغمية.

يقدم المخرج الكولومبي تحديًا مُرحبًا به لـ "الآداب العامة للسينما العالمية"، حيث يمزج بين الفن الرفيع والذوق السيئ لتفكيك آليات الفشل، مؤكدًا أن القليلين يغادرون هذا العالم دون أن يصابوا بأذى.

 

####

 

شاهدته لكم في الجونة السينمائي

Shadowbox ومواجهة الأعباء الخفية للانسان

البلاد/ طارق البحار:

في فيلم "Shadowbox" ينجح المخرجان تانو سري داس وساومياناندا ساهي في تقديم صورة صادقة لا تَلين عن الصمود، والأعباء المجتمعية، والوزن غير المرئي للقدرة البشرية على الاحتمال.

تدور أحداث الفيلم في كولكاتا المعاصرة، ويتتبع مايا (تيلوتاما شوم) وهي تتنقل بين متطلبات البقاء التي لا تتوقف. يتشكل وجودها بفعل التكلفة الاقتصادية والعاطفية لحرب غير معلنة تُشن داخل منزلها. فزوجها، سوندار (شاندان بيشت)، الضابط العسكري السابق، يصارع اضطراب ما بعد الصدمة، وإدمان الكحول، متقهقرًا إلى الصمت والتدمير الذاتي. وفي الوقت ذاته، يتصارع ابنهما المراهق، ديبو (سايان كارماكار)، مع عالم تخلى عنه بالفعل قبل أن تتاح له الفرصة لتعريف نفسه.

عُرِض الفيلم لأول مرة في مهرجان برلين لهذا العام ضمن قسم "آفاق" للجمهور الدولي قبل وصوله الى مهرجان الجونة السينمائي، وقد يبدو Shadowbox للوهلة الأولى قصة عن المشهد الاجتماعي والسياسي في الهند؛ دراما اجتماعية تتناول النوع، والطبقة، والهجرة، والصحة العقلية. ورغم أنه يتضمن كل هذه القضايا، إلا أنه يرفض أن التعمق فيها.

بدلًا من ذلك، يقشر الفيلم طبقات هذه الأفكار ليكشف عن شيء أكثر عالمية: تأمل في كيف يصبح الأفراد سجناء أدوارهم في المجتمع. إنهم محاصرون في توقعات لا تترك أي مساحة لإنسانيتهم الخاصة. الفيلم لا يقدم مخرجًا أو حلولًا سهلة. بل يجبر شخصياته والجمهور على الجلوس مع عدم الارتياح الناتج عن إدراك أنهم، مهما حدث، سيضطرون إلى الاستمرار.

تم التصوير في مواقع حقيقية في كولكاتا، حيث تتناقض شوارع المدينة المزدحمة مع الهدوء الخانق لمنزل مايا. تعكس السينماتوغرافيا الحالات الداخلية للشخصيات. الأطر الضيقة والمسببة لرهاب الأماكن المغلقة تحبس مايا داخل مسؤولياتها. بينما يتواجد سوندار في الظلال، حيث يكون وجوده ثقيلًا ولكنه منعزل.

إيقاع الفيلم غير متعجل، مما يسمح لصمته بأن يتحدث بصوت أعلى من حواره. هناك موسيقى في سرده؛ إيقاع لا يتحرك عبر الكشوفات العظيمة، بل عبر الوزن الهادئ والساحق للحياة اليومية.

Shadowbox يقدم لمحة عن الكون المصغر الذي يوجد في كل عائلة ويمتد إلى المجتمع: المعارك الخفية التي تُخاض خلف الأبواب المغلقة. إنها قصة بقاء، ليس بالمعنى الدرامي للتغلب على الشدائد، ولكن بالطريقة الهادئة والدؤوبة التي يستمر بها الناس في العيش.

نضال مايا لا يتعلق بالبقاء المالي فحسب، بل هو إرهاق من إثبات حقها في الوجود بكرامة باستمرار. هي لا تطلب المزيد، بل تقاتل لمجرد الحفاظ على القليل الذي تملكه. يتم الخلط بين أخلاقيات عملها التي لا تعرف الكلل وبين الجشع، حيث يتهمها سوندار نفسه بأنها لا تريد سوى المال. السجن هنا ليس في اضطرارها للكسب، بل في أن تكلفة كسب أي شيء على الإطلاق هي تكلفة مهلكة.

أما سوندار، فهو رجل سُحق تحت وطأة الدور الذي لم يعد يستطع أن يلعبه. إن اضطراب ما بعد الصدمة لديه ليس مجرد نتيجة للحرب، بل هو امتداد للتوقعات الأبوية التي تطالبه بأن يكون شيئًا ليس هو إياه. إنه رجل بلا مكان في عالم يرفض أن يفسح المجال لأولئك الذين لا يستطيعون التمسك بمُثُل الذكورية الجامدة. استسلامه النهائي، وانحداره الصامت نحو التدمير الذاتي، لا يُصوَّر كفشل في الشخصية، بل كونه الفعل الوحيد الذي تبقى له من الاستقلالية في عالم جرده من كل شيء آخر.

ويمتد ثقل التوقعات إلى ديبو، الذي لا يمثل تمرده مجرد رد فعل على صراعات عائلته، بل استجابة للمجتمع الذي خذلهم. إنه ليس غاضبًا من والديه فحسب، بل هو غاضب من عالم يسمح للمعاناة بأن تصبح روتينًا، ومن العزلة التي تتعمق مع زيادة المشقة. إنه لا يستطيع أن يفهم لماذا يعبر أقاربه عن الحب له ولكنهم يحجبونه عن والديه. تحديه ليس ضد منزله، بل ضد نظام خذلهم.

يكثف عنوان "Shadowbox" الصراع المركزي للفيلم. كل شخصية تقاتل قوة غير مرئية، طيفًا مجتمعيًا يملي عليهم أدوارهم ويعاقبهم على فشلهم في التوافق. مأساة الفيلم ليست أنهم يفشلون في تلبية هذه التوقعات، بل أنهم وُضِعوا ليَفْشلوا منذ البداية.

مع وصول الفيلم إلى ذروته، يُترك مصير سوندار غامضًا عمدًا. اعتقاله ليس مسألة ذنب أو براءة؛ فالفيلم غير مهتم بالأحكام القانونية. ما يهم هو استسلامه، سواء كان اعترافًا بالذنب أو فعلًا للتنازل عن السيطرة. إنه القرار الوحيد المتبقي له.

في غضون ذلك، تستمر مايا. هذا هو كل ما يمكنها فعله. لا توجد لحظة انتصار، ولا حل عظيم. إن غياب التخفيف في الفيلم ليس نكرانًا للأمل، بل تأكيدًا للواقع.

في جوهره، "Shadowbox" هو فيلم عن وحدة المشقة والقوة الصامتة التي تتطلبها. الأداءات ترسخ عمقه العاطفي. تقدم تيلوتاما شوم واحدة من أكثر التصويرات دقة في مسيرتها المهنية. ويحول أداء شاندان بيشت المنضبط سوندار إلى شبح رجل قبل وقت طويل من وصول قصته إلى نهايتها الحتمية. ويلتقط سايان كارماكار الغضب الخام الكامن لطفل أُجبِر على أن يكبر قبل الأوان.

تحت فرضية الفيلم التي تبدو بسيطة، تكمن صورة ذات طبقات عميقة وغير عاطفية للمآسي الأكثر هدوءًا في الحياة. في عالم غالبًا ما تُروَّج فيه فكرة الصمود بشكل رومانسي، يرفض "Shadowbox" تحويل البقاء إلى مصدر إلهام. بدلًا من ذلك، يجبر جمهوره على الجلوس مع عدم الارتياح الناتج عن معرفة أن بعض الأعباء لا تخف أبدًا؛ بل يتم حملها فحسب.

 

####

 

شاهدته لكم في الجونة السينمائي

فيلم La Grazia.. هل استعاد سورينتينو سحره السياسي الجامح؟

البلاد/ طارق البحار:

يحاول أحدث أفلام المخرج الإيطالي المخضرم باولو سورينتينو، "لا غراتزيا"، الذي شاهدته لكم في مهرجان الجونة السينمائي بعد عرضه الاول في مهرجان البندقية، استعادة النبرة السياسية اللاذعة والتمرد الأسلوبي التي ميزت أعماله المبكرة، لكن هذه المحاولة جاءت بنتائج متفاوتة.

في "لا غراتزيا"، يعود سورينتينو للتعاون مع نجمه المفضل والموثوق به، توني سيرفيلو. هذه المرة، يلعب سيرفيلو دور الرئيس الإيطالي الأسطوري ماريانو دي سانتيس؛ رجل عجوز وحكيم يحظى بشعبية واسعة، ولكنه مشهور بخموله التأملي عندما يتعلق الأمر بتمرير التشريعات. إنه "مفكر" أكثر منه "فاعل"، بيروقراطي متقاعد لا مثيل له.

نلتقي بالرئيس دي سانتيس في الأمتار الأخيرة من ولايته، وهو يتسلل لتدخين السجائر على سطح قصره الرئاسي ويفكر في التداعيات الواسعة لمشروع قانون إصلاحي يهدف إلى تحرير قوانين القتل الرحيم في إيطاليا.

وكما هي عادته، يقدم سيرفيلو أداءً رئيسياً آسراً، حيث ينجح ببراعة في إظهار مخزون الذكاء والكاريزما المخفي خلف هذا الرجل الذي يبدو مملاً ومتردداً. إن كانت لسورينتينو قوة خاصة كمخرج، فهي قدرته على استخلاص الأفضل من سيرفيلو في أي سياق. ويبقى أداء سيرفيلو الطبيعي والمخلص هو العنصر الوحيد الذي يربط خيوط القصة ببعضها، والتي تبدو في العموم مُتفككة ومُخططة بشكل مصطنع، متناولة كيف يمكن لحقائق الحياة والموت القاسية أن تتغذى على العملية السياسية.

يتشعب السرد عندما يتلقى دي سانتيس التماسين للعفو الرئاسي عن مدانين بالإعدام، قبل تقاعده. وبينما يتجاهل القضيتين في البداية، سرعان ما يرى فيهما وسيلة لمساعدته على اتخاذ قرار حاسم بشأن مشروع قانون المساعدة على الموت. بالتوازي، يعيش الرئيس حداده الخاص على زوجته الراحلة، ويصبح مهووساً باكتشاف هوية الشخص الذي يُزعم أنها أقامته علاقة غرامية معه، ما يهدد تذكره المثالي لزواجهما.

على مدار الفيلم، يقحم سورينتينو انحرافات أسلوبية متكررة مثل ولع الرئيس المفاجئ بموسيقى "الهيب هوب"، وعلاقته برائد فضاء إيطالي يعيش وحيداً على متن محطة الفضاء الدولية. ورغم استخدام موسيقى "الهاوس والتكنو" لخلق تباين سمعي حاد مع البروتوكولات الرسمية للحياة السياسية المعزولة، فإن هذه الحركات تبدو وكأنها مجرد بطاقات رابحة متوقعة يرميها المخرج، دون إحساس حقيقي بما يريده الجمهور.

على الرغم من أن الحبكة الأساسية لفيلم "لا غراتزيا" مثيرة للاهتمام، وأن سورينتينو يكتب حواراً مدعوماً بلمسات أدبية مرضية، إلا أن الفيلم يستسلم في النهاية للسذاجة والسطحية. فهو يربط خيوطه الكثيرة بنهاية متوقعة أو عاطفية جداً.

كما أن النقاش المقترح حول أخلاقيات الموت الرحيم ومحاولة تقديم جميع الفصائل الفكرية المتصارعة بموضوعية لا يؤدي إلى نتيجة، حيث ينتهي الفيلم بالقول إن كل شيء يعتمد إلى رأي شخص واحد (عادة ما يكون رجلاً)، وعلينا فقط أن نصلي أن يكون هذا الشخص متعلماً بما فيه الكفاية لعدم الإخلال بالتوازن. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصويره للعملية السياسية على أنها منفصلة تماماً عن أي حقائق ثقافية حديثة يغلف المشروع بأكمله بـانعدام أصالة يباعد المشاهد عاطفياً.

 

####

 

ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي

"السينما ومذاق الحياة: الطعام، الفن، والمسؤولية الاجتماعية"

البلاد/ مسافات

ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، احتضن مسرح سيني جونة جلسة مميزة بعنوان "السينما ومذاق الحياة: الطعام، الفن، والمسؤولية الاجتماعية"، جمعت بين عالم الفن وعالم الطهو والعمل الإنساني في مساحة واحدة من الحوار والإلهام. أقيمت الجلسة وسط حضور لافت، لتفتح نقاشًا حول كيف يمكن للفن أن يعكس علاقة الإنسان بالطعام، ليس فقط كمتعة حسية، بل كقيمة ثقافية واجتماعية وإنسانية.

أدارت الجلسة هدى الشريف، الشريكة المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لـ Flavor Republic  وCairo Food Week، وشارك فيها كل من الفنانة ليلى علوي، أمينة القريعي، مدير إدارة الإعلام والدعاية والتسويق ببرنامج الأغذية العالمي، محمد عاشور الرئيس التجاري ومدير تطوير الأعمال بمدينة الجونة، ومحسن سرحان الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري. قدمت الجلسة رؤية شاملة عن الدور الذي يلعبه الطعام في تشكيل الهوية المجتمعية، وفي الوقت نفسه، سلطت الضوء على مسؤولية الفنانين والمؤسسات في دعم قضايا الأمن الغذائي والوعي المجتمعي من خلال الفن والسينما.

بحضور عدد من النجوم الشباب منهم ميان السيد وطارق الابياري والشخصيات الهامة مثل محمد عامر (الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة، وعضو مجلس الإدارة التنفيذي والعضو المنتدب للأنشطة التجارية لشركة أوراسكوم للتنمية مصر)، ليحتفلوا جميعًا بالعلاقة العميقة بين الفن، الذوق، والإنسانية.

استهل عاشور الجلسة بالتأكيد على أن “العادات والتقاليد في مجتمعاتنا دائماً ما تدور حول مائدة الطعام، فهي التي تُبنى عندها العلاقات وتتكوّن الروابط”، مضيفاً أن الجونة تحتفل هذا العام بمرور 35 عاماً على تأسيسها، كمدينة متكاملة تجمع بين السياحة والثقافة والرياضة وفنون الطهي.

أما ليلى علوي فاستعادت ذكرياتها مع الطعام في السينما، معتبرة أن مائدة الأكل “هي المساحة التي تجمع الكبير والصغير، العائلة والأصدقاء”، مشيرة إلى أن السينما يمكن أن تكون وسيلة مؤثرة لتسليط الضوء على قضايا الأمن الغذائي والوعي المجتمعي وأشارت إلى عدد من الأفلام التي شكّلت وعيها بعلاقة الإنسان بالطعام مثل فيلم "خرج ولم يعد" الذي تناول بساطة الريف والأكلات الطبيعية، وفيلم "الجوع" الذي عرّفها بمعنى الفقر والجوع، إلى جانب فيلم "حب البنات" الذي جمعها بأخواتها وذكّرها بروابط العائلة والحب.

من جانبها، أوضحت أمينة القريعي أن عمل برنامج الأغذية العالمي في مصر لا يقتصر على تقديم الوجبات للمحتاجين، بل يمتد لتمكين الأفراد للوصول إلى غذاء صحي ومستدام، مؤكدة أن الهدف هو الوصول إلى يوم “لا يحتاج فيه أحد إلى المساعدة الغذائية”.

أكد عامر خلال فقرة الأسئلة والأجوبة أن تغيير الثقافة المجتمعية ليس أمرًا سهلاً ويحتاج إلى وقت، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على قيم الكرم والضيافة التي نعتز بها، مع ضرورة التركيز في الوقت نفسه على تقليل إهدار الطعام وإطلاق حملات توعية فعّالة لدعم ذلك.

واختتم محسن سرحان، الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، الحوار بالتأكيد على دور الإعلام في حملات البنك الإعلانية لنشر الوعي دون إثارة الشعور بالذنب، قائلاً: “نحن صوت من لا صوت لهم.”

 

####

 

في الجونة السينمائي

النقد السينيمائي بعد 100 عام: بين العادات والتحولات

البلاد/ مسافات

ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي، أقيمت أمس جلسة بعنوان "النقد السينمائي: فيبريسي 100 عام"، أدارها الناقد محمد طارق، المخرج الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بمشاركة رئيس الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين أحمد شوقي، والناقدة أولا سالفا، والناقدة دوبرافكا لاكتيش، بحضور نخبة من النجوم وصنّاع السينما من بينهم أحمد مجدي و يوسف عثمان، والناقدة الصربية دوبرافكا لاكيتش.

استهلّ الحوار بالتأكيد على أن النقد السينمائي ليس مجرد تحليل للأفلام، بل هو مساحة لفهم الصورة وتقدير الفن. وأشار أحمد شوقي إلى أن إدارة اتحاد يضم أكثر من خمسين دولة تُعدّ تحديًا كبيرًا، قائلاً: "عندما تولينا مسؤولية الاتحاد كان لدينا 15 لجنة تحكيم فقط، واليوم وصلنا إلى 80 لجنة ونسعى للوصول إلى 100، لأننا نؤمن بأن النقد جزء من تطوّر السينما."

أما دوبرافكا لاكيتش، فأكدت أن النقد مهنة صعبة لأنها «لا تُرضي الجميع»، مضيفة: "صنّاع الأفلام لا يحبوننا دائمًا، لكننا نكتب بصدق لأننا نحب السينما بقدر ما يحبونها هم."

بدورها تحدثت أولا سالفا عن تجربتها كامرأة ناقدة، موضحة أن دخولها المجال لم يكن سهلًا: "عندما بدأت، كان من الصعب أن تُقبل امرأة شابة في هذا الوسط، لكن حبّ السينما جعلني أستمر. نحن لسنا أعداء المخرجين، بل جزء من المنظومة التي تطوّر الفن."

وتطرّق النقاش إلى كيفية كتابة النقد السينمائي، حيث شدد أحمد شوقي على أن الناقد الحقيقي يجب أن يمتلك أسلوبًا أدبيًا وفكرًا مستقلًا، قائلًا: "الموهبة الحقيقية ليست في اللغة فقط، بل في اختيار الفكرة التي يناقشها الناقد داخل الفيلم. عليك أن تعرف لماذا أحببت الفيلم أو لماذا لم تفعل، وأن تترجم هذا إلى تحليل موضوعي وصادق بعيدًا عن الانطباعات السطحية." وأضافت دوبرافكا أن على النقاد أن يكونوا «كتّابًا جيدين قبل أن يكونوا محللين»، قائلة: "يجب أن تكتب بصدق وذكاء، وأن تُبقي القارئ مهتمًا حتى السطر الأخير، لأن النقد ليس وصفًا، بل حوار بينك وبين القارئ حول الفن."

وشدد شوقي على أهمية استقلالية النقد، قائلاً: "الناقد الحقيقي لا يكتب لإرضاء أحد، بل لفهم العمل وتحليله بعمق، والعلاقة بين صُنّاع الأفلام والنقاد يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل."

وفي ختام الجلسة، أجمع المتحدثون على أن مستقبل النقد السينمائي يعتمد على الحفاظ على الصدق والحرية الفكرية في زمن تتسارع فيه المنصات الرقمية، مؤكدين أن الناقد سيبقى دائمًا جسرًا يربط بين المبدع والجمهور، وبين الصورة وما تخفيه من معنى.

 

البلاد البحرينية في

21.10.2025

 
 
 
 
 

حنان مطاوع تكشف كواليس فيلم "هابي بيرث داي"

قالت إن الفيلم يحمل رؤية فلسفية وصدقاً إنسانياً

العربية.نت - محمد حسين

منذ بداياتها، عُرفت الفنانة حنان مطاوع بقدرتها الفريدة على اختراق أعماق الشخصيات التي تقدمها، سواء على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة. لا تعتمد على البريق الخارجي بقدر ما تراهن على التفاصيل الدقيقة والانفعالات الصادقة، لتصنع حضوراً حقيقياً يتجاوز حدود الأداء إلى الإحساس الخالص.

هي ابنة الفنان والمخرج الراحل كرم مطاوع والفنانة سهير المرشدي، ورثت عن كليهما الحس المسرحي والالتزام الفني، لكنها صنعت طريقها بجهد شخصي وإصرار جعلها إحدى أكثر نجمات جيلها تميزاً.

وفي كل ظهور لها، تسعى حنان لأن تقدم عملاً يحمل بصمة وجدانية، تحرك المتلقي وتدفعه للتفكير، وفي حديثها مع "العربية.نت" تحدثت حنان عن فيلمها "هابي بيرث داي"، وعرضه خلال مهرجان الجونة السينمائي، وسر انجذابها للفيلم وتجربته الإنسانية المختلفة.

صدق إنساني ومعالجة مختلفة

قالت الفنانة حنان مطاوع إنها شعرت بانجذاب شديد إلى فيلم "هابي بيرث داي" منذ اللحظة الأولى التي قرأت فيها السيناريو، موضحة أنها "وقعت في غرام العمل" لما يحمله من صدق إنساني ومعالجة مختلفة.

وأضافت أن المخرج محمد دياب نجح في أن يقدم قصة تمس القلب دون أن تقع في فخ الميلودراما أو الاستعراض، مشيرة إلى أن الفيلم يقدم مأساة كبيرة من خلال عيون طفلة صغيرة لا تدرك حجم المأساة، وهو ما يجعل العمل خفيفاً رغم عمقه.

وأوضحت مطاوع أن ما شدها أكثر هو تلك الرؤية الفلسفية التي تظهر العالم ببراءة الطفلة، فهذا ما يجعل هناك وجع لأن الفيلم يتحدث بلسان الطفلة.

وأشارت إلى أن مشاهدها في الفيلم كانت مليئة بالتحديات، خاصة تلك التي صوِرت داخل مياه النيل، حيث وصفت التجربة بأنها الأصعب في مسيرتها، وأضافت: "المياه كانت راكدة ومليئة بالطمي، وأطرافي بدأت تتجمد من البرد".

تتويج لتجربة مليئة بالصدق والتحديات

كما أكدت حنان مطاوع أنها كانت تراهن منذ البداية على المخرجة سارة جوهر، التي اعتبرتها من الأصوات الجديدة الواعدة في السينما المصرية، وقالت إنها أخبرتها بعد أول مشاهدة للفيلم أنها ستأخذ جائزة أول عمل.

وعبرت حنان مطاوع عن سعادتها بعرض فيلم "هابي بيرث داي" في مهرجان الجونة السينمائي، واصفة الحدث بأنه تتويج لتجربة مليئة بالتحديات والصدق.

وقالت إن المهرجان منحها فرصة لمشاهدة تفاعل الجمهور والنقاد مع العمل، مؤكدة أن الفيلم استطاع أن يترك أثراً عاطفياً لدى المشاهدين بفضل صدقه وبساطته، حيث تضفي المهرجانات لمسات مختلفة.

صوت الإنسان البسيط المهمش

وأشارت إلى أن الفيلم نجح في أن يكون صوتاً للإنسان البسيط المهمش، وأن مشاركته في مهرجانات دولية مثل تريبيكا ثم عرضه في الجونة تعني أن السينما المصرية ما زالت قادرة على المنافسة عالمياً.

وأوضحت مطاوع أن الفيلم شكل تجربة إنسانية عميقة بالنسبة لها، لأنه يدور حول الانقسام الطبقي في القاهرة من منظور شخصي وعاطفي، بعيداً عن الخطابات المباشرة.

وأضافت أن أكثر ما جذبها هو بساطة الفكرة وصدق التعبير، مشيرة إلى أن هذا النوع من الأفلام "يذكر الممثل لماذا اختار الفن من البداية، لأنه يحكي عن الإنسان قبل أي شيء".

 

####

 

ألقى بممثل وسط النيران.. شريف عرفة يكشف أسرار مشواره

مسيرة المخرج المصري الفنية امتدت لأكثر من 40 عاماً

القاهرة – أحمد الريدي

مسيرة فنية طويلة امتدت لأكثر من 40 عاما، قدمها المخرج المصري شريف عرفة، وجعلته واحداً من أهم مخرجي السينما في مصر، وباتت أعماله من العلامات المضيئة في تاريخ السينما.

تلك المسيرة الحافلة بالكواليس والأسرار التي تحدث شريف عرفة عن بعضها في جلسة حوارية أقيمت معه في مهرجان الجونة السينمائي، وأدارها الفنان المصري عباس أبو الحسن، كشف فيها عن العديد من المواقف منها العادي ومنها المفاجئ كإلقائه بممثل وسط النيران.

خلال حديثه، أكد المخرج المصري أن الأصل في مهنته لا يكمن في القضية التي يحتوي عليها العمل الفني، وإنما ينصب تركيزه إلى تحويل المكتوب إلى منتج بصري على مستوى عالي القيمة.

وتطرق شريف عرفة إلى قصة الاقتباس ونقل المشاهد، معترفا أنه كمخرج لم يسرق في حياته سوى مشهد واحد، وعاد بعدها واعترف أنه يعني بالسرقة هي الحصول على روح المشهد، وهو ما حدث في فيلم "الإرهاب والكباب" في المشهد الخاص بالأغطية الذي جمع عادل إمام بماجدة زكي.

مخرج فيلم "الناظر" كشف عن كواليس العمل، ورغبته في أن تقوم الفنانة نعيمة الصغير بدور الأم، لكنه فوجئ باعتزالها التمثيل، وهو ما جعله يسند مهمة الدور إلى علاء ولي الدين، كما أسند إليه دور الأب، لأنه لم يجد فنانا يصلح للقيام بهذا الدور.

ووجه شريف عرفة نصيحته إلى المخرجين، مؤكدا أن الجمهور يرتبط في المقام الأول بالشخصيات، ولا يخرج الجمهور من أجل مناقشة الزوايا أو التكنيك الخاص بالإخراج.

وفجر شريف عرفة مفاجأة خلال حديثه عن فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، حينما أكد على أن الجميع في الوسط الفني، يعلم أن أحمد زكي أب غير عظيم في الحقيقة، فهو لم يعتد اصطحاب نجله إلى المدرسة، أو القيام بأمور مماثلة.

ولكن حينما تشاهد الفيلم، وترى مشهد اصطحابه ابنته إلى كلية الطب، ومدى الفخر الذي ينقله إلى المشاهد، تدرك أنك أمام أب عظيم في هذا العمل.

كما قارن شريف عرفة بين أحمد زكي وسناء جميل، مؤكدا أن زكي فنان موهوب لكنه لا يملك تكنيك خاص في التمثيل، إذ يمكنه تقديم الأداء المطلوب على أكمل وجه في المرة الأولى للتصوير، لكنه لن يتمكن من تكرار الأمر مرة أخرى في الإعادة.

وعلى العكس منه سناء جميل، التي تملك تكنيك خاص في التمثيل، مسترجعا أحد المشاهد الذي تطلب بكاؤها في الفيلم، إذ تسببت أزمة تقنية في إعادة المشهد 13 مرة، وفي كل إعادة كانت تبكي وكأنها تبكي للمرة الأولى، وهو ما يدل على امتلاكها تكنيك خاص في التمثيل.

مخرج فيلم "اللعب مع الكبار" تحدث عن صداقته مع الكاتب الراحل وحيد حامد، وكيف ظل لـ 5 سنوات يقترض منه المال كي يستطيع العيش.

حيث أكد عرفة أنه ظل منذ عام 1988 حتى عام 1993 يقترض المال من وحيد حامد، ولم يكن الأخير يسأله عن السبب، ولكنه استطاع بعدها أن يرد تلك الأموال.

كما تحدث عن بعض الأمور المجنونة التي حدثت معه في الإخراج، مؤكدا أنه في أحد المشاهد كان يرغب في أن يسقط أحد الممثلين داخل النيران، لكنه يعلم أن الممثل لن يغامر بالأمر على الإطلاق، ولن يلقي بنفسه في النار.

فقرر شريف عرفة أن يقوم بدفع الممثل بنفسه داخل النيران، كي يحصل على المشهد المطلوب، كما كاد أن يضحي بنفسه هو ومدير التصوير في فيلم "ولاد العم"، حينما كان الثنائي يصور مشهد لاصطدام سيارة، وكانا يعلمان أن السيارة سترتد تجاههما.

لكن شريف عرفة استمر في الإمساك بالكاميرا وتصوير المشهد، وحينما اقتربت السيارة، التفت إلى مدير التصوير، فوجده قد غادر موقعه مسرعا كي ينجو بحياته، وتركه وحده.

 

####

 

إلهام شاهين تكشف أصعب لحظة بحياتها.. ولماذا بكت يسرا؟

اختبار صعب شهده تصوير فيلم "بستان الدم" للمخرج أشرف فهمي

القاهرة: أحمد الريدي

38 عاماً مرت على اللحظة التي وصفتها إلهام شاهين بالأصعب في حياتها، حينما وضعوها في اختبار صعب للغاية خلال تصوير فيلم "بستان الدم". تلك القصة التي روتها إلهام شاهين في الجلسة التي أقيمت لتكريم زميلتها وصديقتها يسرا في مهرجان الجونة السينمائي، تحت عنوان "50 سنة يسرا".

وكشفت إلهام شاهين في إطار حديثها عن طيبة يسرا ومحبتها للجميع، عن الكواليس التي وقعت في فيلم "بستان الدم"، إذ كانت هي في بداية طريقها، فيما كانت يسرا بطلة الفيلم.

وأخبرهما المخرج أشرف فهمي وقتها بما سيجري في مشهد النهاية، إذ طلب من يسرا أن تذبح إلهام شاهين، بتمرير السكين على رقبتها.

وأكدت إلهام شاهين أن المخرج أشرف فهمي كان يتسم بالعصبية الشديدة، ولا يرغب في أن يناقشه أحد في قراراته، لذلك أمر يسرا بذبح إلهام شاهين وإلقائها في الحفرة، ووضع التراب عليها بعد ذلك. وهو ما فاجأ يسرا، التي ردت قائلة "انتوا هتدفنوا البنت دي بجد؟"، فأخبرها أن الأمر سيكون لوقت قصير، مطالباً إلهام شاهين بكتم أنفاسها تحت التراب لحين الانتهاء من المشهد.

بدأت يسرا في البكاء خوفاً على إلهام شاهين، وظلت يدها تنتفض قبل تصوير المشهد، إذ أخبروها أن هناك "خط مطاطي" موجود على رقبة إلهام شاهين يحتوي على الدماء، وعليها أن تجعل السكين يخترق هذا الجزء فقط.

نظرت يسرا إلى إلهام شاهين وسألتها وهي خائفة قائلة "لو أنا ممشتش على الخط ده هيحصل إيه؟"، فأجابت إلهام شاهين قائلة "هتدبحيني".

فجلست يسرا تبكي ولحقت بها إلهام شاهين في البكاء، وأخذت يسرا تخبرها قائلة "أنا بحبك"، وردت عليها إلهام شاهين قائلة "وأنا كمان بحبك والله"، حتى تم الانتهاء من المشهد الصعب.

 

العربية نت السعودية في

21.10.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004