كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"جميل راتب" أسلم الروح عن 92 عاماً

محمد حجازي

عن رحيل العميد

جميل

راتب

   
 
 
 
 

تدهورت الحالة الصحية للفنان الكبير "جميل راتب" (92 عاماً) منذ أسابيع وتم تسفيره للعلاج في باريس، وتقلت أنباء القاهرة خبر وفاته، ودفنه بعد صلاة ظهر الأربعاء في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري بمسجد الأزهر الشريف في القاهرة، طاوياً 70 عاماً من العطاء الفني أثمرت 150 عملاً للشاشتين والخشبة بين القاهرة وباريس.

زامل الفنان "راتب" كبار النجوم الفرنسيين حين درس في باريس وعمل في عدد من الأفلام الفرنسية، ولعب في "لورانس العرب" الذي صوّر "عمر الشريف" أحد أدواره الرئيسية، شخصية "مجيد". وإستطاع منذ بداية عودته من فرنسا بلد والدته، أن يعمل في مجالات الأداء الثلاثة: المسرح السينما والتلفزيون، وسرعان ما كوكب من حوله جمهوراً داعماً، وقف إلى جانبه، وأحب خصوصية أدواره تلك التي تميز فيها بالعصبية مثل أدواره مع "عادل إمام" (طيور الظلام) و"أحمد زكي" (البداية) أو ما قدّمه مع "محمد صبحي" على الخشبة. ولطالما كرر أن أدواراً كثيرة كان يحب تجسيدها لكن المخرجين سجنوه في قالب ردة فعله العصبية وحسب.

فقد الفنان الكبير صوته بالكامل وفشلت محاولات علاجه في القاهرة، فسافر إلى باريس علّه يعثر على علاج شاف لكنه تبلغ أن هناك إستحالة لإستعادة صوته، وعاد خائباً ينتظر مصيره تحت رحمة الضيق الشديد في التنفس، إلى أن نُقل ليل الثلاثاء على عجل إلى مستشفى الأنكلو- أميركي، وأُدخل العناية الفائقة في حالة حرجة إنتهت بلفظ آخر أنفاسه. تجربة مرض الراحل "راتب" حفّزت كثيرين على مباركة الأسلوب الذي إعتمده مدير أعماله "هاني التهامي" في إطلاع وسائل الإعلام وجمهور الفنان الأصيل على حقيقة وضعه الصحي مما جعل الخبر ينزل على الجميع بهدوء، لأن ما وافى به الإعلام كان كافياً ووافياً، ولم يُجامل في شيء.

يغيب فنان مصري كبير آخر، طاقم من الفنانين المخضرمين ينسحب أفراده تباعاً من مقدمة الصفوف، فيما البدائل المفترضة من جيل اليوم ليست متوفرة كمّاً ونوعاً، هناك فراغ.

الميادين نت في

19.09.2018

 
 

ماذا قال مشاهير العرب عن جميل راتب؟

محمود صلاح

جميل راتب كان أول ظهور له فى فيلم "أنا الشرق"عام1956 مع النجم الكبير حسين رياض، وجورج بيض

توفى الفنان الكبير جميل راتب، صباح اليوم الأربعاء، عن عمر ناهز 92 عامًا، وشُيّعت جنازته ظهر اليوم من مسجد الجامع الأزهر.

نبأ وفاة راتب شهد ردود فعل عديدة فى وسائل التواصل الاجتماعى، ونعى الفنانَ الكبير عشرات من المشاهير..

نعت الفنانة اللبنانية نانسى عجرم، الفنان الكبير فى تغريدة على «تويتر»، قائلة: «خالص التعازي للشعب المصري والعربي في وفاة الفنان القدير #جميل_راتب، قيمة فنية كبيرة ومدرسة في التمثيل.. سنفتقدك كثيرًا».

ومن جانبه، عبّر النجم آسر ياسين عن حزنه على وفاة راتب، قائلًا: «حزين جدًّا لفراق #جميل_راتب.. يا رب ارحمه وصبّر أهله. #الفاتحة علي روحه».

ونعى أحمد حسام «ميدو» راتب قائلًا: «#جميل_راتب الله يرحمه واحد من الموهوبين الكبار، لا أنسى دوره العظيم في الكيف.. جيل لن يعوض..».

أما الفنانة هند صبرى فغردت: «كان لي شرف العمل معه في جنينة الأسماك. رُقِي وبساطة وإتقان وثقافة. من الفنانين النادرين الذين تحدوا الحدود وعملوا مع مخرجين عرب و عالميين، وبلغات و لهجات متعددة. الله يرحمه.. وداعًا الفنان العربي الكبير #جميل_راتب».

وقالت الفنانة لطيفة «فقدنا مدرسة كبيرة وفنانًا كبيرًا متميزًا في عطائه وفنه.. ألف رحمة على روح الفنان #جميل_راتب».

ونشرت الفنانة زينة كذلك نعيًا لراتب، قائلة: «البقاء لله فى وفاة الفنان الكبير #جميل_راتب، قيمة فنية كبيرة ومدرسة في التمثيل.. ربنا يرحمه يا رب.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. ادعوا له بالرحمة».

وقالت الفنانة حنان مطاوع عن راتب: «الله يرحمه.. فنان مصري عربي جميل وراقٍ ومثقف.. اللهم ارحمه وارحم أمواتنا جميعًا».

وعلقت الفنانة منى زكى على حسابها على «إنستجرام»، قائلة: «الله يرحمه، فنان عظيم وإنسان قمة في الاحترام».

أما الفنانة درة  فقالت «لن أنسى أول لقاء معك وأنا في بداياتي في فيلم الأولة في الغرام، وكم أنت متميز وكبير ومتواضع وخلوق وعاشق للفن.. الله يرحمه الفنان الممثل العالمي جميل راتب».

جميل راتب يعد من القامات البارزة فى تاريخ السينما المصرية والعالمية، فالفنان الراحل كان أول ظهور له فى فيلم «أنا الشرق» عام 1956، مع النجم الكبير حسين رياض وجورج أبيض، ثم جاء ظهوره المميز فى فيلم «لورانس العرب» مع الفنان عمر الشريف، ومنذ تلك الفترة بدأ الاثنان طريقهما للعالمية، وقدما نموذجًا رائعًا عن الفن العربي.

####

مخرج «الكيف» يحكى تفاصيل دور المعلم «سليم البهظ»

محمود صلاح

المخرج علِى عبد الخالق من المخرجين الذين حققوا نجاحًا كبيرًا، خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، وتحديدًا فى أفلام الثلاثية العظيمة (العار- الكيف- جرى الوحوش)، وحدث فى كواليس فيلم «الكيف» الكثير من الأحداث مع الفنان الراحل جميل راتب، التى يذكرها المخرج الكبير..

علاقتي بجميل راتب بدأت مع اختياري له فى دور «الأسطى رجب» فى فيلم «بيت بلا حنان»، ولم يكن راتب مقتنعًا بالدور، لدرجة أنه وصفه بأسوأ دور أداه على الشاشة، وعبر عن ضيقه أكثر من مرة للفنانة سناء جميل.

ويكمل عبد الخالق: عندما شاهد راتب دوره على شاشة السينما وردود الأفعال التى صاحبته، قال لى الدور كان عظيمًا «ومافيهوش غلطة»، ومنذ تلك اللحظة يثق فى اختياراتى.

ويستمر عبد الخالق فى سرد قصته مع جميل راتب، قائلًا: نجاح فيلم «العار» جعلنا نبدأ فى التجهيز لفيلم «الكيف»، ووقع الاختيار على راتب، ليقوم بدور تاجر المخدرات، وواجهنا مشكلة حقيقية تتلخص فى معاناة راتب فى نطق أغلب الكلام الذي يقوله، وعدم إدراكه معناه، وكنت أقوم بـ«ترجمة» كلمات الحوار حتى يفهمها، وكان يعود إلىَّ ويسألني دائمًا عن كل كلمة تقف أمامه.

مخرج «الكيف» تذكر أهم مشهد لا ينساه مع جميل راتب، فيقول: توجد جملة يقولها راتب تعليقًا على رفض يحيى الفخرانى أخذ حقنة الهيروين «تروح الشمس فين من على قفا الفلاح يا حبيبى، دى ساعة الطلق مُرة»، فسألته «جيمى، فاهم؟»، فرد: «فاهم يا علِى»، فسألته: «طيب، يعنى إيه طلق؟»، قال: «طلق يعنى لما حد يضرب واحد طاخ.. طاخ»!

المقال المصرية في

19.09.2018

 
 

اللهجة واللغة كفعل ثقافي في الأداء السينمائيّ

نديم جرجوره

لن يكون إتقانه لغات عديدة دافعاً وحيداً إلى تذكّره في أدوار عربية وأجنبية. إتقانه لهجات عربية جزءٌ من تربية ترتكز على فعلٍ ثقافي في مقاربة أدوار، وأداء شخصيات. لهجات عربية أقلّ عددًا من اللغات، لكنها (اللهجات) تأكيدٌ على حساسية تمثيلية تفترض بالممثل أن يتماهى بالشخصية، وبعوالمها المختلفة، فتُصبح لهجة تلك الشخصية حاجة فنية أساسية. أي أنّ إتقانه العربية باللهجة التونسية مثلاً فعلٌ قائمٌ بحدّ ذاته، يتساوى وحِرفية أداء تجعله يغوص في أعماق البنيان النفسي والروحي والانفعالي للشخصية.

بعد 31 يومًا على احتفاله بعيد ميلاده الـ92، يُعلَن عن رحيل جميل راتب (18 أغسطس/ آب 1926 ـ 19 سبتمبر/ أيلول 2018). ببلوغه عامه العشرين، يُصبح ممثلاً سينمائيًا. الشاشة الصغيرة مغرية له، كما خشبة المسرح. التمثيل أولاً، والإخراج تمرينٌ على اشتغالٍ تمثيلي، أو تلبية لنزوة اختبار. هذه لن تكون تفاصيل هامشية. هذه جزءٌ من شخصيته الحقيقية، هو المتمكّن من خوض تجارب تتناقض في ما بينها أحيانًا، كأنه محتاجٌ إلى حراكٍ دائم أمام كاميرا أو على خشبة. جزءٌ من تاريخه المرافق لتبدّلات في السياسة والاقتصاد والإعلام والاجتماع والإنتاج والمعرفة، ومن مشاركة ـ بشكلٍ أو بآخر ـ في توثيق التبدّلات تلك، تمثيلاً أو معاينة أو مراقبة. جزءٌ من مشاهدة حيّة لمراحل تبدأ من ملكية أصيلة وتنتهي بفرعونية مسطّحة أو مجتزأة أو مُشوّهة.

زمن طويل. عمل حافل بعناوين وأدوار وسينمائيين، وبشخصيات حقيقية محفورة أسماؤها في ذاكرة آدابٍ وفنون. ذات يوم، يُشاهده أندريه جيد (1869 ـ 1951) مؤدّيًا دورًا في "أوديب ملكًا" في باريس قبيل منتصف الأربعينيات. ينصحه الكاتب الفرنسي بدراسة فنّ المسرح، فينصاع للنصيحة. بعد أعوام قليلة، يدخل معترك التمثيل في السينما العربية والأجنبية. يقف إلى جانب بيرت لانكستر (1913 ـ 1994) في "أرجوحة" (1956) لكارول ريد (1906 ـ 1976). يُشارك في "شيشخان" (1992) للتونسيين محمود بن محمود (1947) وفاضل الجعايبي (1945)، ثم في "صيف حلق الوادي" (1996) للتونسي أيضًا فريد بو غدير (1944). 

هذه اختبارات لن تكون سهلة. مفتوحة هي على تنويع الأدوار، وتنويع الأداء. حركة الجسد وملامح الوجه أساسية في أداء جميل راتب. نبرة الصوت. نظرة العينين. تحريك اليدين والأصابع. هذا تمهيد لاكتشاف مسامِ الشخصية وروافدها المتأتية من الاجتماع والسلوك والتربية والثقافة والوعي. جميل راتب ماهرٌ في جعل هذا كلّه صورة متوقّدة بمشاعر وتأمّلات. ينهل من الواقع كي يجعل الشخصية واقعية وإنْ تكن غير حقيقية. كأنه يصنع الشخصية مُجدّدًا أمام الكاميرا، بعد كتابتها ورسمها في مخيّلة مخرج ومؤلّف ومنتج. هذا حاضرٌ في أفلام مصرية، تتفاوت أهميتها، لكنها تشترك معًا في حضور باهر لممثل راقٍ. أدواره التلفزيونية منبثقة من اختباراته اليومية. كأنه يُحصّن تقنياته من أي تسطيح ممكن، وإنْ تكن بعض الأفلام عادية، والتحصين نابعٌ من شغفه في تجريب أدوار وعملٍ مع مخرجين مختلفين. كأنه يُحصّن هذا كلّه برغبته العميقة في الذهاب بعيدًا بالشخصية إلى كلّ حافة ممكنة، أو إلى كلّ إبهار أكيد.

لن يتردّد جميل راتب عن تأدية دور مسؤول استخباراتي إسرائيلي، كما في "الصعود إلى الهاوية" (1978) لكمال الشيخ، وفيه تكشف مديحة كامل (1948 ـ 1997) عن مزيدٍ من سحرها في حضورٍ آسر. وهذا قبل أعوام على تأديته شخصية الرئيس محمد نجيب (1901 ـ 1984) في "جمال عبد الناصر" (1999) للسوري أنور القوادري (1953). دوران متناقضان تمامًا، يؤدّيهما ممثل متجانس مع حرفيته المتمكّنة من التنقّل بين تناقضات والتلاعب بها، فالتمثيل لعبة، والأداء مهنة، والأصالة تفترض بالممثل إعلاء شأن التمثيل لا الشخصية الحقيقية لحساب الصورة السينمائية.

يستحيل اختزال سيرته المهنية. هذا عالم قائم بحدّ ذاته. هذا تدريب للمُشاهد على امتلاك حساسية الدهشة، وإنْ خفتَ سطوع الدهشة أحيانًا، فرغم ذلك يبقى لجميل راتب أناقة رجل وأناقة ممثل وأناقة محترف وأناقة مُبتكر. وقبل هذا كلّه أو مع هذا كلّه: أناقة إنسان.

####

مسيرة تأخرت 30 عاماً

محمد جابر

في بداية الأربعينيات، كان حلم "الشاب" جميل راتب أن يكون ممثلاً سينمائياً؛ أعجبه كثيراً ذلك السحر الخارج من الأفلام التي شاهدها خلال طفولته ومراهقته، وكاريزما أساطير هوليوود مثل كاري غرانت وجيمس ستيوارت وكلارك غيبل، ويريد أن يصبح مثلهم، بل إنه شعر بأن الأمر قريب للغاية حينما حصل في الفترة نفسها على جائزة أفضل ممثل على مستوى المدارس في مصر بعد أدائه أدوارا مسرحية خلال المرحلة الثانوية، ولكن أتت العقبة الكبرى؛ عائلته الثرية التي رفضت أن يكون ابنها مجرد "مشخصاتي" في الأفلام، ودفعته لأن يذهب ليدرس الحقوق في فرنسا. تلك اللحظة ربما عطلت مسيرة جميل راتب كثيراً، لثلاثين عاماً ربما. 

صحيح أن حب السينما والأفلام والتمثيل لم يتوقف في قلبه لحظة، وصحيح أنه حين ذهب إلى فرنسا لم يدرس الحقوق، وانخرط في التمثيل بين المسرح والسينما لوقت طويل، ما أهّله بعد ذلك للمشاركة في بعض الأفلام الأميركية والإنكليزية بأدوار صغيرة؛ وأهمها على الإطلاق دوره في "لورانس العرب" مع المخرج ديفيد لين وأمام صديقه عمر الشريف عام 1962. كل هذا صحيح فعلاً، ولكن ما تعطل هو مسيرته مع السينما المصرية، تلك التي بدأت بعد أوانها بثلاثة عقود؛ وبدلاً من أن يكون ممثلاً شاباً يخطو مع الصناعة التي تزدهر في مصر منذ عام 1946 (وهو في العشرين من عمره) فقد بدأ فعلاً عام 1975، حين عاد من فرنسا، مقرراً الاستقرار في مصر، وهو في الخمسين من عمره. 

لحسن الحظ، لم تتأخر أبداً فرصة بروزه، فقد اختاره المخرج كمال الشيخ لدور رئيسي في فيلم "على من نطلق الرصاص" عام 1975 أمام سعاد حسني ومحمود ياسين، وبدأت الأدوار بعدها، تحديداً في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، تستغل ملامحه الوسيمة والأرستقراطية في حصره بدور العجوز القوي الشرير؛ مثل دور "أفندينا" في "شفيقة ومتولي" (1978)، أو "الشرنوبي" في "حب في الزنزانة" (1982)، "سليم البهظ" في "الكيف" (1985) أو "نبيه بيه" في "البداية" (1986)، وغيرها. ولكن الملفت فعلاً هو قدرة راتب على التنوع في أداء تلك الأدوار؛ ليس شريراً ذا نمط واحد، ولكنه يتلون مع الشخصية ويبحث في خلفيتها وتاريخها كما تعلم في المسرح الفرنسي. 

علاقة المصريين تغيرت بشكل كلي مع جميل راتب عام 1988، حين قام ببطولة مسلسل "الراية البيضا"، مع الكاتب أسامة أنور عكاشة، والمخرج محمد فاضل، مؤدياً دور "مفيد أبو الغار"، رجل الثقافة والسفير السابق الذي يدخل في صراع طوال العمل مع "فضة المعداوي" (سناء جميل في أجمل أدوارها)، إذ تحاول الاستيلاء على القصر الأثري الذي يعيش فيه، ويناضل "أبو الغار" للحفاظ عليه بكل ما يحمله من قيم. تعلق الجمهور بالطرفين، وأصبح "راتب" وجهاً مألوفاً ومفضلاً وقريباً للناس. 

يظهر ذلك الأثر في تغير نوعية أدواره منذ تلك اللحظة، فبدلاً من "الشرير" المتلوّن صارت أدواره أكثر لطفاً وقرباً، وكذلك ميله للتلفزيون أكثر من السينما، ربما لأن صناعة الأفلام كانت مترنحة عموماً في التسعينيات، فقدم أدواراً جميلة في مسلسلات "ضمير أبلة حكمت" (1991)، "زيزينيا" (1997)، وكلاهما مع عكاشة، ودوره الأشهر "أبو الفضل" والد "ونيس" في أجزاء مسلسل "يوميات ونيس" الخمسة على مدى عقد التسعينيات. أما سينمائياً، فكان الأثر الأكبر هو دوره اللافت في فيلم "عفاريت الأسفلت" (1996)، حين اختاره المخرج أسامة فوزي في شخصية أبعد ما تكون عن سماته الشكلية وأدواره السابقة، بدور "الأسطى عبد الله"، سائق الميكروباص الذي لا يخاف الموت ويعيش عابثاً ومحباً للحياة. ورغم أن الفيلم أقل شهرة من أدوار كثيرة لـ"راتب" إلا أنه قد يكون دوره الأجمل طوال مسيرته. 

مع سنين الألفية كان راتب قد وصل إلى الثمانين من عمره، صار أكثر مرضاً وتعباً، لم يعد قادراً على أداء أدوار معقدة، وإن ظل محتفظاً بملامح ودودة وابتسامة وروح يرتبط بها الجمهور، تظهر كل حين وآخر في "الساحر" (2001)، أو "الأولة في الغرام" (2007)، أو ثلاثة أجزاء جديدة من "يوميات ونيس"، وصولاً إلى حضوره الأخير في مسلسل "بالحجم العائلي" أمام يحيى الفخراني (2018)، في دور أخير أقرب ما يكون إليه في تلك اللحظة؛ رجل عجوز وهَرم وحكيم في التسعين من عمره، عاش حياة صاخبة وجميلة، وأحبه الجميع.

####

جميل راتب: تلك الحياة التي أحبّها

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

حالة من الحزن الشديد سيطرت على الجمهور العربي بعد وفاة الفنان القدير جميل راتب، الذي فارق دنيانا عن عمر 92 عاما، قضى سنواته الأخيرة منها يعاني من أمراض الشيخوخة، إذ تدهورت حالته الصحية في الأسابيع الماضية وظل متنقلاً بين المستشفيات في باريس ومصر بعد عدم قدرته على الحديث بشكل طبيعي، نظراً لانخفاض صوته وإقرار الأطباء بعد إجراء الفحوصات أن صوته لن يعود مجدداً مثلما كان. 

كان لجميل فلسفة خاصة في الموت؛ فلم يخف منه يوماً بل كان ينتظره بشغف ليرتاح، فقد سبق أن وصفه بأنه راحة من كل المشاكل الحياتية، مثل المرض وكبر السن، مشيراً إلى أنه راضٍ مؤخراً عن حياته، لكن رضا من دون حب، وطالب راتب في وصيته التي أعلنها مدير أعماله هاني التهامي، عدم إقامة عزاء له والاكتفاء بإقامة الجنازة فقط. 

أقر جميل أنه يخاف من الموت معذَّباً بمرض، وأوضح أن الموت سيقرّبه من محبيه ممن فقدهم، مثل والده وأصدقائه وكثيرين ممن يحبهم، وأنه سيكون بمثابة لقائهم والعيش معهم ولكن بشكل مختلف، فهو المجهول بالنسبة له الذي ليس لديه تفسير واضح. 

بعيداً عن الموت ورأي راتب الخاص به، فكان محباً للحياة التي عاشها قبل أن تتسلل الشيخوخة إلى جسده، فكان له مشوار طويل مع الفن بدأه وهو شاب هاوٍ في جامعة الحقوق الفرنسية في مصر، ثم سافر إلى فرنسا لتكملة دراسته لرفض أسرته تماماً أن يدرس التمثيل والعمل به من دون أن تكون لديه شهادة أخرى أساسية، مثل تفكير كثير من العائلات وقتها، وذلك يعود إلى عدم إيمانهم بالتمثيل الذي اعتبروه "عيباً"، فاضطر إلى أن يسافر إلى فرنسا لاستكمال دراسة الحقوق، وفي الوقت ذاته دراسة التمثيل لإرضاء ميوله. لكن لم يستطع جميل استكمال دراسة الحقوق والسياسة، فلم يسجّل حضوراً في الكلية سوى ليوم واحد فقط، حيث كان عالم التمثيل يناديه ويجتذبه بكل قوته، فالتحق بأحد معاهد التمثيل الخاصة في فرنسا، ولكن مع هذا القرار حدثت مشاكل بينه وبين أسرته فتوقفوا عن توفير المال له، فلم يجد الفنان من حل أمامه سوى أن يعمل في فرنسا طيلة الوقت ليستطيع سداد مصروفاته الدراسية، وكذلك الإنفاق على احتياجاته اليومية. فقبِل العمل ككومبارس في بعض الأفلام الفرنسية بعد حالة النشاط الفني التي شهدتها البلاد من تمثيل وإخراج وكتابة، وذلك بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، كما كان يتم الاستعانة به أحياناً في الترجمة. وعمل في المقاهي، وحمالاً في سوق الخضراوات في أحد ضواحي فرنسا، واقترب جميل من عالم بسيط كان يجهله تماماً، فتعلم الكثير من هؤلاء البسطاء الذين كان يجمعهم هدف واحد وهو حماية أنفسهم من الزمن بالعمل، وكان الفن في فرنسا مختلفاً، فالفنان كان على عاتقه مهمة خدمة المجتمع بأي شكل ومختلف الطرق، ولا يقتصر دوره فقط على الوقوف أمام الكاميرات. 

لم يحب جميل راتب حياة الأرستقراطية التي نشأ فيها، فكانت ميول ذويه وأفكارهم لا تليق بالعالم البسيط الذي اختاره لنفسه، ونفى كثيراً أن يكون والده أو والدته أجنبيين، بل أوضح أنهما مصريان، وعمته كانت السيدة هدى شعراوي، ووالده وأعمامه شاركوا في الثورة ضد الاحتلال البريطاني عام 1919. 

كان المسرح الذي ابتعد عنه سنوات طويلة، بمثابة العشق له، فلطالما وقف على خشبته في فرنسا منذ عام 1946، وقدم أدواراً مهمة وصلت إلى البطولة المطلقة، وذلك لصوته المميز ولغته الفرنسية التي كان يتقنها، فقدم في فرنسا عدداً كبيراً من العروض المسرحية مثل "سوء تفاهم" و"قفزة الموت"، وقدم خمس مسرحيات لشكسبير، وانتقل جميل راتب للعمل بالسينما في فرنسا منذ عام 1955 بأدوار ثانوية، وكان أول فيلم في فرنسا يشارك فيه هو "ترابيز"، ثم قدم عدة أفلام، حتى جاءه فيلم "لورانس العرب" مع المخرج ديفيد لين، وفتح له هذا العمل أبواب السينما الفرنسية، وقدم شخصية "ماجد"، وشاركه الفيلم الفنان الراحل عمر الشريف، ثم توالت أعماله العالمية. 

وبعد سنوات طويلة، تحديداً عام 1974، عاد جميل راتب إلى مصر، ونظراً إلى عدم وجود فنانين قديرين وقتها، يقدمون أدوار الشر مثل الفنان الراحل محمود المليجي، أو لرحيل آخرين، فكانت الفرصة جيدة للفنان الراحل أن تفتح السينما المصرية أبوابها له، فقدم دور بطولة مطلقة في فيلم "ولا عزاء للسيدات" مع الفنانة فاتن حمامة والمخرج بركات، وتوالت أعماله السينمائية كبطل، وقدم أفلاماً مهمة في تاريخ السينما المصرية مثل "شفيقة ومتولي" مع سعاد حسني، و"وداعاً بونابرت" للمخرج يوسف شاهين، و"جنينة الأسماك" و"ليلة البيبي دول"، وغيرها، وقدم كذلك أعمالاً تليفزيونية عديدة مهمة مثل "أحلام الفتي الطائر" مع عادل إمام و"زينب والعرش"، و"ضمير أبلة حكمت" مع فاتن حمامة، و"زيزينيا" و"رحلة المليون" و"الراية البيضا"، وعلى الرغم من شهرة هذا العمل الذي قدمه أمام الفنانة القديرة الراحلة سناء جميل، إلا أن جميل لم يستمتع بالتمثيل فيه مثلما اعترف في لقاء له، إذ أكد أن الدور الذي جسّده كان قريباً للغاية من شخصيته الحقيقية، وهو يفضّل عمل شخصية بعيدة تماماً عنه حتى تأخذ مجهوداً، مشيراً إلى أنه يحب الشخصيات الصعبة التي تحتاج إلى تحضيرات طويلة وينفصل فيها تماماً عن ذاته. وفي أواخر التسعينيات سافر إلى تونس وقدم هناك بعض الأفلام مثل "حلق الوادي" و"شيش خان"، وأعمال أخرى عديدة دفعت الرئيس التونسي قايد السبسي إلى منحه وسام الاستحقاق الوطني عام 2016.

العربي الجديد اللندنية في

20.09.2018

 
 

تعرف على أبرز أعمال الراحل جميل راتب العالمية

منة الله يحيى

رحل عن عالمنا صباح أمس الأربعاء، الفنان القدير جميل راتب عن عمر يناهز الـ 92 عاما، بعد صراع مرير مع المرض فى سنواته الأخيرة، وقد أفنى راتب حياته عاشقا لفنه، حيث قدم مشوارا حافلا فى مسيرة السينما والدراما المصرية، فيعتبر النجم جميل راتب واحد من أهم فنانى الزمن الجميل، عشق مهنة الفن منذ صغره واستطاع أن يحظى بمكانة كبيرة وسط جمهوره.

وقدم الفنان الراحل ما يقرب من سبعة أفلام فرنسية على مدار مشواره العالمى، ومن أشهر الأفلام التى قدمها فى السينما المصرية "حب فى الزنزانة، والعبقرى خمسة، وعلى بيه مظهر، والأربعين حرامى، والبرىء والكيف، وكانت بداية راتب الفعلية فى بطولة الفيلم "أنا الشرق" عام 1946، ولعبت دور البطولة الممثلة الفرنسية كلود جودار وكان معها الفنان جورج أبيض وحسين رياض وتوفيق الدقن، وبعد ذلك انطلق جميل راتب إلى العالمية، وهذا يرجع بالتأكيد إلى أن راتب استطاع أن يتقن مختلف اللغات، هذا بالإضافة إلى أن زوجتة فرنسية الأصل، وهذا بالطبع مكانه من التألق إلى السينما العالمية .. فإليكم أبرز أفلامه العالمية:

"لورانس العرب":

شارك الفنان الراحل جميل راتب فى بطولة فيلم "لورانس العرب" عام 1962، وهو من إخراج المخرج البريطانى العالمى ديفيد لين، وإنتاج سام سبيجل وبطولة بيتر أوتول بدور لورنس وعمر الشريف بدور الشريف على، كما قام الراحل جميل راتب بدور ماجد، وأنتونى كوين بدور عودة أبو تايه وأليك غينيس بدور الأمير فيصل.

يحكى الفيلم قصة الملازم الإنجليزى "لورنس" الذى يكلف بمهمة من قبل السلطات البريطانية بمعاونة العرب بقيادة الشريف الحسين بن علي وابنه الملك فيصل فى حربهم لتحرير جزيرة العرب من حكم الخلافة الإسلامية العثمانية ويلقي الفيلم لمحة على حال العرب في تلك الفترة.

فيلم صيف حلق الوادى:

صيف حلق الوادى Un été à La Goulette ،هو فيلم تونسى فرنسى من إنتاج عام 1996 وهو ثانى فيلم روائى طويل للمخرج فريد بوغدير، وقد شارك فى بطولته الراحل جميل راتب، بجانب كل من سنية المنقعى، مصطفى العدوانى وأفا كوهين وكلوديا كاردينال وميشال بوجناح وإيفو سلرنو وغى ناتاف، ويبرز الفيلم التعايش بين عائلة مسلمة وأخرى كاثوليكية وأخرى يهودية، وتقرر 3 مراهقات إقامة أول علاقة جنسية لها مع شاب من ديانة أخرى غير ديانتها.

وداعا بونابارت:

"وداعا بونابارت" هو فيلم للمخرج المصرى يوسف شاهين، وهو إنتاج مصرى فرنسى مشترك، طرح عام 1985، وشارك فى بطولته ممثلين مصريين وفرنسيين، كان أبرزهم جميل راتب، ميشال بكول، محسنة توفيق، باتريس شيرو وتحية كاريوكا وصلاح ذو الفقار.

وتدور أحداث الفيلم فى أثناء الحملة الفرنسية على مصر حول عائلة مصرية لديها ثلاث أبناء أكبرهم يناضل ضد الحملة الفرنسية والثانى يتعرف على أحد جنرالات الجيش الفرنسى مما يسمح له تعلم اشياء جديدة.

Trapeze 1956

شارك ايضاً الراحل جميل راتب فى بطولة فيلم Trapeze عام 1956، وهو فيلم دراى رومانسى من إخراج كارول ريد، وتأليف مالكولم أرنولد، كما قام بإنتاجه برت لانكستر وجيمس هيل، وشارك جميل فى البطولة كل من جينا لولو بريجيدا، برت لانكستر، توني كرتيس و جيرارد لاندرى.

To Commit a Murder 1967

شارك أيضاً الراحل جميل راتب فى بطولة فيلم To Commit a Murder عام 1967، وهو فيلم فرنسى من إخراج إدوارد مولينارو، وشارك فى بطولته لوس جوردان وسينتا بيرغر والعالمى برنارد بلاير.

اليوم السابع المصرية في

20.09.2018

 
 

جنازة هادئة في وداع جميل

مني شديد

في هدوء تام رحل الفنان الكبير جميل راتب عن عالمنا صباح أمس عن عمر يناهز‏92‏ عاما بعد صراع مع المرض الذي أدي إلي فقدانه لصوته في الآونة الأخيرة‏,‏ وأقيمت له جنازة صغيرة بحضور أسرته وعدد قليل من محبيه خرجت من الجامع الأزهر بعد صلاة الظهر إلي مرقده الأخير في مدافن الأسرة بمنطقة المجاورين‏.‏

واقتصر الحضور من أبناء الوسط الفني علي نقيب المهن التمثيلية الفنان أشرف زكي, الفنان عزت العلايلي, سلوي محمد علي, مجدي صبحي, الفنان الكبير محمد صبحي الذي بكي تأثرا لفراق والده الروحي الذي عرف في سلسلة ايوميات ونيسب بـاأبو الفضلب والد ونيس, والجد الطيب الحنون, كما حضر د.خالد عبد الجليل الجنازة نيابة عن وزيرة الثقافة د.إيناس عبد الدايم. وأصرت أسرة جميل راتب علي أن تكون الجنازة بدون أضواء وبعيدة عن الاهتمام الإعلامي, بناء علي وصيته الأخيرة بأن تكون جنازته هادئة وبحضور محبيه فقط

ولهذا منعت الأسرة الإعلاميين والكاميرات من الدخول للجامع الأزهر أثناء صلاة الجنازة أو تصوير النعش تليفزيونيا, ورفضوا الإعلان عن مكان الدفن حتي لا يلحق بهم أحد, وكان الفنان محمد صبحي هو الفنان الوحيد الذي صاحب النعش حتي وصوله للمدافن ثم رحل فورا قبل أن تلحق به الكاميرات أو يلحق به المعجبون الذين يسعون لالتقاط الصور.

من الكوميدي فرانسيز إلي االحجم العائلي

عاش الفنان الراحل جميل راتب حياة فنية ثرية لا يعرف منها البعض إلا وجه واحد وهو الأعمال الفنية التي شارك بها في مصر, وترك فيها بصمة خاصة ميزته عن باقي النجوم علي الرغم من أنه لم يسع يوما للنجومية أو أن يكون ممن يعتبرون أنفسهم نجوم الصف الأول, فكانت محبته في القلوب ومكانته المميزة لدي محبيه نتيجة لأدائه التمثيلي الفذ والبساطة في كل شيء التي تعلمها من الحياة في أوروبا والوجه الآخر لمسيرته الفنية التي بدأت في فرنسا من مسرح الكوميدي فرانسيز.

جميل أبو بكر راتب ابن لعائلة أرستقراطية من أب مصري وأم صعيدية هي ابنة شقيق هدي شعراوي ولد في عام1926, درس في مدرسة الحقوق الفرنسية في مصر ثم سافر إلي فرنسا لاستكمال دراسته الجامعية هناك بعد الحرب العالمية الثانية, وكانت أسرته قد أرسلته إلي هناك ليدرس الحقوق والسياسية لكنه تمرد علي هذا عندما جذبه الفن نتيجة لزيادة الاهتمام بالفن والثقافة في فرنسا في هذا التوقيت فقرر دراسة التمثيل واضطر للعمل في مهن مختلفة لينفق علي نفسه أثناء الدراسة بعد غضب أسرته من قراره ومن بين هذه المهن كومبارس, ومترجم, وجرسون في قهوة, وأيضا حمال في سوق الخضار.

رسم جميل طريقه للفن وعمل مع عدد من الفرق المسرحية الصغيرة في فرنسا, وتحسن أداؤه تدريجيا, إلي أن أصبحت تعرض عليه أدوار مهمة مع فرق كبيرة, قبل أن ينضم لفرقة الكوميدي فرانسيز أكبر فرقة مسرح في فرنسا, وشارك في مسرحيات كبيرة لشكسبير وموليير, وسمع عنه سليمان بك نجيب الذي كان وقتها مديرا لدار الأوبرا فطلب حضوره مع الفرقة الفرنسية التي كانت الأوبرا تستعد لاستضافتها في1952, وبعد أن كان كومبارسا في أول أفلامه في فرنسا عشاق بونت سان جان في1947, شارك بدور مميز مع جينا لولو بريجدا وبيرت لانكستر وتوني لي كيرتس في الفيلم الأمريكي ترابيز في1956, وفي العام ذاته شارك في فيلم مصري ـ فرنسي بعنوان أنا الشرق للمخرج عبد الحميد زكي شارك في بطولته جورج أبيض وحسين رياض وتوفيق الدقن, وملكة الجمال الفرنسية كلود جودار.

وشارك في العديد من الأفلام العالمية بعد ذلك من بينها مغامر الشانزليزية في1957, ومع عمر الشريف في لورانس العرب عام1962, وغيرها, ثم عاد إلي مصر وشارك في بطولة العديد من الأفلام بداية من منتصف سبعينيات القرن الماضي من بينها علي من نطلق الرصاص وكفاني يا قلب, ولا عزاء للسيدات, وحب في الزنزانة, والبداية, وطيور الظلام.

واشتهر ببعض الشخصيات مثل البهظ بيه تاجر المخدرات في فيلم الكيف مع محمود عبد العزيز ويحيي الفخراني, وعميل الموساد ادموند في الصعود للهاوية مع محمود ياسين ومديحة كامل, والمحامي الذي يتحول لديكتاتور في فيلم البداية, وأفندينا في شفيقة ومتولي.

وتعددت أيضا أدواره المميزة وبصماته الواضحة في الأعمال الدرامية ومنها أدواره مع محمد صبحي مثل لطفي بيه في رحلة المليون وسنبل بعد المليون, ثم الجد أبو الفضل في سلسلة يوميات ونيس, ولا أحد ينسي مفيد أبو الغار غريم فضة المعداوي في الراية البيضا الذي يشبه كثيرا شخصية جميل راتب الحقيقية, والخواجة دليورنزي في زيزينيا, وكذلك أدواره أمام فاتن حمامة في ضمير أبله حكمت ووجه القمر, وعلي الرغم من مرضه وحالته الصحية إلا أنه كان حريصا علي الظهور بشكل مستمر, كما كان العديد من النجوم حريصين علي مشاركته لهم في أعمالهم حتي ولو بمشهد واحد فقط, ولهذا كان آخر ظهور له في رمضان الماضي مع الفنان يحيي الفخراني بمشهد وحيد كضيف شرف في مسلسل بالحجم العائلي.

####

جميل راتب في آخر حواراته مع الأهرام المسائي:

تمنيت تجسيد شخصية جمال عبد الناصر أو عبد الحكيم عامر والسن منعني

مشاهدة جميل راتب علي الشاشة متعة غير عادية, لكن الحديث معه والتعرف علي عقليته له متعة أكبر, خلال العامين الماضيين حصل الراحل علي أكثر من تكريم من جهات مختلفة; حيث كرمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي, ومهرجان الأقصر للسينما الإفريقية, ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورة العودة عام2016

وحظت كاتبة هذه السطور بالفرصة لمحاورته مرتين خلال عامين متتالين, كانت المرة الأولي قبيل تكريمه في مهرجان المسرح عام2016, ولم تكن صحته وقتها قد تدهورت بالقدر الذي كان عليه خلال الشهور الأخيرة من حياته التي افتقد فيها القدرة علي التركيز وفقد صوته تدريجيا, كان الحوار في منزله بالزمالك, وجلس راتب علي مقعده المفضل يرتشف القهوة, محاولا التمسك بهدوئه المعتاد علي الرغم من غضبه من الصوت العالي الذي يصدره بعض عمال الصيانة في الشقة المجاورة ويعكر عليه صفو مزاجه, والمرة الثانية كانت في كواليس مهرجان الأقصر الإفريقي أثناء تكريمه في الدورة الأخيرة, وفي هذه السطور ننشر أجزاء من حوارنا وتفاصيل لم تنشر.

سرد جميل راتب في حواراته مع الأهرام المسائي الكثير من الذكريات عن مشواره الفني الطويل وأعماله في المسرح الفرنسي; حيث كان عضوا في العديد من الفرق المسرحية, وشارك في اكتشاف عدد من أهم صناع المسرح في العالم, مثل: يوجين يونسكو وجان أنوي, وصامويل بيكيت, ثم انتقل إلي أهم فرقة مسرحية في فرنسا وهي الكوميدي فرانسيز, مشيرا إلي أنه لم يقدم الكثير من التجارب في المسرح المصري علي عكس رصيده المسرحي الكبير في فرنسا.

وقال: إنه كان محظوظا بالتواجد في فرنسا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية, فهي فترة مهمة جدا في تاريخ المسرح; حيث ظهر في أعقاب الحرب عدد من المؤلفين الجدد, بالإضافة إلي المؤلفين الذين بدأوا في شق طريقهم في نهاية الحرب, وازدهرت حركة المسرح بشكل عام, وزادت الفرق المسرحية, وكان من أهمها فرقة جون فيلار, التي قدمت الأعمال الكلاسيكية بطريقة جديدة, وتعتبر من أشهر الفرق الفرنسية في ذلك الوقت, وشارك معهم في عدد من الأعمال, كما شارك في أعمال مهمة مع جان أنوي, ويونسكو, بالإضافة إلي كثير من المخرجين الذين بدأوا في فرنسا إبان هذه الفترة مثل: صامويل بيكيت الذي كتب في انتظار جودو مما دفع بازدهار حركة مسرحية اهتم صناعها بالأحوال الاجتماعية والسياسية, مشيرا إلي أنه تعلم في هذه الفرق أن الممثل ليس مجرد صورة في الصحف وإنما لا بد أن يكون له دور ثقافي واجتماعي.

وانتقد جميل في حوارنا اهتمام الكثير من الفنانين بالمظاهر أكثر من اهتمامهم بقضايا المجتمع, مشيرا إلي أن الفنان لا بد أن يكون مهتما بالسياسة وقضايا المجتمع, وله دور ورؤية, وأن يكون مثقفا حتي يستطيع أن يخلق لذاته تفاصيل تساعده علي العمل, إلا أن هذا لم يعد موجودا في الوسط الفني الآن إلا بين نسبة ضئيلة من المخرجين والممثلين الرجال بينما ينصب اهتمام أغلب الفنانات علي المظهر, والقليل من الفنانين الشباب لديه ثقافة ووعي حقيقي.

وأضاف أنه عاد إلي مصر في إجازة عام1977, واستغل كرم مطاوع هذه الإجازة, وأسند إليه بطولة عرض دنيا البيانولا, مشيرا إلي أن صلاح جاهين رشحه بعد ذلك لعدد من المخرجين في السينما والمسرح; حيث إنه كان من أعز أصدقائه, وكان انشغاله بالسينما والتليفزيون سببا في ابتعاده عن المسرح المصري, مؤكدا أنه قدم بعض التجارب المسرحية في مصر التي كانت عزيزة جدا علي قلبه مثل رقصة الموت التي قدمتها باللغة الفرنسية مع العظيمة الراحلة سناء جميل في فرنسا ومصر, وكذلك مسرحية زيارة السيدة العجوز التي أخرجها لهما محمد صبحي.

وأكد أنه لم يكن مهتما بأصوله الأرستقراطية علي الإطلاق, فعندما ذهب إلي فرنسا مر بتجربة تعلم منها الكثير; حيث عمل في البداية في سوق الخضار حتي يستطيع أن ينفق علي نفسه, وفي هذه الفترة تواصل مع وسط اجتماعي لم يكن من الممكن أن يعرف عنه أي شيء, وكان كل من يعيشون فيه لهم هدف واحد موحد وهو العمل للحصول علي المال الذي يكفل لهم الحياة, وتعلم وقتها وأدرك الكثير من الأمور عن الحياة الاجتماعية, وتغيرت نظرته للعالم انظر وفتح أبواب جديدة في عقله وأفكار عن هذا المجتمع الذي تواصل معه عن قرب.

وعن الأدوار التي تمني تقديمها ولم تتح له الفرصة, قال جميل: إنه نجح في تقديم دور عطيل في تونس وكان يتمني أن يقدمه علي خشبة المسرح في مصر ولكن للأسف لم يتحقق ذلك, وبالنسبة للأدوار السياسية كان يتمني تقديم شخصية عبد الحكيم عامر في فيلم عن جمال عبد الناصر عرضه عليه المخرج أنور القوادري الذي شارك معه في أكثر من عمل, لأنه كان يعتبر عامر شخصية شكسبيرية تراجيدية, لكن المخرج رفض لأنه كان وقتها أكبر سنا من طبيعته ولهذا أسند إليه دور الرئيس الراحل محمد نجيب لأنه الأقرب إليه سنا ذلك الوقت مشيرا إلي أنه كان يتمني أيضا تجسيد شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, وعلي الرغم من عدم تحقق هذه الأمنيات إلا أنه سعيد بالأدوار التي قدمها علي مدار تاريخه لأنها كانت غنية ومختلفة جدا, ولأن الممثل الذي يشعر بالدور ويعيش فيه, فإن متعته في أنه يعيش حيوات مختلفة مع كل دور.

وأكد أن المخرج صلاح أبو سيف كان واحدا من أكثر المخرجين الذين استمتع بالعمل معهم في فيلم البداية رغم أنه كان حائرا طوال التصوير ولا يعرف إذا كان أبو سيف راضيا عن أدائه أم لا ولكن في ليلة افتتاح عرض الفيلم فوجئ بتمثال لشخصيته أمام باب دار العرض وصورته تتصدر التترات رغم أنه لم يكن الاسم الأول علي الأفيش وتسبقه يسرا, بينما كان هو الاسم الرابع, بينما قال عن فاتن حمامة إنها كانت ممثلة عظيمة تبحث عن المثالية في كل التفاصيل, ومضيفا أن النجم أنطوني كوين كان الداعم الأكبر له ولموهبته وأوصي عددا من المخرجين بإسناد أدوار مهمة له, واكتشف في إحدي المرات أن السبب الأساسي في حصوله علي أجر مرتفع هو توصية أنطوني كوين, ورفض عرض المنتج عندما علم بذلك.

####

ابن الذوات الذي احترف التمثيل

أحمد عبد المقصود

جميل راتب ممثل من مصر له مواهب عديدة ولسوف يلمع ويلمع حتي يصبح شيئا كبيرا في عالم التمثيل كانت هذه الجملة التي كتبها أحد كبار النقاد الفرنسيين للفنان الشاب ذلك الوقت كافية لأن تكون دافعا له لأن يبذل مجهودا كبيرا لكي يثبت نفسه ويكون واحدا من كبار النجوم, كما أنها كانت كافية أيضا أن تخرجه عن طبيعته الهادئة والحادة أيضا فما كان في وسعه إلا أن رقص فرحا بالكلمات القليلة التي كتبت عنه والتي تشير إلي أن ما يقوم به أدي إلي نتيجة إيجابية وأنه في طريقه الصحيح إلي الشهرة. بدأ جميل راتب يتحسس أولي خطوات التمثيل وهو في السابعة عشرة من عمره حينما كان طالبا بمدرسة الليسيه من خلال التحاقه بفرقة الهواة التي كانت مهمتها الترفيه عن جنود الحلفاء

وظل يجمع بين الدراسة والتمثيل حتي السنة النهائية من المرحلة الثانوية ثم التحق بكلية الحقوق الفرنسية, وسنحت له الفرصة في القيام بدور صغير أمام الفنانة ماري منيب وأعجبته الفكرة وأصر علي مواصلة رحلة التمثيل حتي إنه قرر ترك الكلية والتفرغ إلي التمثيل وقتها لاقي اعتراضا من الأسرة التي كانت تنظر إلي مهنة التمثيل علي أنها لا تناسب وضع أسرته الأرستقراطية, ولكنه قرر أن يثبت لهم عكس ذلك التحق بأحد معاهد التمثيل وظل فيه لمدة ثلاثة أعوام وكان موضوع امتحان السنة الأخيرة دور رجل روسي في مسرحية الجريمة والعقاب الطريف أن كبير الممتحنين بعد أن أدي الدور ببراعة سأله طبعا أنت روسي الأصل فأجابه جميل أبدا أنا مصري من أب وأم مصريين.

قرر جميل أن يسافر إلي فرنسا ليبدأ من هناك رحلته الحقيقية مع الفن وبدأ بالعمل كواحد من الكومبارس كان يجلس علي مقهي في ميدان فيكتور هيجو بفرنسا يدخن السجائر, وتعلم في هذه المرحلة ثلاث نقاط تمثل مراحل انتقاله في سلم النجومية وهي الكفاح للظهور ثم الكفاح للوصول للشهرة وأخيرا الكفاح للإبقاء علي الشهرة.

ونشرت مجلة آخر ساعة في هذا الحين مقالا عن الفنان الراحل بعنوان ابن الذوات الذي احترف التمثيل في باب مصريون في الخارج, قال فيه مراسل المجلة في باريس: علي رصيف مقهي صغير في باريس شاب متوسط القامة يجلس ليراقب مستقبله بين حلقات الدخان التي ينفثها من سيجارته ثم يروي قصته مع التمثيل منذ كان طالبا حتي سافر إلي فرنسا.

الأهرام المسائي في

20.09.2018

 
 

وفاة الممثل المصري العالمي جميل راتب عن عمر 92 عاماً

القاهرة – «القدس العربي»:

أعلن التهامي هاني، مدير أعمال الممثل الراحل، وفاة الممثل المصري جميل راتب صباح أمس الأربعاء عن 92 عاماً. 

وأضاف أن صلاة الجنازة ستنطلق من مسجد الأزهر الشريف. وخلال الفترة الأخيرة، عانى جميل راتب من المرض، وأمضى فترة علاج في فرنسا. وقد فقد صوته بالكامل بسبب تقدمه في العمر. 

ولد الراحل في القاهرة لأب مصري مسلم وأم مصرية صعيدية، هي إبنة أخ الناشطة المصرية هدى شعراوي، وليس كما يشاع أنه من أم فرنسية.

أنهى التوجيهية في مصر وكان عمره 19 عاماً، دخل مدرسة الحقوق الفرنسية وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته. وفي بداية الأربعينات حصل على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر. وكان فيلم «الصعود إلى الهاوية» نقطة التحول الرئيسية في مشواره مع السينما المصرية. 

البداية الفنية كانت في مصر عندما شارك عام 1946 في بطولة الفيلم المصري «أنا الشرق» الذي قامت ببطولته الممثلة الفرنسية كلود جودار مع نخبة من نجوم السينما المصرية في ذلك الوقت منهم: جورج أبيض، حسين رياض، توفيق الدقن، سعد أردش. بعد هذا الفيلم سافر إلى فرنسا ليقدم عدة اعمال مع كبار الفنانين قبل أن يعود إلى القاهرة ويشارك في أعمال سينمائية وتلفزيونية مختلفة منها: 
«زيزينيا» – جزآن 1997 – 2000، مع يحيى الفخراني، تأليف أسامة أنور عكاشة، «أحلام فستق» 1997، «ضد التيار» 1997، «التؤام» 1997، «شباب رايق جدا» 1998، «وجه القمر» 2000، «الأصدقاء» 2002 مع صلاح السعدني وفاروق الفيشاوي ومحمد وفيق ونرمين الفقي.«فارس بلا جواد» 2002 مع محمد صبحي، «رحلة العمر» 2003، «حد السكين» 2003 مع عبلة كامل، «مسألة مبدأ» 2003 مع إلهام شاهين.»وهج الصيف» 2004، «المرسي والبحار» 2005 مع يحيى الفخراني، «أنا وهؤلاء» 2005 مع محمد صبحي ومجدي صبحي، «طعم الأيام» (تأليف – محمد حلمي هلال)، «عايش في الغيبوبة» 2006 مع محمد صبحي ومجدى صبحي، «القاهرة ترحب بكم» – عام 2005 مع فيدرا ورندا البحيري (تأليف محمد حلمي هلال)، «كشكول لكل مواطن» 2006 مع صابرين، «أصعب قرار» 2006 مع شيرين سيف النصر، «عفريت القرش» 2006 مع بوسي وفاروق الفيشاوي، «سر السماء» 2006 مع جمال عبدالناصر، «همس الجذور» 2011، و«أبواب الخوف» 2011.

تزوج من فتاة فرنسية كانت تعمل في التمثيل الذي اعتزلته، بعد ذلك تفرغت للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ثم مديرة مسرح الشانزليزيه. وتعيش في باريس، وعندما كان يذهب الراحل إلى باريس كان يقوم بزيارتها في بيتها الريفي لأنهما شبه منفصلين منذ فترة، ولكنه كان يكن لها احتراماً وتقديراً.

القدس العربي اللندنية في

20.09.2018

 
 

الموت يغيّب الفنان المصري جميل راتب

وزارة الثقافة المصرية تنعى الممثل الراحل جميل راتب، وتصفه في بيان بأنه "أحد العلامات البارزة في تاريخ السينما المصرية".

القاهرة – قال التهامي هاني مدير أعمال الفنان المصري جميل راتب إن راتب توفي الأربعاء عن عمر ناهز 92 عاما بعد صراع طويل مع المرض.

ونشر مدير أعمال الفنان المصري على صفحته الرسمية على فيسبوك تسجيل فيديو، قال فيه “البقاء لله.. انتقل عن دنيانا الفنان الجميل جميل راتب الأربعاء”. وأقيمت صلاة الجنازة ظهر الأربعاء في مسجد الأزهر بالقاهرة، مشيرا إلى أن راتب طلب ألاّ يقام له عزاء.

ولم يحضر جنازة الفنان الراحل من نجوم الفن سوى أشرف زكي نقيب الممثلين المصريين، والفنان عزت العلايلي، والفنان عبدالعزيز مخيون، والفنانة سلوى محمد علي، والفنان محمد صبحي، فيما أنابت إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية، خالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة للسينما ورئيس المركز القومي للسينما لحضور الجنازة. ويأتي غياب الفنانين للجنازة مخيبا لوصية وأمنية الفنان الراحل، الذي تمنى حضور كبار النجوم لجنازته، وأبدى عدم رغبته في إقامة عزاء.

وتعرض راتب لوعكة صحية خلال يوليو الماضي، وتم نقله إلى أحد المستشفيات بالعاصمة المصرية القاهرة، قبل أن يسافر إلى باريس في محاولة لاستعادة صوته المفقود بفعل الشيخوخة.

وولد جميل راتب في 18 أغسطس من عام 1926 بالقاهرة لأب مصري وأم فرنسية، ودرس في مدرسة الحقوق الفرنسية وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته، وهناك انضم إلى فرقة “الكوميدي فرانسيز”، حيث شارك في العديد من المسرحيات الفرنسية.

وبدأ راتب التمثيل منذ صغره، وكانت أولى مشاركاته السينمائية في فيلم “أنا الشرق” بطولة الممثلة الفرنسية كلود غودار وجورج أبيض وحسين رياض وتوفيق الدقن.

وكان فيلم “الصعود إلى الهاوية” الذي قدّمه راتب عام 1978 نقطة تحوّل في مشواره السينمائي، وحصل على جائزة أفضل دور ثان عن الفيلم وسلمها له الرئيس الراحل أنور السادات.

فنان عالمي

شارك جميل راتب في العديد من الأعمال الناجحة منها أفلام “ولا عزاء للسيدات” و”البريء” و”البداية” و”طيور الظلام” و”الكيف” و”على من نطلق النار” و”شفيقة ومتولي”، كما لعب أدوارا رئيسية في مسلسلات منها “الراية البيضاء” و”الزوجة أول من يعلم” و”أحلام الفتى الطائر” و”رحلة المليون” و”زيزينيا” و”يوميات ونيس” و”المال والبنون” و”وجه القمر”.

وشارك جميل راتب أيضا بالأداء الصوتي في فيلم “عمر المختار”، كما خاض الممثل الراحل تجربة الإخراج المسرحي؛ حيث قدّم مسرحيات مثل “الأستاذ” من تأليف سعدالدين وهبة، ومسرحية “زيارة السيدة العجوز” التي اشترك في إنتاجها مع محمد صبحي، ومسرحية “شهرزاد” من تأليف توفيق الحكيم.

وتعاون الراحل مع عدد كبير من المخرجين والفنانين الكبار من أبرزهم عاطف الطيب وعلي بدرخان ويسري نصرالله وأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز وفاتن حمامة وسناء جميل وسميحة أيوب.

وشارك أيضا في أعمال مسرحية وسينمائية عالمية، أبرزها مشاركته المميزة في فيلم “لورانس العرب” بجانب النجم المصري الراحل عمر الشريف، كما تقمّص أيضا دور البطولة في ثلاثة أفلام تونسية من إنتاج فرنسي مصري مشترك، وهي “كش ملك” لفرشيد فرشيو و”شيشخان” لمحمود بن محمود و”صيف حلق الوادي” لفريد بوغدير.

وكرمه مهرجان القاهرة السينمائي 2017 بعد رحلة طويلة مع التمثيل في مسارح باريس، والمشاركة في 67 فيلما مصريا من أبرزها “الكيف” و”شفيقة ومتولي” وعدد كبير من أفلام السينما العالمية.

ونعى العديد من الفنانين والمثقفين المصريين الراحل، من بينهم إسماعيل مختار، رئيس البيت الفني للمسرح الذي قال في بيان صحافي “جميل صاحب مسيرة فنية طويلة وصلت إلى العالمية، شارك في عدد من الأفلام التي تعد علامات في تاريخ السينما المصرية والعالمية”.

وبدورها نعت الكاتبة والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت الراحل، حيث نشرت عبر حسابها الرسمي “فيسبوك” صورتين لها مع الفنان أثناء حضورهما في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الماضية، وعلقت “الله يرحمك يا حبيبي بقدر ما أبهجتنا، جميل راتب إلى السماء”، كما نعاه عدد من المشاهير من بينهم روجينا وزوجها أشرف زكي وحلا شيحة.

جميل والموت

الراحل جميل راتب شارك بصوته في فيلم "عمر المختار" قبل أن يفقد صوته في آخر مشوار حياته بفعل الشيخوخة

كان آخر ظهور إعلامي للراحل جميل راتب في أكتوبر 2017، جمعه مع الإعلامية رغدة شلهوب، عبر برنامجها “فحص شامل” على فضائية “الحياة”، وفيه تحدث الفنان المصري عن الموت، وكيف يراه، ومدى تخوفه من العذاب، واصفا موقفه من حياته التي عاشها.

ووصف الفنان الراحل بنبرة حزينة وعيون باكية الموت بأنه “راحة من مشكلات المرض وكبر السن ومشكلات الحياة”.

وقال في اللقاء “لست خائفا من الموت، لكني أخاف من العذاب، وأفضل الموت دون عذاب، لأن الموت مصير كل إنسان”.

واستكمل “في الموت نقابل أناسا كنا نحبهم وافتقدناهم، وأعتقد أننا سوف نعيش حياة أخرى في العالم الآخر مع من أحببناهم”. وعن حياته على مدار أكثر من 90 عاما، قال الفنان الراحل “أنا راض عن حياتي التي عشتها، لن أقول إنني أحببتها، لكني راض عنها”، وردا على سؤال الإعلامية حول أمنيته للبقاء على قيد الحياة، قال “هكذا يكفي، أنا عمري الآن أكثر من تسعين عاما”.

هكذا، رحل جميل راتب صبيحة الأربعاء في صمت، وهو الذي كُتب عليه الصمت في آخر أيام حياته بعد فقدانه لصوته، ومع ذلك لن تنسى شاشة السينما أو التلفزيون تلك الملامح البريئة الطيبة والمعقدة والشريرة في آن واحد، للشرير الجميل، أو “الإكسلانس” الذي حفر عميقا في وجدان المشاهد المصري والعربي بابتسامته المتهكمة الساخرة من الحياة وكل ما فيها.

العرب اللندنية في

20.09.2018

 
 

اصطدم بوالديه وانفصل عن زوجته.. تضحيات جميل راتب من أجل الفن

سامي ميشيل

ثمن كبير دفعه الفنان الراحل جميل راتب في سبيل تحقيق حلمه بالدخول إلى عالم الفن، حيث كانت البداية بغضب أسرته عليه، وقطع المصروف عنه، فاضطر للعمل كومبارس وعامل في فرنسا لينفق على نفسه، وخلال رحلته رفض أن يكون أسرة وانفصل عن زوجته حتى لا يتعرضون للإهمال مع انشغاله بالفن.

بداية المشوار كانت في فرنسا عندما سافر إلى باريس ليدرس الحقوق، وبدلا من أن يهتم بدراسته، التحق بمعهد التمثيل لشغفه وحبه للفن، قبل أن يكمل تعليمه الأساسي عام 1946.

ولكن جائت الرياح بما لا يشتهي جميل راتب، حيث أعلنت أسرته الأرستقراطية الغضب ضد قراره بالاتجاه للتمثيل، وقررت أن تعاقبه بقطع الأموال التي كانت ترسلها له، لمساعدته في الدراسة بفرنسا، فاضطر للعمل بالعديد من الوظائف، وهي عامل في السوق، وعمل بأحد المطاعم، ومترجم، وكومبارس بمشاهد صغيرة للغاية في الأفلام والمسرحيات الفرنسية، وقد واجه العديد من الصعوبات المادية، لكن شغفه بالتمثيل كان قادر على دفعه ليكمل طريقه.

في عام 1976، عاد جميل راتب إلى مصر، بناء على رغبة عائلته، بعد أن تحقق في السينما والمسرح الفرنسي، بأكثر من 75 عملا،

عاد راتب إلى مصر وبدأ من جديد بمساعدة من كمال الشيخ الذي كان يشرف على الإخراج في فيلم «سنة أولى حب» عام 1976، قبل أن تتوالى عليه الأدوار الهامة التي تركت أثرا بالغا في المشاهدين.

لم يكن الصدام مع أسرته الكبيرة هو الوحيد مقابل الاستمرار في الفن، بل أنه رفض تكوين أسرته الصغيرة أيضا من أجل الفن، حيث أكد في إحدى حلقات برنامج «صاحبة السعادة» مع الفنانة والإعلامية إسعاد يونس في شهر مارس عام 2015، أنه أهمل تكوين أسرة له وخشى من الإنجاب حتى لا يهمل أطفاله بسبب التمثيل، فقرر الانفصال عن زوجته الفرنسية التي كانت تعمل مديرة إنتاج حينما قابلها وقام بخطبتها، لانشغاله الشديد بالفن ورغبته القوية في عمل تاريخ كبير يزخر بالنجاحات.

لم يشعر راتب بالحزن على هذا القرار إلا في مرحلة متأخرة من حياته، عندما وجد نفسه وحيدا، ولم يجد أبناء بجانبه، ولكنه حسب تصريحاته ظل يحب زوجته ويكن لها كل الأحترام، ويزورها من وقت لآخر في باريس، كما أنها كانت أيضا تبادله نفس الشعور.

الشروق المصرية في

20.09.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)