كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: سينما الوسترن تتجه صوب الأوسكار

فيلمان على موعد مع موسم الجوائز

فينيسيا: محمد رُضا

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الخامس والسبعون

   
 
 
 
 

تقع هوليوود غرباً وإليها تُشدّ الرحال كل سنة من الشرق والشمال والجنوب. إنّها في غرب الولايات المتحدة الأميركية وتلجأ إليها، كذلك، أفلام الشرق والوسط الأميركيين وكل ما يهدف إلى شدّ لحاف السباق إليه إذا أمكن.

وفي أفلام الغرب القديمة كانت الحياة الجديدة، بعيداً عن مدن الأعمال والأموال، تعني عبور نهر الميسيسيبي صوب الغرب وغزو أراضيه الشّاسعة وأجوائه الدافئة وأبواب حرياته المفتوحة على سعتها في القرن التاسع عشر.

سينما الوسترن التحقت بالقوافل المتجهة صوب الغرب، وتحدثت عنها، وعن حياة بلداتها ومدنها والحروب الطاحنة بين البيض والمواطنين الأصليين، وبين البيض بعضهم ضد بعض. في أفلام كثيرة نجد البطل يداوم الرّحيل من الغرب وإليه. نادراً ما يقرّر أن يعود شرقاً، وذلك على عكس العديد من الشّخصيات النسائية التي تكتفي بما شهدت ورأت وعايشت وتقرر في نهايات الأفلام أن تعود من حيث ما أتت… فيلادلفيا، نيويورك أو شيكاغو.

- أربعة فقط

هذه السينما ذاتها عرفت طعم الأوسكار أكثر من مرّة، لكن ليس بعدد الأفلام الجيدة التي كانت تستحق مثل هذه الجائزة لبراعتها في سرد القصص والتاريخ والتعامل مع الوقائع والأساطير بمعالجات فنية رائعة. ولا حتى بشطحة قصيرة من عدد الأنواع الأخرى. ذلك أن أفلام الغرب الأميركي التي فازت بالأوسكار هي أربعة؛ ثلاثة منها تدور في القرون الغابرة وواحد منها وسترن حديث.

تلك الأفلام هي، حسب تواريخ فوزها بالأوسكار، «سيمارون» لوسلي راغلز (1931) و- بعد ستين سنة - «رقصات مع الذئاب» لكيفن كوستنر (1990) من ثمّ بعد عامين «غير مسامَح» لكلينت إيستوود (1992). وفي العام 2007 فاز الأخوان جووَل وإيثن كووَن بالأوسكار الرابع في هذا المجال عن فيلمهما الذي تقع أحداثه في الزمن الحاضر وهو «لا بلد للمسنين».

حتى مع إضافة الأفلام التي وصلت إلى مستوى الترشيحات، وتبلغ 19 فيلماً، فإن الرّقم بالمقارنة مع الأفلام الدرامية عموماً أو الأفلام التاريخية أو التشويقية، يبقى محدوداً. أبرز أفلام الغرب التي ترشحت ولم تفز بالأوسكار كانت «عربة سفر» (Stagecoach) لجون فورد (1934) و«حادثة أوكس - بو» (Ox - Bow Incident) لويليام أ. ولمان (1943) و«منتصف الظهيرة» (High Noon) لفرد زمرمان (1952) و«شاين» (Shane) لجورج ستيفنز (1953) وكلها، وهناك سواها، كانت أفلاماً جيدة.

في العام 2016 تسلّل فيلم وسترن حديث آخر هو «جحيم أو فيضان» (Hell or Hight Water) لديفيد ماكنزي إلى قائمة الأفلام المرشحة، وهو بذلك آخر الساعين إليها حتى الآن.

- فيلما فينيسيا

هذا العام يبتسم الأوسكار لفيلمين جديدين من الوسترن. لكن قبل كشف اللثام عنهما لا بد من القول إنّ سينما الوسترن التي كانت حتى منتصف الخمسينات أكثر أنواع السينما غزارة في الكم بين كل الأنواع الأخرى، لم تنضب تماماً على الرّغم من كل هذه السنوات التي توارى عنها الاهتمام السابق بها.

الصّحيح هو أنّ الكثير منها لم يعد يجد عروضاً رئيسية لا في الولايات المتحدة ولا في القارة الأميركية ولا حول العالم، لكنّ إنتاج هذه الأفلام ما زال غزيراً.

في العام الماضي أُنتج 102 فيلم وسترن غالبيتها جاد في انتمائه للنّوع وغير مخلوط بالكوميديا أو بأي نوع آخر. هذا العام، وحتى الآن، هناك 32 فيلماً، كلها جادة في طلب ذلك النوع. حتى وإن لم نحسب ما قد يجري الإعلان عن إنجازه في الأشهر الأربعة المقبلة، فإنّ هذا الرقم ما يزال مرتفعاً بالنسبة لنوع لا يقبل عليه الشباب (الذي يشكل النسبة الأعلى) ولا تعرض أعماله في الصّالات الرئيسية، بل تكتفي - في معظمها - بالتسلل إلى العروض المنزلية وإلى ما تبقى من نشاط في سوق أسطوانات الأفلام.

من بين هذه الأفلام الحديثة «جيسي جيمس ضد القطار الأسود» لكريستوفر فوربس و«غرب الجحيم» لمايكل ستيف (ومن كتابة وإنتاج عربي اسمه يوسف أبو طالب) و«مرت تلك الأيام» (Gone Are the Days) لمارك غولد و«رجال ميتون» لرويستون إينيس (ملحمة من ثلاث ساعات).

وسط غبار حوافر الجياد المنطلقة وبين أزيز رصاصات المعارك يتهادى فيلمان يتميزان بأنّهما من إنتاج أكبر شأناً يسعيان لتوزيع أوسع وشهرة أفضل، ولا بأس من دخول سباق الأوسكار للبرهنة عن استحقاقهما.

الفيلمان هما «أنشودة بستر سكرغز» (The Ballad of Buster Scruggs) للأخوين كووَن (ثالث وسترن لهما بعد «لا بلد للمسنين» و«ترو غريتس») و«ذَ سيسترز برذرز» (The Sisters’ Brothers) للفرنسي جاك أوديارد في أول جهد له بالإنجليزية.

كلاهما استقبل جيداً هنا في مهرجان فينيسيا حينما عرضا، في الأيام القليلة الماضية ضمن أعمال المسابقة.

فيلم الأخوين كووَن ينطلق منفرداً بمعالجة مختلفة: يحشد ست حكايات مختلفة الأطوال وبقصص متفرقة لا رابط بينها سوى أنّها تنتمي إلى فيلم واحد. الحكاية الأولى يتخذ منها الفيلم عنوانه. كاوبوي (تيم بلايك نلسون) بغيتار يعزف عليه ويغني في رحلته في ذلك الغرب العريض الممتد حوله. يصل إلى بلدة صغيرة ويقتل شخصاً تعرض إليه في مبارزة. شقيق القتيل يتحداه فيقتله بستر، لكن ما إن يفعل ذلك حتى يتصدى له كاوبوي - مغني آخر (رالف إنسون) ويرديه قتيلاً ويمضي.

للبعض هذه الحكاية القصيرة أكثر من مجرد افتتاحيه: هي أفضل ما في الفيلم. المشكلة هنا هي أنّ الفيلم يبدو تسجيلاً مصوّراً لتلك الحكايات ترد لسبب غير منظور أو حتمي. هناك معايشة خيالية حيناً وواقعية حيناً آخر، لكنّها معتمة بسخرية كامنة يجيد الشقيقان التلاعب بها. حتى الحكاية الأولى، ليست سوى تمهيد لسلسلة الحكايات التي تتحدث عن الموت في الغرب الأميركي.

الفيلم التالي، «ذَي سيسترز برذرز» أفضل منه ببضعة أميال.

إنّه عن شقيقين من عائلة اسمها «سيسترز» (ما يمنح عنوان الفيلم طرافته) هما تشارلي (واكين فينكس) وإيلي (جون س. رايلي) القاتلان المأجوران لخدمة رجل ذي مآرب (روتغر هاوَر) الذي يرسل بهما في مهمة لقتل شاب اسمه هرمان (ريز أحمد) بمساعدة قاتل مأجور آخر اسمه جون (جايك موريس). «ذي سيسترز براذرز» فيلم طموح ومنفتح ويحمل طرافة وحميمية حيال التاريخ في مقابل فيلم الأخوين كووَن الذي يجيد سرد حكاياته لكنّها تبقى خاوية في القلب. كلاهما يستحق عودة مفصلة لاحقة وكلاهما سيتجهان من هنا إلى مهرجان تورونتو ومن هناك إلى شاشات المناسبات السنوية الكبيرة بلا ريب.

الشرق الأوسط في

05.09.2018

 
 

انطلق عام 1934 بقرار من موسوليني

مهرجان فينيسيا السينمائي.. تاريخ طويل وحاضر رائع

محمد رُضا

يحتفي مهرجان فينيسيا السينمائي العتيد والأقدم في التاريخ، هذا العام بمرور 75عاماً على تأسيسه متغلباً على العقبات المختلفة التي واجهته.

انطلق المهرجان سنة 1934 بقرار من موسوليني الذي أراد لبلاده أن تحتفي بسينما تميل، في معظمها، إلى موقفه السياسي. لذلك، عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية بعد سنوات عرض للأفلام الفاشية والنازية والدول الصديقة لإيطاليا وألمانيا واستمر على هذا المنوال حتى العام 1942 ملتزما بهذا الخط. عندما انهزمت ألمانيا وسقطت الفاشية الإيطالية توقف المهرجان لخمس سنوات متوالية. في سنة 1948 عاد المهرجان كما لو أنه وُلد من جديد مانحاً جائزته الأولى بعد هذا الغياب إلى فيلم أميركي هو «الهارب» (The Fugitive) لجون فورد الذي لم يخل من السياسة (حكاية مقاطعة مكسيكية معادية للكنيسة الكاثوليكية تحاول إخراج آخر راهب منها).

ومنذ ذلك الحين استمر المهرجان متواصلاً باستثناء دورات قليلة في مطلع الثمانينات نتيجة تدخل السياسيين اليمينيين الذين وجدوه متوجهاً صوب اليسار (بتأثير من رؤسائه من مخرجين يساريي الميول) فحجبوا عنه التمويل اللازم. لكن إدارة المهرجان خرجت من تلك العقبات أقوى مما كانت عليه، ومع أن مهرجان «روما» الذي انطلق قبل نحو عشر سنوات خاض تجربته على أساس منافسة فينيسيا وسحب أكسجين الحياة منه، إلا أن المهرجان الإيطالي العريق كان قد بات محصناً من الهزائم وصعب المنال على أي مهرجان منافس آخر.

مسببات

ليست المسألة مسألة إدارة حكيمة ومعتدلة أو ملمّة فقط، بل هي أيضاً مسألة تصميم قوي على الثبات ثم التقدم. لهذا لم يعد المهرجان اليوم أحد أهم ثلاثة حول العالم فحسب، بل حقق المكانة الأولى من حيث قدرته على استحواذ أهم ما يمكن عرضه من أعمال سينمائية في كل عام خصوصاً في الأعوام الخمس الأخيرة.

ما ساعد المهرجان على تبوؤ هذه المكانة عدة ظروف خارجية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أسباب:

- حقيقة أنه يقع على مفرق طريق بين موسم الصيف الزاخر بأفلام تجارية كبيرة وبداية موسم الجوائز حيث تسبح الأفلام ذات النوعية المميزة مضموناً أو فناً صوب شواطئ الجوائز السنوية الكبيرة.

- في مقدّمة هذه الجوائز الأوسكار. فمهرجان فينيسيا أصبح المؤشر الأهم للأفلام الناطقة بالإنجليزية التي ستدخل سباق الأوسكار الأولى، والأفلام غير الناطقة بالإنجليزية تدخل سباق أوسكار كأفضل فيلم أجنبي.
-
من هذه الصفة ندرك أن اقترابه من موسم الجوائز يقربه أكثر من مهرجان برلين، الذي يأتي في نهاية الموسم وبعد مهرجان «كان» المبكر بالنسبة لتلك النوعية من الأفلام أو معظمها على الأقل. مبكر خصوصاً بالنسبة للسينما الأمريكية التي لا تشترك إلا قليلاً في المهرجان الفرنسي لأسباب عدة من بينها، وكما يخبرني أحد المنتجين هنا في فينيسيا، يقع على بعد زمني ملحوظ من جوائز الجولدن جلوبس والأوسكار
.

إلى هذه الأسباب الثلاثة يقفز إلى الأمام سبب آخر بالغ الأهمية: مهرجان كان، فكونه يقع تحت قبضة جمعيات الإنتاج والتوزيع وأصحاب صالات السينما، منع عن نفسه نعمة الاستفادة من الأفلام التي تنتجها شركات العروض المنزلية، وفي مقدمتها «نتفلكس» و«أمازون». مهرجان فينيسيا فتح لها ذراعيه خصوصاً أنها توالي اختيار أفلام ذات نوعية مميزة ولمخرجين من ذوي الخبرات العالمية الكبيرة.
هذا خلق سبباً إضافياً ل«هوليوود» بأن تشترك بقوّة في دورة هذه السنة من مهرجان فينيسيا، وبالتالي جعل السينما غير الناطقة بالإنجليزية تندفع للاشتراك في هذا المهرجان لأنها دائماً ما تبحث عن المهرجانات الأقوى التي تستطيع أن تمنحها فرصاً أفضل للعروض والتوزيع والجوائز.

مخرجون كبار

يبلغ عدد الأفلام المشتركة في المسابقة 21 فيلماً في حين أن مجموع الأفلام المشاركة رسمياً داخل وخارج المسابقة يبلغ 64 عمل روائي أو تسجيلي طويل.

وبطبيعة الحال، فإن الأفلام متعددة المواضيع والاتجاهات الفنية وهذا يعود إلى اختيارات المخرجين كما إلى أساليب عمل كل منهم وبطريقته الخاصة. مثلاً يعود المخرج البريطاني مايك لي «بيترلو» إلى مذبحة وقعت قبل نحو 200 سنة نشأت عن قيام قوات الشرطة البريطانية سنة 1819 بالتصدي لمظاهرة سلمية في مدينة مانشستر سقط نتيجتها عدد كبير من القتلى والجرحى. بذلك يبتعد لي عن مألوفه من الأعمال الاجتماعية ذات التكلفة المحدودة أو حتى تلك التاريخية التي اتسمت بشغله على الأفراد وليس على الأحداث (كما حاله في «مستر تيرنر»، 2014).

مثله في المضي عبر تاريخ القلاقل السياسية والاجتماعية يوفر بول جرينجراس نظرة على العملية الإرهابية التي قام بها نرويجي في الثاني والعشرين من يوليو (تموز) سنة 2011 في «22, July». بينما يمضي ألفونسو كوارون باحثاً في قضايا اجتماعية مختلفة ولو معاصرة في «روما» حول متاعب حياة عائلة مكسيكية في مطلع سبعينات القرن الماضي.

والمخرج الأمريكي داميان تشازيل يعود إلى فينيسيا بفيلمه الجديد «أول رجل» وهو أول فيلم له بعد «لالا لاند». في الفيلم الجديد يؤدي رايان جوزلينج (الذي رقص وعزف في هذا الفيلم شخصية رجل الفضاء نيل أرمسترونج.

اليوناني يورجوس لانتيموس يوفر فيلماً آخر بالإنجليزية هو «المفضلة» (The Favorite) وهو في الوقت ذاته عودة لحكايات القرن الثامن عشر حول الملكة آن ووصيفتها أبيجيل والمرأة التي، حسب الفيلم، أمسكت فعلياً إدارة بريطانيا في وقت عصيب سارا تشرشل. جمع لانتيموس ثلاث ممثلات مشهود لهن بالإجادة هن إيما ستون وراتشل ڤايز وأوليفيا كولمن. الكثير من أفلام المهرجان المنتجة في أوروبا تنطلق بالإنجليزية لأن العديد من صانعيها يريدون موضع قدم في السوق العالمية. هذا حال فيلم اليوناني لانتيموس والفرنسي جاك أوديار (لديه فيلم وسترن بعنوان «ذ سيسترز برذرز») والإيطالي لوكا جوندانيجو. وكل من هذه الأفلام لديه فريقه من نجوم السينما

وهذا كله وإن لم يكن غريباً عن فينيسيا إلا أنه بمثابة ثقة متجددة من هوليوود به. هذه الأفلام، باستثناء إنتاج واحد مشترك مع إيطاليا وفرنسا بعنوان «ماذا ستفعل عندما يشتعل العالم» (What You Gonna Do When the World's on Fire?) تؤكد صلابة صناعة السينما الأمريكية واستنادها إلى مقوّماتها الإنتاجية الخاصة في مقابل اعتماد معظم الإنتاجات الأوروبية والآسيوية على مبدأ المشاركة، حيث يصب التمويل من عدة أطراف كل منها ينتمي إلى بلد مختلف.

افتتاح فضائي

فيلم جديد للمخرج داميان شازيل بعنوان «رجل أول»، وهو المخرج الذي عرض هنا فيلمه السابق «لا لا لاند» بنجاح ما مكنه من دخول سباق الأوسكار في فبراير /شباط من العام الماضي. في فيلمه الجديد هذا يتحدث عن رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونج، ما نستنتجه من هذا المقتطف هو أن شازيل أراد نقلنا إلى مزج بين الحقيقة والواقع وكلاهما غير ما ساد وما يزال حول رحلات الفضاء التي تتمتع اليوم بقدر أقل من وهج الأيام السالفة التي كان الفضاء مجالا للمنافسة وسباقا بين القوّتين العظميين. وما يرغب به المخرج بالتالي هو نوع من إيقاف الوهج الرومانسي حول تلك الرحلات وتقديم وجه أكثر واقعاً، وإثارة للخوف.

يكتفي الفيلم بسنوات قليلة من حياة الملاح أرمسترونج هي تلك التي تبدأ ما بين 1961 عندما كان ملاح طائرة مدنية، إلى العام الذي حط فيه وسار على سطح القمر. يتعرف عليه رب عائلة، فهو متزوّج من امرأة تحبه، ويحبها، اسمها جانيت (كلير فوي) ولديهما ولدان، صبي وطفلة. الطفلة تموت بعد قليل من بداية الفيلم. وبعد سنة ها هي جانيت حبلى من جديد هذه المرة بصبي آخر. لكن الفيلم لا يغيب الوجه الآخر لحياة الملاح في ذلك الحين، فهو الرجل المتحمس لريادة الفضاء والاشتراك في الرحلات الكونية التي كانت ناسا تخطط لها منذ أمد.

ينتقل الفيلم بين هذين الخطين المتوازيين جيداً، لا من حيث كيف يسرد المخرج حكايته الجامعة ومحورها الكامن في شخصية أرمسترونج فقط، هذا هو الجزء الهين بل في سبر غور الجانب العائلي في تكوين الأحداث التي نراها

ما يقوم به المخرج هو إظهار الجانب العائلي والشخصي الذي يتماوج بين المأساة وانعكاساتها بغاية تكوين صورة سينمائية (واقعية قدر الإمكان لكنها ليست بالضرورة حقيقية) شاملة. أيضاً لكي يصوّر كم التحدي الفردي الذي يشعر به أرمسترونج حيال حياته وعمله، يعلن لرئيسه في أعقاب نبأ وفاة رفاقه أن الوقت فات لكي تتراجع ناسا عن قرار رحلتها صوب القمر.

الخليج الإماراتية في

05.09.2018

 
 

البندقية ٧٥ – أمير كوستوريتسا: أوروبا؟ انسَ أوروبا! (فيديو)

البندقية - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

في هذه المقابلة التي جرت أمس الثلثاء في حضور خمسة صحافين، يتحدث المخرج الصربي أمير كوستوريتسا عن أحدث أفلامه، "الببه، حياة سامية"، المعروض في مهرجان البندقية السينمائي (٢٩ آب - ٨ أيلول)، وهو المهرجان الذي يزوره منذ قرابة الأربعين عاماً، أي مذ عرض فيه فيلمه الروائي الطويل الأول "هل تتذكّر دوللي بل؟" (١٩٨١).

لقراء المزيد...

####

البندقية ٧٥ – "عمل بلا مؤلف" لفلوريان فون دونرسمارك: طموحات مخرج تتجاوز فيلمه

البندقية - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

المخرج الألماني القدير فلوريان فون دونرسمارك "صام" ٨ سنوات قبل ان يعود الينا بـ"عمل بلا مؤلف". فهو لم يحقق أي جديد منذ "السائح" (٢٠١٠)، فيلم أميركي مع جوني ديب وأنجلينا جولي، اعتبره بعضهم خطوة ناقصة في مسيرته، كونه، في النهاية، صاحب "حيوات الآخرين" الذي نال عنه جائزة "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي في العام ٢٠٠٧. في مقابلة أجريتها معه اليوم، سألته أين أمضى كلّ هذا الوقت، فشرح لي انه عاش معاناة طويلة، واجه خلالها رحيل عدد من الأشخاص المقربين إليه، انتحاراً.

لقراء المزيد...

النهار اللبنانية في

05.09.2018

 
 

«أول رجل» للأمريكي داميان شازيل:

خطوات على سطح القمر أطاحت بمخرجها

نسرين سيد أحمد:

البندقية ـ «القدس العربي» : جاء افتتاح مهرجان البندقية السينمائي (البندقية) هذا العام في دورته الخامسة والسبعين بفيلم «أول رجل» للأمريكي داميان شازيل. وهذه هي المرة الثانية التي يفتتح فيها المهرجان بفيلم لشازيل بعد فيلمه «لا لا لاند» (2016). وبعد الاحتفاء بأفلام «الميوزيكال» في «لا لا لاند»، الذي حظي باستحسان نقدي وجماهيري كبير، يعود شازيل ليقدم فيلما من أفلام السيرة الذاتية، عن رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونغ (يلعب دوره باقتدار كبير رايان غوزلينغ)، أول إنسان وطأت قدماه سطح القمر. يقدم الفيلم سردا للاستعدادات التقنية والعلمية والانتكاسات التي سبقت رحلة «أبولو 11» التي هبطت على سطح القمر، وضعها ضمن إطار لبعض التفاصيل عن حياة أرمسترونغ الشخصية وما يعتمل فيها.

يمكننا القول إن «أول رجل» (مسابقة رسمية) فيلم لا يسمن ولا يغني من جوع. فهو لا يشبع فضول المهتمين بالفضاء وأفلامه ولا يقدم إضاءة ملهمة عن حياة أرسمترونغ. هو فيلم يبقى في المنتصف في كل شيء، نشاهده فنخرج في حالة تعادل، ولا يبقى الفيلم معنا طويلا بعد الفراغ من مشاهدته.

«أول رجل» يروي ملامح صغيرة من الكثير من القضايا التي تأزمنت مع برنامج الفضاء الأمريكي وصعود أرمسترونغ إلى القمر. من بين تلك السياقات الرغبة السياسية الأمريكية في إثبات التفوق على الروس في مجال الفضاء، رغم التكلفة المادية الباهظة لذلك. ونسمع انتقادات بعض الساسة وبعض الأمريكيين لبرنامج الفضاء، الذي تنفق عليه أموال طائلة كان بالإمكان أن تنفق في خدمات ينتفع بها الناس في مجالات أخرى كالصحة والإسكان.

نرى أيضا بعض الملامح الإنسانية لشخصية أرمسترونغ. يصور الفيلم أرمسترونغ كشخص صموت يسكنه ألم لا يتحدث عنه قط. هذا الألم الذي يعتمل في داخله كان أحد أسباب وضع جزء كبير من طاقته الوجدانية والفكرية في العمل، فهو يعمل حتى لا يغرق في الحزن. أما سبب حزنه فهو فقد ابنته الصغيرة كارين، التي توفيت في طفولتها بعد مرض فتك بها. كان حزن أرمسترونغ على ابنته مدادا لتفوقه في عمله، بينما تسانده زوجته المكلومة أيضا (كلير فوي)، التي رغم مساندتها له كانت تخشى أن يفقد طفلاها الآخران أبيهما في برنامج فضاء محفوف بالمخاطر شهد الكثير من الحوادث التي راح ضحيتها عدد من أصدقاء زوجها وزملائه.

يبدو لنا أن شازيل كان يعتزم تقديم فيلم يختلف عن الأفلام التي تمجد الأبطال الذين حققوا المجد للوطن، فهو أراد ان يصور أرمسترونغ كرجل يتألم ويكابد ألم فقد ابنة صغيرة، كرجل يختلي بذاته ليبكي وتغرق وجهه الدموع. أراد أن يجعلنا نرى أرمسترونغ كبشر وليس كجزء من مسيرة تقدم العلوم صوب الفضاء. لكن شازيل لم يكن موفقا في سعيه هذا، فالفيلم حاول الجمع بين الكثير من الخطوط في آن ولم ينجح في ذلك، بل جاء مثقلا بالتفاصيل، ومثخنا بألم جاء كعبء على الفيلم. أراد شازيل أن يعيد نجاح الصيغة التي استخدمها في فيلمه «ويبلاش»، التي أدت فيه المعاناة الشخصية والإخفاق المبدئي لعازف الجاز الشاب إلى نجاحه لاحقا. ولكن هذه المعادلة التي استخدم شازيل مكوناتها بنجاح كبير في «ويبلاش» لم تنجح في «أول رجل». رغم محاولات شازيل أن يرسم ارمسترونغ كشخصية ذات ملامح نتعاطف معها ونفهمها، إلا أنه بقي مختزلا في ألم فقد ابنته وفي سعيه للوصول للقمر، الذي لا نعلم قط لم كان يسعى للوصول إليه. لم نعرف قط ما الذي يمثله برنامج الفضاء لأرمسترونغ. نعلم فقط أنه كان مهندسا ماهرا وملاحا مثابرا، ولا نعلم أكثر من ذلك.

لا يقدم شازيل في الفيلم جديدا، ولا يثير فضولا أو دهشة ولا يقدم دفقة شعورية. مشاهد ألفناها من قبل في الأفلام التي تناولت مهام الفضاء: محاولات مخفقة، قلق في غرفة التحكم، تدريبات شاقة مضنية جسديا، قلق في البيت الأبيض وصراعات سياسية بسبب الإنفاق الفضائي والسعي للتفوق على الروس. يؤدي رايان غوزلينغ دور أرمسترونغ باقتدار كبير، خاصة في التعبير عن حزن أرمسترونغ الصامت على فقد ابنته. أما كلير فوي فقدمت أداء ملفتا للغاية في دور جانيت، زوجة أرمسترونغ، التي تكتم حزنها على صغيرتها لتربي طفليها الآخريين ولتوفر المناخ المنزلي الملائم لزوجها لعمله. تنم كل اختلاجة لوجهها عن قلقها وألمها وحزنها.

«أول رجل» فيلم تقليدي حتى الملل، يستدر دمعنا أحيانا على مأساة شخصية ويستدر أحاسيس المجد والفخر أحيانا، ولكننا نفرغ منه تماما بعد انتهائنا من مشاهدته.

القدس العربي اللندنية في

05.09.2018

 
 

مخرج سينمائي إسرائيلي ينتقد ممارسات الاحتلال

تجاه الفلسطينيين في أحد أفلامه

(رويترز)

يوجّه فيلم "رسالة إلى صديق في غزة" للمخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي انتقادًا قويًا للحصار، الذي تفرضه دولة الاحتلال على غزة، وقمعها الدامي للمحتجين الفلسطينيين، كما يطلب المخرج من مواطنيه الإسرائيليين أن يُحكّموا ضميرهم.

وفي الفيلم القصير الواقعي الذي عُرض لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي هذا الأسبوع، يسرد ممثلون إسرائيليون وفلسطينيون قصصًا وشعرًا بما يشمل مقالًا للصحافية عميرة هاس نُشر في صحيفة "هآرتس" العبرية بعنوان "كنت أنفذ فقط الأوامر: ماذا ستقول لأولادك؟".

وقال جيتاي في مقابلة "إنه نص قوي جداً". وأضاف "هذا مقال كتبته للإسرائيليين ليدركوا ما يحدث على بعد بضعة كيلومترات من حدودهم، حيث يوجد مليونا شخص يعيشون كما لو كانوا في قفص في غزة".

ونفى جيتاي أن الفيلم يعقد أي مقارنة بألمانيا النازية، حيث غالبًا ما برر الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم في حق الإنسانية أفعالهم بأنهم كانوا فقط "ينفذون الأوامر". وقال إن "عميرة هاس لم تعقد هذه المقارنة، أنتم الذين تقومون بذلك، إنها في أذهانكم، ربما كان ذلك في ذهنها".

وقدم كوربين اعتذارًا الشهر الماضي عن استضافة حفل في 2010، شبه فيه متحدث آخر السياسة التي تنتهجها إسرائيل تجاه الفلسطينيين بالسياسات النازية تجاه اليهود. وقال جيتاي "أعتقد أن عقد مثل هذه المقارنة... يساعد التوجهات اليمينية داخل إسرائيل. لذلك فمن الأفضل التحلي بالدقة والتخلي عن العموميات".

وسيتناول جيتاي أيضًا أسباب معاداة السامية في فيلمه المقبل، الذي تدور أحداثه في القرن السادس عشر، والذي قال إنه قد يضم ممثلة أو أكثر ممن عملن معه من قبل وهن ناتاليا بورتمان أو جوليت بينوش أو ليا سيدو.

العربي الجديد اللندنية في

05.09.2018

 
 

تعرف على دور الأزياء الصانعة لإطلالة داكوتا فانينج فى فينيسيا

كتبت / رانيا علوى

خطفت أمس النجمة العالمية داكوتا فانينج الأنظار إليها بإطلالتها المذهلة خلال حضورها حفل "Jaeger-LeCourtle Gala Dinner "، وذلك على هامش فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي فى دورته الـ 75 .

ظهرت داكوتا البالغة من العمر 24 عام باطلالة مذهلة على الـ red carpet ، حيث ارتددت فستان "one shoulder" باللون الذهبي حمل إمضاء دار أزياء " Georges Hobeika " اما حذائها فكان من مجموعة " Giuseppe Zanotti " وحقيبة يد من تصميم دار " Christian Louboutin " .

اليوم السابع المصرية في

05.09.2018

 
 

فينيسيا السينمائي يمنح الفيلم المصري "بعلم وصول" جائزة دعم الإنتاج

محمد يوسف الشريف

اختار مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مشروع الفيلم المصري "بعلم الوصول" للمخرج هشام صقر، ليفوز بجائزة ورشة فاينال كات فينيسيا، والتي تبلغ قيمتها 5 آلاف يورو تستهدف دعم الفيلم في مراحل إنتاجه التالية.

فيلم "بعلم الوصول" يحكي قصة هالة، التي تعاني من الخوف من الهجر منذ أن توفي والدها وهي في الـ18 من العمر، وهذا ما يجعلها تلجأ إلى الانتحار أكثر من مرة.

الفيلم من تأليف وإخراج هشام صقر، ويشارك في بطولته بسمة وبسنت شوقى ومحمد سرحان ولبنى عسل ورفل عبد القادر، ويشارك في إنتاجه شركتا فيلم كلينك محمد حفظي وWhite Feather هشام صقر.

ورشة فاينال كات فينيسيا في نسختها السادسة تدعم الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج من قارة إفريقيا والعراق والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا، من خلال عرض مشاريع الأفلام التي تم اختيارها للمشاركة بالورشة أمام مجموعة المنتجين، الموزعين ومبرمجي المهرجانات السينمائية، وتُختتم الورشة بمنح جوائز للأفلام الفائزة لدعمها في مرحلة ما بعد الإنتاج.

والهدف من فاينال كات فينيسيا هو تطوير دور مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي ليكون جسراً يدعم صناعة أفلام مستقلة جيدة فنياً من هذه الدول، من خلال توفير مساعدة فعالة وذات تأثير على الإنتاج السينمائي، ودعم المنافسة بين الأفلام على مستوى السوق الدولي.

بوابة الأهرام في

05.09.2018

 
 

البندقية ٧٥ - سؤدد كعدان: يوم فقد السوري ظله… (فيديو)

البندقية - هوفيك حبشيان

بعد مجموعة أفلام وثائقية، قدّمت المخرجة السورية سؤدد كعدان الاثنين الماضي فيلمها الروائي الطويل الأول، "يوم أضعتُ ظلي"، في برنامج "أوريزونتي" ضمن عروض الدورة الـ٧٥ لمهرجان البندقية السينمائي (٢٩ آب - ٨ أيلول). يعود الفيلم إلى بداية الثورة السورية التي تحولت حرباً، وهي الفترة التي عايشتها المخرجة قبل ان تنتقل إلى بيروت حيث صوّرت فيلمها استناداً إلى تجربتها الشخصية، ومن دون ان تدّعي انها تقدّم الحقيقة النهائية.

في نيّة حقيقية لتقديم شيء مختلف عن السائد حول الوضع السوري المستمر منذ سبع سنوات وصد الأفكار النمطية التي تتناقلها الميديا، يصوّر الفيلم شخصية سناء التي تحاول إيجاد مَخرج لها ولابنها في ظروف معيشية صعبة. انها السيدة التي سنرافقها في رحلة بحثها عن قارورة غاز في شتاء دمشق القارص لتحضير وجبة لابنها، قبل ان تحاصرها المدينة الواقعة في أتون العنف خلال ثلاثة أيام.

فقدان الظلّ هو الفكرة "السحرية" التي ينطلق منها الفيلم لتقديم نسخة أكثر إنسانوية للواقع السوري، حيث الفرد في ضياع كامل. تسأل كعدان عن معنى التفكير في المستقبل عندما يجهل الإنسان ما اذا كان سيبقى حيّاً في اللحظات القليلة المقبلة.

بعد فينيسيا، للفيلم رحلة طويلة عبر المهرجانات الدولية، بدءاً من تورونتو إلى لندن فالجونة، ولنا عودة اليه في مقاربة نقدية.

####

البندقية ٧٥ – "على بوابة الأبدية" لجوليان شنايبل: فنّ لناسٍ لم يولدوا بعد

البندقية - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

في #البندقية هذا العام (٢٩ آب - ٨ أيلول)، العديد من الأفلام التي تقترح مشاهدة سهلة ولا تزجّ بنا في تعقيدات سيناريستية. هل هو ألبرتو باربيرا (المدير الفنّي للموسترا) وفريقه الذين يدفعون بهذا النمط إلى...

لقراء المزيد...

النهار اللبنانية في

06.09.2018

 
 

مهرجان البندقية محطةَ انطلاق موسم الجوائزالسينمائية الدولية:

الأفلام العربية خارج السباقات وحضور قوي للمكسيك

حسام عاصي

البندقية – «القدس العربي» : مهرجان فينسيا السينمائي «البندقية» افتتح فعاليات دورته الخامسة والسبعين يوم الأربعاء الماضي بالعرض الأول لفيلم « أول رجل»، الذي يتناول قصة اولِ إنسان يسير على سطح القمر عام 1969. 

الفيلم من اخراج داميان شازيل، الذي حضر المهرجان قبل عامين بفيلمه الأخير «لا لا لاند»، وذهب ليحصد ثماني جوائز أوسكار، ومن ضمنها أوسكار أفضلِ مخرج له. ولن يستبعد النقاد تحقيقه أوسكارا أخر عن «أول النقاد» الذي لقي إعجابهم وخاصة أداءات غازلينغ وفوي.

فضلا عن كونه أقدم مهرجان سينمائي، يعتبر مهرجان البندقية مؤشرا مهما لجوائز الأوسكار، ففضلا عن «لا لا ند»، معظم الأفلام التي عُرضت فيه في الأعوام الأخيرة فازت بأوسكار أفضل فيلم على غرار «شكل الماء»، و»الرجل الطائر» و»جاذبية» و»سبوتلايت». 

وهذا العام تحول الى أهم مهرجان عالميا لأنه جذب أفلام شركات البث الألكتروني «نيتفليكس» و»أمازون»، التي رفض مهرجان «كان» الفرنسي عرضها في دورته الأخيرة، بعد اعتراض أصحاب دور السينما الفرنسية.

الفونسو كوارون يفضل الشاشة الكبيرة

أحد الأفلام، التي رفضها «كانّ» وعُرضت في «البندقية» كان تحفة المخرج المكيكسي الفونسو كوارون، «روما»، التي يعود فيها الى بلده مكسيكو سيتي ليسرد قصة مستلهمة من طفولته عن خادمة في بيت عائلة ثرية، يعالج من خلالها الواقع الاجتماعي والسياسي في المكسيك في بداية السبيعينيات والحزازات بين الطبقات الاجتماعية المختلفة والأعراق والجنسيين. 

وفي حديث معه أكد لي أنه يفضل الشاشة الكبيرة لطرح أفلامه، ولكن عليه أن يأخذ بالحسبان التغيير على ارض الواقع. «بلا شك أن الشاشة الكبيرة تمنح المشاهد نقائية عالية للصوت والصورة. ولكن في الأعوام الأخيرة طرح الأفلام في دور السينما قصّر من حياة الفيلم. بينما حياة الفيلم عبر مواقع الأفلام تستمر الى الأبد».

«روما» يتسم بجماليات بصرية رائعة ومبهرة، صورها كوارون بنفسه بالأبيض والأسود، ولم يستخدم الألوان أبدا. وذلك خلافا لفيلمه السابق، «جاذبية»، الذي ابتكر فيه تقنية تصوير حديثة من أجل تصويره، وطرح كوارون ذلك الفيلم أيضا في المهرجان عام 2013 وفاز لاحقا بثماني جوائز أوسكار.

«إن تصوير «روما» بالأبيض والأسود هو جزء لا يتجزأ من سرد القصة»، يوضح كوارون. «أنا لم أستخدم التصوير الأبيض والأسود الكلاسيكي، بل استخدمت نوعا حديثا منه من خلال التصوير الرقمي، الذي يكون أكثر نقاء. لهذا هو انشطار، لدينا اللون المعاصر للتعبير عن الماضي».

«نيتلفكس» وخمسة أفلام

إضافة لروما، حضرت شركة «نيتلفكس» بخمسة أفلام أخرى، من إخراج وبطولة نجوم عالميين تألقوا على البساط الأحمر وأشعلوه باضواء الكاميرات، التي كانت خافتة في مهرجان كان السينمائي، بسبب شح النجوم. ومن ضمنهم الأخوان كووين، اللذان حضرا بفيلم الويسترن «ذي بالاد أوف باستر سكراغز»، الذي يطرح خمس روايات مختلفة في الفيلم. والبريطاني بول غرينغراس، الذي يتناول عواقب مقتل 77 نرويجيا عام 2011 برصاص متطرف يميني. وفيلم المخرج الراحل أورسون ويليز «الجانب الآخر من الريح».

ومن النجوم الذين عادوا الى البندقية الأمريكية إيما ستون، التي فازت بجائزة أفضل ممثلة قبل عامين عن دورها في «لا لا لاند»، وذهبت لتحصد جائزة الأوسكار عن الدور نفسه. وحضرت هذا العام مع فيلم المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس «المفضلة»، الذي تدور أحداثه في القرن السابع عشر، وتلعب فيه دور خادمة تنجح في كسب ثقة ومحبة الملكة آن، التي تؤدي دورها أوليفيا كولمان، وتقنعها بطرد أقرب صديقة حميمة ومستشارة لها من القصر (راتشيل وايز) لتحل محلها.

خلافا لستون، فNن كولمان ووايز عملا مع المخرج السريالي من قبل في فيلم «سرطان البحر». «صحيح، لكنني استمتعت جدا بالعمل معه، لأنه لا يطلب منك الالتزام بالشخصية الواقعية، ويحثك على استخدام خيالك في بناء الشخصية وهذا كان محررا جدا لي كممثلة».

«المفضلة» هو أول فيلم واقعي للمخرج السريالي لانثيموس، المعروف بأفلامه الغريبة الأطوار، مثل «سرطان البحر» و»مقتل غزال مقدس». ولكنه يصر على أن الفيلم لا يختلف سينمائيا عن أفلامه السابقة «هدفي من صنع هذا الفيلم كان تجربة تطبيق منهجي السينمائي في هذا النوع من الأفلام التاريخية».

أفلام خارج المسابقة الرسمية

الفيلم الذي كان محور اهتمام رواد المهرجان كان «ولادة نجم»، الذي عرض خارج المسابقة، وذلك بفضل بطلته نجمة الروك، ليدي غاغا، التي أشعلت صراخ المعجبين عندما وصلت البساط الأحمر مع المخرج وشريكها في بطولة الفيلم، الممثل برادلي كوبر. 

«ولادة نجم» يحكي قصة فتاة تحلم أن تصبح مغنية محترفة وتحقق ذلك عندما تلتقي بنجم روك شهير، يدعوها للغناء معه على المنصة ثم يتزوجها، وسرعان ما تصعد الى قمة مهنتها بينما يخفت نجم زوجها بسبب إدمانه على الكحول. 

الفيلم لقي اعجاب جمهور المهرجان، الذين صفق بحرارة لمدة 15 دقائق بعد نهاية العرض الأول، بينما كانوا يهتفون بإسم ليدي غاغا، التي ردت عليهم بالقبلات والثناء.

أفلام وثائقية

كما يعرض المهرجان إثني عشر فيلما وثائقيا خارج المسابقة الرسمية. ومن الأفلام الوثائقية، «داعش غدا: أرواح ضائعة في الموصل»، الذي يقدم فيه مخرجوه الإيطاليان فرانشيسكا مانوشي واليسيو رامينزي واقعا مأساويا لعائلات عناصر تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية وضحاياهم من سكان الموصل في العراق بعد استعادة السيطرة عليها من قبل القوات العراقية وحلفائها. وفي حديث معهما قالا إنهما صنعا هذا الفيلم عندما سمعا أن الحكومة العراقية تخطط للقضاء على أطفال ونساء عناصر داعش. 

ورغم أن الأطفال والنساء الذين معهم يخبرون بأن حلمهم هو قتل الأوروبيين إلا أنهما يصران على أنهم ضحايا «لم يرتكبوا جرائم مثل آبائهم»، تقول مانوشي «وعلى الحكومة أن تدمجهم في المجتمع وإلا سيتحولون مثل آبائهم ويعودون في تنظيم إرهاب ربما أخطر».

أفلام عربية

غابت الأفلام العربية في منافسة المهرجان الرسمية، التي تضم واحدا وعشرين فيلما. ولكن هناك سبعة منها تشارك في فئات أخرى من المهرجان. اثنان يشاركان في مسابقة «آفاق»، وهما: «تل ابيب تحترق» للمخرج الفلسطيني سامح زعبي والثاني «يوم أضعت ظلي» للمخرجة السورية سؤدد كعدان، وفي فئة «أيام فينيسيا» يشارك «مفك» للمخرج الفلسطيني بسام جرباوي، بينما يتنافس فيلمان سوريان وهما «ما زال يسجل» من المخرجان سعيد البطل وغيث أيوب و»دشرة» للمخرج عبد الحميد بوشناق وفيلم سوداني وهو «أكاشا» للمخرج حجوج كوكا في فئة «أسبوع النقاد». كما تعرض المخرجة السعودية هيفاء المنصور فيلما قصيرا وهو «عرس إبنة المغني» في قسم العروض الخاصة.

وعُرض فيلم الفلسطيني سامح زعبي وهو «تل أبيب تحترق»، الذي يدور حول كاتب سيناريو فلسطيني، يتعاون مع ضابط حرس حدود إسرائيلي، أوقفه على نقطة تفتيش، في كتابة سيناريو مسلسل تلفزيوني شعبي لكي يتفادى تحرشه به.

الفيلم أثار إعجاب رواد المهرجان وحاز على مدح النقاد. ولكنه أيضا أشعل الجدل عربيا لكونه من انتاج اسرائيل بالاشتراك مع لوكسمبورغ وبلجيكا وفرنسا، ولكن زعبي يصر على أن التمويل هو من حقه لأن الحكومة الإسرائيلية تفرض الضرائب على فلسطيني 48 «ليس لنا خيار آخر. هذه هي أموال ضرائبنا ومن حقنا أن نحصل عليها».

أفلام الواقع الافتراضي

مثل غيره من المهرجانات الكبرى، يقدم hgمهرجان فينيسيا زاوية لأفلام الواقع الافتراضي، التي لا تعرض في قاعات السينما، بل في مكان خاص بها لأن مشاهدتها تتطلب نظارات خاصة تمكن المتلقي من رؤية مئة وعشرين درجة من محيطه.

ومن ضمن تلك الأفلام «إصرخ» للمخرجة ماي عبدالله، الذي يتناول مطالبة النساء البريطانيات بحق التصويت في بداية القرن العشرين.

يستمر المهرجان بعرض أفلامه حتى الثامن من الشهر الجاري عندما يعلن عن جوائزه وعلى رأسها جائزة الأسد الذهبي. ولكن الأهمَ من جوائزه هو كونُه محطةَ انطلاق موسم الجوائز السينمائية، الذي ينتهي بمنح جوائز الأوسكار بداية العام المقبل.

####

«بيترلو» للبريطاني مايك لي…

خيل السلطة لا تقوى على إخراس المطالبين بالحقوق

البندقية ـ «القدس العربي» من نسرين سيد أحمد:

للدراما التاريخية دور بارز في مهرجان البندقية السينمائي في دورته الخامسة والسبعين (29 أغسطس/آب إلى 8 سبتمبر/أيلول)، ولعل أفضل ما شاهدناه في المهرجان من هذه الأفلام فيلم «بيترلو» للمخرج البريطاني مايك لي. 

«بيترلو»، المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، فيلم ضروري ويأتي في لحظة نحتاجه فيها تماما، كما لو أنه يثبت أن الماضي يعيد نفسه في الحاضر. فيلم سياسي خطابي، ولا يخفي ذلك، يقدم رسالته السياسية المطالبة بالحقوق والديمقراطية بوضوح وجلاء لا يخفت له صوت. فيلم ممتد ملحمي، تفوق مدته الساعتين ونصف الساعة، فيما يشبه صيحة ممتددة غاضبة ترددها جموع سُلبت حقوقها، وليس في يدها سلاح سوى الخروج بالآلاف للمطالبة بالحقوق والحق والعدل. يصور الفيلم الأحداث التي أدت إلى التدخل القامع للشرطة وخيالتها ما أدى إلى مقتل عدد من المتظاهرين من الكادحين والفقراء المطالبين بحقوقهم في بيترسفيلد في مانشستر في إنكلترا عام 1819، في مذبحة يعرفها التاريخ باسم مذبحة بيترلو. 

الفيلم يحيي ذكرى من قضوا في هذه المذبحة، في الوقت الذي يشير فيه إلى التشابهات بين ما جرى في السابق وما يجري في وقتنا الحالي من أحداث.

يبدأ الفيلم بساحة القتال في معركة ووترلو، بعد أن حققت بريطانيا انتصارها على نابليون والفرنسيين، وبينما يحتفل القادة ويطالب البرلمان بإغداق العطايا على القادة العسكريين الذين قادوا الجيش للنصر، نرى جنديا نحيلا يبدو عليه الذهول. الجندي هو جوزيف (ديفيد مورست)، ابن أسرة كادحة من العاملين في صناعة النسيج في مانشستر. يتابع لي في عدد من المشاهد رحلة الجندي المنهك المصدوم من ساحة القتال، حتى ينهار في حضن أمه في بيت الأسرة في مانشستر. ليست قصة جوزيف القصة الوحيدة أو الرئيسية في الفيلم، ولكنه واحد كغيره من آلاف الفقراء والكادحين الذين لا يجدون قوت يومهم، والذين سُلبوا حقوقهم.

عبر عدد من الشخصيات والمواقف يصور لي الإحساس بالغبن والظلم الذي يعتمل لدى الكثيربن، والإحساس بالغضب لدى الفقراء والمهمشين الذين تجبى منهم ضرائب باهظة، ولا يحصلون على أي حقوق. الغضب يمور في الصدور، ويقرر الناس الاحتشاد في بيترزفيلد في مانشستر في مظاهرة حاشدة للمطالبة بحقهم في التصويت في الانتخابات وللمطالبة بإصلاحات سياسية وبرلمانية.

الفيلم يحفل بالخطب السياسية، الخطب التي تشحذ همم الناس للتظاهر وللمطالبة بحقوقهم، خطب أحيانا يتعالى أصحابها من المتعلمين الذين يرون أنهم وعي الأمة على الفقراء الذين يرونهم كتابعين يجب توعيتهم. خطب صادقة تأتي من قلب يشعر حقا بالظلم والقهر، وخطب معتدلة في مطالبها، وخطب تقطر غضبا تطالب بحمل المتظاهرين للسلاح. يبدو لنا كما لو أن لي، المعلم اليساري الكبير والمخرج صاحب المسيرة العظيمة، قرر أن يضمّن فيلمه دليلا حيا على قدرة الكلمات أن تحدث تغييرا، وأن تلهب الحماس. يؤكد لي على مكانة الكلمة في الفيلم، ليس في الخطب السياسية فقط، ولكن في الصحف. يكفي أن لي ينهي أحداث مظاهرة بيترزفيلد بعد المذبحة، بالصحافيين الذين وقفوا وسط جثث القتلى ليكونوا شهودا على الواقعة ولينقلوا ما شهدوه إلى القراء.

يخشى أصحاب النفوذ في لندن على مصالحهم ونفوذهم وأخشى ما يخشونه هو أن تمتد الاحتجاجات لتصبح ثورة عارمة تقضي عليهم، مثلما جرى في فرنسا المجاورة. يدفع ذلك السلطات إلى قمع المتظاهرين بلا هوادة أو رحمة. يصور لي البون الشاسع بين حياة الحاكم والمحكوم، بين ترف الحاكم وشظف عيش المحكوم. يقدم لي فيلما ملحميا يحتفي بكفاح المطالبين بحقوقهم ويعلي سعيهم. يبدو الفيلم كلوحة فسيسفاء ضخمة ممتدة، لا يمكن أن تلتحم أو تكتمل إذا انتزع أي من أجزائها. ما يدور في أروقة البرلمان، وما يدور بين الساسة، وما يجري في القصر الملكي، وما يجري في المحاكم وأقبية الشرطة، وما يدور في الحياة اليومية للأسر المطالبة بحقوقها في مانشستر يتكامل ليكون معزوفة ممتدة متكاملة.

«بيترلو» فيلم صادق في غضبه وصادق في مطالبه، ونستشعر صدقه في كل كلمة ومشهد والتفاتة. هو فيلم قبل كل شيء عن الرغبة في إحقاق الحق، وعن التظاهر كسبيل سلمي لإحداث تغيير. المطالبة بالحقوق والرغبة في إعطاء كل ذي حق حقه هي صاحبة اليد العليا في الفيلم الذي لا يبرز لي أيا من شخوصه على حساب شخصية أخرى ولا يعلي حدثا فوق آخر. حتى الخطيب المفوه هنري هانت (روي كنير) لا يطغى على غيره من الشخصيات. يبدو لنا هانت مزهوا بحاله كصاحب مال وثقافة يباهي بدعمه لحقوق الفقراء وللإصلاح السياسي، ولكنه في نهاية المطاف لا يمثل إلا جزءا صغيرا من اللوحة الكبيرة التي يرسمها لي.

القدس العربي اللندنية في

06.09.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)