كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"شكل الماء".. السنتمنتالية تقتل

محمد صبحي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2018)

   
 
 
 
 

ثمة حكاية شعبية قديمة تخبرنا بأنه إذا وضعت كتاباً تحت وسادة نومك، يمكن للمعرفة التسلل والنفاذ إلى داخل دماغك أثناء النوم. تخيّل نوعية الأحلام التي قد تأتيك إذا كنت تسكن مباشرة فوق إحدى صالات العرض السينمائي القديمة. هذا ما يفسّرالشكل الذي ظهر عليه فيلم (شكل الماء)"ذي شيب أوف ووتر"(*) آخر أفلام المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو المشهود له بقدرته على تقديم عوالم خيالية تتماس حكاياتها مع الواقع المعاش وتفتح له آفاقاً أرحب. لكن في فيلمه الأخير، لم يُفعِّل ديل تورو خياله بالقدر اللازم، مفضلاً الاتكاء على إحدى الحكايات الخرافية الشهيرة لتقديم قصة حبّ خيالية بين مخلوق من عالم اليابسة وآخر من عالم المياه، تنويعة أخرى على قصة الجميلة والوحش.

لدينا الجميلة (سالي هاوكينز) وهي امرأة منعزلة تحتفظ ببعض شبابها وفي طبعها رقة وخِفّة واضحتين، تحمل اسماً يخدّم على الصورة التي يريد الفيلم تقديمها عليها. إليزا إيسبوسيتو، ولقبها يعني اليتيمة، صامتة منذ إصابتها في حادث خطير يُبقي الفيلم على غموضه، تعمل كعاملة تنظيف في أحد المراكز الحكومية حيث تُجرى بعض التجارب السرّية والحسّاسة. نحن في الستينيات، في قلب بالتيمور التي كانت لا تزال عشوائية وغير مرغوب العيش فيها. تعيش الجميلة في منزل قديم يعلو إحدى صالات السينما القديمة يملكها أحد محبي الظلال الفضيّة وملاحم الكتاب المقدس، ويجاورها رسّام عجوز (ريتشارد جينكنز) ذهب مجده وعكف ما تبقى من حياته على الرسم لكسب العيش واختبار معاناته الجنسية ومشاهدة أفلام هوليوود الموسيقية في عصرها الذهبي أيام الأربعينيات والخمسينيات. بينما الوحش (مجسَّماً بواسطة الكمبيوتر) يحضر مزيجاً من سمكة ضخمة وجسد بشري، عثر عليه الأميركيون في أدغال البرازيل وأرادوا استغلاله لإجراء التجارب عليه في المركز حيث تعمل جميلة بالتيمور الصامتة.

لا يبدو الأمر كمزحة، ولكن "ذي شيب وف ووتر"، المتوج بأسد مهرجان فينيسيا الذهبي قبل 6 شهور (في حضور فيلمين لدارين أرنوفسكي ومارتن ماكدوناه)، والمنتظر تتويجه بعد أيام بأوسكار أفضل فيلم لعام 2018؛ ليس سوى إعادة صياغة فاقدة النضارة لأمثولة "الجميلة والوحش" كما ظهرت في فيلم خمسيني بعنوان "كريشر فروم ذي بلاك لاغون"، بحضور نفس ثيمات الزيف الاجتماعي والأبعاد الأنثروبولوجية وإضافة توابل درامية ملائمة للفترة الحالية (عنصرية وحقوق نساء وهوموفوبيا ونوستالجيا)، مبنية بالكامل من أجل صناعة فن سينمائي يستعير خاماته الأساسية من حكايات الأطفال الخرافية وجاهز لاستهلاك المتفرجين الكبار الباحثين عن خيبة أمل رومانتيكية تستنزف ما لديهم من رصيد "المُحن" والسنتمنتالية المخزنة.

تجتمع الجميلة بالوحش في الطابق السفلي من المختبر، حيث يتعرض الكائن البرمائي لتجارب قاتمة لا يستطيع القدر الكبير من القسوة المستخدمة فيها تعريفنا بالكيفية أو الأسباب التي ستجعلها حاسمة في تقدّم الأميركيين على حساب السوفييات في سباق الفضاء: مرة أخرى، نحن في الستينيات، والكلبة لايكا أوصلها السوفييات إلى الفضاء، وها هم يتبعوها بيوري غاغارين، والأميركيون يعصرون أدمغتهم للاستفادة من ذلك الكائن البرمائي وإرساله إلى الفضاء. تقرر الجميلة إنقاذ الوحش حين تعلم بنية التخلّص منه وقتله، وحتى ذلك التطور الدرامي الذي سيمدّ في زمن الفيلم ساعة كاملة يبدو غير مفهوم بالمرة، رغم محاولة الفيلم تعليله بسذاجة مباشرة توضّح فيها الجميلة أوجه شبهها بذلك الوحش المنبوذ من الجميع. إلى ذلك، ستضع الجميلة خطة التهريب، بمساعدة جارها العجوز وزميلتها السمراء (أوكتافيا سبنسر)، وستهديها المصادفة تعاوناً من أحد العلماء (مايكل ستولبرغ) يعمل لحساب الموساد والكي جي بي معاً. في النهاية، يصل الوحش بسلام إلى بيته الجديد، حوض استحمام الجميلة، ذلك الذي ظهر في أول مشاهد الفيلم والبطلة تستمني بداخله، ليكون عليه الحضور من جديد شاهداً على حصول صاحبته على الحب الحقيقي، بمضاجعتها إلهاً سابقاً في حمّامها الذي تحوّل –بغلق الأبواب والنوافذ وفتح صنبور المياه- إلى بحيرة صغيرة تليق بقصة الحب الخيالية.

الآن، نحن أمام حب بلا حدود، سائل ومتدفق مثل ماء يحاوط ويُغرِق، بما في ذلك منزل الجميلة والسينما أدناه، منغمساً في الموسيقى التصويرية المتخمة بإفراط مجاني. هذا هو "ماستر سين" الفيلم، أو ما يُفترض أن يكونه.

لكن هل يمكن أن يغيب الشرير الذي يضع نفسه في منتصف قصة الحب الخيالية تلك؟ بالتأكيد لا. وفي الواقع، شخصية الضابط ريتشارد ستريكلاند (مايكل شانون) هي واحدة من هذه الشخصيات الكاريكاتورية في شرّها وغدرها، ومناسبة تماماً لأجواء تلك الحكايات الطفولية: هو ممثل الحكومة المسؤولة عن الأمن، وهو على صلة بالرتب العسكرية الأعلى التي في يدها تقرير مصير الكائن البرمائي، وفي لحظة ما سيكون القرار بإماتته، بعد المرور بفقرة تعذيب سادية له (ليس من الواضح سببها مع ذلك)، وفي النهاية سيكون عليه مطاردته بعد تحريره من طرف الجميلة. بالتالي، فإن البناء الذي يعتمد عليه "ذي شيب أوف ووتر" ليس سوى هيكل حكاية خرافية معاصرة للبالغين، تتخلّلها قصص إثارة ودراما وحتى جاسوسية وهزليات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيياتي، لأنه من الواضح أننا في ذروة تلك المناكفات بين القطبين الساعيين لتأكيد ريادتهما عالمياً. العنصر الشاذ الوحيد وسط تلك الحبكة الحاضر لإضفاء الكوميديا كأولوية، هو شخصية العالم روبرت هوفستيتلر (الذي نعرف لاحقاً أنه جاسوس سوفيياتي، بل إن اسمه الحقيقي ديمتري).

ثم بالطبع هناك هذه الثيمة المألوفة عن الموهوبين الأوتسايدرز وغريبي الأطوار الذين نلتقيهم في أحوالهم البائسة متروكين ومهملين ليعانون وحدةً ونبذاً اجتماعياً لا يستحقونه بما هم عليه، وعن الحب الجمعي الذي يفتح أكواناً لانهائية أمام الفرد بعدما ظنَّ أنه متروك للاستمناء في حوض الاستحمام حتى آخر حياته، وعن الوحش الذي ليس بوحش حقيقي لأن البشاعة تقيم في كل مكان حولنا. ساعتان وبضع دقائق هي مدة الفيلم، وفي لحظات معينة يطفو الملل فوق ما يظهر على الشاشة، متوقعاً ومعاداً ومكروراً، وقليل من تلك اللحظات المملّة يخدم إعادة البناء لتلك الفترة الزمنية التي يستدعيها الفيلم ويطرّزه بمشهد يستحق التنويه (الوحش الواقف أمام الشاشة الكبيرة التي تعرض فيلما مقتبساً من حكايات الكتاب المقدس في صالة السينما أسفل منزل الجميلة).

"ذي شيب أوف ووتر" مخيّب للغاية وغير ناجح إلا في تغذية فخر هوليووي مدموغ بقدرته الفائقة على حبك قصص إنسانية ساذجة بسنتمنتاليتها الفاقعة ووعدها الدائم بتكبير المدى الممكن لحياة كل فرد من جمهورها، وهو نهج يصل أقصاه في المشهد الختامي من الفيلم الذي يترك المتفرجين مع نهاية سعيدة لا تخلو من المرارة (bittersweet)، تحصل فيها الجميلة على حياة أخرى في عالم غير عالمها الأصلي الظالم. ربما هذا الوعد بحياة أخرى جديرة بالإنسان، يرغب فيها ويألفها، هو السرّ وراء الأزيز المدائحي في حق الفيلم منذ بدء موسم الجوائز، لكن، ثمة فيلم آخر من خارج هوليوود يستحق العودة إليه في خضم ذلك التهافت على فيلم ديل تورو وقصته الخيالية عن قصة حب تجمع امرأة ووحش. في فيلم "العم بونمي الذي يمكنه تذكر حيواته السابقة" للمخرج التايلاندي أبيشاتبونغ ويراسيثاكول، ثمة مشهد في منتصف الفيلم يحدث في زمن حلمي أو فوق واقعي يمثّل حكاية أسطورية عن قصة حب بين أميرة تايلندية ومخلوق مائي في سفح شلال. مشهد بديع لا تتجاوز مدته خمس دقائق، لكنه يحمل تأثيراً يفوق كل هذه الدقائق المجانية المهدورة في فيلم ديل تورو للخلوص إلى النتيجة ذاتها: الحب يمكن العثور عليه في أكثر الأماكن غير المتوقعة، ونحن بما نحن عليه فعلاً وليس بما يظهر علينا.

في الأخير، ربما يكون عديم الجدوى في هذه الحالة، مع فيلم يحمل رسالة مباشرة وبديهية من فرط قدمها، أن يتبادر فور نهايته سؤالان إلى الذهن: ما الذي جعل فيلماً كهذا يدخل المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي (مسألة فوزه بالجائزة الكبرى للمهرجان تظل لغزاً غير مفهوم)؟ وقبل كل شيء، بما أننا على أعتاب تتويج متوقع لهذا الفيلم بحفنة من جوائز الأوسكار: كيف يمكن للجنة تحكيم (أو أي هيئة مشابهة) أن تصدر قراراً بتتويج ذلك الفيلم على حساب فيلم مثل "فانتوم ثريد" يفوقه في كافة العناصر الفنية تقريباً أو فيلم مثل "كول مي باي يور نيم" أو حتى "ثري بيلبوردز أوتسايد إيبينغ ميزوي"؟ وهذا الأخير مثال آخر لأفلام تأخذ أكثر مما تستحق، فقط لأنها تداعب خيال وأذواق فئة سائدة ترضى بالإشارة إلى أطراف أشياء ومسائل تصادف أنها تشكّل "تريند" في لحظة معينة.

(*) يُعرض حالياً في سينما متروبوليس أمبير صوفيل (الأشرفية – بيروت)

(**) هامشذكر موقع bbcأن فيلم "شكل الماء" يواجه، قضية انتهاك حقوق الملكية الفكرية، حيث يُزعم أنه استنسخ "بوقاحة" قصة مسرحية نشرت عام 1969.

وقد رفعت عائلة الكاتب المسرحي الحاصل على جائزة بوليتزر، بول زيندل، دعوى ضد المخرج غييرمو ديل تورو والشركة المنتجة للفيلم. وقال ديل تورو إنه لم يسمع أبدا بالمسرحية قبل صنعه فيلم "شكل الماء" وكذلك الحال مع شركائه الآخرين.

وقد قاضت عائلة الكاتب زيندل الاستوديو والمخرج وآخرين في محكمة في كاليفورنيا الأربعاء، قائلين إن الفيلم "متطابق في عدد من النواحي" مع مسرحيته "دعني أسمع همستك". وتحكي المسرحية قصة هيلين، عاملة تنظيف وظفت حديثا للعمل في مختبر تجرى فيه تجارب على الدلافين. فتنمي علاقة مع أحد هذه الدلافين وتسمعه موسيقى في محاولة للكلام والتواصل معه.

 وزعم المحامي مارك توبروف أمام المحكمة أن ثمة 61 تشابها بين العملين، قائلا إن كليهما من قصص الحرب الباردة في الستينيات عن عاملة غير متزوجة وعلاقتها مع كائن مائي. وهذا الكائن في المسرحية دولفين، أما في الفيلم فهو كائن برمائي لديه زعانف وخياشيم. وقال "على الرغم من تقديم فيلم "شكل الماء" إلى الجمهور على أنه عمل خيال علمي وفنتازيا بالغ الأصالة، لكنه في الواقع ينسخ بوقاحة قصة وعناصر وشخصيات وثيمات من عمل الكاتب الفائز بجائزة بوليتزر بول زيندل".

وهذه ليست المرة الأولى التي يُتهم بها الفيلم بالانتحال أو السرقة الفنية، ففي وقت سابق هذا العام خلصت أكاديمية السينما في هولندا أن فيلم "شكل الماء" لا صلة له بفيلم قصير يدعى "الفضاء الذي بيننا" بعد أن زعم بعض المشاهدين أن ثمة تشابهات بين الفيلمين. 

المدن الإلكترونية في

25.02.2018

 
 

Three billboards... نجم الأوسكار وفيلم العام!

 علي وجيه

من غير السهل الحصول على تمويل لأفلام كهذه في هوليوود اليوم. «ثلاث لوحات إعلانيّة خارج إيبنغ، ميسوري» Three Billboards Outside Ebbing, Missouri ليس بلوكباستر عن بطل خارق، أو كارثة مدمّرة، أو غزو فضائي، أو سواها من خلطات البوكس أوفيس المفضّلة. الاستوديوهات لم تعد تخاطر كثيراً، وسط تراجع نسبي في عدد روّاد الصالات الأميركيّة، لحساب منصّات مثل «نتفليكس» ومتاجر سينما المنزل المدفوعة.

ولكن من حسن الحظ أنّ هامش السينما المغايرة ليس معدوماً تماماً، بوجود صنّاع مثل مارتن ماكدونا (1970)، قادر على افتكاك 12 مليون دولار لإنجاز جديده. ميزانية مضحكة بمعايير هوليوود، إلا أنّ عبارة تيري زويغوف الذهبيّة تعبير مثالي عن هذا الشريط المدهش: «سيناريو جيّد، وكاستنغ صحيح يعني 90% من العمل». الـ 10% المتبقيّة هي إخراج ماكدونا العميق وغير المتكلّف في آن.

في فيلمه السابق «سبعة سايكوباثيّون» (2012)، تعلّم السينمائي اللندني أنّ الاستعراض الإخراجي الزائد عبء وعيب، مع النتيجة المتوسطة التي خرج عليها. لم يكن تطوّراً إيجابياً عن باكورته الجميلة في الروائي الطويل «في بروج» (2008). أدرك أنّ القوّة تكمن في البساطة، والتخديم على الدراما، بعيداً عن الزخرفة والتحذلق. موسم الجوائز لم يشح بوجهه، كما فعل مع «قتل غزال مقدّس» ليورغوس لانثيموس، و«آخر علم يرفرف» لريتشارد لينكلاتر. جاء كريماً بـ 7 ترشيحات أوسكار ضمن الفئات الكبيرة، و4 جوائز غولدن غلوبز، و5 بافتا وغيرها...

لنقفز إلى الفيلم نفسه. «ملدريد» (فرانسيس مكدورماند) أمّ تنشد العدالة في قضية اغتصاب وقتل ابنتها، إثر فشل التحقيقات في الوصول إلى المجرم. تتحدّى الشرطة المتمثّلة برئيسها «ويلوبي» (وودي هارلسون) وأحد أفرادها «ديكسون» (سام روكويل)، باستئجار ثلاث لوحات إعلانيّة شبه مهجورة، وكتابة استفسار علنيّ صادم عليها. الأوّل رجل عائلة ودود، يحظى باحترام الجميع. الثاني عنصريّ أرعن، يمثّل كل ما يجب ألا يكون عليه رجل القانون. لا ننسى أنّنا في بلدة نائية، حيث الجميع يعرف الجميع. هكذا، يبدأ مسار يبدو للوهلة الأولى صعب التصعيد والتعقيد. غير أنّ ورق ماكدونا ماكر أكثر ممّا يمكن لأحد أن يتخيّل، مهما وضع من احتمالات. عدم القدرة على التوقع من صفات السيناريو الرفيع، وهو ما يتجلّى بأفضل شكل ممكن.

تناغم لافت بين طرافة مظلمة، وعنف لفظيّ وجسديّ

الأسباب عديدة. أغلب الشخوص جاثمة على إرث متراكم من شعور بالذنب، وغضب داخليّ مكبوت تجاه أمور مختلفة. هذا يجعلها تتخّذ قرارات صادمة وعجيبة، لكنّها مفهومة ومقنعة بشكل غريب. يُضاف إلى ذلك تنوّعها الفكري والعرقي وحتى الشكلي، في إبراز مقصود لشتى أشكال الاختلاف. ارتباطها بشبكة شائكة وخصبة من العلاقات القابلة للتفجير أو الإخماد. غناها الجوّاني. مراوحتها السلسة بين مشاعر ومواقف متباينة في وقت واحد. كل ذلك مغلّف بحوار أقل ما يُقال فيه أنّه قنبلة موقوتة من العبقريّة. تناغم لافت بين طرافة مظلمة، وعنف لفظيّ وجسديّ. ديالوغ لا يتورّع عن تسمية ما يتجنّب كثيرون ذكره مباشرةً. مكاشفات «وقحة» على مدى ساعتين، ضمن مجتمع عفويّ، غرائزي، قطيعيّ، بلا غطاء. عنصريّة متأصّلة. عنف معتاد. هشاشة بناء الفرد والعقد الاجتماعي برمّته. إستابلشمنت متهالك يولّد أخطر ما يمكن داخل الفرد: الغضب الأعمى.

لطالما حضرت بعض هذه الأسباب في سينما مارتن ماكدونا، الذي يراوح عادةً بين سكورسيزي وتارانتينو ولينش وديفيد ماميت. هنا، يحلّق خارج كلّ شيء. يجترح بداية جديدة. ينحاز للطبيعة البشريّة من دون تجميل. ينهل من خلفيته المسرحيّة الرفيعة، في قول الكثير بلا تلقين أو مباشرة. يبلسم الجراح بالانتصار لجمال شخصياته في أصفى حالاتها. ثمّة تقدير رقيق للضعف والهشاشة، مع تراكم خلّاب نحو الخلاص والتطهير. «العبرة في الرحلة» كما يُقال عن ذلك التفاعل المعقد داخل النفس البشريّة، عن قوّة الحب في وجه الغضب واليأس، عن الاختلاف والتقبّل، عن الإنسان الهش الذي لا يدرك أنّ نواة قوّته تكمن في مواطن ضعفه. الأجمل أنّ هذا «الباكج» بكلّ ما فيه من شخوص وتفرّعات عن الحكاية الرئيسة، لا ينزلق من كفّي ماكدونا. بدراية مذهلة، يبقى ممسكاً بإيقاع صعب ومرهق ودقيق للغاية.

سينال «ثلاث لوحات إعلانيّة خارج إيبنغ، ميسوري» تقديراً أوسكارياً مستحقاً عن السيناريو الأصلي لماكدونا، وأفضل ممثّلة لمكدورماند (لا منازع لها في هذه الفئة)، وأفضل ممثّل في دور ثانٍ لروكويل. هذا الأخير «فدائي» راقص. ألقى بنفسه في أفلام مستقلّة عديدة، بقي بعضها مجهولاً. دوره في «موون» (2009) لدنكان جونز، لا يُنسى بالفعل. يتنافس على التمثال مع وودي هارلسون، الذي يثبت دائماً أنّه خلق ليمثّل.

في المحصلة، هذا شريط العام، بالتجاور مع «شكل المياه» لغييرمو ديل تورو، بل إنّه أفضل، وأكثر حميميةً وقرباً. عميق في بساطته. حاد في رهافته. مظلم في سخريته. حارق في عذوبته. متعدد في مستويات إحالته. طازج وطويل الأمد في تأثيره، وهذا من جوهر السينما الرفيعة.

Three Billboards Outside Ebbing, Missouri: صالات «أمبير» (1269)، «غراند سينما» (01/209109)، «فوكس» (01/285582)، «سينما سيتي» (01995195)

الأخبار اللبنانية في

26.02.2018

 
 

تعرف على سبب حرمان منتج فيلم "آخر الرجال فى حلب" من حضور الأوسكار

أ ش أ

حُرم كريم عبيد منتج الفيلم السوري المرشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم وثائقي (آخر الرجال في حلب) من الحصول على تأشيرة سفر للولايات المتحدة الأمريكية بسبب قانون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر السفر عن ست دول ذات أغلبية مسلمة.

وذكرت صحيفة (الديلي ميل) البريطانية، اليوم الاثنين، أن نصف عدد فريق عمل الفيلم السوري لن يتمكن من حضور حفل الأوسكار في الوقت الذي يتبنى فيه الرئيس الأمريكي نظاما للهجرة يقول إنه مبني على أساس الكفاءة.

ومن جانبها، أصدرت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بيانا تضامنيا مع منتج الفيلم السوري وباقي فريق عمله.

اليوم السابع المصرية في

26.02.2018

 
 

تعرف على مقدمي الاستعراضات الغنائية في حفل أوسكار 2018.. لحظة تاريخية لهذه المغنية

أمل مجدي

أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة عن قائمة المغنيين الذي سيشاركون في الاستعراضات الغنائية لحفل الأوسكار في دورته الـ90، المقرر إقامته في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين 5 مارس.

وتتضمن هذه العروض تقديم الأغاني الخمس المرشحة لجائزة الأوسكار في فئة أفضل أغنية هذا العام، وهي أغنية Remember Me عن فيلم Coco، وأغنية Stand Up For Something عن فيلم Marshall، وأغنية This Is Me عن فيلم The Greatest Showman، وأغنية Mystery of Love عن فيلم Call Me By Your Name الذي ينافس على جائزة أفضل فيلم لهذا العام، وأخيرًا أغنية Mighty River عن فيلم Mudbound.

Remember Me

أغنية فيلم Coco الذي ينافس على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، سيغنيها الثلاثي: الممثل جايل جارسيا برنال والمغنية ناتاليا لافوركاد والمغني ميجيل.

Stand Up for Something

يصعد كل من مغني الراب كومون والمغنية أندرا داي على المسرح سويا، لتقديم أغنية فيلم السيرة الذاتية Marshall. الفيلم من بطولة الممثل شادويك بوسمان، المعروف بفيلم البطل الخارق Black Panther.

This is Me

ينتظر كثيرون أغنية الفيلم الاستعراضي The Greatest Showman نظرًا لمشاركة مجموعة من نجوم الصف الأول في غنائها. وقد أعلنت أكاديمية الأوسكار أن الممثلة والمغنية كيلا سيتل، هي من ستقدم الأغنية الشهيرة.

Mystery of Love

كاتب ومؤدي أغنية فيلم Call Me By Your Name، سوفجان ستيفنز، سيصعد على مسرح دولبي ليقدم واحدة من أشهر تركات هذا العام.

Mighty River

استطاع فيلم Mudbound تحقيق مجموعة من الأرقام القياسية تسجل للمرة الأولى في تاريخ الأوسكار؛ منها أن المغنية ماري جي بلايج، أول فنانة ترشح لجائزة أفضل أداء تمثيلي وأفضل أغنية، في العام نفسه. لذلك، يتوقع كثيرون أن يكون استعراضها على مسرح دولبي مميزًا كي يتناسب مع اللحظة التاريخية.

####

(ساخر)- النسخ الحقيقية لبوسترات أفلام الأوسكار.. هذا الفيلم يشجع على الاضطراب الجنسي

أمل مجدي

أقل من 10 أيام تفصلنا عن حفل توزيع جوائز الأوسكار، في دورته الـ90، لذلك يحرص كثيرون على مشاهدة الأفلام المرشحة في الفئات المهمة لتكوين وجهة نظر حول مدى استحقاقها للجائزة الأهم في هوليوود.

وكعادته، أصدر موقع CollegeHumor قائمته السنوية للملصقات الدعائية الخاصة بالأفلام المرشحة، والتي تحمل طابعا كوميديا يهدف إلى السخرية من الموضوعات المطروحة.

وتضمنت القائمة التي يسميها الموقع "النسخة الصادقة للملصقات الدعائية" الأفلام التسعة المرشحة لجائزة أفضل فيلم، إلى جانب فيلم I, Tonya الذي ينافس على 3 جوائز في فئات أخرى

1- فيلم The post

"طُعم الأوسكار".. اعتبر فريق عمل الموقع أن هذا الفيلم نال ترشيحين لجائزة الأوسكار بعدما تضمن مجموعة من العوامل التي ساعدت على تعزيز فرصه أمام أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة. وذكر الموقع أن اختيار كل من توم هانكس وميريل ستريب في فيلم يخرجه ستيفن سبيلبيرج كان الدافع الأساسي وراء ترشح الفيلم، إلى جانب موضوعه السياسي بالطبع. وكأنه فيلم يحاكي أفلام الجوائز.

قصة الفيلم مأخوذة عن أحداث حقيقية، وتركز على تقارير سرية حصلت عليها صحيفتا The New York times وThe Washington Post، من داخل مبنى وزارة الدفاع الأمريكية في بداية سبعينيات القرن الماضي، وكانت هذه التقارير المسربة تخص الحرب في فيتنام وعُرفت وقتها باسم "أوراق البنتاجون". 

2-فيلم The Shape of Water

"البهيمية أمر جيد ومقبول".. نظرًا لأن موضوع فيلم المخرج المكسيكي جييرمو ديل تورو يدور حول قصة حب بين امرأة بكماء وكائن برمائي خلال فترة الحرب الباردة، اعتبر الموقع الساخر أنه تشجيع على البهيمية.

يشار إلى أن البهيمية هي اضطراب جنسي يلجأ من خلاله الشخص إلى ممارسة الجنس مع الحيوانات.

لكن على العكس تماما، فإن الفيلم حالم وخيالي في تقديم مفهوم الحب وأشكاله المختلفة، لأن السيدة البكماء "إليزا" تشعر مع هذا الكائن الغريب بالكمال والسعادة غير المتوفرين في واقعها اليومي.

3--فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

"تخليص العنصريين خارج إيبنج ميزوري".. استغل الموقع الانتقادات التي يواجها فيلم المخرج مارتن ماكدونا بسبب عنصرية شخصية "ديكسون"، التي يجسدها الممثل سام روكويل، وعدم تلقيه العقاب المناسب خلال الأحداث، في السخرية على الملصق الدعائي للفيلم.

تدور الأحداث حول سيدة تتعرض ابنتها للاغتصاب والقتل، وتمر فترة طويلة، دون أن تتمكن الشرطة من الوصول للجاني. فتتخذ خطوة جريئة، تتلخص في تأجير ثلاث لوحات معدنية مكتوب عليها رسالة مثيرة للجدل موجهة إلى مأمور شرطة المدينة.

4- فيلم Call Me By Your Name

غير الموقع الساخر اسم فيلم المخرج لوكا جواداجنينو، لكن بدلا من كتابة" تحت شمس توسكانا" تم تبديل كلمة الشمس بالابن، في إشارة إلى قصة الفيلم التي تركز على موضوع المثلية الجنسية

كما تم التركيز في الملصق الدعائي على مشهد فاكهة الخوخ، الذي تحدث كثيرون عنه وعن دلالته الجنسية.

تدور الأحداث في إيطاليا عام 1983، حول علاقة حب تنشأ بين شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، ورجل ناضج يزور منزل والديه في الصيف.

5-فيلم Lady Bird

شبه الموقع فيلم المخرج جريتا جيروج بفيلم Boyhood، وتم تغيير الاسم إلى Girlhood على اعتبار أنه يركز على قصة حياة فتاة مراهقة تسعى إلى تحقيق ذاتها.

تدور أحداث في الفترة بين عامي 2002 و2003، حول الفتاة المتمردة "كريستين" أو كما تطلق على نفسها "ليدي بيرد"، التي تقترب من بلوغ عامها الـ18، وتتمنى الالتحاق بجامعة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية لتختلط بأوساط الكتاب والمثقفين

6- فيلم Dunkirk

تغير اسم فيلم المخرج كريستوفر نولان إلى شواطئ، بسبب أن معظم أحداثه تدور في ميناء دونكيرك. ونظرًا لأن هناك فيلم يحمل نفس الاسم صدر عام 1988، اعتبر الموقع الساخر أن الفيلم الجديد يعد النسخة الأكثر إجهادا ومشقة.

تدور الأحداث في فترة الحرب العالمية الثانية، حول عملية إجلاء ملحمية لجنود جيوش الحلفاء بعدما تمت محاصرتهم بواسطة الجيش النازي في شواطئ دونكيرك الفرنسية.

7- فيلم Darkest Hour

"النسخة المملة من دونكيرك".. هكذا نظر فريق عمل الموقع إلى فيلم المخرج جو رايت، معتبرين أن الممثل جاري أولدمان يحتاج جائزة الأوسكار عن هذا الدور.

يركز الفيلم على الأيام الأولى من اندلاع الحرب العالمية الثانية، عندما اضطر ملك بريطانيا إلى تكليف ونستون تشرشل بتولي منصب رئاسة الوزراء بعد توافق قوى المعارضة عليه. وقد وقع على عاتق رئيس الوزراء البريطاني الجديد مهام صعبة خلال هذه الفترة الحرجة، خاصة مع سيطرة الجيش النازي على معظم قارة أوروبا. وتوجب عليه اتخاذ قرار بشأن التفاوض مع أدولف هتلر أو شن الحرب عليه.

8-فيلم The Phantom Thread

تبدل اسم فيلم المخرج بول توماس أندرسون إلى 27 Dresses، في إشارة ساخرة إلى الفيلم الرومانسي الكوميدي الصادر عام 2008. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الفيلم يضم مجموعة من الفساتين.

تدور أحداثه في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، حول مصمم أزياء شهير يدعى "رينولدز وودكوك"، تتغير حياته عندما يلتقى امرأة شابة يقع في حبها، وتصبح هي ملهمته.

9-فيلم Get Out

"حقيقي جدا".. رأى الموقع أن فيلم المخرج جوردن بيل لا يبدو فيلما خياليا، نظرًا لأنه يناقش موضوع العنصرية الذي ما زالت تعاني منه الولايات المتحدة الأمريكية حتى وقتنا الراهن.

وسخر الموقع من الجملة المكتوبة على الملصق الدعائي وغيرها إلى "كونك مختلفا لا يعني أنك موضع ترحيب".

تدور أحداث الفيلم حول شاب أمريكي من أصل إفريقي يدعى "كريس واشنطن"، يذهب لزيارة عائلة حبيبته الأوروبية، لكنه مع مرور الوقت يكتشف أن هناك عدد من أصحاب البشرة السمراء جاءوا إلى المكان من قبله واختفوا في ظروف غامضة.

10-فيلم I, Tonya

تغير اسم فيلم المخرج كريج جيليسبي من I, Tonya إلى I, Margot، في إشارة إلى بطلته مارجو روبي، التي اعتبر الموقع أنها كانت تستحق فرصة أفضل من فيلم Suicide Squad.

تجسد مارجو روبي في الفيلم دور اللاعبة تونيا هاردينج، بطلة العالم في سباق التزلج على الجليد خلال فترة التسعينيات.

الفيلم يركز على تونيا، وهي في مرحلة تحقيق البطولات والإنجازات الرياضية، ثم تبدل الحال بعد ما اتفق زوجها السابق مع بلطجي لكسر رجل منافستها نانسي كريجان، حتى تجبر على الانسحاب من بطولة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1994. وينتهي الأمر بإيقاف تونيا مدى الحياة وتجريدها من لقبها.

موقع "في الفن" في

26.02.2018

 
 

خالد أبو بكر يكتب:

من واقع «THE POST».. صراع «السلاح والسياسة» ضد «الصحافة» في زمن الحرب

- المصدر هو البطل الحقيقى لقضية نشر «أوراق البنتاجون» مع ناشرة ورئيس تحرير «واشنطن بوست»

- رغم اعتراض إدارات أمريكية متعاقبة على تغطيات صحفية للحرب فى فيتنام لكنها لم توجه تهمة «الخيانة» لأى صحفى

- الحكومات التى تكذب أكثر هى تلك التى تقاتل لسحق الصحافة ومنعها من القيام بمهامها

- الفيلم يجسِّد لحظة انتصار للصحافة الأمريكية على السلطة بعد تعرضها لانتهاكات بسبب تغطيتها لحرب فيتنام

قد يكون مفيدا لكل صحفى أو مهتم بحريات التعبير والمتخصصين فى الأمن القومى وعموم المواطنين أن يقرأوا عن ذلك الصراع الأزلى والمرير المرتبط بالتوازن بين حرية نشر المعلومات وتداولها ومقتضيات الأمن القومى، لاسيما فى زمن الحرب. لكن الأمر يتجاوز حدود المفيد إلى الممتع والمشوق فى آن واحد عندما تشاهد فصلا من ذلك الصراع الطويل والممتد، أمامك، ومن إخراج عبقرى لمبدع فى حجم ستيفن سبيلبرج، من خلال فيلمه الأخير الذى حمل اسم «The Post» الذى يشير إلى الاسم المختصر لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، ويلعب بطولته توم هانكس فى دور رئيس تحرير هذه الصحيفة بن برادلى، وميريل ستريب التى تقوم بدور مالكة الصحيفة ورئيسة مجلس إدارتها، كاثرين جراهام مطلع سبعينيات القرن الماضى.

تدور أحداث «The Post» حول واحدة من تلك اللحظات المجيدة التى تجسد انتصارا لحرية الصحافة وهى تعطى درسا نموذجيا فى قيامها بأحد أهم أدوارها ــ الذى يتقلص يوما بعد يوم ــ وهو «الرقابة على السلطة التنفيذية»، ذلك أن السلطة – أى سلطة – يسرها جدا ألا ترى سوى الصحافة اللطيفة المسلية، مقلمة الأظافر ومنزوعة الأنياب، أو على الأقل التى لا تجتهد خارج نشرات العلاقات العامة التى تلمع السلطة وتسبح بحمدها، عوضا عن أن تكون عينا واسعة للرأى العام على أدائها!.

هذه اللحظة الحقيقية التى تدور حولها قصة هذا الفيلم تعود إلى تلك الوقفة البطولية لمالكة صحيفة واشنطن بوست ورئيس تحريرها خلال عهد الرئيس الأمريكى، ريتشارد نيكسون عام 1971، بعد أن اتخذا معا قرارا جسورا بنشر وثائق مسربة من وزارة الدفاع الأمريكية، معروفة باسم «أوراق البنتاجون»، وهو المصطلح الشعبى لدراسة سرية من 7000 صفحة موزعة على 47 مجلدا أمر بإجرائها فى أواسط الستينيات روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكى (أدى دوره بروس جرينوود) لدراسة عملية صنع القرار داخل الإدارة الأمريكية فيما يخص الصراع فى فيتنام، والتى تم الانتهاء منها فى نهاية إدارة الرئيس ليندون جونسون (1963ــ 1969)، والتى كشفت أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة: (ترومان، أيزنهاوز، كيندى، جونسون) كانت تكذب على الكونجرس والرأى العام الأمريكى فيما يخص ما يجرى فى فيتنام، لاسيما خلال السنوات الست الأولى (من أصل 14 سنة) من تدخّل أمريكا عسكريا فى هذا البلد الآسيوى سنة 1961 فى عهد جون كيندى.

كشفت الدراسة السرية التى أعدتها مؤسسة راند للأبحاث أن هذه الإدارات كانت تعلم أن انتصار الولايات المتحدة فى هذه الحرب يبدو بعيد المنال، وبالرغم من ذلك استمرت فى الدفع بالجنود الأمريكيين إلى الموت فى مسارح عمليات تبعد نحو 10 آلاف ميل عن الأراضى الأمريكية، ليس لأى اعتبار إلا «لتجنب ذل الهزيمة الأمريكية»، كما جاء فى الفيلم على لسان الرجل الذى سرب هذه الوثائق للصحافة دانيال إلسبرج (قام بدوره ماثيو ريس).

كان لصحيفة «نيويورك تايمز» السبق فى نشر أجزاء من «أوراق البنتاجون» يوم 13 يوليو 1971، وعندما حصلت الحكومة على أمر قضائى يمنع الصحيفة من استكمال النشر، نأتى لذروة أحداث «The Post»، حيث تلك اللحظة التى قررت فيها ناشرة «واشنطن بوست» جراهام ورئيس تحريرها برادلى الدخول إلى الحلبة فى معركة الصحافة ضد كذب السلطة، وذلك بالبدء فى نشر مقتطفات من النسخة التى حصلت عليها الصحيفة (واشنطن بوست) من «أوراق البنتاجون»، مستندة إلى حقها الدستورى فى النشر والذى يكفله التعديل الأول فى الدستور الأمريكى.

وبعد أن تقدمت الحكومة إلى المحكمة لمنع «واشنطن بوست» من النشر التقطت جريدة بوسطن جلوب العصا. كما دخلت 18 صحيفة أخرى المعركة بنشر معلومات من أوراق البنتاجون، وعندما اختلفت المحاكم الابتدائية حول ما إذا كان يمكن فعلا تطبيق التقييد المُسّبق للنشر، وافقت المحكمة العليا على نظر القضية على أساس عاجل واتخذ قضاتها قرارهم يوم الثلاثاء التالى بعد انقضاء 17 يوما فقط على بداية نشر «نيويورك تايمز» للوثائق، وكان مما جاء فى القرار أنه لا شأن للحكومة فى محاولة وضع رقابة على الصحف.

خلفيات المعركة

نستطيع أن نقول إن كاتبى سيناريو «The Post» ليز هاناه وجوش سينجر مع المخرج سبيلبرج قد نجحوا ببراعة فى تصوير الجولة الأخيرة من الصراع بين الصحافة والإدارة الأمريكية فيما يخص حرب فيتنام، التى انتصرت فيها الصحافة، عبر قصة سريعة الإيقاع، تتضمن لحظات تدفع الجمهور للتصفيق والتهليل لها، وذلك «عبر عملٍ سينمائى يكتظ بشخصيات لا جدال فى مدى بطولتها». بحسب الناقدة السينمائية كارين جيمس.

لكن من حقنا أن نتساءل: ماذا عن خلفيات هذه الجولة الأخيرة؟ هذا ما لم يشر إليه الفيلم، علما بأن استعراض هذه الخلفيات أمرا فى غاية الأهمية؛ لأنه سيكشف بجلاء عن أن لحظة الذروة التى عالجها «The Post» لم تكن معركة معلقة فى الهواء وخالية من أى سياق، بل كانت لحظة قدرت فيها الصحافة الأمريكية أنها تخوض معركة وجود، بعد سلسلة من الانتهاكات التى تعرضت لها من قبل إدارات أمريكية متعاقبة بسبب تغطيتها لحرب فيتنام. ولعل العبارة الحماسية التى صدرت على لسان رئيس تحرير واشنطن بوست بعد علمه بنبأ منع «التايمز» من النشر تلخص إلى حد بعيد أنها كانت معركة وجود، فى قوله «سندخل غدا هذه المعركة» أو من العبارة التى تكررت مرارا على لسانه «لا سبيل لتأكيد حق النشر إلا بالنشر».

هذا السياق المفقود فى الفيلم نستعرضه من خلال ما سردته دراسة أمريكية صادرة فى 2007، عنوانها «الأمن القومى الأمريكى وحرية الصحافة فى 4 حروب: الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والحرب على الإرهاب»، لـ«دانيال جوزيف سميث» الباحث فى جامعة ميريلاند الأمريكية.

تقول الدراسة فيما يتعلق بتعاطى الإدارات الأمريكية مع الصحافة فى حرب فيتنام إنه: فى خضم الحرب الباردة، زاد الرئيس جون كينيدى من تورط الجيش الأمريكى فى فيتنام، ووعد بأن الحكومة لن «تفرض رقابة على الأخبار» أو التحكم فى الصحافة. غير أنه طلب من الصحافة أن تكون حذرة للغاية فى تقديم تقارير تتناول الأمن القومى، محذرا من أن «خصوم هذه الأمة (أى: الزعماء الشيوعيون من الدول الأخرى) يتباهون بشكل علنى بالحصول من صحفنا على معلومات كانوا خلاف ذلك سيطلبونها من عملائهم..».

ومع ذلك، فشل كينيدى والرؤساء الآخرون خلال حرب فيتنام فى الحفاظ على وعدهم بعدم فرض أى رقابة أو سيطرة على الأخبار. فعلى سبيل المثال، فى عام 1963 حاول كينيدى إبعاد المراسل الحربى لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ديفيد هالبرستام من فيتنام. وكان هالبرستام كتب تقريرا وصف «كيف كان الجيش الأمريكى يفقد السيطرة على منطقة تسمى دلتا الميكونج».

وذكر هالبرستام فى التقرير أن أعداد عناصر المقاومة الفيتنامية (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة بـ«الفيت كونج») هناك تتزايد بسرعة ويقومون بمزيد من حرب العصابات ضد القوات الأمريكية والفيتنامية الجنوبية الموالية للأمريكان. واختتم التقرير بالقول إن الجيش الأمريكى «ليس لديه الإجابة بعد» حول كيفية التعامل مع الوضع.

من جانبها، قالت إدارة كينيدى إن تلك القصة كاذبة وإن القوات الأمريكية والفيتنامية الجنوبية تحقق انتصارات فى دلتا الميكونج. وكان كينيدى مستاء وطلب من مالك صحيفة نيويورك تايمز إعفاء هالبرستام من مهمته فى فيتنام. ومع ذلك، رفض المالك تنفيذ الطلب، بل وأقنع هالبرستام بتأجيل إجازته القادمة من فيتنام بحيث لا تبدو أن الصحيفة رضخت لكينيدي».

الرئيس ليندون جونسون الذى تولى منصبه عام 1963، لم يختلف كثيرا عن كيندي؛ فإدارته اتخذت إجراءات مماثلة ضد مورلى سافير المذيع بشبكة (سى بى إس) الأمريكية؛ ففى بث تليفزيونى من فيتنام، أظهر سافير أن قوات المارينز الأمريكية أشعلت النار فى أكواخ بقرية تسمى (كام ني) بينما كان القرويون يقفون فى حالة رعب. وقال سافير إن قوات المارينز قامت بذلك بعد إطلاق نار خفيف مصدره مكان ما فى القرية، رغم أن «رجالا ونساء كانوا يناشدون قوات المارينز تجنب منازلهم».

ورأى الرئيس جونسون أن سافير أضر على نحو غير منصف بصورة القوات الأمريكية، ووجه جونسون نعوتا قبيحة لفرانك ستانتون، رئيس شبكة «سى.بى.إس»، لسماحه ببث تلك الواقعة على الهواء وطلب منه طرد سافير. كما أمر جونسون مكتب التحقيقات الفيدرالى (إف.بى.آي) ووكالة المخابرات المركزية (سى.آى.إيه) بالتحقيق مع سافير لمعرفة ما إذا كان لديه صلات بالشيوعية. ووفقا لما ذكره سافير، فإن التحقيقات لم تسفر عن أى شيء، ومع ذلك قال جونسون لـ«سى.بى.إس» إن لديه معلومات خطيرة عن سافير. إلا أن «سى بى إس» رفضت طلب الرئيس بفصل المذيع.

إلى ذلك، بدأت إدارة جونسون تحقيقات حكومية بشأن بيتر أرنيت، مراسل وكالة أسوشيتد برس الذى كان يغطى الحرب فى فيتنام. وكان أرنيت كتب عدة تقارير مثيرة للجدل، ناقش بعضها نقصا فى الإمدادات العسكرية الأمريكية على الأرض، والمذابح التى تحدث أثناء القتال، وفشل بعض معدات الجيش الأمريكى.

والتقرير الذى وضع أرنيت فى ورطة، كان ذلك الذى وصف فيه كيف استخدم الجيش الأمريكى الغاز المسيل للدموع ضد المقاومة الفيتنامية من أجل شلهم فى بعض الحالات
حيث إن الغاز المسيل للدموع سيؤدى إلى «الغثيان الشديد والقيء... واضطراب الأمعاء»، وذلك على الرغم من أنه «غير مميت». وشبه أرنيت استخدام الغاز المسيل للدموع بحرب الغاز المروعة خلال الحرب العالمية الأولى.

وبعد أن نشرت الصحف فى الولايات المتحدة وفى أنحاء أخرى من العالم تقرير أرنيت، كان هناك غضب علنى ضد الجيش الأمريكى. وأجرت وكالة المخابرات المركزية تحقيقا مع أرنيت لمعرفة ما إذا كان منضم للمقاومة الفيتنامية، فى حين بحث مكتب التحقيقات الفيدرالى عن معلومات محرجة عنه يمكن للحكومة استخدامها ضده. ووفقا لما ذكره أرنيت، فإن التحقيقات لم تسفر عن أى شىء يدينه.

أما عن الرئيس نيكسون، الذى تولى السلطة عام 1969، فاتخذ بعض الإجراءات ضد ممثلى الصحف فى حرب فيتنام، إذ كان يعتقد أن حوالى 95% من الصحفيين فى واشنطن يعارضون سياساته، بل ووضع العديد من المراسلين الصحفيين فى قائمة تشمل آخرين اعتبرهم «أعداء سياسيين»، ومنذ بداية رئاسته، كان نيكسون يعتزم السيطرة على الصحافة بأية وسيلة ممكنة. حتى صرح بأنه «على استعداد لمحاربة وسائل الإعلام»، من دون أن يدرى أن نهايته ستكون على أيدى الصحفيَين بوب وودورد وكارل برنستين اللذين سيفجران فضيحة «ووترجيت» التى كشفت تنصت إدارة نيكسون على الحزب الديمقراطى المعارض فى يوليو 1972 لحساب «واشنطن بوست» موضوع هذا الفيلم.

والمثير للدهشة أن الحكومة اختارت عدم توجيه تهمة انتهاك «قانون التجسس» لأى من الصحفيين أو الصحف بسبب تغطيتها لحرب فيتنام، ويحاكم بموجب هذا القانون أى شخص ينقل معلومات بنيّة التدخل فى عمليات القوات المسلحة الأمريكية أو عرقلة نجاحها أو المساعدة فى نجاح أعدائها، وتصل عقوبته إلى الموت أو السجن بما لا يزيد على 30 سنة.

إذن لم تكن ذروة «The Post» سوى جولة حاسمة خاضتها الصحافة ضد محاولات شتى للإدارات الأمريكية لتدجينها والحيلولة دونها وفضح أكاذيب هذه الادارات أمام الرأى العام الأمريكى.. والتى تؤكد فرضية أن الحكومات التى تكذب أكثر هى تلك التى تقاتل لسحق الصحافة ومنعها من القيام بمهامها.

المصدر هو البطل

بالعودة إلى الفيلم، أبدأ بإلقاء الضوء على البطل الحقيقى لهذا الانتصار لحرية الصحافة الذى جاء دوره فى هامش «The Post»، وكان يستحق تركيز المزيد من الأضواء على شخصيته، بل إن هذا التهميش يصيب سيناريو هذا الفيلم بالعوار، إنه دانيال إلسبرج، المصدر الذى سرب «وثائق البنتاجون» لنيويورك تايمز أولا ثم إلى واشنطن بوست، والذى تفيد المعلومات المنشورة عنه أنه درس فى جامعة هارفارد، وعمل محللا فى مؤسسة «راند» التى تقوم بمشروعات بحثية لصالح المخابرات المركزية الأمريكية ووزارة الدفاع. كان إلسبرج من المعارضين لحرب فيتنام حتى وهو يعمل فى راند، وتمكن بمساعدة زميله أنطونى روسو ومساعدى السناتور ادوارد كنيدى من نسخ وثائق البنتاجون عن حرب فيتنام.

ما فعله إلسبرج وزميله عرّضهما لخطر السجن لمدة 150 عاما. بل إن روسو ذهب إلى السجن لرفضه الإدلاء بشهادته ضد إلسبرج والغريب أنك لا تلحظ أى أثر لذلك الرجل الذى دخل السجن فى الفيلم. وبحسب رواية إلسبرج فى كتابه المهم الصادر عام 2002 تحت عنوان « أسرار: مذكرات فيتنام وأوراق البنتاغون» Secrets: A Memoir of Vietnam and the Pentagon Papers استمرت محاكمتهما لعدة أسابيع فى لوس انجلوس سنة 1973.

ولكن أثناء التحقيق معهما بدأ تحقيق مواز فى فضيحة «ووتر جيت»، التى من خلالها تم اكتشاف أن القبض على إلسبرج تم بشكل غير قانونى، وأن البيت الأبيض قد أرسل اللصوص لاقتحام مكتب طبيبه النفسى، وأن الرئيس نيكسون ومساعده المحلى جون إيرليمان عرضا على القاضى، مات بيرن، رئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالى أثناء سير المحاكمة. ونتيجة لهذه الانتهاكات، تم رفض التهم الموجهة ضد إلسبرج وروسو.

يبدأ الفيلم باستعراض الوضع العسكرى الهش للجيش الأمريكى فى فيتنام، ثم تنتقل الكاميرا لمشهد على متن طائرة يظهر فيه وزير الدفاع ماكنمارا بحضور إلسبرج (أو دان كما ينادى فى الفيلم) وهو يصب جام غضبه سرا على الوضع المتراجع لقواته فى هذا البلد الآسيوى، لكنه فور نزوله المطار يؤكد لوسائل الإعلام بعد دقائق قليلة أن بلاده تحرز تقدما «على مختلف الأصعدة» هناك.

فى هذه اللحظة قرر «دان» الحصول على نسخة من الدراسة التى أجرتها مؤسسة راند التى يعمل فيها، وهنا تبدت عبقرية سبيلبرج فى توضيح كيف كان الرؤساء الأمريكيون يكذبون بشأن فيتنام، فيعرض مقطع فيديو لكل رئيس، ثم صفحات من الدراسة تثبت كذب ما يقوله.

بدأ الأمر بمقطع فيديو للرئيس ترومان وهو يقول: «قدمنا أنفسنا لأجل العدل وعالم مسالم من خلال الأمم المتحدة». ثم تأتى الوثيقة التى بين يدى «دان» لتقول: «3 مايو 1950 قدم الرئيس ارومان مليون دولار كمساعدات عسكرية».

بعدها مقطع فيديو للرئيس أيزنهاور يقول: «يعتمد قادة أمريكا على كيفية استخدام قوتنا من أجل حماية السلام العالمي»، ثم تظهر وثيقة أمام «دان» تقول «إنه يدعم السلطة للتحكم فى الانتخابات العامة فى فيتنام». ثم مقطع للرئيس كيندى يقول فيه: «الولايات المتحدة كما يعرف العالم لم تبدأ بحرب»، وإذ بوثيقة بين يدى «دان» تقول «11 مايو 1961: يخضع كيندى لتحقيق شامل من قبل وزارة الدفاع حول احتمالية إرسال قوات أمريكية لفيتنام». وعلى نفس الخطى كان هناك مشهد يظهر كذب الرئيس جونسون.

دوافع «دان» لكشف كذب الرؤساء الأمريكيين كانت خلاصة توصل إليها من خلال قراءة الدراسة الضخمة، والتى لخصها فى عبارة حاكمة فى حديثه إلى محرر واشنطن بوست «بين باجيديكان» (قام بدوره بوب أودينكيرك) عندما ذهب إليه للحصول على الدراسة، تقول: «لقد كانوا على علم أننا لن ننتصر، ومع ذلك قرروا الموت للجنود الأمريكيين». ويجيب عن سؤال: لماذا تستمر الولايات المتحدة فى حرب فيتنام رغم أن قادتها يعلمون أنها لن تنتصر؟ بقوله: 10% من أجل الفيتناميين، و20% من أجل مواجهة الشيوعية، أما 70% لتجنب الإهانة.. لتجنب مرارة الهزيمة الأمريكية».

أمثال «دان» يعرفون مصيرهم، ولا يبالون به، يقول له «بين باجيديكان»: سيلاحقونك فيرد: أعلم ذلك. يقول له محرر «واشنطن بوسـت»: سيدخلونك السجن. فيرد عليه بسؤال: هل أنت مستعد أن تذهب للسجن لقاء وقف هذه الحرب؟ يرد المحرر: نظريا بالطبع. وكأن «دان» يقول لـ«بين باجيديكان» الذى التقاه لأول مرة فى مسرح الحرب فى فيتنام: كلانا يبغى نشر الحقيقة من دون أى اعتبار للعواقب والمآلات.

جسارة الناشرة جراهام

الموقع الثانى لهذه البطولة الصحفية أراها للناشرة كاثرين جرهام، التى لعبت دورها ببراعة ميريل ستريب، فمن سيدة أرستقراطية لم تمارس عملا من قبل، إلى المسئولة الأولى عن صحيفتها العائلية بعد وفاة أبيها وانتحار زوجها. تنطلق «كاى» (كما كانت تنادى فى الفيلم) فى إدارتها للصحيفة التى ورثتها من فرضية أثبتت الأيام صحتها على الأقل فى حالة «واشنطن بوست»، وهى أنه «لكى تحقق الصحافة أرباحا عليها أن تهتم بجودة المضمون الذى تقدمه»، وهو الأمر الذى كان يعارضه المستثمرون الأمريكان، الذين يرون أن الصحف المحلية والشعبية تدر ربحا أكثر من الصحافة الجادة.

ليس إيمان «كاى» بهذه الفرضية على العكس من المستثمرين هو التحدى الوحيد الذى واجهته وهى تحاول طرح أسهم شركتها فى سوق المال، بل نظرة هؤلاء الرجال الذكورية، التى ترى أن وجود امرأة على رأس المؤسسة قد يقلل من قيمة أسهمها.

هذه الخلفيات تفسر إلى حد بعيد لماذا انحازت «كاى» لنشر وثائق البنتاجون رغم أنه يعرِّضها لمخاطرة تصل حد السجن، فبجانب وازعها الأخلاقى الذى ينحاز لنشر الحقيقة، نجد أنها تخوض معركتها الشخصية كامرأة شاءت لها المقادير من دون تأهيل لتكون على رأس مؤسسة بصدد اتخاذ قرار ربما يكون مصيريا فى وجودها. فهى لم تنس الاعتراض على كونها أنثى على رأس الشركة، ففى اللحظة الحاسمة ألجمت أقوى معارضيها قائلة: «أنا لست أبى، ولست زوجى، بل أنا صاحبة القرار فى الصحيفة». وأعطت أمر نشر التقرير المرتبط بأوراق البنتاجون المسربة.

الكثيرون تحدثوا عن اللحظة المفصلية فى الفيلم باعتبارها تلك التى قررت فيها «كاى»، اتخاذ القرار بالنشر، لكننى أرى أن حوارها مع ماكنمارا، الذى يجعل المشاهد يتوقع ذلك القرار بسهولة، هو لحظة مفصلية أيضا.

قالت لوزير الدفاع السابق وصديقها وأحد كبار مستشاريها: كيف يمكنك الكذب علينا؟

فيرد: من السهل على الصحف أن تصنفنا ككذابين. لقد كنا فقط نقوم بالدفاع. لقد فعلنا ما كان باستطاعتنا. اعتقدنا أن الضغط العسكرى هو الوحيد لإحضارهم للمفاوضات. عملية صنع القرار معيبة. فتقول له هذا ما تقوله الدراسة. يطلب منها عدم النشر «لأن هذه الدراسة تم إعدادها للأكاديميين فى المستقبل، ولا يمكن أن تصبح موضوعة فى الصحف الآن فى وسط الحرب». فترد عليه بشكل قاطع ومفصلى فى مجريات الأحداث: أعتقد أن العامة لديهم الحق فى أن يعرفوا. ولم تأبه بتحذيره من أن نيكسون يكرهها وقد يسحقها هى وصحيفتها.

طموح برادلى

تشعر وأنت تشاهد توم هانكس وهو يلعب دور رئيس تحرير واشنطن بوست بن برادلى، أن هانكس ولد فى صالة تحرير، وأنه عمل لفترة طويلة من حياته رئيسا للتحرير، فكل حركة وكل ايماءة وكل جز على الناب عند الشعور بتفوق المنافسين عليه تشى بذلك، يزيد اقتناعك به عندما يخبط بيديه على طاولة اجتماع مجلس التحرير عندما يعجز محرروه عن تقديم اقتراحات تجعله ينافس «التايمز» فى نشر وثائق البنتاجون المسربة. أو وهو يقول لمساعديه «كلما قرأت نيويورك تايمز أشعر كأن أحدهم قد سكب الشيكولاتة الساخنة فوق رأسى».

من الوهلة الأولى تلحظ أن برادلى مفتون بنيويورك تايمز، التى كان هدفه الأساسى منذ اعتلى كرسى رئيس تحرير «البوست» أن يجعلها تقف على قدم المساواة مع التايمز، فتراه مهموما باختفاء محرر تايمز الشهير والمسئول عن تغطية حرب فيتنام «نيل شيهان» حوالى ثلاثة أشهر، فيتحسب لقيامه بالتحضير لخبطة صحفية. وعندما يوقف القضاء غريمته عن نشر «اوراق البنتاجون» التى هى الخبطة التى كان يجهز لها شيهان يقدر رجل طموح مثل برادلى أن فرصته فى الارتقاء بالبوست إلى منزلة نيورك تايمز قد جاءت إليه على طبق من ذهب، فلم يتردد فى الدفع نحو نشر الأوراق التى حصلت عليها صحيفته أيضا، رغم صدور أمر قضائى يمنع التايمز من النشر.

تشعر كصحفى يشاهد برادلى بأنك تعيش فى قمة اليوتيوبيا، فهذا رئيس تحرير يعتد بذاته ومهنته، يرفض بشدة طلب البيت الأبيض تغيير جوديث، مندوبة «واشنطن بوست» لدى الرئاسة الأمريكية من تغطية حفل زفاف ابنة الرئيس نيكسون، وعندما تطلب منه الناشرة كاثرين جراهام تلطيف الأجواء مع الرئاسة يقول لها «لن أرسل صحفيا آخر»، وعندما تقترح عليه الاهتمام بموضوعات ومعالجات جديدة، كـ«الريادة الانثوية» لبعض المجالات يباغتها على الفور: «لا تتدخلى فى شئونى يا كاثرين»، فى محاولة واضحة لوضع قواعد الاشتباك أو تحديد خطوط التماس بين الإدارة والتحرير فى الممارسة الصحفية.

الشروق المصرية في

27.02.2018

 
 

قراءة في الترشيحات لعام 2018 (2-3)

أوسكار أفضل ممثل: صراع الأجيال

عبدالستار ناجي

معادلة الصراع بين الأجيال، تبدو حاضرة وبقوة في الترشيحات على أوسكار أفضل ممثل، وهو أمر يؤكد بأننا أمام حرفة تأخذ أبعادها في التطور والعلاقة المتبادلة بين الأجيال، وإن كان الحضور الأقوى لجيل الكبار، فإننا هنا لا نبخس تجليات حضور جيل الشباب، والذي يتمثل بعدة أسماء، ولكن سطوة وحضور النجم البريطاني غاري أولدمان، وهو يتقمص شخصية رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل إبان الحرب العالمية الثانية في فيلم الأيام الصعبة أو الساعات المعتمة هو الأقوى ولكن هذا لا يمنع من التوقف أمام بقية الأسماء وهي:

1 - تيموثي شالية عن فيلم نادني باسمك:

يجسد الممثل الشاب تيموثي شالية (مواليد 1995) شخصية الفتى إليو اليهودي - الأميركي - الإيطالي ذو السابعة عشرة من عمره، والذي يرتبط بعلاقة مع مساعد والده في الأبحاث، عبر سينما شذية بالأحاسيس والاكتشافات. وقد حصد تيموثي مجموعة من الكتابات النقدية التي ترسخه وتعمد حضوره وتمهد الطريق أمام مسيرته الفنية.

2 - دانييل داي لويس عن فيلم الموضوع فانتوم

حيث يتقمص شخصية مصمم الأزياء رونالد دوكوك، الذي يرتبط بسيدة تغير حياته ومسيرته في أحداث تجري في خمسينيات القرن الماضي.

والحديث عن دانييل دي لويس يعني الحديث عن أحدث العبقريات الخالدة في مجال التمثيل، وكيف لا وله لينكولنوعصابات نيويورك والماهوجني الأخير وغرفة ومنظر وغاندي وقدمي اليسرى وباسم الرب وعصر البراءة، ونشير هنا إلى أن فيلمه لينكولن 2012 وعمله الأخير الموضوع فانتوم 2017 خمسة أعوام جعلته يعلن عن أنه يفكر في الاعتزال.. لقلة السيناريوهات التي تثير اهتمامه.

3 - دانييل كاليا عن فيلم اخرج:

واحد من النجوم الشباب من مواليد لندن 1989، وينطلق بسرعة صوب النجومية، وهو في الفيلم يتقمص شخصية الشاب الأسمر كريس واشنطن الذي يرتبط بعلاقة مع الفتاة البيضاء (روز) تجسدها أليسون ويليامز، والذي يذهب إلى لقاء أسرتها من أجل الارتباط بها، ولكنه يواجه كوابيس عنصرية تثير الذعر في نفسه.

4 - غاري أولدمان عن فيلم الساعات المعتمة:

الحديث عن غاري أولدمان، يعني الحديث عن أحد أهم نجوم السينما البريطانية، يمتلك تاريخاً سينمائياً عامراً بالأعمال المسرحية والسينمائية التي رسخته وأكدت مسيرته، وهو هنا يتقمص شخصية رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل في أصعب اللحظات التي ينتظر بها العالم قراره هل يفاوض هتلر أو يشارك في التحالف لمواجهة ذلك الدكتاتور الأرعن. وقد خضع غاري أولدمان لمكياج وزيادة وزن من أجل تقديم تلك الشخصية بالإضافة للأداء العالي المستوى، الذي يجعله قريباً جداً من أوسكار أفضل ممثل، خصوصاً، بعد فوزه بحفنة مهمة من الجوائز من بينها الغولدن غلوب.

5 - دينزل واشنطن عن فيلم رومان. جي. إسرائيل. إسحق:

في هذا العمل، يقدم دينزل واشنطن، شخصية المحامي المثالي رومان إسرائيل، والذي تحيط به سلسلة من الأحداث المضطربة التي تؤدي به إلى أزمة العمل الشاق.

ودينزل من مواليد 1954 وهو من أبرز النجوم السمر في هوليوود والعالم ويكفي أن نتذكر له أفلاماً مثل كتاب إليا وغلوري ومالكوم إكس وفيلادلفيا وهيروكين وكم آخر من الإنجازات، وفي رصيده أكثر من ترشيح للأوسكار وجائزتين.

عبر تلك الأسماء نكتشف أننا أمام أجيال تتنافس وتتصارع، من أجل منح فن التمثيل السينمائي إضافات إيجابية ورصيداً أكبر من الإنجازات والأسماء.. والإبداع.

ومن خلال متابعة لتلك الأسماء، فإن اسم غاري أولدمان يبدو الأقرب إلى الأوسكار وهو كذلك أهل للاستحقاق.

النهار الكويتية في

27.02.2018

 
 

قوة النساء تجتاح هوليوود وتفرض تغييرات في «الغولدن كلوب» و«الأوسكار»

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي»: بلا شك أن موسم جوائز هذا العام سوف يدوّن في التاريخ كأثر المواسم غرابة. فبدلا من تألق عملاق الجوائز ومبتكر حملاتها، هارفي وينستين، على البسط الحمراء، هيمنت عليها ضحاياه، اللواتي فضحن اعتداءته الجنسية عليهن، ومناصراتهن من قبل نجمات هوليوود، اللواتي أرتدين الفساتين السوداء تعبيرا عن تضامنهن واستنكراهن لمثل تلك الاعتداءات. 

كما استغلت النجمات هذه الفترة المحورية في هوليوود للمطالبة بحماية حقوق النساء وبالمساواة مع الرجال في فرص العمل والأجور وتكريمهن بالجوائز القيمة من على منصات حفلات توزيع الجوائز بخطابات حماسية، من أهمها كانت كلمة أوبرا وينفري في حفل الغولدن غلوب، حيث حثّت النساء على التصدي للرجال ذي النفوذ وإخبارهم أن وقتهم انتهى.

وفي الحفل نفسه، عاتبت نتالي بورتمان مصوتي الغولدن غلوب بسبب غياب النساء في فئة أفضل مخرج، عندما قدمت الجائزة قائلة: الآن سوف نختار أفضل مخرج من خمسة رجال بيض! وبعد أسبوع، ردت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية بترشيح المخرجة غريتا غيريغ عن فيلمها «ليدي بيرد»، لتصبح خامس إمرأة تُرشح للأوسكار في مجال الاخراج، منذ تأسيس الجائزة قبل تسعين عاما، بعد لينا فيرتمولار (سبعة جميلات 1977)، جين كامبيون (بيانو 1994)، كاثرين بغيلو (هيرت لاكار 2010)، صوفيا كوبولا (ضائع في الترجمة 2004). ولم يفز بالجائزة إلا أمرأة واحدة وهي كاثرين بيغلو.

فيلم «ليدي بيرد»

يحكي «ليدي بيرد» قصةَ فتاةٍ في السابعةَ عشرةَ، تُدعى كريستين ماكفيرسون، لكنها تُفضلُ أن تُنادى بـ»ليدي بيرد». الفتاة التي تدرس في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية في مدرسة كاثوليكية للبنات، تريد أن تتركَ بلدَها المملةَ، وتلتحقُ بجامعةٍ في ساحل الولايات المتحدة الشرقي، حيث الحضارة والثقافة والأدب والفن. لكن ذلك يثيرُ غضبَ أمِها. ويحتدم الصراعُ بين الفتاةِ، التي تمر بفترةِ مراهقةٍ مربكة، وأمِها، التي تتدخل في كل شؤونِ حياتِها وتُريدُها أن تبقى بجانبها. 

أحداثُ الفيلم جرت عامَ الفينِ واثنين في ولايةِ كاليفورنيا، وتحديدا مدينةِ ساكرامينتو، مسقطِ رأسِ غيرويغ، التي درست أيضا في مدرسةٍ كاثوليكية للبنات، قبل أن تهربَ إلى نيويورك، حيثُ درست الأدبَ الانكليزي في كليةِ برنارد، لكي تصبح كاتبة مسرح. ولكنها سرعان ما تركت الكلية وانخرطت في سلكِ التمثيل وكتابةِ السيناريوهات والاخراج. وفي حديث معها في بيفرلي هيلز أكدّت أن الفيلم لا يسرد سيرة حياتها.

«أردت أن أقدم عملا عن فكرة البيت، «توضح غيرويغ». عن فهمنا لفكرة البيت عندما نتركه. وأعتقد أنه كلما حددت تفاصيل القصة، كلما أصبحت رسالتها أعم لهذا حددت تفاصيل ساكرامينتو، والمدرسة الكاثوليكية، التي التحقت بها. وشخصية ليدي بيرد، هي في الواقع، على النقيض من شخصيتي، فلم أجعل أحدا يناديني باسم آخر، ولم أصبغ شعري بالاحمر الزاهي، بل كنت طفلة مطيعة للأوامر إلى حد كبير، لا أخرج عنها إلا قليلا. ولكن لُب الرواية ولُب قصة الحب بين الأم وابنتها قريب جدا إلى قلبي، وتعتبر تجربة شخصية، لكنها ليست سيرة ذاتية».

ما يميزُ فيلمَ لادي بيرد هو أنه يسبرُ التحدياتِ التي تواجهُها فتاةُ مراهقةٌ في مجتمعٍ لا يؤمنُ بقدراتِها ويكبحُ طموحاتِها ويتحكمُ في مسارِ حياتِها من منظورِ امرأةٍ مرت بتلك التجاربِ وليس من منظورِ مخرجينَ رجالٍ، عادةً ما يقدمون شخصياتِ النساء في أفلامِهم كمطيعاتٍ لاحكامِ مجتمعاتِهن الذكوريةِ وراضياتٍ عنها. ففعلا، غيرويغ وغيرها من المخرجات يغيرن تعريفنا للانوثة، الذي كان يفرضه الرجال على المجتمع.

تفاصيل نضوج الفتاة والتحديات

وفي حديث مع تريسي ليت، وهو كاتب مسرحي معروف، يلعب دور الأب في الفيلم، قال لي إنه لا يمكنه أن يكتب سيناريو لفيلم نسائي من هذا النوع لأنه لا يعرف تفاصيل نضوج فتاة والتحديات التي تمر بها في المجتمع لأن تجربته كانت ذكورية. وتقر غيرويغ أنها تستصعب التماهي مع شخصيات الاناث، التي كانت تشاهدها في الافلام.
«شعرت بأن بعض الجوانب في تلك الأفلام تعبر بشكل صحيح عن كوني فتاة شابة، لكن ثمة جوانب كثيرة لم تعبر عن ذلك بشكل صحيح. وكثيرا ما شعرت بالميل إلى الأفلام التي تتناول قضايا الشباب الرجال، لأنها كانت تعالج أشياء بدت لي حقيقية وأكثر دقة. ولهذا عندما قررت إخراج هذا الفيلم، شعرت أنني أردت أن يكون سينمائيا جدا، ومكتوبا بشكل رائع، وجميلا جدا، ولكني أردت أيضا أن يكون الفيلم واقعيا. أردت أن يبدو أقرب لحقيقة الشعور وأقرب لتلك اللحظات، وبدأت من شعور أساسي بأن الفيلم ليس مشابها لما كان فعلا رائجا».

فضلاً عن الترشيح في فئةِ أفضلِ مخرج، حاز ليدي بيرد على أربعةِ ترشيحاتِ أوسكار اضافية: وهي أفضلُ فيلم، وأفضلُ سيناريو لغيرويغ، وأفضلُ ممثلةٍ مساعدة للوري متكالف عن اداء دورِ الأم، وأفضلُ ممثلةٍ لبطلتِه الايرلندية سورشي رونان. وهذا هو الترشيحُ الثالثُ لرونان البالغةِ ثلاثةً وعشرون عاما. في عام 2007 رشحت عن دورها في فيلم «غفران» وفي عام 2016 رُشحت عن دورها في فيلم «بروكلين». وفي حديث معها عبرت عن تجربة العمل مع غيرويغ.

«لقد كانت فرصة مميزة لأنها شخصية مثيرة جدا، «تعلق رونان» هناك مسؤولية بالتأكيد وحاجة حقيقية لتجسيد الشخصية بشكل صحيح. ولأنني أيضا أحب غريتا جدا، وبصرف النظر عن ما إذا كان قدرا ما من الفيلم عنها وعن حياتها، فهذا فيلمها وطفلها، لهذا أردت أن يكون الفيلم عظيما من أجلها. من الواضح أن لديها احساسا كبيرا بالفتاة المراهقة. وكيف تشعر فتاة مراهقة، ولا يعلم أحد كيف تشعر فتاة مراهقة إلا من كان فتاة مراهقة ومن هذا المنطلق تملك غريتا فهما أكثر».

فيلم «بوست»

وسوف تنافس رونان على جائزةِ أوسكار أفضل ممثلة، سيدةُ هوليوود ميريل ستريب، التي رُشحت لها للمرة الثانية والعشرين عن تجسيدِها لدورِ مالكةِ جريدةِ «واشنطن بوست»، كاثرين غراهام، في فيلم ستيفن سبيلبرغ، «بوست»، الذي تدورُ أحداثُه في اوائل السبعينيات عندما كانت النساءُ تخضعُ لسلطةِ الرجالِ المطلقة. وفي أحد مشاهد الفيلم، يطلب أعضاء مجلس الجريدة منها أن تتنحى عن منصبها لأن المستثمرين كانوا قلقين من تولي امرأة المسؤولية عن الجريدة لأنها تفتقر إلى العزيمة لاتخاذ القرارات الصعبة. 
من المفارقات أن غراهام ترفض تخاذلَ أعضاءِ مجلسِها الرجالِ وتقودُهم في معركةٍ مصيرية لحمايةِ جريدتِها وحريةِ الصحافة ضدَ الرئيسِ ريتشارد نيكسون عندما يحاول منعَها من نشرِ أوراق البنتاغون السرية، التي سربها موظف وزارة الدفاع، دانيل السبرغ. وفي لقاء مع ميريل ستريب أكدت أن النساء ليست بحاجة إلى نفوذ وسلطة. 

«أعتقد أن النساء يريدن الاندماج»، تقول ستريب. «أن يُدمجن في أعلى طبقات اتخاذ القرار، أي على مستوى القيادة. أعتقد أنه لو أن نسبة النساء النصف، في مجلس الشيوخ ورئاسة الاستوديوهات، وفي الوكالات وفي مجال الأعمال، في مجالس إدارة الشركات. عندي صورة لكاثرين غراهام وهي تجلس في «الاسوشييتد برس» في عام 1966، كان هناك اربعون رجلا حول الطاولة، بينما كانت هي المرأة الوحيدة. أعتقد أن ذلك لم يكن متوازنا ويجعل العالم يبدو غريبا. ولا يجوز أن يكون كل القادة من الرجال فقط. لا يمكن لوم الرجال على تصورهم النساء في مراتب أقل طالما لا تمثل في مستوى القيادة. إذا كان لديك مديرة أو نصف مجلس الادارة من النساء فلا مجال لافعال مثل التحرشات الجنسية. حيث لن يسمح بها ولن يتطرف إليها التفكير.

«ليدي بيرد» أو غيرويغ وغراهام صمدن أمامَ مجتمعٍ لا يثقُ بهن وبقدراتِهن، وتفوقنَ في انجازاتِهن على الرجال. نساءُ هوليوود تأملن في أن يُلهمَ طرحُ مثل هذه الشخصياتِ النسائيةِ في الأفلام ملايينَ النساءِ للسعي وراءَ أحلامِهن وعدمِ الاستسلامِ لاحكامِ مجتمعاتِهن الذكورية. فوزُ غيرويغ أو فيلمِها بجائزة أوسكار الشهرَ المقبل سوف يُعتبرُ انتصارا للثورةِ النسائيةِ في هوليوود.

####

للمرة الأولى… مشاركة ممثلة أعلنت عن تحولها الجنسي علانية في تقديم جوائز الأوسكار

لوس أنجليس – د ب أ:

من المتوقع أن تحفر الممثلة الشيلية، دانييلا فيجا، اسمها في التاريخ، في الدورة التسعين لحفل توزيع جوائز الأوسكار، حيث ستصير أول شخصية أعلنت عن تحولها الجنسي علانية، تشارك في تقديم الحفل.

وكانت الاكاديمية أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري، أن فيجا (28 عاما)، التي قامت ببطولة فيلم «إيه فانتاستيك وومان» (امرأة رائعة)، الذي رُشح للفوز بجائزة أفضل فيلم أجنبي، ستكون من بين مقدمي الحفل.

ومن جانبها، قالت الصحفية المتحولة جنسيا، زوي تور: «يا له من أمر رائع»، مضيفة: «لنأمل ألا تكون المرة الاخيرة».

وتدور أحداث الفيلم الدرامي، «إيه فانتاستيك وومان»، وهو من إخراج سيباستيان ليليو، حول قصة نادلة ومغنية في ملهى ليلي، متحولة جنسيا، يتحول عالمها رأسا على عقب بعد وفاة صديقها بين ذراعيها.

وكانت فيجا قالت في حديث لمجلة «فانيتي فير»، في كانون الثاني/ يناير الماضي: «حقيقة أنني متحولة جنسيا، تعطي للنص والرواية مستوى أعلى من الحقيقة… ولكن، الأهم من ذلك، هو أنها تفتح بابا لم يتم استكشافه من قبل في عالم السينما، وذلك لأنني ممثلة متحولة جنسيا تجسد دور امرأة متحولة جنسيا».

وتقول الاكاديمية إن فيجا هي مغنية أوبرا وممثلة مسرحية في تشيلي.

القدس العربي اللندنية في

27.02.2018

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)