كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلمان من لبنان وسوريا ينافسان في فئتي «أفضل أجنبي» و«أفضل وثائقي»

ترشيحات الأوسكار تنتصر للسينما العربية

دبي ـ غسان خروب

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2018)

   
 
 
 
 

لم تخالف قوائم ترشيحات الأوسكار التي أعلنت عنها الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم الصورة المتحركة، أمس، في لوس أنجليس، توقعات النقاد والمتابعين للشأن السينمائي، لتأتي قوائم الترشيحات محملة بمفاجأة للسينما العربية التي تمكنت من الوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار بفيلمين، أحدهما لبناني والآخر سوري، ما اعتبره كثيرون بمثابة إنجاز واضح للسينما العربية التي انتصرت لها ترشيحات الأوسكار.

أول فيلم

وفي الوقت الذي تصدر فيه فيلم «شكل الماء» (The Shape of water) للمخرج المكسيكي جييرمو ديل تورو، قائمة ترشيحات الدورة الـ 90 لجوائز الأوسكار لأفضل فيلم، والتي سيتم الإعلان عن نتائجها في 4 مارس المقبل، ويتنافس فيها أيضاً أفلام «كول مي باي يور نيم» و«داركست أور» و«دانكيرك» و«غيت أوت» و«ليدي بيرد» و«فانتوم ثريد» و«ذا بوست» و«ثري بيلبوردز أوتسايد إيبينج، ميزوري».

احتل الفيلم اللبناني «قضية رقم 23» للمخرج زياد الدويري قائمة ترشيحات أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، ليسجل بذلك اسمه في خانة أول فيلم لبناني يحصد ترشيحاً للأوسكار في أي فئة، فضلاً عن كونه خامس فيلم عربي يحصل على ترشيح في فئة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما اعتبر إنجازاً للسينما اللبنانية والعربية.

درب «قضية رقم 23» كانت «خضراء» منذ بدايتها، فرغم الجدل الذي أثاره الفيلم، تمكن من دخول المسابقة الرئيسية في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، ليخرج منها متوجاً بجائزة كأس فولبي لأفضل ممثل ذهبت للفلسطيني كامل الباشا، وهو ما زاد من حظوظ الفيلم في الوصول إلى منافسات الأوسكار، ويشارك في بطولة الفيلم إلى جانب كامل الباشا، كل من الفنان عادل كرم، وريتا حايك، وكميل سلامة، ودياموند بو عبود.

المربع السويدي

على أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، سيتنافس أيضاً الفيلم السويدي «المربع» للمخرج روبن أوستلوند، الفائز بسعفة كان الذهبية، والفيلم التشيلي «فنتاستيك وومن» لسيباستيان ليليو، والفيلم المجري «جسد واحد وروح» للمخرجة إيلديكو إينييدي التي فازت بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي.

في المقابل، بدت خطوة المخرج السوري فراس فياض، موفقة، بعد اختيار فيلمه الوثائقي «آخر الرجال في حلب»، بعد تمكنه من دخول قائمة أفضل فيلم وثائقي، ليصبح بذلك أول فيلم سوري يرشح رسمياً لجائزة الأوسكار، وهو ما اعتبر خطوة مهمة وتاريخية للسينما السورية.

فيلم فراس فياض، والذي عرض أخيراً في الدورة الـ 14 لمهرجان دبي السينمائي الدولي، يسلط الضوء على ذوي الخوذات البيضاء وهم متطوعون ممن كرّسوا وقتهم وحياتهم لإنقاذ المدنيين الأبرياء الذين يقعون يومياً ضحايا للحرب في سوريا. ليثير الفيلم سؤالاً عريضاً عن مصدر هذه الشجاعة الجبارة التي تملكّت أولئك المتطوعين الذين ضربوا بعرض الحائط كافة التحذيرات والاعتراضات وقرروا المخاطرة بحياتهم وبشكل يومي.

الإتحاد الإماراتية في

24.01.2018

 
 

لقاء حاشد في نقابة الصحافة اللبنانية يدعو وزير الداخلية لوقف فيلم سبيلبرغ المستعد للموت من أجل إسرائيل

زهرة مرعي

بيروت – «القدس العربي» : مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل والداعمين له عنوان دائم في الحياة اللبنانية السياسية والثقافية. ففي لبنان يمكن لوزير أن يخالف القانون، ويمكن لمواطن أن يرى في منع عرض أفلام ستيفن سبيلبرغ «خشبية ثقافية وتخلف فكري». أو يستند آخر إلى طروحات ترى في التطبيع مع العدو «وجهة نظر». 

فيما يعلن سبيلبرغ بوضوح وشفافية مطلقة استعداده للموت من أجل إسرائيل، ويتبرع لها بمليون دولار خلال عدوانها على لبنان لمدة 33 يوما، والذي ذهب ضحيته أكثر من 1500 مواطن. دون لبس يقول هذا المخرج الأمريكي الألماني الأصل بأنه صهيوني، وفيلمه الجديد أخذ طريقه إلى الصالات اللبنانية منذ الخميس الماضي بعد إذن من وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي اعترض على منع من لجنة الرقابة في الامن العام، والتي استندت في ذلك إلى قرار لجنة المقاطعة في جامعة الدول العربية الصادر سنة 2006. فهذا القرار وضع سبيلبرغ على اللائحة السوداء بعد تبرعه السخي للإحتلال.

في نقابة الصحافة اللبنانية عقد قبل ظهر أمس «لقاء وطني عام رفضاً لمحاولات التطبيع» بدعوة من الجمعية اللبنانية لمقاطعة إسرائيل، المنظمات الشبابية والقوى الوطنية والإسلامية. لقاء واسع شهد حضوراً حاشداً سياسياً ودينياً تليت خلاله كلمات عدة ولم يخرج بتوصيات محددة، لكنه أعلن استمرار مناهضة التطبيع الناعم المقبل علينا عبر الثقافة. وحده الدكتور عبد الملك سكرية عضو «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» دعا وزير الداخلية للعودة عن قراره. واستغرب وضع التطبيع في خانة وجهة النظر في بلد تعرّض لإعتداءات صهيونية على مدى سبعة عقود ذهب ضحيتها الآلاف، وأن تفتح صالات السينما لمخرج تبرع للعدو خلال عدوانه على لبنان. 

وفند سكرية في كلمته أهم المخاطر التي تضمنها قرار وزير الداخلية وهي: اهانة جهاز الرقابة في الأمن العام اللبناني. الدوس على قانون مقاطعة اسرئيل. غض الطرف عن اللائحة السوداء الصادرة عن جامعة الدول العربية. تغليب ثقافة الاستسلام على ثقافة المقاومة. جرح مشاعر الشعب اللبناني الذي عاني ولا يزال من تبعات الاحتلال. قرار شكل صفعة لكل أحرار العالم المقاطعين لإسرائيل أمثال روجير ووترز وغيره من الذين تكبدوا خسارات مالية كبيرة من جراء التزامهم بالمقاطعة. 

والكاتبة الأمريكية أليس ووكر. وألاف الأكاديميين حول العالم من الولايات المتحدة، كندا وأوروبا والذين قاطعوا الجامعات الصهيونية. إضافة إلى ملايين الطلبة والبلديات أمثال بلدية برشلونة.

وختم مخاطباً وزير الداخلية قائلاً: في بلاد العجائب والغرائب نطلب من وزير الداخلية تطبيق القانون. ونطلب منه التراجـع عن الخـطأ بنـاء لمبـدأ «التراجـع عن الخطأ فضـيلة».

ومن ثم كانت كلمة لرئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ ذكر فيها أن «اليابان أكثر التزاماً بقرار المقاطعة من لبنان». ورفض الاجتهاد أو التبرير في مسألة التطبيع تحت عنوان «الحريات، السينما أو الفن». وتحدث النائب السابق زاهر الخطيب باسم الأحزاب الوطنية والإسلامية. فيما لفت ايهاب المقداد باسم المنظمات الشبابية إلى «محاولات الخطاب التطبيعي اعادة تموضعه». وتوجه ل»اشباه المثقفين» بالقول «ما لم يأخذه العدو بالحرب والقتال لن يأخذه بالسياسة الناعمة، فالإعلام والثقافة هما الأخطر». ودعا للإعتصام في دور السينما. 

رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد قال في بداية كلمته: المجتمع الذي لا يملك قضية هو كم مهمل، والوطن الذي لا يملك قضية هو أرض مستباحة. ومقاومة التطبيع مؤشر على مستوى الحضارة، والإعتزاز بالوطن. لكن وضع لبنان شاذ كما هي العادة. ووجد في اللقاء أكثر من اعتراض على فيلم، بل موقف من مخرج يقف في صف العدو ويمول اعتداءاته علينا. مخرج يوظف فنه للترويج لعنصرية الكيان الصهيوني.

ويجاهر بالقول «أنا مستعد للموت من اجل إسرائيل»، فيما يخجل بعضنا من القول إنه مستعد للموت من أجل لبنان.

القدس العربي اللندنية في

24.01.2018

 
 

"ذا بوست": دعم سبيلبرغ لإسرائيل يخيّم على العرض في لبنان

بيروت ــ العربي الجديد

بعد أيام من التهديدات، خفتت المطالبات بمنع عرض فيلم "ذا بوست" للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ في لبنان. بدأ العرض يوم الخميس الماضي، ويتواصل وسط إقبال جماهيري كبير جداً، في مختلف الصالات اللبنانية، رغم موجة الاعتراض التي عبّر عنها ناشطون يساريون مُقربون من "حزب الله" وينشطون في إطار حملات "المقاطعة الثقافية لإسرائيل".

وقد بدأ عرض الفيلم يوم الخميس الماضي في صالات "غراند سينما" و"أمبير" و"فوكس" و"سيني مول" و"سينما سيتي" و"سينما ستار غايت" في مواعيد العرض العادية، رغم تهديد بعض الإعلاميين المُقرّبين من الحزب بـ"منع عرض الفيلم بالقوة"، وذلك بعد أن تم الكشف عن دعم سبيلبرغ لدولة الاحتلال الإسرائيلي بمبلغ مليون دولار أميركي خلال اعتدائها على لبنان عام 2006. 

بداية الجدل حول الفيلم انطلقت مع دعوة بعض الناشطين في حملات مقاطعة إسرائيل، ومنهم سماح إدريس، لمنع عرض الفيلم في لبنان نظرا لمواقف سبيلبرغ من الصراع العربي - الإسرائيلي. وقد انتقل السجال بين الناشطين على مواقع التواصل حول أحقية العرض أو المنع، إلى طاولة مجلس الوزراء الذي اجتمع في 18 الجاري. وشهدت الجلسة نقاشا مطولا بين ممثل "الحزب القومي السوري الاجتماعي" (أحد حلفاء النظام السوري في لبنان) وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه، وبين وزير الإعلام ملحم رياشي، وهو أحد ممثلي "حزب القوات اللبنانية" في الحكومة. ووصف رياشي طرح قانصوه بمنع عرض الفيلم بـ"اللغة الخشبية التي يجب التعامل معها بوضوح وتشكيل لجنة لتوضيح مثل هذه الإجراءات (منع عرض الأفلام)، لأنه من غير المقبول أن تمنع أفلاماً أو فنانين إذا كانوا قد غنّوا في إسرائيل".

وهو ما ردّ عليه قانصوه بمحاولة لعزل موقف رياشي، بالقول إنه "لا أحد في الحكومة يقول مثل هذا الكلام". عندها تدخل وزير الخارجية جبران باسيل، ودافع عن موقف رياشي، مُعتبراً أنه "لا يمكن التعاطي بهذه الطريقة مع هكذا أمور"، وأكد أن مثل هذه الدعوات تعني عملياً "مقاطعة وإقفال الكثير من المحال والشركات التجارية". وقد حسم توقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق (صاحب سلطة الوصاية على جهاز الأمن العام المُكلّف بإصدار أذونات العرض والنشر للمنتجات الفنية والثقافية)، النقاش، وسمح بعرض الفيلم. 

نصرالله ضد سبيلبرغ

وما أشعل النقاش كان خطاب أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الذي طالب بمنع عرض العمل، في خطابه الأخير، بسبب دعم سبيلبرغ للاحتلال الإسرائيلي مالياً عام 2006، معلناً أنه يضع هذا الملف في عهدة الرؤساء الثلاثة في لبنان. وانطلق بعدها وسم #لن_يعرض_في_لبنان، فكرر الناشطون كلام نصرالله مؤكدين أن من يشارك في مشاهدة الفيلم هو كمن يقتل اللبنانيين، مهددين بمنع العرض تحت أي مسمّى أو حجة.

في المقابل، أكد ناشطون آخرون أنّ منع فيلم لسبيلبرغ حالياً بعد عرض كل أفلامه في لبنان يعتبر مضحكاً وغير مفهوم. وأكدوا أنه في حال لم يسمح لبنان بعرض الفيلم، فسيكون خاضعاً لسلطة حزب الله وقراراته، لينتهي النقاش بالسماح بعرض العمل.

قصة الفيلم

ويتناول الفيلم قصة النقاش القانوني والأخلاقي الذي يخوضه مالكو صحيفتي "نيويورك تايمز" و"ذا واشنطن بوست" حول نشر دراسة سرية تم تسريبها عن توقعات الإدارة الأميركية لمسار الحرب في فيتنام، وإصرار الإدارات المُختلفة لثلاثة رؤساء جمهورية على استكمال الحرب رغم إجماع التقديرات على عدم إمكانية تحقيق انتصار عسكري هناك. وبينما يقاضي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ناشري "التايمز"، تنضم "ذا بوست" إلى حلبة الدفاع عن حرية النشر في الولايات المُتحدة وتستكمل نشر التسريبات، قبل أن تنضم إليها مُختلف الصحف المحلية في العديد من الولايات المُتحدة الأميركية. 

ويطرح الفيلم، كما العديد من أفلام سبيلبرغ، ردود فعل متناقضة بين المُتابعين الذين يتلقون رسائل الأفلام بطرق مُختلفة. ولعل أبرز مثلين على هذا التناقض هو الاتهامات المُتناقضة التي تلقاها المُخرج الاميركي اليهودي بعد إخراجه فيلم "ميونخ" الذي يتناول عملية المقاومة الفلسطينية التي استهدفت الفريق الرياضي الإسرائيلي المُشارك في أومبياد ميونخ عام 1972 (أُنتج الفيلم عام 2005)، واتُهم سبيلبرغ يومها بالترويج لوجهة النظر الفلسطينية في الفيلم من قبل بعض اللوبيات اليهودية في الولايات المُتحدة، بينما رفضته شريحة عربية واسعة بسبب خلفيته السياسية الداعمة لإسرائيل. 

وفي ظل عدم وجود موقف رسمي مُوحّد من موضوع منع مشاركة فنانين دعموا أو زاروا إسرائيل من عرض أعمالهم في لبنان أو زيارته، يبقى الخلاف مفتوحاً بين طرفي النزاع في هذا الملف. والجدير ذكره أن لبنان سجّل في الآونة الأخيرة إعادة تموضع سياسي بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، وبات أقرب إلى المحور الإيراني منه إلى المحيط العربي المأزوم. واستتبع ذلك سلسلة إجراءات رسمية على شكل استدعاء ناشطين وصحافيين للتحقيق، ومنع عرض أفلام سينمائية عالمية في دور العرض المحلية. 

العربي الجديد اللندنية في

24.01.2018

 
 

ترشيحات أوسكار 2018.. حظوظ وأرزاق

محمد صبحي

بوصول الفيلم اللبناني "القضية 23" إلى القائمة النهائية لترشيحات أوسكار أفضل فيلم أجنبي، سيكون مساء الرابع من آذار القادم مثيرا للغاية على أكثر من مستوى. عربياً، ستلتفت الأنظار أكثر وتدور النقاشات حول الفيلم ومخرجه الإشكالي وربما تظهر نظريات مؤامراتية تربط وصول الفيلم للسباق الأوسكاري حصراً بالتصريحات المجانية الخاطئة التي يطلقها زياد دويري.

لكن بعيداً عن السياق العربي وضيق المساحات المتاحة لنقاش منطقية هذه الجدالات المتوالدة ذاتياً، تمثل الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار ختام عام سينمائي ونهاية مراحل متتالية من الفلترة والتصفية قام بها أفراد الأكاديمية الأميركية لفنون السينما (وهم غالباً رجال بيض).

عملية متكررة وطقس موسمي يجتذب الأضواء كل عام، وعاما بعد عام تحاول هوليوود جاهدة تحسين قدرتها التسويقية لتثبت للجميع كفاءتها على صنع الحدث وترويجه والاحتفاء به. ومثلما كان العام الماضي موسوماً بفيلم "لالا لاند" كحصان أسود غير جدير بأغلب ما تلقاه من إشادات وتكريمات وجوائز، يطفو حالياً على سطح الحفاوة الموسمية فيلم آخر يداعب خيالات الحلول التوافقية والرؤى المموهة لقضايا يصعب الخوض فيها من دون دراسة وخبرة كافيتين. "ثلاث لوحات خارج إيبنغ بميسوري"..

الخطأ الساطع في حفل السنة الماضية، حين تم إعلان "لالا لاند" فائزا بجائزة أفضل فيلم بدلاً من "مونلايت"، لن يكون حضوره ضرورياً هذا العام لصنع الحدث، لأن هوليوود وجدت موضوعاً أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام في الشهور الأخيرة. فجأة، بعد الكشف عن تاريخ طويل من الاعتداءات الجنسية لواحد من حيتان الإنتاج الهوليوودي بحق عشرات من الممثلات، أخذت كرة الثلج الفضائحية الكاشفة طريقاً سريعاً لتكبر بمضي الأيام، مطيحةً في طريقها العديد من الأسماء الجديدة وأخرى طويلاً ما حامت حولها شكوك بشأن طريقة تعاملها مع النساء وزملاء العمل. هارفي وينستاين وكيفن سبايسي وودي آلين ورومان بولانسكي مجرد بداية لحملات ستأتي توالياً بعد "مي تو" و"تايم إز أب"، وهؤلاء سيكونون فريسة سهلة المنال لنكات المذيع جيمي كيميل، مقدم حفل الأوسكار، مثلما فعل سيث مايرز في حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب قبل أسابيع قليلة.

بمتابعة بسيطة لترشيحات الأوسكار والفائزين بها في السنوات الخمس الأخيرة، على سبيل المثال، تتبيّن معالم عملية الترسيم الأوسكاري من خلال الارتباط الشرطي بين الأفلام المرشحة والفائزة وبين مقاربتها لثيمات مُلحّة تتماس مع النقاش المائر في الدوائر الأميركية الأعلى صوتاً والأكثر تأثيراً. لا يهمّ هنا مدى عمق وأصالة معالجة الموضوع الذي يعرضه الفيلم أو تقترح حكايته مقاربته، فالتركيز ينصبّ على مجرد حضور "ذلك الموضوع" محلّ النقاش والجدال الراهن في الفيلم. على ذلك، كان بالإمكان توقُّع ترشيحات الأوسكار في الفئات المهمة من قبلها بأسابيع طويلة، في ضوء الإدراك الطبيعي لروتينية الخطوات المستقبلية للأكاديمية الأميركية وارتباطها وثيق الصلة بالتأكيد على رسالة معروفة مسبقاً تفيد بأن الأكاديمية تستمع وتستجيب للانتقادات بحقها. فإذا كان العام الماضي هو عام "الأوسكارات البيضاء للغاية"، فيجب علينا تنويع اللون في فئات التمثيل وحجز مكان لفيلم واحد على الأقل لمخرج أو ممثل أسود البشرة. وإذا خرجت من قلب هوليوود في الشهور الأخيرة قضية تفاعل معها الكثيرون في مختلف أنحاء العالم، يكون لزاماً على الأكاديمية الإدلاء بدلوها في هذا النقاش وترتيب الأمور حتى تبدو جوائز الأوسكار مثل قطعة الكرز فوق تورتة الحفلة. أما إذا كان رئيس الولايات المتحدة رجلاً مجنوناً يدير سياسات أكبر دولة في العالم بتغريدات تويتر المتلاحقة، فعلى الأكاديمية أن تنفض التراب عن شخصيات شكّلت بكاريزمتها مصائر وغيّرت تواريخ.

وبهذا المعنى وذلك الأسلوب في تقييم وتكريم الأعمال السينمائية، تصبح وظيفة السينما الأكثر أهمية في سوق الأفكار هي توفير أسرع قراءة أوردّ فعل، وليس نقل جمهورها، عبر أدوات الوسيط السينمائي، بعيداً عن الأزيز المحيط والارتكان إلى طبخ أي شيء سريع التحضير وسهل الهضم يحمل ختم الراهنية ويتباهي بسبقه في التعليق على الأحداث الجارية. في ظل هذه الشروط، يمكن القول أن الفريق الترويجي لفيلم "دنكيرك" عليهم تقديم الشكر لآلهة حظّهم على ما يحدث حالياً من إعادة تقييم لفيلم كريستوفر نولان وحكايته التبسيطية عن إحدى ملاحم جيش بريطانيا الاستعمارية في بداية الحرب العالمية الثانية، وعقد المقارنات بينه وبين فيلم آخر يحمل رائحة الأوسكار في كل تفصيلاته وهو "داركست أور" لجو رايت، الذي يبدو في طريقة لخلافة المسلسل الإنكليزي "ذا كراون" في حصد بضع تتويجات (حاز في العام الماضي على جائزة أفضل مسلسل درامي وأفضل ممثلة) بسبب الإيمان والإعجاب الذي يحظى به من بعض الجهات.في المقابل، يبدو مخيباً للغاية الاختفاء الكامل وشبه الكامل لبعض الأفلام القوية عن قائمة الترشيحات النهائية، مثل "قوايت باشون" لتيرانس ديفيز و"بيرسونال شوبر" لأوليفييه أساياس و"جود تايم" للأخوين بيني وجوش صفدي و"لوست سيتي أوف زد" لجيمس جراي و"فلوريدا بروجكت" لشون بيكر.

هندسة الحظ

على الرغم مما أبدته المؤشرات الأولية لقراءة ترشيحات الأوسكار عن أفضلية واضحة من نصيب دراما الرعب الرقيقة التي يقدّمها المخرج غييرمو ديل تورو في فيلمه "ذا شيب أوف ووتر" بحصوله على 13 ترشيحاً (بمسافة ترشيح واحد من أصحاب الرقم القياسي "لا لا لاند" و"تيتانيك" و"كل شيء عن حواء"). ولكن في سباق يتضمن أفلاماً لاقت إشادة صحافية ونقدية، مثل "دنكيرك" (8 ترشيحات) و"ثري بيلبوردز أوتسايد إيبينغ، ميزوري" (7 ترشيحات) و"فانتوم ثريد" (6 ترشيحات)، تتنافس جنباً إلى جنب مع عناوين أخرى مُفضَّلة جماهيرياً مثل "ليدي بيرد" (5 ترشيحات) و"جت أوت" (4 ترشيحات) و"كول مي باي يور نيم" (4 ترشيحات)؛ يمكن تخيل سيناريوهات مختلفة للفائز.

الإجماع الوحيد الأكيد هو أن الأوسكار لن تذهب إلى "ذا بوست" ستيفن سبيلبيرغ، لأن سبيلبيرغ نفسه ليس مرشحاً في فئة الإخراج. كما من المرجح أن تكتفي ميريل ستريب (بطلة الفيلم) بتسجيل حضورها للمرة الحادية والعشرين في السباق الأوسكاري بدلاً من الاهتمام بحظوظ فوزها بجائزة أفضل ممثلة أمام منافستين قويتين مثل فرانسيس ماكدورماند (ثري بيبلوردز) وسيرشا رونان (ليدي بيرد). حتى الدراما التاريخية المعتاد وجودها في سباق الأوسكار كروتين سنوي يؤكد ميل مصوّتي الأكاديمية إلى هذا النوع السينمائي، ويمثلها هذ العام "داركست أور" لجو رايت، تبدو حظوظها متواضعة في الفوز، بالنظر إلى أن الستة ترشيحات التي حصل عليها الفيلم الإنكليزي لن يتعامل معها أحد بجدية إلا في الفئات التقنية، باستثناء ترشيح غاري أولدمان لجائزة أفضل ممثل عن تجسيده لشخصية رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشيل، وقد صار فوز الممثل المخضرم بالجائزة في حكم المؤكد تقريباً، رغم كل الجدل الممكن إقامته حول ذلك الفوز المتوقع مع وجود أداءات قوية ولافتة من تيموثي شالاميه (كول مي باي يور نيم) ودانيل داي لويس (فانتوم ثريد) دانيل كالويا (جِت أوت) وحتى روبرت باتنسون (جود تايم) الذي تجاهلته الأكاديمية تماماً.

إذاً فما هي المعايير الواجب أخذها في الاعتبار، إن لم يكن العدد الكُلّي للترشيحات، من أجل تخمين الفيلم الفائز بأرفع جوائز الأوسكار؟ السنوات القليلة السابقة تخبرنا بأن الفيلم الأوسكاري غالباً يجب أن تتوافر به سمات معينة وتحيطه هالة ما، إما أن يكتسب شعبية طاغية أو يحتفي بصناعة السينما نفسها، مثلما فعل "الفنان" لميشيل هازنافيسيوس أو "لا لا لاند" لداميان شازيل في العام الماضي، أو يكتسب إحساساً بالأهمية وبضرورة وجوده في لحظة معينة مثلما كان الحال مع "مونلايت" لباري جينكيز ومعالجته لقصة رجل أسود مثلي الجنس من ميامي.

"ذا شيب أوف ووتر"يبدو اختيار غريباً جداً للعب دور الفيلم المفضل أوسكارياً، فهو فيلم نوع تحمل حكايته خطاً سوريالياً حول وقوع امرأة في حب مخلوق أسطوري قادم من نهر الأمازون، وهو الفيلم الذي يسخر في الوقت نفسه من عصر الحرب الباردة والصور النمطية الملتصقة بالعدو السوفياتي والخطر الأحمر؟ أما تاريخياً واجتماعياً، فيتطرق الفيلم إلى قضايا مثل سوء معاملة النساء والعنصرية ورهاب المثلية. ولكن هل هذا المزيج كاف للتتويج في ظل الأجواء المشحونة سياسياً واجتماعياً في هذه اللحظة؟ ربما. لكن من الوارد جداً أن يرى "ذا شيب أوف ووتر" نفس مصير "لا لا لاند" في العام الماضي، أي أن يكون الفيلم الذي يتفق الجميع على تتويجه الحتمي، قبل أن تحمل اللحظة الأخير "تويست" مفاجئ بتجاوزه وتحوٌّل الجائزة إلى فائز قادم من بعيد. على سبيل المثال، يمكن أن يكون ذلك الفائز المفاجأة هو "جِت أوت" للمخرج جوردان بيلي وهو فيلم مُصنّف باعتباره ينتمي إلى سينما الكوميديا والرعب، لكنه يحمل بداخله معالجة ملفتة لأزمة العنصرية في أميركا حالياً. أو ربما يكون "ليدي بيرد" الباكورة الإخراجية للممثلة المحبوبة غريتا جرويج والذي تروي من خلاله بحساسية ساحرة حكاية نضوج (Coming of age) إحدى الفتيات الأميركيات تتشابه مسارات حياتها مع بيوغرافيا المخرجة.  

على عكس الغولدن غلوب، حجزت جيرويج لنفسها مكاناً في فئة أفضل إخراج، وهي المرة الخامسة فقط التي تنال فيها إحدى المخرجات تلك الحظوة الأوسكارية. وإذا فازت جرويج بتلك الجائزة، فستكون ثاني مخرجة في تاريخ الأوسكار تحصد الجائزة بعدما فعلتها كاثرين بيغلو عن فيلمها "هارت لوكر" (2009). والحقيقة، أن ثمة حسابات كثيرة يمكن الخوض فيها بمجرد الحديث عن وجود جرويج وفيلمها في القائمة النهائية لسباق الأوسكار، فالأكاديمية لم ترد تفويت فرصتها في تصحيح خطأ شقيقتها الصغرى، الغولدن غلوب، التي تجاهلت جرويج تماماً في ترشيحاتها مكتفية بتتويج بطلة فيلمها، سيرشا رونان، بجائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي. في مثل هذه الحالات تمارس الأكاديمية هوايتها في ركوب موجة "التريند" اللاحق للحدث، فتحضر جرويج في فئة الإخراج على حساب مارتن ماكدونا، المخرج الذي تمثل الحفاوة المبالغة بفيلمه علامة استفهام كبيرة. ولكنها الأوسكار، وحساباتها المختلطة والمتعددة، كي يخرج الجميع سعداء في النهاية.

الفائز الأوتسايدر

يبدو فوز فيلم قليل التكلفة مثل "مونلايت" بجائزة أفضل فيلم العام الماضي قد أثار "تريند" ما داخل هوليوود، أو ربما هي من سَعت إلى ركوبه تأكيداً لرغبتها في تبوأ موقع الريادة دائماً لأي حدث من الممكن إلحاقه بصفة "التقدمية". فمن بين التسعة أفلام المرشحة لجائزة أفضل فيلم هذا العام، يمكن ملاحظة تغيّر نسبة حضور الأفلام وفقا لتكاليف إنتاجها لصالح الإنتاجات الصغيرة نسبياً، وهذا يجعل المنافسة بينها مفتوحة على كل الاحتمالات. وفي الوقت ذاته، تعني وفرة الإنتاجات المستقلة في السباق تنافسية عالية في ما بينها قد تستقطع من حظوظها في التتويج. على الأرجح سيكون المستفيد الأكبر من ذلك هو فيلم "ثري بيبلوردز" للمخرج مارتن ماكدونا، حيث تلعب فرانسيس ماكدورمانددور أم تستخدم أساليب قاسية لا مهادنة فيها بحثاً عن ثأرها الشخصي وحلّ لغز مقتل ابنتها المراهقة بعد اغتصابها على أطراف بلدتها الصغيرة، وفي الأثناء يجري تقديم معالجة باهتة تتشعب أطرافها للإلمام بأزمة العنصرية في المجتمع الأميركي وقضية حمل المواطنين للأسلحة وثقافة الاغتصاب، ضمن أمور أخرى يفشل الفيلم في مقاربتها بالشكل الملائم. لكن أيضاً العائق الوحيد أمام تتويج فيلم ماكدوناه هو أن مخرجه لم يجد اسمه حاضراً في فئة الإخراج، وهو مأزق لم يتمكّن من تخطّيه في السنوات الأخيرة سوى فيلم متواضع آخر هو"أرغو" لبِن أفليك، حين فاز عام 2014 بجائزة أفضل فيلم رغم عدم ترشيح أفليك لجائزة أفضل مخرج.

وربما يأتي "دنكيرك" بترشيحاته الثمانية وحكايته الملحمية ليكون هو المرشح المفضل للفوز في ثالث حضور أوسكاري لمخرجه كريستوفر نولان ( بعد "ذا دارك نايت" و"إنترستيلار")، رغم حقيقة أن البناء السيمفوني للفيلم يجعله مفتقراً للأداءات التمثيلية المنفردة اللافتة المعتاد وجودها في أغلب الافلام التي تفوز بالأوسكار، وهو ما يقلل كثيراً من حظوظه. لكن الفيلم الذي سيقع عليه الظلم الأكبر في هذا الموسم هو بالتأكيد "كول مي باي يور نيم" للوكا غواد اغنينو، لأنه من المستبعد أن يحصل فيلم ثيمته الرئيسية حول قصة حب مثليبين مراهق وسيم ورجل أنيق على أوسكار أفضل فيلم في العام التالي مباشرة لفوز "مونلايت" بالجائزة.

أخيراً، فإن الفيلم الذي يمكن له القيام بدور المفاجأة السرية فعلاً هو "فانتوم ثريد" للمخضرم بول توماس أندرسون، الذي يقدّم دراسة تفصيلية لعلاقة حب تتأرجح موازينها بين عشق مفتون وهوس بالسيطرة بطليها مصمم أزياء نرجسي (دانييل داي لويس في آخر أدواره على الشاشة) وملهمته الشابة (فيكي كريبس). ثمة نظرية تفيد بأن ترشيح لويس لجائزة التمثيل كان أمراً متوقعاً من قبل ظهور الفيلم باعتباره إيماءة محبة من جانب الأكاديمية تجاه الممثل المخضرم قبل اعتزاله التمثيل، لكن على جانب آخر، بالكاد يمكن لأي شخص أن يعتدّ بأي من الترشيحات الخمسة الأخرى التي حصل عليها الفيلم (أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثلة مساعدة، وأفضل موسيقى، وأفضل تصميم أزياء)، لأن السينما التي يصنعها أندرسون لم تكن يوماً خياراً مفضلاً لأعضاء الأكاديمية، رغم ترشيحه 8 مرات سابقة. أسباب ذلك التجاهل الهوليوودي لواحد من أفضل السينمائيين الأميركيين وأمهرهم يمكن فهم بعضها بالنظر إلى الطريقة التي يعالج بها "فانتوم ثريد" مسائل مُلحّة تندرج تحت "التريند" الذي ترعاه هوليوود حالياً، حيث يقدّم خطاباً معارضاً للهيمنة الذكورية والتمييز ضد النساء بوضوح مدروس وبطريقة سينمائية تماماً تستفيد من الوسيط بدلاً من امتطائه لإنجاز أعمال تستعجل الوصول إلى مبتغاها بهرولة تفقدها النظرة المتفكرة في بواطن الأمور والطبقات المتعددة للمسائل التي تقاربها ("ثري بيلبوردز" على سبيل المثال).

الأكاديمية الأميركية تحب الهرولة وسينما الوجبات السريعة، وأكّدت ذلك عبر السنوات القليلة الماضية بترشيحاتها وتتويجاتها، وليس من المرجح تغيير عاداتها حتى مع اتساع قاعدة أعضائها وتنوعهم جنسياً وعرقياً. ومع طريقة الاقتراع التفضيلي (حيث يمكن للمصوت الواحد اختيار أكثر من مرشح وترقيم اختياره وفقاً لتفضيله الشخصي)، التي تمارس منذ عدة سنوات في تصويت الأوسكار، فمن المرجح أنه في 4 آذار القادم قد لا يكون الفائز هو الفيلم الأكثر شعبية بين التسعة المرشحين، ولكن ببساطة الفيلم الأقل تجاهلاً من قبل المصوّتين، وتاريخ التفضيل والتجاهل الهوليوودي حافل بالمفاجآت.

المدن الإلكترونية في

25.01.2018

 
 

"غياب الحب" الروسي مرشح للأوسكار

موسكو ــ رامي القليوبي

بات الفيلم الروائي الروسي "غياب الحب" من إخراج أندريه زفياغينتسيف، من بين الأعمال التي تأهلت للمنافسة النهائية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية.

ويروي الفيلم الذي سبق له أن حصل على جائزة لجنة التحكيم بالدورة الـ70 لمهرجان "كان" في مايو/أيار الماضي، قصة اختفاء طفل من أسرة تعيش حالة من الانفصال وإجراءات الطلاق، وتجري أحداثه على أطراف موسكو.

وأثناء انشغالهما ببيع شقتهما وخططهما المستقبلية وعلاقاتهما الجديدة، لا يجد الزوج والزوجة وقتا للتفكير في مصير ابنهما البالغ من العمر 12 عاماً ويندمان على إنجابه ويفكران في إرساله إلى مدرسة داخلية.

وبعد سماعه حديث والديه حول رغبتهما في التخلص منه، يبكي الطفل ليلاً ويهرب من بيته في اليوم التالي، ليبدآ البحث عنه دون أن يتوج بنتيجة.

ومن خلال مشاهد متماسكة في بعض الأحيان وعنيفة ومثيرة في أحيان أخرى، يتجاوز الفيلم حدود الدراما العائلية، ليعرض لقطات لواقع مرير تعيشه آلاف من العائلات الروسية قررت الزواج والإنجاب بسبب حدوث الحمل من دون أي مشاعر عاطفية.

"غياب الحب" ليس مجرد عنوان الفيلم، بل جوهره وسط إظهاره لأنانية الكبار الذين ينهون علاقة، فيبدأون أخرى جديدة، متوهمين بأنها ستضع حدًا لوحدتهم، ولكن اختفاء الطفل يربك حساباتهم.

لا يكشف الفيلم عن مصير الطفل، مكتفياً بعرض مشهد في المشرحة، حيث ينفي الوالدان أن أمامهما جثة ابنيهما، بينما ينصحهما منسق عمليات البحث بإجراء تحليل للحمض النووي. ثم ينتقل الفيلم إلى مشاهد بعد مرور نحو عامين، ولا يزال الطفل غائباً، في الوقت الذي يواصل فيه أبواه حياتهما مع شريكين جديدين، من دون أن يجد أحد سعادة بحث عنها.

وكانت لجنة الأوسكار الروسية قد قررت في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ترشيح "غياب الحب" لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية. وهذه ليست أول مرة يتأهل فيها عمل سينمائي من إخراج زفياغينتسيف للمنافسة النهائية للأوسكار، إذ تنافس فيلمه "الطاغوت" عليها في عام 2015.

وكانت المرة الوحيدة التي حصلت فيها روسيا ما بعد السوفييتية على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في عام 1995، وذلك عن فيلم "تعبون تحت الشمس" للمخرج نيكيتا ميخالكوف.

العربي الجديد اللندنية في

25.01.2018

 
 

الفيلمان العربيان «آخر الرجال في حلب» و«قضية 23» يترشحان لجوائز الأوسكار

صراع بين مخرجين مكسيكي وإيرلندي على أفضل إخراج وسيناريو

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي»: للعام الثاني على التوالي يُرشح فيلم سوري يتناول شخصيات «الخوذ البيضاء» لجائزة الأوسكار وهو «آخر الرجال في حلب»، من اخراج فراس فياد وكريم عبيد. وسوف يتنافس هذه المرة في فئة أفضل فيلم وثائقي طويل، بينما تنافس العام الماضي فيلم «الخوذ البيضاء» في فئة أفضل فيلم وثائقي قصير وفاز بها. 

عُرض «آخر الرجال في حلب» للمرة الأولى في مهرجان «صندانس» للأفلام المستقلة قبل عام، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي عالمي أيضا. وأذكر أن المشاهدين انفجروا بكاء خلال عرض الفيلم هناك من المشاهد المرعبة، التي طرحها أمامهم. واستمر الفيلم بحصد الجوائز القيمة في دربه إلى جوائز الأوسكار.

فيلم عربي آخر حقق ترشيحا في فئة أفضل فيلم بلغة أجنبية وهو الفيلم اللبناني «قضية 23»، من المخرج زياد الدويري. ويدور حول خلاف بين فلسطيني مسلم ولبناني مسيحي يصل إلى المحاكم ويتفاقم ليصبح محور الحديث والجدل في المجتمع اللبناني. وكان عُرض للمرة الأولى في مهرجان «فينيسيا» السينمائي، حيث فاز بجائزة أفضل ممثل لبطله الفلسطيني كامل الباشا. وهذه أول مرة يُرشح فيها فيلم لبناني لجائزة الأوسكار. وسوف ينافسه على الجائزة الفيلم التشيلي «إمرأة رائعة» والروسي «بلا حب» والهنغاري «عن الجسد والروح» والسويدي «ذي سكـوير».

«شكل الماء» أفضل الأفلام

تصدر فيلم المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو «شكل الماء» ترشيحات أوسكار هذا العام بـ 13 منها ومن ضمنها: أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو أصلي وأفضل ممثلة لسالي هوكينغ وأفضل ممثلة مساعدة لأوكتافيا سبينسر وأفضل ممثل مساعد لريتشارد جينكينز وأفضل لحن وأفضل تصوير. ويحكي قصة غرام بين إمرأة بكماء وكائن مائي. وكان عرض للمرة الأولى في مهرجان «فينيسيا» السينمائي، حيث فاز بجائزة الأسد الذهبي. كما أن نقابة المنتجين الأمريكية منحته جائزة أفضل فيلم الأسبوع الماضي، مما يعزز من امكانية فوزه في أوسكار أفضل فيلم. 

وتلاه فيلم المخرج الايرلندي مارتين ماكدونه «ثلاث لوحات اعلانية في ايبينغ ميسوري» بتسعة ترشيحات، ومن ضمنها أفضل فيلم، أفضل ممثلة لفرانسيس ماكدونالد، وأفضل ممثل مساعد لسام راكويل ووودي هارلسون وأفضل لحن، ولكن من المفارقات أن ماكدونا نفسه لم يرشح في فئة أفضل مخرج. ويحكي الفيلم قصة أم تطالب الشرطة بالبحث والقبض على مغتصب وقاتل ابنتها. وكان فاز بجائزة جمهور مهرجان «تورنتو» السينمائي، وتصدر جوائز «الغلودن غلوب» بخمسة منها بداية هذا الشهر وحاز على جائزة أفضل طاقم تمثيل من نقابة ممثلي الشاشة نهاية الأسبوع الماضي. ولهذا يعتبر المنافس الأقوى لشكل الماء.

واحتل فيلم كريستوفر نولن «دنكيرك» المرتبة الثالثة بسبعة جوائز، ومن ضمنها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل تصوير. ويتناول الفيلم اخلاء الجنود البريطانيين من ساحل دينكرك خلال الحرب العالمية الثانية، بينما كانوا يتعرضون للقصف الألماني. وكان قوبل بمديح النقاد وتصدر ايرادات شباك التذاكر الصيف الماضي.

وسوف تواجه الأفلام الثلاثة ستة أفلام أخرى في فئة أفضل فيلم وهي فيلم ستيفن سبيلبرغ «ذي بوست»، الذي حصل على ترشيح في فئة أفضل ممثلة لميريل ستريت، و«نادني باسمك»، الذي حاز على ترشيح في فئة أفضل ممثل لتيموثي شالاميت وأفضل سيناريو مقتبس، و«أخرج»، الذي حاز على ترشيح لافضل ممثل لبطله دانييل كالويا وأفضل مخرج وأفضل سيناريو أصلي لجوردان بيل، و«لادي بيرد»، الذي حقق ترشيحا في فئة أفضل مخرج وأفضل سيناريو أصلي لغريتا غيرويغ وفئة أفضل ممثله لسورشي رونان، و«فانتوم ثريد»، الذي فاجأ المعلقين بنيل ترشيحات في فئة أفضل مخرج لبول توماس اندرسون وأفضل ممثلة مساعدة ليزلي مانفيل فضلا عن ترشيح لداني داي لويس في فئة أفضل ممثل، و«أكثر الساعات ظلمة»، الذي نال أيضا ترشيح في فئة أفضل ممثل لبطله غاري اولدمان.

التعددية الجنسية والعرقية

واضح أن التغييرات التي اتخذتها الأكاديمية في الأعوام الأخيرة من خلال ضم أكثر من ألفي عضو من الملونين والنساء ترك أثرا ملحوظا على ترشيحاتها، التي كانت تهيمن عليها أفلام الرجال البيض اذ أن معظم الأفلام المرشحة هذا العام هي أفلام نسائية وأفلام عرقية على غرار «لادي بيرد»، الذي يتناول نضوج فتاة وعلاقتها مع امها. وحقق الفيلم رابع ترشيح لامرأة في فئة أفضل مخرج لمخرجتها غريتا غيرويغ. كما رُشح بجانبها المخرج الأسود جوردان بيل، عن فيلمه «اخرج»، الذي يكشف عن نفاق الليبراليين البيض في تعاملهم مع السود.

وفي فئة أفضل ممثل ينضم دينزل واشنطن لكالويا في المنافسة امام زملائهم البيض شامالات واولدمان وداي لويس بينما تتنافس ماري بلايج واوكتوفيا سبينسر زميلاتهن البيض اليسون جيني ولوري ميتكالف ومانفيل في فئة أفضل ممثلة مساعدة.

كما رشحت الاكاديمية لأول مرة في تاريخها أمرأة في فئة أفضل تصوير وهي راتشيل موريسون عن تصوير فيلم «مادباوند»، الذي يعالج العنصرية ضد السود في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية.

التحرشات الجنسية وعواقبها

بلا شك أن فضائح التحرشات الجنسية وعواقبها أثرت على التصويت لجوائز الأوسكار ومن أبرز ضحاياها جيمس فرانكو، مخرج ومنتج فيلم «الفنان الكارثي»، الذي فاز بجائزة الغولدن غلوب بداية هذا الشهر لأفضل ممثل في عمل كوميدي وكان متوقعا أن يرشح لجائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثل ولكن يبدو أن اتهامات خمس نساء له بتصرفات بذيئة تجاههن قبل اغلاق حملة التصويت لجوائز الأوسكار دفعت مصوتو الأوسكار إلى تجاهله وحرمانه من الترشيح.

ومن جهة اخرى هناك من استفاد منها وهو كريستوفر بلامر، الذي بدّل كيفين سبيسي المفضوح في دور بول غيتي في فيلم ريدلي سكوت «كل المال في العالم» ورُشح في فئة أفضل ممثل مساعد بجانب ويليام دافو، راكويل وهارلسون وجينكينز. وقبل غرقه في الفضائح، كان سبيسي يعتبر المنافس الاقوى للحيز بهذه الجائزة.

وبلا شك أن الاعتداءات على النساء ساهمت في منح أعضاء الأكاديمية أكبر عدد من الترشيحات لأفلام نسائية فهل ستأثر أيضا على الجوائز نفسها؟

الجواب على هذا السؤال سوف يُكشف في الرابع من شهر مارس/آذار في حفل توزيع جوائر الأوسكار، الذي سيكون مضيفه الكوميدي جيمي كيميل وسوف يبث حيا على شاشة ABC.

####

سبيلبرغ يُوحِّد أصحاب الصالات والموزعين والصباح يدعو للوعي في لغة مناهضة التطبيع في لبنان

زهرة مرعي

بيروت – «القدس العربي» : قال أصحاب صالات السينما في لبنان وموزعو الأفلام في لقاء عقد في نقابة الصحافة قبل ظهر أمس الأربعاء إن 23 فيلماً لستيفن سبيلبرغ، سواء كان منتجاً أو مخرجاً عُرضت في لبنان منذ سنة 2006، بينها خمسة أفلام في العام السابق الذكر.

وفيما النقاش الحالي في مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني تائه بين مقاطعة الصهيوني الداعم لإسرائيل والمتبرع السخي لها، أو مقـاطعة فـيلم «بوسـت» وهو مـن إنتاجه؟ يبقى أن المـبدأ هـو الأسـاس ولا يمـكن أن يتـجزأ.

فإن كان سبيلبرغ يدافع في انتاجه هذا عن حرية الصحافة في فضح ممارسات ريتشارد نيكسون والحكومة الأمريكية في حربها على الشعب الفيتنامي، فهل رفّ جفنه من عماء الصحافة نفسها عن مأساة الشعب الفلسطيني منذ 70 سنة والتي تُطمس على الدوام؟ 

فرداً على دعوات طالبت وزير الداخلية نهاد المشنوق بسحب الفيلم من الصالات كان لقاء جمع المتضررين في ما لو حصل الأمر. الموعد هو الحادية عشرة، وكانت الصالة لا تزال شبه فارغة، فيما انتصبت كاميرات تلفزيوني «أم تي في» و«المنار» وحيدتين.

تحلق حول المنتج صادق الصباح الموزعون وأصحاب الصالات، وبين الحضور كان المخرج فيليب عرقتنجي، ومديرة مهرجان بيروت الدولي للسينما كوليت نوفل ومهتمون. 

في بداية كلمته تحدث الصباح عن مجريات الفيلم السابق الذكر والمتعلق بوثائق عن حرب فيتنام «ولا علاقة له بالنزاع مع العدو الإسرائيلي». وأضاف «السينما سلاح مؤثر سرعان ما استخدمه اللوبي الصهيوني أو غيره من المروجين للعنف والقتل لغزو مجتمعاتنا والتأثير في ثقافتنا وتزوير تاريخنا… غير أن حدود الموضوع المطروح لا تتعلق بهذا الأمر. فيلم «بوست» صنف أفضل معركة للصحافة ضد السلطة… إن مقاومتنا لإسرائيل وللتطبيع تتطلب لغة جديدة مبنية على الوعي، وليس على افتعال اشكاليات قد تكون خلفياتها تجارية تحت عنوان «رفض التطبيع».

وتساءل: هل استخدام لقاح شلل الأطفال، أو اعتماد علاج غسل الكلى، أو علاج اللوكيميا هو تطبيع؟ أمور كثيرة تدخل في يومياتنا نستخدمها ولا نعرف أن براءة اختراعها مسجلة بأسماء يهودية. نرفض التطبيع بوعي وادراك ومسؤولية، ولدينا القدرة على المقاومة الثقافية والفكرية ومعرفتنا لتاريخنا ما يكفي لمقاومة إسرائيل وهزيمتها… واجبنا اليوم وضمن اطار احترام القانون، دعم قطاعاتنا الفنية لتبقى ثقافة الحرية رمزاً للبنان، وليبقى هذا القطاع أحد أعمدة الإقتصاد اللبناني الأساسية. ولأن الفن هو ابن الوعي، فالحرية في الفن لن تكون يوماً دعوة للرضوخ لسياسة التطبيع». 

في الحوار مع الصحافيين قيل للصباح: من جئتم للرد عليهم بالأمس يريدون مقاطعة المخرج والمنتج وليس الفيلم وأنتم تلتقون معهم على مناهضة التطبيع الثقافي والإعلامي فلماذا لا تلتقون لتحديد الأطر والمبادىء المتعلقة بالتطبيع؟ كما ابدى انفتاحه على الحوار ورأى ضرورة له، وأكد أكثر من مرّة خلال إجاباته العداء للكيان الصهيوني، ومساندة المقاومة التي حررت الأرض لكنه عاد للتساؤل عن لقاح الشلل، وعلاج اللوكيميا؟ وما العمل لأن مخترعه يهودي؟ الرد هو الصراع مع الصهيونية. 

الموزعون بدورهم تحدثوا عن شرائهم للفيلم قبل سنوات، وأن منع عرضه سيؤدي لخسارة بمئات ملايين الليرات اللبنانية. وأعلنوا عن تخوفهم من وقف الفيلم بحيث يصبح ذلك سابقة تتكرر، مما يلحق الضرر بالعاملين في هذا القطاع.

وخلُص الصباح للدعوة إلى نقاش علمي بمفهوم وطني وفي إطار المؤسسات الرسمية لوضع أسس واضحة، إذ أصرّ على التفريق بين المقاطعة والمنع.

القدس العربي اللندنية في

25.01.2018

 
 

«قضية رقم 23» مرة أخرى: أهلاً وسهلاً بكم في جَنغل زياد دويري

هنيده غانم

«قضية رقم 23» مرة أخرى: أهلاً وسهلاً بكم في جَنغل زياد دويري"اليسار البديل"... كي تتجاوز حركة المقاطعة الاستقطاب وتتحول لحركة جامعةالحزب الشيوعي في إسرائيل بين المسألة القومية وإقامة الدولة اليهودية (٣/٣)الحزب الشيوعي في إسرائيل بين المسألة القومية وإقامة الدولة اليهودية (٢/٣)

في اقتطاع مشهد الدم من السياق يصير العنف فعلاً همجيا لشعب يدّعي أنه ضحية، وفقط حين يقطع العنف من كل سياق ويرفع إلى مكانة فوق اجتماعية وتاريخية، ويتحول الجميع إلى ضحايا متموضعين في فضاء يسبح بالعدم، يصير من الممكن التنكيل أكثر بالفلسطيني لأنه يصير كائناً لا زماني، نموذجاً نظرياً مجرداً. الحرب التي يعلنها دويري على حركة المقاطعة هي نتاج هذا القطع الكارثي، ونتيجة القول إن لا أحد يحتكر دور الضحية.


شاهدت فيلم «قضية رقم 23»، لست ناقدة سينمائية ولن أتحدث عن أبعاده الفنية والتصويرية، وهو حديث لا أعنى به. ما يهمني هو الفكرة العامة التي يريد دويري إيصالها لي كمشاهدة للفيلم، وهي أنه لا يمكن لأحد أن يحتكر دور الضحية، وأن الجميع ضحايا بشكل ما، وهو ما يقوم به من خلال تفكيك "صورة الضحية" الفلسطينية واستحضار جرائمها في الدامور، مع استخدام صور مرعبة للمجزرة والاستعانة بأحداث أيلول الأسود لإظهار جرم من يدعي أنه ضحية، مقابل إظهار داعمي بشير الجميل كضحية متساوية لا تقل مأساوية. تستدعي هذه الفكرة التوقف عندها لأهميتها وتبعاتها الأخلاقية وأبعادها السياسية والإنسانية وذلك عبر عدة نقاط متداخلة.

أولاً: لا يوجد إنسان قادر على "الفعل" تحت قبة السماء يمكن أن يكون "ضحية كاملة"، فقط الحيوانات والبشر غير المؤهلين للفعل هم من يمكنهم أن يكونوا ضحية كاملة، بمعنى كائنات سلبية مستقبلة غير قادرة على التفاعل مع سياقها لا بالفهم ولا بالفعل. الحيوانات ضحايا كاملة لأنها تنتمي إلى عالم حي يتموضع خارج الثقافة ولا تملك أدوات تفسير وتواصل مع محيطها البشري، وبالتالي يمكن أن تقاد إلى الذبح دون أن تفهم السياق الذي تتواجد فيه، وهي بهذا المعنى تكتسب صفتها كضحية من عدم وجود أي أداة لديها للفهم أولاً والمقاومة ثانياً. أما البشر غير المؤهلين بمعنى عقلي أو بسبب وجودهم في حالة موت سريري، فيمكن أن يكونوا أيضاً ضحايا كاملين لأنهم فاقدون للقدرة على المقاومة. فيما عدا ذلك فإن الإنسان العادي والطبيعي هو ضحية متفاوتة تبعاً لقدرته على الفعل والمقاومة التي قد تكون رمزية بحدها الأدنى، وفعلية عنيفة بحدها الأقصى.

ثانياً: مثلما لا يوجد إنسان ضحية كاملة، فإنه لا يوجد شعب ضحية كاملة، لأن الشعب هو مجموع أفراده ومراكمة ردودهم الفردية والجماعية ومخزن إرادتهم العامة. الشعوب تكون ضحية كاملة فقط في حالة إبادتها وتحويلها إلى رماد بضربة عليا إلهية. وحتى في حالة إبادة هيروشيما بقنبلة نووية لم يكن سكانها ضحايا كاملين لأنهم كانوا جزءاً من "عدو" في حالة حرب، يصارع على رؤية معينة، وذلك بغض النظر عن أخلاقية هذه الرؤية سواء من حيث صدقها أو إجرامها. بمعنى آخر فإن الإنسان أو الشعب يكون ضحية كاملة إذا كان يسبح خارج الإنسانية وليس ضمنها، وخارج القدرة على الفعل.

ثالثاً: هل يعني عدم وجود ضحية كاملة أنه لا معنى للحديث عن ضحايا؟ أو هل يعني هذا أن الجميع ضحايا بشكل أو بآخر؟ بالطبع لا! بل أكثر من ذلك فإن القول إن كل الضحايا تتساوى هو قول مرعب ومخيف إلى حد بعيد، لأنه يلغي المسؤولية الأخلاقية عن الجميع وهذا هو المهم. لماذا؟ لأنه لو كان الكل ضحايا فلا مجرمون كما كتبت حنة أرندت، فالمغتصب ضحية تربية أو بيولوجيا هائجة والقاتل ضحية نزعات أو تاريخ حزين والمستعمر ضحية مطاردة في بلده الأم، وكذا فإن النازي ضحية الدعاية والفاشي ضحية ضحالته والجزار في صبرا وشاتيلا ضحية الدامور!! 

رابعاً: القدرة على تحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية في حالة كان الجميع ضحايا تصبح غير ذي صلة، حيث يتم تدوير المسؤولية وتحويلها إلى عبث. وغالباً ما كان الاستغراق في هذا التحليل عن أسباب العنف وقوفا في صف القاتل.

خامساً: فيلم «قضية رقم 23» وقبله فيلم «الصدمة»، يعملان على تفكيك "الضحية" الفلسطينية عبر نزعها من سياقها، وإعادة نسجها ضمن عالم متساو من الضحايا، أطفال ونساء يهود مضرجون بدمهم في تل أبيب في فيلم «الصدمة» بفعل عنف فلسطيني بلا سياق، وضحايا الدامور مذبوحون بمشاهد تقشعر لها الأبدان نتيجة عنف مقطوع عن حرب أهلية دامية. يخرج المشاهد بحزن على ضحايا يطالبون بحقهم في "الاعتراف" من دون أن يفهم ما السياق. ولا يعني وجود السياق بالمناسبة التبرير بل على الأقل الفهم. لا عين الرمانة صارت ولا حتى صبرا وشاتيلا، ولا حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس في لبنان وتسببت في قتل الأخ لأخيه، فقط فلسطينيون ذبحوا وحرقوا وتلبسوا دور الضحية على غير حق، وفي «الصدمة» لا وطن مسلوب تحول إلى خرائب في عام 1948 ولا شعب كامل تحول إلى طريد سليب يعيش على حافة الإنسانية خاصة في لبنان. فن إنتاج مساواة الضحايا يشترط أن تقتطع الأحداث من سياقها، وأن تضع الجميع على كرسي الاتهام سواسية، ثم تحاكمهم بوصفهم غيلان ليل.

في اقتطاع مشهد الدم من السياق يصير العنف فعلاً همجيا لشعب يدّعي أنه ضحية، وفقط حين يقطع العنف من كل سياق ويرفع إلى مكانة فوق اجتماعية وتاريخية، ويتحول الجميع إلى ضحايا متموضعين في فضاء يسبح بالعدم، يصير من الممكن التنكيل أكثر بالفلسطيني لأنه يصير كائناً لا زماني، نموذجاً نظرياً مجرداً. الحرب التي يعلنها دويري على حركة المقاطعة هي نتاج هذا القطع الكارثي، ونتيجة القول إن لا أحد يحتكر دور الضحية.
وإذا كنا كلنا ضحايا وكلنا مجرمون... فإن لا ضحايا ولا مجرمين ولا مسؤولين ولا مسائلين! أهلاً وسهلاً بكم في جَنغل زياد دويري !!

*باحثة من فلسطين

ملجة رمان الفلسطينية في

25.01.2018

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)