كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

هوليوود قبل إعلان ترشيحات الأوسكار: التحرشات الجنسية تُقرِّر مصير الأفلام المتنافسة وليس قيمها الفنية

حسام عاصي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2018)

   
 
 
 
 

القضاء انتقل من المحاكم إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت الحاكم والجلاد

لوس أنجليس – «القدس العربي»: عادة في موسم جوائز هوليوود، تهيمن الأفلام المتنافسة على الحديث والنقاشات في الحفلات والمناسبات، فضلا عن تصدرها لعناوين أخبار السينما، ولكن هذا الموسم انقلبت الأمور رأسا على عقب. فبدلا عن الحديث عن الأفلام، أجد نفسي في هذه الحفلات أناقش اتهامات التحرش الجنسي الموجهة إلى صانعيها ونجومها وكأن أخلاقياتهم أصبحت المعيار الوحيد لتكريم أعمالهم الفنية وليست مواهبهم. والأكثر غرابة أن الكثير من النجوم المتنافسين صاروا يتم تفاديهم، كما حدث مؤخرا لفائزي جوائز «الغولدن غلوب» جيمس فرانكو وعزيز أنصاري.

عندما صعد جيمس فرانكو إلى المنصة لتسلم جائزة «الغلودن غلوب» لأفضل ممثل في عمل كوميدي أو موسيقي، كانت ممثلاته وتمليذاته بين الملايين، الذي كانوا يشاهدونه يرتدي رمز التضامن على صدره مع ضحايا الاعتداءات الجنسية «كفاية». 

وبينما كان يلقي خطاب استلام الجائزة، كانت تلك الممثلات تبث ادعاءات عنه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تتهمه بتصرفات بذيئة تجاههن خلال العمل معه على مشاريع أفلام. وفي الأيام اللاحقة، قضى فرانكو وقته يدافع عن نفسه في برامج «التوكشوا» بدلا من الاحتفاء بجائزته. 

كما أنه تفادى لاحقا حضور حفل توزيع جوائز النقاء السينمائيين، حيث فاز بجائزة أفضل ممثل مرة أخرى، وقد وضع أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة في أزمة لأن الترشيح لجوائز الأوسكار أُغلق قبل ظهور الاتهامات ضده، ومن المتوقع أن يرشح في فئة أفضل ممثل. فهل ستدعوه الأكاديمية إلى حفل توزيع جوائز الأوسكار؟ وإذا حضر كيف سيواجه الإعلام؟

هذا السؤال تواجهه الأكاديمية في خصوص دعوة نجم آخر، وهو كيسي أفليك لتقديم جائزة أفضل ممثل، التي فاز بها العام الماضي عن دوره في فيلم «مانشستر باي ذي سي.» أفليك أيضا يواجه اتهامات تحرش جنسي من قبل بعض النساء، اللواتي ما زلن يطالبن هوليوود بمقاطعته. تخيّل كيف سيكون رد الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي إذا فاز فرانكو بجائزة أفضل ممثل وقدمها له أفليك؟

البريطاني غاري أولدمان المرشح الأفضل للأوسكار

المرشح الأقوى للفوز في أوسكار أفضل ممثل ليس فرانكو وإنما البريطاني غاري أولدمان عن أداء دور وينستون تشرشل في «أكثر الساعات ظلمة». لكن هذا الأمر لن ينجد الأكاديمية من أزمتها. فمثل فرانكو، فوز أولدمان بغولدن غلوب أفضل ممثل في عمل درامي أثار غضب بعض النساء لأنه كان أيضا متهما بالاعتداء على زوجته عام 2001. فيبدو أن الأكاديمية في مأزق صعب لا مخرج منه. 

أنصاري هو أيضا صنع تاريخا الأسبوع الماضي عندما أصبح أول مسلم يفوز بجائزة أفضل ممثل في عمل تلفزيوني كوميدي. ولكن بدلا من الاحتقاء بتحقيقه التاريخي، كان عليه أن يتصدى لاتهمات فتاة ادّعت أنه أكرهها على مضاجعته في بيته في نيويورك العام الماضي. 

اتهامات التحرش الجنسي اندلعت منذ فضح المنتج الهوليوودي العملاق هارفي واينستين بداية شهر اوكتوبر/تشرين الأول الماضي في مقال نشرته جريدة «نيويورك تايمز». 

ومنذ ذلك الحين أسفرت هذه الاتهامات، التي لم تُثبت في محاكم قضائية، إلى انهيار بعض ابرز نجوم ومسؤولي هوليوود وسقوطهم من مناصبهم على غرار الممثل كيفين سبيسي والمخرج بريت راتنر ومؤسس شركة «بيكسار» للصور المتحركة ومدير شركة «ديزني» جون لاسيتر. بعض الاتهامات جدية مثل إكراه الضحايا على ممارسة جنسية أو حتى اغتصاب، ولكن عددا كبيرا منها تبدو تصرفات عادية تمارس في الحياة اليومية في المجتمعات الغربية، مثل عادة لاساير معانقة النساء. الحقيقة هي أنه كان يعانق النساء والرجال. وكان يعانقني كلما التقيت به وكنت أشاهده يعانق الجميع بدون تمييز ولم أشعر إن كانت نيته سيئة، ولكن ذلك لم يحميه من هجوم شرس ضده على صفحات التواصل الاجتماعي واضطر إلى ترك منصبه. 

حركة «أنا أيضا»، التي تشجع النساء على فضح كل من تحرش بهن أو اعتدى عليهم في حياتهن، أصبحت سيلا عارما تجرف كل ما يقف أمامها وتسحقه. فعندما حاول مات ديمون، الشهر الماضي، أن يحذر من الافراط والتهور في نشر هذه الاتهامات، التي أسفرت عن تدمير أشخاص ابرياء، بدون فحص صحتها ودقتها، انقلبت الحركة ضده وهاجمته بالاستنكار واتهمته بالجهل وعدم الحساسية، رغم أنه كان واحدا من أشد مناصريها.

كما واجهت النجمة الفرنسية، كاثرين دينوف، هجوما شرسا عندما قامت هي ومئة امرأة فرنسية بنشر تصريح تستنكر العداء تجاه الرجال وتقر حقهم في مغازلة النساء.

الاتهامات الأخيرة ضد أنصاري وفرانكو كانت تافهة لدرجة أن بعض مناصري حركة «أنا أيضا» تراجعوا أمام استـهتار الجـمهور بها على مواقـع التـواصل الاجتمـاعي. فرانكو وانصاري لم يعتديا على أحد. الأول طلب من الممثـلات أن يخـلعن ملابـسهن في مشـهد جنسـي في فيـلم كنّ على علم سابق بفحواه وهذا أمر عـادي في صـنع الأفلام، والثاني كان في بداية علاقة رومانسية مع متهمته، التي ذهبت إلى بيته برضاها ولم يكرهها على مضاجعته. فإذا كان تصرف فرانكو وأنصاري غير أخلاقي أو اجرامي فهذا يعني أن الحضارة الغربية، التي تفتخر بالحرية الجنسية، هي غير أخلاقية واجرامية.

وسائل التواصل تحاكم النجوم

قبل فضيحة واينستين، كان نجوم ومسؤولو هوليوود يستأجرون طواقم من المحامين ويلجأون إلى المحاكم لإسكات متهمينهم. ولكن الآن لم يعد القانون فعالا في حمايتهم والدفاع عنهم إذ أن القضاء انتقل من المحاكم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت الحاكم والجلاد بدون أن تخضع لاي قوانين او نظام، مما أثار الرعب في قلوب نجوم ومسؤولي هوليوود، الذين لم يبقى أمامهم إلا الاختباء والابتعاد عن الانظار. وهذا ما لاحظته في حفلات «الغولدن غلوب»، إذ أن غالبية النجوم اختفوا بعد استلام جوائزهم بدلا من الاحتفاء بفوزهم حتى ساعات الصباح كما كان يفعلون في الاعوام السابقة. 

السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف أثرّت كل هذه التطورات على الأفلام المتنافسة؟

موسم الجوائز ينطلق في شهر أيلول/ سبتمبر بعد مهرجانات «فينيسيا» الايطالي و»تورنتو» الكندي، حيث يبرز فيلم واحد أو فيلمان يتصدران المنافسة حتى وصولهما إلى جوائز الأوسكار. هذا العام لم يلمع فيلم واحد وكانت المنافسة مفتوحة بين عدة أفلام. ولكن يبدو أن احداث التحرشات الجنسية سوف تقرر مصير الأفلام المتنافسة وليس قيمها الفنية، كما شاهدنا في جوائز «الغولدن غلوب» قبل أسبوعين، حيث هيمنت أفلام نسائية عليها على غرار فيلم «ثلاثة لوحات اعلانية في ايبينغ ميزوري»، الذي حصد خمس جوائز ويدور حول أم تطالب الشرطة بالتحقيق في اغتصاب ومقتل ابنتها.

النساء السود يفرضون أنفسهم

كما يتعرض مصوتو الأوسكار للضغط من أجل تكريم فيلم غريتا غيرويغ «لادي بيرد»، فيلم نسائي من إخراج امرأة ويتناول نضوج فتاة مراهقة وعلاقتها مع أمها. وهناك حملة تقارنه بفيلم «مونلايت» الذي فاز العام الماضي بأوسكار أفضل فيلم ويدور حول نضوج شاب أسود. 

التركيز على قضايا النساء همّش هذا العام قضايا السود والتمييز العرقي، التي كانت تُثار في مواسم الجوائز السابقة والتي اجبرت لاحقا الأكاديمية على القيام بتغييرات جذرية في عملية ترشيحها للافلام من خلال دعوة مئات من اعراق غير بيضاء للانضمام اليها ومنحهم حق التصويت، التي كان يحتكره الرجال البيض، مما أدّى العام الماضي إلى ترشيح عدد قـياسي من الفـنانين الملـونين.

بلا شك أن الأكاديمية تدرك أن تجاهل أفلام السود سوف يخلق أزمة أخرى لها، لهذا يُتوقع أن يتم ترشيح فيلم المخرج الأسـود جوناثان بيل «أخـرج»، الذي يسخر من نفاق وعداء اللـيبراليين للـسود، في عدة فـئات، وتكريم فيـلم المـخرجة السوداء دي ريس «مادباوند»، الذي يتناول بشـاعة العنصرية تجاه السود خلال وبعد الحرب العالمية الثانـية.

الأفلام المتنافسة الأخرى تضم فيلم المكسيكي غييرمو ديل تورو «شكل الماء» وفيلم ستيفين سبيلبرغ «بوست»، كلاهما يتمحور حول شخصية انثوية قوية. الأول يحكي قصة منظفة بكماء تنقذ كائن مائي من مختبر المخابرات الأمريكية المركزية أبان الحرب الباردة وتقع في حبه والثاني يقدم مالكة جريدة واشنطن بوست، كاثرين غراهام، التي قررت نشر أوراق البنتاغون السرية عام 1971 رغم تهديدات ادارة الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون.

أنا لا أنكر أن الأفلام المذكورة أعلاه تتسم بجودة فنية راقية ولكني لا اعتقد أن المعيار وراء تكريمها سوف يكون قيمها الفنية بل مضامينها، التي تعكس الاحداث والواقع في هوليوود وخارجها. وهذا ليس سابقا بل تغييرا في نهج تكريم الأفلام. ففي الماضي معظم الأفلام التي كان تحظى بجوائز الأوسكار كانت تعالج محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية ولكن تعزز نفوذ السود والأعراق الأخرى حطّ شيئا ما من هيمنة اليهود في هوليوود وساهم في تسليط الضوء على مواضيع اخـرى تستـحق أيضا التكـريم.

هذه الأيام تمر هوليوود في حالة ترقب شديد لما سيحدث بعد اعلان ترشيحات الأوسكار التي سوف يُعلن عنها غدا. الأكاديمية بين المطرقة والسندان، وتدرك أن لا يمكنها إرضاء الجميع وبغض النظر عن تركيبة أو نوعية الترشيحات فسوف تتعرض للانتقادات من جهة أو أخرى. والسؤال الذي تواجهه هو: هل هي مؤسسة لتكريم الفن السينمائي طبقا للمعايير المهنية أم أصبحت جسدا شعبيا يلبي طلبات حملات متابعي مواقع التواصل الالكتروني؟

####

«آخر الرجال في حلب» و«قمر بعبّ الغيم»…

حكاية مدينة قمر بعب الغيم

آية الاتاسي*

«قمر بعبّ الغيم» يستوقفك عنوان محاضرة الشاعر فؤاد م. فؤاد في بيروت، فتخالها قصيدة جديدة، ولكن خلافاً لكل توقعاتك ستعثر على «قمر بعب الغيم» في قلب المطبخ الحلبي، فالشاعر كما مدينته حلب، كما حجارتها، كما قدودها، يقرضون الشعر، وإن تحدثوا عن المطبخ.

ولن تقتصر رحلتك مع الشاعر إلى المائدة الحلبية والكبب التي تزيد أنواعها عن الـ59 نوعاً، بل سيأخذك عبر التاريخ عابراً مدينة ضاقت حدود الولاية العثمانية بطموحاتها الواسعة، بعدما حولها طريق الحرير إلى محطة مهمة لالتقاء البضائع والأجناس واللغات. 

وفي ما يتعلق باللغات تحديداً سيسهب فؤاد م. فؤاد في شرح تداخلها باللهجة الحلبية، كما في السريانية التي تركت أثرها في الألف الوسطى التي تلفظ مائلة كما في «جيمع» أي «جامع»، أو التركية الذي تظهر من خلال اللاحقة «جي» التي تضاف إلى الاسم لتعطي معنى صاحب المهنة «كعكجي» مثلاً، بدون إغفال التأثير الفارسي كما في «الجنتر حفا»، والفرنسي كما في «جبونة»، والإيطالي كما «الفرتيكة»، بل حتى السنسكريتي كما في «الورس». وأنا أستمع للشاعر يشرح بلهجته الحلبية أصول المفردة الحلبية، لم أستطع أن أمنع نفسي من الشرود، متذكرة عبارات حلبية صارت رمزاً في الثورة السورية، عندما نطق بها أطفال المدينة مثل: «سامحني يوب»، «هلق بشار ليش عم يقتلنا، إحنا اش ساوينا»، الخ. عبارات باللهجة التي اتُهمت بالخشونة، لكن خشونتها تشبه حجارة المدينة الشهباء، يكفي النقر عليها لسماع صوتها الرنان. وكأن للحجارة حنية في حلب، كما للروح عذوبة وقُبل «أبوس روحك»، وللحب وردة تتعلم العطش ويسقيها القلب لا مياه حلب المقطوعة «عيشة لا حب فيها، جدول لا ماء فيه»، وكما للفستق الحلبي قمر يطقطق على ضوئه ويطرب السهارى، هذا بعض من الشعر الذي يتسلل إلى عبارات أهل حلب وأغانيهم وطعامهم.

وبالعودة إلى محاضرة فؤاد. م. فؤاد الذي بعد أن اصطحبنا في جولة سريعة على خانات حلب والقيسريات والأسواق، وشرح أسرار الحجارة الكلسية لواجهات الأبنية، التي صمدت أكثر من 600 عام رغم سبعة زلازل مدمرة، لكن البراميل المتفجرة التي سقطت مؤخراً على المدينة، هدمت ما لم تستطعه عوامل التاريخ والطبيعة مجتمعة. وختم محاضرته مع صوت المنشد الحلبي أحمد حبوش، وهو يغني:

«إني على جور الزمان صبور»…

ومحال هنا ألا يأخذك صوت المنشد المشروخ إلى الطرب في مدينة حلب، حيث للموسيقى موشح وقد وقامة، كما كتب فؤاد. م. فؤاد في ديوانه «حدث ذات يوم في حلب»:

«لا يحتاج الحلبي إلى تهديد بأم المعارك

ولا إلى براميل متفجرة

نسقط صرعى بقدٍ وموشح»

لكن يبدو أنه في الزمن الأسدي حدث أن سقطت المدينة كما أهلها، صرعى برميل متفجر وقذيفة.

«آخر الرجال في حلب» ولا آخر للحزن

المحاضرة التي أخذتنا إلى حلب الماضي، انتهت عند مشهد دمار المدينة، وتركت الأجوبة مفتوحة عما حدث لسكان المدينة. وربما ليست صدفة أن أشاهد بعد أيام معدودة، وضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي، الفيلم السوري «آخر الرجال في حلب»، وكأن الزمن الذي توقفت عنده المحاضرة جاء الفيلم ليكمله، حيث صور بين عامي 2015-2016 قبل سقوط أحياء حلب الشرقية في قبضة النظام. في ما يشبه التوثيق ليوميات الحصار من خلال متطوعي الدفاع المدني، أو» أصحاب القبعات البيضاء»، ممن اختاروا الانحياز للحياة في معركة مصيرية مع الموت لا يحملون فيها سلاحاً إلا أيديهم العارية التي ينتشلون بها الضحايا من تحت الأنقاض، ولكن كمن يعثر على كنز صغير مخبأ كانوا هم أيضاً يعثرون على ناجين، وهذا وحده كان كفيلاً بمنحهم القدرة على الاستمرار في مقارعة الموت، والتعامل معه «كحدث غير عادي» مهما اعتاده البشر. وتحت شعار (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) يختار القلب القبعة البيضاء لإنقاذ روح بدلاً من السلاح الذي يزهق الروح في زمن تستباح فيه أرواح المدن التي تحتضر وتموت كسكانها. الاستثنائي في الفيلم هو تصويره لشخوصه كبشر عاديين لا كأبطال أسطوريين، أو كإرهابيين كما حاول إعلام النظام إظهارهم، فهم مدنيون حولتهم الحرب وهول المعاناة البشرية إلى منقبين عن الحياة في وسط الخراب والدمار. وقد اختار المخرج فراس فياض شخصيتين محوريتين من «أصحاب القبعات البيضاء» هما محمود وخالد، وتم تصويرهما ما يقارب الـ300 ساعة، اختصرت في ما بعد إلى 100 دقيقة، هي طول مدة عرض الفيلم، أما التصوير فكان يقوم به مصورون غير محترفين تحولوا بمحض المأساة إلى موثقين للجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بحق السكان.

محمود

شاب عازب يعمل مع شقيقه الأصغر أحمد ضمن فريق الخوذ البيضاء… أجمل اللحظات التي يعيشها محمود في الفيلم، هي لقاؤه بالطفل الصغير الذي أنقذه من تحت الأنقاض، حين يزوره مع بقية المتطوعين للاطمئنان عليه. هنا تلتقط الكاميرا بحياء حواراً جانبياً حميمياً يدور بين الطفل ومحمود، بينما الآخرون منشغلون بأحاديث شائكة، وعندما ينهض محمود للذهاب يتمسك الطفل به ويدعوه لفنجان قهوة آخر، وكأنه يخاف إن ذهب مسعفه أن يعود الموت من جديد. حياء الكاميرا في تصوير المشهد يشبه حياء الشاب وهو يروي في ما بعد حرجه من تصويره كبطل، في حين أن ما قام به يمليه واجبه الإنساني والأخلاقي بالدرجة الأولى. أما اللحظة الأصعب بالنسبة لمحمود فهي عندما يصاب شقيقه أحمد على بعد أمتار منه، وهو في مهمة إنقاذ، فتسقط القذيفة التالية في موقع الانفجار الأول، هنا تهتز الكاميرا التي تسقط من يد المصور الذي أصيب أيضاً وتهتز الصورة على الشاشة، ويبدو كل شيء مقلوباً رأساً على عقب في عالم مقلوب، المسعف والمصور والمصاب والشهيد يتساقطون فيه واحداً قرب الآخر، على أرض مزروعة بالألغام وتحت سماء صارت جحيماً يلفظ النار والموت في كل مكان.

خالد

لا تستطيع إلا أن تحب خالد، فهو من صنف البشر الذين يدخلون القلب بلا استئذان…

خالد هو أب لطفلتين بتول وإسراء، وهما محور حياته ومصدر سعادته وقلقه أيضاً،
الفيديو الذي يظهر فيه خالد محتضناً طفلاً رضيعاً، بعد انتشاله حياً من تحت الأنقاض، كان قد جال العالم بدون أن ينتبه أحد لوجه المنقذ، أما اسراء وبتول فنراهما في الفيلم لا تتوقفان عن مشاهدة الفيديو بحثاً عن وجه والدهما. «بابا اشتقت لك متى ستأتي»،»بابا احك معي لا تروح».. تتكرر هذه العبارات كثيراً في محادثة الصغيرتين الهاتفية مع والدهما الغائب في مهمة مستحيلة، مهمة انتشال جثث أطفال في عمر بنتيه، وتجميع أشلاء مبعثرة، وكأن الحياة الناقصة تنتهي بجثث ناقصة لا تكتمل. 

حياة… فموت… فحياة…هكذا يقاوم خالد، يخرج لينصب شباك مرمى كرة القدم ويصد الكرة وكأنه يصد الموت، الذي سرق قبل لحظات ثلاثة من زملائه… يغني مع زملائه بين قصف وآخر الموشحات الحلبية، وكأنك لا تستطيع إلا الغناء في حلب وإن أضحت رماداً. يصطحب طفلتيه إلى الحديقة، ليتذكر الطفل المنسي في داخله ويسابقهم الركض والتزحلق، قبل أن يقطع صوت الطائرات أهازيج اللعب، ويقطع طفولته العائدة صوت طفلته الخائفة:

«بابا بدي أرجع على البيت هلأ». حب خالد لبنتيه لا يضاهيه ربما إلا حبه لمدينته حلب، التي يشعر أنه مثل السمك يموت إن هو غادرها. وربما من أجمل مشاهد الفيلم، مشهده وهو يشتري السمك ليضعه في بركة صغيرة في باحة المركز، بركة من حجارة حلب التي تبدو رغم الدمار الذي يحيط بها وكأنها تنشد:

«العب بالمية لعبك يعجبني يا سمك بني» …

صراع خالد الذي يعيشه بين خوفه على بنتيه وخوفه من الابتعاد عن حلب، سيحسمه في النهاية عندما يقول لزميله: «يموتوا هنا أمامي ولا يطلعوا لبرا ويصير معهم شيء وأنا بعيد، عندها سأبكي دما عليهم». وينتهي الفيلم على تلاوات قرآنية وجسد مسجى، تقترب الكاميرا رويداً رويداً، لنكتشف أنه الوجه الذي لم تمل إسراء وبتول من مشاهدته ينقذ «الطفل المعجزة»… إنه وجه «خالد»، الذي أنقذ حيوات الكثيرين تحت الأنقاض، وقد فقد حياته هناك أيضاً. هكذا يفاجئ الواقع السينما، ويتجاوز بقسوته الخيال، بل يتجاوز معنى الفيلم الوثائقي والروائي، ليصبح العين الثالثة التي تنقل الحقيقة بكل قسوتها، وشاهد حق لتاريخ ربما يذكر اسم القاتل ولكن سينسى غالباً اسم القتيل… قد يكون السمك الذي رباه خالد بلا ذاكرة، ولكن هذا الفيلم هو الذاكرة والحكاية السورية بكل مأساتها.

٭ كاتبة سورية

القدس العربي اللندنية في

22.01.2018

 
 

فى فيلم The post.. سبيلبرج ينتصر لصاحبة الجلالة على تقييد الحريات بالقاضية

تحليل يكتبه خالد ابراهيم

يقولون "الجواب بيبان من عنوان".. صحيح.. إذا ما طبقنا هذا المثل على الفيلم الأمريكى the post، فيلم يقوم ببطولته توم هانكس وميريل ستريب ويخرجه ستيفين سبيلبرج ويكتبه جوش سينجر، وموسيقى وجون ويليامس فماذا ننتظر من عملا يساوى 14 أوسكار؟

عشرات الأفلام ناقشت كواليس المطبخ الصحفى، كونه عالما مثيرا مليئا بالقصص والحكايات العجيبة، وأرضًا خصبًا للخيال، وفضاء درامى غير محدود، بخلاف شخصياته المتباينة ذي الطبائع المختلفة، والدوافع الدفينة، والدليل على ذلك حصول فيلم spotlight على جائزتى أوسكار وعدد كبير من الجوائز الكبرى، وهو الفيلم الذى يتحدث عن كواليس الصحافة الاستقصائية.

يأخذنا the post من جديد إلى هذا العالم الواسع ولكن تلك المرة من بوابة الواقعية، فالفيلم مأخوذ عن أحداث حقيقية حدثت بالفعل، وبالأسماء الفعلية.

بناء درامى سريع يفى بالغرض

فى المشهد الأول نجد أنفسنا فى ساحة حرب عام 1966 بفيتنام، ولكن لا يبدو أن الحرب تسير هناك كما يتمناها الأمريكان، حيث يعانون فى غاراتهم ويسقط منهم الضحايا ويوجد شخص معه آله كاتبة يدون عليها الأحداث لحظة بلحظة.. وفور وصوله وطنه يفاجأ بأن المسئولين يكذبون على الشعب رغم رؤية الحقيقية بأعينهم، ويزعمون أنهم متقدمون في الحرب، فيقرر تسريب جزء من الوثائق الخطيرة التى أصبحت بحوزة السلطة بعدما استطاع سرقتها.

مطبخ الصحافة الأمريكية فى السبعينيات

يقفز بنا المخرج 5 سنوات دفعة واحدة حتى عام 1971، لندخل كواليس الصحافة من خلال جريدة "واشنطن بوست" التى تمتلكها كاثرين غاراهام "ميريل ستريب" الكاتبة الصحفية ويرأس تحريرها بين برادلى "توم هانكس"، لنجد أنفسنا جزءا من صناعة الصحافة فى السبعينيات بأمريكا وكيف تدار جريدة يومية بعيدًا عن الصورة العبثية للصحافة فى أغلب الأعمال الفنية، فهنا نحن أمام صحفى من طراز رفيع ذو علاقات قوية تحظى باحترام الجميع، يعرف قدر نفسه، أضفى عليها توم هانكس قدرًا من العمق والغموض، وهيبة رؤساء التحرير.

فى حين أن كاثرين مالكة الجريدة تعيش أيام سيئة بسبب اقتراب طرح الشركة فى البورصة وهو ما يجعلها مترددة ومهتزة طوال الوقت.

ومع توالى الأحداث تنشر "نيويورك تايمز" بصفحتها الأولى تقريرًا عن تسريب وثائق سرية تكشف تورط مسئولين حكوميين فى حرب فيتنام فيهتزر الرأى العام الأمريكى، ويصبح الشغل الشاغل لبين برادلى هو العثور على هذه المستندات والثوائق بأى ثمن، حتى بعد صدور قرارا من المدعى العام بحظر النشر وبالفعل يعثر عليها فتحدث مناوشات ومناقشات بينه وبين كاثرين التى لا تريد النشر خوفًا على مستقبل الجريدة مع اقتراب طرحها بالبورصة، ولكن بضغط "ذكى" واعلاءً للمهنة، ترضخ له وتوافق عن اقتناع متحدية بعض أعضاء مجلس الإدارة، وبالفعل تنشر الوثائق وتهتز أمريكا فعليا وتقوم المظاهرات ويمثل رئيس التحرير ومالكة الجريدة أمام القضاء ويصدر الحكم بعدم إدانتهما.

الصحافة فى وجه السلطة 

القضية الأساسية فى الفيلم تتمثل فى جوهر مهنة الصحافة ومدى قدرتها على الإتيان بالمعلومة وتغليفها وإرسالها للقارئ.. ومدى حريتها وحدودها.. جميعها أسئلة يجيب عنها المخرج رغم أن الأحداث حقيقية، ولكن الفيصل هنا هو وجهة النظر والزاوية التى تعالج منها القضية، فانحاز ستيفين سبيلبرج لفكرة النشر وحق القارئ فى المعرفة، ولعل المشهد قبل الأخير يثبت ذلك حينما تقرأ صحفية على زملائها منطوق الحكم فتقول: "يجدر بالصحافة أن تخدم المحكومين وليس الحاكم".

لم يركز ستيفين سبيلبرج على محتوى الوثائق وكأن الأمر لا يعنيه ولا يعنى الصحافة نفسها، فما يعني هو حق النشر وحق القارئ فى المعرفة، مهما كانت الجهة التى تدينها هذه الوثائق.

اللافت هنا هو أن ستيفين سبيلبرج لم يبحث عن "البهرجة" الفنية، واستعراض مهاراته وقوته الفنية، ولكنها الحقيقة التى كانت واضحة تمامًا أن البساطة هى كلمة السر فى قوة العمل، بداية من أداء الممثلين والديكورات خاصة "المطابع" ومكاتب الصحفيين حتى مكتب رئيس التحرير، فضلا عن الأزياء جميعها عناصر كان شعارها البساطة، بقدر يتماشى مع أجواء السبعينيات.

أداء توم هانكس وميريل ستريب هو التجسيد الحقيقي لمعنى "السهل الممتنع" دون تعقيد أو فزلكة فى التمثيل أو أفورة لا يحتاجها أى من الدورين.

إجمالاً.. الفيلم رغم بساطته الفنية لكنه يحمل مضمونًا شديد العمق والتركيز يتعلق بحدود المهنة والمعرفة وأن السلطة لا يمكن أن تقف فى طريق الصحافة الصادقة الواعية.

####

غدا.. الإعلان عن ترشيحات جوائز الأوسكار فى دورتها الـ 90

كتب على الكشوطى

تكشف غدا الثلاثاء أكاديمية الفنون وعلوم الصور المتحركة "الأوسكار" عن ترشيحات الجائزة بالكامل في دورتها الـ 90 ، وجاءت التوقعات لترشيحات الأوسكار حسبما أفاد موقع variety لصالح افلام The Shape Of Wate والذي نال العديد من التوقعات وصلت إلى 12 توقع وهو العمل الفائز بجائزة الأسد الذهبى من مهرجان فينيسيا أفضل فيلم للمخرج جيليرمو ديل تورو وهو العمل الذى حقق إيرادات، وصلت إلى ما يقارب الـ12 مليون دولار أمريكى حول العالم، والفيلم من بطولة النجم مايكل شانون ومايكل ستولبيرج وأوكتافيا سبنسر ودوج جونز وسالى هوكينز وريتشارد جينكينز ولورين لى سميث وديفيد هيلويت ومن تأليف فانيسا تيلور.

من بين الأفلام التى نالت توقعات كثيرة بترشيحها للأوسكار هو فيلم Dunkirk والذى نال 6 توقعات، والفيلم الذى ينتمى لفئة الدراما التاريخية، من إخراج وتأليف كريستوفر نولان، ويشارك فى بطولته عدد كبير من النجوم، أبرزهم توم هاردى، كينيث براناه، مارك ريلانس، سيليان ميرفى، هارى ستايلز، جيمس دارسى، بارى كيوجان، أنيورين، بارنارد.

فيلم THE POST بطولة النجمة الأمريكية ميريل ستريب، وتوم هانكس نال من التوقعات 6 ترشيحات أيضا وهى أفضل فيلم وأفضل مخرج و ميريل ستريب أفضل ممثلة وأفضل مونتاج وأفضل موسيقى وأفضل إنتاج.

فيلم Call Me by Your Name يتوقع ترشيحه إلى 5 جوائز أوسكار وهو الفيلم الذى تدور أحداثه فى شمال إيطاليا فى عام 1983، حيث تنشأ علاقة مثلية بين إيليو البالغ من العمر سبعة عشر عاما وأوليفر، مساعد والده فى مجال الأبحاث، حيث تنشأ قصة حب تنمو بين المراهق وضيف الصيف النزيل بقصر والديه على شاطئ (الريفيرا) الإيطالى، وتتطور العلاقة بينهما وتتوجها رغبتهما فى أن يكونا لبعضهما البعض.

الفيلم من بطولة أرمى هامر وتيموقى شالميت ومايكل ستولبيرج وإيثر جاريل وفيكتور دو بيوس وأميرة كاسار، وهو من إخراج لوكا جواداجنينو ويتوقع ترشحه لجائزة أوسكار أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثل مساعد وأفضل سيناريو وأفضل موسيقى.

فيلم THREE BILLBOARDS OUTSIDE EBBING, MISSOURI الذى نال مارتن ماكدونا عنه جائزة أفضل سيناريو من مهرجان فينسيا، وهو الفيلم الذى تدور أحداثه عن ميلدريد هايز والتى تتعرض ابنتها إلى القتل ولا تجد دعمًا كافيًا من الشرطة للوصول إلى الجانى فتقوم بتوجيه رسالة إلى وليام ويلوجبى مأمور شرطة البلدة التى تعيش فيها للوقوف إلى جوارها فى القضية، خاصة أن الضابط  ديكسون نائب المأمور رجل غير ناضج ومتواكل ويميل إلى العنف ومتورط فى القضية، وهو ما يدفع أحداث الفيلم لنشوب معركة بين الأم المكلومة فى مقتل ابنتها وبين القانون فى بلدة إيبينج.

####

"Three Billboards Outside Ebbing، Missouri" يحصد جوائز رابطة ممثلى السينما

رويترز

فاز فيلم الكوميديا السوداء  "Three Billboards Outside Ebbing، Missouri" بثلاث من جوائز رابطة ممثلي السينما الأمريكية في حفل كانت النساء وقصصهن العنوان الأبرز فيه وسط فضيحة السلوك الجنسي المشين التي اجتاحت هوليوود.

وكانت جائزة أفضل أداء جماعي، وهي أكبر جوائز الرابطة، من نصيب الفيلم الذي أنتجته (فوكس سيرشلايت) ويدور حول امرأة حانقة تسعى لتحقيق العدالة بعد مقتل ابنتها.

كما فازت الممثلة فرانسيس مكدورماند بجائزة أفضل ممثلة والممثل سام روكويل بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوريهما في الفيلم.

وحصل الممثل البريطاني جاري أولدمان على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "Darkest Hour" الذي جسد فيه دور ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وقت الحرب العالمية الثانية.وذهبت جائزة أفضل ممثلة مساعدة إلى أليسون جاني عن دورها في فيلم "I، Tonya".

وتعتبر جوائز رابطة ممثلي السينما مؤشرا على الفائزين بجوائز الأوسكار التي تعلن في مارس ، إذ إن الممثلين يشكلون أكبر كتلة تصويت في أكاديمية فنون وعلوم السينما التي تمنح الأوسكار.

وأقيم حفل جوائز رابطة ممثلي السينما الأمريكية بعد يومين من مسيرات نظمتها مئات الألوف من النساء في أنحاء الولايات المتحدة.

وقالت الممثلة والمغنية كريستين بيل التي قدمت الحفل إن النساء تمر "بلحظة فاصلة".

وتابعت "دعونا نتأكد من أننا نخوض هذه المعركة بتعاطف واجتهاد لأن الخوف والغضب لن يفوزا بالسباق أبدا".

وأجبرت اتهامات بالتحرش الجنسي عشرات الرجال ذوي النفوذ في هوليوود وخارجها على الاستقالة أو أدت لاستبعادهم من مشروعات فنية.

وعلى عكس ما جرى في حفل توزيع جوائز الكرة الذهبية (جولدن جلوب)، استبدلت النجمات اللون الأسود الذي غلب على أزيائهن تعاطفا مع ضحايا التحرش الجنسي بدرجات الأزرق والأخضر وغيرها من الألوان البراقة.

وفي فئة الجوائز التلفزيونية، فازت النجمة نيكول كيدمان (50 عاما) بجائزة التمثيل عن دورها كزوجة تعاني سوء المعاملة في مسلسل بيج ليتل لايز.

####

ترشيحات "راتزى" لأسوأ الأفلام والممثلين تمتلئ بحائزى الأوسكار

(رويترز)

 تصدر فيلم "ترانسفورمرز: ذا لاست نايت" ترشيحات جوائز "راتزى" السنوية لأسوأ الأفلام اليوم الاثنين، فى قائمة اكتظت بنجوم حصلوا من قبل على جوائز أوسكار من بينهم جنيفر لورانس وتوم كروز وميل جيبسون وراسل كرو.

وجوائز "راتزى" أو "التوتة الذهبية" التى بدأت فى عام 1980 هى المقابلة لحفل الأوسكار. وإذا ما حضر الفائزون بجوائز الأسوأ يمنحون جائزة رخيصة على هيئة توتة مطلية باللون الذهبى فى حفل يقام عشية حفل الأوسكار فى مارس.

وحصل أحدث جزء من سلسلة "ترانسفورمرز" على 9 ترشيحات بينها أسوأ فيلم وأسوأ ممثلين للكثير من فريق عمله الملىء بالنجوم من بينهم أنتونى هوبكنز ومارك والبيرج.

ورغم النقد السلبى للفيلم، وهو الخامس فى السلسلة، إلا أنه حقق 605 ملايين دولار فى شباك التذاكر حول العالم فى 2017.

ووصف جون ويلسون مؤسس "راتزى" فيلم (فيفتى شيدز داركر) المأخوذ عن رواية حققت أعلى مبيعات بأنه "يدعو إلى النعاس أكثر من الإثارة" فيما رشح فيلم (بايووتش) المأخوذ عن المسلسل الكلاسيكى بين أسوأ الأفلام أيضا.

وبرز النجم جونى ديب، الذى يترشح دائما للجائزة، لما وصفه ويلسون بأنه "دوره المعتاد البالى كسكير" فى (بيراتس أوف ذا كاريبيان: ديد مين تيل نو تايلز) وهو الجزء الخامس فى سلسلة الأفلام الشهيرة فى موسم اتسم فى هوليوود بسلاسل الأفلام وإعادة الأعمال السابقة.

كما شعر البعض أن لورنس والمخرج دارين أرونوفسكى يستحقان الدخول فى ترشيحات (راتزي) عن فيلم (ماذر) الذى وصفه بعض النقاد بأنه عمل عبقرى فيما قال آخرون إنه مثار للضحك. وحصل الفيلم على تقييم جماهيرى نادر بحرف (إف) الذى يعنى أن هذا الفيلم لم يكن من المفترض أن يصنع من الأساس ولم يحصل فى شباك التذاكر عالميا إلا على 45 مليون دولار.

وحصل كروز وكرو على ترشيح فى قائمة أسوأ ممثلين عن فيلم (ذا مامي) فى جين حصل جيبسون على ترشيح عن دوره فى فيلم (داديز هوم2).

ويتم التصويت على المرشحين والفائزين فى (راتزي) عبر الإنترنت من نحو ألف عضو من 24 دولة يسجلون عبر الإنترنت ويدفعون 40 دولارا كرسوم للعضوية. ومن المقرر إعلان الفائزين فى الثالث من مارس آذار.

اليوم السابع المصرية في

22.01.2018

 
 

6 لقطات مؤثرة ومواقف مضحكة في حفل SAG- خطأ تقني يربك بري لارسون وهؤلاء يصنعون التاريخ

أمل مجدي

يعد حفل توزيع جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG من أهم حفلات الجوائز في هوليوود، كما أنه مؤشر مهم لحفل توزيع جوائز الأوسكار؛ فمنذ دورته الأولى في عام 1995، توافقت اختيارات الحفلين 17 مرة في فئة أفضل ممثلة و19 مرة في فئة أفضل ممثل.

أقيم حفل الدورة الـ24 لجوائز SAG، في الساعات الأولى من صباح اليوم، وتوقع البعض سيطرة قضايا التحرش الجنسي على الأجواء بهدف الترويج إلى مبادرة Time's Up وحركة #MeToo، لكن الحقيقة إن هذا كان جانبا من ضمن جوانب الحفل المتعددة. فقد طغى الجانب الاحتفالي على الحدث الفني، وتخللت الفقرات مجموعة من المواقف الكوميدية واللحظات الإنسانية أيضًا.

وفي السطور التالية، نرصد أبرز اللقطات المؤثرة والمواقف المضحكة التي شهدها حفل ممثلي الشاشة لعام 2018:

-افتتاحية كريستين بيل

لأول مرة في تاريخ الحفل، يقع اختيار نقابة ممثلي الشاشة على مذيع لتقديم كافة الفقرات، وقد جرت العادة أن يشارك في التقديم مجموعة من المشاهير.

ولم تفوت الممثلة كريستين بيل، التعليق على كونها أول مقدمة لجوائز SAG، قائلة: "أنها أول مرة، وأنا أول شخص، وبالتالي أنا السيدة الأولى، لم أفكر يومًا أن أصبح السيدة الأولى لكن هذا يعجبني".

ثم سخرت من أداء السيدة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، ميلانيا ترامب، قائلة أن أولى خطواتها ستكون محاربة تنمر عبر الإنترنت. يشار إلى أن زوجة الرئيس ترامب هاجمت المتنمرين والمتربصين بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة خلال العام الماضي.

بعدها تحلت بيل بالجدية، عندما تطرقت إلى الأوضاع الراهنة في هوليوود بعد فتح قضايا الاعتداء الجنسي، موضحة: "كل القصص تستحق أن تروى، خاصة الآن، نحن نعيش في لحظة فاصلة، وفي طريق سعينا دعونا نتأكد أننا نتقدم متحلين بالعاطفة والاجتهاد لأن الخوف والغضب لن يفوزا في هذا السباق".

وعادت لتمزح: "بصرف النظر عن اختلافاتنا، أعتقد أننا من الممكن أن نجتمع ونسعد بشيء واحد: فيلم Frozen 2، سيعرض في السينما غام 2019".

ستيرلينج ك. براون يواصل صناعة التاريخ

بعدما صنع التاريخ بكونه أول ممثل درامي من أصحاب البشرة السمراء يفوز بجائزة جولدن جلوب عن دوره في مسلسل This Is Us، ومن قبلها حفل جوائز إيمي التليفزيونية التي لم يفز بها أي ممثل أسمر منذ عام 1998. نجح الممثل البالغ من العمر 41 عامًا في تكرار الأمر بعدما توج بجائزة SAG عن الدور نفسه.

وقال خلال خطاب مؤثر عقب تسلم الجائزة: " لكل هؤلاء الناس الذين ما زالوا يكافحون، عليكم تحقيق أحلامكم... الشهرة لن تدعمكم، والمال لن يدعمكم، لكن الحب؟ حافظوا على هذا الحب حيا، فهو الذي يدفعكم إلى الاستمرار".

كما ذكر أنه فخور بكونه ممثلا، بل أنه يحب الممثلين للغاية لدرجة أنه قرر الزواج من واحدة منهم. يشار إلى أنه متزوج من الممثلة ريان ميشيل باثي منذ عام 2007.

####

جوائز SAG- جاري أولدمان أفضل ممثل ونيكول كيدمان تحقق حلمها.. استبعاد هذا المسلسل يثير الدهشة!

أمل مجدي

أقامت نقابة ممثلي الشاشة SAG، في الساعات الأولى من صباح اليوم، حفل توزيع جوائزها للأفلام والمسلسلات المتميزة في الدورة الـ24.

على صعيد السينما، نجح فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri للمخرج مارتن ماكدونا من اقتناص 3 جوائز من أصل 4 ترشيحات؛ من بينها جائزة أفضل فريق عمل التي تعادل جائزة أفضل فيلم.

وفي فئات التمثيل المختلفة، جاءت النتائج متوافقة تمامًا مع جوائز حفلتي جولدن جلوب والنقاد؛ فقد فاز الممثل جاري أولدمان بجائزة أفضل ممثل عن Darkest Hour، وتوجت فرانسيس ماكدورماند بجائزة أفضل ممثلة وسام روكويل بجائزة أفضل ممثل مساعد عن فيلمهما Three Billboards Outside Ebbing, Missouri، كما نالت أليسون جاني جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم I, Tonya.

يشار إلى أن هذا الحفل يعد مؤشرًا مهمًا بالنسبة لجوائز التمثيل في الأوسكار؛ فمنذ دورته الأولى في عام 1995، توافقت الاختيارات 17 مرة في فئة أفضل ممثلة و19 مرة في فئة أفضل ممثل.

وعلى صعيد التليفزيون، حصل كل من مسلسلات This Is Us وBig Little Lies وVeep على جائزتين، فيما حازت الممثلة كلير فوى جائزة أفضل ممثلة في مسلسل درامي عن دورها في The Crown، للعام الثاني على التوالي.

وتمكنت الممثلة نيكول كيدمان من الفوز بجائزة نقابة ممثلي الشاشة لأول مرة عن دورها في Big Little Lies، بعدما ترشحت 10 مرات للجائزة على مدار السنوات الماضية.

وكانت المفاجأة خروج مسلسل The Handmaid’s Tale خالي الوفاض بعدما توج بجائزة أفضل مسلسل درامي وجائزة أفضل ممثلة لإليزبيث موس في حفل جولدن جلوب الأخير، وسيطر على جوائز حفل إيمي في دورته الـ69.

تعرف على جوائز حفل SAG:

على مستوى الأفلام:

أفضل فريق عمل

Three Billboards Outside Ebbing, Missouri 

أفضل ممثل

جاري أولدمان عن فيلم Darkest Hour

أفضل ممثلة 

فرانسيس ماكدورماند عن فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

أفضل ممثل مساعد

سام روكويل عن فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

أفضل ممثلة مساعدة

أليسون جاني عن فيلم I, Tonya

أفضل فريق عمل مخاطر في فيلم

Wonder Woman

على مستوى التليفزيون:

أفضل فريق عمل درامي

This Is Us 

أفضل ممثل في مسلسل درامي

ستيرلينج ك. براون عن مسلسل This Is Us

أفضل ممثلة في مسلسل دور درامي

كلير فوي عن مسلسل The Crown

أفضل فريق عمل كوميدي

Veep

أفضل ممثل في مسلسل كوميدي

ويليام أتش. ميسي عن مسلسل Shameless

أفضل ممثلة في مسلسل كوميدي

جوليا لوي دريفوس عن مسلسل Veep

أفضل ممثل في مسلسل قصير أو فيلم تلفزيوني

الكسندر سكارسجارد عن مسلسل Big Little Lies

أفضل ممثلة في مسلسل قصير أو فيلم تلفزيوني

نيكول كيدمان عن مسلسل Big Little Lies

أفضل فريق عمل مخاطر في مسلسل تليفزوني

Game of Thrones

موقع "في الفن" في

22.01.2018

 
 

«آخر الرجال في حلب» و«قمر بعبّ الغيم»… حكاية مدينة قمر بعب الغيم

آية الاتاسي

«قمر بعبّ الغيم» يستوقفك عنوان محاضرة الشاعر فؤاد م. فؤاد في بيروت، فتخالها قصيدة جديدة، ولكن خلافاً لكل توقعاتك ستعثر على «قمر بعب الغيم» في قلب المطبخ الحلبي، فالشاعر كما مدينته حلب، كما حجارتها، كما قدودها، يقرضون الشعر، وإن تحدثوا عن المطبخ.

ولن تقتصر رحلتك مع الشاعر إلى المائدة الحلبية والكبب التي تزيد أنواعها عن الـ59 نوعاً، بل سيأخذك عبر التاريخ عابراً مدينة ضاقت حدود الولاية العثمانية بطموحاتها الواسعة، بعدما حولها طريق الحرير إلى محطة مهمة لالتقاء البضائع والأجناس واللغات. 

وفي ما يتعلق باللغات تحديداً سيسهب فؤاد م. فؤاد في شرح تداخلها باللهجة الحلبية، كما في السريانية التي تركت أثرها في الألف الوسطى التي تلفظ مائلة كما في «جيمع» أي «جامع»، أو التركية الذي تظهر من خلال اللاحقة «جي» التي تضاف إلى الاسم لتعطي معنى صاحب المهنة «كعكجي» مثلاً، بدون إغفال التأثير الفارسي كما في «الجنتر حفا»، والفرنسي كما في «جبونة»، والإيطالي كما «الفرتيكة»، بل حتى السنسكريتي كما في «الورس». وأنا أستمع للشاعر يشرح بلهجته الحلبية أصول المفردة الحلبية، لم أستطع أن أمنع نفسي من الشرود، متذكرة عبارات حلبية صارت رمزاً في الثورة السورية، عندما نطق بها أطفال المدينة مثل: «سامحني يوب»، «هلق بشار ليش عم يقتلنا، إحنا اش ساوينا»، الخ. عبارات باللهجة التي اتُهمت بالخشونة، لكن خشونتها تشبه حجارة المدينة الشهباء، يكفي النقر عليها لسماع صوتها الرنان. وكأن للحجارة حنية في حلب، كما للروح عذوبة وقُبل «أبوس روحك»، وللحب وردة تتعلم العطش ويسقيها القلب لا مياه حلب المقطوعة «عيشة لا حب فيها، جدول لا ماء فيه»، وكما للفستق الحلبي قمر يطقطق على ضوئه ويطرب السهارى، هذا بعض من الشعر الذي يتسلل إلى عبارات أهل حلب وأغانيهم وطعامهم.

وبالعودة إلى محاضرة فؤاد. م. فؤاد الذي بعد أن اصطحبنا في جولة سريعة على خانات حلب والقيسريات والأسواق، وشرح أسرار الحجارة الكلسية لواجهات الأبنية، التي صمدت أكثر من 600 عام رغم سبعة زلازل مدمرة، لكن البراميل المتفجرة التي سقطت مؤخراً على المدينة، هدمت ما لم تستطعه عوامل التاريخ والطبيعة مجتمعة. وختم محاضرته مع صوت المنشد الحلبي أحمد حبوش، وهو يغني:

«إني على جور الزمان صبور»…

ومحال هنا ألا يأخذك صوت المنشد المشروخ إلى الطرب في مدينة حلب، حيث للموسيقى موشح وقد وقامة، كما كتب فؤاد. م. فؤاد في ديوانه «حدث ذات يوم في حلب»:

«لا يحتاج الحلبي إلى تهديد بأم المعارك

ولا إلى براميل متفجرة

نسقط صرعى بقدٍ وموشح»

لكن يبدو أنه في الزمن الأسدي حدث أن سقطت المدينة كما أهلها، صرعى برميل متفجر وقذيفة.

«آخر الرجال في حلب» ولا آخر للحزن

المحاضرة التي أخذتنا إلى حلب الماضي، انتهت عند مشهد دمار المدينة، وتركت الأجوبة مفتوحة عما حدث لسكان المدينة. وربما ليست صدفة أن أشاهد بعد أيام معدودة، وضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي، الفيلم السوري «آخر الرجال في حلب»، وكأن الزمن الذي توقفت عنده المحاضرة جاء الفيلم ليكمله، حيث صور بين عامي 2015-2016 قبل سقوط أحياء حلب الشرقية في قبضة النظام. في ما يشبه التوثيق ليوميات الحصار من خلال متطوعي الدفاع المدني، أو» أصحاب القبعات البيضاء»، ممن اختاروا الانحياز للحياة في معركة مصيرية مع الموت لا يحملون فيها سلاحاً إلا أيديهم العارية التي ينتشلون بها الضحايا من تحت الأنقاض، ولكن كمن يعثر على كنز صغير مخبأ كانوا هم أيضاً يعثرون على ناجين، وهذا وحده كان كفيلاً بمنحهم القدرة على الاستمرار في مقارعة الموت، والتعامل معه «كحدث غير عادي» مهما اعتاده البشر. وتحت شعار (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) يختار القلب القبعة البيضاء لإنقاذ روح بدلاً من السلاح الذي يزهق الروح في زمن تستباح فيه أرواح المدن التي تحتضر وتموت كسكانها. الاستثنائي في الفيلم هو تصويره لشخوصه كبشر عاديين لا كأبطال أسطوريين، أو كإرهابيين كما حاول إعلام النظام إظهارهم، فهم مدنيون حولتهم الحرب وهول المعاناة البشرية إلى منقبين عن الحياة في وسط الخراب والدمار. وقد اختار المخرج فراس فياض شخصيتين محوريتين من «أصحاب القبعات البيضاء» هما محمود وخالد، وتم تصويرهما ما يقارب الـ300 ساعة، اختصرت في ما بعد إلى 100 دقيقة، هي طول مدة عرض الفيلم، أما التصوير فكان يقوم به مصورون غير محترفين تحولوا بمحض المأساة إلى موثقين للجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بحق السكان.

محمود

شاب عازب يعمل مع شقيقه الأصغر أحمد ضمن فريق الخوذ البيضاء… أجمل اللحظات التي يعيشها محمود في الفيلم، هي لقاؤه بالطفل الصغير الذي أنقذه من تحت الأنقاض، حين يزوره مع بقية المتطوعين للاطمئنان عليه. هنا تلتقط الكاميرا بحياء حواراً جانبياً حميمياً يدور بين الطفل ومحمود، بينما الآخرون منشغلون بأحاديث شائكة، وعندما ينهض محمود للذهاب يتمسك الطفل به ويدعوه لفنجان قهوة آخر، وكأنه يخاف إن ذهب مسعفه أن يعود الموت من جديد. حياء الكاميرا في تصوير المشهد يشبه حياء الشاب وهو يروي في ما بعد حرجه من تصويره كبطل، في حين أن ما قام به يمليه واجبه الإنساني والأخلاقي بالدرجة الأولى. أما اللحظة الأصعب بالنسبة لمحمود فهي عندما يصاب شقيقه أحمد على بعد أمتار منه، وهو في مهمة إنقاذ، فتسقط القذيفة التالية في موقع الانفجار الأول، هنا تهتز الكاميرا التي تسقط من يد المصور الذي أصيب أيضاً وتهتز الصورة على الشاشة، ويبدو كل شيء مقلوباً رأساً على عقب في عالم مقلوب، المسعف والمصور والمصاب والشهيد يتساقطون فيه واحداً قرب الآخر، على أرض مزروعة بالألغام وتحت سماء صارت جحيماً يلفظ النار والموت في كل مكان.

خالد

لا تستطيع إلا أن تحب خالد، فهو من صنف البشر الذين يدخلون القلب بلا استئذان…
خالد هو أب لطفلتين بتول وإسراء، وهما محور حياته ومصدر سعادته وقلقه أيضاً،
الفيديو الذي يظهر فيه خالد محتضناً طفلاً رضيعاً، بعد انتشاله حياً من تحت الأنقاض، كان قد جال العالم بدون أن ينتبه أحد لوجه المنقذ، أما اسراء وبتول فنراهما في الفيلم لا تتوقفان عن مشاهدة الفيديو بحثاً عن وجه والدهما. «بابا اشتقت لك متى ستأتي»،»بابا احك معي لا تروح».. تتكرر هذه العبارات كثيراً في محادثة الصغيرتين الهاتفية مع والدهما الغائب في مهمة مستحيلة، مهمة انتشال جثث أطفال في عمر بنتيه، وتجميع أشلاء مبعثرة، وكأن الحياة الناقصة تنتهي بجثث ناقصة لا تكتمل. 

حياة… فموت… فحياة…هكذا يقاوم خالد، يخرج لينصب شباك مرمى كرة القدم ويصد الكرة وكأنه يصد الموت، الذي سرق قبل لحظات ثلاثة من زملائه… يغني مع زملائه بين قصف وآخر الموشحات الحلبية، وكأنك لا تستطيع إلا الغناء في حلب وإن أضحت رماداً. يصطحب طفلتيه إلى الحديقة، ليتذكر الطفل المنسي في داخله ويسابقهم الركض والتزحلق، قبل أن يقطع صوت الطائرات أهازيج اللعب، ويقطع طفولته العائدة صوت طفلته الخائفة:

«بابا بدي أرجع على البيت هلأ». حب خالد لبنتيه لا يضاهيه ربما إلا حبه لمدينته حلب، التي يشعر أنه مثل السمك يموت إن هو غادرها. وربما من أجمل مشاهد الفيلم، مشهده وهو يشتري السمك ليضعه في بركة صغيرة في باحة المركز، بركة من حجارة حلب التي تبدو رغم الدمار الذي يحيط بها وكأنها تنشد:

«العب بالمية لعبك يعجبني يا سمك بني» …

صراع خالد الذي يعيشه بين خوفه على بنتيه وخوفه من الابتعاد عن حلب، سيحسمه في النهاية عندما يقول لزميله: «يموتوا هنا أمامي ولا يطلعوا لبرا ويصير معهم شيء وأنا بعيد، عندها سأبكي دما عليهم». وينتهي الفيلم على تلاوات قرآنية وجسد مسجى، تقترب الكاميرا رويداً رويداً، لنكتشف أنه الوجه الذي لم تمل إسراء وبتول من مشاهدته ينقذ «الطفل المعجزة»… إنه وجه «خالد»، الذي أنقذ حيوات الكثيرين تحت الأنقاض، وقد فقد حياته هناك أيضاً. هكذا يفاجئ الواقع السينما، ويتجاوز بقسوته الخيال، بل يتجاوز معنى الفيلم الوثائقي والروائي، ليصبح العين الثالثة التي تنقل الحقيقة بكل قسوتها، وشاهد حق لتاريخ ربما يذكر اسم القاتل ولكن سينسى غالباً اسم القتيل… قد يكون السمك الذي رباه خالد بلا ذاكرة، ولكن هذا الفيلم هو الذاكرة والحكاية السورية بكل مأساتها.

٭ كاتبة سورية

القدس العربي اللندنية في

22.01.2018

 
 

فيلم «The Post»: سبيلبرج يشن حربًا ضد ترامب

أحمد عزت

«The Post» هو أحدث أفلام المخرج الأمريكي الكبير «ستيفن سبيلبرج»، والذي بدأ عرضه في صالات السينما المصرية في السابع عشر من الشهر الجاريالفيلم مبني على وقائع حقيقية جرت في يونيو/حزيران 1971، في عهد الرئيس «ريتشارد نيكسون»، حيث تم نشر أوراق سرية خاصة بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تكشف تورط إدارات أمريكية متعاقبة في تعمد إخفاء الحقائق بشأن حرب فيتنام، لإقناع الرأي العام بضرورة الاستمرار في الحرب رغم إدراكها أنها حرب خاسرة

بدأ نشر أوراق البنتاجون في صحيفة نيويورك تايمز حتى صدر أمر قضائي بوقف النشرحينئذ تتصدر واشنطن بوست صدارة المشهد. لنشهد وقائع الصراع بين الصحافة والبيت الأبيض حول حريتها وتمسكها بحقوق النشر، وهو ما يمثل القلب النابض لفيلم سبيلبرج.

واشنطن بوست كبطل للفيلم

عادة ما يتم تصنيف المنجز السينمائي لستيفن سبيلبرج في فئتين كبيرتينالأولى هي الفانتازيا والمغامرة في أفلام مثل (الفك المفترس، إي تي، الحديقة الجوراسية، وغيرها)، والثانية هي دراما تاريخية يعيد فيها سبيلبرج قراءة هذه الوقائع ويتأمل الضمير الإنساني في لحظات فارقة في أفلام مثل (قائمة شندلر، إنقاذ الجندي رايان،لينكولن، وغيرها).

ينتمي فيلم «The Post» إلى الفئة الثانية، فالنص الذي كتبه كل من «ليز هانا»، و«جوش سنجر» (الحائز على أوسكار أفضل سيناريو أصلي عن فيلم «Spotlight» عام 2016يمزج بين الدراما التاريخية والسيرة الذاتيةالنسخة الأولى من النص أعدتها ليز هانا معتمدة على مذكرات كاثرين جراهام المعنونة بـ«تاريخ شخصي» وكانت تستلهم فيها شخصية جراهام كامرأة استطاعت تحقيق ذاتها والنجاح في فترة صعبة ومليئة بالتحديات.

ثم استعان سبيلبرج بجوش سينجر للعمل معها على النص من أجل تعميق جانب وقائع الحصول على  أوراق البنتاجون ونشرها في الفيلمظلت شخصية كاي جراهام (ميرل ستريبهي الشخصية الرئيسية، حيث تتقاطع الفترة التي أصبحت فيها على نحو مفاجئ ناشرة صحيفة واشنطن بوست، مع إحساسها بعدم الأمان تجاه مستقبل الصحيفة، وقلقها حيال قدرتها على القيام بهذا الدور مع وقائع النشر الخاصة بأوراق البنتاجون، كما يربط النص بين اللحظة التي تتطور فيها شخصيتها وتمتلك فيها صوتها الخاص بقرارها حول نشر الأوراق مخالفة لقرار المحكمة العليا ووضع حياتها ومستقبلها المهني على المحك.

استطاعت ستريب أن تجسد الدور ببراعة ليست بغريبة عنها، وكذلك توم هانكس الذي يؤدي دور «بن برادلي» رئيس تحرير واشنطن بوست الساعي إلى رفع شأن صحيفته من مجرد صحيفة محلية محدودة التأثير وقتذاك، إلى صحيفة ذات تأثير كبير، وهذا يفسر تلهفه للحصول على سبق صحفي، ما يجعله يتلقف أوراق البنتاجون كفرصة ذهبية.

يعتمد النص أيضًا صحيفة واشنطن بوست كشخصية أساسية ابتداء من العنوان «The Post»، وهو الاسم المختصر للصحيفة، وحتى النهاية التي تتجاوز الحبكة والشخصيات، حيث تصور حادثة اقتحام مبنى ووترجيت، حيث سيكون دور الصحيفة عظيمًا في تفجير هذه الفضيحة بما يعيد للأذهان فيلم «كل رجال الرئيس» الصادر 1976 لـ«آلان جي باكولا»، الذي يدور في زمن لاحق للزمن الذي تدور فيه أحداث «The Post»، ويستعرض دور الصحفيين «بوب وودورد»، و«كارل برنستين» في تفجير قضية ووترجيت لصالح صحيفة واشنطن بوست، والتي أدت في النهاية إلى استقالة الرئيس نيكسون.

مشكلة النص الحقيقية في اللحظات التي يلجأ فيها للمباشرة من أجل توجيه رسالة واضحة أو التأثير العاطفي في المشاهدين بطريقة فيها استسهال كبير، مثل المشهد الذي تتلقى فيه صحفية في غرفة الأخبار اتصالًا هاتفيًا ينقل صدور حكم المحكمة العليا بشأن النشر، وتقوم بترديد الحكم في لقطة مقربةينجح سبيلبرج في الحفاظ على إيقاع حيوي ومتوتر للفيلم، خاصة في مشاهد غرفة الأخبار أو مشاهد العمل على أوراق البنتاجون في بيت بن برادلي، وهو ما يحسب لخبرته الكبيرة في ظل نص يخلو من أي مفاجآت درامية ويتبنى سردًا تقليديًا.

مفارقة الدراما التاريخية

يقول «روبرت ميكي» في كتابه «القصة»:

إن العذر الوحيد المقبول لكي تصنع فيلمًا من الماضي هو المفارقة، وذلك باستخدام التاريخ كمرآة صافية ترينا الحاضر.

يجيب ميكي في الفقرة المقتبسة أعلاه على السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا في حالة الدراما التاريخية «لماذا الآن؟». يعود سبيلبرج في هذا الوقت بالذات لهذه الوقائع التاريخية مثلما عاد في فيلمه لينكولن 2012 إلى أحد أهم اللحظات في التاريخ الأمريكي، لحظة انتصار الديمقراطية، حيث قرار مجلس النواب بتمرير تعديل دستوري يمنع العبودية.

يعود هنا في «The Post» إلى لحظة مهمة تصور الصحافة الحرة في إحدى معاركها المنتصرة ضد السلطة، هذه اللحظة التي تلقي بظلالها على أمريكا اليوم بعد عام من حكم ترامب وعلاقته بالمؤسسات الصحفية والإعلامية واتهاماته لها بتلفيق الأخبار وتزييف الحقائق وقلق المثقفين والمبدعين على حرية الصحافة والرأيأعتقد أن اختيار سبيلبرج أن يظل الرئيس نيكسون في الظل دائمًا وتصويره في لقطات بعيدة والتركيز على صوته الذي يعكس عدائه الصريح للصحافة (تم الاستعانة بتسجيلات حقيقية للرئيس نيكسون كانت ممنوعة من قبليجعل ترامب حاضرًا دائمًا في الذهن.

في أحد المشاهد يصيح أحد عمال المطبعة داخل صحيفة واشنطن بوست فيما يشبه الابتهاج أثناء نقل نسخ العدد التاريخي من الصحيفة إلى شاحنات التوزيع؛ «إنها ليست حفلة، إنها حرب».

يبدو الفيلم لي أحيانًا مثل حرب صغيرة يشنها سبيلبرج وفريق عمله ضد ترامب وإدارته.

الفيلم وموسم الجوائز:

من المتوقع لفيلم يتناول مضمونًا كهذا الفيلم، وبتوقيع سبيلبرج وأداءات مميزة من ميرل ستريب وتوم هانكس، أن ينافس في موسم الجوائز لهذا العام، وهو ما حدث فعلًا مع جوائز جولدن جلوب، حيث حصل الفيلم على ستة ترشيحات، لكنه خرج من المنافسة خالي الوفاض دون أي فوزمن المتوقع أيضًا أن يحصل الفيلم على عدد من ترشيحات الأوسكار التي سيتم الإعلان عنها خلال أيام.

«The Post» ليس من أفضل أعمال سبيلبرج، لكنه يظل فيلمًا جيدًا ذا مضمون جاد ومثير ويثير الكثير من الأسئلة والمخاوف في ظل اللحظة الراهنة.

موقع "إضاءات" في

22.01.2018

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)