كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

.. وترجل «صانع الفرح»

عبدالعزيز الدوسري

عن رحيل «أسطورة الكوميديا»

عبدالحسين عبدالرضا

   
 
 
 
 

للموت حقه علينا وان خفناه، ذاك أجل لا نغير فيه، وذاك قدر لا نصنعه، وبالأمس غيّب الموت فرحة أمة وصانع الفرح النجم عبدالحسين عبدالرضا تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته، وما كنا لنعترض على قضاء قد أُنزل، لكنا نسأل الصبر فيه.

أبا عدنان.. كان ساحلا لكل المتعطشين للفرح، لأكثر من نصف قرن ألبس قلوب الناس ثوب البسمة لـ58 عاما.. رسم ضحكة على شفاه الشعوب العربية، وفي ليلة واحدة أبكاها على رحيله، هنا لا حدود لعطائه، ولا مجال حتى لتلخيص أعماله.. فهي مجلدات مخلّدة، وساحل لا ينتهي على مد البصر، ترك إرثاً سيوزع على جميع الشعوب العربية وبالمجان، فغالبية البشر حصر ارثهم في أبنائهم الا عبدالحسين فإرثه لا يخص أسرته بل جميع الشعوب العربية، سيوزع بالعدل والتمام، برحيله بكته الملايين.. وبرحيله شُلّت أيدي حتى مواقع السوشال ميديا، ففي تويتر، كانت كل التغريدات تخص أبا عدنان، وفي كل منبر كان لكل منا حكاية مع هذا النجم.

أبا عدنان.. نجم وصل الى فضاء لم يصله نجم غيره، ورغم ذلك ظل متواضعا، متبسما في وجه الجميع ولم تختفِ تلك الابتسامة حتى آخر ليلة، عاصرته لـ29 عاما كإعلامي، وحاورته مرات عديدة، في كل مرة يأسرني بإنسانيته، بخلقه، بنكرانه لذاته، لم يأت يوما على سيرة أحد الا بالخير، أحبه من عمل معه وعشقه من لم يلتق به، هو الذي أجمع الناس على انه صانع الفرح، سأظل واحدا من الآلاف الذين عاصروه لأحكي عن نجم، استطاع أن يكون منارة خالدة في تاريخ الكويت، سأظل ارثيه، وارويه بالحكايا، فلا أحد مثله يجسد ألف حكاية جميلة،

سأعيد مشاهده في ذاكرتي قبل عيني، فمن يعرف عبدالحسين يتشبث بكل تفاصيله.. فنان حرص أن يدخل الابتسامة بداخل قلوب الناس، ونسي قلبه!

لن أطيل، فما يزال الحديث طويلا، مهما كتبت، لكن عذرا عبدالحسين، اضحكتنا 58 عاما، وبكيناك ليلة واحدة!

# # # #

مسرح سعد الفرج.. متى يرى النور؟!

د. هيلة حمد المكيمي

ليس كل موت نهاية، وليس كل وداع افتراقاً، ففي الموت صحوة، وفي الوداع لقاء، وها نحن في أسبوع وداع الراحل الكبير عبدالحسين عبدالرضا، حيث نودعه ويبقى أثره قائما في ذاكرة الانسان الخليجي والتي أيضا تجسدت ماديا عبر اطلاق اسمه على أحد مسارح الدولة، الا ان ذلك الوداع أيضا بث فينا الصحوة من جديد فمازلنا بانتظار مسرح سعد الفرج ان يخرج الى النور!!

حينما يذكر عبدالحسين عبدالرضا يذكر سعد الفرج، وحينما تستذكر الثنائية الخالدة في درب الزلق، الكل يتذكر ذلك الدرب والطريق الذي مشى به الاثنان حتى افتتاح مسرح السالمية باسمه الجديد، حيث أعيدت الذكريات والتي انتهت بوداع الاخوين، فكلاهما قامتان قام على عاتقهما المسرح الكويتي والخليجي والذي كان حاضرا في المسرح العربي والقومي. سعد الفرج فنان مبدع قدم الكثير للفن الكويتي والخليجي، واطلاق أسماء الفنانين المؤسسين على المسارح الكويتية نتيجة طبيعية ومنطقية، بل هي استراتيجية من المفترض ان يتبناها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدلا من ان تترك للصدف فنفاجأ في يوم ما بأسماء لم ينزل بها الله من سلطان تتسمى بها مسارحنا كما سميت بها شوارعنا!!

حينما سئل سعد الفرج في لقاء «الراي» الشهير حول توقعاته في يوم ما بأن يسمى مسرح على اسمه، فقد كان جوابه حاضرا بل هو كشخصية كان متوقعا مثل هذا السؤال المحرج بحيث فاجأ المذيعة برده، حيث ذكر أنه حينما شاهد اسم عبدالحسين شاهد هو أيضا اسمه فعبدالحسين يمثلنا جميعنا، وشكر الله ان جاءت تلك التسمية وعبدالحسين كان حيا يرزق، حيث اعتاد العرب على تكريم المؤسسين بعد موتهم وليس وهم على قيد الحياة.

تسمية المسرح باسم رائد من رواد الفن لا تأتي بطلب منه، بل من خلال استراتيجية تضعها المؤسسة المعنية بالأمر ممثلة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وقد يتبادر الى ذهن المسؤولين بأن فتح الباب على اطلاق التسميات لن يقفل، فالكل سيطالب بذلك، الا ان ذلك ليس بصحيح، فحتى جيل الرواد هناك من صنع المسرح وهناك من ادى ادواراً مساندة، وصانعو المسرح من الرواد هم قلة من السهل احصاؤها، ويمكن للمجلس ان يخصص مسرحاً أيضا باسم مسرح الرواد يتم فيه وضع السير الذاتية لجميع المؤسسين، في حين يستطيع أن ينفرد ببعض الاسماء لبعض المسارح ممن تمكنوا من وضع لبنات اساسية في صناعة المسرح والسينما والمسلسلات التلفزيونية وسعد الفرج واحدا في مقدمتهم بل هو ثنائي رئيس في عدد كبير من أعمال الراحل عبدالحسين عبدالرضا، بل كما ذكر الفرج عن تكريمه حينما خصص مسرح لزميله، فان تسمية مسرح باسم سعد الفرج هو ايضا تكريم لزميله الراحل عبدالحسين عبدالرضا، فهم ثنائي المسرح الكويتي بلا منازع

الزميل العزيز علي اليوحة الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب شخصية رائعة ومنفتحة، وكذلك وزير الاعلام بالانابة الشيخ محمد العبدالله الذي يمتاز بروح مفعمة بالأمل والنشاط والانجاز قادران على استكمال هذا المشروع المهم ضمن اللبنات الأساسية في بناء الثقافة الكويتية، وآملة ان تصلني دعوة افتتاح مسرح سعد الفرج.. في القريب العاجل!!

# # # #

وداعاً يا ضحكة بلادي

عبدالعزيز فؤاد خريبط

لا يقتصر دور الانسان على عمل يؤديه جانبا في الحياة وانما في الرسالة والمواقف الشاملة والتي تشهد له على مر الظروف والحالات، فلا نستطيع اختزال صورة العملاق عبدالحسين عبدالرضا على انه مجرد فنان له تاريخ في العمل والحركة الفنية في الكويت وانما هو الانسان الوطني صاحب الفكر والرسالة والقيمة المعرفية والوجدانية والسلوكية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا في ذاكرة كل عربي وليس فقط خليجي وكويتي، فالراحل كان يحمل رسالة ثقافية وفنية سامية تجسدت واجتازت الحدود عبر الكثير من الاعمال الفنية الخالدة التي تناولت الكثير من المواضيع والقضايا الساخنة والازمات التي مرت بها المنطقة والعالم العربي، فالأعمال لم تقتصر على فن ولون واحد وانما كان التنوع والاختلاف والجدية في الطرح والعلاج لكثير من الأحداث والمراحل والمناسبات، فلا أعتقد برحيل الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا بأن هناك فناً قابلاً للمتابعة والاستمرار، فالفن الكويتي بعد انتهاء مسيرة عبدالحسين لأكثر من 50 عاما في حالة حداد بعده. الفنان الراحل أحد المؤسسين للحركة الفنية في الكويت والخليج فهو من جيل الذين حملوا عبء رسالة الفن والعمل الفني في وقت غالبية المجتمع ينظر الى التمثيل والفن بشكل عام بأنه عمل هامشي ويتطلب النفور والابتعاد الا أنه استمر بعزيمة واصرار ودعم من القيادة الحكيمة في أهمية المثابرة وتحدي العقبات والصعاب التي تواجه الفن والعمل آنذاك بسبب القيود والعادات والتقاليد والفكر المنغلق رغم كل ذلك كان الفن هو الرسالة الباقية الى وقتنا. لذلك يجدر بنا ذكر بأن عبدالحسين عبدالرضا فنان كويتي أصيل في وطنيته وعروبته واسلامه، فلا مزايده على ما قدم من أعمال حاربت الفكر الضال والمنحرف والعدواني، فللفنان الراحل أعمال وطنية خالدة تختصر تاريخ، خمسون عاما من العطاء والريادة، خمسون عاما من الفن الذي يوضح صورة الحياة في المجتمع العربي والخليجي، خمسون عاما وقد تعلمنا من خلال أعماله حب الهوية والشخصية الكويتية الحقيقية وحب الوطن،خمسون عاما والفنان عبدالحسين عبدالرضا رمز من رموز الحركة الفنية الكويتية التي قامت على قامته وأكتافه النهضة الفنية الحديثة والتي بها نعلن الحداد بعده، الله يرحمه ويغمد روحه الجنة. وتظل كلمة أخيرة عبدالحسين عبدالرضا قبل سنوات طويلة رسم الابتسامة عبر الكثير من المسلسلات والمسرحيات ومنها باي باي لندن واليوم ودع الحياة من لندن تاركا فراغاً كبيرا لا يملؤه سوى ذاكرة الأعمال الجميلة التي تركها.. وداعًا يا أبا عدنان.. وودعا للفن الكويتي بعدك.. وداعا يا ضحكة بلادي.

# # # #

أسرة كتّاب البحرين تعزي

تحية المحبة والسلام...

السلام عليكم وإليكم..

لكل إنسان عربي سوّيت قلبه بهجة رقراقة..

لكل الاخوة أهلنا في الكويت شعباً وأفراداً 

ولجميع أعضاء مجتمع الأدباء والكتّاب والفنانين في الكويت والوطن العربي .

نعبِّر لكم عن بالغ حزننا وأسفنا لمصابكم ومصابنا الأليم بوفاة الفنان العربي الكبير عبدالحسين عبدالرضا الذي ألهمنا طيلة سنوات عمره بضحكات تؤنس القلب، تلك الضحكات التي تغلغلت في ضمائرنا وحدثتنا بأن الوطن ليس محطة عابرة بل حب نحمله بين أضلعنا أينما حللنا

تغمَّد الله فقيد الأمة العربية بواسع رحمته وجنّته وعلى روحه المحبة والسلام والمغفرة.
ولكم منّا أحرّ التعازي وأن يلهمكم وايانا الصبر والسلوان
...

أسرة الأدباء والكتاب - البحرين

منارة ثقافية

الإعلامي عمار تقي قال: المرحوم الفنان عبدالحسين عبدالرضا لم يكن مجرد فنان على خشبة المسرح أو مجرد فنان قدم لنا مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية والدرامية والإذاعية على مدى خمسة عقود، عبدالحسين عبدالرضا يمثل منارة ثقافية وأيقونة فنية ليس للكويت وحسب ولكن لجميع دول الخليج.

عبدالحسين يمثل الجانب المشرق والمزدهر لوجه الكويت الثقافي بل يعتبر أحد أبرز أعمدته الفنية والثقافية خلال العصر الذي ازدهرت فيه الكويت.

رحل عبدالحسين بجسده لكنه مازال وسيبقى حاضراً وخالداً في قلوبنا.

جميع الأمم والدول تفتخر بتقديم نماذج مشرفة لأبرز شخصياتها، والكويت تفتخر بتقديم ابنها البار عبدالحسين عبدالرضا نموذجا مشرفا.

# # # #

وجهة نظر

عبدالحسين

عبدالستار ناجي

ان تكون قريباً من كبير، حتما تتعلم تقاليد الكبار، هكذا تشرفت بأن أكون قريباً من الراحل الكبير عبدالحسين عبدالرضا، ومنه تعلمت الكثير.

ولأن الحديث عن الراحل الكبير سيأخذ حتما جوانب ومحطات عدة، فإن الحديث في المحطة الأولى، هو البعد الإنساني الذي راح يتمتع به، وجعله قريباً من الجميع.

على الصعيد الفني، فإن قلب وأبواب الراحل (بو عدنان) كان مشرعاً ومفتوحاً للجميع، بالذات جيل الشباب، الذين كانوا يحتفي بهم ويقربهم، وفي تجاربه كم من الأسماء، قفزت الى قمة النجومية، عبر منصة وعباءة بو عدنان.. وفي هذا الاطار نورد اسماء كثيرة وكبيرة، منحهم بو عدنان الدعم والدفعة الكبرى للانطلاق بعيدا.

وعلى صعيد التجارب الشابة أيضاً، استطيع التأكيد بأنه قابل وقرأ أكبر عدد من النصوص والأفكار لأكبر عدد من الاسماء محلياً وخليجياً وعربياً، ضمن رهان متجدد على كتاب جيل الشباب.
ان الانفتاح على الاخر وقبوله، كانت واحدة من مميزات هذا النجم، الذي يصعب رصد أو حصر مفردات مسيرته.. وانجازاته.. وتفرده
.

عبدالحسين عبدالرضا، ليس مجرد نجم، انه شيء ما ابعد من كل ذلك بكثير.

وقد اشتغل خلال مسيرته على تلك المضامين لترسيخها وتعميقها.

فكان صانع الفرح، والنجم المتوج للحركة الفنية على مدى خمسة عقود متواصلة من الزمان.. وهنا الكينونة والتفرد.

وعلى المحبة نلتقي،

النهار الكويتية في

14.08.2017

 
 

جثمان عبد الحسين عبدالرضا يصل الأربعاء

حافظ الشمري

أكد الفنان داود حسين في اتصال هاتفي أجرته «القبس» معه، أن جثمان الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا سيصل صباح الأربعاء، وسيوارى الثرى في عصر اليوم ذاته.

ولفت حسين إلى أنه كان من المفترض أن تتم الإجراءات يوم الاثنين، إلا أن التأخير في الانتهاء من بعض الأوراق حال دون ذلك، مما أرجأ الموضوع إلى اليوم (الثلاثاء).

يذكر أن داود حسين يتواجد في لندن منذ أن وافت المنية الفنان عبد الحسين عبد الرضا إثر أزمة صحية شديدة، وقد سبب رحيله حالة حزن كبيرة محلياً وخليجياً وعربياً وعلى كل المستويات.

# # # #

نهر الحزن على فقيد الكويت ينهمر تدفقاً

حافظ الشمري وأحمد ناصر

رحيل عبدالحسين تفاعلت معه كل الأطياف والأعمار، وواكبته مختلف الوسائل الإعلامية، فأدمعت على فراقه العيون، وعبرت عنه المشاعر، ولكنه سيظل باقياً في القلوب بإرثه الفني الجميل.

على المستوى الإعلامي الرسمي العربي، قام اتحاد الإذاعات العربية في جامعة الدول العربية ممثلاً في الرئيس والوكيل المساعد لقطاع التخطيط والتنمية المعرفية بوزارة الإعلام محمد عبدالمحسن العواش بإرسال برقية من الاتحاد لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح حول رحيل الفنان عبدالحسين عبدالرضا، جاء فيها: «تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة فقيد الفن بالكويت والوطن العربي الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ولقد كانت للراحل بصمات راسخة على الحركة الفنية في الوطن العربي وإسهامات جليلة ستظل مدرسة لكل العاملين في المجال الفني، ونحن في اتحاد إذاعات الدول العربية الذي يمثل كل التلفزيونات والإذاعات العربية الرسمية، علاوة على الأعضاء في المحطات الخاصة، وتقديراً منا للدور الرائد والمبدع للفنان الفقيد، فقد قررنا منحه وسام اتحاد إذاعات الدول العربية، وسيتم ذلك من خلال احتفال سيقام في العاصمة التونسية خلال المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في شهر أبريل من العام المقبل، وهذا المهرجان يحضره سنوياً أكثر من 600 إعلامي ما بين مسؤولين وفنانين وكتّاب، إضافة إلى المدعوين من شركائنا باتحاد الإذاعات الأوروبية واتحاد الإذاعات الآسيوية، مرة أخرى نجدد لمعاليكم ولأنفسنا التعزية بفقيد الفن العربي الفنان الكويتي الراحل عبدالحسين عبدالرضا».

الكاتبة القديرة عواطف البدر تحدثت والتأثر واضح على صوتها، فقالت: «أعزي نفسي وأعزي الساحة الفنية والثقافية في الكويت والخليج والوطن العربي، بفقدان هذا الهرم الفني المسرحي والتلفزيوني الذي صنع الابتسامة على الوجوه سنوات طويلة من العطاء والكفاح، فالألم يعتصرنا برحيله، فهو خسارة لنا جميعاً، ولكن عزاءنا في أعماله الفنية الخالدة الثرية التي ستبقى في ذاكرة الوطن، وأقدم خالص الشكر والتقدير لصاحب السمو أمير البلاد على تكريمه هذا الفنان الرائد».

كلمات داعمة

وحول أول لقاء جمعها في الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا أجابت البدر، قائلة: «أعود إلى الزمن الجميل سنوات طويلة للوراء، عندما كنت في قمة النشاط الفني كمؤلفة ومنتجة عبر مؤسسة «البدر» التي قمت بتأسيسها آنذاك، حيث أنتجت مسرحية الأطفال «السندباد البحري» للمؤلف الكبير محفوظ عبدالرحمن وإخراج الفنان الراحل منصور المنصور، التي قدمت عروضها في عام 1978 على خشبة مسرح المعاهد الخاصة في حولي، وفي أثناء عرض الافتتاح لهذه المسرحية قمت بدعوة الفنان عبدالحسين عبدالرضا، الذي قام بتلبية الدعوة بحضوره، وبعد انتهاء العرض تحدث معي وشجعني على مواصلة المسيرة، وقال لي بالحرف الواحد: «أستاذة عواطف استمري بطريقك الفني، بتقديم هذا الفن الجميل الهادف، أنا معك قلبا وقالبا، فنحن في الساحة الفنية بحاجة لمثل هذه النوعية من الأعمال، وعليك أن تكتبي ليس للطفل فقط، بل أكتبي في حب الوطن وللشباب أيضا»، لافتة إلى أن تلك الكلمات منحتني دعما تشجيعا معنويا، وكانت شهادة أعتز وأفتخر بها من هرم فني كبير، بل وأعتبر كلماته المحفزة لي من أسباب مواصلة مسيرتي الفنية حتى يومنا هذا.

أما د. عامر جعفر فقد قال «إن رحيل الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا رحمه الله سيترك فراغا كبيرا جدا، أثناء لقاءاتنا المتكررة، وعملنا معا، كانت له آراء في الموسيقى تعكس عقلية موسيقية فنية كبيرة، كان يحاورني ويناقشني في أمور أستغرب كيف يعرفها، وهي تحتاج إلى دراسة متخصصة في الموسيقى، من هنا كانت بيننا أفكار أعمال سنقدمها معا، ولكن برحيله توقفت، لأنني متيقن بأنني لن أجد من يعملها سواه، فهو بخبرته الفنية وحسه الموسيقي وموهبته الفذة يجمعها في بوتقة واحدة».

وتابع جعفر: «عندما عملنا معا في التنديل كنا نسهر معا.. تخيل كان يصور وقتا طويلا، ثم يسهر معي في الموسيقى، كنت أستفيد من خبرته، عبدالحسين كالشمس وحوله النجوم والأقمار، بين يدي الآن عدد من الأعمال التي لا يستطيع أن ينفذها إلا هو بخبرته وطريقته في العمل، لذلك سأحتفظ بها ذكرى منه، في «سوق المقاصيص» التقيت معه، ومعنا عبداللطيف البناي كاتب الكلمات، عرضت عليه اللحن فاقترح عليّ لحنا آخر ولزمة موسيقية مختلفة، عندما عزفتها وجدت أنها أجمل، وبالفعل عملناها، وهي التي يسمعها الجمهور الآن في مقدمة المسلسل، نفس الحدث كان في مسلسل «زمان الإسكافي»، كان له رأي مهم في موسيقى البداية والنهاية.. وحتى الموسيقى التصويرية، أقول هذا الكلام للأمانة التاريخية، وحفظا لحقه الفني في هذا الموضوع، ولكي يتعلم منه الجيل الحالي حرصهم ودقتهم في العمل، فهو مدرسة، وعلينا أن نتعلم جميعا منه».

بينما ذكر عبداللطيف البناي أن رحيل فنان كبير بحجم عبدالحسين عبدالرضا يعني الكثير للفن في المويت والخليج والوطن العربي، وقال إنه كان يستشيره كثيرا في الكلمات التي كان يكتبها، لأنه رأيه كان سديدا، ويعرف ماذا يختار، هذا الفنان يقل نظيره في كل مكان.. فنان شامل في الفن والإنسانية.

# # # #

اسم عبدالحسين وذكراه في كل مكان في الكويت

حافظ الشمري

تفاعلت كل القطاعات والمؤسسات والأفراد مع وفاة الفنان عبدالحسين عبدالرضا، منها ما تترجم عن الرغبة في إطلاق اسمه على أحد شوارع الكويت، ومنها ما ظهر من خلال وضع صوره في عدة أماكن في البلاد لتعزية أهل الكويت برحيله.

على الصعيد الرسمي المحلي، قدم نائب رئيس المجلس البلدي مشعل الجويسري اقتراحا بإطلاق اسم الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا على أحد شوارع الكويت، تكريما للرواد الذين ساهموا في بناء الوطن.

صوره تزين الشوارع

على المستوى الشعبي المحلي، وضعت عدة صور للفنان الراحل في عدة شوارع ومجمعات تجارية وشركات خاصة، بينها «أوريدو»، التي تأتي تقديرا وتكريما للفنان الراحل، كما قامت مجموعة من أهالي الجهراء بوضع صورته وحملت عبارة: «خالص العزاء وصادق المواساة لوالدنا ومعلمنا الفنان الكبير ولأسرته الكريمة».

مواكبة إعلامية

فيما استمرت المحطات الفضائية المحلية والخليجية والعربية في مواكبة هذا المصاب الجلل، وقام تلفزيون الكويت بمتابعة لافتة من خلال برنامج «الليلة»، الذي قدمته المذيعة إيمان نجم، واستضاف عدة فنانين ومداخلات هاتفية، بينهم محمد السنعوسي، عبدالكريم عبدالقادر، أحلام وآخرون، بينما لا تزال تضج وسائل التواصل الاجتماعي مواكبة رحيل الفقيد.

لقاء الوداع بين سعاد وعبدالحسين

كما تم تداول صورة جمعت بين الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا مع رفيقة دربه الفنانة سعاد عبدالله، حيث كان اللقاء الأخير ولقاء الوداع الذي جمع بينهما في منزل «أم طلال»، قبل سفره بيومين، مقدما هدايا لأم طلال وأولادها، وضحكا معا كثيرا، وعند المغادرة تمنت الشفاء العاجل له، لكنها بكيت عند مغادرته، وبكى هو أيضا عندما شاهدها.

حاضر في السوبر الأسباني

وعلى المستوى الرياضي، وأثناء مباراة السوبر الأسباني، التي جرت يوم أمس الأول، وجمعت بين برشلونة وريال مدريد، التي انتهت بفوز الأخير بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، فقد كان الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا حاضرا في مباراة القرن، حيث استذكره المعلق علي سعيد الكعبي، عندما كان منهمكا في التعليق حول تقدم ريال مدريد في المبارة فعلق قائلا: «لمن ينادي الفنان عبدالحسين عبدالرضا الفنان سعد الفرج ويقول له بسنا فلوس يا حسين، جمهور ريال مدريد يقول بسنا بطولات»، وترحم الكعبي على فقدان الأسطورة عبدالحسين عبدالرضا، لافتا إلى أن كل الخليجيين في حال حزن لرحيل هذا النجم، حيث يموت الإنسان، ولكن أعماله الخالدة ستبقى دائما وأبدا».

ولا تزال الكلمات تتدفق لليوم الثالث على التوالي حزنا وألما على رحيل عملاق الكوميديا في الخليج والوطن العربي الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، لترسم مشهدا من التفاعل الرسمي والشعبي على كل المستويات من داخل دولة الكويت وخارجها.

# # # #

الدويش: عبدالحسين عبدالرضا مدرسة عريقة

محرر القبس الإلكتروني

قال الأمين العام المساعد لقطاع الفنون والمسارح في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. بدر فيصل الدويش إن الفنان الكبير الراحل عبدالحسين سيبقى خالداً في مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء والإبداع والتميز محلياً وخليجياً وعربياً.

وأضاف أن هذا الفنان الرمز الرائع ذهب جسداً، ولكنه سيظل خالداً كمدرسة فنية عريقة تنهل منها الأجيال المتعاقبة.

واستذكر الدويش عطاءات الفنان عبدالحسين عبدالرضا في المسرح والدراما والإذاعة والأوبريتات الغنائية، والتي سطر من خلالها رحلة طويلة من التميز، ومسيرة ستظل راسخة في تاريخ الفن الكويتي والعربي، لافتاً إلى بصماته وأطروحاته وقيمه الفنية التي ستبقى علامة بارزة في سماء الفن الأصيل.

# # # #

اليوحة: الفقيد عبدالحسين خسارة كبيرة

محرر القبس الإلكتروني

نعى أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، المهندس علي حسين اليوحة، فقيد الحركة الفنية والمسرحية في دولة الكويت والخليج العربي، الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا (١٩٣٩ ـــ ٢٠١٧)، الذي وافته المنية في العاصمة البريطانية بعد تلقيه العلاج في أحد مستشفياتها. وقال اليوحة إن الفقيد يعد خسارة لا تعوض للوسط الفني الكويتي والخليجي والعربي، فبدايات أعماله الفنية التي كانت أثناء وظيفته الأولى في مطبعة الحكومة عام ١٩٥٣، تدل على شغفه الكبير بالفن، الذي سيطر على اهتمامه ووجدانه، حتى تبلور أول عمل فني له بعد ابتعاثه لدراسة فنون الطباعة عام ١٩٥٩، ولاحقا كانت مسرحية صقر قريش عام ١٩٦١.

وأضاف اليوحة، في تصريح للصحافة، أن خط عبدالحسين عبدالرضا وأداءه الفني يعدان أسلوبا مركبا وشاملا يجمع بين مقتضيات الفن وأصوله الأساسية من ناحية، وبين الأثر العميق الذي أراد تركه لدى المتلقي من ناحية أخرى، واستطاع بذكائه الفطري تطويع المسرح والتلفزيون والإذاعة، وجذب جماهير غفيرة أحبت الفن من خلال طلته في العديد من الأعمال الخالدة، التي لا يختلف اثنان على أنها سجل لمحطات هامة من تاريخ دولة الكويت، فقد ترك الفقيد أرشيفا غنيا من الأعمال، التي يمكن لأي مطلع أن يشاهد من خلالها تفاصيل الحياة الكويتية، ويتتبع أحداثا وتغييرات مفصلية طرأت على الدولة والمجتمع طوال ٥٧ عاما هي عمره الفني.

وقال اليوحة إن بداية ظهور الدولة المدنية واستقلالها عام ١٩٦١ قد تزامن مع وجود حراك فني كويتي مميز، ساهم في إبرازها في المحيط الخليجي والعربي، وقد كان الفقيد أحد أعمدة هذا الحراك، الذي ما لبث بعد سنوات قليلة أن ساهم بقوه في تثبيت المكانه الفنية للكويت، وترسيخ صورتها الاجتماعية وانفتاحها السياسي في المحيط العربي. ويعد التاريخ الفني للكويت، الذي ساهم في بنائه الفنان العملاق عبدالحسين عبدالرضا ورفاق دربه، مفخرة لجميع الكويتيين، لأنه لامس مشاعرهم وأحاسيسهم وذائقتهم الفنية، فأصبح المسرح الهادف والكوميدي دالاً على اسم الفقيد «بوعدنان»، الذي يثبت ويؤكد الحالة الديموقراطية، التي يعيشها الكويتيون منذ قديم الزمن، من خلال سقف الحرية العالي، الذي تميزت به أعماله، فكان أن تم تطويع هذه الأجواء المنفتحة في تقديم أعمال فنية خالدة، ساهمت في بيان جادة الصواب لكثير من المشاكل التي مرت بها دولة الكويت، كالأزمات الاقتصادية والسياسية، وبالمرور السريع على عناوين المسرحيات والأعمال التلفزيونية، التي قدمها وأنتجها الفقيد، نكتشف مدى ذكائه وحرفيته العالية في معالجة مواطن الخلل من دون مبالغة ولا تفريط، والتي استحق من خلالها أن يكون ظاهرة فنية نادرة وفريدة من الصعب أن تتكرر.

# # # #

نحن الموقعون أدناه

د. موضي عبدالعزيز الحمود

«بصفتنا كويتيين محبين لهذه الأرض الطيبة، متمسكين بتراثها وقيمها القائمة على الوفاء والتآخي والتسامح والوحدة الوطنية، نعتز ونفتخر برموزنا الثقافية والفكرية والفنية، نُجلهم ونحترمهم ونقدر جهودهم المخلصة في دعم المسيرة الثقافية الحضارية لمجتمعنا.

ونستنكر نحن، الموقعين، وبقدر ما آلمنا وأساءنا، ما صدر من البعض بحق فقيد الكويت، المرحوم بإذن الله، الفنان الكبير الأستاذ عبدالحسين عبدالرضا، الذين أنكروا حق الترحم على الفقيد ضاربين في مقتل قيم الترابط واللحمة التي تُميز النسيج الاجتماعي الكويتي على مر العصور».

هذه بعض الكلمات التي استعرتها بتصرف من بيان أصدرته مجموعة كريمة من رجال ونساء الكويت عبروا بلساننا عما يجيش في صدورنا تجاه ألمنا على فقيد الكويت، ورفضنا واستيائنا لكل ما يسيء إلى ذكراه وإلى التلاحم الكويتي الذي نعتز به.. فلهم منا الشكر.

وهنا نضم صوتنا لصوتهم ونقول: اللهم لا اعتراض، فنحن نؤمن بأن الموت حق، ولكن ما يؤلم هو الفراق وانطفاء شمعة إنسان اجتمع أهل الكويت على حبه وتقدير أعماله حين جسد هموم الفقير، وحاكى خيبة أمل الصغير قبل الكبير من الأوضاع، ورسم البسمة على وجوه الجميع أيام الأزمات وفي أعياد الوطن وأيام الفرح، وعبرت أعماله عن تطلعات كل فئات المجتمع دون تمييز. فلله دره من إنسان! سكنت الكويت روحه وقلبه قبل أن يسكنها جسده، فعشقها وأحب أهلها، وهم جميعاً بادلوه الحب، وحزنوا لفراقه. وحين سعى البعض أن يخلق الفرقة والخلاف بين الكويتيين بآرائه وفتاواه، أبى الكويتيون إلا أن يلقنوه درساً بوحدة المجتمع بكل فئاته وأطيافه وهم يودعون أبو عدنان.

حفظ الله الكويت والكويتيين من كل فرقة وشقاق، ونسأل الله لابن الكويت البار الرحمة ولأهله وأسرته ومحبيه الصبر والسلوان، «إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».

د. موضي عبد العزيز الحمود

# # # #

الرحيل المرّ

سليمان البسام

رحل عبدالحسين عبدالرضا وأُسدلت الستارة على كوكب وقمر، غادرنا وحلَّ الظلام على مسرح الزمن الجميل.

في حياة عبدالحسين أكثر من دلالة، فقد بدأ مشروعه المسرحي متفاعلاً مع إرث المسرح المدرسي والاجتماعي المزدهر حينها، والمبني على القصة (الحدوتة)، التي تقارب الواقع المحلي، والمزج بين النص والارتجال، وبين الاجتماعي والسياسي، أخذ هذه الأدوات وأضاف إليها بعبقريته الشخصيات المرسومة بدقة، والتشريح لمستويات مختلف الطبقات، واللعب على اللغة والموقف والتفاعل المباشر مع الجمهور، خالقاً منها سيمفونية خاصة به وحالة مسرحية تحاكي زمنه، زمن الانتقال من الفقر إلى الثراء، ومن عصر الشندل (1) والحمار إلى عصر الأسمنت والسيارة.

عبر المسرح بنى عبدالحسين – ورفاقه – منارةً للكويت وشعبها والخليج ككل، وصنع مرآةً تشخص تطورات وتناقضات الحداثة الكويتية، وكان هذا الإنجاز متماشياً – حينها – مع دعم الدولة، ومزامناً للحظة نهوض للمجتمع والاهتمام بدور المسرح، ولو تساءلنا اليوم عن أسباب عزوفه – والراحل عبدالأمير التركي وسواهما – عن المسرح خلال العقود الثلاثة الفائتة، لوجدنا أن الأسباب ليست مرتبطة فقط بأحكام التقدم بالعمر ومغريات الإنتاج التلفزيوني، بل بالتراجع السياسي والثقافي والاجتماعي وفقدان الإيمان بدور المسرح والثقافة ككل في التغيير.

فبعد عشرات الأعمال الموزعة على المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما، التي تتناول الظاهر والباطن والواعي واللا واعي لمراحل تطور المجتمع وصولاً لذروة أعماله «باي باي لندن» (1981)، «فرسان المناخ» (1983)، «باي باي عرب» (1986). لم تكن مصادفة أن ينتهي اشتباك عبدالحسين مع الواقع الكويتي بعد وأد تجربة «هذا سيفوه» (1987) ومحاكمة أعضاء فريق العمل بتهمة الإساءة للدين، والتي شكلت أحد أواخر الأعمال المهمة في المسرح السياسي الكويتي، ونقطة تحول مفصلية في تاريخ المسرح الشعبي الناقد والملتزم، مذ ذاك لم يعد عبدالحسين يسبر أغوار المسكوت عنه على خشبة المسرح، بل إنه قرر اعتزال المسرح، حتى عاد عن قراره بعد الغزو الغاشم بـ«سيف العرب» (1992).

فعلى مدى عقود سعى عبدالحسين – كما صقر الرشود قبله وعبدالعزيز السريع وسعد الفرج ومحمد المنصور وغيرهم – لتحويل الحالة الشخصية إلى حالة وطنية، وتحويل منتجهم المسرحي لموروث مؤسساتي، ولكن من دون جدوى!

وإذا تأملنا بين ثنايا سيرة الفنان الراحل، نرى بوضوح مراحل متتالية لتحجيم السقف الإبداعي نتيجة لتردي ظروف البلد، فمن تأسيس فرقة المسرح العربي (1961) وفرقة المسرح الوطني (1976) انخفض سقف الأحلام ليتم تأسيس فرقة خاصة باسم مسرح الفنون (1979) وصولاً لتأسيس شركة إنتاج فني وتوزيع عام 1989.

منذ أربعة عقود، داعب عبدالحسين فكرة «المسرح الوطني»، التي كانت اسم الفرقة التي أسسها عام 1976 مع رفيق دربه الفنان سعد الفرج، وليبقى المسرح الوطني حتى يومنا هذا مجرد اسم من دون مبنى، من دون فريق من الممثلين، من دون رصيد أعمال، من دون شكل أو مضمون، وليس صدفةً أن كل ما قدم لعبدالحسين بمنزلة ابتسامة خجولة على شفاه إحدى المعجبات وهو إطلاق اسمه على مسرح، مسرح لم يستقبل حتى يومنا هذا عملا مسرحيا يضاهي ربع الاسم الذي يحمل!

اليوم رحل بو عدنان الذي سكن قلوب الجميع، وبعد الاحتفاء الشعبي والرسمي المستحق لشخصه وفنه ورسالته، تبقى لدينا أعمال تضيء بذكائها وفنها على مرحلة من حياة الأمة، ومسرحٌ سمي باسمه وهو حي.. ولكن بلحظة رحيله المر سؤال أمر يطرح نفسه: إن لم يكن للكويت مسرح وطني على عهد قامة من الإبداع والعطاء مثل عبدالحسين عبدالرضا، فمتى وكيف يا كرام سيكون ذلك؟!

رحمك الله يا بو عدنان، رحمك الله يا من زرعت الابتسامة على شفاه الملايين وغرست بذرة نتمنى أن تزهر!

سليمان البسام

admin@sabab.org
مؤلف ومخرج مسرحي كويتي

(1) الجندل (بالعامية الشندل) خشب يستخدم لسقف الغرفة.

# # # #

من الذاكرة

«التخصيص».. وسيف الفن بوعدنان

خالد الطراح

في مطلع التسعينات، وفي خضم عمل الهيئة العامة للاستثمار في مباشرة بيع مساهماتها في بعض الشركات تحت إشراف مباشر ومتابعة حثيثة من الأخ العزيز علي الرشيد البدر، العضو المنتدب وقائد أوركسترا التخصيص، نشرت إحدى الصحف اليومية خبراً عن اهتمام فني لعملاق الفن الراحل عبد الحسين عبد الرضا (بوعدنان) بمشروع التخصيص، أو الخصخصة كما هو شائع في تلك المرحلة.

لم تكن الجوانب الاقتصادية تشكل أي عائق أمام تنفيذ بيع مساهمات الدولة الاستثمارية بشكلٍ شفاف ودقيق وعبر المزاد العلني بسوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) خلال عهد الأخ العزيز المرحوم بإذن الله هشام العتيبي، المدير العام الأسبق، الذي لعب أيضاً دوراً متناغماً مع الأخ علي (أبورشيد) في إضفاء الشفافية والحيادية الكاملة على مزادات بيع مساهمات الدولة الاستثمارية، لكن كان هناك جانب إعلامي مهم في إيصال رسالة الأهداف المنشودة من عمليات التخصيص والمردود الاقتصادي على الدولة إلى الرأي العام، لذلك أولى أبورشيد تركيزه على هذا الجانب من خلال عقد اللقاءات والمؤتمرات الصحافية والتلفزيونية، وهو أمر استوجبته ظروف خلق تفهم وتفاعل شعبي إيجابي من خلال حملات إعلامية منظمة.

حين نُشر الخبر عن رغبة الفنان الراحل أبوعدنان، رحمة الله عليه، في تقصي المعلومات عن التخصيص من نواحٍ فنية طبعاً، تبادلت الرأي مع الأخ علي الرشيد البدر، بصفتي مديرًا للإعلام آنذاك، بشأن التعاون مع عملاق الفن وتزويده السياسات المتبعة والإجراءات والأهداف والتطلعات المنشودة من سياسة التخصيص، وقد كان لأبو رشيد قرار مؤيد بصلاحيات مفتوحة حرصاً على خروج عمل فني متكامل بقيادة عملاق الفن الكويتي والعربي الراحل عبد الحسين عبد الرضا عن التخصيص.

في اليوم التالي اتصلت بفنان العرب الراحل أبو عدنان وأبلغته بسبب الاتصال ورغبتي في اللقاء معه بخصوص ما نُشر عن اهتمامه بـ«الخصخصة»، والتقينا في مساء يوم آخر وطلب أن يستمع لي أولاً عن الخصخصة، وبعد حديث مطول وعرض لبعض البيانات والدراسات حول سياسات التخصيص والأهداف المرجوة، علق المرحوم بو عدنان بالتأكيد على اهتمامه بالموضوع، مبدياً تحفظاً بشأن طبيعة المضمون، كونه اقتصادياً بحتاً ومعقداً إلى حد ما، الأمر الذي يستدعي وجود كاتب لسيناريو قادر على وضع الموضوع في قالب دراما وكوميديا جاذب، وكان رأيه حكيماً يعكس حرصه على كيفية نقل فكرة الخصخصة إلى الشارع بقالب مسرحي ممتع ومبسط.

الحديث مع عملاق الفن أبو عدنان كان شيقاً للغاية، لم يسلم من بعض التعليقات والقفشات التي أجدها حاضرة أمامي بكل تفاصيلها، خصوصاً في ما يتعلق بالتحول في بيع مساهمات الدولة إلى القطاع الخاص، حيث استفسر مبتسماً كعادته وبعفوية: هل ممكن تغيير مصطلح الخصخصة إلى مصطلح آخر تسهيلاً على الناس؟

سيف الفن عبد الحسن عبد الرضا عاش إنساناً وفناناً في آن واحد كما هو على المسرح ومسرح الحياة أيضاً، تركزت اهتماماته على كل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدتها الكويت منذ بدء حياته الفنية الحافلة بنجاحات لا تحصى!

للأسف لم يتمكن الفنان الراحل أبو عدنان من إنجاز عمل فني على هذا المستوى لأسباب فنية، أو بالأحرى نصية، لكن اللقاء قاد إلى علاقة صداقة بيننا داخل الكويت وخارجها، خصوصاً عاصمة الضباب، لندن، التي كان يتردد عليها بشكل مستمر، وشاء القدر أن يتوفاه الله في المدينة نفسها.

* * *

خالص الشكر والود للأخ الفاضل الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح محافظة الفروانية على اتصاله الهاتفي وتفاعله السريع ورحابة الصدر باسمه وبالنيابة عن زملائه الإخوة المحافظين على مقالي «التجديد والتغيير في المحافظات».

تمنياتي بالتوفيق للجميع في تحقيق الأهداف المنشودة.

خالد أحمد الطراح

# # # #

صباحكم سُكَّر

عبدالحسين عبدالرضا.. شمسٌ لا تغيب

أسيل عبدالحميد أمين

ناء قلبه بأحمال الحياة وهموم الوطن، فامتطى صهوة الغيم فارساً مترجلاً وصعد نحو السماء راحلاً. امتطاها من دون أن يمنح فرصة لوداعه بشكلٍ يليق وحجم قامته وسعة قلبه. رحل صدعاً في جدار ذاكرة الكويت وشمساً سقطت في جوف الغياب تاركاً إيانا جياعاً لضوئه، بعد أن أشبعنا رغم الأسى فرحاً وضحكاً.

كان بخفة روحه وشخصيته المتفردة وقفشاته المرتجلة مصنعاً للضحك. كان لاعباً بارعاً في المشي على حبل نقده الساخر من دون أن يسقط، وساحراً فطناً وملهماً يُخرج من قبعات الحزن برشاقة وعفوية أرانب فرح. كان بساطنا السحري الذي يقتص لنا من همومنا اليومية، ويسافر بنا من دون ابتذال إلى عالم من الضحك الجميل.

كان يتقن اختيار النواصي التي يغني على أرصفتها ملامساً هموم الناس من دون تفرقة أو تصنيف. وكان الذي عزف باحتراف على أوتار التجار والبسطاء والعازبين والمتزوجين على حد سواء. كان مهندساً فذاً في بناء آمال شاهقة الارتفاع رغم كل الخيبات المحيطة بنا، وإسكافياً ماهراً كثيراً ما أعاننا على المشي قُدماً رغم خشونة الطريق ووجع العثرات.

لم يقف على خشبة المسرح ممثلاً، بل كان يجسد باحتراف الواقع بثوبه الساخر على خشبته من دون تمثيل أو تزييف. هو مؤسس وسفير للفن الكويتي والدراما الخليجية والكوميديا الراقية البعيدة عن الإسفاف والتهريج. هو سدرة الفن حلوة الأوراق التي تفيّأت بظلها الكويت وحافظت على هوية أرضها. السدرة الوفية لجذورها، التي ازدادت بها الكويت بسوقاً من الخليج إلى المحيط.

أضحكنا كثيراً ثم أبكانا برحيله، بمختلف أعمارنا وفئاتنا وأطيافنا ومشاربنا، ولكن سرعان ما جففت دموعنا شمسه التي أضاءت يوبيلاً ذهبياً من العطاء سيدوم بريقه إلى الأبد في قلوبنا وعلى جدار تاريخ الكويت.

أثبت بمسيرته أن الفن ثقافة ورسالة، وأن الفن إذا ارتقى وسما يصبح بستانياً حاذقاً في زراعة الفرح والمحبة والتسامح والتعايش بين الناس رغم كل اختلافاتهم. فقد آلف بفنه القلوب ودَوْزَن أوتار الحياة وعبّأها كبالونات الأعياد بالفرح، ما عجز عن فعله الكثيرون.

رغم رماح الكراهية المترصدة، والمتزلفة إلى الدين، كان وسيبقى رسولاً للمحبة. ورغم القتل والحرب والتهجير كان وسيبقى داعية حياة وسلام ووطن، ومدرسة إنسانية تعلم ويتعلم منها الأجيال. لو كل القلوب حولنا مثل قلبه الذي أنهكته في النهاية الرحلة لصارت سماؤنا أكثر زرقة وهواؤنا أكثر نقاوة واتسعت بنا رغم كل اختلافاتنا الحياة.

عبد الحسين عبد الرضا، أيقونة حياة.. فنان بحجم وطن.. إنسان امتلك قلباً عاشقاً بين حناياه شمس، وإن غيّبه الموت لن تغيب أبداً!

أسيل عبدالحميد أمين

aseel.amin@hotmail.com

# # # #

باب هاني

وداعاً أيها العملاق

د. إبراهيم بهبهاني

لم يكد يمضي شهر أغسطس، ونحن نعيش أيامًا من عمر النكبة ونستذكر اللحظات الحرجة، حتى كانت الفاجعة بوفاة رجل رفض أن يغادرنا بفنه وبصوته وحضوره إلى آخر لحظة من حياته.

الكويت كلها حبست أنفاسها منذ أيّام عندما أدخلوه العناية المركزة، وإلى صباح يوم الثاني عشر من أغسطس، حين صحونا على خبر فراقه لنا، وتتحول صوره وتاريخه الفني إلى أيقونة يتداولها الناس لحبهم لفنه، فقد جمع أهل الكويت وعلى مختلف مشاربهم وانتماءاتهم في مماته، كما جمعهم في حياته.. ليس فينا أحد من يسأل لقد استعجلت الرحيل يا بوعدنان، بل ما نحن نؤمن به أن لا راد لقضاء الله، فالموت علينا حق وإن {كُنتُم في بروج مشيدة».

الكويت صوتها علا، ورثاء سيدي صاحب السمو أمير البلاد والإنسانية كانت كلماته صوت كل أبنائه المخلصين والأوفياء، فالوطن فقد برحيله أحد أعلامه الكبار في مجال الفن المسرحي والدرامي، كما فقدت الساحة الفنية أحد رواد نجوم المسرح الكويتي والخليجي والعربي.. إن اهتمام صاحب السمو بحالته كانت بحق لسان حال الجميع كبيرهم وصغيرهم.

حزننا على فقدك يا بوعدنان لم يخص النخبة أو طبقة اجتماعية بعينها، بل شمل أهل الفن والمسرح وكل من ارتبط بعطائك منذ أن بدأت مشوارك عام ١٩٦١، فعمرك الفني هو من عمر الاستقلال.

كم كانت أوامر سموه منارة نستظل بها ونأخذ العبرة منها، فصاحب القلب الكبير، أمد اللَّه في عمره وألبسه ثوب الصحة والعافية، عندما تتم ترجمة رغباته بإرسال طائرة خاصة لإحضار جثمانه والصلاة عليه في المسجد الكبير وتقبل العزاء عن روح العملاق بوعدنان لمدة ثلاثة أيّام، لهو خير دليل على أهمية الفقيد ومقدار عطائه.

كنت أتابع وبشغف الملهوف كل صغيرة وكبيرة تصدر من لدن صاحب السمو، ومن أهل الفقيد، وهم في قلبي مثل الأبناء، تجمعني وإياهم سنوات من العلاقة والمودة.

كم كان تأثري بفقده مؤلمًا على نفسي! جعلني في حالة عدم توازن وتشتت أفكاري، وكنت كلما أستجمع فكرة أهم بكتابتها أعيد النظر فيها من جديد، فقد سرحت بي الأفكار والخيال من لحظات تواجده وتردده على عيادتي، أو من معرفتي به وبأسرته، أو حتى بتعليقاته الظريفة والموجعة أثناء عرض مسرحياته، لا سيما ترحيبه بِنَا خلف الكواليس، وهو يستعد لفصل جديد.

غالباً ما كنّا ضيوفًا على مسرحياته التي يحرص على دعوتنا إليها، وترحيبه الحار بي وبزوجتي، فقد ارتبطنا بأسرته وبأولاده وبناته بحكم كوني طبيبًا لهم.

لن ننساك يا بوعدنان ويا بوبشار، فقد غادرتنا في الجمعة المباركة، لكن رحيلك عن دنيانا صعب جدًا والموت، وإن كان حقًا، يوجع الأحياء، ريتك، كما قال من سمعت صوته، تشوف الحزن على الوجوه، فهنيئًا لك هذه المحبة، فقد حصدت محبة الناس، فصورتك داخل كل بيت، فأنت من رَسَمَ البهجة على وجوههم، وتعلمنا منك التواضع والحب والاحترام.. كنت هَرمًا في حياتك ورحلت هَرمًا، اللَّه يرحمك يا من تربعت على عرش قلوبنا ولن ننساك ما دمنا أحياء.. مع خالص عزائنا لأسرتك الكريمة.

د. إبراهيم بهبهاني

ebraheem26.com
babhani26@

# # # #

الأسطورة يترجل عن معشوقته خشبة المسرح

نفيعة الزويد

لا نستطيع أن نختزل حياة الراحل عبد الحسين عبد الرضا في مقالات، أو لقاءات مع زملائه ومعجبيه، أو كل من تعامل معه فنياً، أو في حياته العامة والخاصة؛ لأنه كوَّن له أهلاً وعائلة في كل بيت أطلَّ عليهم من خلال أعماله.

الرعيل الأول كان متابعاً له، فأتذكر نحن جيل الستينات كبرنا معه ونحن نتابعه بشغف طيلة مسيرته الفنية، والأطفال كبروا وأصبحوا أمهات وآباءً وهناك من أصبح مُسناً، والأجيال الجديدة أحبته وأخذت تتابعه وتبحث عن قديمه وتتعرف على فنه منذ البداية؛ نظراً لمحبتهم له.

ولا يختلف اثنان على أنه قامة فنية كبيرة، ترك لنا إرثاً فنياً ثقافياً حضارياً لا يُستهان به، فكان مترجماً فنياً لكل أزمة تمر بها البلاد، ومنها أزمة سوق المناخ، وصولاً إلى مرحلة الغزو الصدامي، وأُطلق عليه الرصاص قبل وصوله المسرح أثناء عرض «سيف العرب»، لكن العناية الربانية أنقذته حينها. نجد كل أعماله الفنية هادفة، وحتى الضحك هادف لاستنباط العبرة والحكمة وحلول مشاكل مجتمعية.

كان يحترم فنه كثيراً والستارة تفتح في وقتها المحدد من دون تأخير، كان له سحر جذب الجمهور لما يملك من ذكاء فطري، فتجده في كل ليلة يبتكر موقفاً مضحكاً جديداً إهداء لجمهوره الذي جاء ليحضر عرض مسرحيته، ليشاهدوا العملاق الذي يترجم وطنيته على معشوقته خشبة المسرح، فتجده ينسى معاناته الصحية ويبدأ العطاء بلا حدود. واشتهر بصوته الجميل بالغناء فأصبح ملك تلك الاسكتشات، وغنى بكثير من اللهجات، المصرية واللبنانية والعراقية والهندية، وأجادها بجدارة. نحن نقول إنه فنان شامل، فهو يستحق لقب الأسطورة، لأنه الكوميدي السياسي والاجتماعي، تميز بطرحه اللاذع، لأنه مؤمن برسالته، فكان شجاعاً، وكثيراً ما يتجاوز ليثري النص بما يملكه من عفوية الأسلوب وسرعة البديهة، فنجد الارتجال ملازماً له في كل فنه. حاول أن يشتري أهرامات مصر في مسلسله «درب الزلق» وكان هو نفسه هرم الفن الكويتي.

وعلى الرغم من ظروفه الصحية القاسية فإننا نجده يتفقد الفنانين ويسأل عن أحوالهم الصحية والمادية، وكان كريم اليد والكلمة والابتسامة، لأنه يحمل بين ضلوعه إنسانية عظيمة، ولم يبخل على الجيل الجديد بإعطائهم فرصاً ذهبية لمشوارهم الفني. نعم، تميز ولمع نجمه لأكثر من 50 عاماً وحافظ على نجوميته ولم يتكبر على أحد، وإن غضب لم يجرح مشاعر أحد قط. لقد نذر نفسه ووقته لإسعاد الآخرين فأصبح أبو الملايين من متابعيه ومحبيه، فأصبح «مدرسة إعلامية» تحوي الدراما والتراجيديا والكوميديا بجانب التزامه واحترامه الوقت، وكان صادقاً مع نفسه والآخرين.

وجلّ اهتمامه هو توصيل رسالة «حب الوطن»، فرسم الابتسامة على شفاهنا، والأجمل من ذلك كله أنه كُرِّم على حياته، وآخر تكريم له كان مسرحاً يحمل اسمه في منطقة السالمية، واليوم نجد «عزوبي السالمية» قد رحل، وعزاؤنا بصمته الخالد. التقيته شخصياً عام 1998 وعام 2014، وفي المرتين يتحدث معي عن حبه للوطن ويشكر الله على نعمة الأمن والأمان والرفاهية التي نعيش بها ككويتيين.. إلخ. لقد كانت له كاريزما وحضور خاص به، لذا من الصعب أن يُقَلد أو يُستنسخ.

فودع لندن مرتين في مسرحية «باي باي لندن» والأخيرة حين ودّع مسرح الحياة من لندن أيضاً، لذا استحق لف جسده الطاهر بعلم الكويت ونقل جثمانه بطائرة أميرية ليستقر في مثواه الأخير «تراب الوطن»، وعزاء رسمي في مسجد الدولة الكبير.

رحمك الله يا أبا عدنان وأسكنك فسيح جناته.

نفيعة الزويد

# # # #

مدونة مسافر

شخصٌ لا يختلف على محبته اثنان

عدنان عبدالله العثمان

سبحان الله، الموت حق، لكن له غفلة لولاها لساد الحزن الأرض ولا عمرت. وقد أنعم الله على الإنسان بالنسيان حتى يشق رحلة حياته التي كُتبت وجَفت صحفها. وقبل أيام وصلتني رسالة على الواتس أب معنونة بعاجل تقول بوفاة الفنان الكبير بوعدنان. انزعجت للخبر ولم أصدقه، حيث لم يجرِ تداول هذا الخبر من أي مصدر. فرددت على باعث الرسالة «حسبي الله عليك والله يعطي بوعدنان طول العمر». ولا أخفيكم مدى قلقي لمرض هذا الإنسان، وإحساسٌ قاتمٌ رافقني خلال تلك الأيام إلى ان أعلن رسمياً عن وفاته. ليس أنا فحسب، بل حتى ابنتي وكل من هم معي في لندن بدا عليهم التأثر الواضح بالخبر، وان كان كل منا يحاول أن يضيع السالفة كما يقال بعاميتنا.

وبوعدنان، رحمه الله، انسان نعرفه ككويتيين حق المعرفة، وكأنه أحد أفراد أسرتنا، وهو قد لا يعرف معظمنا. فمنذ أن دخل التلفاز منزلنا ونحن نعيش معه بضحكته وابتسامته الجميلة ونقده اللاذع البناء، وكنا نطلق عليه، لقب بوعليوي، الاسم الذي حمله ببدايات دربه الفني مع الكبار، رحمهم الله، عبدالعزيز النمش وغانم الصالح وخالد النفيسي، وأكيد سعد الفرج أطال الله بعمره.

كنا أطفالا نتغنى بمطلع مسلسله «يا أم عليوي عيب طلعتي براسي الشيب». ومازلنا نردد لزمات بوعدنان، وما زلنا نضحك ملء أشداقنا كلما شاهدنا مسلسل درب الزلق وكأننا نشاهده لأول مرة.

لم تكن لي معرفة شخصية به إلا خلال فترة الغزو الغاشم، فكنا نزور الأخ العزيز عبد العزيز السلطان بديوانية الجناعات كل يوم بعد صلاة الظهر، نوسع صدرنا شوي ونتتبع الأخبار وشنو حاصل بالبلد واخبار الطغاة وجرائمهم الشنيعة. وكان بوعدنان من وقت إلى آخر يمر الديوانية ويتحفنا بتجاربه اليومية مع أزلام صدام وكيفية تواريه عنهم. ورغم شدة الألم بذاك التاريخ الأغبر لكن لم يكن بيدنا إلا أن نبتسم كلما دخل علينا بوعدنان رحمه الله. ولم أره شخصيا منذ ذاك التاريخ الا على خشبة المسرح والتلفزيون. وقد سررت كثيراً، كما سر جل أهل الكويت، عندما قامت الدولة بتكريمه أثناء حياته واطلاق اسمه على أحدث المسارح في الكويت، وهذا أقل من حقه. وكم أتمنى ألا تنسى دولتنا العمالقة من الفنانين والفنانات زملاء درب بوعدنان بالتكريم خلال حياتهم، وكذلك من رحلوا عنا ولم يكرموا.

وأختم بالقول إن برحيل بوعدنان رحل أحد عمالقة الفن والوطنية والمحبة والكرم، شخص لا يختلف على محبته اثنان في الكويت، والحزن الأكبر ليس برحيل العمالقة فهذا حال الدنيا، ولكن كلما مات كبير ما عدنا نرى البديل، فهل أصابك العقم يا وطني؟

وتسلمون.

عدنان عبدالله العثمان

Twitter: @AdnanAlothman

Insta: @adnanalothman

# # # #

قطعة من الكويت.. وأيقونتها

عبدالعزيز التويجري

هكذا كان بعيني وبعين كل كويتي، بل بعين كل خليجي أحب الفن الأصيل والمسرح، وهو الذي لم يفرق بين أي طائفة أو مذهب.

نعم، هو بعيني قطعة من الكويت، لأنه أخذ على عاتقه الارتقاء بالفن الكويتي، فهو رجل كان اسمه عبدالحسين عبدالرضا، مذهبه الكويت، وبيته المسرح، وحرفته السعادة، أعطى من عمره ٦٠ عاما، وأخذ قلوبنا بيوم واحد، أضحكنا معه، وقدر أن يبكينا عليه. نعم، هو قطعة من الكويت، لأنه مختلف بعطائه وإخلاصه وحبه لحكام وأهل الكويت. نعم، هو قطعة من الكويت، لأنه مثلنا بجسده وبعقله وبحبه وقلبه عند أهل الخليج، من حكام ومحكومين، صغيرهم وكبيرهم. نعم، هو قطعة من الكويت، لأنه أخذ الفن الكويتي إلى شعوب الوطن العربي كله، فأحبهم وبادلوه الحب والمودة والتقدير. نعم، هو قطعة من الكويت، لأنه شفانا من خلال الفرح والسعادة والضحكة التي تخرج من أعماق القلب.

نعم، هو قطعة من الكويت، لأنه ظاهرة لن تتكرر في الفن والحياة الاجتماعية والإنسانية، فقد أجاد في مسيرته الفنيه لعب كل الأدوار، الكوميدية والتراجيدية وبجميع اللهجات، كالمصرية والعراقية والهندية واللبنانية وغيرها.

نعم، هو قطعة من الكويت، وقطعة من قلب كل كويتي أحبه وعاصره، فحرصه على الوحدة الوطنية كان ممثلا في فنه الراقي والهادف، الذي يعبر عن رأي أي كويتي غيور على وطنه. نعم، هو قطعة من الكويت، والكويت كانت قطعة منه، ساكنة في وجدانه وقلبه، وهي السرير الذي نام عليه طوال حياته.

فأسألك اللهم أن تغفر لعبدك الفقير عبدالحسين، فإنه أدخل السرور على قلوبنا، فاجعله اللهم يلقاك مسرورا.

عبدالعزيز التويجري

القبس الكويتية في

14.08.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)