تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مقعد بين الشاشتين

الإعلام المصري .. ما بعد غزة

بقلم : ماجدة موريس

* لم يعد أي شيء منفصلاً بذاته في هذا العالم المتشابك.. بما فيه.. ومن فيه.. وأتحدث هنا عن الاعلام المصري الذي جاءت الحرب الإسرائيلية علي غزة لتضعه في بؤرة الضوء.. وأيضا في مفترق الطرق. وبحيث أصبح من الضروري أن يعاد النظر في الكثير من مفرداته. أو ربما إعادة بنائه علي أسس وقواعد مختلفة عن تلك التي ينطلق عنها الآن إذا أردنا له أن يكون اعلاما قويا وكفؤا. فاعلاً ومؤثراً.. وأنا أقصد بالتحديد الاعلام التليفزيوني والاذاعي. الأرضي والفضائي. في عدة أمور:

أولاً : الحضور .. وهو يختلف بالقطع عن مجرد التواجد.

ثانياً : القدرة.. وهو ما يختلف عن الأداء بدرجة مقبول أو سد خانة والاستعانة بكاميرات ومصورين من مصادر أخري. وتغليب التعليق من الاستديو علي الأداء الميداني للمراسلين.

ثالثا : الكفاءة.. وهو ما يعني المهنية العالية والمقدرة علي التقدم بسرعة إلي مواقع الأحداث من خلال الخارج والداخل. الداخل بالكاميرات والمراسلين والداخل من خلال الأرشيف الفيلمي والوثائق والاتصالات والتحليلات الكاملة.

رابعا : القدرة علي التأثير : وهو ما يتطلب حشد كل الجهود للتواصل مع الرأي العام بالداخل أولاً ثم الخارج. من المفكرين والقيادات وكل ألوان الطيف الثقافي والمهني والسياسي إلي المواطن العادي لفتح حوار واسع مدعم بالحقائق والأدلة. وقادر علي اجتذاب كل العقول. وأولهم البسطاء. ليجعلهم شركاء في المعرفة وفي الفهم وتقدير المواقف.. لكن كل هذا لا يمكن أن يتم بدون إطار وكم من الحرية يليق به. حرية في العمل واتخاذ المبادرات واطلاق القدرات لدي الاعلاميين. وكثيرون يمتلكونها. ولكنها مقيدة.. بل مقتولة بالإهمال أو التجميد والنقل.. أو الخوف لأن هناك دائما حالة ترقب انتظارا للتعليمات.. طالما هذا هو تليفزيون الدولة.

نعم أتحدث عن تليفزيون الدولة.. وليس تليفزيون الحكومة. لأن الحكومات تأتي وتذهب وهو باقي. كما أنه ليس تليفزيون الحزب الوطني أيضا. لأنه -أي الحزب- لا يملك حق الدولة في اعلام المواطن وحده. والأفضل أن نسميه تليفزيون المواطن المصري. أو هكذا ينبغي أن يكون. ولقد أوشك التليفزيون أن يضيع من هذا المواطن.. بل اعتبره الكثيرون ضاع فعلاً كما حدث. أو كما كشفت عنه أحداث الحرب الإسرائيلية علي غزة.. فقد فشل أولاً في تقديم الموقف الرسمي المصري إلي المشاهد المصري. وفشل ثانيا في الرد علي الاتهامات والمطاعن الموجهة لمصر من الفضائيات العربية المحملة بوجهات نظر كثير منها مغرض. وفشل ثالثا في تقديم شروح واضحة ومفهومة لمسألة المعابر التي أخذت جدل الأيام الأولي للحرب. وعلاقة مصر بها وحكايات المزايدة عليها من حماس ومن جهات عديدة. لم تعرف موقف مصر منها ومن معبر رفح تحديدا إلا من خلال تصريح للرئيس مبارك نفسه حول وضع المعبر في معاهدة السلام مع إسرائيل. أما الفشل الرابع فقد كان في إدارة حوار حقيقي حول علاقة مصر بفلسطين قضية وشعبا. وخطواتها علي مدي السنوات القليلة الماضية في التوفيق بين فتح وحماس وفي الضغط علي إسرائيل ورحلات السيد عمر سليمان بشأن كل هذا.. أي طرح الأمور بعلانية وشفافية حتي يدرك المواطن المصري. الذي لايزال يمثل أغلبية جمهور التليفزيون المصري. كل شيء. ولا يقع تحت ضغوط الجهل في مقابل التحريض. والغضب في مقابل الفهم.. فشل قطاع الأخبار في الحديث للداخل. وفشلت قناة النيل الدولية "Nile TV" في الحديث للخارج بالإنجليزية والفرنسية. وأيضا قناة الأخبار التي لم تقصر في استقدام الضيوف في الاستديو. لكنها قصرت كثيرا في نقل الأحداث من مواقعها..

وبعد.. لقد أعلن وزير الاعلام أنس الفقي منذ عامين عن مشروع جديد لإعادة هيكلة اتحاد الاذاعة والتليفزيون.. وتوقف.. ويوم السبت الماضي. تم ضم قناة الأخبار إلي قطاع الأخبار. ولا يعرف أحد مصير ال"Nile TV". ولكننا جميعا مستاءون وغاضبون من تليفزيون بلادنا.. فقد تغاضينا طويلا عن مستوي الأداء للتليفزيون الأرضي والفضائي.. وجاءت أحداث غزة لتفضحه وتفضح صمتنا الذي تحول إلي ثورة وغضب. فنحن نستحق اعلاماً أفضل بكثير. صحيح ان الاعلام ليس نغمة نشاز في مجتمع يحفل بسوء الأداء.. لكنه الواجهة. والموقع المنظور من الداخل. والخارج. والذي نضع عليه آمالنا في أن يكون نافذة للتعبير عنا بشكل أفضل.. ولا يصح أن تتحجج الدولة التي تصرف كثيرا علي أمور لا تساوي أحيانا بأن الاعلام يحتاج لاعلان وتمويل. فالعكس هو الصحيح. حيث "تهل" الاعلانات حينما يتحسن المستوي ويتأكد المعلن من التفاف الجمهور حول الشاشة.. وليس قبل ذلك.. لا نريده اعلاما عاجزا. يكلم نفسه كما قالت مجلة روز اليوسف هذا الأسبوع. لأننا لا نفتقد الكفاءات والخبرات والابداعات والعقول اللازمة لتغييره. ونظرة سريعة علي الكثير من مواقع الاعلام العربي المزدهرة ترينا أين يوجد ويذهب المصريون الأكفاء.. ومازال الكثيرون منهم هنا..

أخيراً. فغزة لن تكون آخر المطاف. فالأزمات تزداد ولا تقل.. فإذا لم يعد اعلامنا قادرا علي المنافسة. وإذا لم يحصل علي الحرية والامكانيات التي يحتاجها. فعلي الدولة أن تتركه.. حتي لا يلتصق بها إلي الأبد ذلك الفشل المدوي.

magdamaurice1@yahoo.com

الجمهورية المصرية في 29 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)