تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

هوليوود ..وأفلام السلام علي الطريقة الصهيونية

من المؤكد أن وعي اليهود والصهاينة بأهمية وتأثير السينما كان مبكرا جدا . وأنهم عملوا بقوة وعبر عقود طويلة علي أن يستغلوا الفن السابع بأكبر قدر ممكن لخدمة أغراضهم فتوجهوا بقوة لمجال إنتاج وصناعة الأفلام .والمقارنة بين المحاولات السينمائية لعرض وجهة النظر العربية الفلسطينية في مواجهة النظرية الصهيونية اليهودية تبدو ظالمة إلي أقصي الحدود ليس علي المستوي الدولي فحسب بل والإقليمي أيضا . فالمحاولات العربية ظلت لسنوات طويلة نادرة وغير مؤثرة وبعيدة عن الجدية . ولكن علي الجانب الآخر بدت السينما الصهيونية وكأنها تمهد لوعد بلفور 1917 . ففي عام 191 خرج للنور فيلم عن حلم اليهود بأرض فلسطين بعنوان حياة اليهود في أرض الميعاد .ولم يمض وقت طويل حتي أتحفتنا السينما العالمية بالعديد من الأعمال الموجهة يأتي في مقدمتها الفيلم الشهير الوصايا العشر 193 و الذي استمد مادته العلمية من العهد القديم مع التحريف الذي حاكه دعاة الصهيونية لتطويع دراما الفيلم لخدمة أغراضهم . كما انتجت السينما الأمريكية فيلم هذه أرضي كأول فيلم يهودي ناطق باللغة العبرية هذه أرضي إنتاج أمريكي 193 ويروج لحق اليهود المزعوم في أرض فلسطين ويؤكد علي حقيقة هامة وهي ضرورة إقامة الشباب اليهودي في أرض الميعاد - شفيق عبد اللطيف - السينما الإسرائيلية - دار المعارف 1987الصهيونية خارج أمريكا وعلاوة علي هذا لم ينحصر النشاط السينمائي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بل تعداها إلي أوروبا أيضا حيث يمكن رصد العديد من الأفلام الموجهة ظهر مثلا الفيلم البولندي الصهيوني المكشوف صابرا 1933 من إخراج الكسندر فورد الذي يتناول قضية المهاجرين الشبان من اليهود إلي أرض فلسطين .أيضا في بريطانيا أنتج فيلم الرقم 4 لا يجاوب 1949 وهو فيلم يتناول نشاط العصابات الصهيونية المسلحة في أرض فلسطين ومخابرتها العسكرية التي تنشط ضد العرب الآمنين .وفي أواخر الخمسينيات أنتجت الأجهزة الصهيونية في هوليوود عدة أفلام تحمل لونا آخر من الدعاية الصهيونية ومنها الخروج و يوديت وراحيل و ظل العملاق حيث تبنت المواقف الأيديولوجية للصهيونية العنصرية ودعت بشكل واضح للتبرع بالمال والهجرة إلي أرض الجدود الموعودة . وأنتج الصهيونيون البريطانيون فيلما عام 1969 بعنوان هذه أرضه من إخراج جيمس كولبر، يسعي من خلاله لتبرير حق إسرائيل في ضم الأراضي العربية بقوة وفق مخطط صهيوني مرسوم . . أما عن فيلم هاناك للمخرج العالمي كوستا جافراس فقد عرض في مهرجان القاهرة عام 1983 محاطا بدعاية ضخمة باعتباره فيلماً عالمياً لمخرج كبير يتناول القضية الفلسطينية من زاوية موضوعية وبرؤية تناصر العرب .. وقد اعتبره أحمد رأفت بهجت في كتابه الشخصية العربية في السينما العالمية عبارة عن أنشودة غزل في الديمقراطية الإسرائيلية التي تسمح للفلسطيني المشتبه فيه كإرهابي في أن يقيم في منزل محاميته اليهودية داخل مدينة القدس رغم أنها حبيبة المدعي العام العسكري في إسرائيل . دون ان يملك هذا الأخير القدرة علي أن يطرد هذا الفلسطيني أو أن يقبض عليه لأن القانون في إسرائيل يحقق له الحماية ولا يسمح بالتطفل علي خصوصيات الآخرين.جولدا واجتياح لبنان في أثناء الهجوم الإسرائيلي علي لبنان في عام 198.ووسط ما كانت تعرضه قنوات التليفزيون من مجازر بشعة وصور للدمار والضحايا من جراء العدوان الغادر كان التليفزيون الأمريكي يعرض وعلي جزءين الفيلم التليفزيوني الطويل امرأة تدعي جولدا الذي يؤرخ لحياة جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة . كان هذا العرض يهدف لتقديم صورة حضارية ومشرفة لامرأة رأست حكومة إسرائيل لسنوات وكانت صاحبة القرار في الكثير من الأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين ودول الجوار العرب . وقد عبرت إنجريد مان عن رؤيتها لشخصية مائير التي جسدتها بمنتهي البراعة قلبي سيطر علي تفكيري..وسقطت في حب جولدا مائير ..إنها صادقة جدا ومخلصة ومرتبطة بالأرض..وليس فيها أي شيء مزيف علي الطريقة الصهيونية علي قائمة الأفلام المراوغة المكشوفة يأتي فيلم السفير من إنتاج 1984 للمخرج الأمريكي ج0لي0تومبسون ، بطولة أربعة من نجوم السينما العالمية وهم روك هدسون وروبرت ميتشوم وفابيو تستي وإيلين بريستين . وقد عرض في سوق مهرجان كان السينمائي مصحوبا بدعاية قوية عن موضوعه الذي يتناول قضية السلام بين الإسرائيل والفلسطينيين0. وهو يتناول حكاية سفير أمريكي بدولة إسرائيل يسعي إلي تحقيق السلام بين من يصفهم بأنهم يسمون أنفسهم الشباب الفلسطيني من جانب! و الشباب الإسرائيلي من جانب آخر .. وعلاوة علي سذاجة الفكرة فإن الفيلم يغازل أمريكا بشكل مفضوح فهي رسول السلام وهي المتحملة لكل الصعاب و المضايقات حتي تحقق رسالتها المقدسة . وإذا كان هناك جانب من الفيلم ينتقد التطرف في ممارسات المخابرات الإسرائيلية إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه علي قوتها وذكاء رجالها وقدرتهم علي النفاذ إلي داخل الحجرات المغلقة وهو يجد مبررا للجوئهم السريع للعنف والقسوة من جراء ما يعرضه من غدر ووحشية ممارسات الفلسطينيين الذين يستغلون الدعوة للسلام من أجل إقامة مذبحة للشباب الإسرائيليين العزل ..وهو يقول بأن السلام قد لا يفهمه بعض الشباب الإسرائيلي .ولكن عند الشباب الفلسطيني هو مسألة مستحيلة . ذلك لأن الفلسطيني قد تعود علي القتل والإرهاب وسفك الدماء - رؤوف توفيق - سينما اليهود دموع وخناجر - هيئة الكتاب - 001 فيلم عالمي وعلي الرغم من ندرة الافلام العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية إلا أنها كانت تظهر من حين لآخر . ومن أهم التجارب في هذا المجال فيلم هنا ومكان آخر من إنتاج 1976. ولكن بعد تصوير الفيلم تأخر المونتاج بسبب أن كثيرين ممن ظهروا فيه علي أنهم رجال المقاومة المنتصرين قد ماتوا .وتوقف المشروع إلي أن قرر المخرج الشهير جان لوك جودار أن يستكمل المشروع بتصوير جزء جديد أضيف إلي الفيلم .واستطاع أن ينحوا به منحي آخر بإضافة بعض اللقطات التسجيلية الدرامية وبإضافات هامة في شريط الصوت كان أهمها وأقواها تأثيرا مع لقطة لجماعة من الفلسطينيين أمام أحد الأنهار يتحدثون وينظرون في إحدي الخرائط ليأتي صوت الراوي: إنهم يتحدثون عن كيفية عبورهم في المرة القادمة من نفس النقطة . ولكن هذا لم يعد مهما لأنهم لن يعبروا مرة أخري .لأنهم جميعا سيقتلون في غضون الثلاثة أشهر التالية بينما أنتم تشاهدونهم هنا يتكلمون . كانت إضافات جودار البارعة عالية التأثير وانتقلت بالفيلم من حكاية تروي تعرض وجهة نظر ما إلي حقائق موثقة شديدة الصدق عن شعب يصر علي المقاومة والتضحية وأصبح أبطاله المرئيون علي الشاشة نماذج مجسدة للبطولة و لمناضلين حقيقيين ضحوا بدمائهم بالفعل من أجل قضيتهم التي ما زالت مستمرة. مواجهة في كان نال فيلم يد إلهية 00 للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان جائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان كان . و تتوزع أحداث الفيلم بين مسقط رأس البطل في بلدة الناصرة و بين رام الله حيث تعيش حبيبته وحيث يكون مكان اللقاء بينهما هو معبر الرام .وتتوازي مع صعوبة الانتقال الجغرافي والتواصل في الفيلم صور متعددة للوقوع تحت قهر وظلم الدولة الإسرائيلية وليصبح أبناء الوطن الأصليون سجناء في أراضيهم ومنعزلين عن بعضهم تجمعهم سماء واحدة ولكن يفصل بينهم محتل غاشم . يعبر الفيلم بلغة درامية بليغة وهادئة عن معاناة المواطن الفلسطيني العادي في حياته اليومية بعيدا عن المقاومة والكفاح المسلح.. في نفس الدورة من مهرجان كان واجه فيلم يد إلهية فيلم المخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي الرحيل نحو الشرق أو كيدما وفيه يعيد رواية لحظة البداية في فلسطين و ليحكي من جديد قصة جيل الرواد الذين أسسوا دولة إسرائيل .والمهاجرون الأوروبيون القادمون إلي أرض الميعاد هم الناجون من معسكرات اعتقال النازي .إن شهادة التعذيب والموت في محارق النازي هي شهادة ميلاد الدولة الجديدة . إن الجانب الإسرائيلي وفق رؤية عاموس ليس ضد الوجود الفلسطيني في دولة ما غير واضحة .وفي الوقت نفسه يحاول أن يوجد مبررات لما وقع من عنف في الماضي .من خلال تصوير المهاجرين اليهود كيائسين وخائفين من الجحيم الأوروبي.أين القضية ؟إذن فالخطاب السينمائي الفلسطيني الحديث و نظيره الإسرائيلي كل منهما يحاول أن يتخلي عن فكرة الشعب المسلح والقتل والدم وأن يتحدث بلهجة إنسانية مليئة بالسخرية والمرارة علي الحياة االفلسطينية المختنقة تحت وطأة التقسيم الجغرافي أو مليئة باستدرار عطف العالم نحو اليهود أو تزكية شعور الجمهور الغربي بالذنب تجاه ما اقترفه النازي ضدهم من مجازر مزعومة - د.أحمد شوقي عبد الفتاح - السينما نافذة علي مستقبل أكثر إنسانية - مهرجان القاهرة 008 . ولكن اللافت للنظر أن اليهود ما زالوا يتحدثون عن خروجهم من أوروبا بينما لا يستطيع الفلسطينيون أن يتحدثوا بشكل مباشر عن قضيتهم الأساسية وحقوقهم المنتزعة وأرضهم التي أخرجوا منها ليحتلها اليهود .من هذه الإطلالة السريعة وباستعراض بعض نماذج الأفلام العالمية التي تناولت القضية سنلاحظ أن الدعاية الصهيونية استطاعت أن تفرض نفسها علي الساحة السينمائية. وأن تواجد وجهة النظر العربية لم يظهر إلا مؤخرا وكان غالبا بفضل الفلسطينيين أنفسهم وأن هذا التواجد يبقي قاصرا علي قطاع محدود من جمهور المهرجانات والمثقفين السينمائيين ويصعب أن يجد له مكانا في دور العرض التجارية الأوروبية والأمريكية .تبث نشرات الأخبار ليل نهار صور جرائم الإسرائيليين وما يرتكبونه من مذابح ومجازر ضد الفلسطينيين ولكنها تفشل في التأثير في الرأي العام العالمي بعد أن ترسبت في نفوس الأوروبيين والأمريكيين عبر عقود طويلة صورة ساهمت السينما في تجسيد ملامحها لكي لا تنمحي من الذاكرة صورة لليهودي المسالم الذكي المتحضر وهو يعاني من محارق النازي التي أجبرته علي الفرار إلي أرض الميعاد المزعومة ليواجه حرب بقاء مع كائنات يرونها غريبة تطلق علي نفسها لقب الفلسطينيين . وهكذ غابت القضية وانقلبت الحقائق وتحولت المزاعم إلي دولة وغابت عن الوجدان صورة شعب بأكمله مهما ظهرت صور ضحاياه علي نشرات الأخبار.

جريدة القاهرة في 13 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)