تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

السينما المصرية حولت الهزيمة إلي انتصار في أحضان الجميلات

نعم كانت فلسطين دوماً في قلب أحداث السينما المصرية..وطوال أكثر من ستين عاماً،عاش أبطال قصص الأفلام المصرية في خضم المعركة،يحاربون،ويدفعون حياتهم من أجل الدفاع عن الأرض المغتصبة،وليس صحيحاً أن أبطال هذه الأفلام كانوا يدافعون عن الأرض المصرية،بل انهم خرجوا عن الحدود،وذهبوا إلي أرض فلسطين،وحملوا السلاح،ودفع الكثير من أجسادهم الجريحة،بالاضافة إلي من دفع الروح والجسد ونال الشهادة فوق أرض فلسطين.وفي مقال سابق نشرناه في «القاهرة» منذ عدة أشهر،توقفنا عند أفلام بعينها،معروفة لدي الناس،وخاصة الباحثين،تناولت القضية الفلسطينية في السينما المصرية،لكننا سنتوقف هنا عند أفلام قليلاً ما يشاهدها الناس،وهي تدور بأكملها حول القضية،وفيها يغادر المصريون مدنهم وقراهم،ويحملون السلاح،ويذهبون مع الجيش المصري النظامي،للدفاع عن فلسطين،ربما يعني أن هذه الأفلام تدور في المقام الأول حول حرب عام 1948.وأغلب هذه الأفلام،يتضمن قصص حب،بين جندي أو ضابط مصري،وبين فتاة فلسطينية،وغالباً ما تنتهي هذه القصص بالاقتران،بما يعني توحد الطرفين في عائلة واحدة.ومن بين هذه الأفلام التي لم يتطرق أحد لمناقشتها فيلم الايمان اخراج أحمد بدرخان عام 195, وهو من بطولة محمود المليجي،وماجدة،وسراج منير،وفريد شوقي،وهو من أهم أفلام محمود المليجي علي الاطلاق،ويكاد الفنان فيه أن يتفوق في الأداء عن دوره في فيلم الأرض،فشخصية زناتي تمر بحالة ملحوظة من التطهر،هو شخص فاشل،طرد من الجيش،بسبب استهتاره،يعمل بمحل يملكه صديقه مرسي،ويتكسب من وراء عمله أموالاً كثيرة،وذلك عن طريق الاحتيال.أما الأخ صابر جسده سراج منير فإن حالته المالية تتدهور،يتصل بشقيقه زناتي الذي يرفض معاونته في ضائقته المالية،مما يدفع صابر إلي أن يتطوع في صفوف الجيش الذاهب إلي حرب فلسطين،بل ان الكثير من أبناء العائلة يذهبون متطوعين إلي الحرب،يذهبون إلي فلسطين معاً،وفي الفيلم اشارة إلي أن حرب فلسطين عام 1948 قد دارت أحداثها أثناء شهر رمضان،وقد حارب الجنود،وهم صائمون أسوة بحرب أكتوبر،والفيلم لم يصور المعارك،لكننا رأينا الجنود المصريين في خيام الحرب يرتدون الزي العسكري،دون أن يضعوا الخوذة،اللازمة في العمليات الحربية،وفي الحرب يموت صابر شهيداً.. ويوصي وفيق جارهم جسده نور الدمرداش بأسرته من بعده..الفيلم الثاني الذي لم يأخذ حقه في المتابعة،تم انتاجه بعد قيام الثورة مباشرة،وعرض في شهر أبريل عام 1953, ويحمل عنوان أرض الأبطال تأليف واخراج نيازي مصطفي،وهو أول الأفلام التي أشارت إلي أن هزيمة 1948 كانت بسبب وجود أسلحة فاسدة،أما الافلام التي كانت حول الحرب نفسها قبل الثورة،فإنها لم تبرر الهزيمة،بل توقفت عند ذكرها،دون أي أسباب،وذلك عكس الكثير من الأفلام التي مجدت رجال الثورة،ومنها أرض الأبطال والله معنا ورد قلبي والأقدار الدامية وغيرها.في الفيلم الذي أخرجه نيازي مصطفي،هناك شاب جمال فارس يكتشف أن أباه قد وقع في غرام المرأة التي يحبها لولا صدقي فيصدم في التجربة،ويتطوع في الجيش،أي أن بطلي الفيلمين لم يتم تجنيدهما، بل تطوعا للانضمام إلي المقاتلين في حرب فلسطين،ولعل سراج منير في الإيمان لم يكن أبداً الشاب الصغير الذي يقدر علي القتال،إلا أن جمال سالم في أرض الأبطال قد قاتل،واتجهت وحدته إلي مدينة غزة،وكان ضمن وحدة عسكرية تدافع عن المدينة،حيث تعرف علي فتاة من بدو غزة جسدتها كوكا،ويقع في هواها،تساعده الفتاة الفلسطينية،كما أنه ينقذ حياتها،فتحمل له الجميل،وفي إحدي العمليات العسكرية،فإن السلاح الذي يستخدمه جمال يرتد إليه،فينقل إلي المستشفي للعلاج،ويعود إلي القاهرة،ويكون قد فقد بصره بسبب السلاح الذي يستخدمه،أما الفتاة الغزاوية،فإنها تترك مدينتها وتأتي إلي القاهرة،باحثة عن حبيبها،كي ترد له الجميل.أفلام كثيرة،تم انتاجها في الفترة بين عامي 195 و1956, دارت أحداثها في فلسطين،حيث ذهب الجنود والضباط المصريون إلي هناك للحرب،والكثيرون منهم عادوا منكسرين، منهزمين،لكنهم أيضاً عادوا غانمين في قصص الحب. ومن بين هذه الأفلام الحياة الحب،الله معنا،وشياطين الجو،وقد حدث أن غيرت السينما المصرية وجهتها إلي بورسعيد عقب العدوان الثلاثي عام 1956, لكن ظلت هناك أفلام عن حرب 1948 في الصدارة،باعتبار أن إسرائيل هي العدو الرئيسي سواء في حرب 1948, أو عدوان 1956.وقد حاولت الأفلام أن تتنوع في الموضوعات،فمن ذهاب جيش نظامي إلي فلسطين،والمشاركة في الحرب،إلي القيام بالعمليات الفدائية في فيلم أرض السلام لكمال الشيخ،ونحن مجدداً أمام افلام تعتمد علي النجوم. الفيلم تم انتاجه عام 1957, كتب قصته المخرج حلمي حليم،وكتب له السيناريو والحوار علي الزرقاني.حلمي حليم الذي أنتج الفيلم،وترك لكمال الشيخ أن يخرجه،كتب بقلمه في الدفتر الدعائي الخاص بالفيلم هذا الفيلم نقدمه من أجل فلسطين أرض السلام،ومن أجل الوطن العربي الكبير. ومن أجل السلام والحرية. فلم ندخر جهداً في تقديمه بالصورة المشرفة التي يجب أن يظهر بها. فلم نبخل علي أرض السلام بكل ما تطلبه انتاجه من مال وجهد إذ حشدنا له كل الامكانات،واخترنا له أكفأ وأقدر العناصر من فنانين وفنيين،وتحملنا كل ما صادفنا من عقبات وتضحيات،والفيلم العربي يفخر بتقديم أرض السلام إلي العرب،وإلي المكافحين من أجل السلام والحرية في كل مكان.إذن، ففلسطين في منظور،وعناوين الفيلم المصري هي أرض السلام،كما كانت أرض الأبطال..الفيلم يدور حول عملية فدائية يقوم بها ثلاثة من الشباب،أحمد عمر الشريف وزميلان له،يخرجون في مهمة رسمية لصالح الوطن للانتقام من غارات الصهاينة.. ويتسللون إلي مدينة رفح علي حدود فلسطين. وفي داخل فلسطين يقع أحمد مغشياً عليه،بعد أن دارت معركة بينه وبين قوات الاحتلال الصهيوني،مات زميلاه،أما هو فقد استقرت رصاصة في كتفه.والمكان بالتحديد هو دير ياسين،المنطقة التي شهدت مذبحة دامية،وقام الصهاينة بقتل أهلها وطردهم. فاحتموا بالرمال والسماء،وفروا من بشر كالوحوش. وفي المكان الخالي،عثرت عليه الفتاة الفلسطينية سلمي فاتن حمامة،الذي تبحث عنه قيادة الجيش الإسرائيلي،ويتم نقله إلي داخل المعسكر الفلسطيني،وتنمو قصة حب بين أحمد وسلمي،إنها قصة الحب المشابهة لما رأيناه في فيلم أرض الأبطال ،بين جندي مصري،وفتاة فلسطينية،تقف إلي جواره،فإذا كان جمال قد أصابه العمي،فإن أحمد أصابته رصاصة تم اخراجها له.ولدواعي الدراما،فإن الفيلم يخلق خصماً من داخل الفلسطينيين،يحاول الوشاية بأحمد،ويسعي إلي ابلاغ قوات الاحتلال بوجود الجندي المصري، في الوقت الذي يقوم فيه أهل المخيم بتضليل جنود الاحتلال حين يأتون للتفتيش والبحث،ويحدث أن يقوم الصهاينة أنفسهم بقتل نجل جاسوسهم حينما خرج للصيد ليلاً،فأحضره أحمد لوالده،مم يغير مواقف الغريم الذي يقرر مساعدة أحمد في العملية،وهي تدمير خزانات وقود الأعداء..السينما المصرية،حاولت تحويل الهزيمة إلي انتصار،إنها لحظات انتصار صغيرة،أمام هزيمة كبري مني بها العرب،وما الزواج أو الاقتران بين الجندي المصري والفتاة الفلسطينية في هذه الأفلام سوي محاولة لشراء لحظات انتصار،والقول بأن الحب وحد العرب، وصنع بيوتاً أهلها من المصريين الفلسطينيين،وأن القضية لاتزال مستمرة عبر الأجيال.الجندي هنا في هذه الأفلام مصري،وهو الذي يقود العملية الفدائية،ويدمر مع بعض الرجال من المخيم الفلسطيني مستودع الوقود. فهناك اشادة واضحة إلي قيام الفلسطينيين بالمشاركة في العمليات الفدائية.عادت السينما المصرية بقوة إلي فلسطين في عام 1961 من خلال فيلم طريق الأبطال،وهو أحد الأعمال التي نادراً ما نراها علي شاشات التليفزيون،وغرابة هذا الفيلم أن مخرجه محمود اسماعيل بدا وكأنه يغير من أسلوبه تماماً في الاخراج،ويتوقف عن عمل أفلام المعلم الذي يطمع في الزواج من جارته،مثلما فعل في سمارة وزنوبة،وابن الحتة وهي من اخراج حسن الصيفي.محمود إسماعيل هو الذي كتب حوار الفيلم،وشارك في كتابة القصة مع الإذاعي أنور المشري،أما القصة فهي لعبد المنعم السباعي،والعمل كما هو ملاحظ مأخوذ عن مسلسل إذاعي،ويدور كله حول حرب فلسطين.تدور الأحداث في عام 1961, من خلال حفل تحضره امرأة جميلة هند رستم مع ضابط سابق عماد حمدي هدفه تكريم الشهداء الراحلين الذين دافعوا عن فلسطين عام 1948, تجلس المرأة فوق مدرجات الكلية الحربية،ووسط الاحتفالات تتذكر حبيبها الذي دفع حياته في حرب فلسطين. انه اديب شكري سرحان لديه حس وطني عال،يقع في غرامها حين كانت فتاة لاهية مستهترة،تتعرف علي الكاتب،فيسعي إلي أن يتزوج منها،لكن عائلته ترفض هذا الزواج،وتطلب من الفتاة أن تبتعد عنه،فتوهمه أنها شخص آخر،وعندما تندلع حرب فلسطين،فإن الأديب يتم تجنيده كضابط،أما الشخص الآخر فإنه يتحول إلي مراسل حربي،ويقابل الفتاة التي كسرتها الأحزان بسبب فراق حبيبها،ويقنعها المراسل الحربي أن تتطوع في الجيش،وتدخل سلك التمريض،وتذهب إلي فلسطين،وفي الجبهة تقابل حبيبها من جديد،فتساعده،وتمارس أعمال التمريض بكفاءة.ويكشف الفيلم عن دور المصريين داخل فلسطين أثناء الحرب،وقد وصل الأمر أن الفيلم حول هزيمة إلي انتصار. فبعد معركة بين الجيش المصري،والجيش الإسرائيلي،ينتصر المصريون،ويقوم الضابط الأديب برفع العلم فوق أرض المعركة،إلا أن جندياً إسرائيلياً مصاباً أطلق عليه النيران فجأة،قبل أن يموت،فيسقط مع العلم.وقد شكلت هذه النهاية سذاجة النظرة إلي الهزيمة والنصر،فالجيش المنتصر،الذي يرفع راية النصر،لن يسقط لمجرد سقوط حامل العلم،إذ أن جندياً آخر قد فعل ذلك،فضلاً أن المتفرج يعرف تماماً أن الجيوش العربية قد انهزمت في عام 1948 .هي إذن أفلام تحاول أن تحول الهزيمة إلي نصر،أو ما يشبه النصر،وهناك تبرير دائم في السينما،خاصة في الجانب المصري،فكأنما المصريون انهزموا بسبب الأسلحة الفاسدة،وليس أكثر،أي أنهم هزموا أنفسهم،وقد تكرر الأمر في عام 198 من خلال فيلم الأقدار الدامية لخيري بشارة وهو انتاج مشترك بين مصر والجزائر،اقتبسه علي محرز عن المسرحية الأمريكية،الحداد يليق باليكترا ليوجين اونيل.حاول السيناريو أن يصبغ موضوعه بالحرب التي دارت عام 1948, من خلال التركيز علي موضوع الأسلحة الفاسدة الذي كان قد أثير حوله الجدل في العقد التاسع من القرن العشرين،وهل كانت هناك أسلحة فاسدة أم لا..الموضوع هو المعالجة المعاكسة لفيلم أرض الأبطال فالأب اللواء لا يتاجر في الأسلحة وليس هو السبب في الاصابة التي مست ابنه في فلسطين،فاللواء حلمي باشا يتطلع إلي الذهاب للجبهة عام 1948, كما أن ابنه سعد أحمد محرز يتطوع للمشاركة في الحرب،رغم معارضة أمه حورية. هذه الأم تستميل إلي إغواءات رجل آخر يدعي كمال.. وعندما يعود الزوج من الحرب،يصدم ويموت،أما الابن فإنه يتطوع بعد سنوات في جيوش الفدائيين بالاسماعيلية،وكما نري،فإن الأب وابنه قد شاركا في الحرب،كما أن فلسطين هنا تبدو ديكوراً وطنياً،عاد المخرج إليه مجدداً كديكور أيضاً فيلم الطوق والاسورة عام 1986.

جريدة القاهرة في 13 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)