|
اتسم
العام 2008 بانتعاش ملحوظ إن لم يكن غير مسبوق في حقل صناعة الأفلام
الأردنية القصيرة بشقيها التسجيلي والروائي مثلما نشطت فيه فعاليات العروض
السينمائية المختلفة والتي تدفع باتجاه تنمية الذائقة البصرية للمتلقي عبر
إقامة أسابيع واحتفاليات سينمائية متنوعة إضافة إلى تلك الإصدارات والإحداث
والإنجازات المتعلقة بالمشهد السينمائي المحلي .
ويمكن
الإشارة أيضا إلى بدايات بروز هيكلة للبنية التحتية التي تتأسس ركائزها عام
تلو الآخر مثل وضع اللمسات الأخيرة على مبنى المقر الرئيسي للهيئة الملكية
الأردنية للأفلام والذي ينتظره عشاق الفن السابع بشغف حيث سيوفر لهم مشاهدة
مريحة لكلاسيكيات السينما العالمية التي رسختها أقلام النقاد كقامات
إبداعية فضلا عن توفير مكتبة تتضمن اشهر الكتب والدوريات التي صدرت منذ
عقود في المكتبة السينمائية العربية والعالمية وأدبياتها .
وما زالت
عملية تشييد صالات عرض حديثة داخل مناطق عديدة في أرجاء العاصمة بالإضافة
إلى إنشاء وتجهيز قاعات مخصصة لعروض الأفلام ضمن مراكز ثقافية تشتمل على
إمكانيات لظروف عرض سينمائي مجهزة بتقنيات كومبيوترية حديثة وفق تلك
الأساليب التي تعتمدها صالات السينما .
وحمل
العام انتعاشة حقيقية في الثقافة السينمائية المحلية من خلال عروض الأفلام
المتنوعة التي قدمتها طوال العام الماضي مؤسسات تعني بهذا الشأن المعرفي
والجمالي من خلال نشاطات الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ولجنة السينما في
مؤسسة عبد الحميد شومان وبرامج المركز الثقافي الملكي الذي يتبع وزارة
الثقافة ومركز الحسين الثقافي التابع لأمانة عمان الكبرى والتي عملت على
استضافة عروض أفلام متنوعة تحيد في نوعيتها عن العروض الدارجة في الصالات
التجارية وعلى المنوال ذاته سارت صالة مكان ومسرح البلد وعروض
دارة خالد للفنون .
ودأبت
الهيئة الملكية الأردنية للأفلام على مواصلة تنظيم أكثر من دورة متخصصة في
مجال صناعة الأفلام شارك فيها العديد من الشباب بحيث تمكنت الأغلبية منهم
تحقيق إنجازات طموحة وعرضت في أكثر من مدينة داخل الأردن ونالت استحسان
الحضور رغم بساطة الإمكانيات التي رصدت لها .
وكان
لتعاون الهيئة مع السفارات والمراكز الثقافية الأجنبية أثره الملموس في رفد
المشهد السينمائي المحلي بالعديد من الأفلام السينمائية المختلفة كما جرى
في تنظيم قافلة السينما العربية والأوروبية ومهرجان الفيلم العربي الفرنسي
ومهرجان الفيلم الأوروبي ومهرجان الأفلام الناطقة باللغة الأسبانية
المسمى سينما قيد الإنشاء إضافة إلى احتفاليات أسبوع الفيلم الفلسطيني
ومهرجان الفيلم الاسترالي وأسبوع الفيلم الهندي وأيام السينما الرومانية.
واشتملت
خريطة المشهد السينمائي المحلي هذا العام أيضا على إنجازات فيلمية قدمت
بفعل جهود مجموعة من الأفراد والمؤسسات التي تعنى بصناعة الأفلام بحيث عملت
مجتمعة على رفد صناعة الأفلام المحلية بالعديد من الأفلام القصيرة التي جال
بعضها في أكثر من مهرجان عربي ودولي ونالت التقدير والإعجاب .
ويحسب
لتلك الطاقات رغبتها الأكيدة في تحقيق الأفلام المتنوعة القضايا
والاهتمامات مما أدى إلى بروز مجموعة من تلك الأسماء الشابة في اندفاعها
الجريء نحو كاميرا الفيديو الرقمية والعمل على إنجازات لافتة ضمن
إمكانياتهم المحدودة بعد تلقي سلسلة من الدورات التدريبية والمشاركة في ورش
أعمال متخصصة بصناعة الأفلام بأسلوبية كاميرا الفيديو وفرتها مجموعة من
مؤسسات المجتمع المحلي كما هو لدى إشارتنا إلى الهيئة الملكية الأردنية
للأفلام التي ظهرت من أجل دعم وتسهيل وتشجيع المنتجين العالميين للاستثمار
في المجال السينمائي في الأردن والاستفادة من مكونات بيئته الجغرافية
والمناخية .
وعلى نحو
غير مسبوق وفي ظاهرة فريدة رشح الفيلم الروائي الأردني كابتن أبو
رائد لمخرجه أمين مطالقة ضمن الأفلام العالمية المتنافسة على جائزة
الاوسكار لأفضل فيلم أجنبي التي ستعلن عن نتائجها يوم 22 من شهر شباط
المقبل.
وشارك
مجموعة من الأفلام الأردنية المتفاوتة الاهتمامات والطول والمعالجات في
العديد من المهرجانات العربية والعالمية .. على غرار مشاركة الفيلم الروائي
الطويل كابتن أبو رائد والأفلام التسجيلية: إعادة خلق لمحمود المساد
وست قصص وأس أم أس ليحي العبدالله و ابتسم أنت في جنوب لبنان لداليا الكوري
و فيلم مشهد لحازم البيطار ورفقي عساف وبوملي ليحي العبدالله وأصيل منصور
في العديد من المهرجانات العربية والدولية من بينها: أيام قرطاج السينمائية
ومهرجان أيام بيروت السينمائية ودبي وأبو ظبي ووهران والإسماعيلية وفي
مهرجان التاغيت الذهبي والأمل بأسبانيا وتتارستان وطهران وروتردام وأيضا في
سندانس بالولايات المتحدة وسوى ذلك من ملتقيات ومناسبات عديدة في أرجاء
العالم.
جاءت تلك
الأفلام الأردنية الآخذة في التجوال في المناسبات والملتقيات السينما
العربية والعالمية بل وتعمل تلك المهرجانات على إشراكها في مسابقاتها وداخل
أقسامها المتنوعة بفعل جهود متراكمة لصانعيها تمكنوا من أطلاق العنان
لقدراتهم الذاتية ولخيالهم الخصب التعبير بحرية وفي حياد تام عن مؤثرات
الأفلام السائدة عن قصصهم وحكايتهم بلغتهم البصرية ضمن الإمكانيات المادية
المتاحة والبسيطة عموما.
كما وحازت
مؤسسات وأفراد أردنيون يعملون في حقل صناعة وإنتاج الأفلام على منح تمويلية
لمشاريع أعمال تتعلق في صناعة و تثقيف السينما بعد خوضهم غمار منافسات
ساخنة مع جهات أخرى مكرسة في فضاءات الفن السابع مثلما كان في مهرجان دبي
السينمائي أو في جوائز الصندوق العربي للثقافة والفنون.
ظلت عروض
الصالات المحلية أسيرة أفلام خفيفة تتوجه إلى أعمار من هم دون العشرين
وبالتالي تفتقد إلى تلك من النوعية من الأفلام الهامة التي يشاهدها عشاق
الفن السابع في صالات العالم حيث ما زالت الصالات المحلية تتوجه إلى قطاع
محدود من المتلقين فالقائمين على التوزيع يختارون تلك النوعية من الأفلام
التي تنهض صناعتها على ألوان من الرعب والمغامرات والتشويق والمطاردات
الجامحة إضافة إلى تلك الكوميديا الزاعقة والخاوية الجماليات والمضامين
وبالتالي جاءت الأحداث في تلك الأفلام في توليفة من الخيال العلمي
اللامحدود متكئة على مؤثرات صوتية وبصرية وفرتها أساليب تقنية وكومبيوترية
رقمية حديثة دون الاعتناء بأشكال الدراما وحدودها الدنيا.
أفضل عروض
الصالات المحلية: كابتن أبو رائد لامين مطالقة ولا وطن للعجائز للأخوين
جويل وإيثان كوين وستكون هناك دماء لتوماس أندرسون واستراليا لباز لورمان.
ومن
الإصدارات السينمائية محليا: كتاب أسئلة السينما العربية لعدنان مدانات
وكتاب روائع السينما الاميركية لمحمود الزواوي.
أفضل
أفلام السينما العربية لهذا العام: خلطة فوزية لمجدي احمد علي وبصرة لأحمد
رشوان من مصر ومصطفى بوليعد لأحمد راشدي ومسخرة لليث سالم من الجزائر
وكازانيغرا لنور الدين خماري من المغرب والمر والرمان لنجوى نجار وكل هذا
البحر لان ماري جاسر من فلسطين حسيبة لريمون بطرس وأيام الضجر لعبداللطيف
عبد الحميد من سوريا.
ابرز
الراحلين: المخرج المصري يوسف شاهين والمخرجة اللبنانية رندا الشهال
والمخرج الإيطالي دينو ريزي والمخرج الاميركي جول داسان والنجوم
الهوليوديين ريتشارد ودمارك وبول نيومان وروي شايدر والمخرج البريطاني
انطوني مينغيلا والكاتب والمخرج الفرنسي الان روب غرييه بالإضافة الى
السيناريست والكاتب المسرحي الحائز على جائزة نوبل للآداب الإنجليزي هارولد
بنتر .
الرأي الأردنية في 3
يناير 2009 |
