ملفات خاصة

 
 
 

بألف كلمة

هكذا تكلّم زياد الرحباني..

إعداد وتحرير: صباح جلّول

الموهوب والعبقري الثائر

زياد الرحباني

   
 
 
 
 
 
 

وأكثر من ذلك.. نعاه رفاقنا في غزة. "نهار حزين"، كتب زميلنا المقداد. يا الله ما أعظم محبته في القلوب! من أحزن بقعة على الأرض حالياً، من أكثر البقاع تعباً وانشغالاً بالبقاء على قيد الحياة، بلغ كرم الرفاق في غزّة أن أفسحوا مجالاً لحزنٍ إضافي، خُصّص لهذا الإنسان بالذات، الذي لا بدّ كان ألم غزّة - ولبنان - ملازماً له في فراش المرض.

قبل أيامٍ قليلة، شاهدتُ مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي للرسام الفلسطيني طه حسين أبو غالي من غزّة، يُهشِّم لوحاته الواحدة تلو الأخرى، ليتخذها حطباً لنارٍ يطهو عليها لأطفاله ما تيسّر في القطاع المجوَّع. "بالأزمات، الحلوة بتقصّ شعرها"، قال، فيما كانت يده تهوي على الخشب الذي يلمّ قماشة الرسم وألوانها. "ونحن مضطرون آسفين إنو ندمر اللوحات عشان ناخذ البراويز (الإطارات) نطبخ عليها، لأنه ما في وقود ولا في كهرباء ولا في كاز ولا أي شي". لم يتبادر إلى ذهني لحظة مشاهدة الفيديو المؤلم هذا، سوى أغنية قديمة لزياد الرحباني، تقول"منشكر الله، عِنّا بيانو / منقدر نكسرلُو إجريه / إصحا تنسمّوا منشانو / ولا يوجعْكن قلب عليه"[1]. هكذا هو الفنان في وقت الحروب والأزمات والإبادة والألم الشديد، كما في أوقات الفاقة والتعثير، التي ليست بغريبة عن كثير من الفنانين الصادقين، يجد نفسه بمواجهة فنّه - مورده الوحيد، وأمام سؤال البقاء. ما أبسط تلك الأغنية وما أفدح المصيبة. "كان بيانو، يا ضيعانو.. كان بيانو، يا ضيعانو"، تردد اللازمة.

بعدها بيومين، صباح السبت 26 تموز/يوليو 2025، خرج الخبر: ماتَ زياد الرحباني.

في صباح اليوم التالي، اجتمع أصدقاؤه ومحبوه أمام مستشفى خوري في الحمرا (بيروت)، ليودّعوه قبل أن يُنقّل إلى المحيدثة (بكفيّا)، حيث أرادت والدته السيدة فيروز إقامه عزائه ثم دفنه في مدفن عائلي خاص، بالقرب منها. طلعت إليها البلاد، إلى بكفيا، تعزّيها – تعزّي التي عزّت البلاد في كل المفاصل الرهيبة التي مرّ بها اللبنانيون.

كان يوم الأحد 27 تموز/يوليو يوم حداد شعبي حقيقي، رغم عدم إعلانه يوم حداد رسمي. أعرف لأنّ كلّ من كلمني وكلمته في ذلك اليوم، في لبنان والاغتراب، عزّاني وعزّيته.

إكليل وردٍ أُرسل من بيروت إلى بكفيّا، إلى كنيسة جنّازه وعزائه. المرسِل؟ سناك فيصل، فرن مناقيش وفطائر في منطقة الحمرا. قبلها بيوم، وقف شغّيلة مطعم "ملك البطاطا"، لبنانيين وسوريين على باب المحل مودّعين، يتفرجون على المسيرة التي مشت خلف سيارة تحوي جسده. دمعت عيونهم وهم وسط دوام عملهم. على انستغرام، شاركت قهوة الروضة مقطعاً من أغنية "حبيب الروح" لزياد الرحباني (غناء جوزيف صقر وختام اللحام)، التي صُوّر لها فيديو كليب على أحد أسطح المقهى، ونعته: "وداعاً زياد، راح نشتاقلك".

يفكّر الواحد بهذه اللفتات المُحِبّة، أمام موتٍ مفجع كموت فنانٍ كان صوتنا وصوت يومياتنا. مَن غَيره من الفنانين والموسيقيين المعروفين كانت لتنعاه محلات السناك والمقاهي الشعبية وممرضات المستشفى اللواتي خرجن باكيات إلى وداعه في الحمرا؟ وكيف عرفه كل هؤلاء وأحبوه؟ مَن غير زياد الرحباني قال أنه معنا، ومن وسطنا... ثمّ رأيناه فعلاً يكون معنا ووسطنا؟!

قدِم زياد من أكبر وأهم أسرة فنية في لبنان، ابن فيروز وعاصي الرحباني اللذين يكثر وصفهما – عن حقّ - بالعمالقة والجبال وأعمدة بعلبك وأرز لبنان وغيرها من الأوصاف التفخيمية التي لم يحبها هو – زياد، الذي يسميه الناس زياد، حاف. هو ابن آلهة هذا البلد الفنيين، لكنه ابن كل إنسان في أكثر شارع هامشي في ضواحي هذه المدينة، حيث يُسمَع صوته ولحنه. هو معنا، وبيننا، بكلّ بساطة، ولذلك حزنت في يومه كلّ البلاد، حتى أولئك الذين اختلفوا معه أو عاركوه، لأن حبّه قادمٌ من احترامٍ عميق يكنّه الجميع لإنسانٍ يُحْسَد على قدرته على الصدق والمباشَرة.. والوضوح. كم أحبَّ الوضوح!

من هو زياد الرحباني؟

تفصح كلمات وذكريات مَن ودّعوه عن سرّ زياد.

دامعة، قالت السيدة وداد حلواني، مؤسِّسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في الحرب الأهلية اللبنانية أن زياد "كان هو البوصلة التي تدلّنا". وأضافت "هلأ تيتمنا نحن. خلص، البلد صار فاضي. ما بقا في حدا"[2]. هذا الشعور باليتم كان مشتركاً لدى الشباب والشيب في يوم وداعه. "كان في حدا عم يدلنا على الطريق. يدلنا على وين الضوّ، وين الأمل. هلأ خسرناه"... لقد أهدى زياد لجنة أهالي مفقودي الحرب الأهلية لحناً وشعاراً لا يُنسيا. في إعلان تلفزيوني[3] بأداء من الممثلة كارمن لبّس، تقول "صحيح إنو الحرب هلكتنا وبدنا ننسى، يمكن. بس إذا سأل ابنك أو بنتك. شو؟ ما بتقلّن شي؟ أو...؟" بعد السؤال تطلع موسيقى البيانو، تتلهف شوقاً للغائبين، وصوت امرأة تغنّي شعاراً محورياً رافق مسيرة الحملة النضالية للمطالبة بالكشف عن مصير المخطوفين ومحاسبة المرتكِبين: "تنذكر تَ ما تنعاد". هذا شيء من التزام زياد الرحباني.

مشي خلف نعشه المناضلون والآخرون، لكنّ ثمّة سيدة تَلفتّت إليها كلّ العيون. كانت سهى بشارة، المناضلة المقاوِمة التي حاولت اغتيال رأس عملاء ما سمي "جيش لبنان الجنوبي" - جيش عملاء الاحتلال الإسرائيلي في لبنان - وأمضت نتيجة ذلك 10 سنوات من عمرها في المعتقل. كانت تحمل وردة، أو وردتين ودمعة، وتسير بصمت مع السائرين. حضورها أيضاً يجيب عن سؤال "مَن كان زياد؟"..

ومن فلسطين، بُثّت إليه الأمنيات. "كان الطبيعي نكون معكم اليوم. نركب بكير الصبح سياراتنا من حيفا ومن كلّ فلسطين، واللي ما عندوش سيارة يسبق بالقطار، ونوصل بيروت ونمشي معكم ورا زياد، ونكمّل على بكفيّا. ونغني بصوت عالي عالي وقت الدفن. ونبكي. غنّوا اليوم كثير. غنّوا عنّا وبدالنا. وعسى يجي يوم نقدر عالأقلّ نحزن فيو كيف منحب. شكراً زياد الرحباني"، كتب المسرحي بشار مرقص على صفحته على انستغرام. هذا شيء من أثره الممتد.

وأكثر من ذلك.. نعاه رفاقنا في غزة. "نهار حزين"، كتب زميلنا مقداد. يا الله ما أعظم محبته في القلوب! من أحزن بقعة على الأرض حالياً، من أكثر البقاع تعباً وانشغالاً بالبقاء على قيد الحياة، بلغ كرم الرفاق في غزّة أن أفسحوا مجالاً لحزنٍ إضافي، خُصّص لهذا الإنسان بالذات، الذي لا بدّ كان ألم غزّة – ولبنان - ملازماً له في فراش المرض، وعلى امتداد الشهور السابقة التي أبعدته عن الدنيا، بشهادة أصدقائه المقربين.

وبعد... كُتبت مراثٍ كثيرة عن زياد عاصي الرحباني، الموسيقي والمسرحي ومؤلف الأغنيات وكاتب المقالات ومؤلف الموسيقى التصويرية والحلقات الإذاعية والممثل والشيوعي والسياسي والإنسان.

لعلّ هذه اللمحات القليلة جداً من مسيرته المتفرّدة التي لا تشبه شيئاً تقول شيئاً عنه، أو لعلّ صوت محبيه يعبّر عن "من كان زياد الرحباني؟" بما يتجاوز أيّ رثاء، أو لعلّ كلامه هو يكون الأبلغ في هذا الموضع، ويملك لنا - كما العادة - الإجابة.

*****

عن الوطنية، قال المعادلة البسيطة كالنصل:

"الوطنية إنو تكون ضد إسرائيل". هذه هي. أي ضدّ إسرائيل وما تُمثِّله، وما تعكسه، وما تؤدي إليه، وما أتت منه. أن تكون ضدّها في كل هذا وأبعاده.

وضدّ الولايات المتحدّة الأميركية أيضاً، التي كتب فيها باللهجة المصرية هذه المرّة، أغنية أنشدها عازف العود ومؤسس فرقة "إسكندريللا" حازم شاهين:

"أمريكا مين؟ شياطنهم.

وعرب الباقيين؟ ثعابينهم.

ودولا التانيين؟ بجهلهم.

ياه، يا شباب، يا شباب.

ودة مجلس أمن؟ حاكمهم.

من عشرين قرن؟ ونيّفهم.

وأصحاب الشأن؟ ناطرينهم.

ياه، يا خرابي، يا شباب.

اطلب يا عبيط.. واتمنّى.

ناقِصنا خَبيط، يا بدَنّا.

ودول الشرا*يط. فاهمينا.

ياه، يا هواي يانا ياه(...)"

عن الفقر، عدو الاشتراكي الأول، كتب نصاً طويلاً بديعاً، ألقاه على خشبة المسرح صديقه الراحل رضوان حمزة، بعض ما جاء فيه:

"قالوا لنا وقالوا لغيرنا، ووصّلوا لنا، بإنو "خلصونا ولوه من سيرة الفقر والتعتير. لا في فقر ولا في تعتير بهالبلد." إنما الحكي مش متل الشوفة. والشوفة مش متل العِصي. واللي عم بيعدّ العصي مش متل يللي آكلها. في ناس بتملّ إذا في كلّ يوم قصة فقير. إنو لازم يا خيي فقير واحد يكون. ويمكن هالعالم حقّهم يملّوا، قد ما صار في ناطقين باسمهم، باسم الفقراء، بالفن والإذاعات (...) ما الفقر، يحرق دين هالفقر، شو بتخسر اذا بتحكي عنه، طالما مش رح يوصلك؟ طالما حاسس بكنباية (كنبة) عريضة تحتك، بتساع خمسة قدّك، انتَ وعم تحكي عنه... الفقر بيطلّع حكي لذيذ. مش معقول. بس تعال شوف الفقر قديش مش حلو(...)

بس ما تخافوا. بطمّنكم. طالما في فقر، بدّو يضل يدق عليكن. وهو شخصي، مش التقليدمش لمّة بالكنيسة ولا جمعية عاملة حفلة للمحتاجين، ولا بدار الأيتام بأحسن حفلة تبرّع رح تحلّ مشكلته.

بدّو يضلّ الفقر يدقّ عمخوخكن ويطنّ وترنّ، لأنو فاضية متل أحسن نوع بطيخ.

طيب ضروري إذا صبيّة مثل القمر، ساكنة بحيّ السلّم[4]، لأنّ هونيك خلقوها، ما تقدر تستفيد من مستحضرات "لودر"؟ إنو هيي يعني وجّها غير وجّ؟ (...) ضروري هيي تحطّ عوجها كل شي تقليد أو تهريب أو "ستوك"؟ ضروري هيي تجرّب بوجهها؟ مش حرام؟ ما وجّها حلو. وحدُه حلو. لو بتقتنع هيي ما تحطّ شي. يا ريت."

وفي الأغنيات؟ هناك الكثير الكثير.

لفيروز لحّن وكتب ووزع تحفاً يتطلب الحديث عنها صفحاتٍ طوال، كما وضع موسيقى تصويرية خلابة لأفلام مخرجين كبار، أبرزهم الراحلة رندة الشهال التي اشتغل موسيقى فيلميها "طيارة من ورق" و"متحضّرات، ووضع موسيقى فيلم "عائد إلى حيفا" للمخرج قاسم حول، كما موسيقى فيلم "وقائع العام المقبل" للمخرج سمير ذكرى. وتطول اللائحة إلى ما لا نهاية.

نختار هنا نشيد الأممية، الذي صار نشيد الحزب الشيوعي اللبناني الرسمي، بكلامه ولحنه، لكي نحاول من جديد الإجابة عن شيءٍ من سؤال هو أعقد مما يبدو عليه: "من كانَ زياد؟".. هذا هو..

"نحن بيرق جامع كل الشعوب

شرقية، غربية، شمال، وجنوب.

نحن الجيش الباقي بعد الحروب

نحن اللي بتاكلنا النار

نحن اللي واجهنا نار وبارود

نحن اعطينا القايد اسم الخلود

حتى يبقى القايد ماتوا الجنود

ماتوا بحرب الاستعمار.

مش رح نبقى عبيد، إلنا مِيّة هوية

بوحّدنا النشيد، بتجمّعنا التحية

ياعهد الأممية، تحية تحية.

نحن ما منآمن إنو في لون،

نحن بنفس المعوَل عمّرنا كَون

يا لْ إسمك رفيقي، لاقيني هون

إيدي بإيدك ليل نهار.

كل الأرض إلنا، كل الورود

نحن ما بتفصلنا أيّ حدود

نحن السيل الجايي يوفي الوعود

هنّي قلال، ونحنا كتار.

مش رح نبقى عبيد، إلنا مية هوية

بيوحّدنا النشيد، بتجمّعنا التحية

ياعهد الأممية، تحية تحية".

في أغنيته المهداة "إلى الزعيم الوطني اللبناني"، الساخرة من الزعماء الطائفيين لهذا البلد، بعنوان "بهنّيك" (أهنئك)، يخبرنا زياد لماذا يسجل الأغاني ومع مَن يتكلّم.. اليوم ننصت.

"للخلايق، للعِباد

للمستقبل في البِلاد،

للْ بيسمّوها "حريّة"

عمْ سجّل هيدي الغنيّة

يمكن عُمري يخلص قبلَك

وعُمري كلّو ما يكفّيك".

______________________

نشكر الله، لدينا بيانو / نستطيع أن نكسر أقدامه / لا تقلقوا بشأنه / ولا يوجع لكم قلباً

في مقابلة لجريدة الأخبار

بمناسبة 13 نيسان، ذكرى الحرب الإهلية اللبنانية واليوم الوطني اللبناني للذاكرة

أحد الأحياء الشعبية التي تحوي مساكن عشوائية في الضاحية الجنوبية لبيروت

 

السفير الإلكترونية في

31.07.2025

 
 
 
 
 

زياد الرحباني:

هل نشر مُكرَهاً ديوانه "صديقي الله"؟

محمد حجيري

"إن لم أكن فرِحاً/ لا أستطيع أن أصلي/ ما مِن مرةٍ صليت/ إلا وفي قلبي عصفورٌ يلعب/ وغصن يلوح"

كثر لا يعرفون أن الفنان زياد الرحباني الذي سخر في إحدى مسرحياته، من الشعر بقصيدة تهكمية تقول: "هوت سنونوتي على الرماد/ تناثرت صورًا/ وأوراق اعتماد/ كانت الساعة/ الرابعة وقتئذ/ وكنت أحادث/ التنين في أسفل الواد"(*)، هو نفسه، وقبل أن يسلك طريق الموسيقى والجاز والبيانو على نحوٍ محترف، كتب ديوانًا شعريًا بعنوان "صديقي الله" في سنوات طفولته.

لكن ما قصة هذا الديوان، وهل نشره زياد مُكرهًا، أم إنها بلبلة الحكاية؟ يقال إن عاصي الرحباني اكتشف القصائد ونشرها في جريدة "النهار" تحت عنوان "صديقي الله" من دون علم زياد، الأمر الذي أحرجه كثيرًا في مدرسة "سيدة الجمهور" بين زملائه. ثم أصدر عاصي القصائد في كتاب على نفقته في أب 1971، مع تقديم للكاتب يقول بكثير من الاقتضاب: زياد الرحباني ولد في انطلياس العام 1956، يتابع دروسه في مدرسة السيدة، الجمهور، وسجل هذه الكتابات سنتي 1967، و1968. وقال زياد لمجلة "الشبكة" (عدد 814 بتاريخ 30 آب 1971): "لقد شاهد والدي ما كتبت وصحح بعض الأخطاء، وأطلع بعض الأصدقاء على إنتاجي فشجعوني على النشر". وكتبت "الشبكة": "زياد هو الغرسة البضة في أرض الرحابنة،... يتابع دراسته في مدرسة الجمهور، بارع في مادة الإنشاء، متوسط في باقي المواد، ولا يتوقف عن ممارسه هوايته الموسيقية حتى في أيام الدراسة". وذكرت المجلة أن زياداً يحبّ قراءة الشعر القديم والحديث، ويحب شعر سعيد عقل، ويقرأ طاغور... وأصدر منذ أيام كتابه من الشعر المنثور، وهو "محاولات طفولية تبشر بالخير"، وفيه يعرّف زياد الله بأنه "الضمير، هو المحبة". 

شيء ما يذكرني، في الوقت الذي أبحث فيه في طفولة زياد، بطفولة بشير الجميل وعلاقته بوالده بيار الجميل، ووالدته جينفياف، وتمرده و"أسطورته"، وبحثه عن عالمه. وهما، أي بشير وزياد، شخصيتان قابلتان لتدبيج الكثير من الحكايات، وليس غريبًا أن يكتب إيلي خوري مؤسس موقع "ناو" في وداع زياد "كنت قلّك بَطَل لبنان لازم يكون نصف بشير ونصف زياد".

جملة من التفاصيل حصلت مع زياد في عمر المراهقة، ومن بينها أنه وقف وهو في الرابعة عشرة من العمر متحديًا والده معلنًا رغبته في الانضمام إلى حزب الكتائب اللبنانية، صارخًا في وجه عاصي: "أنا كتائبي وحاسس هالشي بدمي وأنه بموت من أجل بيار الجميل (الأب)".، فما كان من والده إلا أن نصحه بجمع البزاق في يوم ذلك اليوم الماطر، ويشمّه ويشمّ الوطن

وفي كتابه "هات العمر من الأول"، يروي المسرحي الراحل أسامة العارف، أنه حين زار عاصي ومنصور في أواخر الستينيات في مكتبهما في حرج بدارو للتعرف اليهما، "أصرّ منصور على إنهاء اللقاء بتقديم كتاب صغير بغلاف أصفر، هو ديوان من تأليف زياد بعنوان "صديقي الله"، ثم صاح بزياد مستدعيًا إياه للتعرف إليّ أو تعريفي به، فأتى فتى في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمره يتعثر بمشيته، خجول في طلعته، وسلّم بسرعة وعاد إلى الغرفة من حيث أتى، هذا الأسلوب في طباعة نص شعري وهو مراهق وتعريف الناس إليه بوصفه شخصا متفردًا غير عادي، لا أعتقد أن زياد كان يريدهما، بل أُُكره على القيام به، وهو شيء لم أعرفه إلا عند حضوري مسرحية "شي فاشل" حيث يقوم أحد الممثلين بتجسيد شخصية العم منصور في تقديم قريبته الواعدة إلى إحدى الصحافيات والإشادة بعبقريتها في تعبير ساخر من زياد عما كان يقوم به الأخوان رحباني من تقديم لمن أعدوه للدوحة الرحبانية"... 

وفي أكثر من مقابلة يتحدث زياد كيف تمكن من الهرب من سلطة البيت وهو بعد في الرابعة عشرة من عمره، وكانت الخلافات بين فيروز وعاصي لا يمكن احتمالها، مناوشات يومية وعلاقة تشوبها غيرة الأب السليط اللسان: "كان يكفي أن يندمج أحد الحاضرين مع جملة غنائية تؤديها فيروز، وأن يعبّر عن إعجابه بعبارة مثل "الله الله"، لتتحوّل الليلة إلى كابوس مزعج لـ"جارة القمر"، رغم أنها لم ترتكب ذنبا" (بحسب موقع الجزيرة). تلك المناوشات، التي خيمت على علاقة والديه، دفعت زياد المراهق إلى الهرب من بيت الرحابنة، الذي كان يعجّ بالمسرح والشعر والموسيقى، إلى بيت صديقه ورفيق مسيرته الفنية جوزف صقر بحثًا عن ملامح مسيرته الخاصة.

وبالعودة إلى كتاب "صديقي الله"، فهو يتضمن 49 نصاً، ويمتد على 71 صفحة، وفي القصيدة الأولى يتحدث طفل عن إطفائه شموع السنة السادسة من عمره، فيقول:

أﻧﺎﺻﻐﻴﺮ وﻟﺴﺎدس ﻣﺮة أﻃﻔﺊ اﻟﺸﻤﻮع

ﻣﺎ أﺣﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻨﺪ ﺳﺎدﺳﺔ إﻃﻔﺎءة ﺷﻤﻮع 

ﻣﺎ أﻋﺮف؟ ﻻ أﻋﺮف ﺷﻴﺌًﺎ 

ﻻ أﻋﺮف إﻻ أّن ﻟﻲ ﺑﻴﺘًﺎ ﺑﺠﺪران

ﺳﺮﻳﺮًا وﺻﻮرﺗﻴﻦ  ﺧﺒﺰًا وﻣﺎء 

والقصيدة الثانية يتحدث فيها زياد عن صديقه الله، حيث أخبروه بأن الله معه في كل مكان وكل وقت:

وﻗﺎﻟﻮا ﻳﻮﻣاً: إن ﷲ ﺻﺪﻳﻘﻲ

ورﺣﺖ أﻓﺘﺶ ﻋﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ

ﺑﻴﻦ اﻟزهور، ﻓﻲ اﻷﺣﺮاج، ﻓﻲ اﻷﺷﺠﺎر

وراء اﻟﺼﺨﻮر اﻟﻤﻮرﻗﺔ، وﺧﺎﻓﺖ ﻣﻨﻲ اﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ وهربت

ﺗﺮى ﺻﺪﻳﻘﻲ كاﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺧﺎف ﻣﻨﻲ وهرب؟ 

وﺳﺄﻟﺘﻬﻢ؟ ﺻﺪﻳﻘﻲ هل ﻳﺨﺎف؟ 

ﻗﺎﻟﻮا: يخاف أﻻ تحبه!

وﻗﻠﺖ: أﻳﻦ هو؟ 

وﻗﺎﻟﻮا: ﻓﻲ كل ﻣﻜان!

يخاطب زياد الله ويناجيه كأنه أمامه وأحيانًا يناديه للعب، إذ يقول:

إن لم أكن فرِحاً

لا أستطيع أن أصلّي

ما مِن مرةٍ صليت

إلا وفي قلبي عصفورٌ يلعب

وغصن يلوح

يخاطب زياد صديقه ويقترح عليه أن يأتي لسرقة الأحراج، لكنه ينصحه أن يأتي قبل موسم الشتاء وإغلاق الطرق:

إذا جئت يا صديقي، فنذهب إلى الأحراج

نذهب إليها نسرقها، نقول إنها لنا، لي ولك

لا أحد يسمعنا، إذا أردت أن تأتي فتعال

قبل الشتاء، في الشتاء طرق المجيء مسكرة

وطرق السفر يقف عليها أناس كثيرون

لا يبكون، لا يضحكون، إنهم مسافرون 

وعصافير تنتظر موكب الريح

بعد ذلك يعبّر زياد الرحباني فى أكثر من قصيدة عن عدم حبّه للذهاب إلى المدرسة:

يوم أذهبه إلى المدرسة أحسه سفراً يا أمي

وتتجلى علاقة زياد بوالديه في مقطع يقول فيه

كيف أُفهمك يا عصفور قفصنا، إنني أنا غير أهلي، لا أحبّ أن أقتني لا أقفاصًا ولا عصافير.

في النص السابع، يلاحظ قارىء المجموعة أن صورة الأم تتشكّل الأم كمرافقة وجودية، لكنها أيضًا عاجزة عن حماية المعنى من الضياع:

قالت أمي: سنذهب معًا، خذ السلة

وأنا لا فرحة لي أكبر من أن أحمل السلة

مشينا، السماء سكرت من لونها الأزرق، ولبست لونًا رماديًا

ونزلنا إلى الجلالي علّنا نجد عنبًا

ووجدنا عنقودًا واحدًا، والريح تسقط حبوبه واحدة بعد واحدة.

وفي النص الحادي والعشرين، يقول:

لو عددتُ ضحكات أمي لي

لرافقتني طوال صعودي

ووقعتْ من بعدي الضحكاتُ على الدرج

وأزهرت زهراً

ثمة نقّاد لاحظوا غياب والد زياد في كلماته إلا في قصائد معدودات، في الوقت الذي نجد حضور طاغيًا لوالدته، والتي عبرها يكتشف العالم ويتحسس تفاصيله، يسألها دائمًا ويحكي لها ما يراه ويشعر به. وثمة من قال إن زياد انتبه لاحقًا إلى أنّ أكثر الأفكار التي كتبها موّجهة إلى أمّه، لكنه لم يتنبه إلى أن الله صديقه الذي خاطبه في هذه القصائد هو أبوه.

لفتت هذه النصوص الانتباه إلى موهبة أدبية واعدة، كانت تُبشر بولادة شاعر متمكّن، لولا أن اختار لاحقًا تكريس طاقته بالكامل للموسيقى والتأليف المسرحي. وهل ابلغ من قوله: "صرت أخاف أن اطيل النوم، كي لا يذهب الجميع وأبقى وحدي"؟

وكتب الناقد إبراهيم اليوسف: "وحيث أن الديوان لم يُنشر كما يجب، وغابت عنه القراءة النقدية، فلا بد من إنصافه بوصفه واحدة من أكثر التجارب النثرية صدقًا وتفوقًا في بيروت الستينيات، في مناخ كان يُنتج فيه الكبار قصائدهم ويعيدون هندسة اللغة. غير أن هذا الصبي أتى بلا إعلان، كتب وذهب، وترك كتابه شاهدًا. ومن هنا فإن ديوان "صديقي الله" ليس توثيقًا لصوت طفل، بل بلاغاً شعرياً عن عجز العالم وعبقرية الصمت. بهذا، يثبت أن الشعر الحقيقي، خارج بروتوكولاته وشروطه المسبقة لا يُقاس بالسنوات، بل بقدرة المفردة على أن تسكن بيتاً فيه سرير وصورتان وخبز وماء، لا غير".

_________________________________________
(*)
قصيدة "هوَت سنونوتي" في مسرحية "بالنسبة لبكرا شو":

هوت سنونوتي على

الرماد
تناثرت صوراً

وأوراق اعتماد

كانت الساعة

الرابعة وقتئذ

وكنت أحادث

التنين في أسفل الواد

تأخر القطار

وتأخرت عن عرس الفحم

ولكني مهما مهما

سأنجب لك ولداً

أخضر يا سنونوتي

وأبعثه عميقاً في

البلاد

كالنعناع أبغضكم

وكالزوفى
كمشاعر اليانسون

العادية جداً على رصيف بحيرة المجد

إنها أوهام مضادة

للطائرات

زفّ النسيم ما

بين دجلة والفرات

كدت أن .. ولكن

.. وسقطت

من سقطت؟ هذه

نفرتيتي

سقطت نفرتيتي..

سلي الجيَّف يا

سنونوتي الكحلية

وتوقفي في جسدي

عند تقاطع السكك الحديدية

….

يا راكباً زمن

الليمون

حوّل

وكلما نهشك القرن

العشرون بّدل

وتنصت إلى هديل

الموج في ازدحام المتوسط عجّل

إني أرسل عبر

جهاز اللاسلكي

بعضاً إليَ

وبعضاً لألكِ

متعاقب أنا

متعاقب أنا في

أصل الصورة

عاهدت اللوز

والأشياء الأُخر

بأنني على قرميدك

المهزلة
سأمتطي

أمتطي…..أين

أمتطي؟

متعاقب أنا فيك

.. يا أينك

يا أينك من أصل

الصورة

تسكنني

اللامركزية

يا أينك يا بهية

هل ضاجعك الهاتف

وسط الرياح المنافقة؟؟

اخلعني عني يا

فجر المسامير وأغرق

أغرق بعيدًا في

أصل الصورة

إنها المهزلة

الأخيرة

ساورتني شكوك

الصوف

ساورتني شكوك

الصوف وكان هيلاسيلاسي جاثماً على باب المستودع

مهلاً زهرة

الناريت ..

أبرق لهم وقل لهم

حذار زهرة الناريت

حذار شكوك الصوف

معذور أنا أفلا

تعذريني؟

أفلا تعذريني بعد

أن سقطت حتى الأزل

ولم تزل تسقط حتى

الريش

صورة الأصل من

أصل الصورة

أخلع عنك هذه

السلاسل المشبوهة

فإن اللون السابع

بعد الألف أورجواني

ثديك الحبق عبق

أيا نهلة

مدّ وجزر بات

الورى يا مرحباً أهلاً وسهلاً.

 

المدن الإلكترونية في

31.07.2025

 
 
 
 
 

السياسة تغني أيضاً

سوسن الأبطح

كثيرون تساءلوا عن سبب الحزن البالغ في لبنان لوفاة زياد الرحباني، وقبلها كان استهجان للجنازة الشعبية الجامعة للراحلة صباح، والألم الذي لف لبنان عند رحيل وديع الصافي وعاصي ومنصور الرحباني. قد يكونون محقين. من الخارج، تتعذر رؤية العلاقة العضوية بين اللبنانيين وأغنياتهم، أو الناس وفنانيهم. فهؤلاء أو بعضهم شركاء فعليون في صناعة الهوية اللبنانية المرتجاة، الوطن المشتهى، تعايش رغد، من دون قذائف وانقسامات وتهديدات.

هؤلاء بأغنياتهم، هم المؤرخون والمؤرشفون والناقدون والمصورون لما سيكون عليه لبنان «الرسالة» كما وصفه ميشال شيحا، «نموذج الدولة التعددية» المتسامية على صغائر الطوائف، «البلد الجسر» على مفترق الحضارات.

قاوم مضطهدو نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بالأغنية، وفي تشيلي قاد فيكتور خارا وفيوليتا بارا حركة غنائية جديدة رافقت النضال الشعبي بعد الانقلاب العسكري، وفي مصر كانت أم كلثوم صوت عبد الناصر ونبضه العاطفي، وانضم عبد الحليم حافظ بما له من شعبية إلى الشادّين عضد النظام الناصري. واشتهر في أميركا بوب ديلان بأغنياته الاحتجاجية المباشرة خلال حرب فيتنام، وانتقد روجر ووترز السياسات الأميركية الخارجية. وفي العالم العربي كان العراق مثالاً على نمو الأغنية السياسية التي انقسمت بين موالية ومعارضة للنظام. لكن العلاقة بين السياسة والأغنية في لبنان، تبدو كأنها ذات طابع فريد، لأنها استطاعت أن تكون سجلاً أميناً للمحطات المتعاقبة، حتى يمكنك أن تؤرخ لعمر البلد الصغير من خلال الأغنيات التي جاءت رداً، واحتجاجاً، وتصويراً لقرن من المحن. وكان لبرنامج «صاروا مية» التلفزيوني عبقرية أن يعيد استذكار المفاصل الكبرى، لمائة سنة من عمر لبنان الكبير من خلال الريبرتوار الغنائي، مع ربط كل أغنية بالحدث الذي رافقته.

غاب ذكر الفنان الكبير عمر الزعني، لكنه كان مصوراً بالكلمات، وناقداً لاذعاً للحياة الاجتماعية، أغنياته تشبه أفلاماً تسجيلية فيها الشخصيات المتنوعة، والسخرية والمرارة معاً. عايش العثمانية وبقي يطلق مونولوجاته إلى ما بعد الاستقلال مازجاً بين الطرب والتهكم: «بدنا ندفع عالكراسي، حتى الهوا صار مفروض عليه رسم نقاسي».

الأخوان رحباني معهما تبلورت التجربة ونضجت. تحولا مع فيروز إلى مؤسسة تولد من رحمها الأغنيات منفردة، أو في الأفلام والمسرحيات. حتى صباح التي ينظر إلى إرثها بشيء من الخفة قدمت في أغنياتها وجه لبنان الذي لا يعرف العبوس ولا الحزن. كلٌّ تفرد بأسلوب وطعم وتصوير جزء من الحلم المنشود، لكنهم معاً غنوا حكاية الوطن المثالي، الذي يراد له أن يكون.

عندما انقسم اللبنانيون خلال الحرب الأهلية، وتذابحوا، كانت المنطقة كلها في سلام، بدوا كما المجانين في واحة الوئام، وصار لكل فئة أغنياتها، التي تصور فيها لبنان على طريقتها. لكن الغريب أن هذه الأناشيد الحزبية، عادت وبدت كأنها تشبه الجموع ولا تفرق بين فئة وأخرى.

ثمة حرص دفين عند صانعي الأغنيات على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس حتى أولئك الذين يختلفون معهم. هذا ما جعل كلمات الأغاني أقرب إلى التورية والترميز، مع غياب أي قمع حقيقي، يمكن أن يصادر أو يمنع. هي الرقابة الذاتية، والرغبة الداخلية في أن يكون أي عمل له وجه وطني يتماهى معه أي مواطن، بمجرد سقوط المتاريس.

بعد انتهاء الحرب الأهلية في التسعينات خفتت الرومانسية وقصص الحب البريئة، وعلت نبرة الكلام عن الفقر، وهموم الناس، والغضب، والفساد.

عادة ما تكون الأغنية المرادفة للحدث السياسي، مرتبطة بلحظة معينة، انقلاب، ثورة، نظام بعينه، لكن الأغنية اللبنانية، هي عكس ذلك كله، هي أنشودة تحاول أن تتكلم بصوت الجموع، أن تترجم تمنياتهم، تطلق صوت ضمائرهم، تصرخ بحناجرهم، تحاول أن تسدّ الفراغ المؤسساتي، تكون بديلاً عن الحكم المقتدر الغائب، لا، بل جاءت لتكشف عورة الأحزاب، وتخلف الفكر العام، وتعوض الخسائر برفع المعنويات، وتمجيد الوحدة المفقودة، والاستقلال المنقوص.

هكذا كان يجوب وديع الصافي بلاد الاغتراب للقاء ملايين اللبنانيين ويغني «يا ابني بلادك قلبك اعطيها وغير فكرك ما بيغنيها، إن ما حميتها يا ابني من الويلات ما في حدا غيرك بيحميها»، فتنسكب الدموع من المآقي، ويشتعل الحلم بالعودة إلى الديار لصونها ورعايتها.

الأغنية في لبنان ليست مجرد أغنية، هي مرجع، منبع، ذكريات، حنين، هي المتنفس في الحروب، والخلاص الوحدوي عند الفرقة، والسلام الداخلي في لحظات العنف، والكلمة الذكية الحكيمة، حين يستشري الجهل ومحدودية الأفق.

قد يقال إن دور المثقف قد انتهى وجاء زمن المؤثرين. لحسن حظ اللبنانيين، أنه لا تزال لديهم مراجع فنية، هي تتضاءل، ترحل ولا تعوض، لكنهم يتمسكون بآخر حبال التضامن، بالفن والأغنية والشعر والموسيقى واللوحة. وإذا كانت الأغنية هي الأسرع في الوصول إلى قلوب الناس، فإن باقي الفنون تتعاضد كلها، لتشيّد وطناً جامعاً، جميلاً، يعيش فيه اللبنانيون، يحلمون ويستريحون، قبل أن يستفيقوا على واقعهم الجهنمي.

 

الشرق الأوسط في

31.07.2025

 
 
 
 
 

النغمات توقفت حزنًا..

يوسف الحسيني يستعيد لقاءاته مع زياد الرحباني قبل رحيله

 هدى زيدان

رثى الإعلامي يوسف الحسيني الموسيقار اللبناني الكبير زياد الرحباني بكلمات مؤثرة، مستعيدًا ذكرياته معه في لقاءين جمعاهما قبل سنوات.

وقال الحسيني، في تغريدة له على حسابه بمنصة "إكس": " قابلت زياد رحباني مرتين؛ الأولى في مطعم ورد في بيروت مع والدي رحمه الله قبل ان أكمل الـ20، الثانية في نفس المطعم بعد صدور العدد الأخير من صحيفة السفير".

وأضاف الإعلامي يوسف الحسيني ناعيًا: "لموت زياد توقفت النغمات حزناً و لو لحظات قصيرة  مختطفة من زمن ردئ.. لموت زياد مرارة في نفسي عالقة بروحه التي صعدت إلى السماء".

في سياق آخر، أشادت الإعلامية لميس الحديدي بحضور السفير المصري بلبنان، علاء موسى، في مراسم عزاء الموسيقار اللبناني الكبير زياد الرحباني، الذي أقيم في كنيسة سيدة الرقاد بكفيا، حيث قدم واجب العزاء إلى والدته الفنانة القديرة فيروز، التي عبرت في حديثها مع السفير عن حبها العميق لمصر.

ونشرت لميس الحديدي عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك صورة تعكس مشاهد العزاء، وكتبت: "فيروز: أنا بحب مصر.. لليوم الثاني تستقبل السيدة فيروز العزاء في نجلها الأكبر الموسيقار زياد الرحباني في كنيسة سيدة الرقاد بكفيا.. نفس المكان الذي أُقيم فيه قداس الجنازة بالأمس. فيروز تجلس بنفس الصمود والصلابة رغم الحزن، تستقبل المعزين، وكان من بينهم عدد كبير من الرسميين والسفراء والفنانين".

مصر قلب الفن العربي

وأضافت لميس: "سفيرنا المصري النشط في لبنان، السفير علاء موسى، قدم واجب العزاء لجارة القمر، وكيف لا، ومصر هي قلب الفن العربي، وعلاقة مصر بفيروز والرحبانية موسيقيًا وشعبيًا لها تاريخ وحكايات. وهي التي غنت لعبد الوهاب وشدت 'مصر عادت شمسك الذهب'. سألت السفير موسى هل قالت لك أي شيء؟ أجاب قالت لي كلمتين فقط: 'أنا بحب مصر'.

وتابعت: "وهكذا، في قلب الحزن، وفي خضم الألم، تذكر فيروز حبها لمصر. ومصر سيدتي، والمصريون جميعًا يعشقون فيروز ويحفظون أغانيك بكل أشكالها، يتألمون لألمك ويدعون لك بالصبر والقوة ولزياد بالرحمة. مصر سيدتي تحبك".

تجسد هذه اللحظة الإنسانية والروحية المتشابكة بين مصر ولبنان عبر الفن، والتي تعكس عمق الروابط الثقافية والتاريخية بين البلدين، وتؤكد المكانة الكبيرة التي تحتلها فيروز في قلوب العرب جميعًا، ومصر على وجه الخصوص.

 

نيوز روم المصرية في

01.08.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004