"فرانكشتاين"
اقتباس سينمائي جديد لرواية الإنجليزية ماري شيلي
البندقية (إيطاليا)
الفيلم يوصف بأنه يقدّم رؤية بصرية شعرية تسلط الضوء على
الوحدة، والرفض، والسؤال الأزلي عن معنى الخلق والهوية.
أطلق المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو السبت من مهرجان
البندقية السينمائي فيلم “فرانكشتاين” ذا الموازنة الضخمة، مشيرا قبيل عرضه
العالمي الأول إلى أنه كان يحلم بإخراجه منذ الصغر.
والفيلم محاولة حديثة لتصوير الرواية الشهيرة “فرانكشتاين”
للكاتبة الإنجليزية ماري شيلي (1797 – 1851) التي تروي قصة فيكتور
فرانكشتاين، وهو عالم شاب يخلق مخلوقا غريبا عاقلا في تجربة علمية غير
تقليدية. وتعد هذه الرواية مثالا مبكرا لروايات الخيال العلمي. وكان لها
تأثير كبير في الأدب والثقافة الشعبية وأنتجت نوعا كاملا من قصص الرعب
والأفلام والمسرحيات.
وسبق لديل تورو أن فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان عام 2017
عن مخلوق آخر وُلِد على شاشات البندقية هو الكائن المائي في فيلم “ذي شايب
أوف ووتر”
The Shape of Water
الذي نال عنه أيضا الأوسكار.
ويسعى فيلم ديل تورو المقتبس من تحفة الكاتبة ماري شيلي إلى
الفوز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، وهو من بين
الأعمال الـ21 المتنافسة عليها.
وقال ديل تورو في مؤتمر صحفي قبل ساعات على عرض الفيلم
السبت “كنت أتابع هذا المخلوق منذ صغري”.
وأضاف “انتظرتُ دائما أن تتوافر الظروف المناسبة لإنتاج
الفيلم، سواء من الناحية الإبداعية أو من حيث تحقيق النطاق الذي أحتاج إليه
لأجعله مختلفا، وأن يُنجز على نطاق يتيح إعادة بناء العالم بأسره”.
وأشار إلى أنه يعاني في الوقت الراهن “اكتئاب ما بعد
الولادة”. ولم يكن من قبيل المصادفة أن يُقام العرض العالمي الأول للفيلم
في ما يُعرف بـ”يوم فرانكشتاين”، وهو ذكرى ميلاد مؤلفة الرواية ماري شيلي
في الثلاثين من أغسطس.
ويُقدّم الفيلم الذي يتولى بطولته أوسكار آيزك في دور
فيكتور فرانكشتاين وجايكوب إلوردي في دور الكائن الذي ابتكره، مشهدا قوطيا
جريئا.
تدور أحداثه في أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر، حيث
يتوجب على الدكتور بريتورياس (كريستوف فالتز) أن يعثر على وحش فرانكشتاين
(جاكوب إلوردي)، الذي يُعتقد أنه توفي في حريق قبل 40 عاما، من أجل مواصلة
تجارب الدكتور فيكتور فرانكشتاين (أوسكار آيزك).
ومن خلال تتبع الفيلم العالم المهووس بكائنه، يستكشف مواضيع
الإنسانية والانتقام والإرادة الجامحة وعواقب الغطرسة.
منذ فيلم “فرانكشتاين” للمخرج جيمس ويل عام 1931 من بطولة
بوريس كارلوف، تعددت الاقتباسات من الرواية.
وتراوحت هذه الاقتباسات بين تلك الجادة مثل “ماري شيليز
فرانكشتاين” عام 1994 للمخرج كينيث براناه، وفيلم ميل بروكس الساخر “يونغ
فرانكشتاين” عام 1974.
ويأتي فيلم “فرانكشتاين” لديل تورو ليقدم تصورا إنسانيا
عميقا لرواية ماري شيلي الكلاسيكية، لكنه يبتعد عن الرعب التقليدي ويركّز
على الجانب العاطفي للمخلوق الغريب، ويوصف الفيلم بأنه يقدّم رؤية بصرية
شعرية تسلط الضوء على الوحدة، والرفض، والسؤال الأزلي عن معنى الخلق
والهوية. بطابع ديل تورو المميز، تظهر الوحوش كضحايا أكثر من كونها
تهديدات، في عالم يبدو أكثر قسوة من المخلوقات التي يدينها. وقد وصف ديل
تورو الفيلم بأنه “قصة عن الحب والتشويه والقبول في عالم غير متسامح”.
ورأى المخرج أن رواية ماري شيلي تحاول الإجابة عن سؤال “ما
معنى أن تكون إنسانا؟”.
وقال في المؤتمر الصحفي “أعتقد أن الفيلم يحاول إظهار
شخصيات غير مثالية وحقنا في أن نبقى غير مثاليين، وحقنا في فهم بعضنا البعض
في ظل أقسى الظروف”.
وأضاف “ما مِن مهمة أكثر إلحاحا من الحفاظ على إنسانيتنا في
زمن يتجه فيه كل شيء نحو فهم ثنائي القطب لإنسانيتنا”.
ويُعرض الفيلم الذي أنتجته “نتفليكس” لوقت محدود في دور
السينما في أكتوبر، قبل أن يُتاح عبر الإنترنت في نوفمبر.
ويذكر أن غييرمو ديل تورو هو مخرج وكاتب ومنتج مكسيكي، وُلد
في التاسع من أكتوبر عام 1964 في مدينة غوادالاخارا، ولاية خاليسكو
بالمكسيك. يُعرف بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الخيال، الرعب، الرومانسية،
والدراما، مع تركيز خاص على الشخصيات “الغريبة” أو “الوحوش”، التي يراها
رموزا للجمال المختلف والإنسانية العميقة. ويعتبر من أبرز رموز السينما
العالمية المعاصرة.
بدأ ديل تورو شغفه بالسينما في سن مبكرة، حيث صنع أفلاما
قصيرة خلال سنوات دراسته في جامعة غوادالاخارا. كما تتلمذ على يد خبير
المكياج السينمائي الأميركي ديك سميث، وأسّس في الثمانينات من القرن الماضي
شركة خاصة بالمؤثرات البصرية. في عام 1993، أخرج أول أفلامه الطويلة
Cronos،
الذي نال عدة جوائز، وفتح له الباب نحو الإنتاج العالمي.
حصل على عدد كبير من الجوائز العالمية، أبرزها ثلاث جوائز
أوسكار، وجوائز من مهرجان كان والبندقية، إلى جانب البافتا، الغولدن غلوب،
وغيرها. يُعد أحد “الثلاثة أميغوس” في السينما المكسيكية إلى جانب ألفونسو
كوارون وأليخاندرو إيناريتو، الذين ساهموا في إبراز السينما اللاتينية
عالميا. |