كوثر بن هنية عن «صوت هند رجب»: السينما تمنح المستضعفين
صوتًا
هيثم مفيد
استُقبلت المخرجة التونسية كوثر بن هنية وطاقم فيلمها،
بحفاوة بالغة ووصلة تصفيق طويلة لا نراها عادةً خلال المؤتمرات الصحفية،
وذلك خلال المؤتمر الخاص بأحدث أفلامها «صوت هند رجب»، المنتظر عرضه مساء
اليوم الأربعاء، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي في نسخته
الـ82.
المؤتمر، الذي شهد حضورًا واسعًا من الصحفيين والنقاد،
افتُتح بكلمات مؤثرة لواحدة من بطلات الفيلم سجى كيلاني، قالت خلالها:
«بالنيابة عنّا جميعًا كممثلين: ألا يكفي هذا؟ ألا يكفي القتل الجماعي،
والتجويع، والتهميش، والتدمير، والاحتلال المستمر».
وأضافت كيلاني: «صوت هند واحد من بين عشرات آلاف الأطفال
الذين قُتلوا في العامين الماضيين. إنه صوت كل ابنة وكل ابن، لهم الحق في
الحياة والحلم والوجود بكرامة، وكل ذلك يُسلب أمام أعين لا ترف. وراء كل
رقم قصة لم تُروَ قط. قصتها عن طفلة تبكي. لا أحد يستطيع العيش بسلام بينما
يُجبر طفل واحد فقط على التوسل من أجل البقاء».
الفيلم، الذي تولت كتابته بن هنية أيضًا، يستخدم تسجيلات
صوتية لهند رجب ومتطوعي الهلال الأحمر الذين تلقوا مكالمة طوارئ وحاولوا
إبقاءها على الخط لاستدعاء سيارة إسعاف. كانت هند وعائلتها يفرون من مدينة
غزة عندما قُصفت سيارتهم، مما أسفر عن مقتل عمها وعمتها وثلاثة من أبناء
عمومتها. تُركت الفتاة في السيارة لساعات وهي تتحدث هاتفيًا مع جمعية
الهلال الأحمر الفلسطيني أثناء محاولتهم إنقاذها. عندما وصلت سيارة إسعاف –
حصلت على تصريح من الجيش الإسرائيلي – إلى السيارة، عُثر على هند والمسعفين
متوفين.
عندما سُئلت كوثر بن هنية عمّا إذا كان انضمام عدد من نجوم
هوليوود، مثل: براد بيت، وخواكين فينيكس، وروني مارا، والمخرج ألفونسو
كوارون، إلى الفيلم كمنتجين تنفيذيين، سيُظهر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو «يخسر الحرب الثقافية» في هوليوود، قالت المخرجة التونسية
إنها تأمل أن يكون ذلك «مؤشرًا على تغيّر الأمور».
وأضافت بن هنية: «لقد رأينا أن الرواية السائدة حول العالم
تُصوّر موتى غزة كضحايا جانبيين. هذه إهانة للإنسانية. ولهذا السبب، تُعدّ
السينما والفن وجميع أشكال التعبير الأخرى بالغة الأهمية – لمنح هؤلاء
الناس صوتًا ووجهًا».
وأكملت أنها هنا لدعم الفيلم، وأنها سعيدة جدًا بذلك: «لم
أتخيل يومًا أن يتحقق ذلك، لذا أنا ممتن جدًا لدعمهم».
بالنسبة لبن هنية، فقد زعمت أن جزءًا من «واجبها» في إخراج
فيلم «صوت هند رجب» نابع من رؤيتها كيف «تم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم
في الإعلام الغربي». وقالت إنها أرادت «إنصاف هؤلاء الناس»، لكنها أضافت
أنها غالبًا ما تشعر، كمخرجة، أن الأمر دون جدوى. «في بعض الأيام، عندما
أشعر باكتئاب شديد، أسأل نفسي: ما الفائدة من صناعة الأفلام؟ لكنني أعتقد
أنها مهمة». هكذا علقت المخرجة التونسية.
وعند سماعها تسجيلات هند للمرة الأولى، قالت بن هنية أن أول
فكرة طرأت في بالي هو عمل فيلم تسجيلي، ولكن كان هناك شعورًا آخر يتجاوز
ذلك الحد، كان شعورًا بالغضب والعجز. وأضافت: «لم أشعر بالراحة للفصل
الصارم بين التسجيلي والروائي، وأرى أن دور السينما أكبر من ذلك. لذا، كان
عليّ التقاط وجهة النظر الصائبة لرواية هذه القصة».
من جانبه، قال الممثل معتز ملحيس، أنه مر بتجارب مشابهة في
طفولته. مضيفًا: «أنا من جنين، في الضفة الغربية، لذا عندما كنت في العاشرة
من عمري، عشت هذا النوع من الحياة، مثلما يحدث الآن في غزة». وأكمل : «شعرت
وكأنني عدت إلى طفولتي، لم يكن الأمر سهلًا، شعرت وكأنني متُّ ألف مرة عند
سماع صوت هند».
وأوضح الممثل عامر حليحل، أنه عادةُ عندما يقرأ النص يبدأ
في التفكير في كيفية فهم هضم السيناريو داخل نفسك. في هذا الفيلم «لم نكن
بحاجة لكل ذلك، كان كل شيء بداخلنا لمدة عام ونصف، لذلك عندما تقرأ النص
تشعر بأنه واجبًا وليس فيلمًا. لقد كنا بحاجة إلى هذا الفيلم للتعبير عن
أنفسنا كممثلين وفنانين».
وقالت الممثلة كلارا خوري، أنه بالنسبة لها كان من واجبها
كفنانة أن تروي هذه القصة. «لقد صورنا في الواقع شخصيات حقيقية أيضًا، لذلك
تحدثنا خلال مرحلة البحث إلى أشخاص حقيقيين والأشخاص الذين عملوا في الهلال
الأحمر، كانت المسؤولية تحتم علينا تقديم شيء صادق للغاية». وأضافت أن
الأمر لم يكن تمثيلًا على الإطلاق، ففي «اللحظة التي سمعنا فيها صوت هند،
الصوت الحقيقي لهند، لم يكن هناك ما أمثله بعد الآن، لقد كنت أنا كإنسان
أتفاعل مع صوتها».
وعن سؤالها حول غياب العنصر الصحفي في الفيلم، أوضحت بن
هنية أنه حينما تواصلت مع موظفي الهلال الأحمر كانت مهمتهم في الأساس إنقاذ
هذه الفتاة، ولم يفكروا في التواصل مع أي شخص آخر. وأضافت: «نرى في الفيلم
أنه في مرحلة ما، أصبح الأمر معقدًا، وقالوا ربما يجب عليك اللجوء إلى
وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة، ولكن في الوقت نفسه، إذا ابتعدنا عن
الفيلم، فإننا نعلم أن الأمر أشبه بطلب المساعدة، وأن لا أحد سيأتي حتى لو
قام الصحفيون بتضخيم نداء المساعدة، لذا فهذا ما يحدث بالفعل».
أشارت بن هنية إلى نهاية الفيلم، حيث تحدثت عن كيفية ولع
وحب هند للبحر والشاطيء، وهذه كانت معلومة مهمة اخبرتها والدتها لها. «كما
تعلمون أن هذا الشاطيء يتم التخطيط له لتحويله إلى ريفييرا. وعندما أفكر في
الشاطيء الذي لطالما حلمت به وهند، وكذلك في المشروع، أسأل نفسي حينها ‘في
أي عالم نعيش؟’».
وقال المنتج أمين شيخ روحه، أن التحدي الرئيسي في الواقع
كان صنع الفيلم في أسرع وقت. مضيفًا: «كنا نستعد مع لمشروع آخر وعندما
أخبرتني أنها تريد القيام بهذا المشروع، شعرت بنفس الشيء الذي شعرت به وهو
أنه لا يمكننا البقاء فقط نشاهد ما يحدث».
ونفعل بعض الأشياء الأخرى التي نحتاج إلى القيام بها في هذا
الفيلم وكنا بحاجة إلى القيام بذلك بسرعة لذلك كتبت الثقافة السيناريو
بسرعة وقمنا بتصويره وبالطبع أخبرنا بعض الناس أنه سريع جدًا ولكن كان
لدينا هذا الشعور بالطوارئ بأننا يجب أن نفعل هذا لذا نعم كان التحدي
الرئيسي هو أن نكون قادرين على تصوير الفيلم مع عدد قليل جدًا من الشركاء
ولكن بعضهم كان في البداية وأعتقد أنهم سأسميهم هنا لكنهم كانوا هناك ثم
شيئًا فشيئًا جاء بعض الشركاء الآخرين وقال النحات مع جيم وهذا هنا
وأكمل شيخ روحه: «لقد كانت رحلة طويلة جدًا في تمويل الفيلم
وتمويل مرحلة ما بعد الإنتاج وإيجاد المزيد من المال وعدم توقف المشروع
أبدًا. لأن الفكرة الرئيسية للفيلم هي كما تعلم أننا جئنا من أجل مكان
يتعامل معه الجميع بصمت. لذلك، كان من المهم أن يخرج هذا المشروع ويصل إلى
أكبر عدد ممكن من الجمهور».
أنا آسف لقد نسيت أن أسأل السؤال الثاني كان علي أن أكون
ممثلًا من قبل وكان الأمر كذلك إذا كانت لحظة توقف فيها الاحتراف أثناء
التصوير وبدأ البكاء الحقيقي كمحاولة إنسانية لحظة كانت
وأوضحت سجى كيلاني: «طوال أيام التصوير كان هناك مزيج بين
الواقع والخيال، ثم اختلط كل شيء وبدأ الجميع يبكي كانت الدموع كما تعلمون
تسقط دائمًا كل يوم وفي كل لحظة».
وأكملت كلارا خوري، كنا في مجموعة صغيرة جدًا وكان الجميع
منخرطين في موقع التصوير بأكمله بسبب ما يحدث في غزة والإبادة الجماعية
المستمرة التي لم تتوقف بعد.
وقال مليحس بأنه هذا الصوت الحقيقي أعاده إلى ذلك الوقت
عندما كان طفلاً يكافح من أجل الأمان. «كنت محظوظًا بما يكفي للبقاء على
قيد الحياة والتواجد هنا، كما لو كنت أشعر بالامتياز لوجودي هنا الآن. لقد
أصبت بنوبة هلع أثناء التصوير وكنت محاطًا بالدعم من الجميع أيضًا. كان
الأمر صعبًا لكنها مسؤولية بالنسبة لي كما لو كان يجب أن أفعل هذا». |