ملفات خاصة

 
 
 

عن "فينيسيا" و"نتفليكس":

منصة تفرض أنواعاً وشروطاً ومهرجان يوافق

فينيسيا/ محمد هاشم عبد السلام

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

مُجدّداً، يتعاون "مهرجان فينيسيا" مع المنصة الأميركية "نتفليكس"، بحصوله على إنتاجات جديدة لها، بعد انقطاع تام في الدورة الماضية. هذا يؤكّد ريادة المهرجان في التعاون مع مختلف شبكات البث، مثل "أمازون" و"أبل" و"موبي" و"سوني". بينما تحاول مهرجانات دولية كبرى، حالياً، السير على نهجه، وإنْ بات هذا متأخّراً، فغالبية الشبكات، وأوّلها "نتفليكس"، أصبحت تخصّ المهرجان بأفضل إنتاجاتها الحصرية وأحدثها.

غياب "نتفليكس" عن "فينيسيا" كان مؤقّتاً. تأثرت المنصة باستقالاتٍ عطّلت خطّة الإنتاج، وأدّت إلى تأجيل الجديد. هذا العام، عادت بقوة لتعويض غيابها، وبسط نفوذها، مُقدّمة ثلاثة أفلام في المسابقة: "منزل الديناميت" لكاترين بيغولو، و"جاي كيلي" لنواه بومباخ، و"فرانكشتاين" لغييرمو دِلْ تورو. إضافة إلى فيلمٍ رابع، لكنْ خارج المسابقة: "بعد الصيد" للوكا غوادانينو.

هذا يدلّ على أنّ المنصة لا تزال تعبأ ليس فقط بإضافة مزيد من جوائز "الأسد الذهبي" إلى رصيدها، بل بالمواظبة على الوجود في مهرجان، باتت أفلامه تُرشَّح لـ"أوسكار"، وتحصل على جوائز. يبدو أنّ المنصة، التي لم ينل أي من أفلامها جائزة "أوسكار" أفضل فيلم، تطمح إلى تحقيق هذا عبر بوابة "فينيسيا".

المُثير للانتباه بشدة أنّه، عند مُراجعة أفلام المنصة المعروضة في الدورات السابقة للمهرجان، تتّضح أمور عدة: مُشاركة سنوية بثلاثة أفلامٍ على الأقل، أغلبها في المسابقة؛ رغم إنتاجها مختلف الأنواع السينمائية، يغلب على أفلام "فينيسيا" ثلاثة أنواع: أفلام سِيَر شخصيات عامة (حقيقية أو متخيلة)، ومُخرجين، كـ"روما" (2019) لألفونسو كوارون، و"يد الله" (2021) لباولو سورّنتينو، و"باردو" (2022) لأليخاندرو إيناريتو، و"شقراء" (2022) لأندرو دومينيك، و"مايسترو" (2023) لبرادلي كووبر. في الدورة 82 (27 أغسطس/ آب ـ 6 سبتمبر/ أيلول 2025)، هناك "جاي كيلي".

كذلك، تُشارك المنصة بأفلام إثارة وتشويق لا تخلو من السياسة والراهن: "المغسلة" (2019) لستيفن سودربيرغ، و"أتينا" (2022) لرومان غافراس، وحالياً "بيت من الديناميت" (يُعرض في اليوم الأخير للدورة هذه). إضافة إلى أفلام وحوش ومسوخ ومصاصي الدماء، التي بدأت تُنتجها سنوياً منذ عام 2020، لعرضها على جمهورها، أو في المهرجانات، كـ"الكونت" (2023) لبابلو لارين. هذا العام، هناك "فرانكشتاين".

المُلاحَظ أنّ الرابط بين الأنواع الدرامية الثلاثة حرصها على توليفة تجمع الفني بالتجاري والترفيهي. ثم أنّ الوجود النوعي هذا يطرح تساؤلات حول فرض المنصة نفسها، وفرض أنواع محدّدة، وشروطها طبعاً. فأحد آخر الشروط المعلنة، الذي قاله ألبيرتو باربيرا، المدير الفني للمهرجان، طلب المنصة عدم عرض أحدث أفلام لوكا غوادانينو في المسابقة.

هل تكرار هذه الأنواع السينمائية في المهرجان، في دورات عدّة، مصادفة بحتة، أمْ هناك غاية ما؟ هل يعني هذا أنّ للمنصة خطة مُحدّدة، تهدف إلى إنتاج أفلام معيّنة للمهرجانات أولاً، وإدخال بعضها في المسابقات الرئيسية، واستبعاد أخرى من المنافسة؟ ما تأثير هذا على مستوى برمجة الأفلام في المهرجانات، وعدالة المنافسة؟

أسئلة ستظلّ مطروحة، خاصة في ظلّ الضعف البالغ، والأداء المملّ، والموضوع المستهلك والمتوقع في "جاي كيلي". هل تأدية جورج كولوني دور البطولة فيه، مع آدم ساندلر، بتوقيع مخرج مخضرم مثل بومباخ، يُزيل التعجّب من زجّ فيلمٍ كهذا؟ ما الجديد في تأدية كولوني شخصية نجم سينمائي مشهور، يعاني وحدة وعزلة وانقطاع التواصل الإنساني والعائلي، حتى مع أصدقائه ومدير أعماله؟

لماذا لم يعرض "جاي كيلي" خارج المسابقة، كـ"بعد الصيد"، الذي لا جديد فيه يذكّر بالموهبة اللافتة لمخرجه، إذْ اكتفى بتكرار حبكة سيناريو تطرح مواضيع معتادة، من دون معالجة جديدة مُبرّرة، وببصمة لا تشبه أبداً تقرّبه من السينما الأميركية البحتة؟ مُجدّداً، لعلّ مردّ هذا وجود جوليا روبرتس مع أندرو غارفيلد. فالفيلم يطرح حقائق من زوايا مختلفة، ويتحدّث عن تصادمها، بحبكةٍ عن شكوك حول إساءة وتحرّش الأستاذ الجامعي هنريك (غارفيلد) بطالبة، وعدم وقوف أستاذتها ألما (روبرتس) إلى جانبها. هذا يثير تساؤل عن العلاقة بالنجوم في إنتاجات أفلام المنصة، والاستعانة بمخرجين كبار لتنفيذها حسب الطلب، كما يبدو.

يختلف الأمر مع "فرانكنشتاين"، الذي راود المخرج منذ سنوات طويلة، إلى أنْ حقّقه بالكيفية التي أرادها. لكنْ، أهناك جديدٌ فيه، مع أنّه سيلقى إعجاباً وإقبالاً وإشادة من جمهور المنصة، المتيّم بهذا النوع من الأعمال؟ تساؤل آخر عن ماهية تنفيذ أفلام كهذه، بميزانيات طائلة، وديكورات هائلة، واشتغالات بصرية رائعة ومُكلفة، من دون استمتاع بها على الشاشة الكبيرة. إذْ لا شك في أنّ عرضه على الشاشة الصغيرة سيُفقده جمالاً كثيراً، علماً أنّ هناك تحفّظات تنفيذية على هذه النسخة من "فرانكشتاين".

 

####

 

"صوت هند رجب".. صرخة طفلة من غزة تهزّ مهرجان فينيسيا السينمائي

فينيسيا/ العربي الجديد

في يناير/ كانون الثاني 2024، ناشدت طفلة في السادسة من عمرها تُدعى هند رجب كانت عالقة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص في مدينة غزة، من أجل إنقاذها. لكن الاتصال انقطع مع سيارة الإسعاف الأولى التي حاولت الوصول إليها. وبعد 12 يوماً، عُثر على هند، وخمسة من أفراد عائلتها، إضافة إلى مسعفين اثنين، جثثاً هامدة.

أحدثت هذه القصة، وصوت هند في التسجيل الصوتي المؤلم الذي انتشر حينها، صدىً واسعاً ألهم الأغاني وحركات الاحتجاج، والآن فيلماً جديداً للمخرجة التونسية كوثر بن هنية.

الفيلم بعنوان "صوت هند رجب" (The Voice of Hind Rajab) يُعرض للمرة الأولى الأربعاء ضمن مهرجان فينيسيا السينمائي. وهو وثيقة صادمة عن الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة. تدور أحداثه بالكامل داخل مركز عمليات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. يستخدم الفيلم التسجيل الحقيقي لنداء هند، فيما يؤدي ممثلون أدوار المسعفين.

صرّحت بن هنية لوكالة أسوشييتد برس قائلة: "عندما تسمع صوتها تشعر بالعجز". وكانت ابنة عم هند، ليان، التي كانت في السيارة نفسها، قد أخبرت العائلة قبل مقتلها بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار عليهم. وقال الهلال الأحمر إن قوات الاحتلال أطلقت النار أيضاً على سيارته الإسعافية. وعندما طُلب تعليق من جيش الاحتلال الإسرائيلي، اكتفى بالقول إن "الحادثة لا تزال قيد المراجعة"، من دون تفاصيل إضافية.

وخلال الأيام الـ12 التي تلت فقدان الاتصال بهند والمسعفين، انتشر التسجيل الصوتي بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي. عند الاستماع إليه، شعرت بن هنية – بحسب تعبيرها – بأنها مدفوعة لفعل شيء من أجل الصوت البريء الذي سمعته: "شعرت وكأنها تطلب مني أن أنقذها. أعلم أن ما أقوله غير عقلاني، لأنني كنت أعلم أن المأساة قد وقعت بالفعل. سألت نفسي: ماذا يمكنني أن أفعل؟ وأنا لا أعرف سوى أمر واحد: أن أحكي القصص".

ازدادت قناعتها بعد أن استمعت إلى التسجيلات الكاملة للمكالمات في ذلك اليوم. كان الإلحاح لإنجاز الفيلم شديداً لدرجة دفعتها إلى تعليق مشروع آخر كانت تجهّز له، والعمل بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. "كنت أشعر بحالة طوارئ، وقد نقلت هذا الشعور إلى الجميع"، كما وصفت.

خطوتها الأولى كانت لقاء والدة هند، وسام حمادة، التي منحتها "بركتها" وروت لها تفاصيل عن ابنتها، من حبها للبحر إلى حلمها بأن تصبح طبيبة أسنان. ثم شرعت باختيار طاقم التمثيل، الذي ضم سجى كلّاني، معتز مليس، كلارا خوري، وأمير خليل، مؤكدة أنها أرادت أن يكون الممثلون فلسطينيين.

بالنسبة إليها، كانت النصوص الأصلية موجودة، وما عليها سوى إيجاد لغة سينمائية لتجسيدها. القصة بطبيعتها تحمل عناصر إنقاذ عاجل، مشاعر متفجرة، وتعقيدات بيروقراطية خانقة، لتتشكل درامياً كفيلم إثارة على طريقة هوليوود، لكن من دون نهاية سعيدة. توضح بن هنية: "ما يحدث في هذه القصة وفي غزة عموماً يتجاوز الخيال. لم أكن بحاجة إلى اختراع شيء، وهو أمر جنوني. التسجيل يبدأ بموت ابنة عمها. والآن هناك طفل آخر علينا إنقاذه".

واحدة من قراراتها الأساسية كانت تجنّب إظهار صورة طفلة محاصرة داخل سيارة مليئة بالجثث. فقد أبقت الكاميرا داخل مركز الهلال الأحمر فقط. تقول: "لم يكن يهمّني كثيراً عرض صور الرعب، لأننا نراها في كل مكان على الإنترنت. هذا لا يعني أنها بلا أثر، لكن العالم أصبح متبلداً. شعرت أن الطريقة الأمثل لسرد القصة هي من هذا المنظور. وكأن صوت هذه الطفلة وُضع بين يديّ كشيء مقدّس".

عملية صناعة الفيلم كانت مشحونة بالعاطفة. كثيراً ما انخرط أفراد الطاقم في البكاء، والممثلون بدورهم تأثروا بشدة، إذ تفاعلوا مع صوت هند الحقيقي، ورددوا كلمات تكاد تكون مطابقة لما قاله نظراؤهم في الواقع. تعلق بن هنية: "هم ممثلون عظماء، لكن رد فعلهم أمام هذا الصوت تجاوز التمثيل".

يُتوقّع أن يكون "صوت هند رجب" من أكثر أفلام المهرجان وموسم الجوائز تأثيراً. وبعد اكتماله واختياره لمهرجان فينيسيا، انضم كل من براد بيت، خواكين فينيكس، روني مارا، ألفونسو كوارون، وجوناثان غليزر كمنتجين تنفيذيين. كما اختارت تونس الفيلم ليمثلها في سباق أوسكار أفضل فيلم دولي. تجدر الإشارة إلى أن بن هنية حازت سابقاً على ترشيحين للأوسكار، عن أفضل وثائقي "بنات ألفة" (Four Daughters) وأفضل فيلم دولي عن "الرجل الذي باع جلده" (The Man Who Sold His Skin).

تلقي حرب الإبادة الجماعية في غزة بظلالها الثقيلة على المهرجان منذ بدايته، سواء من خلال الدعوات لاستبعاد ممثلين بسبب مواقفهم، أو أسئلة الصحافة بشأن صلات تمويل بعض الشركات بجيش الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى احتجاج ضخم شارك فيه آلاف الأشخاص في عطلة نهاية الأسبوع.

وبحسب وزارة الصحة، فقد استشهد أكثر من 63 ألف فلسطيني خلال الحرب التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 22 شهراً على القطاع المحاصر. وتؤكد بن هنية أن "مؤسسة هند رجب"، وهي منظمة قانونية مقرها بلجيكا، لم يكن لها أي دور في الفيلم. أما عن التوزيع التجاري في أميركا الشمالية، فلم يُحسم بعد، لكن بن هنية تأمل أن يُعرض "في كل أنحاء العالم". تختم قائلة: "لا أريد أن أفرض على الجمهور ما الذي عليه استخلاصه من الفيلم. فقط أريده أن يشاهده".

 

العربي الجديد اللندنية في

03.09.2025

 
 
 
 
 

مراجعة فيلم | «وصية آن لي» لـ مونا فاستفولد

الألم والنشوة في ملحمة دينية موسيقية

فينيسيا ـ خاص «سينماتوغراف»

في فيلم "وصية آن لي ـ The Testament of Ann Lee"، المشارك بالمسابقة الرئيسية لمهرجان فينيسيا السينمائي الـ 82، قدمت المخرجة مونا فاستفولد (مخرجة فيلم "العالم القادم ـ The World to Come") قصيدة مؤثرة وقوية للإيمان بما نعرف أنه صواب والتمسك به، مصنوعة بعين مميزة للجمال، واثقة بشكل لا يتزعزع في قناعاتها، تمامًا مثل الشخصية الرئيسية في هذا الفيلم الموسيقي.

أماندا سيفريد تعيد إحياء شخصية آن لي بشكل فني. حيث كانت شابة تعيش في مانشستر خلال القرن الثامن عشر، مما يعني أن فرصها محدودة للغاية.

لكن منذ صغرها، تبدأ في تطوير مجموعة واضحة من المبادئ الأخلاقية الشخصية، مدفوعة بعدم ثقتها في الكنيسة القمعية.

مع تقدمها في السن، تلتقي بزوجها المستقبلي، أبراهام (كريستوفر أبوت)، الذي يخضعها لأفعال جنسية سادية باسم التقوى الدينية.

ولكن بعد معاناتها من وفاة أربعة أطفال قبل بلوغهم سن السنة الأولى، تجد آن نفسها تتجه إلى نوع مختلف من المنظمات الدينية – الواردلي، فرع من طائفة الكويكرز المسيحية، التي سُميت بهذا الاسم بسبب التموجات الجسدية التي تبدو وكأنها تغمرهم في لحظات الهيام الروحي.

سرعان ما تندمج آن في المجتمع وتبدأ في رؤية ذات طابع ديني. من هذه الهلوسات المقدسة، تستنتج أن أهم تضحية يجب على البشر تقديمها لله هي التخلي عن خطيئة الزنا، والتخلي عن الجنس تمامًا.

بعد أن أمضت ليلة في السجن بسبب ممارساتها المزعجة، أصبحت مقتنعة بأنها التجسد التالي للمسيح.

جمعت أتباعها، الفرع المؤسس حديثًا والمسمى "الشاكرز"، الذين ينادونها بالأم آن، أو ببساطة "الأم"، وهربًا من الاضطهاد، غادرت إلى العالم الجديد على أمل نشر رسالتهم.

يتبع الفيلم بوضوح هذه السيرة الذاتية، يبدأ بطفولة لي وينتهي بوفاتها عن عمر 48 عامًا.

لكن فاستفولد ليست مخرجة أفلام عادية، وكما يمكن أن يخبرك أي شخص شاهد فيلم ”The Brutalist“ العام الماضي - الذي كتبته، مثل هذا الفيلم، مع شريكها في العمل والحياة برادي كوربيت - فإن ذوق فاستفولد يميل إلى الملحمة من حيث الحجم والبنية، ولكنه إنساني وشخصي من حيث المنظور.

يتم سرد الفيلم بعد وفاة لي من قبل إحدى صديقاتها المقربات ومتابعاتها (توماسين ماكنزي).

فيلم فاستفولد هو وليمة بصرية، ينقل شعورًا بالدهشة الروحية من خلال التصوير السينمائي الرائع مقاس 70 مم.

مُضاء في الغالب بالضوء الطبيعي والشموع (مما يجعل مشاهد الليل، صعبة الفهم بعض الشيء)، بعض اللقطات المذهلة تمنح الجمهور نفس الشعور بالرهبة الذي يشعر به المتدينون عند تأملهم.

كما تُفضل فاستفولد اللقطات الطويلة، وخاصةً في المشاهد الجماعية المُنعشة.

تصميم رقص سيليا رولسون-هول مُجهد بشكل ساحر، حيث يترجم حركات "الشاكرز" المُرتعشة إلى ما يشبه الرقص الحديث.

أطراف تطير، ورؤوس تتأرجح للخلف، وأيدي ترسم خطوطًا غير مرئية في الهواء. غالبًا ما تصور فاستفولد اللحظات التي ينضم فيها المصلون معًا في حركات دائرية من الأعلى.

والموسيقى التي تصاحب هذه الرقصات حزينة وعاطفية. دانيال بلومبرغ، الذي فاز بجائزة الأوسكار في وقت سابق من هذا العام عن تأليف موسيقى فيلم ”The Brutalist“، قام بتكييف التراتيل التقليدية لطائفة الشاكرز لتناسب أغاني الفيلم، وربط هذه الموضوعات والأنغام القديمة التي تعود إلى قرون مضت بموسيقاه الرائعة.

تُجسّد سيفريد شخصيةً محوريةً مؤثرةً للغاية، مُصوّرةً بشكلٍ لافت.. تملأ عيناها الكبيرتان بالدهشة في لحظات النشوة الروحية، مما يضفي مصداقية على رؤاها المعلنة وتفسيراتها اللاحقة لهذه المشاهد الغريبة.

صوتها الغنائي، كما سمعناه في أفلام ”Les Misérables“ و”Mamma Mia!“، يتناسب جيدًا مع أسلوب بلومبرغ الموسيقي.

ورغم أن فاستفولد نفسها لا تشارك لي إيمانها، لكنها تُعجب بوضوح بثباتها وشغفها.

يتجلى هذا التقدير في فيلمها الرائع، الذي يُجسّد إخلاص أتباع طائفة "الشاكرز" النابض بالحياة، ويُجسّد تلك الطاقة بطريقة تُشعر المشاهدين بالبهجة نفسها.

وبغض النظر عن معتقدات المرء، فإن "وصية آن لي" قصة مؤثرة وملهمة بلا شك، تدور حول التمسك بقناعات المرء وما يواجهه من تحديات، تعكسها موسيقى ورقصات قوية في هذا الفيلم.

 

####

 

مراجعة فيلم | «هجرة» للمخرجة شهد أمين

قصة سعودية عن الاختفاء والعائلة والروابط النسائية

فينيسيا ـ خاص «سينماتوغراف»

يبدو أن القصص التي تُروى من وجهة نظر الفتيات الصغيرات تُشكّل توجهًا في مهرجان فينيسيا السينمائي الـ82 لهذا العام. تتشارك أفلام من مختلف أنحاء العالم هذا المنظور، والعديد منها من إخراج نساء.

ينتمي الفيلم السعودي "هجرة" للمخرجة شهد أمين، (الذي عُرض ضمن قسم فينيسيا سبوت لايت)، إلى ما يسمى بسينما الطريق، الشخصية الرئيسية فيه هي جنى (لمار فادن)، فتاة في الثانية عشرة من عمرها، تبدأ أحداث القصة على متن حافلة مليئة بالنساء في طريقهن إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.

جنى ليست وحيدة، بل ترافقها أختها الكبرى سارة (رغد بخاري)، البالغة من العمر ثمانية عشر عامًا، وجدتها ستي.

تبدأ الرحلة المنتظرة بتحول مفاجئ عندما تضيع سارة وسط الزحام وتختفي خلال توقف على الطريق.

لا نتعرف على الكثير عن سارة، ولكن من الصورة الافتتاحية - وهي ترتدي سماعات رأس، شبه منفصلة عن الطقوس المحيطة بها - واللمحة الأخيرة التي نراها، يبدو أن اختفاءها ربما كان مقصودًا، وربما حتى هروبًا.

برحيل سارة، تُنزل جنى وجدتها من الحافلة مع أمتعتهما وتُتركان، تائهتين، وهما تحاولان اكتشاف ما حدث. مصممتان على ألا تدعيا الأب يكتشف الأمر، فتقرران البحث عنها بمفردهما.

يمثل هذا بداية مغامرة غير متوقعة ستُحيدهما تمامًا عن مسارهما الأصلي وتقودهما إلى رحلة أكثر تعقيدًا - عائلية وشخصية وعاطفية.

يتضح سريعًا أن الجدة ستي (خيرية نظمي) امرأة قاسية، صارمة، وعنيدة، وأن تاريخ العائلة معقد.

ينتهي الأمر بالاثنان بالركوب مع أحمد (نواف الظفيري)، وهو رجل يحاول كسب بعض المال من الحجاج، والذي يصبح سائقهما أثناء بحثهما عن سارة.

تأخذهم تنقلاتهم إلى جدة، وإلى أقارب آخرين، وإلى حقائق خفية عن الفتاة المفقودة.

لكن الأهم من ذلك، أن الرحلة تُجبرهم على إعادة تقييم علاقاتهم - لا سيما العلاقة المتوترة والمقيدة بالقواعد بين الجدة وحفيداتها، ومن نواحٍ عديدة، علاقة الجدة بالعالم نفسه.

الفيلم الروائي الثاني للمخرجة السعودية شهد أمين، بعد فيلمها "سيدة البحر"، هو قصة نساء يحاولن سبر أغوار عالم همّشهن إلى حد كبير.

تُخيم الشكوك والتعقيدات والقيود على رحلتهن - فتُشكّل امرأتان تسافران بمفردهما مع رجل غريب، في هذا السياق، مشكلةً محتملةً خطيرة.

ومع ذلك، تُغيّر هذه التجربة حياتهما، وتُحوّل رحلتهما إلى رحلة حجّ موازية تُجسّد في الوقت نفسه رحلةً عبر المملكة العربية السعودية ومناطقها وشعبها.

على طول الطريق، تبدأ الجدة والحفيدة في رؤية بعضهما البعض بشكل مختلف، وتتعرفان على ماضي إحداهما ومستقبل الأخرى المحتمل.

على الرغم من أن أحداث القصة تدور في عام 2001، إلا أنها لا تبدو بعيدةً عن الحاضر في كثير من النواحي.

فيلم "هجرة" مصقول بصريًا ومُصاغ بعناية، وتكمن قوته في وجوه أبطاله، الذين يُجسّد قربهم على الشاشة التوتر والقلق والمشاعر التي تسري في هذه الرحلة البرية غير التقليدية.

وبتوازنه بين التقاليد والحداثة، واحترام العادات ونقد جمودها، ينتمي فيلم شهد أمين إلى الأعمال "الجادة والمحترمة" التي تُعرض غالبًا في المهرجانات الدولية، لكن هذا لا يُقلل من أهميته أو طموحه الذي لا يُنكر.

 

####

 

«الإبداع هو الحياة مرتين» ..

فرانسوا أوزون متحدثاً عن فيلمه «الغريب» المستوحى من ألبير كامو

فينيسيا ـ «سينماتوغراف»

وصل المخرج الفرنسي غزير الإنتاج فرانسوا أوزون إلى فينيسيا اليوم الثلاثاء بفيلمه المقتبس عن رواية ألبير كامو الكلاسيكية العبثية "الغريب ـ The Stranger"، والذي يروي قصة مهاجر فرنسي يعيش في الجزائر الفرنسية الاستعمارية في ثلاثينيات القرن الماضي، ويقتل رجلاً من أهلها بلا مبالاة.

يُعد هذا الفيلم ثالث اقتباس روائي للرواية القصيرة بعد نسخة عام 1967 للمخرج لوتشينو فيسكونتي، بطولة مارسيلو ماستروياني، والفيلم التركي "مصير" (Fate) عام 2001، الذي عُرض في مهرجان كان السينمائي ضمن فئة "نظرة ما".

يسود الترقب الشديد في ليدو لمعرفة ما إذا كان أوزون قد نجح في إخراج فيلمه المقتبس بالأبيض والأسود، والذي يلعب فيه بنيامين فوازان دور البطل مورسو، وريبيكا فاردر دور عشيقته.

في المؤتمر الصحفي لفيلم "الغريب" المرشح لجائزة الأسد الذهبي، كشف أوزون أنه راودته فكرة اقتباس رواية "الغريب" بعد فشله في تأمين تمويل لمشروع يتناول قصة شاب في أعقاب محاولة انتحار فاشلة.

وقال المخرج إنه، كغيره من الفرنسيين، قرأ الرواية القصيرة عندما كان طالبًا في المدرسة الثانوية، لكنه وجد فيها معنى جديدًا عندما عاد إليها في مرحلة لاحقة من حياته.

وتابع أوزون: "ربما فهمتها بشكل أفضل مما كنت عليه عندما قرأتها في مراهقتي، وفي الوقت نفسه، كانت هناك الكثير من الأشياء التي لم أفهمها في الكتاب والتي أثارت اهتمامي".

وأضاف: "بدأت براحة بال نوعًا ما، وفي الوقت نفسه كنت أشعر ببعض القلق لأن الجميع من حولي كانوا يقولون لي: 'إنه كتابي المفضل. أنا متشوق لمعرفة ما ستفعله'. وهذا ما زاد من ضغطي."

قال أوزون إنه قرر بسرعة إعادة النظر في القصة من منظور حديث، بدلاً من - كما فعل فيسكونتي - النظر إلى زمن كتابتها عام 1939 ونشرها عام 1942، عندما كانت فرنسا لا تزال تحتل الجزائر.

ونوه أوزون إلى أن "أهم ما في الأمر هو الجملة الأولى من الكتاب، وهي جملة معروفة للغاية، ويتذكرها الجميع: 'أمي ماتت، ربما كان ذلك بالأمس'".

وأضاف: "لكن في الحقيقة، لم تكن هذه الجملة هي التي صدمتني اليوم، بل هي التي فاجأتني. بل كانت جملة تظهر في الجزء الثاني من الكتاب، عندما يعود مورسو إلى السجن ويقول: 'لقد قتلت عربيًا'".

قلت لنفسي: ها هو مفتاح اقتباسي للقصة. ضع هذه القصة في سياقها عن الاستعمار الفرنسي، وحاول فهم شخصية مورسو من خلال متابعة كتاب كامو بأمانة قدر الإمكان".

قال أوزون إن قراره بإخراج الفيلم بالأبيض والأسود كان قرارًا فنيًا وماليًا.

بما أنه كتاب فلسفي، بدا لي أن الأبيض والأسود مثاليان لسرد هذه القصة، فخلوهما من الألوان يُجسّد النقاء.. وكان خيارًا ماليًا أيضًا. إنه ليس فيلمًا أمريكيًا ضخمًا، ولم تكن لديّ الإمكانيات لإعادة تصوير ثلاثينيات القرن الماضي في الجزائر، لذا سمح لي بتبسيط الكثير من الديكورات، كما أوضح.

صُوّر الفيلم بالألوان ثم حُوّل إلى الأبيض والأسود. قال أوزون إن النتيجة النهائية كانت مفاجأة سارة. "إنه يجعل كل شيء رائعًا للغاية، ويوقظ فينا شغف السينما، لأنه فجأةً، عندما رأيت ريبيكا بملابس سباحة بيضاء على الشاطئ، قلتُ لنفسي: إنها إليزابيث تايلور في فيلم "فجأة، الصيف الماضي"، أو بنجامين يمشي في الشوارع، كان لديّ انطباع بأنني أرى جيمس ستيوارت أو كاري غرانت."

سُئل أوزون، الذي يُخرج فيلمًا سنويًا على مدار العقد الماضي، عن مصدر دافعه في وقتٍ ازداد فيه صعوبة تمويل الأفلام الروائية وتجاوزها.

قال أوزون: "هناك مقولة لكامو: "الإبداع حياةٌ مرتين". حسنًا، صنع فيلمٍ هو حياةٌ مرتين. كثيرًا ما يقول لي الصحفيون: "لا وقتَ للعيشِ لأنكَ تُنتجُ أفلامًا دائمًا"، وأرد "على العكس، أعتقد أنني أعيشُ ضعفَ حياتي لأني أصنعُ أفلامًا.. الإبداع، وروايةُ قصة، والعملُ مع فريق، لأنه جهدٌ جماعيٌّ بحق، هو أقوى شيء."

 

####

 

كاثرين بيغلو في مؤتمر «فينيسيا» الصحفي:

«بيت الديناميت» رسالة تحذير للعالم من الفناء النووي

فينيسيا ـ «سينماتوغراف»

صرحت كاثرين بيغلو أنها أخرجت أحدث أفلامها الإثارة السياسية، "بيت الديناميت"، لتحذير العالم من المخاطر الحقيقية والمستمرة للفناء النووي الشامل للعالم.

توجهت المخرجة الحائزة على جائزة الأوسكار إلى مدينة فينيسيا الإيطالية اليوم الثلاثاء للكشف عن أول فيلم لها منذ ثماني سنوات ضمن المسابقة الرسمية لأقدم مهرجان سينمائي في العالم.

ووصفت بيغلو موضوع الفيلم المرتقب، الأسلحة النووية، بأنه "قضية عالمية"، وقالت إن دافعها هو الرغبة في "نشر هذه المعلومات".

وأضافت: "أملٌ مُضاد، ربما نُقلل من مخزون الأسلحة النووية يومًا ما، ولكن في هذه الأثناء، نعيش في واقعٍ مُريع".

وصلت بيغلو وفريق عملها إلى المؤتمر الصحفي في فينيسيا وهم مُفعَمون بالتفاؤل بعد عرض فيلم "بيت الديناميت" لأول مرة في عرضين صحفيين حاشدين صباحًا، بخلاف العرض الأول لها مساء اليوم في ليدو مقروناً بمراسم السجادة الحمراء.

يُشير الحديث الحماسي المُحيط بالعنوان إلى أنه قد يكون عودةً مُثيرةً لصانعة الأفلام.

يُوصف فيلم "بيت الديناميت" بأنه فيلم إثارة سياسي مُتوتر، على غرار فيلميها الحائزين على جائزة الأوسكار "خزانة الألم" و"ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل"، حيث يمزج بين الإلحاح المُخيف والرعب الجيوسياسي.

تدور أحداث الفيلم في مُعظمها داخل البيت الأبيض، ويتخيل السيناريو المُرعب لهجوم صاروخي نووي وشيك على الولايات المتحدة من قِبَل عدو مجهول، مما يُجبر القادة العسكريين والمدنيين على اتخاذ قرارات مُستحيلة تحت ضغط زمني مُرهق.

تُؤدي ريبيكا فيرجسون دور الكابتن أوليفيا ووكر، وهي مسؤولة كبيرة في البيت الأبيض مُكلفة بالحفاظ على سير عمل الحكومة في ظلّ حالة الذعر، بينما يُؤدي إدريس إلبا دور مستشار كبير للأمن القومي يجب عليه الموازنة بين الاستراتيجية والأخلاق.

انضم إليهم فريقٌ يضم جاريد هاريس، وتريسي ليتس، وغابرييل باسو، وأنتوني راموس، وغريتا لي، وموسى إنغرام، وجيسون كلارك، حيث يُجسّد كلٌّ منهم أعضاء مجلس الوزراء، والضباط العسكريين، والمساعدين الذين يُسارعون لمنع كارثةٍ شاملة.

الفيلم من تأليف الصحفي الذي تحوّل إلى كاتب سيناريو، نوح أوبنهايمر (جاكي، يوم الصفر).

وعندما سأل صحفيٌّ في المؤتمر الصحفي عن تلخيص رسالة الفيلم الجديد في جملةٍ واحدة، قالت بيغلو: "نحن بحاجةٍ إلى أن نكون أكثر وعيًا، وهذا هو أملي الأكبر - أن نبدأ بالفعل حوارًا حول الأسلحة النووية ومنع الانتشار في عالمٍ أكثر كمالًا".

وأضافت: "الفيلم دعوةٌ لاتخاذ قرارٍ بشأن كل هذه الأسلحة. كيف يُمكن أن يكون تدمير العالم إجراءً دفاعيًا جيدًا؟"

فيلم "بيت الديناميت" هو الفيلم الثالث والأخير ضمن قائمة أفلام المنافسة القوية والمثيرة للإعجاب على نتفليكس في مهرجان فينيسيا هذا العام، بعد فيلم "جاي كيلي" للمخرج نواه باومباخ، وبطولة جورج كلوني وآدم ساندلر، وفيلم "فرانكشتاين" للمخرج غييرمو ديل تورو، من بطولة جاكوب إلوردي، وأوسكار إسحاق، وميا غوث، وكريستوف والتز.

ومن المقرر عرض "بيت الديناميت" عالميًا على نتفليكس في 24 أكتوبر.

صرح أوبنهايمر بأنه بدأ كتابة الفيلم قبل عامين، وأن "الديناميكيات الجيوسياسية الدقيقة في أي وقت من الأوقات ليست هي الهدف الحقيقي" من العمل. بل يأمل أن يُبرز "واقع عالمنا منذ فجر العصر النووي".

وأضاف أوبنهايمر: "هناك الآن تسع دول على وجه الأرض تمتلك ترسانات نووية قادرة على تدمير الحضارة البشرية مرات عديدة". إنه لأمرٌ مُدهش، بصراحة، أن شيئًا مُروعًا لم يحدث بعد. الكثير من هذه الأسلحة مُفعّلة، وفي دولٍ مثل بلدنا، يملك فردٌ واحد، الرئيس، السلطةَ الوحيدةَ للتصريح باستخدامها.

وأوضحت بيغلو رؤيتها حول فيلمها الجديد، قائلةً: "نشأتُ في عصرٍ كان فيه الاختباء تحت مكتبك الدراسي يُعتبر البروتوكولَ المُتّبع للنجاة من قنبلةٍ ذرية. يبدو الأمرُ سخيفًا الآن - وكان كذلك - ولكن في ذلك الوقت، كان التهديدُ مُباشرًا لدرجةٍ جعلت مثل هذه الإجراءات تُؤخذ على محمل الجد. أما اليوم، فقد تفاقم الخطر. تمتلك دولٌ عديدةٌ ما يكفي من الأسلحة النووية للقضاء على الحضارة في دقائق. ومع ذلك، هناك نوعٌ من الخدر الجماعي - تطبيعٌ هادئٌ لما لا يُمكن تصوّره. كيف يُمكننا أن نُسمّي هذا "دفاعًا" والنتيجةُ الحتميةُ هي الدمارُ الشامل؟"

وأضافت: "أردت أن أصنع فيلمًا يواجه هذه المفارقة - لاستكشاف جنون عالم يعيش في ظل الفناء المستمر، لكنه نادرًا ما يتحدث عنه".

 

####

 

«صوت هند رجب».. غداً في فينيسيا

يتجه بعدها إلى «تورونتو، لندن، سان سيباستيان، وبوسان»

فينيسيا ـ «سينماتوغراف»

يشارك الفيلم التونسي "صوت هند رجب" في جولة مهرجانات دولية بعد عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي غدًا، حيث يتجه بعدها إلى أمريكا الشمالية ليعرض في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، ثم ينافس في المسابقة الرسمية لمهرجان BFI لندن السينمائي، وقسم Perlak بمهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي في إسبانيا حيث يتنافس على جائزة الجمهور، بالإضافة إلى قسم السينما العالمية بمهرجان بوسان السينمائي الدولي في كوريا الجنوبية.

ويشهد مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي غدًا 4 عروض للفيلم، اثنان منها للجمهور في الرابعة والنصف مساءً بقاعة سالا غراندي، وفي الثامنة مساءً بقاعة بالا بينالي، أما الثلاثة الأخرى فهي لحاملي التذاكر في الثامنة والنصف صباحًا بقاعة سالا دارسينا، والعرض الثاني في القاعة نفسها 11:15 صباحًا، مع عرض إضافي يوم 4 سبتمبر التاسعة صباحًا بقاعة بالا بينالي.

تدور قصة الفيلم في 29 يناير 2024، حيث تلقى متطوعو الهلال الأحمر اتصالًا طارئًا من طفلة عمرها 6 سنوات عالقة في سيارة تحت نيران الاحتلال في غزة، تستنجد لإنقاذها، فيما حاولوا إبقاءها على الخط حتى تصل سيارة الإسعاف. كان اسمها هند رجب.

الفيلم من كتابة وإخراج كوثر بن هنية، وبطولة سجا الكيلاني، معتز ملحيس، كلارا خوري، عامر حليحل، تصوير خوان سارمينتو جي، مونتاج قتيبة برهمجي، ماكسيم ماتيس، وكوثر بن هنية، موسيقى تصويرية أمين بوحافة، وتصميم إنتاج باسم مرزوق.

ويحمل الفيلم توقيع إنتاج تونسي فرنسي مشترك لكل من نديم شيخ روحه، أوديسا راي، جيمس ويسلون، فيما تتولى MAD Distribution التوزيع بالسينمات والعروض الثقافية في العالم العربي، بينما تعمل (مجموعة A.R.T) كموزع رقمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتولى The Party Film Sales إدارة المبيعات العالمية وتمثيل الحقوق في أمريكا الشمالية بالتعاون مع CAA Media Finance.

 

####

 

«يلا نلعب عسكرة» يفوز بجائزة الجونة السينمائي

في برنامج «فاينال كت» بمهرجان فينيسيا 2025

فينيسيا ـ «سينماتوغراف»

أعلن مهرجان الجونة السينمائي عن فوز فيلم "يلا نلعب عسكرة" للمخرجة اليمنية مريم الذبحاني بجائزته الخاصة ضمن برنامج فاينال كت فينيسيا، وذلك في إطار الدورة الثانية والثمانين لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، البرنامج المخصص لدعم مشروعات الأفلام العربية والإفريقية في مرحلة ما بعد الإنتاج.

تبلغ قيمة جائزة مهرجان الجونة السينمائي 5000 دولار أمريكي، إضافةً إلى دعوة فريق الفيلم للمشاركة في الدورة الثامنة من سيني جونة لدعم الأفلام، والتي ستقام على هامش مهرجان الجونة السينمائي خلال الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر 2025.

وفي تعليقها على هذه المشاركة، قالت ماريان خوري، المديرة الفنية لمهرجان الجونة السينمائي:"يسعدنا اختيار هذا الفيلم الوثائقي الإبداعي الأصيل من اليمن ضمن مشروعات سيني جونة لدعم الأفلام. يقدم الفيلم قصة مؤثرة عن رحلة نضوج أربعة إخوة في زمن الحرب، ويجسد بجمال لافت تفاصيل الحياة اليومية بما تحمله من صراعات وتناقضات وأمل."

يُعنى برنامج فاينال كت فينيسيا بدعم الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج من جميع الدول الإفريقية، ومن ست دول في الشرق الأوسط: العراق، والأردن، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، واليمن. ويهدف إلى تعزيز دور مهرجان فينيسبا السينمائي الدولي كجسر للتواصل وداعم رئيسي لإنتاج الأفلام المستقلة عالية الجودة القادمة من إفريقيا والعالم العربي، عبر توفير دعم ملموس لعمليات الإنتاج السينمائي وتعزيز قدرة هذه الأعمال السمعية البصرية على المنافسة في الأسواق الدولية.

 

####

 

هل هي قصة حب أم مجرّد حيلة دعائية؟

علاقة باميلا أندرسون وليام نيسون تحت مجهر الشّكوك

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

كشفت تقارير جديدة أن قصة الحب التي جمعت باميلا أندرسون وليام نيسون، الثنائي الأكثر إثارة للدهشة في هوليوود، قد لا تكون حقيقية، بل خدعة تسويقية محبوكة بعناية.

انطلقت الفكرة خلف كواليس فيلم "The Naked Gun" الذي يجمعهما على الشاشة. ومع أن الكيمياء بدت لافتة أمام الكاميرات، إلا أنّ ما وراءها كان صامتاً فلم تسجل أي لقاءات خاصة، فقط ظهورات رسمية محاطة بالفرق. أي أنّ الأمر كان عملاً لا علاقة له بالرومانسية.

بدت هذه المغامرة ناجحة، إذ حققت "قصة الحب المزيفة" زخماً إعلامياً ضخماً أسهم في تسليط الضوء على الفيلم، الذي حصد نحو 89 مليون دولار مقابل ميزانية بلغت 42 مليون دولار.

لكن مجلة " People" سرعان ما ناقضت هذه الرواية في تحقيق خاص، مؤكدة عبر مصدر مقرّب أن العلاقة بين أندرسون ونيسون "ليست مختلقة، بل حقيقية"، مضيفاً المصدر أن أياً منهما لا يسعى إلى اختلاق مثل هذا السيناريو.

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل هي قصة حب من النظرة الأولى أم مجرّد حيلة دعائية مدروسة؟ حتى الآن، تلتزم باميلا أندرسون وليام نيسون الصمت.

 

####

 

مراجعة فيلم | «بيت الديناميت» لـ كاثرين بيغلو

تبريرٌ دعائيٌّ يمنح أمريكا استباقية الدفاع عن نفسها

فينيسيا ـ خاص «سينماتوغراف»

المخرجة كاثرين بيغلو أول امرأة في التاريخ تفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، قدمت مساء اليوم فيلمها "بيت الديناميت ـ A House of Dynamite" وهو الأول منذ ثماني سنوات، في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والثمانين.

كان فيلمها السابق "ديترويت" (2017) إدانةً لاذعة لوحشية الشرطة والعنصرية المؤسسية في الولايات المتحدة.

أما فيلمها الأكثر نجاحًا "خزانة الألم"، والذي عُرض لأول مرة أيضًا في فينيسيا (2008) وفاز بست جوائز عام 2010، فقد تناول الضغط النفسي الذي اضطر الجنود الأمريكيون لتحمله خلال الغزو الأمريكي غير الشرعي للعراق.

في فيلم "بيت الديناميت"، تُركّز المخرجة البالغة من العمر 73 عامًا على الحكومة الأمريكية وهي تُكافح لاتخاذ القرارات، في الوقت الذي توشك فيه قنبلة نووية على ضرب شيكاغو.

يحمل فيلما "خزانة الألم" و"بيت الديناميت" طموحات جغرافية سياسية متشابهة، وأجندة قد تبدو مُريبة للغاية.

كلا الفيلمين جزء من سلسلة أفلام تسعى إلى تصوير الظالمين سيئي السمعة كرجال ونساء فاضلين يكافحون بيأس من أجل سلامتهم وكرامتهم والحفاظ على أمن بلادهم.

تشمل هذه الأفلام أيضًا "فالس مع بشير" (2008) للمخرج آري فولمان، والأهم من ذلك بكثير، فيلم "أوبنهايمر" (2022) للمخرج كريستوفر نولان، وبينما يتناول فيلم فولمان إسرائيل، تركز الأفلام الأخرى على أكبر قوة عسكرية في العالم، الولايات المتحدة.

يصور فيلم "بيت الديناميت" الدولة التي تشن حروبًا غير مبررة بشكل روتيني على أراضٍ أجنبية، وهي أيضًا الدولة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت الأسلحة النووية ضد أهداف مدنية (ليس مرة واحدة فقط، بل مرتين: في هيروشيما وناغازاكي) كضحية لهجوم نووي غير مبرر، من مصدر مجهول.

يبدأ الفيلم ببطاقة تعريفية تُشير إلى أن السباق النووي أصبح قابلاً للإدارة مع انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، إلا أن هذا التوجه قد انعكس الآن. يلي ذلك فيلمٌ زاخرٌ بالنجوم وباهظ التكلفة (لا تُفصح نتفليكس عن أرقام الميزانية، لكن مشروعًا سابقًا لبيغلو كلّف 100 مليون دولار أمريكي).

تنقسم قصة "بيت الديناميت" إلى ثلاثة أجزاء، تدور أحداثها في وقت واحد.

أُطلق سلاح نووي في مكان ما في منتصف المحيط الهادئ، وهو يتجه بسرعة نحو شيكاغو، وأمام الولايات المتحدة حوالي 20 دقيقة لإيقافه قبل أن يضرب ثالث أكبر مدينة في البلاد ويودي بحياة حوالي 10 ملايين شخص.

يفشل الصاروخ الاعتراضي، وبينما توشك القنبلة على ضرب المدينة.. ينتقل الفيلم إلى الجزء الثاني، الذي يروي القصة نفسها تمامًا خلال نفس الإطار الزمني، من منظور شخص آخر، وينطبق الأمر نفسه على الجزء الثالث.

من منظور سردي، يسود فيلم "بيت الديناميت" حالة من الفوضى العارمة. كما لو أن أحدهم فجّر مادة "تي إن تي" داخل غرفة السيناريو.

يُرى الجزء الأول من منظور عملاء المخابرات والجيش داخل غرفة تحكم هائلة. أما الجزء الثاني، فيُرى من منظور خبيرة ذكاء اصطناعي تقضي عطلتها مع أطفالها في نبراسكا، تشاهد إعادة تمثيل لمعركة جيتيسبيرغ، أحد تطورات الحرب الأهلية التي أودت بحياة 50 ألف أمريكي.

في الجزء الثالث، يُقاطع رئيس الولايات المتحدة (إدريس إلبا) للتعامل مع التهديد الوشيك أثناء حضوره فعالية عامة في ملعب كرة سلة.

تكمن المشكلة في ظهور شخصيات متعددة أو سماعها في الأجزاء الثلاثة. ونتيجة لذلك، تُضيف كل حلقة - بدلاً من مساعدة المشاهدين على تجميع أجزاء اللغز - عناصر جديدة إلى الحبكة، وتُدخل الفيلم في فوضى عارمة.

كما أن فوضى المونتاج، بالإضافة إلى الاختصارات الكثيرة (للوكالات الأمريكية، ومصطلحات الحرب، إلخ) تُسهم في جعل حبكة القصة غامضة.

وكذلك الموسيقى المتوترة التي تملأ الفيلم بأكمله (حرفيًا منذ الثانية الأولى، عند ظهور شعار نتفليكس) تُزعج المشاهدين.

وتفتقر الشخصيات إلى العمق. ربما، باستثناء إدريس إلبا، وقد لا تتذكر مثّلا ريبيكا فيرغسون، وغابرييل باسو، وجاريد هاريس، وتريسي ليتس، وأنتوني راموس، وغيرهم الكثير.

إلى جانب كونه مُربكًا للغاية وغير سار للمشاهدة، فإن فيلم "بيت الديناميت" يحمل رسائل خفية، خادعة وخطيرة في آن واحد: الأمريكيون ضحايا دائمون يدافعون عن أنفسهم من أعداء مُختلين، ويجب عدم الثقة بكل منافس (وربما إبادته؟)، ونحن نعيش في أوقات بالغة الخطورة قد تُبرر اتخاذ إجراءات مُتطرفة.

الكتابة واضحة على الحائط: الولايات المتحدة مُعرّضة للهجوم في أي لحظة، وعلى الأمريكيين اتخاذ إجراءات استباقية لتفادي ذلك.

"بيت الديناميت" تبريرٌ رديءٌ للدفاع الوقائي، وهو فيلمٌ دعائيٌّ يهدف إلى إقناع العالم بأن الحكومة الأمريكية قوةٌ خير، وأن لها الحق في اتخاذ إجراءاتٍ ضدّ من تظنّهم أعداءً عند الحاجة.

 

####

 

مراجعة فيلم | «الغريب» لـ فرانسوا أوزون

رواية ألبير كامو الكلاسيكية تتحول إلى لغز سينمائي

فينيسيا ـ خاص «سينماتوغراف»

من المثير دائمًا أن تُقدّم الأفلام أبطالًا غير تقليديين، وفي "الغريب ـ The Stranger"، الفيلم الجديد للمخرج الفرنسي فرانسوا أوزون، والمقتبس عن رواية ألبير كامو، والذي عُرض ضمن مسابقة فينيسيا السينمائي الـ 82، تُجسّد الشخصية المحورية شخصيةً خفية، وربما خالية من المشاعر.

بالفعل، يتبيّن أن هذا صحيح - على الأقل في النصف الأول من الفيلم، الذي يُركّز بشكل شبه كامل على الحياة اليومية لشخصيته الرئيسية. مع ذلك، ومثل الشخصيات الأخرى التي تُحيط به، ثمة شيءٌ غامضٌ آسرٌ فيه وفي محنته، ولو لمجرد أنها تُشكّل بوضوح خللًا في العادات الراسخة للمجتمع من حوله.

تدور أحداث الفيلم في الجزائر العاصمة خلال أربعينيات القرن الماضي، حين كانت الجزائر لا تزال مستعمرةً فرنسيةً.

يبدأ الفيلم بأجواءٍ كلاسيكية، بإعلانٍ دعائيٍّ فرنسيٍّ إما صُنع في ذلك الوقت أو صُمِّمَ ليبدو كما لو كان صُنع في ذلك الوقت.

يتفاخر الأوروبيون بتطويرهم مدينةً بدائيةً إلى مدينةٍ متحضرةٍ ذات مبانٍ فخمةٍ "بارتفاع مباني باريس"، ومع ذلك، لا يُسمح للعرب بدخول السينما.

تكشف اللافتات المُطالبة بالتحرير عن عدم رضا العديد من السكان المحليين، ويُمهّد موضوع الولاء الوطني الطريق لدراسة شخصية إنسانٍ مُعقّدٍ ومُتناقضٍ كالاستعمار الأوروبي.

مورسو (بنيامين فوازان) رجلٌ وسيمٌ للغاية في العشرينيات من عمره. يعيش حياةً عمليةً مثالية، بوظيفة مكتبية محترمة وصديقة جميلة تُدعى ماري (ريبيكا ماردر). لكن ثمة شيئًا غير مألوف فيه.

فهو لا يكترث إطلاقًا للأحداث التي تُحدد مسار حياته. سلوكه انطوائي وصامت، وتعبير وجهه خالٍ من المشاعر دائمًا، وهو عاجز عن التعبير عن مشاعره -سواءً أكانت جيدة أم سيئة. والأهم من ذلك، أنه عاجز عن الكذب. فلماذا يُكلف نفسه عناء إخفاء الحقيقة؟، إن ضجره شديد لدرجة أنه لا يُكلف نفسه عناء التظاهر بأي شيء.

إذا كانت الحياة مجرد تمثيل، فإن مورسو لا يرغب في أن يصبح ممثلًا. إنه يُجسد مزيجًا غريبًا من البراغماتية والفراغ. ومع ذلك، فهو جذابٌ بشكلٍ مُفاجئ، وماريا لا تزال مفتونة به بشدة.

لا شيء يُحرك مورسو على الإطلاق، مما يُشير إلى نمطٍ من السلوك السيكوباتي. لا يشعر بالتعاطف ولا بالكراهية. لا يبكي في جنازة والدته، ويرفض رؤية جثتها "لأنه لا طائل من ذلك".

يقبل عرض زواج حبيبته لأنه لا يرى جدوى من رفضه. ولخيبة أمل ماري، يعترف بأنه مستعد لقبول عرض زواج من أي شخص. كما أن عرض الترقية وحياة رغيدة في باريس لا يثيران حماسه.

على الرغم من شخصيته الغريبة، يصادق مورسو جاريه ريموند سينت (بيير لوتين)، الذي يضرب عشيقته جميلة الجزائرية، وسلامانو، وهو رجل عجوز يسيء معاملة كلبه الأليف بانتظام، ويبدو أن علاقتهما بمورسو توطدت بسبب رضاه (أي تسامحه مع سلوكهما غير المقبول).

في أحد الأيام، يذهب مورسو إلى الشاطئ مع ريموند وماري. يواجه الرجال شقيق جميلة ورجل آخر. بعد مشادة كلامية قصيرة، يُصاب ريموند بأذى وتتفرق المجموعة.

دون سبب واضح، يعود مورسو إلى مكان الشجار ويقتل شقيق جميلة بخمس رصاصات. يُعتقل ويُحاكم على إثر ذلك. محاميه مقتنع بأن القضاء الفرنسي سيحكم لصالحه (لأن الضحية عربي).

تكمن المشكلة التي يواجهها في أن التزام مورسو الراسخ باللامبالاة والحقيقة قد يجعله عميلاً ومتهماً غير ملائم. فهو غير مستعد للتظاهر بالندم، أو حتى لتحديد دافع الاغتيال بدم بارد.

الثلث الأخير من هذا الفيلم، الذي تبلغ مدته 122 دقيقة، هو في معظمه دراما محكمة، حيث يُدلي من عرفوا مورسو بتصريحات متضاربة حول شخصيته، ويجلس الرجل المقتضب في قفص الاتهام غير مبالٍ بمصيره (رغم علمه بأنه قد يُحكم عليه بالإعدام ويُقطع رأسه).

العنوان الفرنسي للفيلم والكتاب الذي يحمل نفس الاسم يعنيان "الغريب" و"الأجنبي"، وهي دقة تضيع في الترجمة.

مورسو دخيلٌ من أكثر من جانب: هويته ليست جزائرية، وشخصيته لغز، وعلى الرغم من مرور عام على علاقته بماري، إلا أنه لا يزال يتصرف معها كغريبٍ تمامًا. لا يمتلك القدرة على التمييز بين مختلف الأشخاص: مألوفين وغرباء، جيدين وشررين، شبابًا وعجائز، عديمي الضمير أو ذوي الكرامة. ربما بالكاد يستطيع التمييز بين رجل وامرأة.

ومع أن الحبكة قد تبدو مزدحمة ومعقدة، إلا أن أسلوب أوزون في تقديمها هادئ ومنعزل كشخصيته الرئيسية، حيث يجد مورسو الفرح والتحرر في إدراكه أن الموت قريب. حلٌّ مُريحٌ بشكلٍ غريب.

يستحق تصوير مانويل داكوس السينمائي إشادةً لا لبس فيها. صُوّر فيلم "الغريب" بالكامل بالأبيض والأسود، وبصورٍ آسرة للعاصمة الجزائرية وأبطالها (اللقطات المقربة العديدة تُظهر تركيزًا كبيرًا على المشاعر الداخلية)، ويرسم صورةً لمكانٍ جميل، مهما كان بعيدًا وقاتمًا كبطلنا. حتى شمس الصيف الحارقة لا تُغيظ مورسو، بل تُعميه.

ولم يُغفل أوزون كذلك التفاصيل التاريخية المُعبّرة في ملابس الشخصيات وسلوكياتها وممارساتها.

فيلم فرانسوا أوزون الروائي الخامس والعشرون (يُعرف المخرج الفرنسي النهم، البالغ من العمر 57 عامًا، بإصدار فيلم جديد كل عام) هو دراما أنيقة وفعّالة وناضجة. لكنه ليس من بين أفضل أعمال أوزون، حيث يُظهر براعته في الحبكات المُبالغ فيها والشخصيات ذات التوجهات المنحرفة، كما في أفلام "ثماني نساء" (2002)، و"حمام سباحة" (2003)، و"الحبيب المزدوج" (2017)، و"صيف 85" (2020).

 

موقع "سينماتوغراف" في

02.09.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004