ملفات خاصة

 
 
 

"بوغونيا" اليوناني يعالج تراجيديا النحل في "البندقية"

يورغوس لانثيموس يفتح أبواب الخيال امام اللعبة السينمائية

هوفيك حبشيان 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

ملخص

يواصل المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس اشتغاله على الطبيعة البشرية كما يراها من زوايته الضيقة، وبعد عامين على فوزه بـ"الأسد الذهبي" عن "كائنات مسكينة" الذي نال أيضاً أربع جوائز "أوسكار"، يعود إلى مهرجان البندقية من الـ27 من أغسطس حتى السادس من سبتمبر بـ"بوغونيا" (مسابقة).

يبدو فيلم "بوغونيا" أشبه بفصل جديد من فصول هذيانه التي ينتظرها الجميع وتصبح حديث الجزيرة لأيام، علماً أن الفيلم نسخة أميركية عن الفيلم الكوري "أنقذ الكوكب الأخضر" لجانغ جون هوان، الذي عرض في عام 2003. 

أفلام لانثيموس تقف على الحافة بين التجريب الجمالي والتفريغ النفسي. هو مخرج يصعب تخيله خارج هذا الإطار الذي يصنعه بعناية. كأن السينما بالنسبة إليه وسيلة للنجاة من عالم غير قابل للضبط. أعماله لا تتبع منطقاً مألوفاً، وكل محاولة لتفكيكها عبر أدوات التحليل الكلاسيكي، تنتهي في طرق مسدودة. يصر على تقديم رؤى مشوشة، محملة بشخصيات باهتة، شاردة، ومواقف تبدو وكأنها مفككة عمداً لإبقاء المشاهد في حالة من التوتر الدائم.

في "بوغونيا" يتناول قصة غريبة بطلها مربي نحل شاب (جيسي بليمونز) مصاب بجنون العظمة إلى حد الاعتقاد بأن مديرة شركة (إيما ستون) ليست سوى مخلوق فضائي جاء للقضاء على البشر. وبكل ثقة، يجر معه ابن عمه المحدود فكرياً (أيدن ديلبيس) في خطة عبثية: اختطاف المرأة لإجبارها على إلغاء "المخطط الفضائي" الذي لا وجود له أساساً. الضحية، بطبيعة الحال، لا تفهم ما يجري ولا تدري لماذا تجد نفسها عالقة في هذا الكابوس السوريالي.

الجزء الأكبر من العمل يدور في وحدة مكانية وزمانية. في هذا الحيز الضيق، يتجلى الشر والجنون والعبثية في أشكال متعددة، بينما تبقى فكرة الكائنات الفضائية مجرد وهم متداخل مع الواقع، فيما يكتنف النحل غموض عميق، يربطنا بأفق العلم والنظريات المتجددة وربما التراجيديا الإغريقية التي يحب لانثيموس الاستلهام منها.

لا يمكن توقع مجرى الأحداث، فكل شيء ممكن أن يحدث في أي لحظة في عالم لانثيموس، والخيال مفتوح على مصراعيه، سواء أمام المشاهد أو داخل النص نفسه. الحوارات فيها كثير من الكلام الفارغ والتفلسف، بعضها يثير السخرية، سخرية يبقيها لانثيموس دائماً على الحد الفاصل بين الجد والمزاح. إنها لعبة فنية يتقنها جيداً، إذ انه يبرع في عدم الوقوع في فخ السخافة التي تجعل المشاهد يلغي "العقد" الذي يربطه بسينماه.

يصعب أن نحدد إذا كان المخرج يسخر من شخصياته أو يراعيها، فهو يجمع في نظرته بين التعاطف والسخرية، وبالسخرية ذاتها يتناول كل النظريات التي تتراكم من حول موضوعات الفوارق الاجتماعية وإنقاذ الكوكب والتلاعب النفسي، من دون أن يغرق في أي منها فعلاً. كل هذا يتجسد بأسلوب سينمائي حاد، لا يترك مجالاً للغموض في المواقف. فالأمور واضحة وحاسمة، أحادية الوجه، إما حياة أو موت. لا شيء بينهما. 

المفاجأة المنتظرة

يصعب الحديث عن القصة من دون أن نفسد المفاجأة الوحيدة التي يخبئها الفيلم، وهي نقطة التحول التي تخرج النص نظرياً من حالة الركود. إيما ستون تبذل ما بوسعها لمنح الشخصية عمقاً، لكن النص لا يسعفها دائماً. ما قبل هذه اللحظة المفصلية هو مجرد مط ممل، واجترار لمشاهد تتكرر، وحوار يدور في حلقة مفرغة. الفيلم يبدو وكأنه يراهن بكل ثقله على صدمة واحدة، لكنه ينسى أن الطريق إليها طويل ومليء بالفراغات.

كما دائماً أمام فيلم للانثيموس، السؤال المشروع هو الآتي: هل تكفي قوة الصدمة أو فرادة الفكرة لتأسيس سينما يعتد بها؟ إذ إن ما يقدمه لانثيموس عموماً ممارسة شكلية في الدرجة الأولى. قد لا يكون الجواب بهذه البساطة، في انتظار ذلك، يستمر لانثيموس في التنقيب داخل هذا الأسلوب، مستهلكاً احتمالاته، وربما يصل في لحظة ما إلى توازن يسمح للغرابة بأن تتكامل مع المضمون، من دون أن تطغى عليه.

في خاتمة سوداوية أشبه بنذير شؤم ذكرتني بنهاية الجزء الأول من "كوكب القردة" لفرنكلين ج. شافنر، يلجأ لانثيموس إلى الترميز، ويدق ناقوس الخطر، لكن الأمر يبدو للبعض مجرد تهويل. في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد العرض الأول في البندقية، لم يخف سوداويته، إذ قال "من المؤسف أن كثيراً مما يبدو في هذا الفيلم كـ"ديستوبيا" (واقع كارثي) ليس من نسج الخيال، إذ إن كثيراً منه يعكس الواقع الذي نعيشه. عندما يسمع الناس كلمة "ديستوبيا"، غالباً ما يتخيلون صورة للمستقبل، وحدثاً جللاً أصاب الحضارة. لكن إن كان ثمة شيء يقوله هذا الفيلم، فهو أن ما نراه يحدث الآن. البشرية على أعتاب مواجهة حاسمة. الناس في حاجة إلى اختيار الطريق الصحيح، وإلا فلا أدري كم تبقى من الوقت، بالنظر إلى كل ما يحدث في العالم، من تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إلى الحروب، والتغير المناخي، وإنكار كل هذه الأمور، واللا مبالاة التي أصبحنا نتعامل بها مع كل ذلك. لذلك، فالفيلم في جوهره، هو مرآة لأزمنتنا، وأرجو أن ينجح في دفع الناس للتفكير فيما يجري اليوم، في كل أنحاء العالم".

 

الـ The Independent  في

02.09.2025

 
 
 
 
 

البندقية 82 - سوكوروف في "يوميات مخرج" هو ضمير القرن العشرين

هوفيك حبشيان - المصدرالبندقية - "النهار"

المخرج الروسي ألكسندر سوكوروف يعود إلى مهرجان البندقية السينمائي بـ"يوميات مخرج" الذي امتد لخمس ساعات وخمس دقائق.

عاد المخرج الروسي الكبير ألكسندر سوكوروف إلى مهرجان البندقية السينمائي (27 آب - 6 أيلول)، وذلك بعد غياب دام عقداً من الزمن عن جزيرة الليدو، مع فيلم جديد، "يوميات مخرج" (خارج المسابقة)، امتد لخمس ساعات وخمس دقائق، مع استراحة قصيرة في منتصفه. كان الفيلم أغرب الاقتراحات البصرية والفكرية، وهو أشبه بـessai، في "موسترا" هذا العام، وقد هرعت لاكتشافه شلّة من الفضوليين. كلّنا نعلم مدى أهمية الوقت في أي مهرجان، والدخول إلى الصالة ظهراً للخروج منها مساءً، هو ترف لا يستطيعه كثر لكثرة الأفلام والأعمال والانشغالات. لكن اكتشاف جديد المعلّم الروسي، 74 عاماً، على شاشة ضخمة وهو جالس خلفك، حدث قد لا يتكرر، وعلى كلّ حال لا يفوَّت. عندما عرف زميل بولندي أنني أمضيتُ الساعات الخمس برفقة الفيلم، قال لي ممازحاً بأنني استحق جائزة "النضال الثقافي".

يعود المخرج الذي أعطانا سابقاً ثلاثية عن رجال السلطة المطلقة في القرن العشرين (لينين، هتلر وهيروهيتو) إلى دفاتره القديمة ليعيد إحياء الماضي بشكل جديد، قارئاً الزمن بمعانيه الوجودية والسياسية، منطلقاً من فكرة ان العالم القديم لا يتغير. في هذا الفيلم، يحشر كلّ شيء كأنه وصية: سلسلة من الأحداث التي صنعت تاريخ النصف الثاني من القرن الماضي، من الصراعات الكبرى إلى المحن التي شكّلت الذاكرة الجمعية لأجيال عديدة. تتوالى أمامنا على الشاشة أسماء بارزة من ميادين السياسة والفكر والفنّ والعلوم والرياضة، لتنسج معاً مشهداً كونياً غنياً بالتاريخ والمحطات.

"يوميات مخرج" مشروع سينمائي طموح، يروي فيه سوكوروف فترة الاتحاد السوفياتي والاشتراكية، كحلم وطوباوية "ضربت" عمق المجتمع السلافي ولا يزال يرزح تحت آثارها. الفترة التي يعرضها تمتد بين عامي 1957 و1991. اذا كان التاريخ الأخير يجسّد لحظة انهيار الاتحاد السوفياتي، فالتاريخ الأول كما يقول سوكوروف ليس صنيع المصادفة، بل هو اللحظة التي بدأ الفكر الاشتراكي يصبح فيها فاعلاً. في عام 1957، كان الاتحاد السوفياتي في مرحلة ما بعد ستالين، حيث بدأت التغييرات في السياسات الداخلية والخارجية تظهر تدريجياً. بعد وفاة ستالين، أتى خليفته نيكيتا خروتشوف، الذي بدأ عملية "التحرر من الستالينية" وتخفيف القمع السياسي. عام 1957 كان نقطة تحوّل في صوغ السياسة السوفياتية الجديدة التي كانت تبحث عن أفق جديد للأنظمة الاشتراكية.

في "يوميات مخرج"، يحتفل سوكوروف بالحياة كما ينعى الراحلين، أولئك الذين ارتبط بهم على الصعيدين الثقافي والوجداني. يعيد استعراض التواريخ التي صنعت واقعه الشخصي والمشهد الدولي في زمن الحرب الباردة: السباق المحموم للهيمنة على الفضاء، والصراع الأكثر دمويةً حول الأسلحة النووية… ولا ينسى اختراعات قلبت حياتنا، بما في ذلك الإنترنت. وفي خضم هذا كله، يضيء على القمع الذي مارسته السلطات السوفياتية، من اعتقالات وقمع حرية التعبير، ممّا ساهم في تشتيت المثقفين ونفيهم إلى الخارج.
يتمتّع الروس بمهارة استثنائية في التقطيع، وهم بلا شك من روّاد هذا الفنّ. وإذا كان سوكوروف قد ترك بصماته على السينما في استخدام اللقطة الواحدة، كما في فيلمه المعروف "الفلق الروسي"، فإنه في جديده، يدخل في تجربة فنية مختلفة، معتمداً على المونتاج كعنصر سردي أساسي يتحكّم في تدفّق الأحداث، اذ ان الفيلم يتكوّن من آلاف اللحظات القصيرة والمترابطة، لقطات سريعة لا تتجاوز الثواني، تُولّد إيقاعاً سريعاً يغوي العين. في لقاء لي معه أردتُ مقاربة مسألة المونتاج، لكن سوكوروف رفض ربط عمله بأي مدرسة روسية، قائلاً ان المونتاج شيء كوني بالأحرى
.

يعتمد الفيلم بشكل كبير على المواد الأرشيفية. لم يصوّر سوكوروف أيا من هذه اللقطات بنفسه، بل جمعها ليخلق منها شيئا أشبه بتجهيز فنّي. يُستثنى من ذلك بعض اللقطات القليلة التي يظهر فيها وهو يدوّن تواريخ في دفتره كنوع من تمهيد لكلّ عمل يعرضه.

نحو خمسة عقود يستعرضها سوكوروف من منظور محض شخصي، كأنه يتحدّث عن تجربته الذاتية عبرها. رغم طول الفيلم، فإن تنقّله بين الأحداث والأفكار والإيديولوجيات يخلق شرارة رهيبة بلا لحظة فراغ واحدة، حد انه يصعب صرف النظر عن الشاشة. التقيتُ خلال الاستراحة بصحافي إيطالي قال لي بأنه كان مصمّماً أن يشاهد نحو ساعة فقط، لكن الفيلم ابتلعه تماماً، فارضاً عليه البقاء حتى اللحظة الأخيرة.

الفيلم بقدر ما سجّل عودة سوكوروف إلى المهرجان حيث كان نال قبل عقد ونصف العقد جائزة "الأسد" عن "فاوست"، كان أيضاً بمثابة تحدٍ للعزلة الثقافية التي فرضها غزو أوكرانيا على السينما الروسية في الفضاءات الثقافية الأوروبية، ولو ان مخرجنا كان مر عبر لوكارنو قبل ثلاثة أعوام بفيلم صغير. فبعد استبعاد صنّاع السينما الروس، باستثناء أولئك المعارضين للنظام السياسي الحاكم، جاءت مشاركة سوكوروف كاستثناء لافت، ذلك انه لا يزال مرتبطاً بالداخل الروسي في الفنّ والفكر، مع العلم انه يعاني من رقابة الدولة كما لمّح لي في مقابلة مع "النهار" تُنشَر قريباً.

 

النهار اللبنانية في

02.09.2025

 
 
 
 
 

حضور لافت للأفلام الأرجنتينية في مهرجان فينيسيا السينمائي

(فرانس برس)

بعدما تضررت السينما الأرجنتينية بشدّة من تخفيضات الميزانية وعدم تمثيلها بشكل وافٍ في المهرجانات الدولية الأخيرة، تعود إلى "مهرجان فينيسيا السينمائي" (Venice Film Festival) مع خمسة أعمال، بينها فيلم وثائقي لإحدى أبرز مخرجاتها لوكريسيا مارتيل.

كانت لتولّي خافيير ميلي رئاسة الأرجنتين في ديسمبر/كانون الأول 2023 تداعيات كبيرة على القطاع السينمائي، وخصوصاً على الهيئة العامة المسؤولة عن تعزيز إنتاج الأفلام ودعمه "إينكا" (INCAA).

وبعدما كان الإنتاج السينمائي يحظى بدعم من خلال سلسلة من المنح وأحياناً على شكل سلف، بات "يتعيّن على المنتجين إيجاد تمويلهم من القطاع الخاص، وعندما تُستوفى كل الشروط، يصبح من حقكم الحصول على الدعم"، وفق ما أوضحت فانيسا باغاني، رئيسة جمعية منتجي الوسائط السمعية والبصرية المستقلة (APIMA)، لوكالة فرانس برس. وأضافت: "منذ تعيين إدارة جديدة للهيئة العامة... لم يحصل أي فيلم على تمويل".

ولفت الباحث المتخصص في السينما الوثائقية خافيير كامبو إلى أنّه "لا أحد يعرف أين تُصرف أموال الهيئة" التي تحصل على نسبة من عائدات دور السينما، لكن الأكيد أن "هذه الأموال لا يتم استثمارها في الإنتاج الوطني".

تعافٍ وهمي

في "مهرجان كان السينمائي" (Cannes Film Festival)، الذي لطالما كان للأرجنتين حضور قوي فيه، اقتصرت المشاركة هذا العام على فيلم قصير وفيلم "درانكن نودلز" (Drunken Noodles) للمخرج لوسيو كاسترو.

أما في مهرجان فينيسيا السينمائي، فتشارك الأرجنتين بفيلم "أون كابو سويلتو" (Un Cabo Suelto) للمخرج دانيال هندلر ومن إنتاج مشترك بين أوروغواي وإسبانيا، وفيلم "بين دو فارتي" (Pien de Parte) لأليخو موغيلانسكي، وفيلم "ذا سوفلور" (The Souffleur)" للمخرج غاستون سولنيكي من إنتاج مشترك مع النمسا، وفيلم قصير.

وسيشهد مهرجان فينيسيا عرضاً من خارج المسابقة لفيلم "نوسترا تييرا" (Nuestra Tierra) للمخرجة لوكريسيا مارتيل، الذي يتناول اغتيال الناشط خافيير تشوكوبار وتهجير جماعته من السكان الأصليين في توكومان بالأرجنتين.

ورأى خافيير كامبو أنّ "الأمل في تعافي القطاع وهمي"، لأن هذه الأعمال عبارة عن "إنتاجات مشتركة ممولة إلى حد كبير من جهات خارجية"، ما يجعل "من الصعب القول إنها أفلام أرجنتينية بالكامل".

واعتبر هيرنان فيندلينغ، رئيس الأكاديمية الأرجنتينية للفنون والعلوم السينمائية، أنّ "التصوير مكلف (...) في ظل حكومة لا تدافع عن الثقافة" وصعوبات اقتصادية، متوقعاً أن "ينخفض إنتاج الأفلام بشكل كبير على المديين القصير والمتوسط". وحتى لو استمر الإنتاج بفضل منصات البث التدفقي وشركات الإنتاج الكبرى، فإن ذلك ينطوي على مخاطر، وفق الخبراء، لا سيما في ما يتعلق بتراجع التنوع.

وقالت فانيسا باغاني: "نشهد فقدان جزء من السينما، ذلك الجزء الذي يحقق نجاحاً في المهرجانات ويحظى بشهرة تتجاوز عدد التذاكر المباعة". وشدّد هيرنان فيندلينغ على أنّ "ما تقدمه المنصات قيّم جداً" لأنه "يتيح لنا الحفاظ على جزء من الإنتاج وتوفير فرص عمل. لكن لا يمكن أن يكون هذا الإنتاج الوحيد في الأرجنتين". وبحسب المنتج، إذا تركز الإنتاج على المنصات الكبرى، "فلن يكون هناك تجديد جيلي"، لأن هذه الشركات تستهدف عادة منتجات معروفة ومخرجين وممثلين وكتّاب سيناريو سبق أن أثبتوا حضورهم.

 

العربي الجديد اللندنية في

02.09.2025

 
 
 
 
 

«لا خيار آخر»: بارك تشان ووك يرسم كوميديا سوداء عنفها بقدر إنسانيتها

نسرين سيد أحمد

فينيسيا ـ «القدس العربي»: يعود المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك، صاحب «أولد بوي» و»الخادمة»، في فيلمه الجديد «لا خيار آخر» No Other Choice، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا الثاني والثمانين، ليقدّم عملاً يمزج بين القسوة والفكاهة، بين السخرية المدوية والمرارة العميقة، وليضعنا أمام حكاية بسيطة في ظاهرها، لكنها مشحونة بالدلالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عن عالمنا الحالي.

القصة مقتبسة عن رواية الكاتب الأمريكي دونالد ويستليك The Ax (1997)، التي سبق أن قدّمها كوستا غافراس سينمائياً عام 2005. لكن بارك لا يكتفي بإعادة صياغة الرواية، بل يخلق من مادتها عالماً خاصاً به، منضبطاً في فوضاه، ساخراً في مأساويته، وكأننا أمام نسخة كورية معاصرة من الكوميديا السوداء الكلاسيكية، لكن الممهورة بلمسته البصرية التي لا تخطئها العين.

يفتتح الفيلم بمشهد مفعم بالراحة والسكينة والرخاء: مان- سو (لي بيونغ- هون، في أداء مذهل) يجمع أسرته الصغيرة في حديقة منزله الريفي، الذي يضم زوجته ميري (سون يي-جين)، ابنه المراهق، ابنته الصغيرة، وحتى كلبي العائلة، في لحظة عناق جماعي خاطفة. تحت زهور تتساقط في الهواء، يهمس مان- سو: «لديّ كل شيء». يبدو المشهد كحلم بورجوازي بسيط، كإعلان عن اكتمال السعادة. لكننا نعرف، منذ اللحظة الأولى، أن هذه السعادة لا بد أن تنهار، وأن بارك يستخدم التمهيد العذب كسلاح ساخر ضد بطله وضدنا كمشاهدين.

أمضى مان – سو 25 عاماً في العمل في مصنع للورق، متدرجاً حتى منصب قيادي بارز في الشركة، يفتخر بجوائزه ومكانته، وبالهدايا القيمة التي يحصل عليها من قبل أن يُفاجَأ بالاستغناء عنه مع قدوم المالكين الأمريكيين الجدد. هنا تبدأ رحلة يشعر فيها مان – سو بالإذلال، حيث يحضر جلسات التنمية البشرية التي يُجبر فيها الموظفون المطرودون على ترديد شعارات جوفاء، ويضطر للعمل في وظائف مؤقتة مهينة. وبدلا من العمل في منصب إداري في مكتب أنيق، يعود ليصبح مجرد عامل بسيط. هذه التفاصيل ليست عابرة، بل تشكل جوهر الفيلم، الذي يفضح العنف الصامت للرأسمالية، حين تحول الأفراد إلى أرقام قابلة للاستبدال. ومع تراكم الضغوط، تتبدى هشاشة مان – سو. تشتعل غيرته من مدير منافس (بارك هي سون) يسخر منه ويرفض توظيفه، ومن طبيب وسيم يعمل في عيادة زوجته، التي تعمل ممرضة في عيادة للأسنان.

وهنا تتولّد الفكرة في عقل مان- سو وتتبلور: إذا اختفى المنافسون الذين قد يشكلون تهديدا له في الحصول على منصب مرموق في شركة من شركات الورق، فسيفتح ذلك الطريق أمامه للحصول على عمل لائق. يبدأ الأمر بنكتة، ثم هوس يتغذى على الإهانة والخذلان. وسرعان ما يشرع مان – سو في رسم خطط للتخلّص من كل من يقف في طريق الوظيفة المنشودة، لكن محاولاته لا تسير أبداً كما يتخيل.

بارك، الذي طالما اشتُهر ببناء مشاهد عنف قاسية في أفلامه السابقة، يقلب هنا المعادلة: القتل يتحوّل إلى مصدر للفكاهة. فمان- سو قاتل مرتبك، يسقط في الطين، يُفاجأ باتصال فيديو من زوجته في أسوأ لحظة، أو يُربك مخططاته تفصيل تافه. كل محاولة قتل تنقلب إلى مسرحية عبثية، تفضح هشاشته أكثر مما تثبت قوته. هنا يكمن ذكاء بارك: هو لا يسخر من البطالة بقدر ما يسخر من خرافة الرجل القوي الذي يُفترض أن يحمي أسرته مهما كلف الأمر. يحتل المنزل، الذي ولد فيه مان – سو، ثم أعاد شراءه وترميمه بحب ليعيش فيه مع زوجته وابنه وابنته، موقعاً مركزياً في السرد. يمثل هذا البيت، الذي ما زال مان – سو يسدد أقساطه، أهم ممتلكات الأسرة، ورمز مكانتها المادية، وتشهد حديقته الغناء والصوبة الزجاجية بالحب الذي يوليه مان- سو للحديقة وزرعها. المنزل هنا ليس مجرد خلفية، بل استعارة عن الاستقرار المفقود، عن الحلم الذي يتهاوى مع كل قرار اقتصادي.

من السهل أن نقارن «لا خيار آخر» بـ»طفيلي» Parasite لبونغ جون-هو، ليس فقط لوجود البيت كرمز طبقي، بل أيضاً لحدة السخرية من النظام الاقتصادي، لكن «لا خيار آخر» أكثر عبثية. إنه أقرب إلى هجاء مرير، حيث يتحوّل الرجل العادي إلى قاتل تسلسلي بدافع البقاء. وفي الوقت ذاته، يمكن أن نرى في «لا خيار آخر» أوجه الشبه بين بطل «أولد بوي» ومان- سو، فكلاهما رجل عادي، تنقلب حياته رأساً على عقب، فيجد نفسه يشهر السلاح في وجه العالم. لكن يوجد فرق رئيسي كبير، فهنا، لا يوجد انتقام دموي صرف، بل عبث كوميدي يفضح المأساة. رغم قسوة الفكرة، ما يميز الفيلم هو حسّه الإنساني. بارك لا يجرّد بطله من تعاطفنا، بل يتركنا نراه كضحـية بقدر ما هو جلاد. منافسوه، الذين يخطط لقتلهم، ليسوا أشراراً بالمفهوم التقليدي، بل وجوه أخرى له، فهم موظفون فقدوا وظائفهم، وآباء يحاولون حماية أسرهم. إنه يحاول أن يقتل انعكاساته، نسخاً أخرى من نفسه. وفي هذه المرايا يكمن البعد الفلسفي للفيلم: إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يتخلّى عن إنسانيته كي يحافظ على دوره الاجتماعي ومكانته والمتطلبات المادية لأسرته؟

بارك يبرع في تقديم تفاصيل تبدو جانبية لكنها تثري الحكاية: دروس التشيلو للابنة الصغيرة، ألم الأسنان الذي يداهم أحد الشخصيات، حفلة رقص تنكرية. هذه الاستطرادات ليست زخارف، بل تعكس فكرة محورية: الحياة تستمر رغم كل شيء. حتى في خضم القتل، هناك عزف موسيقي، هناك وجبة عائلية، هناك لحظات عابرة من الطرافة.

إهداء الفيلم إلى كوستا غافراس، الذي سبق أن اقتبس الرواية، ليس تفصيلاً عابراً، بل إشارة إلى انتماء بارك إلى تقليد سينمائي عالمي يُعنى بالنقد السياسي عبر الفن. لكن بينما ركّز غافراس على المباشرة، يذهب بارك إلى بناء لوحة بصرية تمزج الرعب بالضحك، لتكشف بذكاء عن عبث النظام الاقتصادي الكوري والعالمي حيث يُختزل الإنسان في وظيفته. ليس «لا خيار آخر» مجرد أكثر أفلام بارك طرافة وسخرية، بل لعله أكثرها إنسانية أيضاً. فهو يذكّرنا دوماً بأن بطله لم يكن سوى رجل عادي، أراد أن يعمل ويؤمّن لأسرته حياة مستقرة. وفي النهاية، يتركنا الفيلم بضحكة، ضحكة لا تنفي الألم، بل تفضحه.

 

القدس العربي اللندنية في

02.09.2025

 
 
 
 
 

كيم نوفاك تستلم جائزة "الأسد الذهبي" عن مجمل إنجازاتها في البندقية

البلاد/ طارق البحار

بدت النجمة الكبيرة كيم نوفاك مختلفة تمامًا وهي تتسلم جائزة "الأسد الذهبي" عن مجمل إنجازاتها ضمن مهرجان البندقية السينمائي الحالي بعد إطلاق فيلم وثائقي عن نشأتها التي عانت فيها من الفقر.

الممثلة، البالغة من العمر 92 عامًا، والتي يحمل فيلمها الوثائقي اسم "دوار كيم نوفاك" (Kim Novak's Vertigo)، اختارت فستانًا يمزج بين اللونين الزمردي والأسود ليُضفي عليها سحر نجمات هوليوود القديم أثناء تسلمها الجائزة.

وقد استغنت عن شعرها البني، واختارت تسريحة "البوب" بلون أشقر، وأكملت إطلالتها ببروش من الألماس.

يتناول الفيلم الوثائقي حياتها، ويسلط الضوء على دورها في فيلم "دوار" (Vertigo) للمخرج ألفريد هيتشكوك، ورحلتها من عالم الشهرة إلى حياة منعزلة كفنانة في ولاية أوريجون.

ابتعدت كيم عن الأضواء، لكن خلال ظهورها العلني العابر، لاحظ المعجبون أن وجهها بدا مختلفًا جدًا عما كان عليه في سنواتها السينمائية.

أثار مظهر كيم ضجة واسعة في عام 2014 عندما حضرت حفل توزيع جوائز الأوسكار بوجه بدا منتفخًا بشكل ملحوظ، مما أدى إلى انتقادات واسعة من المشاهدين.

حتى دونالد ترامب علّق على مظهرها، وكتب في تغريدة آنذاك: "يجب على كيم أن تقاضي جراح التجميل الخاص بها!

 

البلاد البحرينية في

02.09.2025

 
 
 
 
 

"صوت هند رجب" في الأوسكار.. صرخة من غزة تفضح خذلان العالم

إيمان كمال

تزامنا مع عرض فيلمها "صوت هند رجب" ضمن المسابقة الرسمية في الدورة الـ82 من مهرجان فينيسيا السينمائي، كشفت المخرجة التونسية كوثر بن هنية، أن الدافع وراء تقديمها العمل، جاء بعد تأثرها العميق بنداء الاستغاثة الذي أطلقته الطفلة الفلسطينية هند رجب قبل استشهادها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضحت بن هنية، من حوارها لمجلة هوليود ريبورتر، أن صوت هند ظل يلازمها، مما دفعها للتواصل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي نشرت مقطعا من الاتصال للحصول على التسجيل الكامل. وتابعت: "حين استمعت للتسجيل، ما طاردني لم يكن فقط عنف ما حدث، بل أيضا الصمت بين الأصوات. كنت أستعد لإنجاز فيلم آخر، لكن كان عليّ أن أتوقف عن كل شيء لأروي هذه القصة".

استلهمت كوثر بن هنية الفيلم من المكالمات الأخيرة للطفلة الفلسطينية ذات الأعوام الستة، التي علقت داخل سيارة في غزة يوم 29 يناير/كانون الثاني الماضي بعد أن قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بالدبابات عائلتها، وفقدت معظم أقاربها. وظلت هند على الخط مع طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني لأكثر من ساعة وهي ترجو إنقاذها، غير أن سيارة الإسعاف التي تحركت إليها استهدفت بدورها، مما أسفر عن استشهاد المسعفين الذين كانوا على متنها.

وبعد أن منعت كوثر بن هنية من دخول غزة، اختارت أن توصل ردها عبر السينما، فأنجزت عملا يدمج بين الوثائقي والدرامي، مستندة إلى تسجيل يمتد لـ70 دقيقة. تواصلت مع والدة هند للتأكد من رغبتها في مشاركة القصة مع العالم، قبل أن تسند أدوار المسعفين إلى ممثلين فلسطينيين، في حين أبقت صوت الطفلة كما هو من التسجيل الأصلي.

التسلسل الحقيقي للأحداث

وتوضح بن هنية أن الفيلم التزم بدقة بما جرى، إذ استند إلى التسلسل الحقيقي للأحداث: تسجيل اللحظات الأخيرة للأقارب داخل السيارة، ثم رسالة العم التي تكشف بقاء الطفلة ذات الأعوام الستة على قيد الحياة، يليها نداءات هند المستمرة، وصولا إلى المكالمة الأخيرة للمسعف الذي كان في طريقه لإنقاذها. وتؤكد أن الهدف كان الحفاظ على صدق التجربة كما وقعت، مع الحد الأدنى من التدخل الفني.

وتقول المخرجة في حوارها لهوليود ريبورتر: "كنت خائفة أن أخون صوتها، وأن يعجز الفيلم عن تكريم ذكراها".

وتابعت: "هذا العمل يتمحور حول نداء استغاثة سمعه العالم ولم يستجب له أحد. إنه يواجه ليس فقط الصمت الذي قابل صرخة هند، بل أيضًا التواطؤ الواسع، بما فيها وسائل إعلام دولية، التي اكتفت بالمشاهدة دون أن تقدم العون للأصوات التي تنادي من غزة".

مشيرة إلى الثقل الأخلاقي في تصوير اللحظات الأخيرة لهند، ومؤكدة أهمية رفض الصمت والتواطؤ، قائلة: "على الأقل، مع هذا الفيلم، لم يتم إسكاتي"، فاستخدمت لغة الفن لتعبر عن مشاعرها الشخصية كي لا تكون متواطئة، كونها لا تملك سلطة سياسية وليست ناشطة.

وترى كوثر بن هنية، أن الخطوة الأهم تكمن في مشاهدة الفيلم نفسه، معتبرة أن دورها اقتصر على إنجازه، بينما يبقى استقباله بيد الجمهور. بالنسبة لها، مجرد أن يجد العمل من يشاهده يعد إنجازا في حد ذاته.

وعموما ترى أن النظرة إلى الرواية الفلسطينية لا تزال محاطة بالريبة، وهو أمر يتجاوز حدود فيلمها. تعتقد أن هذا الوضع يجب أن يتغير، إذ من العبث أن يظل العالم بحاجة إلى تذكير بأن الفلسطينيين بشر، لهم مشاعر وأحزان حين يفقدون أحبتهم. بالنسبة لها، تكرار مثل هذه البديهيات يختصر حجم المأساة.

وردا على إمكانية فتح تحقيق بجرائم حرب ضد الضباط العسكريين المسؤولين عن القتل ترى، أن المأساة أعمق من حدود فيلم واحد، فينما تروى قصة هند، يتواصل سقوط الضحايا في غزة بأعداد يصعب حتى تخيل المدة التي قد يتطلبها أي تحقيق جاد في كل حالة. تشير إلى أن قضية هند نفسها لم تُفتح بعد، وأن غياب الصحفيين عن الميدان يجعل الوصول إلى الحقيقة شبه مستحيل. ورغم ذلك يبقى الأمل قائمًا بأن يأتي يوم تتحقق فيه العدالة، لأن العالم بحاجة إليها.

من فينسيا إلى الأوسكار

وبينما يشارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، حيث يعرض غدا الأربعاء 3 سبتمبر/أيلول.

أعلن المركز الوطني للسينما والصورة في تونس قبل أيام اختيار الفيلم ليمثل تونس في فئة أفضل فيلم دولي في النسخة المقبلة من جوائز الأوسكار.

العمل من تأليف وإخراج المخرجة التونسية كوثر بن هنية، وقد حظي بدعم بارز من نجوم هوليود منهم براد بيت، خواكين فينيكس، وروني مارا الذين انضموا إليه منتجين تنفيذيين قبل عرضه العالمي الأول ضمن فعاليات المهرجان التي انطلقت في 27 أغسطس/آب.

وشارك في التمثيل سجا الكيلاني، معتز ملحيس، كلارا خوري وعامر حليحل، والموسيقى التصويرية لأمين بوحافة.

المصدرالجزيرة مواقع إلكترونية

 

####

 

بيغلو وفان سانت يعودان عبر فينيسيا..

وقصص السياسة والجنون حاضرة

بعد سنوات طويلة من الغياب عن الشاشات، يعود الاسمان اللامعان في السينما الأميركية المخرج غاس فان سانت والمخرجة كاثرين بيغلو إلى دائرة الضوء، إذ يواكب كلّ منهما عرض فيلمه في مهرجان فينيسيا السينمائي.

ولم تشارك بيغلو في أي عمل منذ فيلم "ديترويت" (Detroit) عام 2017، الذي يتناول أعمال الشغب التي حدثت عام 1967 وكيف تعامل عناصر الشرطة المحلية معها.

ومع فيلم "إيه هاوس أوف داينمايت" (A House of Dynamite) المُشارك بالمسابقة الرسمية، تُقدّم المخرجة فيلما تشويقيا سياسيا تدور أحداثه في البيت الأبيض، ويتمحور على إطلاق عدو مجهول صاروخا نوويا باتجاه الولايات المتحدة. وهو من بطولة إدريس إلبا وريبيكا فيرغسون.

ويشكل هذا العمل الفيلم الـ11 فقط للمخرجة البالغة 73 عاما والمتخصصة بأفلام الحركة، والتي سبق لها أن تناولت مطاردة بن لادن في فيلم "زيرو دارك ثيرستي" (Zero Dark Thirty) والحياة اليومية لفريق تفكيك قنابل بالعراق في فيلم "ذي هرت لوكر" (The Hurt Locker) الحائز جائزة أوسكار أفضل فيلم عام 2010.

وفي تصريح لموقع "الموسترا" قالت بيغلو إنها أرادت "استكشاف جنون عالم يعيش باستمرار تحت وطأة خطر الفناء، لكنه نادرا ما يتحدث عنه".

وسيُعرَض الفيلم -الذي أنتجته "نتفليكس" في دور السينما بشكل محدود- قبل أن يُتاح عبر المنصة في 24 أكتوبر/تشرين الأول.

إزعاج

من جانبه، يحضر المخرج فان سانت -المنتمي إلى الجيل نفسه إذ يبلغ العمر ذاته تقريبا مثل بيغلو- مهرجان فينيسيا لمواكبة عرض فيلم تشويقي مستوحى من أحداث حقيقية، بعد 7 سنوات من آخر أفلامه.

وطوال مسيرته الفنية، تنقل المخرج بين السينما المستقلة والأفلام الهوليودية.

ويتناول الفيلم الواقع خارج المسابقة الرسمية: "ديد مانز واير" (Dead Man’s Wire) واقعة تركت أثرا كبيرا بالولايات المتحدة عام 1977، حين قرر توني كيريتسيس -الذي كان يرزح تحت وطأة الديون- احتجاز دائنه رهينة، وهو مدير شركة للقروض العقارية.

وقال فان سانت الفائز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان "كان" عام 2003 عن "إليفنت" (Elephant) "آمل ألا يثير الفيلم قلقا كبيرا، رغم إدراكي أننا نعيش في مرحلة عصيبة، وربما يكون بعض الانزعاج أمرا لا مفر منه".

وسيُعرض الفيلم لاحقا في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، لكن موعد عرضه في الصالات لم يُحدد بعد.

موضة

أما في فيلم "ذي سترينجر" (The Stranger) فيتناول فرنسوا أوزون عملا أدبيا فرنسيا بارزا (L’Etranger أي "الغريب") يُعدّ من بين أكثر الكتب ترجمة في العالم.

وسبق للوتشينو فيسكونتي أن حوّل رواية ألبير كامو -التي نُشرت عام 1942- إلى فيلم سينمائي سنة 1967 من بطولة مارتشيلو ماستروياني.

وهذه المرة، يؤدي بنجامين فوازان دور الموظف المتواضع الذي تنقلب حياته رأسا على عقب بالجزائر التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي، بعد وفاة والدته أواخر ثلاثينيات القرن الماضي.

ويشكل الفيلم -الذي صُوّر بتقنية عالية بالأبيض والأسود والمرشح لنيل الأسد الذهبي- وسيلة لاستكشاف العلاقات بين فرنسا والجزائر، و"الصمت الثقيل الذي غالبا ما يُثقل كاهل تاريخنا المشترك" بحسب أوزون.

ومن المرتقب أن يشهد المهرجان أيضا استعراض النجمات فساتين لأبرز مصممي الأزياء راهنا، كما تُقدّم صوفيا كوبولا أول فيلم وثائقي لها خصصته لصديقها مارك جيكوبس.

ويتناول الفيلم مسيرة مصمم الأزياء في تسعينيات القرن الماضي، والذي لا يزال يُدير العلامة التجارية التي تحمل اسمه.

المصدرالفرنسية

 

الجزيرة نت القطرية في

02.09.2025

 
 
 
 
 

الأفلام الأرجنتينية تستعيد حضورها مؤقتا في مهرجان البندقية

البندقية – (إيطاليا)

قلة الدعم جعلت السينمائيين في الأرجنتين يستعينون بالمنصات الكبيرة وهذا ما يحرمهم من التنوع والتجديد الجيلي.

بعد أن تضررت السينما الأرجنتينية بشدة من تخفيضات الميزانية وعدم تمثيلها بشكل وافٍ في المهرجانات الدولية الأخيرة، تعود إلى مهرجان البندقية السينمائي مع خمسة أعمال، من بينها فيلم وثائقي لإحدى أهم مخرجاتها لوكريسيا مارتيل.

كان لتولي خافيير ميلي رئاسة الأرجنتين في ديسمبر 2023 تداعيات كبيرة على القطاع السينمائي، وخصوصا على الهيئة العامة المسؤولة عن تعزيز إنتاج الأفلام ودعمه INCAA.

وبعدما كان الإنتاج السينمائي يحظى بدعم من خلال سلسلة من المنح وأحيانا على شكل سلف، بات “يتعيّن على المنتجين إيجاد تمويلهم من القطاع الخاص، وعندما تُستوفَى كل الشروط، يصبح من حقهم الحصول على الدعم،”، وفق توضيح رئيسة جمعية منتجي الوسائط السمعية والبصرية المستقلة (APIMA) فانيسا باغاني في حديث معها.

وتضيف “منذ تعيين إدارة جديدة للهيئة العامة… لم يحصل أي فيلم على تمويل.”

الدورة الثانية والثمانون من مهرجان البندقية، تشهد حضور كوكبة من النجوم، من جوليا روبرتس إلى جورج كلوني

ويقول الباحث المتخصص في السينما الوثائقية خافيير كامبو “لا أحد يعرف أين تصرف أموال الهيئة” التي تحصل على نسبة من عائدات دور السينما، لكن الأكيد أن “هذه الأموال لا يتم استثمارها في الإنتاج الوطني.”

في مهرجان كان السينمائي الذي لطالما كان للأرجنتين حضور قوي فيه، اقتصرت المشاركة هذا العام على فيلم قصير وفيلم “نودلز درانكن” للمخرج لوسيو كاسترو.

أما في البندقية فتشارك الأرجنتين بفيلم “أون كابو سويلتو” للمخرج دانيال هندلر وهو من إنتاج مشترك بين أوروغواي وإسبانيا، وفيلم “بين دو فارتي” لأليخو موغيلانسكي، وفيلم “ذي سوفلور” للمخرج غاستون سولينيكي من إنتاج مشترك مع النمسا، وفيلم قصير.

وسيشهد المهرجان عرضا من خارج المسابقة لفيلم “نوسترا تييرا” للمخرجة لوكريسيا مارتيل، يتناول اغتيال الناشط خافيير تشوكوبار وتهجير جماعته من السكان الأصليين في توكومان في الأرجنتين.

يقول خافيير كامبو “بالنسبة إلي، إن الأمل في تعافي القطاع هو وهمي،” لأن هذه الأعمال عبارة عن “إنتاجات مشتركة ممولة إلى حد كبير من جهات خارجية،” ما يجعل “من الصعب القول إنها أفلام أرجنتينية بالكامل.”

ويرى رئيس الأكاديمية الأرجنتينية للفنون والعلوم السينمائية هيرنان فيندلينغ أنّ “التصوير مكلف (…) في ظل حكومة لا تدافع عن الثقافة” وصعوبات اقتصادية يعيشها البلد. ويتوقّع أن “ينخفض إنتاج الأفلام بشكل كبير على المديين القصير والمتوسط.”

وحتى لو استمر الإنتاج بفضل منصات البث التدفقي وشركات الإنتاج الكبرى، فإن ذلك ينطوي على مخاطر، وفق الخبراء، لاسيما في ما يتعلق بتراجع التنوع. تقول فانيسا باغاني “نشهد فقدان جزء من السينما، ذلك الجزء الذي يحقق نجاحا في المهرجانات ويحظى بشهرة تتجاوز عدد التذاكر المباعة.”

في مهرجان كان السينمائي الذي لطالما كان للأرجنتين حضور قوي فيه، اقتصرت المشاركة هذا العام على فيلم قصير وفيلم "نودلز درانكن"

ويؤكد هيرنان فيندلينغ أن “ما تقدمه المنصات قيّم جدا” لأنه “يتيح لنا الحفاظ على جزء من الإنتاج وتوفير فرص عمل. لكن لا يمكن أن يكون هذا الإنتاج الوحيد في الأرجنتين.”

وبحسب المنتج، إذا تركز الإنتاج على المنصات الكبيرة “فلن يكون هناك تجديد جيلي،” لأن هذه الشركات تستهدف عادة منتجات معروفة ومخرجين وممثلين وكتّاب سيناريو سبق أن أثبتوا حضورهم.

وتؤكد التحديات التي تواجهها السينما الأرجنتينية أهمية دعم القطاع من المؤسسات الرسمية من خلال تصورات مدروسة يمكنها أن تساهم في المحافظة على حركيته وتجدده، بينما تنبئ الوقائع بأن الدولة لا تولي القطاع الاهتمام الكبير الذي يستحقه، وهو ما حدا بسينمائيي الأرجنتين على اختلاف انتماءاتهم إلى إطلاق صرخة احتجاج قد تتفاقم في المدة القادمة، نظرا إلى ما يواجهه القطاع من تهديد جوهري وإهمال يراه بعضهم متعمدا.

وجدير بالذكر أن مهرجان البندقية السينمائي افتتح مساء الأربعاء السادس والعشرين من أغسطس المنقضي، ويستمر على امتداد 11 يوما، ويرأس لجنة التحكيم فيه المخرج الأميركي ألكسندر باين.

وتشهد الدورة الثانية والثمانون من مهرجان البندقية، أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، حضور كوكبة من النجوم، من جوليا روبرتس إلى جورج كلوني، بالإضافة إلى سلسلة من الأفلام التي يُتوقَّع أن تؤثر في الحاضرين. ويتنافس واحد وعشرون فيلما للفوز بالأسد الذهبي الذي ناله العام الفائت فيلم “ذي روم نكست دور” للمخرج بيدرو ألمودوفار، وهو عمل يتناول نهاية الحياة.

وسيُعلَن عن اسم الفائز بالدب الذهبي في السادس من سبتمبر الجاري، حيث سيُختتم الحدث بفيلم “دوغ 51” ذي الميزانية الضخمة، من بطولة الممثلة الفرنسية أديل إكزاركوبولوس.

 

العرب اللندنية في

02.09.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004