ملفات خاصة

 
 
 

افتتاح مهرجان فينيسيا الـ82:

دعوة إلى الرحمة والتسامح وحبّ الحياة

فينيسيا/ محمد هاشم عبد السلام

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والثمانون

   
 
 
 
 
 
 

هل هناك رسالة مقصودة، تعمّد ألبرتو باربيرا، المدير الفني لـ"مهرجان فينيسيا"، إرسالها مع انطلاق الدورة الـ82 (27 أغسطس/آب ـ 6 سبتمبر/أيلول 2025)؟ لا لبس في هذا، خاصة أن فيلمي افتتاح المسابقة الرئيسية (والمشارك فيها) وبرنامج آفاق، "الرحمة" للإيطالي باولو سورينتينو و"الأم" للمقدونية تيونا ستروغر ميتيفسكا، ورغم الاختلاف الجغرافي والزمني والأحداث، يتطابق الموضوع والأفكار الرئيسية والرسالة الضمنية فيهما إلى حدّ كبير.

هناك رغبة جلية في تأكيد القيم الإنسانية المطروحة فيهما، ومدى أهمية حياة البشر، وقيمة الحياة، قبل أي شيء. في قلب هذا، سيادة الرحمة والمغفرة والتسامح، في ظلّ قسوة الحياة المعاصرة. وضرورة عدم التسرّع في اتّخاذ أي قرارات متعجّلة، أو منطلقة من دوافع معيّنة، بخصوص حياة البشر ومستقبلهم. تدور أحداث الفيلم العاشر لسورينتينو، المهمّ والمُثير لأسئلة وقضايا كثيرة حسّاسة، بطريقة إنسانية عميقة للغاية، عن الأيام الأخيرة لرئيس إيطالي متخيّل، يُدعى ماريانو دي سانتيس، بأداء كارزيمي مذهل لتوني سيرفيلو، بطل معظم أفلامه.

رغم انطلاقه من صلب السياسة، وما يدور في كواليس القصر الرئاسي، قبل أشهر قليلة على تقاعد الرئيس، يبتعد "الرحمة" عن السياسة كثيراً، طارحاً أسئلة إنسانية ووجودية عامة، ومُثيراً معضلات إنسانية مُربكة، تتعلّق بحسم مصائر أشخاص، والتوقيع أو عدم التوقيع على قانون القتل الرحيم وتبعاته، في بلد كاثوليكي كإيطاليا. ورغم أنّ معظم المشاهد لم تكن خارج أروقة القصر الفاخر، والحجرات الشاسعة، والإضاءة الداخلية، والرسميات، والحُلل الأنيقة، والتعامل البروتوكولي، في أجواء تعيد إلى السينما الكلاسيكية البسيطة، لكنها هنا مُعبّرة في الوقت نفسه عن روح الحاضر، وتخاطب المستقبل بطريقة بارعة. والتجربة السينمائية هذه تمزج بين العناصر المعتادة في سينما سورينتينو: النظرة الشاعرية التأمّلية العميقة للحياة والعلاقات، تتخلّلها لمحات عن العبث والفَقَد والحنين.

طبعاً، يحضر أسلوبه الساخر، قليلاً. إذْ يسبق كلّ شيء الاشتغال البصري المتقن والساحر، الذي مَيّز أعماله، واللقطات الطويلة الهادئة، والألوان المشبعة، حتى وإنْ دارت الأحداث والمشاهد في الحجرات المغلقة. كما تحضر الموسيقى الكلاسيكية، وإنْ كانت الغلبة لموسيقى الراب المعاصرة، التي تحاور الصورة، وتتفاعل معها الشخصيات، أكثر من كونها تعليقاً على الأحداث.

في النهاية، يعطي سورينتينو درساً بمعنى الكلمة للكيفية التي ينبغي أنْ تُتّخذ بها القرارات الحاسمة، سياسياً أو إنسانياً، بعيداً عن الاندفاع وإظهار القوة والأفكار الملتوية، وكيف يجب أنْ تكون عقلية مُتّخد القرار وتصرّفاته. هذا مع الابتعاد كثيراً عن الصورة التي أظهر بها سورّينتينو شخصية الرئيس الراحل جوليو أندريوتي، ورئيس الوزراء الراحل سيلفيو برلسكوني. فالانطلاقة هنا ليست ذات خلفية سياسية واجتماعية واقتصادية، بل إنسانية بحتة.

أمّا المقدونية تيونا ستروغر ميتيفسكا، فتقدّم في حبكة فيلمها العاشر أفكاراً وإحالات وتأمّلات، تشترك مع طرح باولو سورينتينو، والمُعالجة الكلاسيكية للأحداث، والاعتماد القوي على أداء الممثلين للشخصيات. "الأم" سيرة درامية مؤثرّة عن الأيام السبعة الأخيرة في حياة الأم تيريزا، ستكون مفصلية في تلك الحياة، قبل أنْ تصلها رسالة من الفاتيكان تسمح لها بمغادرة دير "لوريتو" (كُلكاتا)، منتصف القرن الماضي، والابتعاد عن حياة الدير، وتدريس التلاميذ، والإشراف على الراهبات، وغيرها من المهام، لتأسيس جمعية تبشيرية خاصة بها.

لا خلفيات فيه عن حياتها، تُحيل إلى واقعها باعتبارها إحدى أبرز الشخصيات الإنسانية في القرن الـ20، لأعمالها الخيرية في الهند، باستثناء وجودها في دير "لوريتو"، وتدريسها، ورعاية الراهبات. بينما المعروف أنّها لم تكن هندية أصلاً، رغم منحها الجنسية الهندية لاحقاً، بل مقدونية، واسمها الحقيقي أنْيِزا كونجي بوياجيو. تنقل مشاهد الافتتاح جانباً من الدور الخيري للأم تيريزا (نومي ريْباس، بأداء جيّد جداً): إطعام الفقراء، وعلاج المُصابين بالجزام، رعاية الأيتام، ومهام أخرى، شاقّة وعسيرة. إضافة إلى الصورة العامة للروتين اليومي لحياة الدير، والتعريف ببعض الراهبات. أغلبية هذه المشاهد مُصوّرة باحترافية وفنية، وتوظيف جيّد للإضاءة، ما أسهم في نقل ما هي عليه حياة الدير من قسوة وتقشّف، وانعكاسها على الشخصيات.

تتعقّد الأحداث الفيلم وتتصاعد، وصولاً إلى الذروة، بمعالجة كلاسيكية، في السيناريو والإخراج، بعد اكتشاف الأم تيريزا أنّ الراهبة أجنيشكا (سيلفيا هويكس)، المُقرّبة لها وكانت تُعدّها لتكون خليفتها، حبلى، ما يضعها في مواجهة حاسمة مع الراهبة، بل مع إيمانها ومعتقداتها وآرائها. ولاسيما أنّ الأمور تتعقّد مع رغبة أجنيشكا في التخلّص من الجنين، والتطهّر من الدنس، ومحاولة الانتحار. ثم محاولة إبقاء الطفل، وترك الدير نهائياً.

هناك أيضاً مفاهيم الرحمة والمغفرة والتسامح، وأخرى متعلّقة بأخطاء البشر ونواقصهم. حضورها بالفيلم قوي، لكنْ في إطار ربطها أكثر ليس بشخصية الأم تيريزا بذاتها، بل بما تمثّله كرمز ديني وخيري وإنساني. فرأي الدين والدولة، المُحَرِّمَين للإجهاض، وقتل الروح، في مقابل مفهوم الخطيئة والزنى، وقضايا وطروحات، تؤكّد ضرورة عدم التسرّع في الحكم على الآخر، أو إدانته، أو اتّخاذ قرارات متعجّلة، مهما كانت المنطلقات والدوافع والمرجعيات. ثم التأكيد البالغ لأهمية حياة البشر، وقيمة الحياة، والتمسّك بالإنسانية.

 

####

 

"صوت هند رجب" يمثل تونس في المنافسة على أوسكار

تونس/ العربي الجديد

أعلن المركز الوطني للسينما والصورة في تونس، اليوم الخميس، اختيار فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، لتمثيل البلاد في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، المخصصة للأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة والناطقة بغير الإنكليزية. وأفاد المركز في بيان بأن لجنة معتمدة من أكاديمية علوم وفنون السينما الأميركية اختارت الفيلم للمنافسة في الدورة الثامنة والتسعين للجائزة الأشهر عالمياً بعد أن رأت أنه "يستجيب لمعايير الأهلية كافة كما وردت في قواعد الترشيح".

وسبق أن اختارت تونس في أعوام سابقة فيلمين من إخراج كوثر بن هنية للجائزة نفسها، هما "الرجل الذي باع ظهره" و"بنات ألفة". ومن المنتظر إعلان القائمة الأولية للأفلام المتنافسة على الجائزة في ديسمبر/كانون الأول، ثم القائمة المختصرة في يناير/كانون الأول 2026، قبل إقامة حفل توزيع جوائز أوسكار الثامن والتسعين في مارس/آذار.

يتناول "صوت هند رجب" اللحظات الأخيرة من حياة الطفلة الفلسطينية هند رجب التي قتلها الاحتلال وعائلتها بقصف سيارة لجأوا إليها جنوب غرب مدينة غزة في 29 يناير/كانون الثاني 2024. وهو فيلم يحظى بدعم نجوم هوليوود مثل براد بيت وواكين فينيكس وجوناثان غليزر، منتجين منفذين، ويتنافس حالياً على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي أمام أعمال كبرى مثل "فرانكشتاين" للمخرج غييرمو ديل تورو، و"لا خيار آخر" للمخرج بارك تشان ووك.

وقالت المخرجة كوثر بن هنية في تصريحات صحافية سابقة إن الفيم "جوهره بسيط جداً، لكن يصعب التعايش معه". وأردفت: "لا أستطيع تقبّل عالم يلجأ فيه طفل إلى المساعدة ولا أحد يستجيب (..) هذا الألم، وهذا الفشل، نشعر به جميعاً". وأضافت أن هذه القصة لا تقتصر على الفلسطينيين في قطاع غزة، بل تروي حزناً عالمياً. وتابعت: "أعتقد أن الحبكة الأدبية، خاصةً عندما تستمد من أحداثٍ حقيقيةٍ مُوثّقةٍ ومؤلمة، تكون أقوى أدوات السينما، التي تقوم بدورها بحفظ الذكرى ومقاومة النسيان".

 

####

 

براد بيت وواكين فينيكس يدعمان إنتاج فيلم "صوت هند رجب"

فينيسيا/ العربي الجديد

انضم نجوم هوليوود براد بيت وواكين فينيكس وروني مارا إلى المخرجين الحائزين جائزة أوسكار جوناثان غليزر وألفونسو كوارون بكونهما منتجين منفذين لفيلم "صوت هند رجب" قبل عرضه الأول في مهرجان فينيسيا السينمائي. ووفقاً لموقع ديدلاين الفني، ظهرت هذه الأسماء في شارة نهاية الفيلم ضمن قائمة المنتجين. 

و"صوت هند رجب" فيلم من إخراج التونسية المرشحة لجائزة أوسكار كوثر بن هنية، ويُجسد اللحظات الأخيرة من حياة الطفلة الفلسطينية هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات، التي قتلتها قوات الاحتلال في يناير/كانون الثاني 2024 بعد أن علقت في سيارة مع أقاربها الشهداء في غزة. ويتنافس الفيلم على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي مع أفلام بارزة، منها "فرانكشتاين" للمخرج غييرمو ديل تورو، و"لا خيار آخر" للمخرج بارك تشان ووك، و"بيت الديناميت" للمخرجة كاثرين بيغلو. ومن المقرّر عرضه لأول مرة في المهرجان في 3 سبتمبر/أيلول.

"صوت هند رجب" أمام صمت هوليوود

تُنتقد هوليوود بسبب ردها الفاتر على الإبادة الجماعية في غزة، التي خلّفت حتى الخميس 62 ألفاً و966 شهيداً، و159 ألفاً و266 مصاباً، ومجاعة تجتاح 20 في المائة من مساحة القطاع، مع تقديرات بأن تنتشر في دير البلح (وسط)، وخانيونس (جنوب)، بحلول أواخر سبتمبر/أيلول المقبل. ومع ذلك، ظهرت أصوات هنا وهناك تنتقد الفظائع الإسرائيلية بينها مارك روفالو وتيلدا سوينتون وسوزان ساراندون.

أما جوناثان غليزر، أحد منتجي "صوت هند رجب"، وهو يهودي وحائز جائزة أوسكار عن فيلمه "ذا زون أوف إنترست"، فقد تعرّض لانتقادات واسعة النطاق داخل الصناعة لانتقاده جرائم الاحتلال، وخصوصاً بعدما استغل خطابه خلال حفل توزيع جوائز أوسكار في مارس/آذار الماضي، لانتقاد استغلال الهولوكوست لتبرير جرائم العدوان على غزة. وبعد أن اتُّهم بمعاداة السامية، تلقى غليزر دعماً من أكثر من 150 شخصية يهودية في هوليوود، كتبوا رسالة مفتوحة يدينون فيها منتقديه، جاء فيها: "الهجمات على غليزر تُشكّل تشتيتاً خطيراً عن الحملة العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة". 

 

العربي الجديد اللندنية في

28.08.2025

 
 
 
 
 

سورّينتينو يفتتح بـ"النعمة"

إنطلاقة "فينيسيا 82".. حضور سعودي لافت

شيماء صافي

إيلاف من البندقيةمن جديد تستقبل جزيرة الليدو الإيطالية الساحرة، زوار مهرجان فينيسيا العريق، في دورته الـ82، الدورة التي تحمل الكثير من الآمال عربيًا وعالميًا، وانطلقت شرارتها اليوم، وتستمر عروضها السينمائية إلى 6 سبتمبر المقبل.

باولو سورّينتينو يطلق شارة البداية

افتتح مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي دورته الثانية والثمانين بفيلم "النعمة" من تأليف وإخراج الإيطالي الحائز على الأوسكار باولو سورّينتينو، في عرضه العالمي الأول. الفيلم من بطولة توني سيرفيلّو إلى جانب آنّا فيرتزيتّي.

سورّينتينو يعود للمهرجان الذي بدأت علاقته به منذ عام 2001 عندما قدّم فيلمه الأول "اللاعب الإضافي"، وتكرّست لاحقًا مع أعمال بارزة أهمها فيلمه "لقد كانت يد الله" الفائز بأسد فينيسيا الفضي عام 2021.

السينما السعودية حاضرة للمرة الرابعة

للمرة الرابعة تحضر السينما السعودية في مهرجان فينيسيا، العريق، وهذه المرة عبر فيلم "هجرة" العمل الروائي الثاني للمخرجة شهد أمين، والذي يعرض ضمن قسم "أضواء فينيسيا"، وهي مشاركتها الثانية بالمهرجان، حيث شاركت من قبل عام 2019 بفيلمها الأول "سيدة البحر"، والذي عرض في "أسبوع النقاد"، وحصد جائزة نادي فيرونا السينمائي للفيلم الأكثر إبداعًا في المهرجان.

بداية المشاركات السعودية في المهرجان كانت من خلال فيلم "وجدة" للمخرجة هيفاء المنصور، عام 2012، ضمن قسم "آفاق"، الفيلم تم ترشيحه أيضًا للمنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. وفي 2019 عادت هيفاء المنصور لفينيسيا بفيلمها "المرشحة المثالية" الذي نافست به على الأسد الذهبي.

حضور عربي لافت

يشهد المهرجان هذا العام حضورًا عربيًا لافتًا تقوده أسماء نسائية بارزة. تتصدّر التونسية كوثر بن هنية المسابقة الرسمية بفيلمها "صوت هند رجب"، المستند إلى التسجيل الصوتي الأخير للطفلة الغزاوية مع الهلال الأحمر، قبل أن تقتل هي و6 من أسرتها، في عمل إنتاجي دولي واسع، وحظي الفيلم بدعم كبير من نجوم هوليوود أيضًا، وأبرزهم: براد بيت، خواكين فينيكس، روني مارا، ألفونسو كوارون وجوناثان غليزر.

فيما تحضر ليبيا بعد 13 عامًا من الغياب عبر الوثائقي «بابا والقذافي» لجيهان الكيخيا. وتعود المغربية مريم توزاني إلى فينيسيا للمرة الثالثة بفيلمها "شارع مالقا"، والسودانية سوزانا ميرغني تشارك بفيلمها "ملكة القطن" بعد أن برز اسمها في أروقة المهرجانات بعد فيلمها القصيرة اللافت "الست"، أما الجزائري يانيس كوسيم فيشارك بـ"رقية"، بجانب "مهدد بالانقراض" للفلسطيني سعيد زاغة، و"نجوم الأمل والألم" للبناني سيريل عريس، بالإضافة إلى "هدوء نسبي" للبنانية لانا ضاهر.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

28.08.2025

 
 
 
 
 

فينيسيا السينمائي:

في "بوغونيا" الاستعباد ليس نظرية مؤامرة

سليم البيك*

السخرية هنا مزدوجة، لا من نظريات المؤامرة، وإن بدا ذلك في ثلاثة أرباع الفيلم، قبل أن يقلب الفيلم أخيراً الطاولة على المسلَّمات، بل من إمكانية أن تكون هذه النظريات واقعية، وإن لم يتقبلها العقل، مع احتمال في كارثية تحقيقها،

كان يمكن للفيلم أن ينحصر في السخرية من طرفين: حمقى يتطرفون في نظريات المؤامرة إلى درجة أنّ كانات فضاية تعيش بيننا على هيئة بشر، وممثلة لرأسماليةٍ نيوليبرالية تعيش بأقنعة على وجهها، أثناء النوم لتغمض عينيها وأثناء الركض لتشهق وتزفر وأثناء الاستلقاء لتعالج بشرتها، ويمكن القول إن للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس مرحلة جديدة، أو نقلة سينمائية مكثفة أنجزها في ثلاث سنوات بثلاثة أفلام متتابعة، "أشياء بائسة" عام ٢٠٢٣، "أنواع من اللطف" عام ٢٠٢٤، وفيلمه الأخير، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي اليوم، "بوغونيا" (Bugonia).

إنتاج مكثف لا بكمّه فقط، بل بنوعه. كان يكفي لانثيموس أن يَخرج بهذه الأفلام المبهرة في فترة بين واحدها والآخر تكون بالأعوام لا بالأشهر. كأنها، الكثافة كماً ونوعاً، استعجال من المخرج الغرائبي، في الخروج من يونانيته أولاً، في أفلامه الأولى، ومن اغترابه ثانياً، في أفلام قليلة عرّفته كمخرج (آخر) وافدٍ إلى السينما الأمريكية باتباع اللغة الإنكليزية بالاعتماد على ممثلين بالانكليزية.

في أفلامه الثلاثة الأخيرة خرج من حالة الهوية اليونانية والاغتراب اليوناني في أمريكا، ودخل مقتحماً المجال الحيوي للسينما الأمريكية، محتفظاً ببصمته التي بدأها في أفلامه الأولى، اليونانية، في "دوغتوث"، واستمر بها مغامراً في أفلامه الناطقة بالإنكليزية، في "ذا لوبستر" و"قتلُ غزال مقدس"، قبل أن يكون فيلمه "المفضَّلة" نقلة حملته إلى ثلاثة أفلام أوجدت لانثيموس الجديد، المريع والعجيب، تكرّست فيها الغرابة أسلوبياً وانغمس بها هو، مبتعداً، في خط خاص به، في تحطيم للمنطق بقدر قد لا يتقبّله أحدنا من غيره.

الفيلم، ويشير عنوانه باليونانية القديمة إلى أسطورة حول خلق النحل من خلال جثة ثور، يحوم حول اثنين، أحمقين، يعتقدان أن البشرية تحكمها كائنات فضائية على شكل بشر، يعيشون بيننا ويحاولون السيطرة على الكوكب، يخطفان مديرة شركة، أحدهما عاملٌ فيها، ليجبراها على الاعتراف بكونها مخلوقة فضائية. ويسير الفيلم بمعظمه بين الثلاثة، في حوارات لمّاحة وساخرة، وفي محاولات الامرأة للخلاص.

تستهل الفيلم مشاهد للنحل، من مزرعة الأحمقين، مع شرح للطبيعة الاستغلالية التي تجمع بين الملكة والعمّال، أي النحل المنتج للعسل، ومنه تمر إشارات إلى نظريات مؤامرة، أساطير حول جائحة كوفيد وكروية الأرض وغيرهما. يتقدّم الفيلم مع إدراك تام، منطقي، بأن الرجلين أحمقان وأنهما من أصحاب نظريات المؤامرة وأن السيدة، المستغلة لموظفيها بكل الأحوال، الأقرب لموقع الملكة، أنها إمرأة تحاول النجاة بمسايرتهما في كونها فعلاً فضائية. يتقدم الفيلم في ذلك قبل أن يقلب المنطقَ واستنتاجاته، وتقبّلات العقل لما هو واقعي وقابل للحدوث ومحصور بين السخرية والجريمة، من دون جهد فكري أبعد، كأن لا يكون الرجلين فعلاً أحمقين وأن المرأة، كما نقبله من أي فيلم لانثيموسيّ، يمكن أن تكون، وإن بهيئة إيما ستون، كائناً فضائيّاً.

كان يمكن للفيلم أن ينحصر في السخرية من طرفين: حمقى يتطرفون في نظريات المؤامرة إلى درجة أنّ كانات فضاية تعيش بيننا على هيئة بشر، وامرأة مجسّدة لرأسماليةٍ نيوليبرالية تعيش بأقنعة على وجهها، أثناء النوم لتغمض عينيها وأثناء الركض لتشهق وتزفر وأثناء الاستلقاء لتعالج بشرتها، وبقناع آخر غير مرئي، هو الشاشة، في حديثها الدعائي، لشركتها، عن التنوع العرقي، وأخيراً قناع أقرب ليكون رأسها بكامله، حليقة، أشبه، فعلاً، بالكائنات الفضائية، وهو ما سيكون أخيراً موحياً إلى حقيقة واحدة لهذه السيدة، في ما يمكن أن تكونه أسوأ بدرجات من مديرة استغلالية (ملكة استعبادية)، فتكون، فعلاً، كاناً فضائياً سيبيد، أخيراً، الجنس البشري.

في الفيلم الكثير مما يقال، ولا تكفي مقالة قصيرة له في المهرجان، وهي الأولى وسيليها غيرها يومياً. من حسن الحظ، مثلاً، أن الفيلم التالي له، في المهرجان، كان سطحياً فلا اضطرار ولا رغبة في الكتابة عنه، هو "جي كيلي" لنوا بوماك. أما أن يكون فيلم ما في المهرجان، مع ضرورة الكتابة عنه خلال عشرة أيام يشاهد فيها أحدنا ما يفوق العشرين فيلماً، فهذا ما لا يستحقه فيلم عظيم كـ "بوغونيا"، فيه من السخرية والهزء، لا من المستحمَقين بل من المستحمِقين، لا من المستعبَدين بل من المستعبِدين. العالم هنا يمكن أن يكون أشد غرابة وبأساً من تسلّط رأسمالية بأساليب نيوليبرالية بغطاءات هي خطابات عن التنوع العرقي والجندري. هو، الأسوأ، عالم يكون فيه لهذه الرأسمالية منشأ فضائي، كامل التحكمّ، سيودي أخيراً إلى إبادة البشرية.

السخرية هنا مزدوجة، لا من نظريات المؤامرة، وإن بدا ذلك في ثلاثة أرباع الفيلم، قبل أن يقلب الفيلم أخيراً الطاولة على المسلَّمات، بل من إمكانية أن تكون هذه النظريات واقعية، وإن لم يتقبلها العقل، مع احتمال في كارثية تحقيقها، ما يعود بنا إلى سؤال أوّلي، هو عن المحرّض الأساسي في أن يخطر على بال أحدنا سؤال يستفتح نظرية مؤامرة، وهو يخص، بالضرورة، عالماً كالنحل، فيه أغلبية مستعبَدة من قبل أقلية مستعبِدة. لمَ قد يتطرّف أحدنا في الظن بآخرين متطرفين في الاستغلال؟

*محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

 

مجلة رمان الثقافية في

28.08.2025

 
 
 
 
 

جلسات حوارية وندوات متخصصة

السينما السعودية حاضرة بقوة في مهرجان البندقية بـ9 أفلام

البلاد/ مسافات

ضمن جهودها لتعزيز حضور الثقافة السعودية عالميًا، تستضيف وزارة الثقافة السعودية معرض "تعرَّف على السينما السعودية: إرث السينما السعودية وحاضرها" في مبنى "أبازيا" بمدينة البندقية الإيطالية، خلال الفترة من 28 أغسطس إلى 6 سبتمبر 2025. وتتزامن هذه الفعالية مع مهرجان البندقية السينمائي الدولي، لتسليط الضوء على الإبداعات السعودية في قطاع السينما.

يشمل المعرض عرضًا لتسعة أفلام سعودية قصيرة، تتنوع مواضيعها بين الكوميديا السوداء، والدراما الإنسانية، والأفلام الوثائقية الشعرية، وتتناول قضايا عميقة مثل البحث عن الهوية، وتجربة الفقد، وطبيعة العلاقات الاجتماعية. وحققت العديد من هذه الأفلام جوائز في مهرجانات سينمائية مرموقة، مثل مهرجان أفلام السعودية ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، كما يمثل بعضها بدايات لمخرجين سعوديين واعدين.

لا يقتصر الحدث على عروض الأفلام فقط، بل يتضمن أيضًا فعاليات تهدف إلى تعزيز الحوار حول الصناعة السينمائية السعودية. فمن 28 إلى 30 أغسطس، سيشارك صناع الأفلام السعوديون في جلسات حوارية مباشرة مع الجمهور بعد عروض أفلامهم.

كما تُعقد يوم الأربعاء 29 أغسطس ندوة حوارية بعنوان "صناعة السينما السعودية: صياغة النجاح السينمائي" بالتعاون مع هيئة الأفلام. وستجمع الندوة مخرجين وخبراء لمناقشة مسار تطور الهوية السينمائية في المملكة، وأبرز التحديات والفرص المتاحة، وكيف يمكن للسينما أن تكون جسرًا للحوار الثقافي مع العالم.

تؤكد هذه المشاركة السعودية على هامش مهرجان البندقية التطور الكبير الذي يشهده قطاع السينما في المملكة، خاصة من حيث الدعم المقدم للمنتجين ورفع جودة الإنتاج. وتُعد هذه الخطوات جزءًا من رؤية المملكة 2030 لترسيخ صناعة سينمائية محلية قوية وقادرة على المنافسة وتصدير الأفلام إلى الخارج.

يُذكر أن الدورة الـ82 لمهرجان البندقية بدأت فعالياتها مساء الأربعاء بتكريم المخرج الألماني فيرنر هيرتسوج، الذي نال جائزة الأسد الذهبي لإنجازاته الفنية. وشهد المهرجان عرض فيلم الافتتاح "La Grazia" للمخرج الإيطالي باولو سورينتينو، الذي يتنافس مع 20 فيلمًا آخر على جائزة الأسد الذهبي. ومن المتوقع أن يحضر المهرجان عدد من النجوم العالميين مثل جوليا روبرتس، جورج كلوني، ودوين جونسون (ذا روك)، وتستمر فعاليات المهرجان حتى 6 سبتمبر المقبل.

 

البلاد البحرينية في

28.08.2025

 
 
 
 
 

سورنتينو يحمل إلى جمهور البندقية رئيساً إيطالياً خيالياً

فيلم "النعمة" يناقش قضية الموت الرحيم والغفران وبابا روما على دراجة

هوفيك حبشيان 

ملخص

بعدما شارك، بفيلمه الأخير العام الماضي في مهرجان كان، عاد المخرج الإيطالي باولو سورنتينو أمس إلى "موسترا" البندقية (27 أغسطس/ آب - 6 سبتمبر/ أيلول) التي كانت شهدت انطلاقته الأولى في مطلع الألفية. جاء إلى الليدو بفيلمه الجديد "النعمة".

 يناقش فيلم "النعمة" الغفران والموت الرحيم وصون الحياة، واضعاً صاحبه مباشرة في قلب المنافسة الرسمية، سانحاً الفرصة للمهرجان كي يفتح حواراً جديداً على جدلية واحدة: كيف تتعامل السينما مع حدود الحياة والموت؟ هذا كله في بلاد طالما تعاملت مع المسائل التي تحتاج إلى ضوء أخضر ديني بحذر شديد، فلا ننسى أنها تضم الفاتيكان، أرفع مرجعية كاثوليكية. وللمناسبة يظهر حبر أعظم متخيَّل في الفيلم، له رأي وموقف، وهو أسمر البشرة ويركب دراجة نارية.

على رغم أهمية هذه المواضيع، فهي ليست مركز الكون في فيلم المخرج النابوليتاني المتأثر بفيلليني. فهو لا يعود هذه المرة إلى شخصيات سياسية حقيقية كما فعل في "إيل ديفو" أو "لورو"، حيث تطرّق حرفياً إلى رئيس الحكومة جوليو أندريوتي ورئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني، بل ابتكر رئيساً إيطالياً خيالياً من بنات أفكاره، يعيش أزمة نهاية ولايته، كاتباً من خلاله كل خواطره. يؤدي دور الرئيس توني سرفيللو، الممثل الذي صار قريناً لسينما سورنتينو بملامحه الجامدة ونبرته التي لا تعرف الانفعال. معاً أنجزا سبعة أفلام، حتى عندما أخرج فيلمه شبه السيري "كانت يد الله" أسند إليه دور الأب في مبادرة رمزية.

الرئيس الذي يرسمه الفيلم ليس منشغلاً كثيراً بمسؤولياته الثقيلة، على رغم أن قضايا بالغة الحساسية تحاصره: قانون للموت الرحيم ينتظر توقيعه، عفو محتمل عن مجرمين، ملفات سياسية من النوع الذي قد يطبع سمعته إلى الأبد. وهو يدرك ذلك، فيتعامل معها بحيرة انطلاقاً ممّا يمليه عليه ضميره. في أحد المشاهد يقول إنه مهما فعل في قضية الموت الرحيم، فالرأي العام سيحاسبه إما مجرماً أو جلاداً. ولكن، كل ذلك يتوارى أمام وطأة الذكريات التي تثقل صدره: زوجة راحلة كان يعشقها ولم يتجاوز خيانتها القديمة، وندوب شخصية تحكم حاضر رجل تبدو أنفاسه أضعف من سلطته.

المكان الرئيس للأحداث هو قصر كويريناليه الرئاسي في روما. كالعادة، البيئة المكانية بالغة الأهمية عند سورنتينو. المبنى الذي يبدو كأثر متحفي يتحوّل في الفيلم إلى مسرح صامت يحتضن الواقع والفانتازيا. هنا، يتجوّل الرئيس وحيداً (وإن محوطاً بحاشيته) وسط جدران شاهدة على قرون من التاريخ، لكنّ داخله معلَّق عند شبح امرأة غابت قبل ثماني سنوات وما زالت تتحكم في عزلته. السرد يتنقل بين السياسة والخيال الشخصي، بين وقائع الدولة واستيهامات لم تطوِ صفحة الماضي والذكريات.

يقدّم سورنتينو مادته على طريقته المعتادة: لقطات مشغولة بدقة مهووسة، حركة كاميرا تسبح في المكان كما لو كانت تبحث عن لحظة ضائعة، وجماليات زائدة تجعل من كلّ مشهد لوحة مشبعة بالألوان والإضاءة. سورنتينو إيطالي قح في الاستيتيك الذي يوظفه. لكنّ هذا الانغماس في الشكل لا يحمي الفيلم من هشاشة جوهره. فمن وراء الزخرف، يطلّ شعور بالفراغ. كأن المخرج نفسه يكرّر ما طالما اتهم به الآخرين: الاكتفاء بالقشرة.

سرفيللو، على رغم إتقانه الدور، لا يعيد انتاج السحر الذي منح "الجمال العظيم" زخمه. الشخصية هنا جامدة أكثر من اللازم، محاصَرة بالبرود من كل صوب. حتى اللحظات التي تحاول أن تستدعي السخرية أو الهجاء السياسي، تبدو مترددة، لا تمضي إلى النهاية. الإيقاع تتقطّع نبرته أحياناً على مدى ساعتين، فينعكس ذلك على المشاهد الذي يخرج من الصالة مثقلاً بالإبهار البصري لكن بلا أثر عاطفي حقيقي.

عبثية السلطة

سينما سورنتينو ما زالت أسيرة أسئلته: جدوى الوجود، عبثية السلطة، هشاشة الإنسان في عالم مصنوع من المظاهر. لكن "النعمة" لا يضيف شيئاً جديداً. على العكس، هو يقدّم نسخة أشد فتوراً من انشغالات سبق أن قدّمها المخرج بحدّة أكبر. ما يبقى بعد العرض ليس إلا طبقة من صور أنيقة، تُعلّق في الذاكرة مثل ألبوم فاخر، ثم تتبخر. كل ما تقدّم لا يعني أننا أمام فيلم رديء، بل على العكس، نحن أمام مخرج يتقن لغة السينما بمهارة، ولكن من البديهي أن من فنان يستطيع أن يبلغ الذروة نفسها في كلّ مرة. 

يتحدث سورنتينو في مقابلة عن البذرة التي انطلق منها لكتابة السيناريو: واقعة تتعلق بالرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، الذي أصدر قبل سنوات عفواً عن رجل مسنّ قتل زوجته المريضة بالألزهايمر. من هنا بدأ التساؤل: ماذا يعني أن ينفرد شخص واحد في الدولة بسلطة العفو؟ رئيس الجمهورية وحده يمتلك هذه الصلاحية، ليس في إيطاليا فحسب، بل أيضاً في الولايات المتحدة ودول أخرى. لحظة القرار هذه فتحت باباً شائكاً على أسئلة أخلاقية عميقة، خصوصاً حين يكون صاحب القرار ابن ثقافة كاثوليكية مشبعة بفكرة قدسية الحياة.

تخيّل سورنتينو أن هذه الحكاية يمكن أن تتقاطع مع معضلة أخرى لا تقل ثقلاً: التوقيع أو عدم التوقيع على قانون يشرّع الموت الرحيم. بالنسبة إليه، الحبكات السينمائية الجديرة بالاهتمام هي تلك التي تنبني على مأزق أخلاقي. وهنا، يستدعي مثالاً يراه نموذجياً: سلسلة "الوصايا العشر" لكيشلوفسكي، التي جعلت من المعضلة الأخلاقية محوراً لسردها.

عن الخيط المشترك بين أعمال سورنتينو الثلاثة "إيل ديفو" (عن جوليو أندريوتي)، و"لورو" (عن برلوسكوني)، و"النعمة"، يقول سورنتينو: "المشترك هو حياة البطل الخاصة وظلالها الثقيلة على قراراته. فنحن، كبشر عاديين، عيوبنا تنعكس على محيطنا المباشر: على أولادنا، على شركائنا، على أصدقائنا. لكن حين يتعلق الأمر بأصحاب السلطة، فإن هذه العيوب نفسها تتحول إلى مسألة عامة، وغالباً ما نستهين بخطرها".

يستعيد المخرج مثالاً من مقابلة قديمة مع رجل الأعمال تشارلي مونغر، شريك وارن بافيت، حين سُئل: كيف ترى دونالد ترامب رئيساً؟ أجاب يومذاك بأن ترامب مدفوع حصراً بالغرور وبالسعي وراء المجد، وأن هذين الدافعين في غاية الخطورة إن امتلكهما من يتولى رئاسة الولايات المتحدة. ولأن الأخبار اليومية حافلة بقرارات سياسية وليدة نزوة أو استعراض قوة، أو تصورات مشوّهة للاقتصاد، أراد سورنتينو أن يقترح صورة معاكسة: أن يتأمل كيف يجب أن يكون السياسي، لا كما هو في الواقع. 

 

####

 

نجوم هوليوود وطيف غزة يتصدران افتتاح "البندقية"

جورج كلوني وإيما ستون ضيفان مميزان على السجادة الحمراء و"لا غراتسيا" الإيطالي يدشن العروض

أ ف ب

ملخص

شهد مهرجان البندقية السينمائي يوماً حافلاً بالنجوم، أبرزهم جورج كلوني وإيما ستون. عرض فيلم "جاي كيلي" لكلوني، وشاركت ستون في "بوغونيا". وحضر طيف حرب غزة عبر احتجاجات سبقت الافتتاح وسط دعوات لإدانة أفعال إسرائيل.

يشهد مهرجان البندقية السينمائي اليوم الخميس يوماً زاخراً بالنجوم الهوليووديين مع الممثل الأميركي جورج كلوني، أحد أبرز الأسماء هذا العام، وإيما ستون كضيفين مميزين على السجادة الحمراء في الحدث الإيطالي.

خلال العام الماضي، أشعل حضور النجمين الصديقين جورج كلوني وبراد بيت حماسة الحاضرين في جادة ليدو التي اكتظت بالمعجبين والمصورين المتحمسين لالتقاط هذه اللحظات الخاصة بين الممثلين اللذين تجاوزا الـ60 من عمرهما، ولا يزالان يجسدان الطابع العصري لهوليوود.

هذه المرة، يقدم جورج كلوني الذي يمضي صيفه في إيطاليا بمنزله على بحيرة كومو، أحدث أفلام المخرج نواه باومباخ، والذي يتضمن ما يشبه اللفتة إلى مسيرته المهنية وعمره البالغ 64 سنة.

في فيلم "جاي كيلي" يجسد كلوني دور نجم سينمائي مسن يعيش أزمة وجودية، ينضم إليه آدم ساندلر ولورا ديرن على الشاشة، في أحد الأفلام الثلاثة التي أنتجتها "نتفليكس" من بين 21 عملاً مشاركاً في المنافسة. سيعرض الفيلم مباشرة على المنصة خلال الخامس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعد عرض محدود في صالات سينمائية أميركية مختارة.

جوليا روبرتس وإيما ستون

كان افتتاح المهرجان والمسابقة مساء أمس الأربعاء بالعرض العالمي الأول لفيلم "لا غراتسيا" (La Grazia) للمخرج الإيطالي باولو سورينتينو.

وفيما وصل كلوني إلى البندقية على متن تاكسي مائي، شوهدت النجمتان إيما ستون وجوليا روبرتس، وكانت الأخيرة ترتدي سترة تحمل صورة المخرج لوكا غوادانيينو الذي مثلتا بإدارته في فيلم "آفتر ذي هانت" (After the Hunt) المعروض خارج المسابقة في مهرجان البندقية.

وتعود إيما ستون إلى مهرجان البندقية السينمائي بعد عامين من نجاح فيلمها "بور ثينغز"، الذي فاز بجائزة الأسد الذهبي عام 2023 ومنحها جائزة أوسكار.

وفي هذا العمل الجديد بعنوان "بوغونيا"، يقف المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس مجدداً خلف الكاميرا في تعاونه الرابع مع ستون.

يروي الفيلم قصة مربي نحل (جيسي بليمونز) يقرر اختطاف الرئيسة التنفيذية لشركة أدوية كبرى (إيما ستون)، لاقتناعه بأنها في الواقع كائن فضائي عازم على تدمير البشرية.

طيف حرب غزة

كان الافتتاح مناسبة لمنح جائزة الأسد الذهبي الفخرية للمخرج الألماني فيرنر هيرتسوغ الذي يبلغ قريباً 83 سنة، عن مجمل مسيرته التي تتضمن أكثر من 70 فيلماً، سلمه إياها المخرج والمنتج وكاتب السيناريو الأميركي فرانسيس فورد كوبولا.

وحضر طيف الحرب الدائرة في غزة بقوة أمس قبل حفل الافتتاح. فبعد تحركات لمجموعة تطلق على نفسها اسم Venice4Palestine"" (البندقية من أجل فلسطين) دعت لاتخاذ موقف يدين بوضوح أفعال إسرائيل داخل القطاع الفلسطيني، سعى المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا إلى إبراز موقف واضح خلال عرض لجنة التحكيم.

وقال "كثيراً ما أعلنا بوضوح عن الألم الذي يعتصرنا إزاء ما يحدث في غزة وفلسطين"، من دون ذكر إسرائيل تحديداً، خلافاً لما طالب به بيان "البندقية من أجل فلسطين".

إلا أن باربيرا رفض على نحو قاطع استبعاد بعض الفنانين بسبب دعمهم النشط لإسرائيل، وفق ما طالبت به "البندقية من أجل فلسطين". وتقصد الجمعية خصوصاً الممثل جيرارد باتلر والممثلة غال غادوت، بطلي فيلم "إن ذي هاند أوف دانتي" (In the Hand of Dante) الذي يعرض خارج المسابقة.

أفلام مشاركة

ستثير حرب غزة ضجة في المهرجان خلال الثالث من سبتمبر (أيلول) المقبل أيضاً، مع عرض فيلم "صوت هند رجب" (The voice of Hind Rajab) ضمن المسابقة الرسمية، وتتناول فيه المخرجة التونسية كوثر بن هنية قصة مقتل طفلة فلسطينية في السادسة من عمرها خلال الـ29 من يناير (كانون الثاني) 2024 داخل قطاع غزة مع عدد من أفراد عائلتها، أثناء محاولتهم الفرار من القصف الإسرائيلي.

وأثارت التسجيلات الصوتية المستخدمة في الفيلم للمكالمة بين هند رجب وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، قبل موتها، تأثراً في مختلف أنحاء العالم بعد بثها.

الفيلم الثالث ضمن المسابقة الرسمية للـ"موسترا" اليوم هو "أورفان" للمخرج المجري لازلو نيميس، الذي نال التقدير الأول في مهرجان كان قبل 10 أعوام بفيلم "ابن شاول".

تدور أحداث هذه الدراما التاريخية في العاصمة المجرية بودابست عام 1957 بعد الثورة ضد النظام الشيوعي، وهي مستوحاة من تاريخ عائلة المخرج.

ويعرض أيضاً فيلمان وثائقيان ضمن البرنامج اليوم، أولهما "غوست إيليفنتس" الذي يتتبع فيه المخرج الألماني فيرنر هيرتسوغ مسار قطيع غامض من الأفيال في غابة بأنغولا.

كذلك، يعرض مايك فيغيس لقطات من وراء الكواليس لفيلم "ميغالوبوليس" للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، وهو عمل ضخم استثمر فيه مخرج فيلم "العراب" 120 مليون دولار من ماله الخاص، لكنه مني بفشل تجاري ذريع.

عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي عام 2024 وأثار جدلاً واسعاً، وعدَّه بعض "تحفة فنية حديثة" بينما رأى فيه آخرون "كارثة".

 

الـ The Independent  في

28.08.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004