ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان عمّان السينمائى.. خارج النص

ناهد صلاح

عمّان السينمائي

الدورة السادسة

   
 
 
 
 
 
 

بقدر ما يبدو السؤال عن مغزى اختيار "عالم خارج النص" عنوانا وشعارا لمهرجان عمان السينمائى الدولي.. أول فيلم، فى دورته السادسة المنعقدة حاليا والمستمرة حتى العاشر من شهر يوليو الجارى، عفويا وسهلا ومطلوبا فى ذات الوقت، فإنه هناك بساطة ووضوح فى الإجابة عليه: إنّها اللحظة الأنسب لطرح عنوان كهذا، وكذلك لطرح سؤال كهذا، من خلال مهرجان عربى ومنبر سينمائى ينفتح على تجارب من العالم كله، ويتّسع للعديد من الأفلام التى تقارب الواقع الإنسانى بتنوعاته وتبايناته وأنماطه المختلفة فى الطرح والتفكير ومواجهة الحياة وقسوتها.

يُلفت العنوان الانتباه، وربما يحاول إيجاد توازنٍ بين واقع كابوسى وصنيع بصرى يتحرّر، قدر المستطاع، من البؤس المحيط بنا ولعله كذلك يفعل ويتخلص من خطابيّة فجّة أتعبتنا كثيرا، صنيع بصرى ينحو صوب الأمل بحيوية تعتمل فى نفوس صناع وفنانين يحرِّضون على الحلم فى لحظتنا الراهنة، المثقلة بالانهيار والفوضى.

هذا العنوان/ الشعار، لعله يُراد به التصدى لهذا العالم المتوحش والتذكير بثوابت فى وجداننا الإنسانى ووعينا المعرفى، يرافقنا فى زمنٍ شاهد على وحشية غير مسبوقة.

لعله وانطلاقا من هذه الزاوية، عبرت الأميرة ريم علي انطلاقاً من تلك القناعة، تحدّثت الأميرة ريم على رئيسة المهرجان فى كلمتها خلال حفل الافتتاح: "نرفض أن نموت ثقافيا، حتّى وأدوات الموت والدّمار تحلّق فوق رؤوسنا".

داعية فى كلمتها بافتتاحية كتالوج المهرجان بالغوص فى (عالم خارج النص):"شعار يعكس واقع منطقتنا اليوم، بما يحمله من عدم يقين واضطراب، لكنه يزخر أيضا بروابط إنسانية وفرص واعدة". مشيرة إلى أهمية سرد القصص وتقديم رواة القصص وصنّاع الأفلام فى منطقتنا العربية والعالم كله.. الجميع فعلا يجب أن يشارك فى سرد حكاياته فى العالم الذى خرج عن النص والإنسانية.

أيام قليلة قبل المهرجان، كانت الأردن ومنطقتنا العربية والشرق أوسط العربية فى وسط الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، إنه الحال الذى نعيشه جميعا ويتصاعد بالوحشية الإسرائيلية تجاه غزة وناسها، هنا يظهر سؤال آخر: هل لا بد من الاستسلام للقلق والذعر من فكرة اشتعال الحرب؟ فى رأيى أن تاريخ هذا الصراع الطويل أثبت أنّ المقاومة ضرورية، وأن السينما واحدة من أسلحة المقاومة المهمة، وعلى هذا الأساس واصل المهرجان واستمرّ، على الرغم من الأحداث المتسارعة.

إنه الأمر الذى ذكرته ندى دومانى مديرة المهرجان فى كلمتها: "الفترة الماضية كانت عصيبة فى المنطقة ولا تزال، من السودان حيث تستمر الكارثة الإنسانية بعيدا عن الأنظار، إلى لبنان الذى عانى على مدى أشهر من حرب دمرت وقتلت وشردت، مرورا باليمن الذى تحول من سعيد إلى غارق فى الحزن، ندرك أكثر من أى وقت مضى ضرورة وأهمية أن نحكى قصتنا وأن ننقل سرديتنا كما هي. بقيت هذه الحاجة فى عالم فقد إلى حد بعيد بوصلته المعهودة وخرجت السرديات عن نطاقها المألوف. وتبقى الحكاية الفلسطينية الأشد ألما ومقياسا لإنسانية منتهكة".

إذن عند هذه النقطة، يبدو أن المهرجان ومنظميه أرادوا أن يتصدوا لعالم مجنون رؤا أنه خرج عن نص الإنسانية، وهذا أمر جدير بالتقدير، لكن لا بد من الإشارة أن المهرجان المعنى بالأفلام الأولى لصانعيها والداعم للتجارب الحقيقية، والمعنى كذلك بالبيئة مهتما بكوكبنا وسلامته ومحاولة المساعدة لنهوضه من تحت أكوام النفايات والعنف والحروب، هو ذاته المهرجان الخارج عن نص هذا العالم القاسى، نشعر بفداحة هذه القسوة فى الحكاية التى طرحها فيلم الافتتاح الفلسطينى "ما بعد" (32 دقيقة، 2024) للمخرجة مها حاج.

رجلٌ وامرأة فى مزرعة معزولة يعيشان حالة من حالات الروتين اليومى، من العمل فى المزرعة إلى الانخراط فى العمل المنزلى وخصوصا المرأة تعد الطعام ويتناولانه سويا ثلاثة مرات ثم يتحدثان عن أولادهما الخمسة (أربعة أولاد وفتاة)، نفهم أنهم يُقيمون فى بلاد مختلفة.

كلّ شيءٍ يبدو عاديا لأب وأم تقدما فى العمر وهجرهما أولادهم لحياتهم الخاصة وتفرقت بهم السبل، بينما هما يستعيدان ذكرياتهما ويتشاكسان حول علاقتهما بأولادهم، محمد بكرى وعرين العمرى إنغمسا فى أدوارهما بشكل لافت، تماهيا مع الشخصيات الغارقة فى ماضيها وسط فضاء موحش إلى أن يأتى صحفى يقتحم حياتهما: "اسمى خليل ونكتشف معه هذا الوجع اللا نهائى، فالأبوين كان يعيشان فى غزة، قبل أن يدمر العدو الإسرائيلى حياتهما ويقتل أطفالهما جميعا، فيعتزلا الجميع ويدخلا فى هذه الحالة الموحشة ونعيش معهما جرحهما الغائر الذى لا يندمل.

إبادة الفلسطينيين فى غزّة لا تتوقف، والمقاومة على قدر الوجع، ومهرجان عمان يواصل فاصله الثقافى والفنى والإبداعى، وجها من وجوه المقاومة ويشرع فضائه منصة للسرد الإنسانى الممتد، ولا تزال الفعاليات قائمة والحدث مستمر، حيث يعرض 62 فيلمًا عربيًا وعالميًا، وتتنافس 10 أفلام على جوائز مسابقة الأفلام العربية الروائية الطويلة، و7 على جوائز مسابقة الأفلام العربية الوثائقية الطويلة، و19 فيلمًا قصيرة على جوائز مسابقة الأفلام العربية القصيرة- "العمل الإخراجى الأوّل"، و7 على جوائز مسابقة الأفلام غير العربية -"العمل الإخراجى الطويل الأوّل".

كما تحل السينما الإيرلندية بـ 5 أفلام، اثنان منها للمخرج الإيرلندى الشهير جيم شيريدان، المرشح لـ 6 جوائز أوسكار، أحد أبرز ضيوف المهرجان.

 

اليوم السابع المصرية في

04.07.2025

 
 
 
 
 

سينما فلسطين تهيمن على افتتاح مهرجان عمّان السينمائي الدولي

القاهرة - بوابة الوسط

انطلقت الدورة السادسة من «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم» الأربعاء في عمّان، بمشاركة 62 فيلمًا من 23 دولة، مع عرض فيلم قصير عن آثار نفسية للنزاع «الإسرائيلي–الفلسطيني».

وبعرض للفيلم القصير «ما بعد» للمخرجة الفلسطينية مها حاج، أقيم مساء الأربعاء، بحضور بطل الفيلم الممثل محمد بكري، انطلقت فعاليات المهرجان الذي يمتد برنامجه تسعة أيام ما بين 2 و10 يوليو، وفقًا لوكالة «فرانس برس».

يتحدث الفيلم عن زوجين يعيشان في عزلة بعد فقدانهما أطفالهما الخمسة في غارة جوية إسرائيلية، وسط حالة إنكار لخسارتهما أولادهما عبر ذكريات وخيال، لكن زيارة غريبة تكشف لهما الحقيقة المؤلمة. يركز الفيلم على آثار الفقدان والصدمات النفسية الناتجة عن الحرب، وقد شارك في مهرجانات دولية، بينها مهرجان «لوكارنو» السويسري و«الجونة» المصري، ونال عديد الجوائز.

ويضم المهرجان، إلى جانب «ما بعد»، ستة أفلام من غزة، منها «بلياتشو غزة (من المسافة صفر)» لعبدالرحمن صباح، و«المهمة» وهو من إخراج طاقم طبي من غزة، و«إلى عالم مجهول» لمهدي فليفل.

وللعام الثاني على التوالي، استغنى المنظّمون عن المظاهر الاحتفالية كالموسيقى والسجادة الحمراء، وذلك «في ضوء الإبادة المستمرة في فلسطين إلى جانب النزاعات المتواصلة في المنطقة، وتعبيرًا عن التضامن والاحترام»، وفقًا لإدارة المهرجان.

عالم خارج النص

وقالت مؤسسة المهرجان ورئيسته، الأميرة ريم علي، عقيلة الأمير علي بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، خلال الافتتاح: «المهرجان يحمل شعار (عالم خارج النص) ويشير إلى عالم خارج النص، عالم أدار ظهره للدبلوماسية والحوار والعلاقات الدولية، وانهارت فيه القوانين الإنسانية».

وأضافت: «نقيم هذه الدورة لأننا نرفض أن نموت ثقافيًا، حتى وأدوات الموت والدمار تحلّق فوق رؤوسنا؛ فالقصص لا تمنع الإبادة، لكنها تعيد الاسم والوجه للذين ماتوا، وتذكرنا بأننا لا نختصر فقط بالألم والحرب، نحن أيضًا نعيش ونحب ونأمل ونبدع».

وأشارت إلى أن صُنّاع الأفلام الذين اختارهم المهرجان «يسهمون في إعادة العالم إلى مساره»، مؤكدة «دور المهرجان في توفير منصة لقصص كثيرًا ما تكون مهمّشة، لكنها تعد جوهرية في السرد الجمعي للعالم العربي».

وأعلن المهرجان أن إيرلندا ضيف الشرف لهذا العام، مع تكريم المخرج جيم شيريدان.

وتتنافس في المهرجان أفلام من الأردن ومصر وسورية ولبنان والعراق والمغرب والجزائر وتونس وفلسطين والكويت والسعودية، إلى جانب أفلام أوروبية وآسيوية.

وكل الأعمال المشاركة في المهرجان تُعرض للمرة الأولى في الأردن.

 

بوابة الوسط الليبية في

03.07.2025

 
 
 
 
 

الأميرة ريم علي: "لن نموت ثقافياً مهما حلّق الموت فوقنا"

ليلة افتتاح مهرجان عمّان السينمائي الدولي: احتفاء بالسينما

 إعداد: فريق التحرير- إيلاف

إيلاف من عمّانانطلقت مساء أمس، 2 تموز (يوليو) 2025، فعاليات الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، وذلك بحضور الأميرة ريم علي، رئيسة المهرجان والمؤسسة المشاركة له، إلى جانب الأمير علي بن الحسين، وجمع من الفنانين والمخرجين والنقّاد من الأردن والعالم العربي وأوروبا، في فعالية تعكس رهانًا متجددًا على قوة السينما بوصفها لغةً إنسانية ومجالاً للمقاومة الثقافية.

المهرجان، الذي يستمر حتى 10 تموز (يوليو)، يقدّم هذه السنة برنامجاً غنياً يشمل 62 فيلماً من مختلف القارات، بينها عروض أولى عالمية، وأخرى نالت جوائز مرموقة في مهرجانات سينمائية كبرى. وجميع هذه الأعمال تُعرض للمرة الأولى في الأردن، في تقليد سنوي يُرسّخ هوية المهرجان بوصفه منصة للعرض الأول عربياً ودولياً.

برنامج يراهن على الحرية والتجريب

شعار الدورة السادسة، «عالم خارج النصّ»، يُعبّر عن توجه المهرجان لكسر البنى السردية التقليدية وتقديم تجارب سينمائية تتحدى السائد، وتتيح لصنّاع الأفلام المستقلين سرد قصصهم من زوايا غير مألوفة. في كلمتها الافتتاحية، وصفت الأميرة ريم علي الشعار بأنه "استجابة فنية لعالم انهارت فيه الدبلوماسية والقوانين الإنسانية"، وأضافت: "نرفض أن نموت ثقافياً، حتى وأدوات الموت والدمار تحلّق فوق رؤوسنا."

وفي موقف تضامني مع الأوضاع الجارية، لا سيما في فلسطين، أعلن المهرجان استمراره بإلغاء مراسم السجادة الحمراء والاحتفالات الرسمية، للعام الثاني على التوالي، مع تأكيده في المقابل على المضي في رسالته الثقافية بوصفها مساحة بديلة للتعبير والكرامة الإنسانية.

إيرلندا ضيف شرف… وجيم شيريدان يتحدث عن الإيمان والحقيقة

اختار المهرجان إيرلندا ضيف شرف لهذه الدورة، وهو ما تُرجم بحضور المخرج الإيرلندي Jim Sheridan، المعروف بأفلامه ذات الطابع الاجتماعي والإنساني، منها My Left Foot وIn the Name of the Father. قال شيريدان في كلمته: "في كل مرة تصنع فيها فيلماً، فإنك تعكس شبكة من المعتقدات... الشيء الوحيد ذو قيمة هو الإيمان والحقيقة، ولهذا لا يستطيع الإيرلنديون إلا قول الحقيقة."

ويعد حضور Sheridan دليلاً على رغبة المهرجان في الانفتاح على التجارب السينمائية الدولية ذات الرؤية الأصيلة.

افتتاح بفيلم فلسطيني وكلمة ثقافية بامتياز

افتُتحت العروض بفيلم قصير بعنوان ما بعد للمخرجة الفلسطينية مها حاج، بحضور بطل العمل الفنان محمد بكري. واختار المنظمون أن يكون الافتتاح بفيلم من فلسطين كتحية رمزية في ظل ما تشهده المنطقة من نزاعات وانتهاكات.

كما تضمن الحفل فقرة فنية تراثية قدّمتها فرقة "نادي الجيل الجديد" الشركسية، وسط تصفيق حار من الحضور، تبعها تقديم رسمي لأعضاء لجان التحكيم. تولّى تقديم الحفل كل من الفنانة زين عوض والمذيع مهند الجزيرة.

دعم إنتاجي ومهني للسينمائيين الصاعدين

إلى جانب العروض الجماهيرية، يُنظم المهرجان برنامجًا مهنيًا مخصصًا للمواهب العربية الناشئة تحت عنوان أيام عمّان لصنّاع الأفلام. ويشمل البرنامج ورش عمل، جلسات تطوير مشاريع، وفرص تسويق وتوزيع، مع اهتمام خاص بالأفلام في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج.

من الأردن إلى العالم… صمود ثقافي يتجدد

يأتي المهرجان في دورته السادسة ليؤكد مكانته كمنصة عربية مستقلة تفتح آفاقاً جديدة للسينما المغايرة. وبينما لا تزال المنطقة ترزح تحت أعباء النزاعات، يواصل المهرجان لعب دوره في ترسيخ لغة بديلة، قوامها القصص الإنسانية والصدق الفني.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

03.07.2025

 
 
 
 
 

"عالم خارج النص".. مفاجآت في مهرجان عمّان السينمائي بدورته السادسة

المصدر: وسائل إعلام أردنية

محمد عبد العزيز

انطلقت فعاليات الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي بحضور الأميرة ريم علي، رئيسة المهرجان والمؤسسة المشاركة له، إلى جانب الأمير علي بن الحسين، ونخبة من نجوم وعشاق السينما من الأردن والمنطقة والعالم.

وتم الإعلان عن برنامج خاص يمتد لمدة 9 أيام للاحتفاء بالإنجازات المميزة في صناعة الأفلام، وتقديم الدعم للمواهب الصاعدة والارتقاء بالأصوات السينمائية الأصيلة.

وتتميز هذه الدورة ببرنامج غني مليء بجلسات تسويق للمشاريع الفنية، بالإضافة إلى ورش العمل والنقاشات الداعمة للأفلام في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج.

وتحت شعار "عالم خارج النص" تقام هذه الدورة من المهرجان، وسيتم عرض باقة متنوعة من الأفلام يبلغ عددها 62 فيلما، يعرض العديد منها للمرّة الأولى عالميا، في حين نالت بعض الأفلام جوائز في مهرجانات سينمائية كبيرة.

وأعلن المهرجان أن إيرلندا، هي ضيف الشرف هذا العام، وكان المخرج الإيرلندي الشهير جيم شيريدان حاضراً في حفل الافتتاح، وذلك اعترافاً بدوره المحوري في تشكيل المفهوم العالمي للسينما الإيرلندية.

وفي لفتة إنسانية مميزة بادرت إدارة المهرجان هذا العام إلى دمج لغة الإشارة في بعض العروض لتكون متاحة لفئة الصم وضعاف السمع، كما ستكون معظم الأفلام مترجمة إلى اللغتين العربية والإنجليزية للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.

 

شبكة إرم الإماراتية في

03.07.2025

 
 
 
 
 

فيلم درامي عن الطفولة والفقد في عرضه العربي الأول

"آية" ينافس في مهرجان عمّان السينمائي الدولي

 جوزيت صفير

إيلاف من عمّان: يشهد فيلم آية للمخرجة ماية عجميه زلامة عرضه العربي الأول ضمن فعاليات الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي (2 – 10 تموز/يوليو 2025)، حيث يشارك في مسابقة الأفلام الروائية العربية الطويلة.

ويُعرض الفيلم مرتين خلال فترة المهرجان: الأولى يوم الأحد 6 تموز الساعة 10 مساءً في "تاج سينما – قاعة 4"، والثانية يوم الأربعاء 9 تموز الساعة 8 مساءً في مقر الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.

بالتزامن مع العرض، طرحت شركة MAD Solution بوسترًا خاصًا للفيلم باللغة العربية، يظهر فيه وجه البطلة الطفلة آية في تدرجات لونية من الأصفر والبني، تعبيرًا عن رحلتها الشعورية في مواجهة الفقد.

آية هو فيلم درامي يروي قصة نضج تُشكّلها مأساة شخصية؛ حيث تفقد آية، البالغة من العمر 12 عامًا، شقيقها الأكبر يونس، الذي كانت تجمعها به علاقة قوية. وفي خضم الحزن المعقد، تستعين آية بقدرتها على الإبداع، وبدعم أصدقاء يونس، لتجاوز الخسارة وشق طريقها نحو النضج.

كتبت الفيلم وأخرجته ماية عجميه زلامة، وهي مخرجة وكاتبة سيناريو بلجيكية – تونسية – دنماركية، ويشارك في بطولته صفاء غرباوي، مهدي بوزيان، منير عمامرة، عدنان الهرواتي، صابر طابي، نيكولاس ماكولا، مهدي زيلما، ومونيا طيب.

الفيلم من إنتاج كوموكو، وإنتاج مشترك بين كويتزالكواتل و1080 فيلمز، وشارك في إنتاجه مارك جوينز (HERE, GHOST TROPIC) ونبيل بن يدير (ANIMALS). قام بتصويره جريم فانديكيركوف (HERE, GHOST TROPIC)، والمونتاج لديتر ديبنديل، وتصميم الإنتاج لإيف مارتن.

تتولى شركة MAD Distribution توزيع الفيلم في العالم العربي، فيما تتولى MAD World المبيعات الدولية.

إشادات نقدية دولية

نال آية إشادات نقدية من بينها ما كتبته أورور إنجيلين في "سينيوروب": "آية هو فيلم يتألف من كلمات قليلة وإيماءات عديدة: أيادٍ ممدودة وأذرع تحتضن وتواسي"، كما وصفته سيرين بربيرو في صحيفة L’Économiste  بأنه "عمل جريء لكنه رقيق، يذكرنا بقوة الوحدة في الأوقات الصعبة".

وكان الفيلم قد عُرض عالميًا للمرة الأولى ضمن الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان برلين السينمائي الدولي، حيث حصل على تنويهين خاصين من لجنة تحكيم مسابقة أجيال 14+ الدولية للأفلام الطويلة، ومن لجنة التحكيم المستقلة لـ AG Kino - Gilde - Cinema Vision 14 plus. كما شارك لاحقًا في المهرجان الدولي لسينما المؤلف في برشلونة، ومهرجان سيدني السينمائي الدولي.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

04.07.2025

 
 
 
 
 

الطبيب الذي سحب الرصاص من أجساد الغزيين... بطلاً لفيلم «المهمة»

مهرجان عمّان السينمائي يستضيف العرض العالمي الأول للفيلم بحضور الجرّاح محمد طاهر والمنتج مايك ليرنر

عمّانكريستين حبيب

«كادت تلك اليد تكون معجزة غزة، لكن حتى المعجزات لا تبقى على قيد الحياة هنا»، هكذا علّق الجرّاح محمد طاهر بعدما خسرت الطفلة مريم يدها، رغم محاولاته الحثيثة لتفادي البتر.

دخل الطبيب العراقي - البريطاني إلى القطاع الفلسطيني المنكوب في 3 مهمات إنسانية خلال الحرب. جرى توثيق إحداها ضمن فيلمٍ حمل عنوان «المهمة»، وقد استضاف «مهرجان عمّان السينمائي الدولي» عرضَه العالمي الأول، وذلك في مسرح «رينبو» في العاصمة الأردنية، الذي امتلأ بالحضور، على رأسهم الدكتور طاهر، ومنتج الفيلم المخرج البريطاني مايك ليرنر.

على هامش العرض، تحدَّث طاهر لـ«الشرق الأوسط» عن المرات الكثيرة التي استطاع فيها أن ينقذ حياة ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة، وكذلك عن المرات التي تحطّم فيها قلبه أمام أطفالٍ يلفظون أنفاسهم الأخيرة. يقول: «إحدى أصعب اللحظات، وهي لا تُحصى، كانت في مستشفى (شهداء الأقصى) في دير البلح. في ذلك اليوم وصلت إصابات كثيرة من بينهم أطفال. كان أحدهم مرمياً أرضاً ومتروكاً برأسٍ مضمّد عشوائياً. تُرك يموت وحده... وأنا، وسط الفوضى والصراخ والدماء، ذهبت إليه ومسكت يده ومسحت على صدره كي لا يموت وحده».

تستوقفه دموعه عندما يسترجع مشاهد مثل هذه، وفي الفيلم أيضاً بكى الدكتور طاهر. تأثّر أمام أمٍ تشكره لأنه أجرى جراحة ناجحة لجسد ابنها المشظّى، كما شارك العائلات لوعة فقد الأحبة، وهو بكى كذلك في كل مرةٍ كان يغادر فيها غزة، تاركاً خلفه ضحايا علّقوا آمال الشفاء عليه.

اليوم، وبعد أشهر قليلة على انتهاء مهمته الأخيرة، بات الطبيب ممنوعاً من دخول القطاع. لقد ذاع صيتُه وصارت الحكايات التي يوثّقها تزعج إسرائيل. غير أن الفيلم الجديد هو الشاهد الأكبر على جراح الغزيين والجحيم المفتوح عليهم.

على مدى ساعة ونصف الساعة، تابع الحضور يوميات الغزيين الدامية من خلال حركة الدكتور طاهر (40 سنة)، وهو جرّاح أعصاب من أصول عراقية، وُلد وعاش في لندن. جلس الطبيب في القاعة وسط المشاهدين، عاينَ ردود فعلهم بين شهقاتٍ ودموع وتصفيق. منهم مَن لم يستطع متابعة الفيلم لفرط قسوة المشاهد، ومنهم مَن أشاح نظره كلّما اقتربت الكاميرا من الجراح المفتوحة.

«كل المحتوى حقيقي. لا نصوص ولا تحضير ولا إعادة تمثيل هنا»، يؤكّد الدكتور طاهر لـ«الشرق الأوسط». ما الحاجة إلى سيناريو ومؤثرات خاصة حين يكون الواقع تجسيداً للسرياليّة؟!

يفيض وثائقيّ «المهمة» بالدماء والآلام، تقترب كاميراته من أعماق الجسد، تلاحق ملاقط الطبيب وهي تسحب الرصاصات والشظايا من بين العظام والأضلاع. وحدهم أصحاب القلوب القوية قادرون على متابعة المُشاهدة، فالعمل قاسٍ بصورته، لكنه لا يفعل سوى توثيق حقيقة ما يجري في غزة من دون تجميل، ومن قلب مستشفياتها وغرف عملياتها. يقترب العمل في هذه الناحية أكثر إلى التغطية الإخبارية منها إلى الفيلم الوثائقي.

يؤكد طاهر أنّ التصوير جرى بمجهودٍ شخصي من الفريق الطبي، مع حرصٍ على عدم الكشف عن أسماء المصوّرين لأسبابٍ أمنية، إلا أنّ اللقطات تبدو محترفة. فالنقلات انسيابية، والصورة واضحة وثابتة رغم قسوة المحتوى. «في البداية لم تكن هناك خطة لتحويل مهمتي الطبية إلى فيلم، لكن نصائح عدة من حولي نجحت في إقناعي بالأمر. ولاحقاً عندما بدأنا التصوير في غزة، أدركنا أن ما سنقدّمها للعالم رسالةٌ إنسانيةٌ نفتح من خلالها أبواب مستشفيات وغرف عمليات غزة أمام الرأي العام العربي والعالمي».

لا يقتصر التصوير على داخل المستشفيات فحسب، بل تواكب العدسة الطبيب وزملاءه المتطوّعين في جمعيّة «الفجر العلمي» وهي منظّمة غير حكومية تكرّس جهودها لتقديم الخدمات الطبية للأشخاص المحرومين منها أينما كانوا في العالم.

ترافق الكاميرا إذن الدكتور طاهر خلال تنقّله بين شمال القطاع وجنوبه، فهو جال على عدد كبير من مستشفيات غزة. تلك المشاهد الخارجية توثّق بدَورها هَولَ ما حلّ بغزّة من دمار شامل لم يُبقِ سوى مساحات لا متناهية من الركام. والرحلة من الشمال إلى الجنوب محفوفة بأخطار القصف، وبالعصابات التي تسرق المساعدات، وبشتّى أشكال القلق.

لكن ثمة دائماً نافذة ضوء يحرص الفيلم على فتحها، كأن يخرج الطبيب إلى الشارع في فسحة قصيرة بعد ليلة طويلة من العمليات الجراحية. هناك، وسط الأبنية المدمّرة، يصافح الأطفال ويقدّم لهم الحلوى. «هذه هي فسحتي واستراحتي من فظاعة ما أرى في غرف العمليات»، يعلّق طاهر. ثم يرافق فريقه الطبي والتمريضي في استراحة لساعات على شاطئ غزة. يسيرون على الرمال، ويتحدّثون إلى الصيادين والسبّاحين المحاصَرين بالزوارق الإسرائيلية. «هذا المشهد الوحيد الذي لم تهشّمه الصواريخ... البحر والرمال»، يعلّق طاهر.

وفي أحد أكثر مشاهد الفيلم تأثيراً، تمتزج وحشيّة الحرب بشاعريّة الكَون؛ فبعد ليلٍ طويلٍ من الإسعافات والعمليات يصعد الطبيب إلى سطح المستشفى مستعيناً بضوء الجوال. يتفرّج على السماء، حيث تلمع النجوم وتظهر المجرّات بوضوح في ليل غزة الدامس، لكن سرعان ما يطغى أزيز المسيّرات الإسرائيلية ليسلب سحر اللحظة.

ليس من المؤكّد بعد ما إذا كان فيلم «المهمة» سيشقّ طريقه إلى مهرجانات سينمائية دولية أخرى، لكنه سيُعرَض في بعض صالات المملكة المتحدة وأوروبا. أما الانطلاقة من قلب عمّان ومن ضمن فعاليات مهرجانها السينمائي، فمحطة أساسية في طريقه نحو الناس. «يعني لي كثيراً أن يكون العرض الأول في الأردن، خصوصاً أنه دولة لصيقة بفلسطين، وأن نسبة الفلسطينيين فيه مرتفعة»، يقول الدكتور طاهر.

ربما لن يستطيع الطبيب العودة إلى غزة في مهمة رابعة، إلا أنه يستعد لإطلاق منصة تُجمَع من خلالها المساعدات، وتُقدَّم أشكال الدعم كلها لأهالي القطاع. وفق طاهر، هؤلاء يستحقون الأجمل: «أكثر ما فاجأني في أهل غزة، أنهم رغم الفاجعة، لم يفارقوا يوماً إيمانهم».

 

الشرق الأوسط في

04.07.2025

 
 
 
 
 

"196 متر" يغوص بصراعات وأبعاد نفسية

فيلم جزائري للمخرج شكيب طالب بن دياب

محمد غندور 

ملخص

لا نرى المدينة بأبعادها السياسية والاجتماعية، ما نعرفه من خلال العمل أن ثمة احتجاجات وتظاهرات ضد الحكومة لأسباب حياتية، لكن من دون أن تكون ركيزة أساسية في العمل، تظهر في البداية وتختفي، وتعود لاحقاً في النهاية.

قليلة هي الأعمال السينمائية التي تصل إلينا من الجزائر، مقارنة ببقية الدول، لكن هذا القليل الذي يصل، له صوت مختلف وفريد. وكثيراً ما كان هذا الصوت مرتبطاً بالواقعية الاجتماعية والتاريخية، وقريباً من تفاصيل الحياة اليومية.

ويظهر بوضوح في الأعمال التي وصلت إلينا التعدد الثقافي واللغوي للمجتمع الجزائري، إذ تمزج هذه الأعمال بين العربية والفرنسية والأمازيغية.

في فيلم "196 متر" للمخرج شكيب طالب بن دياب، الذي عرض في مهرجان عمان السينمائي الدولي - أول فيلم، لا يشذ العمل عن الخيط الذي نسجته السينما الجزائرية.

قصة حقيقية أراد المخرج عرض تفاصيلها، مع بعض التدخلات منه.

القصة

في قلب الجزائر العاصمة، يثير اختطاف فتاة موجة من الصدمة، مشعلاً توترات متصاعدة ويزرع شكوكاً عميقة في أرجاء المدينة. تتحد الطبيبة النفسية دينا عصام ومفتش الشرطة سامي في مسعى مشترك إلى الكشف عن اللغز، غارقين في أعماق ماضي المدينة المظلم.

وبينما يغوصان في ظلال تاريخ الجزائر المضطرب، يواجهان تداعيات عصر مليء بالصراعات، باحثين عن الحقيقة وسط شبكة معقدة من الأسرار والصدمات. الفيلم بطولة هشام مصباح ومريم مجكان وشهرزاد كراشني وعلي ناموس ونبيل عسلي.

صورت المشاهد الأولى لهذا العمل بالجزائر الوسطى، والمشهد الأول عبارة عن جمع من الناس عند مدخل عمارة بوجود شرطي يمنعهم من الدخول، قبل أن يسمح للطبيبة النفسية بالعبور.

يبدو واضحاً أن العمل الذي رشحته الجزائر لجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، غاص في الأبعاد النفسية للشخصيات، فشاهدنا انفعالات لافتة وأداء عالياً من الممثلين، في حين حصر المخرج نفسه في كادر ضيق.

الالتزام بالفكرة

لا نرى المدينة بأبعادها السياسية والاجتماعية، ما نعرفه من خلال العمل، أن ثمة احتجاجات وتظاهرات ضد الحكومة لأسباب حياتية، لكن من دون أن تكون ركيزة أساسية في العمل، تظهر في البداية وتختفي، وتعود لاحقاً في النهاية.

لا يريد المخرج، أن يدخل إذاً في زواريب السياسة، بل يريد الالتزام بالسياق الدرامي البوليسي، والبحث عن خاطف الفتاة، مع بعض التلميحات إلى ما يحصل في المدينة.

تركيزه على الشخصيات جعله يهمل الإطار العام، ومن خلال المشاهد التي يظهر فيها ضابط الشرطة، وهو على سطح بناية وينظر إلى المدينة، نلاحظ الاختلاف البصري في الفيلم.

"يمشي" العمل بإيقاع ثابت من بدايته حتى نهايته، لا مبالغة في الأداء ولا في الأحداث، ويظهر هنا تأثر شكيب طالب بن دياب بإيقاعات السينما الأوروبية.

لا يبدو تأثر المخرج بسينما هوليوود والإبصار البصري التي تلعب عليه، مشاهد المطاردة في العمل بسيطة وواقعية، حتى داخل قسم الشرطة لا نرى تلك البهرجة التي نشهدها في أفلام أميركية.

ثمة صراعات نفسية في العمل، وكل شخصية لها تاريخ وأزمات. اختطاف فتاة صغيرة، أيقظ كل العقد التي كانت نائمة. تتحرك كاميرا المخرج، ضمن إطار معين، كأنه يقول لنا دعونا لا نخرج إلى المساحات العامة، ولا الشوارع المكتضة، كأنه يقول "أريد عملي ألا يخرج من حدود الحي، أريده خاصاً ومميزاً".

الأوسكار

وشكيب طالب بن دياب، مخرج جزائري يعيش بين بلاده وباريس. له عدد من الأفلام القصيرة، التي نال بعضها جوائز في مهرجانات مرموقة، كما أنه شارك في كتابة سيناريو المسلسل التلفزيوني البريطاني "Go Dark".

ونال الفيلم جائزة أفضل فيلم روائي، بمهرجان فليكرز رود آيلاند السينمائي الدولي بالولايات المتحدة.

يعتبر العمل التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج (1982)، ويقول عن ذلك "عملت على إخراج أفضل شكل ممكن للفيلم، سواء في المونتاج والموسيقى والتلوين أم اختيار الممثلين. وهذا ليصبح فيلماً عالمي الجودة، أو في الأقل يحقق الحد الأدنى من العالمية. لذلك كان يتوقع أن يستقبل الجمهور العادي الفيلم بهذا الشكل، لم نكن نطمح إلى وجود فيلم جماهيري فقط، بل إلى فيلم يحمل قضية وقصة جيدة ومقبولة من الجمهور العادي، مصنوعة بصورة محترفة، ولا يمكن رفضها".

وكانت الجزائر رشحت الفيلم للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، في الدورة الـ97 لجوائز الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما (أوسكار).

وأوضح المركز الجزائري لتطوير السينما أن الفيلم إنتاج جزائري - كندي مشترك، وهو العمل الروائي الطويل الأول للمخرج الذي سبق وقدم عدداً من الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة.

وأضاف أن الاختيار جاء من خلال لجنة متخصصة برئاسة المخرج والسيناريست الجزائري بلقاسم حجاج، مشيراً إلى أن العمل حصل في الأشهر القليلة الماضية على جوائز دولية ونال إشادات واسعة.

وتابع "نأمل أن يحقق الفيلم إنجازات جديدة تسهم في تعزيز الهوية الثقافية الجزائرية، وفتح آفاق أكبر للسينما المحلية في المحافل العالمية".

مدير المراسلين @ghandourmhamad

 

الـ The Independent  في

04.07.2025

 
 
 
 
 

الإنسانيّة في مواجهة القتل...

مهرجان عمّان السينمائي بعيون رئيسته الأميرة ريم علي

عمّانكريستين حبيب

يتحدّث الموسيقي اللبناني خالد مزنّر عن رحلته مع تأليف موسيقى الأفلام. يتوقف عن الكلام ليأخذ فاصلاً موسيقياً، فيسترجع مع الحضور نغماتٍ أحبّوها من «سكّر بنات»، و«هلأ لوين»، و«كفرناحوم». تصغى إليه وإلى ألحانه بإمعان الأميرة ريم علي؛ فـ«الموسيقى روح السينما»، وفق ما تقول مؤسِّسة ورئيسة «مهرجان عمّان السينمائي الدولي» في حوار خاص مع «الشرق الأوسط».

حرصت على حضور الندوة المقامة على هامش «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، ليس لشغفها بالموسيقى والسينما فحسب، بل لأنّ اللقاء مع «أصوات المستقبل»؛ أي الجيل الصاعد، وفق تعبيرها، يبثّ فيها الحياة ويحرّضها على مزيدٍ من الأمل والاطّلاع. ومعظم الحضور هم من هذا الجيل الذي يرسم بأنامله وأفكاره ملامح السينما العربية الآتية.

السينما في مواجهة الصواريخ

كان الطريق إلى الدورة السادسة من المهرجان هذه السنة محفوفاً بالمخاطر. «عندما بدأت الصواريخ تحلّق فوق رؤوسنا، وقعنا في الحيرة: هل نكمل أو نلغي الفعاليات؟»، تبوح الأميرة ريم علي. المواجهة بين إيران وإسرائيل التي طالت شظاياها الأردن، دفعت بعدد من ضيوف المهرجان السينمائي إلى الاعتذار عن عدم الحضور، إلا أن القرار النهائي صدر: «حتى لو استمر القصف كنا سنواصل. سنحرص على إحاطة ضيوفنا بأقصى تدابير الأمان، لكن ممنوع أن نقطع عن شبابنا ومجتمعنا جرعة الثقافة التي يترقّبونها من سنة إلى سنة».

هذا الحدث السينمائي المستمر منذ 6 سنوات، يقدّم نفسه على أنه مرآة لقضايا الناس، وتعبير عن الثقافة الأردنية والعربية عموماً. «حملنا لواء المقاومة الثقافية والفنية. ليس من المنطقي بالتالي أن نسمح لأي شيء بأن يعترض طريق المهرجان أو أن يدمّره، ولا أن يخيّب آمال الأجيال الصاعدة التي لديها توقّعات من هذا الحدث الجامع»، تقول الأميرة ريم علي.

تُرجمَ هذا الإصرار في الكلمة التي ألقتها خلال افتتاح المهرجان: «نعم تعمّدت أن أطلق موقفاً واضحاً في خطابي: قررنا أن نقيم هذه الدورة؛ لأننا نرفض الموت ثقافياً، حتى لو كانت أدوات القتل والدمار تحلّق فوق رؤوسنا». وتضيف: «لم نكن نريد لأي أحد لا يؤمن بالحياة ولا بقيَمِنا ولا بالإنسانية، أن يَحول دوننا ودون إقامة المهرجان».

لحسن الحظ، توقفت المواجهات وسلك المهرجان طريقه إلى الدورة السادسة. من المنطقة العربية وعواصم العالم، حضر الضيوف من صنّاع أفلام وممثلين ونقّاد سينمائيين وإعلاميين. كانت الأميرة ريم في استقبالهم، برفقة زوجها الأمير علي بن الحسين، وهو كذلك منغمس في الشأن السينمائي من خلال ترؤسه «الهيئة الملكية الأردنية للأفلام»، والتي تركّز اهتمامها على تطوير المواهب السينمائية الشابة وتقديم الدعم لها.

غزة أوّلاً ودائماً

تحصّنت الكلمة الافتتاحية بأسلحتها الخاصة: اللطف في مواجهة الوحشيّة، والجمال في مواجهة القبح، والسينما في مواجهة الصور السوداء. فغزة، جارة الأردن، بحاجة إلى من يطبطب على جراحها ويعاينها عن قرب. لذلك، وكما في الدورة الماضية، شُرّعت شاشات المهرجان أمام الأفلام الفلسطينية، تحديداً تلك الطالعة من تحت ركام القطاع. من بين تلك الأفلام: «المهمة»، وهو وثائقي يواكب طبيباً في مهمته الإنسانية داخل غرف عمليات المستشفيات المنكوبة. إضافةً إلى مشروع «من المسافة صفر» المستمر للسنة الثانية على التوالي، فاتحاً المجال لمخرجين من داخل غزة كي يشاركوا العالم صورة ما يجري من دون تجميل ولا تلطيف.

عن تلك الأفلام تقول الأميرة ريم علي: «اخترنا أفلاماً تعكس الواقع وتنقله بالعين المجرّدة؛ لأنه لا خيار أمامنا سوى الحديث عمّا يحصل على مرمى حجر منّا، حتى وإن كانت الصورة عنيفة في بعض الأحيان». ربما لا تستطيع السينما أن توقف الحرب، لكنها على الأقل قادرة أن تفضح قبحها، وأن تواجه القاتل الذي يحوّر المشهد والسرديّة. هذه الأفلام تقول للعالم إن التجاهل والصمت جريمة أيضاً.

إذا سئلت رئيسة المهرجان عن قضيته الأساسية، تجيب من دون تردّد: «الإنسان». تتوسّع في فكرتها قائلةً: «لعل أهم ما نقوم به هنا هو الإضاءة على الإنسانية من خلال الأفلام والضيوف والقضايا المطروحة. نفعل ذلك في مواجهة أشخاص في منطقتنا يسعون إلى تجريدنا من إنسانيتنا، لكننا لن نتوقف عن رفع أصواتنا منعاً لذلك».

تؤمن الأميرة ريم علي بأن «السينما توقظ الإنسانية واللطف في البشر». ترى في تلك الأفلام الوافدة إلى المهرجان من كل حدبٍ وصَوب، ومن كل لغةٍ وفئة سينمائية، «مساحة للتماهي والتشابك».

الاستدامة والنوعيّة

منذ دورته الأولى التي تزامنت وجائحة «كورونا»، تعلّم مهرجان عمّان السينمائي أن يسير بين الأشواك والألغام. بلغ سنته السادسة ملتزماً بإيقاعه: «لم يكن الهدف أن يكبر المهرجان قبل أوانه، ولم نؤمن بالتسرّع، بل كان همّنا الحفاظ على الاستدامة، وألّا يأتي النموّ على حساب النوعية»، توضح الأميرة ريم علي.

ينطلق من بقعةٍ جغرافية صغيرة في هذا العالم. يحتضن براعم السينما الأردنية والعربية. يحتفي بالإنتاجات المحلية، تحديداً تلك التي أبصرت النور من داخل أروقته. لكنه يشرّع في الوقت ذاته نوافذه على البعيد؛ فللسينما العالمية حصتها الثابتة في المهرجان، إلى جانب تحية خاصة لبلدان رائدة في صناعة الفن السابع. والمحطة هذا العام مع السينما الآيرلندية، وأحد أعمدتها المخرج جيم شيريدان الذي يحلّ ضيف شرف على المهرجان.

«لم يكن أي شيء من هذا ممكناً لولا جهود فريق العمل بإدارة ندى دوماني التي تضفي لمساتٍ من الحب والاحتراف»، تتحدث الأميرة ريم علي بامتنان عن «رؤية وجهود» مديرة المهرجان التي كانت لها اليد الطولى في تطويره عاماً تلو آخر.

كل ذلك انعكس إيجاباً على السينما الأردنية التي أثمرت 11 فيلماً مشاركاً في المهرجان هذا العام، وهو الرقم الأعلى منذ انطلاقة الحدث السينمائي «في دليل واضح على نمو الصناعة السينمائية الأردنية نوعيةً وكميةً، ومنها ما وصل إلى المهرجانات العالمية»، تقول الأميرة ريم علي بفخر.

تغادر المكان وفي رأسها ألحان فيلم «كاراميل» لنادين لبكي الذي تحبه كثيراً، وفي عينَيها ابتساماتُ الجيل السينمائي الصاعد. فكما تبثّ الموسيقى روحاً في الأفلام، يبثّ المهرجان أملاً في قلوب المواهب الشابة.

 

الشرق الأوسط في

05.07.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004