"كتابات نادى السينما"
للناقد المصري حسام حافظ
وقد جاء في مقدمة الكتاب.. ما يلي:
فى حياة كل ناقد مجموعة من التجارب هى التى تصنع فى
النهاية نجاحه أو تعثره.. وتجربة الكتابة فى "نشرة
نادى السينما" بالنسبة لى هى أهم تجاربى، ومن الغريب
انها كانت التجربة الاولى ولم يسبقها سوى الكتابة فى
مجلة الحائط وقت دراستى فى قسم الصحافة بكلية
الاعلام.. ومقالى الوحيد كتبته بعد أن شاهدت فيلم "عمر
المختار" 1982 للمخرج مصطفى العقاد وبطولة أنطونى كوين
ونشر فى مجلة "عرضحال" على حائط الكلية.. وفى سبتمبر
1985 شاهدت فى "نادى السينما" بقاعة النيل فيلم
"مستشفى بريطانيا" للمخرج ليندسى أندرسون، وكتبت مقالا
وذهبت به وأنا فى غاية الارتباك الى السينمائى الكبير
أحمد الحضرى "1926-2017" رئيس مجلس ادارة نادى السينما
ورئيس تحرير نشرة النادى والتى كنا نعتبرها مثل
"كراسات السينما" الفرنسية.
كان مكتب الحضرى فى مقر مركز الثقافة السينمائية بشارع
شريف، ولا أعرف لماذا كان من النادر أن تجد الحضرى
جالسا الى مكتبه فقد كان نشيطا كثير الحركة، وكان يخصص
يوم الاثنين لأعمال نادى السينما.. يراجع بروفات
النشرة التى تأتى اليه من مطابع دارالشعب
بالقصرالعينى، ويتابع الموظف الذى يتسلم اشتراكات
النادى -
وقد وصل عدد الاعضاء الى اكثر من ثلاثة الاف -
وكذلك يستقبل النقاد سواء لاستلام مقالاتهم الجديدة أو
لتسليم مكافأة المقالات التى تم نشرها، وقد حدد مجلس
ادارة النادى خمسة جنيهات مقابل كتابة الصفحة الواحدة
من النشرة
.
وفى الثانية ظهراً يتوجه الحضرى ومساعدوه الى قاعة
النيل الملحقة بكنيسة القديس يوسف بشارع محمد فريد
ومعهم "بوبينات" الفيلم الذى سيتم عرضه فى ذلك اليوم،
وكان أول عرض يبدأ فى الثالثة الا الربع والعرض الثانى
فى الخامسة، وكان أحيانا يقيم عرضا ثالثا فى السابعة
مساءا فى قاعة ايوارت التذكارية بالجامعة الامريكية
وعرضا رابعا فى التاسعة والنصف وذلك بسبب الاقبال
الشديد، وكان بعض أعضاء النادى لا يجدون مكانا فى قاعة
ايوارت ويفترشون الارض لمشاهدة الفيلم .
المهم قابلت الحضرى يسير فى احدى طرقات المركز وأعطيته
مقال "مستشفى بريطانيا" ووقف ليقرأه، وبعد أن أنتهى
منه طواه ولم يعلق بكلمة واحدة واختفى من امامى..
ووجدت من غير الملائم بل من المضحك ان أجرى ورائه
لأسأله هل سينشر المقال أم لا؟ وقلت لنفسى اذا قام
بنشر المقال فهذا معناه انه يصلح واذا لم ينشره فهو لا
يصلح.. وكانت سعادتى كبيرة بنشره وقد بدأت به الفصل
الاول الخاص بكتاباتى عن الافلام الاجنبية، وأغلبها
مقالات عن أفلام الدول الاشتراكية ودول أمريكا
اللاتينية، تطبيقا عمليا لصحة المثل القائل "الممنوع
مرغوب" وكنا فى تلك الفترة لا يصل الينا سوى الافلام
الأمريكية أوالهندية سواء فى دورالعرض اوعلى شاشة
التليفزيون.
فى الفصل الثانى الخاص بالحوارات التى أجريتها
للنشرة.. فأن الفضل الاول فى ذلك يعود للناقد
والاعلامى الكبير يوسف شريف رزق الله. الذى قام بترجمة
الكثير من الحوارات مع مخرجى ونجوم سينما العالم
لنشرها على صفحات نشرة النادى.. وكذلك كان رزق الله
يترجم فصولا من كتاب "قرن من السينما" تأليف تاى
جارنيت ولا أعرف أن كان أستكمل ترجمة ذلك الكتاب أم لا
؟ وخلال عام 1987 فقط ترجم حوارات من مجلات: "برميير"
و"ستارفيكس" و"اللوموند" و"السينما" و"صوت وصورة" مع:
رومان بولانسكى وبيتر واير وهاريسون فورد وفريدريكو
فيللينى ونيكول جارسيا ومارتن سكورسيزى وستيفن
سبيلبيرج وفرنسيس فيبير.. بالاضافة الى لقاءاته فى
مهرجان "كان" مع فيللينى وتنجيز ابولاتزى وفيم فيندرز
ونيكيتا ميخالكوف ومارتا كيلر وفرانشيسكو روزى وانطونى
ديلون وفيتوريو جاسمان ولندسى اندرسون .
وكانت تلك الحوارات تدورمعظمها حول فيلم واحد للمخرج
أو النجم.. ونحن فى مصر لا نعرف هذا النوع من الحوارات
لأن الصحافة عندنا تسأل الفنان فى كل شئ وليس عن فيلما
واحدا.. قلت لنفسى لماذا لا افعل ذلك على المستوى
المحلى مع المخرجىن والمؤلفين فى مصر.. وقمت باجراء
حوارات مع خيرى بشارة عن فيلم "الطوق والاسورة" ومع
على بدرخان عن فيلم "الجوع" ومع لينين الرملى عن فيلم
"البداية" ومع الكاتب والشاعر السورى محمد الماغوط عن
فيلم "التقرير" ومع المخرج هشام ابو النصر عن فيلم
"العصابة" ومع المخرج عواد شكرى عن الفيلم التسجيلى
"القشاش".
كذلك قمت بتجربة الكتابة النقدية عن الافلام المصرية
لأول مرة فى عامى 1986 و1987 وفى الفصل الثالث مقالات
عن أفلام "عصفور الشرق" ليوسف فرنسيس.. و"ملف فى
الآداب" و"البدرون" و"أبناء وقتلة" لعاطف الطيب..
و"وقائع العام المقبل" للسورى سمير ذكرى و"العملاق"
لاحمد السبعاوى و"المرأة والقانون" لنادية حمزة..
وأعتذر عن قسوة بعض العبارات والتى من المستحيل أن
أستخدمها الآن، لأننى تعلمت من تجارب الحياة احترام كل
من يعمل ويجتهد ويخطئ ويصيب.. ونصيحتى للنقاد الشباب
مهما اختلفت مع مخرج او كاتب سيناريو او فنان ولو كان
يصنع أفلاما تافهة.. لابد من احترام جهده وتعبه وخبرة
السنين الطويلة قبل أن تكتب كلمة نقد واحدة عن أعماله .
وفى الفصل الرابع والاخير احببت الاشارة الى أهمية
الثقافة السينمائية وضرورة العرض – التفصيلى احيانا
–
للكتب الجديدة المهمة والتى تمثل اضافة حقيقية للقارئ
مثل كتاب "شارلى شابلن" اعداد دونالد ماكفرى وترجمة
وداد عبد الله.. وكتاب السينما الاسرائيلية للكاتب
الصجفى شفيق عبد اللطيف
.
وكانت ندوات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى ذلك الوقت
لها سمعة كبيرة واقبال جماهيرى من رواد المعرض.. تابعت
ندوة عن مشاكل السينما المصرية تحدث فيها الاساتذة
الكبار: المخرج صلاح ابو سيف والناقد سمير فريد
والمخرج هاشم النحاس والناقد فوزى سليمان والمخرج صلاح
التهامى والاعلامى السينمائى يوسف شريف رزق الله.
كانت تجربة الكتابة فى نشرة النادى تجربة رائعة سعدت
بجمعها فى كتاب.. لقد كانت بالفعل "أيام نادى السينما"
التى لن أنساها أبدا. واحب توجيه التحية للزميل الناقد
المحترم محمود عبد الشكور الذى فوجئت ذات يوم عندما
قابلته فى الاوبرا ينصحنى بضرورة جمع ماكتبته فى نشرة
نادى السينما فى كتاب وهى نصيحة غالية من اخ عزيز
منحتنى سعادة الاخذ بها وله منى كل المحبة والتقدير.
|