حسين فهمي:
حمّل وزارة الثقافة المصرية المسؤولية عن تراجعه القاهرة ـ من عبد اللطيف خاطر |
خرج الفنان حسين فهمي عن صمته، وكشف عن اسباب فشل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ28 قائلا انه لم يعد مهرجانا للسينما بل اصبح مهرجانا للفنون الشعبية. مصطفي فهمي يستعد الان لاول تجربة انتاجية له في فيلم الرجل الذي يعدو ويلعب دور البطولة في جريمة تدق الباب وفيلم العريش جنينتي . وكذلك فيلم جحيم الخيانة . واعلن فهمي انه لا ينوي العودة الي رئاسة مهرجان القاهرة لانه كلما تحدثت يظهر من يقول انني اشعر بالغيرة ويريد العودة، ولكن اريد ان اقول انه من العيب ان يحاول البعض ان يمسح تاريخ ومجهود اربع سنوات قضيتها رئيسا للمهرجان . واضاف: ولم يقل احد ما الذي فعلته من اجل المهرجان، وكل ما تحدث عنه شريف الشوباشي انا عانيت منه من قبل، وشريف صديق عزيز جدا علي، ولكن كل ما قال انه يعاني منه انا عانيت منه من قبل، وهناك مشاكل قمت انا بحلها، ووجدت الاخرين ينسبون حل هذه المشاكل لانفسهم. · مثل ماذا؟ مثل مشكل اعتراض الاتحاد الدولي علي تغيير موعد المهرحان لتلافي انعقاده في شهر رمضان، وهذه كانت مشكلة كبيرة جدا، وكانت هناك جمعية عمومية لاتحاد المنتجين الدوليين، وكان معي منيب الشافعي رئيس غرفة السينما، وشرحت لهم المشكلة، ووافقوا بالفعل. · وماذا ايضا؟ انا كنت انفق علي الاوبرا، واشتريت علي نقة المهرجان الآت عرض ديجيتال، وبالنسبة لما يقال ان النجوم لم يعودوا يأتون الي مصر بعد رحيل سعد الدين وهبة، انا جئت الان بالآن ديلون وكاترين دينيف، ولكن، مع احترامي، من هو بد سبنسر الذي اتي به هذا العام؟ هو ممثل افلام تجارية، من دعوتهم للمهرجان هم اكبر نجوم السينما في العالم، انا جئت بصوفيا لورين وجون مالكوفيتش. · هل مشكلة مهرجان القاهرة في الامكانيات فقط، الا توجد مشكلة في طريقة الادارة والافكار؟ ساتحدث عن نفسي فقط، وعن الفترة التي توليت فيها انا اقول ان المشكلة كانت في التمويل فقط، ولو اعطيتني عشرة ملايين جنيه وطلبت مني ان اعمل بنفس المجموعة، المهرجان سيكون مختلفا تماما لانه عندنا هيئة مهرجان في منتهي القوة، ولدينا طاقات كبيرة ومصر مليئة بالطاقات الرائعة، وانا كمدير برنامج لا اقل اطلاقا عن المدير الكندي الذي اتوا به ليدير مهرجان دبي.. ولا اعرف من هو من الاساس. · هناك مشكلة اخري خاصة باختيار الافلام ومنذ كنت رئيسا للمهرجان، الافلام في المسابقة فقيرة فنيا، وخارج المسابقة تم عرضها من قبل في عدة مهرجانات؟ كنت ابذل مجهودا كبيرا من اجل الحصول علي افلام جديدة، لكن الافلام تحجز للمهرجانات القوية. المخرج بعد ان ينتهي من فيلمه يقرر انه سيعرضه في مهرجان برلين، او في فينيسيا، ولكن نحن وصلنا الي درجة اننا اصبحنا نقارن انفسنا بمهرجانات مثل دمشق وقرطاج، هل يعقل ان مخرجا مصريا يرفض ان يعرض فيلمه في القاهرة، ويقول سأنتظر حتي اعرض فيلمي في قرطاج؟ · المهرجان، وايضا فترة توليك لرئاسته يفتقد للشخصية الفنية؟ شخصية المهرجان تأتي من قدرته علي ان يأتي بدور عرض جديدة وحديثة، ومن انه يستطيع ان يحشد عددا كبيرا من الافلام الجيدة التي تتنافس علي جائزته، وفي مهرجان كان عندما يفوز فيلم بالسعفة الذهبية، فهذا يعني انه انتصر علي عشرات الافلام الجيدة. · اقصد بالشخصية الفنية المزاج الذي يحكم اختيار الافلام واسماء المكرمين وتكوين لجنة التحكيم؟ عندما كنت رئيسا للمهرجان اتيت بجون مالكوفيتش ليكون رئيسا للجنة التحكيم، وفي عام اخر اتيت بـ رونالد جوفي ، ثم هناك نقطة اخري مهمة جدا هي شكل المهرجان. الناس تستهين بهذه النقطة، ولكنها مهمة جدا، هل رأيت حفل افتتاح المهرجان هذا العام؟ هناك شخص كان يرتدي تي ـ شيرت ويقف علي المسرح.. وهناك شخص اخر كان يفتح القميص وكأنه في مشاجرة، هذه امور مهمة جدا وهي تشبه ان تدعو اناسا في بيتك علي العشاء ليأتوا ويجدونك مرتديا البيجاما. · التمويل كان سبب شكواك الدائمة.. ثم اعتذارك عن رئاسة المهرجان ما هي تفاصيل التمويل؟ وزارة الثقافة كانت تعطينا مئة الف جنيه، بالاضافة الي مئة الف جنيه تدفعها كجائزة لاحسن فيلم عربي، وهذه لا علاقة لنا بها، ولا نراها، منحة وزير الثقافة للفيلم، وانا ظللت لمدة اربع سنوات اصارع من اجل ان ارفع المبلغ.. وفي النهاية لم يحدث شيء فاذا كانت تكاليف اقامة الضيوف فقط خمسمئة الف جنيه.. فماذا افعل؟ · ولكن المهرجان قبل ان تتولي رئاسته لم يكن يعاني من مشكلة التمويل؟ الاستاذ سعد الدين وهبة لم يكن يعاني من ظهور الدش ، وبالتالي كان هناك اقبال علي مشاهدة الافلام، وهذا كان يمول المهرجان، وانا لجأت لاصدقائي من رجال الاعمال.. وحصلت بالفعل علي مليوني جنيه، واسست موقعا للمهرجان علي الانترنت.. وانتجت ما يحصل الضيف فيه كل شيء عن المهرجان والافلام المعروضة.. وكان يساعدني وقتها رئيس الهيئة للاستعلامات نبيل عثمان، وكنت انفق علي الاوبرا.. لانه كانت تأتي لي افلام ديجيتال ووجدت ان الات العرض في الاوبرا لا تصلح، فاشتريت ست الات عرض ديجيتال. · ولكن في اوروبا يوجد دش وبرامج دش، وبرامج توك شو ـ ومع ذلك توجد مهرجانات ناجحة جدا وبحضور عدد كبير جدا للافلام؟ نعم.. في مهرجان كارلو فيفاري.. ينام الشباب امام دور العرض في انتظار مشاهدة الافلام.. وهؤلاء يأتون من كل انحاء اوروبا، ومن كافة المدن التشيكية حتي يشاهدوا الافلام.. ولكن لماذا؟ لان دور العرض هناك تقدم تذاكر مخفضة للطلبة، وهذا يجعل دور العرض تمتليء.. نحن لدينا جمهور عريض جدا.. لا يستطيع ان يشاهد الافلام.. وانا حاولت ان اخفض التذاكر للطلبة لكن اصحاب دور العرض اعترضوا.. وهم يحصلون علي 50% من قيمة التذكرة، وانا لا استطيع ان اتحمل التخفيض بمفردي. · ولكن مهرجانا مثل مراكش لا يتجاوز عمره اربع سنوات تجاوز كل هذه العقبات؟ لابد ان اعود لنقطة الفلوس والتمويل. الاحترام الذي يحظي به المهرجان يأتي من ان المهرجان يستطيع ان يستضيف كل هؤلاء النقاد والنجوم وهم يدعون الناقد ويعطي له برستيج وبالتالي الناقد يحترمه ويتحدث عنه جيدا. اما ان تعقد مهرجانا بامكانيات غاية في التواضع، فهذا سينعكس علي وضع ضيوفك وانطباعاتهم. الكثير من السينمائيين يقولون ان المهرجان يبالغ في الترحيب بالضيوف، ويستضيفهم استضافة كاملة وسياحة لمدة عشرة ايام. ستندهش اذ قلت لك ان نجوما وسينمائيين عالميين لم يكونوا يعرفون ان هناك سينما في مصر من الاساس وكانت خطتي ان اوجه لهم الدعوة لاول مرة حتي يروا ما لدينا ولا اعود لدعوتهم مرة اخري. · ولكن مهرجان القاهرة عمره الان 29 عاما؟ ولكن توقفنا عدة مرات وانكسرنا.، وخرجنا من التصنيف العالمي. · هل تعتقد ان وزارة الثقافة تتحمل وحدها المسؤولية؟ بنسبة مئة في المئة.. هذا المهرجان يحمل اسم وزارة الثقافة. · اصابع الاتهام تشير اليك بمقاطعتك للمهرجان والذهاب لمهرجان دبي؟ اي اتهام في ان نذهب الي دبي، هل هي مدينة ترفع علم اسرائيل ؟ اليست تنتمي للخريطة العربية وتلعب دورا بارزا فيها؟ لقد سافرت وسأسافر عشرات المرات لانني وجدت نفسي في مهمة شبه قومية الهدف والوحيد منها اعلاء اسم مصر، واعتقد ان جميع من سافروا كانوا يحملون نفس الهدف لذا فمن العيب ان نقول لقد ذهب الفنان المصري من اجل جمع المال. هل حسين فهمي او ليلي علوي والهام شاهين وجميع من سافر في انتظار حفنة من الدولارات؟! ارجوكم كفوا عن تلك الاتهامات لانها تشوه رموز الفن المصري والاسرة الفنية بشكل عام. · وماذا عن ترك مهرجان القاهرة؟ سأتحدث عن نفسي في هذا الشأن. ودعني اقول لك انني امتلك قدرا من الشجاعة يكفي لان اؤكد انني مقاطع للمهرجان منذ ان قدمت استقالتي ولا تفكير في فك تلك المقاطعة لان الاسباب قائمة. · هل تقصد انه لم توجه لك الدعوة؟ بالطبع توجهت الدعوة للجميع، لكنني مقاطع لاسباب خاصة بي ابرزها حالة التجاهل لكل ما احرزته من انجازات علي مدار الفترة التي توليت فيها ادارته، ومن ثم الحديث عن الامر وكأن المهرجان كان في اجازة علي مدار تلك الاعوام بحيث عاد للحياة فيما بعد. · يري البعض ان نفوذ مهرجان القاهرة في تراجع شديد؟ بالطبع هناك بعض التراجع، والعيب لم يكن يوما بسبب الادارة فكل من تبوأ المنصب عمل قدر طاقته لكن المشكلة الحقيقية في التمويل فيما ينفق علي مختلف الفعاليات مبالغ ضئيلة ولا تكفي مطلقا لعمل اي شيء. الهجوم الذي يوجه من قبل محرري الصحف علي مسؤولي المهرجان قاس ويصل لحد الظلم. ماذا يفعل الشوباشي او غيره بثلاثة او اربعة ملايين جنيه في ظل وضع مترد للجنيه المصري، الذي تحول لعملة من اضعف عملات العالم؟ ولك ان تعلم ان مهرجان مراكش تتجاوز ميزانيته ثمانية ملايين دولار اي ما يقرب خمسين مليون جنيه، لذا نجحوا في خطف الابصار باستضافتهم لواحد من اشهر نجوم هوليوود. كما ان مهرجان دبي رصدت له ميزانية تفوق ذلك الرقم، وجميع المهرجانات قائمة علي التمويل الضخم، ولاجل ذلك لابد من ان يكون هناك تفكير علمي للبحث عن التمويل، وعلي الدولة متمثلة في وزارة الثقافة ان تكون صريحة مع نفسها. هل تريد المهرجان ام لا؟ اذا كنت تحتاجه فعليها ان تغدق عليه في الانفاق ولا تسألني عن ظروف المجتمع والكساد او البطالة فالعواطف لم يعد لها اي حساب في التخطيط لمشروع ما فاما ان تكون قدرت علي التمويل او تمتلك القدرة علي الانسحاب. · هل هي دعوة منك لتشجيع مهرجان القاهرة؟ بل هي دعوة من اجل انقاذه وما اشبه حالنا بحال اسرة لا تملك شيئا وتريد فعل كل شيء لذا فالصورة في النهاية تكون ناقصة ومشوهة فلا دعم حقيقيا للسينما ولا دعم صالحا للمهرجان او لاي نشاط اخر، ومن الافضل ان يكون لدينا كيان واحد ناجح بدلا من ان نمني بالفشل في كل المجالات. · هل انتهت علاقة جيلك بالسينما؟ اعتقد ان السؤال الاكثر منطقية: هل هناك سينما في الوقت الراهن بعيدا طبعا عما يقدمه شباب الكوميديا عبر اعمال لا تصلح بالطبع لتمثيل مصر في اي مهرجان. في السابق كانت المشكلة في حجم الافلام الصالحة للمهرجانات حيث الاختيار كان صعبا للغاية اما الان فالمشكلة التي تواجه لجنة المهرجانات تتمثل في صعوبة العثور علي فيلم صالح للتمثيل. · كيف تري حال السينما الان؟ للاسف السينما المصرية اصبحت تنتقل من فشل الي فشل والخوف ان يقضي هذا الفشل علي البقية المتبقية من المتفرج المصري بعد ان ضاع منا المتفرج العربي وبعد ان كان تصديرنا للافلام يعادل تصديرنا للقطن واصبحت الان السوق تعتمد علي التوزيع الداخلي فقط وبعد ان كنا ننتج 80 و90 فيلما في السنة اصبحنا لا ننتج سوي تسعة او عشرة افلام! · وماذا عن موقفك من ملف المونديال او ملف الزيرو؟ انها كارثة قومية اساءت لسمعة مصر امام العالم كله، وانه لابد من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.. لان الامر يخص 70 مليون مصري شربوا من كأس الحزن حتي الثمالة ولقد رفضت الوجود ضمن هذه اللجنة المشبوهة منذ اللحظة الاولي لتوليها المسؤولية. بالرغم من ان اللجنة عرضت علي المشاركة في هذه المهزلة، فانني رفضت واعلنت لهم موقفي واسباب رفضي. وقلت لهم بصراحة احنا اتفطمنا من زمان وعيب ان نتعامل مع العالم بهذا الاسلوب وهذه السطحية. وبالرغم من ذلك اصروا علي تشويه صورة مصر بهذا الشكل. وعن رأيه في ملف مصر 2010 قال سفير النوايا الحسنة: منذ اللحظة الاولي لحديثي مع اعضاء اللجنة، اكتشفت ان المسؤولين عن الملف يتحدثون بلغة الفهلوة وهي لغة بعيدة تماما عن لغة الحوار والتخاطب العالمي، التي تعتمد في المقام الاول علي الارقام والاحصائيات والنتائج المحققة. اللغة التي استخدمتها لجنة ملف المونديال اضاعت علي مصر الكثير لان هذا الحدث له تأثير هائل علي الدخل القومي نظرا لمليارات الدولارات والجنيهات التي تتدفق الي البلد الذي يستضيف مثل هذه الكأس.. فهناك ملايين البشر كانت ستأتي الينا، وهذا من شأنه ان ينعش حركة اقتصاد اية دولة بل ويوفر اكثر من 200 الف فرصة عمل علي الاقل الي جانب البنية الاساسية الرياضية التي كانت ستفوز بها مصر. القدس العربي في 23 فبراير 2005 |
|