شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

الكوميديا علي الطريقة اليهودية:

إعلان الصهيونية المسيحية في فيلم أمريكي!!

هشام لاشين

 

 

 

 

 

 

تكرر الحديث في السنوات الأخيرة حول مصطلح «الصهيونية المسيحية» ودلالته التي تعكس محاولة إقناع الجانب المسيحي في أوروبا والعالم بأهمية تبي نبوءة «توراتية» عن نهاية العالم وظهور المسيح وهو ما تحقق بنجاح كبير بل وصار يظهر في تصريحات متباينة علي لسان أكبر رئيس دولة في العالم ومع تشكيك البعض في حقيقة هذا المصطلح وجذوره يأتي هذا الفيلم الكوميدي الخطيرة «Meet The Fockers» والمعروض بالقاهرة حاليا!! ليكشف بمنتهي الوضوح والراحة وعلي أيدي صناعه من اليهود المؤمنين بالفكر الصهيوني بأن المصطلح حقيقة.. بل إن الفيلم يبدو كما لو كان إشهارا سينمائيا وإعلانا رسميا للصهيونية المسيحية وهو يدعو أمريكا لتسليم عقلها وإدارتها لليهود بعد فشل جهاز مخابراتها في الحادي عشر من سبتمبر.. ويعلن الفيلم في نهايته عن اقتناع أمريكا بالفعل بذلك والتوقيع علي بياض!!

وفيلم «مقابلة فوكرز» والمترجم في مصر باسم «اخطبني رسمي» يدور في قالب كوميدي عن الجزء الثاني من قصة زواج «بن ستيلر» والفتاة «تيري بولو».. وقد انتهي في الجزء الأول بطلب العروس «بام» من عريسها «جاي فوكر» أن يتقدم لخطبتها ويوافق الوالدان بشرط الذهاب لضيافة قصيرة في منزل والدي العريس للتعرف علي الأسرة الجديدة التي ستنضم إليها الابنة الوحيدة.. بل وليعرفا أي نوع من الأباء هذا الذي يطلق علي ابنه هذا الاسم الغريب والقريب في نطقه من الكلمة القبيحة المعروفة والتي تعني «الشاذ»! وأثناء الرحلة في الجزء الثاني نبدأ ومنذ الوهلة الأولي التعرف علي ذلك التناقض الظاهر بين العائلتين والذي يسفر عن الكوميديا في حد ذاته.. فوالد العروس ضابط مخابرات متقاعد من جهاز الـ «CIA» وهو نموذج للمجتمع المتحفظ الذي يجمع المعلومات ويدقق ويفتش ويستخدم كل إمكانياته بما في ذلك سيارته المصفحة والمجهزة بكل أدوات الراحة والمعلومات لمعرفة كل شيء عمن حوله ويكتشف في النهاية أنه آخر من يعلم.. فكل المعلومات التي جمعها عن العريس خاطئة وهو آخر من يعلم بحمل ابنته بينما كان الجميع يعرف بما في ذلك زوجته.. التي اعتمدت علي حسها الفطري كامرأة.. مثلها مثل العائلة الأخري والتي يقدمها لنا المخرج بصورة فطرية إن لم تكن فوضوية.. فالاب ترك المحاماة منذ سنوات وجاء بصحبة زوجته لهذا المنزل ليستمتعا بالدفء، والزوجة تعالج كبار السن من الفتور الجنسي بأسلوب متطور يعتمد علي البهجة والإثارة الجنسية.. وفي مشهد يشبه حلقات الجنس الجماعي تبدأ التمرينات التي تحقق نتيجة مذهلة!!

ونكتشف مع الوقت أن عائلة العريس اليهودية أناس يتبعون الفطرة ويرفضون التعقيدات التي ينتهجها رجل المخابرات البروتستانتي.. وتتوالي الصدامات الطريفة والتي يستخدم خلالها الطفل «حفيد» رجل المخابرات والذي يسعي لتلقينه المعلومات عبر نظام محدد يعتمد علي الإشارات والرضاعة من ثدي صناعي يرتديه الاب!! لكن.. ومع اكتشاف رجل المخابرات فشل نظريته يمتثل للموافقة علي زواج الجيل الجديد ونري أول مشهد في تاريخ السينما الأمريكية يكرس عبر الزفاف زواج بروتستانتية بيهودي.. وليأت والدي العريس بذلك الفتي الشاب والمودرن وهو يرتدي «القلنصوة» اليهودي بينما نسمع حوار الاب بأن القس درس الأديان في إسرائيل وأنه من الممكن أن يعقد الزواج لكل الأديان!! تبدأ طقوس تدشين الزواج بعبارات وأغنيات عبرية يرددها الجميع في سعادة وخارج أية كنيسة أو معبد بل في مكان مفتوح.. وهنا ينظر «لوردفوكر» إلي الجمهور غامزا ومرددا «أخيرا أقنعناهم أن يستسلموا لنا»!! والفيلم لا يحتاج إلي جهد في قراءته.. بل إنه يتعمد تأكيد المقصود منه.. وتتردد بين ثناياه الكلمات العبرية والإعجاب باليهود علي لسان أبطاله.. كما تعترض أسرة «فوكر» طول الوقت علي استبعادها من اجتماعات العائلة الأمريكية للعروس.. وتردد ثلاث مرات عبارة «نحن الآن أسرة واحدة.. بل يجب أن نكون أسرة واحدة».. ومع فشل كل خطط رجل المخابرات في معرفة أي شيء أو حتي علاج حياته العاطفية الباردة نراه يمتثل للعلاج الروحي لحماة ابنته وهو ما ينجح في علاجه من «اللمباجو» بل ومن البرود العاطفي.. ونكتشف أيضا أن هذه اليهودية وراء انقاذهم من السجن بعد فشله في إنقاذهم باعتباره مسئولا سابقا بالمخابرات!! والفيلم علي هذا النحو لا يكتفي بتدشين فكرة الصهيونية المسيحية باعتبارها الاتحاد الوحيد والبديل لأي أفكار أخري وإنما يكرس بوضوح ضرورة استسلام السياسة الأمريكية المعقدة للفكر اليهودي والإسرائيلي «والخلط هنا مقصود من عندهم وليس من عندنا»!!

وهنا ن نسترجع الاكتشاف الأخير عبر هذا الفيلم المثير فنعرف أنه من إنتاج شركة «دريم ووركس» لصاحبها الصهيوني «ستيفن سبيلبرج» ومخرج فيلم «قائمة شندلر» وتلعب دور الأم اليهودية.. ممثلة يهودية مشهورة بتعصبها هي «باربرا سترايسند» وهي تعود للشاشة هنا بعد انقطاع ثماني سنوات ويلعب زوجها في الفيلم الممثل الكبير «استيفن هوجمان» وعلي الجانب الآخر يلعب دور والد العروس «روبرت دي نيرو» وهو يشارك في إنتاج الفيلم مع المخرج «جاي روتش».. ومعظم طاقم الفيلم الفني من اليهود أيضا «مدير التصوير جون شوارتزمان والموسيقي لراندي نيومان والأزياء لكارول رمسي».

وحتي نكون منصفين علينا أن ننتبه إلي أن الموقف الصهيوني من المخابرات الأمريكية ليس وليدا لهذا الفيلم بل هو موقف قديم يرجع لمطلع الستينيات في أعقاب اغتيال كنيدي ولذلك تم تصوير المخابرات المركزية باعتبارها حكومة داخل الحكومة وأنها قد تحرج الرئيس نفسه تحت شعار صون المصالح القومية وظهر ذلك في عشرات الأفلام لتتحول هذه المخابرات إلي فرانكشتين.. ولكن دفعها للإحتواء والتسليم لليهود، وفي إطار فيلم كوميدي فإن ذلك هو الجديد!!

أما ما يستلفت النظر أخيرا في فيلم «Meet The FocKers» فهو كل هذه الفحش الجنسي في الحوار والصورة والذي سمح بعرضه دون حذف في مصر مثلما سمح بالفيلم نفسه ولا أري في الحقيقة هل شاهد علي أبوشادي هذا الفيلم قبل التصريح به أم لا؟!.. فإن كان شاهده وصرح به كذلك فنريده أن يشرح لنا إذا كان الأمر يتعلق بفكر جديد يبقي الانفتاح الرقابي بما في ذلك السماح بتدشين الفكر الصهيوني..وكذلك الألفاظ الخارجة والابتذال المباشر الذي يظهر بوضوح في آخر الفيلم ومع نزول التترات عبر حركات «راستين هوفمان» المتكررة وحوارات ومشاهد أخري عديدة.. أم أن هناك أسبابا أخري لمثل هذا التصريح؟!!

جريدة القاهرة في 22 فبراير 2005