خاص بـ"سينماتك"

اتفق السيناريست فيصل ندا مع الفنانة اثار الحكيم علي العودة للتلفزيون من جديد بعد غياب عن جمهور الشاشة الصغيرة مدته 3 سنوات وذلك من خلال احداث المسلسل الكوميدي الناجح يرفع ايد والذي يقوم بدور البطولة فيه الفنان سمير غانم من اخراج الفنان عمر عبد العزيز. تقوم اثار بدور طبيبة تقع في حب طبيب بيطري وتتعرض للعديد من المشاكل التي تضعها في مواجهة مع اهلها وزملائها ويشارك معها في التمثيل الفنان عبد الله فرغلي واحمد راتب وجيهان فاضل وعايدة رياض وعلا غانم.

اثار الحكيم ليست نجمة مصر الاولي، ولا نجمة الجماهير وهي ليست نجمة شباك بمقاييس هذه الايام. لكنها تمتاز عن سواها بجرعة الصدق العالية، واحساس الجمهور بالالفة معها وهي نموذج للفنانة التي لم يطغ فنها علي بيتها او بيتها علي فنها لذلك لا يجد الجمهور ولا نجد معه حرجا ان نقول انها منا.. فنانة الناس.

· تنتقل حالة الشخصية الفنية الي ما بعد انتهاء وقت التصوير. هل تهلوسين بها في احلامك مثلا؟

لا تكون الهلوسة او الكوابيس كاملة لكن من خلال مفردات الشخصية والعمل. استرجع موقفا او حوارا او جزءا من الحالة النفسية في مرحلة ما بين اليقظة والنوم وكثيرا ما يتسبب ذلك بحالة من القلق والارق لكن عندما ادخل في النوم تنتهي الكوابيس والهلاوس. وعندما تضغط علي بعض مفردات الشخصية ويأتي الارق قد اغادر الفراش واعود للسيناريو لاعيد قراءته وقد يتسبب هذا في عدم نومي نهائيا فأصل الليل بالنهار واعيد قراءة السيناريو والبحث فيه الي ان يحين موعد التصوير.

· وهل كل الادوار تحتاج لتعمق الفنان فيها، الا توجد ادوار فنية سطحية؟

بدأت التعمق في الادوار منذ سنوات طويلة عندما ايقنت ان الله اختار لي هذه المهنة وانها ستكون مستقبلي بما يعني ذلك من عبء حمل رسالة تصل للملايين. الله اعطاني هذه البصيرة لاعي هذه المسؤولية وتحديدا حدث هذا بعد مسلسل ابنائي الاعزاء شكرا او بابا عبده . وكلما نضجت احس بهول المسؤولية اكثر بسبب التأثير الخطير لهذه المهنة التي تشكل وجدان الناس وتؤثر في تشكيل قيم ومباديء الناس لذلك بدأت انمي نفسي من خلال القراءة في علم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد ومشاهدة اعمال فنية كثيرة سيئة وجيدة، بل انني في مواقف كثيرة اجد نفسي في موقف حقيقي واقعي واشعر ان هناك كاميرا ترصدني لذلك اختزل هذا الموقف او ذاك لا شعوريا بما فيه من مشاعر ليخرج في اعمالي.

· معروف ان اثار الحكيم فنانة واعية لكن الوعي فقط لا يكفي لتحقيق النجاح؟

هذا صحيح، فهناك اشياء كثيرة تحقق النجاح منها اختيار الدور بعد نجاح سابق ومتي اختاره فيجب الا يكون الدوران متشابهين مثلا، وقد تلحظ هذه الرغبة في التنوع في اختيار شمس في فريسكا والتي تأتي بعد الدكتورة سهام في الفرار من الحب و ايدي في زيزينيا هذه الشخصيات بعيدة كل البعد عن ظريفة في ترويض الشرسة . ممكن اعمل دور طبيبة ثم اقدم دور طبيبة اخري بعد فترة لكن لا بد وان تكون الملامح مختلفة اقصد الملامح النفسية.. ايضا يدخل في هذا الاطار ـ تحقيق النجاح ـ المحافظة علي النجومية والتواجد الاعلامي والعلاقات الاجتماعية خاصة داخل الوسط.

· ما الذي يعجبك من دون الاخر؟

ان تكون الشخصية بها تركيبة جديدة فمثلا في هذا المسلسل فريسكا تجد شخصية جديدة تماما لم تطرحها الدراما من قبل هي شخصية بائعة الفريسكا.

· لكن شخصية سيدة في نحن لا نزرع الشوك ليست جديدة؟

عرض علي قبل هذا المسلسل تقديم اعمال كثيرة سبق تقديمها في السينما لكنني اعتذرت وكان فيلم نحن لا نزرع الشوك ممنوعا من العرض في التلفزيون ولم يعرض الا بعد عرض المسلسل. اذن كان العمل جديدا بالنسبة للناس كما ان العمل مع المخرج حسين كمال فرصة لا يتركها فنان عاقل.

· هل تتعامل اثار الحكيم مع الفن باعتباره فرصة لتفريغ شحنات انفعالية او باعتباره فرصة لشحن النفس بمشاعر وانفعالات تكون جديدة؟

انهما الاثنان معا وانا بالفعل اتعلم كثيرا من جمل ومواقف في الفن كما اتعامل معه باعتباره فسحتي ومتعتي. عندما امثل اشعر كأنني في الملاهي اروح عن نفسي.

· قدمت شخصية ظريفة في مسلسل ترويض شرسة وهي شخصية قريبة من بطلة مسرحية ترويض النمرة لشكسبير والتي ادتها اليزابيث تايلور في فيلم شهير. هل كانت النجمة الهوليوودية في ذهنك وانت تجسدين الشخصية؟ وكيف ترين المساحة الفاصلة بين الشخصيتين؟

الفرق بين ظريفة والنمرة التي جسدتها اليزابيث تايلور او لبني عبد العزيز في احد افلامنا ان البطلة في مسرحية شكسبير كانت تقهر من حولها لانها كانت من طبقة اجتماعية عالية اما ظريفة فكانت اقرب للانسانة البرية التي عاشت حياتها في الزريبة وكانت خادمة لاولاد خالها. لم تكن لها صديقة وكان هناك خط في السيناريو لم ينفذ وهو ان لظريفة صديقة واحدة في الدنيا هي عبارة عن جاموسة جعلتنا نلغي هذا الخط الدرامي.

· دورك في زيزينيا ربما كانت فيه نقطة ضعف فلم نستوعب سبب ازمة عايدة او آيدي . هل كانت تخبطا لمجرد انها فشلت في زيجة؟

مشكلة عايدة او ايدي انها بدون هدف، لا هي امرأة ناضجة ولا بنوتة مراهقة وكانت تملك المال الذي يمكنها من التحكم او الضغط علي امها وزوج امها. انها شخصية مدللة مغرورة بمالها كل من يقابلها يحبها وهذا يزيد من غرورها وظلت كذلك الي ان حبت بشر وستجد في اغلب اعمالي ان الحب دائما يوجه مشاعر الانسان للعطاء الصحيح.

· اضفت بعض اللزمات للشخصيات التي جسدتها وكان بعضها موفقا والاخر غير موفق ولم يقبله الجمهور مثل لازمة بربشة العينين عند الدكتورة سام في الفرار من الحب ؟

انا لا اخترع هذه اللزمات ويمكن ان تقول انها تظهر تلقائيا في الشخصية بعد ان اتعمق فيها وابحث عن جذورها ومكوناتها النفسية ومن خلال قراءتي لما بين السطور في السيناريو والحوار، فقد تلهمني جملة في الحوار بأحد مفاتيح الشخصية. في مسلسل زيزينيا مثلا اعطتني جملة باردون ماما والتي قالتها عايدة لامها فهي جملة فرنسية والفرنسيون غالبا ما ينطقون الراء او (R) غين لذلك خرجت لازمة عايدة في النطق حيث تقلب كل حرف راء غين ومع سهام في الفرار من الحب اكتشفت ان هذه الطبيبة كانت تذكر دروسها علي مصباح الكاز لذلك كان لابد ان تلبس نظارة لضعف نظرها وهي شخصية خجولة لان امها الخادمة كانت تحيطها وتغلق عليها وعندما احتضرت الام اخبرت سهام بسر الميراث. والشخصيات الخجولة لابد وان تكون لها حركة لاارادية. ومن مذكراتي لهذا الدور توصلت لهذه اللازمة بربشة العين لكن ربما لم يتقبل الجمهور تكرار هذه اللازمة اما اللازمة في حد ذاتها فلم تكن ابتكارا شاذا.

· ما هو مفتاح شخصية شمس في مسلسل فريكسا ؟

انه البساطة المتناهية وحب الخير واحساسها بعبء المسؤولية وتحملها لهذه المسؤولية فهي الاخت الكبري حيث الاب بائع فريسكا متقاعد ولديها اخت علي وشك الزواج واخ في التعليم الاعدادي وهي مصممة علي ان يكمل تعليمه وساكنة مع اسرتها في حارة بسيطة بحي العطارين بالاسكندرية لذلك تري بساطتها في التعامل مع من حوله وايمانها بضرورة الكفاح وتحمل مسؤولية هذه الاسرة وثباتها علي المباديء مهما واجهها من عقبات.

· نعود لاختيار الادوار.. ما الدور الذي يشجع اثار الحكيم فنيا؟

الدور العميق الذي عندما يراه الجمهور يتساءل: هل من المعقول ان تجسد هذه الفنانة هذا الدور وهو الدور البعيد عن تكويني الحقيقي والذي يستفز موهبتي. وهنا لابد ان اعترف ببعد نظر المخرج محسن فكري الذي فكر بي عندما عرض عليه مسلسل ترويض الشرسة فهذه الشخصية البرية الجامحة العنيفة والانسانية في ذات الوقت ربما لم يخطر في بال احد انني اصلح لتجسيدها.

· هل معني هذا انك لا تجدين حرجا في اللعب في منطقة فنانات اخريات؟

جملة منطقة فلان او فلانة جملة عير صحيحة فمن المفترض ان الفنان يستطيع عمل كل الشخصيات. لكن السؤال هو كيف يعمل هذه الشخصية وكيف يقدمها.

· هل هناك ملامح نفسية اكتسبتها اثار الحكيم من شخصيات فنية قدمتها علي الشاشة؟

اغلب الشخصيات التي قدمتها كان بها الكثير من التشابه مع شخصيتي الحقيقية، اما شخصية ظريفة بطلة ترويض الشرسة فهي وان كانت قبيحة الشكل الا ان العطاء والخير عنصران اساسيان في شخصيتها. وهنا اردت ان اقول ان قبح الاخلاق هو الذي ينفر الناس وليس قبح الشكل.

· الا ترين ان الفن الذي تقدمينه ـ والذي يعرض مشاكل وهموم البشر مغلفة بحالة انسانية جميلة ـ فن بعيد عن الواقع. او انه يقدم الواقع بصورة جيدة؟

جزء اساسي من الفن انه يقدم الجمال لان الناس تقلد الفن وتحاكيه ولو ان الفن حاكي وقلد الواقع المرير فسوف يقلد الناس هذا الفن المرير وندخل في سلسلة من التأثير السييء بين الفن والمجتمع. انا مقتنعة بان الدراما يجب ان تنطلق من منطق انا لا اكذب ولكني الاجمل .

· تلك كانت ظروف ابتعادك عن الساحة، ولكن لماذا ايضا انقطعت اخبارك الاعلامية حتي انك غيرت رقم المحمول الخاص بك لكي لا يستطيع احد العثور عليك؟

كان عن قصد لانني لا افضل الظهور او التواجد بدون عمل، وكان ذلك علي مستوي الصحافة والتلفزيون لاني رأيت ان كل اللقاءات ستكون بنفس الاسئلة ونفس الاجابات وكلها ستكون عن الماضي. وافضل دائما ان يكون هناك سبب حقيقي حتي يكون هناك نقد حقيقي. وكذلك فريسكا للاسف عطلتني سنة كاملة لانه كان مفروضا ان ندخلها في مايو من الماضي وكان مجدي ابو عميرة هو المخرج فأجل التصوير بسبب مسلسل الحقيقة والسراب فتم التأجيل وكان من نصيب مجدي احمد علي، وانتهي التصوير في شهر مايو وهو ايضا وقت ضائع وكلها ظروف خارجة عن ارادتي.

· قرأنا كثيرا علي صحفات الجرائد عن خلافات حدثت بينك وبين الراقصة دينا بسبب الملابس التي رفضت ان تظهر بها علي الشاشة، كيف تم التوفيق بينكما وكيف تمت ازالة تلك الخلافات؟

بشكل عام ارفض ان تكون مشاكل عملي علي الملأ. وانا اعتبر اسرتي الفنية مثل عائلتي الحقيقية مختلف كما نريد ولاننا كلنا اسماء كبيرة ولنا تاريخنا ومكانتنا الادبية فكل ما كتب لم يكن علي لساني بل لسان اخرين. كان هناك خلاف في اكثر من نقطة ولم نتفق في كل الاشياء ولانني ارفض تماما ان اتواجد في اي مشهد بشكل لا يتماشي مع عادتنا وتقاليدنا وخصوصا من خلال التلفزيون لانه اخطر وسيلة تربي النشء، فهو يدخل كل حارة وكل قرية وعاداتنا وتقاليدنا لابد ان يكون لها شكل اخر غير الفيديو كليب والسينما واي قناة اخري فنية.

· ثلاث سنوات غياب عن التلفزيون واكثر من ذلك غياب عن السينما.. هل ما زالت السينما بعيدة عن افكارك؟

اطلاقا. هناك فيلم رائع فعلا نجهز له لمؤلف جديد اسمه يحيي فكري بطولة اشرف عبد الباقي وسيكون المخرج مفاجأة لانه اول مرة يخرج للسينما وقد عمل افلاما قصيرة وتسجيلية وانا متحمسة له جدا ولن اذكر اسمه الان وسيكون مفاجأة. (ا ب)

القدس العربي في 22 فبراير 2005