جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

عاطف الطيب (2 ـ 2)

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

رحيل عاطف الطيب.. وغيابه عن الوسط السينمائي لثماني سنوات، قد ترك ثغرة فنية لم تعوض بعد، هذا بالرغم من ذلك التميز والتأثير لفن الطيب على كثير من تلاميذه ومعاصريه من السينمائيين المصريين.

وبنظرة ثاقبة لمميزات فن الطيب وتجربته السينمائية، بعد متابعة دقيقة لما تتضمنه أفلامه، لا بد لنا من الحديث عن الكثير مما قدمه هذا الفنان للسينما والفن بشكل عام. من خلال أسلوبه السينمائي.

فقد إختار عاطف الطيب زمناً محدداً لغالبية أفلامه، وهي الفترة الممتدة منذ مطلع عصر الإنفتاح، أي منذ منتصف السبعينات وحتى مطلع التسعينات. وناقش مجموعة من المتغيرات الإجتماعية والإقتصادية التي أفرزتها مرحلة الإنفتاح والفترة ما بعد الإنفتاح، والتي طرأت بشكل مفاجيء على المجتمع المصري وغيرت في كثير من القيم والأخلاقيات العامة. إلا أن هناك تبايناً واضحاً في أسلوب الطيب الإخراجي وفي المستوى الفني والتقني لأفلامه.. مما يوحي بأن الطيب لم يتبنى رؤية سينمائية فنية محددة وواضحة يحمِّلها جميع أفلامه، فيلماً بعد فيلم . هذا بالرغم من أن الطيب ـ كمخرج حرفي ـ قدم مستويات فنية تقنية جيدة، في كثير من الأحيان. هذا إضافة إلى أن الطيب لم يكترث كثيراً بتكوينات كادراته الجمالية والشكلية، إلا فيما ندر. وبما أن أداة التعبير في السينما أساساً هي الصورة، فلا بد أن يكون هناك إهتمام واضح بهذه الصورة، والمقصود طبعاً الصورة الدرامية المعبرة.

وكان التمثيل ـ مثلاً ـ عنصراً هاماً في أفلام عاطف الطيب، إستخدمه في توصيل ما يريده للمتفرج، مستفيداً في ذلك من قدرات ممثليه الذين إختارهم بعناية شديدة. بل إنه في بعض أفلامه إعتمد ـ بشكل أساسي ـ على تلك القدرات الأدائية للممثل في التوصيل، متناسياً الإهتمام ببقية العناصر الأخرى. 

الإشكالية الهامة بالنسبة لتجربة عاطف الطيب السينمائية كمخرج، تكمن في أسلوبه الإخراجي المبسط الى درجة كبيرة، وذلك بإعتماده على الموضوع والموقف الجريء ـ بشكل أساسي ـ في التوصيل.. هذا بالرغم من أن هناك في أفلامه كم كبير من الشعر والرمز والموسيقى، إضافة الى الأفكار والعناصر (الأدوات) التقنية.. إلا أنها جميعاً تفتقد ـ في نفس الوقت ـ لتلك الرؤية الإخراجية الخاصة التي في إمكانها توظيف كل تلك الإمكانيات التقنية والفنية للإنطلاق بالعمل الفني الى آفاق فنية وإبداعية قد تثير الإعجاب، وترتقي بالمستوى الفني للفيلم.. فسينما اليوم لا بد أن تكون قادرة على الجمع ما بين الشكل والمضمون في إطار متوازن ومحسوب.

 

هنا البحرين في

25.06.2003

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)