جديد حداد

 
 
 
 

شخصية سينمائية..

فارس.. الحريف

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

نحن في (الحريف) أمام فارس آخر من فرسان المخرج محمد خان، يشبه إلى حد ما فارسه في (طائر على الطريق). ففارس (عادل إمام) هنا إنسان بسيط وفقير يعيش حجرة حقيرة فوق سطح إحدى البنايات الشاهقة، يعمل في ورشة لصنع الأحذية، إضافة إلى أنه يحترف لعبة الكرة الشراب، والتي يمارسها في الشوارع والساحات العامة.

يعيش فارس أزمة عاطفية مع مطلقته دلال (فردوس عبد الحميد)، التي يحبها وابنه الذي يعيش معها بحكم المحكمة. وهي ترفضه لمعاملته العنيفة لها، إضافة لفشله المادي. وبالرغم من أنه يشعر برغبة في العيش معها وابنه تحت سقف واحد، إلا أنه عاجز عن ضمان عيشة مستقرة لهما، خصوصاً عندما يتعرض ـ فيما بعد ـ للإهانة والطرد من عمله. كما أنه يقضي بعض الليالي في التخشيبة إثر اتهامه بقتل جارته الثرية. يتهمه الضابط بأنه رجل عنيف، فقد سبق أن ضرب زوجته ومدربه في النادي من قبل. وهذا صحيح، ولكن برغم العنف الذي يحمله فارس، إلا أنه في المقابل لطيف المعاشرة في معاملة من حوله، فظروفه الصعبة هي التي تضطره لاستخدام هذا العنف الكامن في داخله. وإثناء التحقيق نتعاطف بشكل مؤثر مع فارس، إثر الطريقة الاستفزازية التي يستخدمها الضابط في التحقيق، والتي تشحننا ضد هذه النوعية من المحققين الذين دائماً ما يوجهون أصابع الاتهام لهذه الطبقة ويحتقرونها.

مأساة فارس تكمن في أنه يعي ويدرك تماماً لكل ما يدور حوله، ولكنه لا يستطيع التوائم مع محيطه. فهو يحمل في داخله طاقة رهيبة من التمرد على كل ما يحيط به من فشل وإحباطات.. فهو متمرد على سيطرة صاحب ورشة الأحذية.. ومتمرد على زوجته رغم حاجته إليها والى ابنه.. ومتمرد على زميلته في العمل سعاد (زيزي مصطفى) التي تسعى بإيحاءاتها المغرية لمشاركته الفراش، إلا أنه غالباً ما ينفر منها رغم حاجته إلى إفراغ كبته الجنسي الذي يفرضه عليه المجتمع.. كما نراه يتمرد أيضاً على متعهد مبارياته المعلم رزق (عبد الله فرغلي) عند شعوره بأنه يستغله ويستغفله، وبالتالي يتمرد على لعبته ومصدر عيشه، هذا بالرغم من أن الملعب هو الشيء الوحيد الذي يشعره بقيمته في هذا المجتمع، يشعره بأنه أكثر من عامل مهمل في ورشة للأحذية. فالحشود الكبيرة من عشاق تلك اللعبة جاءوا لمشاهدته والهتاف باسمه والتصفيق من أجله، وهو ما يجعله يشعر بالتفوق على كل ظروفه القاسية. أما خارج الملعب فالفشل والإحباط يلاحقانه في كل مكان، في علاقته بابنه وفي علاقته الإنسانية بوالده الذي لا يستطيع التواؤم معه، علاقته بالناس بشكل عام تقوم على الرفض من جانبه، فهو يعيش في وسط كم هائل من الشخصيات المحبطة، ومن الطبيعي أن تنعكس عليه إحباطاتها هذه.

فارس (الحريف) نموذج صارخ للتمرد، لكنه ليس نموذجاً فوضوياً، إنما هو إنسان يمثل خليطاً من المشاعر والأحاسيس والمتناقضات، بين الجد واللامبالاة، الفقر والإسراف، العنف والرقة، الشهرة والوحدة، الكرامة والإحباط. كل هذا يجعله يعيد النظر في أسلوب حياته ليكشف في النهاية استحالة الاستمرار هكذا في هذه الحياة القاسية التي يعيشها. لذلك نراه يستجيب لعرض صديقه القديم بالعمل معه في التهريب، رغبة منه بلم شمل العائلة الصغيرة وتوفير احتياجاتها.

 

هنا البحرين في

13.10.2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)