جديد حداد

 
 
 
 

شخصية سينمائية..

جاك لاموتا.. الثور الهائج

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

شخصية جاك لاموتا في فيلم (الثور الهائج) تتحدث عن العنف.. العنف بصورته الأكثر بشاعة.. ذلك العنف القادم من "لاموتا" نفسه، والعنف الواقع عليه. فـ"جاك لاموتا" عاش سنوات صباه في حيّ فقير في مدينة نيويورك، من أب مهاجر من إيطاليا.. كانت دروسه الأولى في الحياة هي كيف يسرق ويقتل.. وتعلم منذ صغره على أنه إذا أراد البقاء فإن عليه أن يكون أقوى من الشخص المقابل، لذلك كان عنيفاً ونشأ وحيداً لا يثق بأحد، تتملكه أحاسيس مثل الخوف والغضب وكره الذات والإحساس بالذنب.

وبالرغم من أن الفيلم يستمد مصادره من سيرة حياة هذا الملاكم، إلا أنه لا يركز على الملاكمة في حياته.. فالفيلم يستفيد من عرضه لهذه الشخصية ليطرح من خلالها مجموعة من الأفكار.. إنه يقدم لنا عالماً يستوطنه العنف والعدوانية، ويقترب من هذه الشخصية ليكشف الضعف الكامن خلف هذا العنف.

نحن هنا أمام ملاكم يصارع العالم لوحده، ومصارع يرتكب كل شيء للفوز والوقوف وحيداً في القمة.. إنه يصارع ويتعثر، ثم يفوز ويتخدر بتأثير ذلك الصراع النفسي الحاد مع الضعف والخوف الذي يتولَّد من الانتصار.. تتحول الحلبة في هذه الحالة إلى مكان داخل الجمجمة.. طريق هذا البطل هو طريق ذلك الصراع المفروض بالرغبة في التفوق على النفس أو احتقارها أيضاً.. إلى أن يتحول البطل تدريجياً إلى أداة تنفيذية لعقاب نفسه وتدمير ذاته وجسده، ويتحول كل هذا العنف إلى وسيلة من وسائل تحطيم الشخصية.. يتحول "لاموتا" إلى ثور هائج من الغيرة والوهم والعنف السادي الذي ينخر في عضلاته.

ومن الملاحظ، بأن الفيلم يركز أكثر على العنف الموجه ضد النفس في معركة واحدة، للتخلص من شيء ملوَّث في الذهن، فمشاهد الملاكمة القصيرة، ما هي إلا علامات وإشارات لصيغة العنف التي تتميز بها حياة هذا البطل الشخصية العائلية. فالملاكمة، في الفيلم، لا تحتل مساحة لإثارة الغرائز، هذا بالرغم من وحشية وعنف اللقطات التي تصوَر علي الحلبة، فقد وُجدت لتكشف وحشية هذه اللعبة وكمية العنف الذي تحمله هذه الشخصية. 

هذا هو"جاك لاموتا" الذي نجح السيناريو في تقديم ملف حياته لنا، واستطاع أيضاً أن يعطينا حبكة طبيعية لبورتريه "لاموتا"، بعد أن أوضح لنا ملامح تركيب الشخصية على المستوى الفسيولوجي (ملاكم قوي، أكول، غير وسيم..الخ)، وعلى المستوي النفسي (طَموح، قوي الإرادة، جِلف، يعاني من الفراغ العاطفي، غيور جداً..الخ). بكل هذه التوصيفات والنعوت، استطاع كاتب السيناريو "بول شرادر" النجاح في تقديم "جاك لاموتا" على الشاشة.

 

هنا البحرين في

27.01.2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)