جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

الطريق إلى الهلاك ( 2 )

ROAD TO PERDITION

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

الشخصية الرئيسية الثانية في الفيلم هي شخصية روني (بول نيومان)، الذي نجده في محنة صعبة بين أمرين، الأول فقده لأفضل رجاله الذي يعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة، والثاني خوفه على ابنه من انتقام سوليفان. ليتحول ذلك الرجل القوي الذي يسيطر على كل شيء، إلى إنسان ضعيف أمام تلك المشاكل التي يسببها الأبناء، لدرجة أنه يقدر لسوليفان تمسكه بفكرة الانتقام، لكنه لا يصمد أما غريزة الأبوة، حيث يؤجر أحداً لقتل غريمه سوليفان.

وبالتالي تسير أحداث الفيلم نحو النهاية الحتمية، حيث يتخلص سوليفان من قتلة عائلته، ومن ثم يقتل على يد القاتل الأجير. وفي ذلك إشارة إلى أن الشر لابد أن يولد الشر. لتبقى الفكرة الأساسية التي اعتمدها الفيلم، ألا وهي فكرة توريث العنف والإجرام، التي يرفضها الفيلم في مشهد ختامي، عندما لا يستطيع الطفل الصغير أن يصوب المسدس نحو قاتل والده.. لينهيه سوليفان ويجنب ابنه الدخول إلى هذا العالم الملطخ بالدماء، مصراً على أن يحافظ على ابنه الوحيد نظيفاً، وإبعاده عن طريق كان قد اختاره هو لحياته بسبب مهنته والذي اكتوى بناره.

يقدم الفيلم وجبة فنية دسمة من العلاقات الإنسانية، بغض النظر عن تلك الأجواء الإجرامية السائدة، ويغوص في قلب العنف الكامن داخل الإنسان، في محاولته حماية أبنائه من ذلك العنف، ليجد نفسه في ازدواجية مذهلة بين الشر والخير والحب والكراهية. وينتهي الفيلم، على نفس المشهد الذي بدأ به، بطفل يعطي ظهره للكاميرا ووجهه للحياة الممتدة أمامه، يحكي عن نفسه وحياته وكأنه يرسم لنا لوحة للمجهول الذي ينتظره.

في (الطريق إلى الهلاك)، نحن أما فيلم جميل وقوي، يأخذنا إلى عصر خاص جداً، جسده صناع الفيلم بكل تفاصيله، لدرجة تصنيع النسيج والأقمشة المناسبة لتلك الفترة، باعتبار أن أقمشة تلك الفترة ثقيلة وتعطي تأثيراً مختلفاً لوضع الملابس على الجسم وللطريقة التي تتحرك بها الملابس مع جسد الممثل. هذا إضافة إلى اعتماد المخرج على العوامل الطبيعية، من سقوط الأمطار على الزجاج الأمامي للسيارة والضباب، والتصوير ليلاً، إضافة إلى الموسيقى المتناغمة مع الحدث الدرامي، كل هذا لكي يعطينا صورة واقعية للمشهد المصور بعناية فائقة، مما أضفى على الفيلم المزيد من الجمال والإثارة والمتعة البصرية، وجسد ملامح الشخصيات بشكل واقعي جعلت المتفرج يتواصل مع شخصيات الفيلم ويسبر أغوار النفس البشرية للشخصيات.

وقد اجتمع في هذا الفيلم ثلاثة من أصحاب جوائز الأوسكار، فقدموا مباراة في الأداء التمثيلي الأخاذ، لا يمكن أن يباريهم فيها أحد. وعلى رأسهم المتميز توم هانكس صاحب الأوسكارين (فيلادلفيا، فورست غامب)، والمخضرم بول نيومان، إضافة إلى المخرج سام منديز.

بذل توم هانكس جهداً واضحاً لتجسيد الشخصية المحورية، وأضفى عليها صدقاً هائلاً، وهو القادر على توصيل تفاصيل هامة للشخصية حتى في لحظات الصمت برقة ودون مبالغة، لذا استحق تعاطف المتفرج مع الشخصية بدون منازع. كذلك بول نيومان، الذي تجاوز السبعين، في دور رائع، سيؤهله لأن يكون من ضمن المرشحين لأوسكار أفضل ممثل مساعد في مارس المقبل. ثم يأتي دور مايكل الصغير، أداه الممثل الموهوب تايلر هوشلين، والذي اختاره المخرج من بين ألفي ممثل، ليكتمل الثلاثي الجميل.

 

هنا البحرين في

25.02.2009

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)