جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

البطوط.. ومعركة السينما المستقلة

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

بالصدفة.. شاهدت الحلقة الأخيرة من برنامج (ولاد البلد) على قناة OTV  المصرية، الذي تعده وتقدمه الناقدة النشيطة علا الشافعي، عندما استضافت المخرج المصري إسماعيل البطوط، وكانت بالفعل حلقة متميزة، إن كان من تلك الأسئلة والمحاور التي قدمتها المذيعة/ الناقدة، أو من الفنان الضيف البطوط، حيث كانت التلقائية هي الصفة التي طبعت هذا الحوار التلفزيوني الشيق.

وإسماعيل البطوط.. مخرج مصري شاب، بل كان هو نجم الموسم الماضي، بفيلمه التسجيلي/ الروائي (عين شمس)، الذي حضي بتقدير واهتمام في جميع المحافل السينمائية التي عرض فيها.. فقد حصل على جائزة أفضل فيلم من مهرجان تاورمينا بإيطاليا، وجائزة أفضل فيلم من مهرجان روتردام للفيلم العربي، وفاز بجائزة (تانيت خاص) من مهرجان قرطاج السينمائي، تقديراً لمستواه الفني المتميز من لجنة التحكيم.

الفيلم (عين شمس)، كان أمامه مشوار طويل ومعركة حامية مع الرقابة المصرية، حتى يتسنى له عرضه على الجمهور المصري باعتباره فيلماً مصرياً خالصاً.. ففي البداية اعترضت الرقابة على التصريح بعرض الفيلم إلا إذا كان تحت مسمى (فيلم أجنبي)، وكان مبررها هو أن الفيلم صور بطريقة خاصة ولم يعتمد المخرج على سيناريو مكتوب، يتقدم به للرقابة، ومن ثم يعطى تصريحاً مبدئياً بالتصوير.

ولأن الفيلم ينضوي تحت مصطلح السينما المستقلة.. أي المستقلة عن عجلة الإنتاج التقليدي العجوز.. لذا لم يتردد البطوط عندما صرح في مواجهة الرقابة بأنه لم يكن لديه سيناريو متكامل للفيلم بالمعنى التقليدي لكلمة سيناريو، وإنما كانت فكرة بنيت على موقف، أثمرت في البداية شخصية معينة، ثم شخصيات، تتجادل فيما بينها للتعبير عن هذه الفكرة، لتتطور الشخصيات والفكرة معاً كلما تقدمت الخطوات العملية في تنفيذ الفيلم.

وهذا الأسلوب، صحيح بأنه غير عادي، ولكنه ليس جديداً، عالمياً على الأقل.. حيث عمل به مخرجي الواقعية الإيطالية الجديدة في الخمسينات، كما عمل به الألماني فاسبندر في سبعينات القرن الماضي.. بما معناه بأن هذا الأسلوب يعد جديداً عند المسئولين على الإنتاج السينمائي في مصر، وعلى الرقابة أيضاً.

حكاية البطوط لم تنتهي بعد، فحصول فيلم (عين شمس) على منحة من رئيس جهاز السينما بالمغرب لتحويل الفيلم من (الديجيتال) إلى شريط سينمائي 35 ملم.. نقول بأن هذه المنحة، بدل أن تساهم في إفراج الرقابة عن الفيلم، والسماح بعرضه، قد زادت الرقابة في تعنتها، وإصرارها على وصمة بعبارة (فيلم أجنبي).

وكان من الطبيعي أن يرفض البطوط هذه الصفة، ويختار أن يواصل حربه ضد التخلف والتقليدي، خصوصاً بعد حصول الفيلم على التقدير والاهتمام في الأوساط والمهرجانات السينمائية.. فمع كل جائزة يفوز بها الفيلم، يتأكد فوز الفيلم ومخرجة في هذه المعركة، غير المتكافئة، مع الرقابة المصرية. مما اضطر الأخيرة على التنازل عن رأيها مؤخراً، والتصريح له بالعرض الجماهيري تحت مسمى (فيلم مصري).

 

هنا البحرين في

11.02.2009

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)