جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

رحيل سامبين.. عبقري السينما

(2 ـ 2)

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

بعد استعراض أعمال سامبين الأدبية.. يبدأ الدكتور وجدي كامل صالح في الحديث عن سامبين السينمائي.. مقدماً ومحللاً لأهم أفلامه..!!

أول أعمال سامبين كان تسجيلياً قصيراً بعنوان (باروم شاريت ـ 1963)، ويتميز بتنوع موضوعاته ومضامينه، كما توظيف المخرج لكل ثانية من الزمن السينمائي يتشكل المحتوى، كما المشاهد المضمنة على منطق فني مكتمل. فأمام المشاهد يمر يوم واحد فقط من حياة الحوذي الفقير دون أن يؤثر ذلك على نجاح المخرج/ المؤلف في تعميم ذلك اليوم كلوحة واقعية عن الحياة الاجتماعية في داكار.

في فيلمه الثاني (نيّاي ـ 1964) يقدم سامبين معالجة مختلفة عندما يتعرض لمستوى الحياة الريفية في أفريقيا.. وهو (حسب رأي المؤلف) فيلم معقد من حيث المعالجة الأسلوبية، حيث يذكر بأن سامبين يعد من أبرز الأدباء والفنانين الأفارقة المناصرين والداعين إلى ضرورة التوظيف الحيوي والطليعي للفلكلور والتراث الإبداعي الشفاهي للشعوب الأفريقية حتى يتمكن من خدمة القضايا الاجتماعية والثقافية المعاصرة.

في عام 1966 يقدم سامبين أول فيلم روائي طويل بعنوان (سوداء من...)، عن قصة قصيرة كتبها سامبين عام 1958، وهو فيلم يشهد على نحو مدهش من الحرفية في الإخراج، حيث المزج بين الأسلوبين في فيلميه (باروم شاريت ـ نياي).!!

يعكس سامبين في هذا الفيلم صورة نمطية عند الأفارقة، ممن تستهويهم وتتملكهم أشواق كبيرة لزيارة عواصم الدول الأوروبية. كما يناقش موضوعاً شائكاً لدى الأفارقة ومواجهتهم لشعور العبودية الذي يتملكهم من جراء قمع الأجنبي.

لقد استخدم سامبين، ومن خلال واجهة واقعية، عالماً مزدحماً من الرموز، خاصة عندما يعمق استعارته لمواد الفن التقليدي الشعبي في الإيقاع والحلول الفنية.. ويبدو أشد ثقة في نفسه وأقدر على التعبير الخاص المتفرد.

الفيلم التالي كان (الحوالة البريدية ـ 1968)، والذي يعتبر من أجمل الأعمال القصصية لسامبين شكلاً، باعتباره مأخوذ عن رواية لسامبين نفسه.. وهو عمل يكشف بعيون ذكية ونظرة حادة فائقة التشويق في غاية الواقعية. والفيلم كما تصفه الناقدة (مارغريت تاريت)، مهمته الرئيسية كانت مهمة اجتماعية أكثر منها سينمائية.. هذا الفيلم يظل مغلفاً بالروح المسرحية.

في فيلميه (الحوالة البريدية) و(خالا ـ 1974) يحلل عثمان سامبين في ظاهرة الحياة المعاصرة، أما بفيلميه (أميتاي ـ 1971) و(سيدو ـ 1978) فإنه يحلل الظاهرة التاريخية من منطلق الحياة المعاصرة، وهو في بحثه على الصعيدين قادر على تحقيق المعالجات الفنية والبصرية على مستوى واحد. وفي عمله على مستويي الشكل والمضمون الفني يحرز تكافؤاً في معالجاته.

كان سامبين، عند الكثير من السينمائيين العالميين زعيماً أفريقياً للفنانين الأفارقة، وكان محل حفاوة مستمرة أينما حل بمختلف المناسبات والمحافل السينمائية بشكل عام، تلك التي كرمته في مؤسساتها العديدة، لينال الرجل أكثر من مئة تكريم ولقب ويحظى بصاحب أكبر عدد من البحوث والدراسات بالجامعات الأوروبية والأمريكية دون سائر الأدباء والسينمائيين الأفارقة الآخرين.. وبرحيله تكون السينما والثقافة الأفريقية قد فقد عبقرياً كبيراً، نقلها إلى العالمية..!!

 

هنا البحرين في

25.07.2007

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)