كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"يوم الدين"..

هل يوجد بهذه الحياة أشخاص طيبون حقا؟

رامي عبد الرازق

مهرجان الجونة السينمائي

الدورة الثانية

   
 
 
 
 

من بين أربعة أفلام عربية شاركت في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لمهرجان الجونة السينمائي (20-28 سبتمبر/أيلول) يأتي الفيلم المصري "يوم الدين" للمخرج الشاب أبو بكر شوقي ممثلا للمشاركة المصرية ضمن فعاليات المسابقة التي ضمّت خمسة عشر فيلما من أكثر من عشرين دولة.

سبقت "يوم الدين" سمعة دولية براقة، على اعتبار أنه جاء مباشرة إلى مهرجان الجونة كعرض مصري وعربي أول، عقب مشاركته قبل شهور قليلة في التنافس على السعفة الذهبية في الدورة الأخيرة من مهرجان كان -والعمل الأول الوحيد في تلك المسابقة الأكثر شهرة في العالم-، هذه السمعة رفعت كثيرا من سقف التوقعات الخاص بتلقي الفيلم، وجعلت من مشاهدته عملية تنقيبية عن العناصر التي أهلته للقفز فوق جدران "الكروازيت" العالية، بينما تناسى المنقبون عن المزايا أن الفيلم في النهاية هو تجربة جمالية لمخرجه، وأنه مثل كل الأعمال الأولى يحتوي على مساحات مكشوفة للعين المجردة من نقص الخبرة وضعف القدرة الإيهامية في العديد من المواضع السردية وسياقات الحكي.

ثلاث طبقات من العالم

تأتي اللقطة الأولى في أي سياق سردي ناضج تحمل جينات الحكاية الأساسية التي سوف يقدمها الفيلم، بل والخلايا الجذعية التي يمكن التوقف أمامها في أي لحظة خلال حركة الصورة والدراما فنجدها متطابقة مع الفكرة العامة ومعبرة عنها في الوقت نفسه.

يفتتح المخرج فيلمه بلقطة واسعة لساحة من ساحات فرز القمامة بلا أي بشر، يتركنا ثواني لنتأمل في هذه الساحة الثابتة أمامنا والمكتظة بفضلات العالم وبقاياه، نحن إذن أمام لحظة ديستوبيا جلية، كأنه يقول لنا نحن فيما بعد العالم، بعد النهاية، بعد أن ذهب البشر وتركوا فقط فضلاتهم وقمامتهم، ثم في اللقطات التالية نتعرف على واحد من الذين تبقوا بعد أن انتهى العالم، في أول لقاء بصري معه نشعر أنه إحدى ضحايا الحرب النووية أو الكيميائية التي أفنت الجنس البشري، وتركت لنا القمامة، ثم تدريجيا نكتشف أنه شخص مصاب بالجذام وأن أطرافه المتآكلة وملامحه ذات الجلد الذائب هي هويته الشكلية التي لا تعكس بالضرورة ملامحه الداخلية التي تتسم بقدر هائل من الطيبة والتسامح والرغبة في الشعور بأنه ليس منبوذا أو منقطع الصلة عن جذوره الإنسانية مثل أي شخص عادي.

يحمل "يوم الدين" بصمة مثيولوجية واضحة ذات عناصر تراثية واضحة، ربما أبرزها فكرة الرحلة إلى العالم الآخر التي يقوم بها البطل بصحبة صديق أو دليل انطلاقا من أزمة شخصية أو عاطفية أو عائلية، وفي هذه الرحلة يعيد البطل اكتشاف ذاته والعالم اللذين في لحظة وجوده يتطابقان وينعكسان على وجدان وعقل المتلقي، فيتوحّد مع البطل وتصبح همومهم أثناء الرحلة ووصولا إلى ذورتها هموما مشتركة أو واحدة.

ينطلق بشاي في رحلة إلى العالم السفلي نزولا من مستعمرة الجذام التي قضى بها ثلثي عمره لكي يبحث عن والده الذي تهوم في رأسه ذكرى تخص تركه إياه على باب المستعمرة قبل سنوات، تقع المستعمرة في جبل بعيد بينما يهبط بشاي مثل قائد مهزوم على عربته الكارو المتآكلة التي هي التطور الحداثي للعربة الحربية المثيولوجية الشهيرة، وذلك بعد أن يتعرض لمأساة عائلية تخص فقدانه لزوجته وانقطاع آخر أمل له في أن يمتد نسله أو يحمل أحدهم اسمه بدلا من أن يمشي إلى النسيان.

يتأكد عنصر الرحلة إلى العالم السفلي عندما يستوقفه أحد زملائه في المستعمرة ويرسم له المسار الذي عليه اتباعه على الأرض، ويقول له إن عليك الوصول إلى النيل ثم النزول جنوبا بمحاذاته حتى تصل إلى قريتك في أقصى الصعيد، هنا يبدو الحوار تأكيدا على فكرة النزول من الجبل نحو العالم التحتي رغم أن الصعيد جغرافيا أكثر ارتفاعا من الوجه البحري والقاهرة، ولكن القيمة الإيهامية بفكرة النزول إلى أسفل تتجلى في إشارة الصديق إلى فكرة النزول جنوبا.

لدينا إذن تمهيد جيد خلال الفصل الأول من الفيلم يخص طبيعة الأنواع التي اختارها المخرج لكي تصبغ الحكاية باللون الأكثر تعبيرا عن الفكرة، ففي مستوى من المستويات لدينا مشهد القمامة الافتتاحي الذي سوف تتحول معه الفضلات والأطلال وأكوام (الزبالة) موتيفة سردية وبصرية مهمة جدا لضمان استمرار شعور المتلقي أننا أمام عالم منتهٍ.

ولدينا المستوى المثيولوجي الذي يخص فكرة الرحلة بحثا عن هدف أو وصولا إلى شخص من أجل تحقيق غرض، وبالطبع فإن فكرة البحث عن الأب عبر رحلة متقلبة السياقات بكل ما تحمله شخصية الأب من دلالات فلسفية ومعنوية ومادية هي واحدة من أشهر رحلات البحث في تاريخ الفن والأدب -ويكفينا مثالا رواية "الطريق" لنجيب محفوظ-، وهناك أيضا ذلك المستوى من الميلودراما الاجتماعية التي ترتبط بالإشارة إلى طبيعة الوعي الجمعي والضمير العام للمجتمع المصري في مواجهة الآخر المختلف أيا كان هذا الاختلاف.

ولأن بشاي مختلف شكليا -ناهينا طبعا بأنه مختلف في الدين عن الأغلبية ومختلف في الحالة المادية عن الكثيرين- فإن صدامه مع المشهد الجمعي للمجتمع المصري عبر رحلته جنوبا -نحو الجذور- له الكثير من دلالات النقد الاجتماعي الواضحة خاصة في مشاهد السباحة في النيل مع رفيق رحلته الطفل اليتيم أوباما ونفور النساء اللائي يملأن المياه منه وخوفهم من نقله العدوى لهم، مرورا بدخوله إلى المستوصف بعد إصابه أوباما ثم القبض عليه وهو يجري عاريا في الشارع كي يحضر نقود العلاج وصولا إلى محاولة سرقته من قبل أحد قطاع الطرق أو طرده بعنف من القطار الذي يحمله نحو مصب رحلته الأخير عند قدمي الأب.

ومثل كل الرحلات الملحمية يقتني البطل صديقا أو رفيق درب أو دليلا يعينه على فهم إشارات الرحلة والسعي نحو استخلاص خبراتها، هنا يأتي دور أوباما الصغير، الطفل اليتيم الذي يقيم في ملجأ مجاور للمستعمرة والذي تربطه ببشاي علاقة صداقة أقرب للأبوة المتبادلة. وهي علاقة جمالية شديدة الحساسية والصعوبة في صياغتها، لأنها تحمل مشاعر ذات سهم برأسين، ففي ظاهرها تبدو العلاقة أبوية بالأساس ما بين بشاي الذي يبلغ من العمر أربعين عاما -وهو سن النبوة في التراث الإسلامي بالمناسبة- وبين أوباما اليتيم النوبي -وهي إشارة إلى اختلافه العرقي واللوني تضاف إلى اختلافات بشاي في الشكل والدين أيضا عن الغالبية- ولكن خلال سياقات الرحلة التي تتحرك ما بين كل وسائل المواصلات تقريبا (بداية من العربة الكارو مرورا بالسيارة والموتوسيكل والقارب والقطار).

تتبدل الأدوار بينهم فيُضفي أوباما قدرا من الأبوية والرعاية على بشاي، بل ويتحول حسب عناصر المثيولوجيا اليونانية إلى ما يُعرف بالمنتور أو الدليل الروحي والمادي للبطل الذي يقوده عبر تهويمات الرحلة والشكوك الكثيرة في جدواها أو الخوف من مشهدها الأخير.

إن العلاقة بين بشاي وأوباما هي الطبقة الرابعة أو المستوى الرابع من الفيلم فيما يخص النوع الإنساني، بل إن هذه العلاقة هي الداعم الأساسي من دعائم التعبير عن الفكرة الأساسية القائمة على سؤال مفتوح حول علاقتنا مع العالم والآخر المختلف ونظرتنا نحو المستقبل حتى لو كنا نعيش أحداث النهاية أو وسط ركام الحياة التي لم يبق منها سوى صناديق القمامة الملطخة بكفوف دموية كثيرة كما في اللقطة الأكثر قوة وتكثيفا وتعبيرا عن مستويات الفيلم مجتمعة، وهي اللقطة التي يجلس فيها بشاي في الشارع منهكا من قسوة الرحلة مستندا بظهره إلى صندوق حديدي ضخم للقمامة ملطخ بالكفوف الدموية، بينما أوباما الصغير ينام أرضا واضعا رأسه على ساق بشاي، والعالم أو ما تبقى منه يمرق سريعا من حولهم متمثلا في السيارات والمواصلات الكثيرة التي تفرز عليهم غبارا أصفر كئيبا، هذه اللقطة لم تكن لتعطي كل دلالاتها الكثيفة لولا التمهيد البصري والدرامي الذي صاغه الفيلم بداية من اللقطة الأولى ومرورا بكل اللقطات التي احتوت على أكوام القمامة والركام والفضلات عبر طرق متعرجة أو بجانب شريط القطار في مناطق مهجورة أو في خلفية محطات القطار الشبحية التي يبدو أن القطارات لم تعد تمر عليها.

وتكتمل دلالة وكثافة تلك اللقطة عندما تصل إلى ذروتها حين يمر عليهم الشحاذ مقطوع القدمين ليصطحبهم معه لكي يقضوا الليلة في واحدة من بؤر تجمع الكائنات التي تشبههم أسفل أحد الكباري.

كائنات أسفل "الكباري"

حين ينوي بشاي القيام بالرحلة، وكما في كل البدايات الشهيرة، يظهر له من يحاول تثبيط عزمه عن المضي، يقول له أحد زملائه إن العالم في الخارج قاسٍ وغير محتمل وأن من يعيشون فيه أقرب للوحوش، وأن مصيره لن يكون العثور على الأب ولكن العثور عليه هو نفسه ميتا وجثته ملقاة أسفل أحد الكباري.

من مزايا الحكاية في "يوم الدين" قدرتها على الإتيان بالموتيفة التراثية أو الاجتماعية وتوظيفها داخل سياق الفيلم دون افتعال، وهي إشارة تنم عن موهبة الصانع، ولكن من عيوب الأسلوبية لنفس هذا الصانع والتي لم تدعمها الخبرات أو استشارة من لديهم التراكم الشعوري والمعرفي هو الخوف من أن تصبح الصورة قصيرة اليد على مستوى التعبير، فيقرر أن يمد أقدام الحوار الطويلة في وجه المتلقي دون أن يدرك أن في هذا إساءة لوعي المشهد وذكائه وقدرته على فهم العمل من ناحية، وفي الوقت نفسه يعكس هذا غياب الثقة في القدرة على التعبير البصري عبر عناصر السينما الأساسية التي يأتي الحوار في ذيل الأهمية بالنسبة لها.

يلتقي بشاي خلال رحلته بعدد من الشخصيات المصابة باختلاف شكلي أو نوعي، وتتجلى تلك المجموعة الأهم من الشخصيات في تلك الجماعة الغريبة التي تقيم أسفل أحد الكباري والتي تضم قزما أسود ونصف رجل (بلا ساقين) وآخر مكسور الرقبة، هذه الجماعة هي تجسيد بصري رائع -خاصة مع زاوية التصوير السفلية التي نرى منها الكوبري شاهق الارتفاع بعيدا فوق رؤوسهم- لعنصر كائنات ما بعد نهاية العالم والتي نجت بأرواحها ولكن تشوهت أشكالها نتيجة قسوة ما حدث.

وفي الوقت نفسه هي تمجيد للأرواح الطيبة التي تسكن في أشكال تراها العين العادية منفرة ومشوهة بينما هي أكثر أصالة وتسامحا وتقبلا للآخر من كل الآخرين الذين يملكون أشكالا سوية وعادية ومتينة المنظر لكن أرواحهم تحتوي على خبث الدنيا وحقارة العالم.

الملاحظ في "يوم الدين" أن أغلب الشخصيات السوية والعادية شكليا هي الشخصيات التي تفرز قسوة ونفورا، بينما كل الشخصيات ذات الأشكال الغريبة الأقرب في نظر العاديين إلى المسوخ هم أطيب القلوب وأكثر النفوس شفافية، وهو عنصر درامي وبصري مقصود ومهم. وتأخذنا هذه الإشارة إلى الوقوف عند مشكلات التجربة الأولى والتي أشرنا إليها في بداية حديثنا، والتي يمكن تلخيصها في نقاط سريعة أبرزها:

- غياب الثقة في الصورة السينمائية بشكل يدفع المخرج إلى تفتيت فكرته حواريا من أجل شرحها للجمهور، وبالتالي الخوض غير الناضج في أرض المباشرة البور التي لا تشرق عليها شمس التأويلات المفتوحة، هذا الغياب يتجلى واضحا في مشهد اجتماع كائنات أسفل الكوبري الذي يرتكب فيه كاتب الحوار خطيئة كبرى وهي الزج باسم الفيلم في "الديالوج" رغم أن مصطلح "يوم الدين" ليس مصطلحا شائعا في اللهجة المصرية (عادة ما يستخدم المصريون تعبير يوم القيامة أو الآخرة)، كما أن شرح مغزى المشهد وأن مجموعة أسفل الكوبري هي من المنبوذين -وهو تعبير مثقف جدا بالنسبة لقزم شارع- تنضم أيضا إلى عملية الشرح الحواري المفسد للصورة، وتأتي الطامة الحوارية الكبرى في "مونولوج" الأب الأخير الذي جاء مفسدا بشدة لشريط الصورة المصاحب له، والذي كان كافيا جدا للتعبير عن لحظة التنوير الخاصة بنهاية رحلة بشاي ووصولها إلى ذروتها، لكن حديث الأب عن أصل قراره التخلي عن بشاي صغيرا جاء أشبه بتقديم كبسولة تعليمية لمن فاته الشرح البصري.

- إفساد الإيهام -وليس كسره- عبر غياب التدقيق في عناصر مثل اللهجات المختلفة -الصعيدي بشكل محدد لأن البطل من أصل صعيدي-، فعدم التدقيق في اللهجة يفسد على المتلقي عملية الإقناع والتوحد مع الحكاية، ويضاف إلى هذا أن الكثير من جمل الحوار جاءت غير متقنة فيما يخص مخيلة الشخصيات الناطقة بها، كأن تقول فلاحة على النيل لبشاي: "اخرج من الماء كي لا (تلوثه)"، وهو لسان كاتب الحوار وليس مخيلة الشخصية التي لا تعرف بحكم خلفيتها ما هو التلوث ولكن ثمة مصطلحات أخرى كان يمكن أن تعبر عن مخيلتها. 

- غياب السلاسة الحوارية بشكل يوحي أن الحوار مكتوب بلغة أخرى غير المصرية ثم تمت ترجمته، وهو ما يضر كثيرا بإيقاع المشهد العام وانسيابية اللحظات الشعورية في عملية أشبه بالسير على طريق تحده الأشجار لكنه غير ممهد مما يفسد متعة التأمل.

أخيرا، يمكن القول إن "يوم الدين" فيلم يستحق نوعا من المشاهدة المتجردة من الأغراض الخاصة، مثل الاتهامات بأنه يشوه صورة المجتمع المصري وما إلى ذلك من تفاهات التلقي الأخرق لتجربة مهمة، فقليل جدا من الأفلام المصرية التي قدمت خلال العقود الأخيرة عبر سياق رحلة الطريق الملحمية ذات الأغراض التأملية والذروة المتفائلة البراقة.

فنهاية الفيلم تُوحي بأن الحياة يمكن أن لا تتوقف حتى بعد نهاية العالم نفسه، لسبب بسيط وهو أن وجود أرواح قليلة طيبة كفيل بأن يعيد ترميم الزمن والعالم، وأنه مهما حاوطنا نفور الآخرين وغياب الضمير الجمعي بسبب التردي الحضاري والإنساني فإن هذا لا يعني موت الوجود البشري، ولكن سوف يظل هناك من يريد للحياة أن تستمر بصورة طيبة وعادية حتى لو لم يكن محسوبا من ضمن هؤلاء العاديين.

ناقد سينمائي

الميدان القطرية في

27.09.2018

 
 

مقعد بين شاشتين

الجونة .. وقضاياها

ماجدة موريس

بعد غد بقاعة سينما ومسرح مارينا الكبيرة تنتهي أيام الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائي الدولي بتوزيع جوائز مسابقاته الثلاثة وهي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بينها فيلم مصري هو "يوم الدين". ومسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة وبينها فيلمان مصريان مشتركان هما "الجمعية" و"الحلم البعيد" أما المسابقة الثالثة فهي للفيلم القصير ولمصر فيها فيلمان هما "شوكة وسكينة" و"ماتعلاش علي الحاجب" وهو أول فيلم مصري قصير يصنعه مؤلف ومخرج قدما معا من قبل فيلما روائيا طويلا وحيث كانت القاعدة هي أن ينتج السينمائيون الجدد أفلام قصيرة لتقديم أنفسهم وبعدها يسعيان لفرصة الفيلم الطويل وهو ما حدث عكسه مع المؤلف هيثم دبور والمخرج تامر عشري وأيضا توجد جائزة يمنحها جمهور المهرجان الذي يصوت من خلال بطاقات خاصة لكل فيلم لكن الجوائز كما يقال دائما تعبر عن وجهات نظر لجان التحكيم وذوقها وبالتالي علينا التوقف عند تلك المجموعة من الأفلام الرائعة والمهمة التي قدمها المهرجان من خلال مسابقاته وهي سبعة وعشرون فيلما طويلا بين روائي ووثائقي وثلاثة وعشرون فيلما قصيرا ولم تكن المشكلة في هذا العدد وإنما في ثمانية عشر فيلما احضرها المهرجان من مهرجانات العالم الكبري ووضعها ضمن برنامج للأفلام الرسمية خارج المسابقة وهو برنامج بالطبع بدون جوائز لكنه يتحدي برامج الجوائز فمن الذي يترك فيلما حصل علي جائزة مهرجان كان الكبري في مايو الماضي كالفيلم الياباني "سارقو المتاجر" بدون ان يراه وغيره من افلام الجوائز في برلين وفينيسيا وكارلو فيفاري وغيرها من أهم افلام العام الحالي. والحقيقة أن برغم أنه هذا البرنامج قد سحب جمهورا كبيرا من جمهور الجونة إلا أن وجوده كان مهما ويقدم خدمة مهمة لجمهور السينما المصري والذي تمنعه الظروف من السفر للمهرجانات الكبري وفي قاعات العروض الخمسة في الجونة بدا بوضوح زيادة إقبال الجمهور عن الدورة الأولي من كافة الفئات العمرية مع زيادة أعداد الشباب الذين شاركوا أيضا في حفل موسيقي أقيم لأول مرة لموسيقي أفلام يوسف شاهين مساء الأحد الماضي وبقيادة المايسترو هشام جبر. وفريق من العازفين والعازفات ومع مشاهد من الأفلام التي عزفت موسيقاها بدت وكأنها تحتضن الاوركسترا في مناسبة احتفال المهرجان بشاهين ومخرجان آخران رحلا هما الايطالي فيلليني والسويدي برجمان.

المذنب البطل من أكثر الأفلام التي اثارت الجدل والاعجاب عقب الافتتاح فيلم "المذنب" الدنماركي وبطله ضابط شرطة نقل إلي قسم الطوارئ كمأمور مراقبة ليلية ليبدو وكأنه نافذ الصبر. غير متعاطف مع شكاوي الناس التليفونية إلي أن يتلقي مكالمة مرعبة من امرأة مخطوفة تستنجد به لانقاذها من خاطفها وفجأة ينقطع الاتصال ويجد الضابط نفسه في موقف صعب فيبدأ في الاتصال بزملائه لتحديد موقع الاستغاثة وليبني مخرج الفيلم جوستاف مولر وهو ايضا كاتبه مع إيميل نيجارد عالما شديد الاثارة يحبس انفاس المشاهد من خلال تتبع ما يحدث في وحدة الطوارئ بالقسم وغيرها من وحدات الشرطة وكمائنها في المدينة وينجح المخرج في أن يجعلنا نعيش كل تفاصيل الصراع داخل مقار الشرطة وخارجها وتقديم حالة التوتر المتسارعة بين العاملين من خلال شريط الصوت أولا ثم الأجواء البصرية القاتمة سواء لدي مقر البطل. أو كل ما يخص عملية الاختطاف نفسها. والتي امتلأت بالمفاجآت حتي مشهد النهاية في فيلم يقتنص صناعة جريمة تتكرر في كل مكان ليقدموا فيلما لا ينسي وفي الفيلم الياباني "سارقو المتاجر" يأخذنا المخرج هيروكازو كوريه ايدا إلي حي فقير في العاصمة وأسرة تعيش علي الاغارة علي محلات السوبر ماركت حتي تعيش لأن دخل الاب لا يكفي برغم وجود معاش الجدة. تزداد الأزمة المادية للعائلة بانضمام طفلة صغيرة وجدتها الزوجة وحيدة في الشارع ولكن الازمات الاسرية تزداد وتتعقد وهو ما نتابعه عبر استقرار الكاميرا أغلب الوقت في بيت الأسرة لتكشف أحوالها التي لا تخلو من طرافة وخفة ظل حتي تأتي لحظة اكتشاف السرقة وفشل الابن والطفلة في الهروب من عمال المتاجر بعد سرقته. وليتحول مسار الاسرة بعدها وفي الفيلم الايطالي "دوجمان" للمخرج ماتيو جاروني نعيش مأساة مارشيلوا الذي يتكسب من رعاية الكلاب في إحدي ضواحي نابولي الفقيرة ولكن مأساته تبدأ وتزداد مع تغير علاقته بصديقه سيموني الملاكم السابق الذي تحول لمدمن وبلطجي المنطقة وبينما يتصور الصديق انه سينجو من بلطجة صديقه إذا به يدخله السجن بدلا منه وحين يخرج يكون قد فهم الحقيقة ويقرر الانتقام من كل من أساء إليه. مع كل براعة المخرج في تقديم عمل يعيدنا إلي تذكر علاقات الصداقة التي قدمتها السينما في أفلام مهمة من قبل إلا أن أداء الممثل مارتشيللوفونتي كان أحد أهم عناصر التأثير في الفيلم.

يوم أضعت ظلي 

أربعة أفلام عربية شاركت في مسابقتي الفيلم الروائي الطويل. والوثائقي وكلها تدور حول الإرهاب أولها كان الفيلم التونسي "ولدي" اخراج محمد بن عطية وبطله موظف في الميناء يحيا حياة هادئة مع زوجته وابنهما الوحيد الطالب الذي يثير قلقه لصمته الدائم وحين يحاول الاب الاقتراب منه لا تكتمل المحاولة لانه يتبعه في كل مكان وكأنه مخبر فيزداد ابتعادا إلي أن يختفي الابن فجأة يترك رسالة بذهابه للجهاد ويجن الابوان ويجد الاب نفسه وحيدا بعد ان هجرته الأم فيقرر بيع سيارته والذهاب إلي سوريا للبحث عن الابن اما الفيلم الثاني "يوم أضعت ظلي" للمخرجة السورية سؤدد كعدان فيقدم صورة للأوضاع في مدينة دمشق مع بدايات الحرب من خلال قصة أم شابة وابنها طفل السنوات التسعة يعيشان وحدهما لعمل الأب في الخليج تبدأ الحياة بالغضب بسبب الحرب مع انقطاع الكهرباء المستمر والمياه ونفاد أنبوبة الغاز وتقرر الام البحث عن أنبوبة لإعداد الطعام لابنها وحين لا تجد تدخل في مغامرة مع اثنين من جيرانها شاب واخته ويضطر الثلاثة إلي البحث عن الغاز في بلدة اخري خارج سلطة الدولة ويقع الثلاثة في صراع حاد بين مواقفهم كبشر يعانون وبين اخرين اصبحوا من الخوارج أما الفيلم الثالث "ريح رباني" للمخرج الجزائري مرزاق علواش فيدور حول قصة شاب وشابة منضمان إلي الجماعات الجهادية يكلفان بالقيام بتفجير معمل تكرير بترول في الصحراء وتصبح رحلتهما إلي المكان نوعا من البحث عن الذات واكتشاف الفروق بينهما وحيث يبدو الشاب اقل رغبة في الطاعة العمياء للأوامر وأكثر رغبة في الحياة وفي استمرار علاقتهما بينما تبدو رغبة الفتاة واضحة في الالتزام وفي انتهاج العنف حتي معه وفي الاندفاع نحو تنفيذ العملية لأجل الاستشهاد وهو ما يدخلهما في صراع يقضي عليهما معا.

عن الأباء والأبناء في هذا الفيلم الوثائقي "عن الأباء والأبناء" آثار المخرج طلال ديركي ضجة بين الكثيرين بالرغم من المجهود الكبير الذي بذله ليعايش أبطال الفيلم لمدة عام تقريبا ليقدم صورة عن حياتهم الديركي مخرج سوري مقيم في برلين وقد أراد تقديم حياة أحد قيادات جبهة النصرة والمعروفة باسم تنظيم القاعدة في سوريا قد استطاع المخرج أن يحوز ثقة "أبوأسامة" من خلال بعض العاملين معه ليمضي في تصوير كامل الحياة والبلدة التي يعيش فيها الرجل مع اسرته وانصاره وكيف يعلم أبناءه التسعة الأطفال الدعوة من أجل الخلافة ثم يحيلهم إلي دروس التدريب العسكري. وألعاب صناعة المفرقعات وفي الجزء الأخير من الفيلم يرغب الطفل الأكبر علي ترك المدرسة ويرسل إلي معسكر لتعلم الشريعة وبعد فترة يعلن داخل الفيلم أنه اختار الموت. وأنه جاهز ومتلهف للانضمام إلي حرب والده المقدسة ما يزعج في هذا الفيلم هو افراط المخرج في تقديم العلاقة الأسرية بين الأب وأبنائه "حيث كان واضحا أنه ممنوع ظهور النساء" فكيف يمكن لفيلم أن يجتهد في رصد العلاقة الحميمة بين أب وأولاده وهو يقدم في اللحظة نفسها كل مظاهر صناعة الإرهاب في نفس المكان ومن خلال نفس الأب الزعيم الذي لا يفرق بين صناعة الأبوة وصناعة الإرهاب ولكن كان علي المخرج أن يفرق

الجمهورية أونلاين المصرية في

270.09.2018

 
 

صناع الأفلام يقتنصون ‏170‏ ألف دولار من منصة الجونة

الجونة‏:‏ شريف نادي

فاز مشروع الفيلم المصري سعاد للمخرجة آيتن أمين في مرحلة التطوير بدعم عيني غير محدود بالإضافو إلي دعم مادي بقيمة‏25‏ ألف دولار‏,‏ كما حصل مشروع الفيلم الفلسطيني غزة واشنطن للمخرج رشيد مشهراوي علي جائزة مالية قدرها‏10‏ آلاف دولار‏, جاء ذلك خلال حفل توزيع جوائز منصة الجونة السينمائي التي أقيمت مساء أمس وأعلنتها الفنانة بشري في حضور مخرجي وصناع الأفلام, إلي جانب عدد من النجوم في مقدمتهم هند صبري, عمرو عبد الجليل, عائشة بن أحمد, أمير رمسيس, شريف البنداري, وقامت منصة الجونة هذا العام بمضاعفة قيمة جوائزها حيث حصل الفائزون علي جوائز قيمتها170 ألف دولار.

وفاز مشروع فيلم برزخ الفلسطيني بمجموعة جوائز مقدمة من عدد من الشركات بلغت قيمتها40 ألف دولار, وتسلمتها المخرجة ليلي عباس, وسط احتفاء وتشجيع كبير من حضور المهرجان.

بينما فاز مشروع الفيلم التونسي فولاذ للمخرج مهدي هميلي بجائزة مالية قدرها10 آلاف دولار.

ومنح المهرجان المخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة مالية قدرها10 آلاف دولار عن مشروع فيلم الرجل الذي باع ظهره ودعما آخر بقيمة5 آلاف دولار.

وبالنسبة للأفلام المختارة في مرحلة ما بعد الإنتاج, حصد الفيلم اللبناني1982 للمخرج وليد مؤنس بجائزة الجونة لأفضل فيلم في مرحلة ما بعد الإنتاج وقدرها15 ألف دولا وجائزة مالية قدرها10 آلاف دولار كما حصل المخرج التونسي وليد طايع علي جائزة مالية قدرها10 آلاف دولار عن مشروع فيلم فاتاريا, بينما منح المهرجان المخرج مينا نبيل جائزة مالية قدرها5 آلاف دولار ودعما من السفارة الأمريكية قدره10 آلاف دولار عن مشروع فيلم سيلفت, فيما فازت المخرجة السودانية مروة زين بجائزة مالية قدرها5 آلاف دولار عن مشروع فيلم علي حافة الخرطوم, بينما حصل فيلم تحت التحت للمخرجة سارة قصقص علي دعم قيمته5 آلاف دولار.

من ناحية أخري عقدت أمس محاضرة رئيسية ضمن فعاليات المهرجان بحضور المخرج وكاتب السيناريو الإيطالي جيانفرانكو أنجلوتشي الذي سبق أن عمل بشكل مقرب مع المخرج العالمي الكبير فيديريكو فيلليني.

وخلال المحاضرة شارك أنجلوتشي الجمهور رؤيته الشخصية حول كواليس العمل مع فيلليني, كما ناقش أعماله والرسائل التي قدمتها, حيث قال: لقد اختلفت السينما كثيرا بعد عصر فيلليني عما كانت قبله, ففي القرن التاسع عشر كان هناك انقسام في السينما بين النصف الأول من القرن والذي كان يعود لشارلي شابلن, والنصف الثاني الذي تملكه فيديريكو فيلليني.

وأضاف: لقد ابتكر فيلليني لغة جديدة للسينما, حيث ارتقي بالسينما لتشارك اللوحات والمنحوتات والعمارة والأوبرا وغيرها كونها شكل من أشكال الفنون الراقية, ونجح في تحقيق ذلك لأنه وضع نفسه وخبرته وحياته بالكامل داخل أفلامه.

كما استضافت منصة الجونة السينمائية, محاضرة رئيسية بعنوان كل شيء قائم علي قصة حقيقية: السرد في الأفلام الوثائقية والروائية والتي قدمها المخرجان الأمريكيان كيث فولتون ولو بيبي اللذان تشاركا صناعة عدد من الأفلام الروائية والوثائقية لأكثر من عشرين عاما, بينما أدار الحوار المخرج المصري كريم الشناوي, وجاءت المحاضرة بعد سلسلة من ورش العمل التفاعلية التي أقيمت علي مدار ثلاثة أيام والتي قدم فيها كل من بيبي وفولتون مناقشات حية مع صناع الأفلام الشباب من مصر والعالم العربي حول تطوير رؤيتهم السينمائية وأساليب السرد القصصي السينمائي لديهم, وتحديدا فيما يخص تطوير فهم الفرق بين حدود الواقع والخيال في صناعة السينما.

وقال المخرج كيث فولتون: يتوقع الجمهور سردا معهودا للقصص عند مشاهدته فيلما ما, بغض النظر عن شكله, فالجمهور لا يريد أن يشاهد شخصيات سعيدة في المطلق في الأفلام, بل يميل للشخصيات المعقدة التي تنعكس مشاكلها علي معطيات شخصيته, ولكن كيف تنطبق هذه التوقعات علي كل من الأفلام الروائية والوثائقية؟ وماذا يمكن أن يتعلم رواة القصص من الطرق التي تستخدم في كل شكل سينمائي؟.

قام المخرجان بعرض مقاطع من فيلمWonderBoys كما تم عرض عدد من المقاطع من أعمال الثنائي بيبي وفولتون, مثل الوثائقي الطويل مفقود في لا مانشا والحاصل علي العديد من الجوائز كأول فيلم يؤرخ لانهيار مشروع فيلم كبير, كما تم عرض عدد من المقاطع من فيلم عنصر الهامستر لإظهار الفرق بين أساليب السرد القصصي بين الأفلام الوثائقية والقائمة علي الخيال.

####

هذه الأفلام مرشحة لجوائز الجونة

الجونة‏:‏ أسامة عبد الفتاح

مع وصول الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي إلي محطتها الختامية اليوم الجمعة‏,‏ يترقب السينمائيون قرارات لجان التحكيم‏,‏ خاصة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي يتنافس فيها‏15‏ فيلما‏,‏ ومن المتوقع ألا تخرج جوائزها عن خمسة أفلام في مقدمتها المصري يوم الدين للمخرج أبو بكر شوقي, الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي, كما تم اختياره لتمثيل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية لهذا العام.

ويحكي شوقي, الذي كان قد أنجز قبل عشر سنوات فيلما وثائقيا بعنوان المستعمرة تناول فيه واقع مستعمرة مرضي الجذام في منطقة أبو زعبل, قصة الشخصية الرئيسية بشاي, جامع القمامة المسيحي الذي شفي من الجذام, لكن آثاره ما زالت باقية علي أطرافه ووجهه.. لم يخرج بشاي من المستعمرة التي عاش فيها منذ طفولته, لكنه بعد وفاة زوجته يقرر البحث عن جذوره في صعيد مصر, حاملا مقتنياته الهزيلة علي عربة كارو, ويرافقه في رحلة بحثه الطفل النوبي اليتيم أوباما. يغادر بشاي مستعمرة الجذام متجها إلي قنا, مواجها العالم الذي لا يعرف عنه شيئا في فيلم طريق يقدم بانوراما خاصة جدا للمجتمع المصري المعاصر.

وهناك الفيلم البولندي الجميل حرب باردة, الفائز بجائزة أفضل إخراج من كان لباول باولكوسكي, وتدور أحداثه في أوروبا منتصف القرن الماضي, حيث يتتبع العلاقة العاصفة بين عازف البيانو فيكتور( توماز كوت) والمغنية والراقصة زولا( جوانا كوليج), وهما بولنديان يتنقلان ذهابا وإيابا من وإلي باريس عبر الستار الحديدي, في قصيدة شجية عن عاشقين لا يستطيعان البقاء متباعدين, ولكن في بعض الأحيان لا يمكن أن يتحمل أحدهما الآخر.

والفيلم الثالث هو الروسي الرائع الرجل الذي فاجأ الجميع, إخراج ناتاليا ميركولوفا وألكسي شوبوف, والذي يدور حول حارس غابات سيبيري يبلغ من العمر أربعين عاما يقاوم بلا خوف الصيادين المخالفين, وينتظر وزوجته طفلا ثانيا, وفجأة يكتشف أنه مصاب بسرطان في مرحلة متأخرة, فيقرر تغيير هويته لكي يتجنب مواجهة الموت الوشيكة.

ورابع الأفلام التي نرشحها هو الإيطالي هل تتذكر؟, إخراج فاليريو مييلي, وهو قصة حب طويلة وبديعة يتم حكيها من خلال الذكريات, التي تتحكم فيها تغيرات المزاج ووجهات النظر والزمن نفسه.. والفيلم متميز في عنصري الإخراج والمونتاج, ويعتمد السرد علي التنقل بين الماضي والحاضر والمستقبل في تفوق تقني ملفت.

أما الفيلم الخامس فهو الوريثتان, من إخراج مارشيلو مارتنيزي, والذي فازت بطلته آنا براون بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان برلين الأخير عن دور تشيلا المسنة المثلية التي تعيش مع صديقتها تشيكويتا في منزل فخم تديره الصديقة منذ30 عاما, والاثنتان تنحدران من عائلات ثرية في باراجواي, لكنهما تتعرضان لأزمة مالية شديدة, وتضطران لبيع ما تمتلكانه, حتي تدخل إحداهما السجن بتهمة الاحتيال.

الأهرام المسائي في

28.09.2018

 
 

عن الآباء والأبناء.. عن أطفال لم يعودوا كذلك

أندرو محسن

في إطار مسابقة الأفلام التسجيلية في الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي، عُرض فيلم ”عن الآباء والأبناء“ للمخرج السوري طلال ديركي. الفيلم حصل على عدة جوائز منها جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مسابقة سينما العالم للأفلام التسجيلية في مهرجان صندانس.

تعددت في السنوات الأخيرة الأفلام التي تتعرض لقضايا الإرهاب والحروب في المنطقة العربية مثل “Radio Kobani” للمخرج ريبر دوسكي، ونجحت السينما التسجيلية تحديدًا في الدخول إلى بعض مناطق الصراع والتصوير مع أفراد بعض المنظمات الإرهابية، فما الجديد الذي يقدمه ”عن الآباء والأبناء“ الذي يدور في سوريا في فترة الحرب الأخيرة أيضًا؟

حتى ندرك خطورة الصورة التي يقدمها الفيلم، وكم هي مخيفة، يمكن أن نستشهد بفيلم آخر هو ”The Land of the Enlightened“ (أرض المستنيرين) للمخرج بيتر-جان دي بو، وهو فيلم تسجيلي، يحتوي على مشاهد تمثيلية في ما يُعرف بـ DocuFiction. هذا الفيلم ضم عددًا من المشاهد التمثيلية لجماعة من الأطفال الأفغان، الذين يعملون في التهريب، ونقل المخدرات وتفكيك وبيع الأسلحة، في الوقت الذي يسعى فيه قائدهم الطفل لجمع مهر الطفلة التي يريد الزواج منها، كان هذا مخيفًا، رغم أننا نعلم أننا نتابع مشاهد تمثيلية مستوحاة من الحقيقة، فماذا لو كانت هذه هي الحقيقة بالفعل؟ وماذا لو كان الأطفال بالفعل يمارسون أعمالًا إجرامية بمنتهى الأريحية؟ هذا هو ما قدمه ”عن الآباء والأبناء“.

أقسى من الخيال

بينما ركزت الكثير من الأفلام التي تناولت شخصيات متطرفة، على سلوكها الوحشي في حالة الحرب وفي الكلام عمن يعتبرونهم أعدائهم، وغير ذلك، اتجه طلال ديركي إلى تصوير جانب آخر، وهو تعامل هؤلاء داخل إطار الأسرة.

اتجه المخرج بكاميرته إلى عائلة شخص يدعى أبو أسامة، وأقام عنده حوالي سنتين ونصف السنة، يرصد تعامله مع أولاده الكثيرين، اللذين لا يتخطى عمر أكبرهم العشر سنوات تقريبًا

من الانتقادات التي توجه أحيانًا إلى السينما، أنها تبالغ في تضخيم بعض القضايا، يمكن أن تُوجه التهمة بسهولة إلى الأفلام الروائية، ولكن الأمر أصعب مع الأفلام التسجيلية التي ترصد واقعًا، حتى مع وجود بعض التدخلات من المخرج، لكن الواقع في هذا الفيلم مخيف إلى حد ربما يتجاوز حدود خيال الأفلام الروائية.

تبدأ الأحداث بتعليق صوتي للمخرج يوضح عودته إلى سوريا بعد سفره إلى الخارج، وتقدمه للعيش مع بعض أفراد تنظيم القاعدة السوريين، بصفته مصور حرب، ويؤمن بكل ما يؤمنون به، وبهذا ينجح في خداعهم للسماح له بالتصوير، ونشاهد مجموعة من الأطفال يلعبون، وهو الذين سنعرف في المشهد التالي أنهم أبناء الإرهابي أبو أسامة.

بفخر يتحدث أبو أسامة عن تسمية أبنائه على أسماء القيادات في تنظيم القاعدة الإرهابي أكبرهم أسامة نسبة لأسامة بن لادن، وهناك أيمن تيمنًا بأيمن الظواهري، هكذا يقدم لنا الفيلم سريعًا نظرة على واحدة من الشخصية الرئيسية في الفيلم وإلى أي مدى هو غارق في عالم هذا التنظيم ومؤمن به.

لكن الأب ليس واحدًا من الشخصيات الرئيسية فقط، الأبناء أيضًا يشاركونه البطولة، ويأتي التعريف الأهم من خلال مشهدين غاية في القسوة، يقلبان الأسس المتعارف عليها في التعريف بالأطفال في الأفلام المشابهة.

عادة ما يُقدم الأبناء في طفولتهم في صورة ملائكية، وتتشوه هذه الصورة تدريجيًا بسبب تدخلات الآباء، أو ربما لا تتشوه على الإطلاق، بينما نجد في الفيلم هؤلاء الأطفال منذ المشاهد الأولى مسلوبين البراءة.

المشهد الأول الذي يعرفنا بالأطفال يتحدث فيه الطفل أسامة عن ذبح لعصفور بري كان يمسكه في المشهد السابق، ويخبر أبوه وإخوته بفخر عن عملية الذبح، وهم أيضًا ينظرون له بإعجاب، وكأنه يخبرهم عن لعبته الجديدة.

المشهد الثاني لثلاثة من الأطفال، وأسامة مرة أخرى يُخبرهم بألغاز غاية في السذاجة، مثل: ”4 تقسيم 10، كم تساوي؟“ لتأتي الإجابة أكثر سذاجة من إخوته الأصغر سنًا: ”خمسة“، لكن العجيب أن أسامة بعد تفكير يخبرهم أن الإجابة صحيحة.

المشهد الأول يكسر الصورة التقليدية المرسومة للأطفال، وبشكل سريع وصادم جدًا، هؤلاء أطفال لم يعودوا كذلك، ذبح العصفور لديهم ممتع أكثر من اللعب معه، بينما المشهد الثاني يوضح غياب أي ملمح من ملامح العلم عن أذهان هؤلاء الصغار.

تستمر هذه الصورة في الترسخ مع مسيرة الفيلم.

لحظات سينمائية

لا يكتفي الفيلم بمجرد سرد هذه المشاهد، بل يستخدم المخرج أدواته لصناعة لحظات سينمائية ممتازة.

يروي طلال ديركي أنه صور خلال الفترة التي قضاها هناك 330 ساعة، ومن هذه الكم الكبير من المادة المصورة قدم الفيلم الذي تبلغ مدته 99 دقيقة فقط، وهكذا ندرك قيمة المونتاج في هذا العمل، إذ يختار ما يود تقديمه بعناية، ليأتي في النهاية في صورة أحداثها متماسكة ومتصاعدة.

من المشاهد المهمة التي تبرز كيفية سيطرة المخرج على المشاهد التي يقدمها، مشهد أَسر تنظيم القاعدة لبعض الأفراد، يقف الأسرى مربوطي الأيدي وظهورهم للحائط ينتظرون مصيرهم، وننتظره نحن أيضًا، في لقطة متقطعة على وجوهم الخائفة والباكية، ولا يقطع المخرج هذا المشهد قبل أن يُشبع المشاهد بثقل كل لحظة، مع وجود تساؤل هل سيطلقوا النار عليهم؟

هذا الشكل يتكرر في عدة مشاهد، تترك في كل مرة تأثيرًا قويًا على المشاهد، بشكل يوحي بقدرة المخرج بالتأكيد على توصيل الصورة التي يود أن يوصلها بشكل كامل.

الفيلم لا يتوقف عند عرض الأبناء والأب بشكل منفصل، بل يوضح طبيعة العلاقة بينهم، ومرة يتجاوز المتوقع أو التقليدي، إذ نشاهد هذا الأب في علاقة حب واضحة لأبنائه، وليس مثل الصورة المُنتظرة أن يكون أبًا قاسيًا أو جافًا، وفي المقابل عندما يتعرض لحادث نجد خوف الأبناء وبكائهم عليه، لكن هل احتوى هذا على تجميل لصورة المتطرفين؟

في الحقيقة لا، لم يجمل الفيلم هذه الصورة، بل أوضح جانبًا خفيًا لها، حتى عندما نصل إلى نهاية الفيلم، سنجد أننا شاهدنا أسرة مشوهة، ولكنها ليست أحادية البعد، متطرفة إلى أبعد حد ويؤمن أفرادها تمامًا بقيمة ما يفعلون، بل وينتظرون قيام حرب عالمية ثالثة لتأسيس دولة الخلافة التي يحلمون بها، لكنهم في النهاية لديهم تفاصيل أخرى ليست كما كنا نتخيلها أو نعرفها، تفاصيل عبر عنها المخرج بمنتهى البراعة، وهي ليست إنسانية بقدر ما كانت مخيفة.

موقع "فيي الفن" في

28.09.2018

 
 

السينما العربية الأضعف في مسابقة الأفلام الطويلة في مهرجان الجونة

فايزة هنداوي

شهدت مسابقات الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة أربعة أعمال من مصر وسوريا والجزائر وتونس.

وقد جاء مستوى هذه الأفلام ضعيفا بالمقارنة بالأفلام الأجنبية المشاركة في المسابقة، فيما عدا فيلم «يوم الدين» للمخرج المصري أبو بكر شوقي، الذي شارك في المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة لمهرجان كان وترشح من مصر للمنافسة على جائزة أوسكار أحسن فيلم ناطق بلغة أجنبية.

أما باقي الأفلام العربية المشاركة في المسابقة فجاءت ضعيفة وسيطر عليها موضوع واحد وهو التطرف الديني والإرهاب وأثره على المجتمعات العربية.

هذه الأفلام هي «يوم أضعت ظلي» للسورية سؤدد كعدان، وهو أول أفلامها الروائية الطويلة و«ولدي» للتونسي محمد بن عطية، الذي قدم من قبل فيلمه الرائع «نحبك هادي» و«ريح رباني» للمخرج الجزائري الكبير مرزاق علواش.

الأفلام عابها السطحية وسذاجة الطرح والمباشرة الشديدة، رغم أسماء مخرجيها الكبار الذين فشلوا في تقديم أفكار جديدة بل قدموا أفكارا سبق تناولها في العديد من الأفلام فلم يضيفوا شيئا جديدا ولم يتناولوا هذه الأفكار بطريقة مبتكرة، بل جاءت مجرد تكرار وكان هم أصحابها هو الدعاية لأفكارهم بشكل مباشر يفتقد إلى جماليات السينما.

في حين جاء الفيلم القصير السوري «حبل سري» أكثر نضجا في تناول هذه القضية من خلال زوجين يعيشان تحت حصار المتطرفين، الذين يرفضون خروج الزوجة التي تعاني من آلام الولادة، لكن الزوج ينجح في توليدها ليخرج وليدهما نور إلى الحياة في إشارة لانتصار الحياة على الموت وانتصار النور على ظلام المتطرفين.

كما جاء الفيلم التسجيلي السوري أيضا «آباء وأبناء» للمخرج طلال ديركي أكثر اكتمالا، حيث قدم صورة واقعية من داخل هذه الجماعات المتطرفة جاءت صادقة تماما، حيث تمكن من التنكر والإنضام لإحدى هذه الجماعات ليرصدها من الداخل في محاولة لفهم دوافعهم ومنطلقاتهم.

####

الهروب من الواقع يسيطر على أفلام اليوم السابع للمهرجان

الجونة – د ب أ:

يعرض مهرجان الجونة السينمائي، في يومه السابع 13 فيلما، ما بين طويل وقصير وتسجيلي، يدور كثير منها في فلك الهروب من الواقع الشخصي أو الاجتماعي، ومحاولة تغيير ذلك الواقع وما يواجه تلك المحاولات من مصاعب وعقبات. وضمن عروض الاختيار الرسمي خارج المسابقة يعرض الفيلم الأمريكي ـ الهندي «ثمن الحرية» إخراج ديريك دونن، والذي يحكي قصة أعداد غير محدودة من الأطفال المُستعبَدين في مصانع مكتظة وغير آمنة في عموم البلاد. واستطاع الناشط الهندي في مجال حقوق الطفل، كايلاش ساتيارثي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، ومن خلال شبكة من المخبرين السريين القيام بمداهمات جريئة لإنقاذ وإعادة تأهيل الأطفال المُتاجر بهم، ويجذبنا ديريك دونن في فيلمه الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان «صاندانس» للعام الجاري، إلى مساعي كايلاش الحثيثة والطاقة اللا محدودة لإحداث التغيير الذي يريده في المجتمع الهندي.

كما يعرض ضمن مسابقة الأفلام القصيرة في المهرجان، الفيلم الروسي «كالندر»، إخراج إيغور بوبلوخين، ويحكي عن كالندر التي تبدو وللوهلة الأولى أنها امرأة عادية، ولكن كل عدة شهور تتعثر حياتها بطريقة غريبة، فتذهب هاربة من واقعها في رحلة سرية دون معرفة أقربائها برحلة الهروب تلك، وتتنقل من وسيلة مواصلات إلى أخرى، محاولة بحذر تمويه طريقها، وتنسج شبكة من الأكاذيب من خلال مكالماتها التليفونية، لكن ماذا يدور في عقلها، وما هو الغرض من هذه الرحلة هي أسئلة تجيب عنها أحداث الفيلم.

كما يعرض ضمن برنامج الاختيار الرسمي خارج المسابقة الفيلم الفرنسي «هذا هو الحب»، إخراج كلير بيرجيه، ويحكي قصة ماريو، وهو رجل بلا طموح سوى طموحه في الحب، ويعود بنا لنقطة البداية، حين يفاجأ ماريوا أن زوجته تهجره، وعندها يتوجب عليه الآن أن يربي إبنتيه اللتين تمران بمرحلة المراهقة بينما يمر هو شخصياً بأزمة مراهقة بدوره.

وضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، يعرض الفيلم الشيلي البرازيلي الارجنتيني الهولندي المشترك «فات أوان أن نموت صغاراً»، إخراج دومينغا سوتومايور، ويعود بنا إلى صيف 1990 في تشيلي، حيث تعيش مجموعة من العائلات في كوميونة معزولة أسفل جبال الأنديز، ومحاولاتهم لبناء مجتمع جديد بعيداً عن المدنية وضغوطها، وفي الوقت ذاته يدب صراع داخلي في قلبي صوفيا ولوكاس وكالرا المراهقين، والذين يتصارعون مع مخاوفهم وعائلاتهم وقصص حبهم الأولى.

على صعيد أخر، أعلنت وزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط، عن وضع مهرجان الجونة السينمائي، على أجندة السياحة الترفيهية في مصر، اعتبارا من العام المقبل.

وقالت المشاط، في تصريحات صحافية، إن وزارتها حريصة على وجود مهرجانات متنوعة للأفلام، مشيرة إلى أن السياحة ليست قاصرة على زيارة الأماكن، وأن جزءا كبيرا من السياحة يكمن في سياحة الترفيه، وأن المهرجانات ترفع نسب الإشغال السياحي في المدن التي تقام بها.

وعبرت وزيرة السياحة المصرية عن تفاؤلها بمستقبل السياحة في بلادها خلال الفترة المقبلة، وسعادتها بأن مصر باتت مقصدا للكثيرين من نجوم العالم، حيث تقدم لهم الوزارة كافة التسهيلات اللازمة لقضاء اجازة مريحة في مصر.

القدس العربي اللندنية في

28.09.2018

 
 

جمعية نقاد السينما المصريين تمنح «Cold War» جائزة سمير فريد

كتب: علوي أبو العلا

قررت جمعية نقاد السينما المصريين (عضو الاتحاد الدولي للنقاد -فيبريسى) منح جائزة سمير فريد في الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي لفيلم «Cold War» «حرب باردة» للمخرج البولندي بافل بافليكوفسكي، وذلك لكونه جوهرة سينمائية مُدهشة وجذابة عن حرية الفنان وعلاقته بالسلطة، تلك العلاقة التي نُسجت بشاعرية وعمق مشوق مع قصة حب ملحمية، وإن بدت باردة لكنها مشحونة بالعواطف الحزينة المؤثرة، معتمدة في سردها على الموسيقى الرائعة الساحرة، وبتصوير سينمائي فاتن بالأبيض والأسود.

وضمت لجنة التحكيم في هذه الدورة المنعقدة من 20- 28 سبتمبر من دكتور أمل الجمل رئيسًا، وعضوية الناقدين رامى المتولى، ومروة أبوعيش، حيث شاهدت اللجنة 15 فيلمًا المكونين لمنافسات مسابقة الفيلم الروائى الطويل، والفيلم رشحته بولندا لخوض منافسات جائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى 2019، وتدور أحداثه بعد سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية من خلال فنان مكلف بحماية التراث الفلكلورى البولندى يقع في غرام فتاة مرشحة لتكون إحدى أفراد فرقة فنون شعبية بصدد التكوين، ومن خلال قصة حبهم الثرية تنعكس التفاصيل الاجتماعية والسياسية ليس فقط في الجانب الشرقى من سور برلين ولكن على الجانب الغربى أيضَا.

المصري اليوم في

28.09.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)