كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان فينيسيا الـ75 يفتتح بالرحلة الأولى إلى القمر

أمير العمري

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الخامس والسبعون

   
 
 
 
 

"الرجل الأول" يروي قصة رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ أول رجل وطأ بقدمه سطح القمر في مركبة الفضاء أبوللو 11.

افتتحت مساء الأربعاء الدورة الـ75 من مهرجان فينيسيا السينمائي، أعرق المهرجانات السينمائية في العالم، بالفيلم الأميركي “الرجل الأول” الذي أخرجه داميان شازيل، وقام ببطولته ممثله المفضل ريان كوسلنغ الذي قام ببطولة فيلم شازيل السابق “لا لا لاند” الذي افتتح به المهرجان قبل عامين

فينيسيا (إيطاليا)  أصبح مهرجان فينيسيا خلال السنوات الست الأخيرة بفضل نشاط مديره الفني ألبرتو باربيرا، المنافس الأول لمهرجان كان، أهم وأكبر مهرجانات السينما في العالم، وأصبح تقليدا ثابتا لديه أن يُفتتح بفيلم من أفلام هوليوود التي يمكنها أن تشق طريقها نحو ترشيحات الأوسكار.

ويروي فيلم “الرجل الأول” The First Man، الذي افتتح به المهرجان دورته الـ75 الأربعاء، قصة أول رجل وطأ بقدمه سطح القمر وهو رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ، قائد مركبة الفضاء أبوللو 11 التي انطلقت في 20 يوليو 1969 في أول رحلة من نوعها إلى القمر الذي كان دائما يثير الخيال الإنساني.

الحقيقة والخيال

لكن فيلم “الرجل الأول” ليس الأول الذي يروي هذه القصة المثيرة، فقد سبقه فيلم “أول رجال في القمر” Fist Men in the Moon الذي أخرجه عام 1964 ناتان جوران عن قصة هـ. ج. ويلز من عام 1901، وهي قصة خيالية بالطبع.

والفيلم يصوّر كيف ترسل الأمم المتحدة بعثة إلى القمر لكي تكتشف هناك وجود العلم البريطاني مشفوعا باسم سيدة بريطانية تدعى كاثرين كاليندر، وهو ما يشير إلى أنها سبقت هؤلاء الرجال في الوصول إلى القمر.

داميان شازيل بذل جهدا كبيرا كي يتطابق فيلمه بشكل مدهش مع الحقائق العلمية لتكنولوجيا الفضاء وآلياتها ووسائلها

وبالبحث والتنقيب يتم العثور على زوجها نزيل إحدى مصحات العجائز، حيث يمنعونه من مشاهدة أخبار البعثة الفضائية الجديدة ولا يقيمون وزنا لما يردّده من أنه كان مع زوجته التي توفيت منذ سنوات، على سطح القمر.

كيف وصلت كاثرين كاليندر إلى القمر؟ القصة تروي أن مخترعا يدعى جوزيف كافور اخترع مادة أطلق عليها كافوريت كفيلة بتوليد قوة دفع هائلة للأجسام التي تطلى بها، وبالتالي أمكن بواسطتها طلاء سفينة فضاء ودفعها من دون حاجة إلى أي صواريخ للوصول إلى القمر.

وقد أعيد إنتاج نفس القصة عام 2010، ولكن في مسلسل تلفزيوني بالعنوان نفسه من إخراج مارك غيتيس وإنتاج تلفزيون “بي. بي. سي”.

أما فيلم “الرجل الأول” لمخرجه  داميان شازيل (33 عاما)، فهو يختلف كلية عن الأفلام السابقة التي ظهرت عن حلم الإنسان في الوصول إلى القمر، كما يختلف عن فيلم “جاذبية الأرض” لألفونسو كوارون الذي افتتح به المهرجان في 2013، فهو ليس أحد أفلام “الخيال العلمي”.

والسبب أنه يروي على صعيد الدراما، القصة الحقيقية وراء الوصول إلى القمر من خلال جهود وكالة الفضاء الأميركية وغيرها من الوكالات المتخصصة في أبحاث الفضاء في الولايات المتحدة والتضحيات الكبيرة التي قدّمها عدد من رواد الفضاء والعلماء الذين ضحوا بأرواحهم قبل أن يتمكن نيل أرمسترونغ وزميلاه من الوصول إلى القمر، لكن التركيز الأساسي هنا على شخصية أرمسترونغ فقط باعتباره الرجل الأول الذي سار على سطح القمر.

ويسير الفيلم على خطى أفلام هوليوود المثيرة، فهو يركز كثيرا على المواقف القاسية التي يتعرض لها الطيارون أثناء الاختبارات، ثم ما يقع من كوارث لبعضهم يلقون فيها حتفهم، لكن في الوقت نفسه، يهتم بالعودة إلى الحياة الخاصة لأرمسترونغ مع أسرته: زوجته وولديه، والإشارة إلى أنه فقد ابنة في البداية، وكيف عانت زوجته من غيابه المستمر عن البيت ثم اندفاعه في طموحه المهني لتحقيق المستحيل غير مبال بما يمكن أن ينتج عن مغامرته الكبرى إذا ما لقي حتفه.

مواقف إنسانية

في الفيلم الكثير من المواقف الإنسانية المليئة بالمشاعر مثل المواجهة مع زوجته قبيل رحيله للذهاب في رحلة أبوللو 11، عندما ترغمه على الجلوس إلى ولديه، الطفلين، وإخبارهما بالحقيقة، أي حقيقة أنه سيذهب وربما لن يعود أبدا، أو تصوير مشاعر أرمسترونغ بعد أن يلمس القمر.

ومع ذلك، يعاني الفيلم من الاستطرادات ومن كثرة المشاهد “التقنية”، أي تلك التي تتركز كثيرا على الجوانب الفنية في تطوير نظام الصواريخ التي تحمل سفن الفضاء وكثرة المصطلحات العلمية والتقنية التي تسبب الكثير من الإرباك للمشاهد.

رحلة محفوفة بالمخاطر

ولا شك أن داميان شازيل بذل جهدا كبيرا كي يتطابق فيلمه بشكل مدهش مع الحقائق العلمية لتكنولوجيا الفضاء وآلياتها وأطرها ووسائلها، ولا شك أنه نجح في إدارة طاقم الممثلين وخلق أجواء الستينات سواء في المشاهد الخارجية أو الداخلية، مع ملاحظة أن المنتج المنفذ للفيلم ليس أقل من ستيفن سبيلبرغ نفسه، رائد أفلام الخيال الفضائي، إذا جاز التعبير.

ريان كوسلنغ أدى الدور بإقناع ونجح في التعبير عن القلق والتوتر والحنين إلى الأسرة، خاصة أن شازيل كان ينتقل عبر أسلوب المونتاج المتوازي من العمل في المحطة الفضائية، إلى ما يحدث على صعيد البيت والأسرة.

أما النجمة الحقيقية للفيلم، فهي الممثلة الجميلة كلير فاي التي قامت بدور الزوجة جانيت شيرون، بشخصيتها القوية الآسرة، وتراوحها بين الحب والقلق والخوف على أبنائها وزوجها ورغبتها المكتومة في التمرد على دور الزوجة التقليدية، مع شعورها القوي في الوقت نفسه بالمسؤولية.

 عالم السياسة

يشير الفيلم إلى الخلفية السياسية للفترة خلال عهد الرئيس جونسون، والتظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت ضد حرب فيتنام، لكن أفضل ما فيه الجزء الخاص بالاعتراضات التي واجهها برنامج ناسا للوصول إلى القمر حتى من داخل البيت الأبيض نفسه ومن أعضاء بارزين في الكونغرس ونشطاء في حركة الحريات المدنية، بدعوى أن أميركا لديها أولويات أخرى، وأن الوصول إلى القمر لن يحقّق لها شيئا.

لقد نجحت أميركا حقا في التفوق على الاتحاد السوفيتي في سباق الفضاء، ولا شك أن الفيلم يحتفي بهذا التفوق، ويمجده ويسعى، رغم تضمنه الكثير من الألاعيب والأجهزة والتعقيدات التكنولوجية، إلى “أنسنة” رائد الفضاء أرمسترونغ وتصوير معاناته ومعاناة أسرته والتضحية الهائلة التي قدّمها هو كما قدّمها زملاؤه الذين سبقوه في المحاولة وفقدوا أرواحهم.

ولكن السؤال الطبيعي عقب مشاهدة الفيلم يصبح: وماذا بعد الوصول إلى القمر؟ هل بات العالم أكثر أمانا واستقرارا وسلاما؟ وهل نجح في السيطرة على التلوث الهائل وما ينتج عنه من احتباس حراري أصبح يهدد كوكب الأرض بوقوع الكثير من الكوارث؟

كاتب وناقد سينمائي مصري

####

عرض سينمائي نادر لإحدى تحف السينما الصامتة في فينيسيا

أمير العمري

مهرجان فينيسيا يقدم فيلم "الغوليم" الذي أخرجه وقام ببطولته الألماني بول فيغنر، كحدث سينمائي استثنائي.

قبل يوم من الافتتاح الرسمي للدورة الـ75 من مهرجان فينيسيا السينمائي، نظم المهرجان عرضا احتفاليا نادرا، مصحوبا بالموسيقى الحية، للفيلم الألماني الكلاسيكي الصامت “الغوليم: كيف جاء إلى العالم” The Golem: How He Came into the World الذي أخرجه وقام ببطولته الألماني بول فيغنر، كحدث استثنائي من الأحداث التي يحتفل بها عشاق السينما حول العالم، ويمكن أيضا ترجمة كلمة “الغوليم” إلى “المخلوق”.

والفيلم أحد الأفلام التي أنتجت في زمن جمهورية فايمار في ألمانيا، فقد أنتج وعرض عام 1920، وكان أحد أبرز الأفلام التي ظهرت ضمن المدرسة التعبيرية السينمائية، أما التعبيرية فهي الحركة التي ظهرت في أوائل القرن العشرين في ألمانيا، في الفن التشكيلي والمسرح والسينما والتصوير، وكان فنانو التعبيرية يقدمون “صورة مشوهة بطريقة فنية للواقع” وليس نقل أو نسخ الواقع مبتعدين عن فكرة الإيحاء بالواقعية، فالهدف هوالتعبير عن الأحاسيس عبر الصور.

وكان يُعتقد أن هذا الفيلم قد أصبح من الأفلام المفقودة، ولكن تم إعداد نسخة عام 2012 من الفيلم القديم، أما النسخة الجديدة، فهي أرقى وأكثر النسخ اكتمالا واعتمدت على نسخ من النيغاتيف تم العثور عليها في التسعينات كانت قد صدرت للخارج، وأهمها النيغاتيف الذي عثر عليه في أميركا، ويعتقد أيضا أنه مطابق للنسخة الألمانية، لكن بعض اللقطات فيها تعرضت للحذف.

أما النيغاتيف الثاني فقد عثر عليه مؤخرا في سينماتيك بروكسل (بلجيكا)، وقد أمكن في النهاية الحصول على نسخة رقمية عالية الجودة (4 ك) هي التي عرضت في مهرجان فينيسيا السينمائي الـ75، كما تم تنظيف النسخة واستبعاد بعض التأثيرات البصرية الحادة التي لم تعد مناسبة للعرض الحديث.

وقد صاحب العرض عزف موسيقي حي للموسيقى الأصلية التي كانت تصاحب الفيلم في دور العرض الألمانية، بعد أن تمكن الموسيقار الألباني أدمير شوكوراتي من إعادة توليفها وتنسيقها لكي تحدث نفس ما كان لها من تأثير أصلي.

وأصبح العرض بالتالي متعة لا يسهل تكرارها، فقد نجح أفراد الفرقة  الخمسة في متابعة مناظر الفيلم عبر شاشات الكومبيوتر وكانوا يستخدمون الطبول والآلات، بالإضافة إلى الكيبورد لتوليد الموسيقى التعبيرية الهائلة التي أصبح العرض من دونها لا معنى له.

الفيلم يلعب على فكرة "اضطهاد اليهود" من قبل المسيحيين، ويقوم الحاخام بالتالي بخلق كائن يمتلك قوة خاصة أسطورية من الطين هو "الغوليم"

وتدور أحداث الفيلم في مدينة براغ في القرن السادس عشر، ويبدأ بالحاخام اليهودي “لويو” داخل الغيتو، وهو يستطلع النجوم فيدرك أن هناك كارثة ستحل باليهود جميعا، وأن الإمبراطور الروماني قد أصدر فرمانا بضرورة مغادرة اليهود المدينة قبل نهاية الشهر وإلاّ أبادهم بسبب غضبه عليهم لسخريتهم من الأعياد المسيحية المقدسة.

وهو ما يعني أن الفيلم يلعب على فكرة “اضطهاد اليهود” من قبل المسيحيين، ويقوم الحاخام بالتالي بخلق كائن يمتلك قوة خاصة أسطورية من الطين هو “الغوليم”، وهي كلمة تكتسب معنى دينيا في الأدبيات اليهودية للمخلوق الخارق الذي يستمد قوة الشر من الشيطان نفسه.

ويصبح الغوليم ذلك الكائن المدمر، هو الذي يسخره الحاخام-الساحر لإنقاذ اليهود من الفناء بقوته، وعندما يستعرض الحاخام أمام الإمبراطور قدرة الغوليم ويكاد يسقط سقف القصر الإمبراطوري فوق رأس الإمبراطور وحاشيته، يطلب الإمبراطور من الحاخام أن يوجه الغوليم حتى يتوقف متعهدا بالعفو عن اليهود.

وهناك قصص أخرى فرعية تجري داخل الغيتو، تدور حول الحب والغيرة والانتقام، ولا شك أن هناك الكثير من التشابه بين فكرة الفيلم وفكرة رواية فرانكنشتاين، لكن الغوليم يسبق في السينما ظهور الأفلام عن رواية ماري شيللي الشهيرة.

ويصنف فيلم “الغوليم” من أفلام الرعب، لكن أهميته الحقيقية أنه من أوائل الأفلام التي أظهرت القدرة الخاصة للصور والديكورات التعبيرية كالتجاويف والكهوف ذات الأسقف المقوسة، والجدران التي تنعكس عليها الظلال المخيفة والأبراج المدببة.

ويلعب الفيلم أيضا شأنه في ذلك شأن فرانكنشتاين على فكرة تمرد المخلوق “الشرير” على خالقه، ثم فكرة البراءة أمام الشر، ويجعل الطفلة الصغيرة البريئة التي يحملها الغوليم هي التي تقضي عليه بعد أن خرج من عقاله واتجه لتدمير صانعه وأبناء جلدته بسبب اكتسابه مشاعر إنسانية ترتبط بالشهوة الجنسية.

لا شك أن العرض على إحدى كبرى الشاشات في العالم في مسرح دارسينا والذي حضره نحو 1800 متفرج، تجربة ممتعة بفضل تضافر الموسيقى الحية مع الصور الصامتة، إنه احتفاء كبير بالفن في إحدى قلاع الفن التي ترتبط بأعظم بينالي للفنون في العالم، أي بينالي فينيسيا الدولي.

كاتب وناقد سينمائي مصري

العرب اللندنية في

30.08.2018

 
 

في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي:

{الرجل الأول} فيلم الافتتاح... عودة إلى الفضاء ومغامراته

يطرق باب الأسرة والعلم والحرب الباردة

فينيسيا: محمد رُضا

افتتاح الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، جرى مساء أمس (الأربعاء)، بعرض فيلم داميان شانيل «الرجل الأول». سبقه عرض الفيلم نفسه للصحافة في الصباح الباكر من اليوم ذاته.

في المناسبتين كان الحماس لمشاهدة هذا الفيلم الثالث للمخرج الأميركي شانيل في أوجه. التوقعات عالية والرغبة في التعرف على جديد المخرج الشاب الذي كان عرض فيلمه السابق «لا لا لاند» في المهرجان ذاته قبل عامين.

ذلك الفيلم اختلف عن فيلم شانيل الأول «ويبلاش»، كما يختلف الفيلم الحالي «الرجل الأول» عن كليهما. ليس أن الفيلم الجديد أكبر إنتاجاً من كلا الفيلمين معاً فحسب، بل كذلك من حيث إن الموضوع الذي اختاره المخرج كما من حيث عمله الفني والتقني الصعب على الأسلوب ككل وعلى تفاصيل التنفيذ.

إنه عن الملاح الفضائي نيل أرمسترونغ الذي حظي سنة 1966، بالسير على سطح القمر وكان بذلك أول إنسان ينجز هذه المهمة التي قد تبدو للبعض، وإلى اليوم، كتحصيل علمي حاصل، بينما هي في الواقع نتيجة مخاض عسير للفرد كما للمحيط الاجتماعي والمهني الذي عايشهما من قبل ومن بعد أن تم قبوله كملاح فضاء في وكالة «ناسا» الأميركية.

- لحظات الحزن والفرح

يبدأ الفيلم بأرمسترونغ (رايان غوزلينغ) وهو في قمرة طائرة مدنية. منذ اللحظة الأولى التي تلي مباشرة شعار شركة «يونيفرسال» الممولة، نحن مع أرمسترونغ في محنته. يتبدى أنه في مهمة اختبار لقدراته على قيادة طائرة والتحكم بها إذا ما تعرضت للخطر. ترتفع الطائرة وتهبط. تهتز في كل اتجاه. تتأرجح أدواتها وتنطلق أبواق الإنذار فيها. أربع دقائق بالغة التوتر يصورها المخرج بكاملها من داخل الطائرة (غالباً من داخل قمرة القيادة) مع لقطات لوجه الطيار تحت الخوذة.

التجربة (إذا ما كانت كذلك) قاسية وأرمسترونغ يحط بالطائرة ويدخل مرحلة انتظار الحكم له أو عليه. يأتيه قرار المعنيين بأن يأخذ إجازة قصيرة بينما يُبحث بأمره. في ذلك اليوم ذاته، يقرأ أن «ناسا» تبحث عن ملاحي فضاء، فيقرر الانضمام.

يسير الفيلم على سكتي حديد: الأولى هي لأرمسترونغ المتحمس لريادة الفضاء والاشتراك في الرحلات الكونية التي كانت «ناسا» تخطط لها منذ أمد، والثانية هي حياته العائلية. هو متزوج من امرأة تحبه ويحبها، اسمها جانيت (كلير فوي) ولديهما ولدان صبي وطفلة. الطفلة تموت بعد قليل من بداية الفيلم. وبعد سنة، ها هي جانيت حبلى من جديد (هذه المرة بصبي آخر).

ينتقل الفيلم بين هذين الخطين المتوازيين جيداً لا من حيث كيف يسرد المخرج حكايته الجامعة ومحورها الكامن في شخصية أرمسترونغ فقط، (هذا هو الجزء الهين)، بل في سبر غور الجانب العائلي في تكوين الأحداث التي نراها.

بكلمات أخرى، هناك من لحظات الحزن أكثر بكثير من لحظات الفرح. أرمسترونغ، حسب الفيلم، لم ينس وفاة ابنته وهي بعد دون الخامسة. وبعد ذلك، هناك موت عدد من رفاقه خلال تمارين أو نتيجة إطلاق «صواريخ» (كما كانت تسمى آنذاك)، صوب الفضاء. أحدهم مات منفرداً، من ثم مات ثلاثة رفاق معاً نتيجة مس كهربائي أدى إلى اشتعال النار في المركبة مما تسبب بانفجارها كليا. كل شيء حصل سريعاً، كما يقول أحد رؤساء أرمسترونغ، وكل شيء يحصل سريعاً على الشاشة.

ما يقوم به المخرج، هو إظهار الجانب العائلي والشخصي الذي يتماوج بين المأساة وانعكاساتها بغاية تكوين صورة سينمائية (واقعية قدر الإمكان لكنها ليست بالضرورة حقيقية) شاملة. أيضاً لكي يصور كم التحدي الفردي الذي يشعر به أرمسترونغ حيال حياته وحيال عمله. يعلن لرئيسه في أعقاب نبأ وفاة رفاقه أن الوقت فات لكي تتراجع «ناسا» عن قرار رحلتها صوب القمر.

في منتصف سنة 1966، تنطلق تلك الرحلة. يعالجها المخرج في 24 دقيقة من بينها نحو عشر دقائق من الهبوط على سطح القمر وأول ملامسة لقدم إنسان على سطحه.

- نقرات خفيفة

إنها دقائق حاسمة لا ينتهي الفيلم بها بل تستجمع في لحظاتها كل ما سبق من مشاعر داخلية لأرمسترونغ. تلك الناتجة عن مخاوف مكبوتة (في أن تبوء الرحلة بالفشل أو بالموت المحتم)، وعن إصرار على خوض المخاطرة (في تحد للمجهول وتحد للذات). ذكرى ابنته تعود. مشاهد من حياة الأرض التي خلفها. غرابة الحدث ذاته. رجل على سطح القمر ممتلئ بمشاعر الأرض.

مع تصوير منفذ بعناية من لينوس ساندغرن (اشتغل على أفلام لغس فان سانت وديفيد أو راسل كما على فيلم شازيل السابق «لا لا لاند»)، يعمد المخرج إلى التغيير منتقلا من نوع كاميرا إلى أخرى.

يصور بكاميرا آيماكس بعض المشاهد التي تتطلب مشهداً عريضاً (تلك المشاهد الفضائية للأفق والسماء) من ثم ينتقل إلى كاميرتين ديجيتال (أتون وكامتك). يغير الأحجام تبعاً لمقاسات الأفلام فيصور بـ16 مم وبـ35 مم ثم بالعدسة العريضة 65 مم. خلال ذلك ينتقل ما بين التصوير الثابت والتصوير المحمول، وفي كلا الناحيتين يجيد ربط القرار بالاختيار. هناك فارق بين تلك التي يستخدم فيها الكاميرا المحمولة عن تلك التي يستخدم الكاميرا في مشاهد ثابتة (ولو أن الكاميرا أحيانا كانت محمولة أيضاً).

موسيقى جوستين هورويتز تبدأ هادئة كما لو كانت تلعب على ألحان ذات نقرات خفيفة موحية، ثم تتصاعد في النصف الثاني من الفيلم متبلورة نحو مشاركة كاملة مع المشاهد الصعبة والمصيرية، لكنها لا تتحول إلى ضجيج على الإطلاق.

حاجة المخرج لدفع الحياة العائلية في قلب تلك المهنية لبطله ينتج عنها أكثر من التلوين الحدثي وما هو أبعد من مجرد التنويع. يمنح الفيلم فرصة الابتعاد عن الظهور كعمل ميكانيكي من أفلام الخيال العلمي. يبقيه إنسانياً على طريقة أندريه تاركوفسكي في «سولاريس» (1971). بل أن هناك ذلك المشهد الذي يتذكر فيه أرمسترونغ الأرض وهو في قمرته الفضائية، تماماً كما فعل بطل تاركوفسكي دوناتاس بانيونيس في ذلك الفيلم.

هناك أيضاً مشهد ضروري للملاحظة ولو أنه أقل أهمية من المشهد المستوحى المذكور. إنه المشهد الذي تنعكس فيه مرآة صغيرة على عين وقسم من وجه الممثل رايان غوزلينغ وهو في القمرة. بعد قليل يكتشف أن هناك ذبابة كبيرة تسللت إلى القمرة ذاتها.

انعكاس المرآة يغطي عين غوزلينغ اليسرى وهي العين المصابة للممثل جاك إيلام والذبابة تشدنا صوب ذلك المشهد الشهير من فيلم سيرجيو ليوني «ذات مرة في الغرب» (1968) حيث تحط ذبابة (بنفس الحجم) على وجه الممثل إيلام.

ما هو أكثر فاعلية في هذا الإطار ملاحظة أن أداء رايان غوزلينغ قابل لتفسيرات متعددة. إنه ما زال الممثل الذي يريد إثارة الحماس بأقل قدر من التعابير. مستواه التعبيري ونبرته الكلامية لا يتغيران من مطلع الفيلم لنهايته. في ذلك اقتراب من شخصيته المعتادة في كل أفلامه وابتعاد عن شخصية أرمسترونغ الحقيقية. درامياً مقبولة، لكنها بدورها تذكر بشخصية هنري فوندا الذي مارس التمثيل من منطلق مُشابه باستثناء أنه كان أكثر تعبيراً بعينيه ولكنته مما يفعل غوزلينغ.

بدورها تشبه الممثلة الجديدة (وهذا الفيلم الثامن لها)، كلير فوي بأدائها الأكثر فاعلية وانفعالاً أداء جين فوندا، ابنة الممثل الراحل هنري فوندا، خصوصاً أن قصة شعرها تشبه قصة شعر فوندا في السبعينات.

- افتتاحات

علاوة على كل هذه الجوانب المذكورة بغالبيتها الإيجابية، يتيح السيناريو المجال للتوقف ولو سريعاً عند نقطتين تاريخيتين أو ثلاث: هناك تصوير شامل لأجواء الحرب الباردة في الستينات والسباق الفضائي بين القوتين الأميركية والسوفياتية من ناحية، وتصوير للوضع الاجتماعي المحبط بالنسبة للأفرو - أميركيين. هذا الثاني يتم من خلال مشهد واحد لرجل يخطب مذكراً أنه بينما يصعد الرجل الأبيض ليحط فوق سطح القمر، هناك في أميركا جوع وفقر وبيئة أفرو - أميركية تحتاج للرعاية.

لا يبني المخرج الكثير حول هذه النقطة، لكن بمجرد اختياره لها وإبقائه عليها (مقابل رميها في سلة مهملات المونتاج لاحقاً) اعتبار مهم لهذه الناحية لا يمكن تجاهله.

كفيلم افتتاح، يعود المهرجان إلى الفضاء ومغامراته باختياره هذا الفيلم. كان قد خاض قبل أربع سنوات المضمار ذاته، عندما عرض للمخرج ألفونسو كوارون «جاذبية» (Gravity). في الحالتين قصد المهرجان أن يبدأ دورته من أعلى السلم. كذلك حاله في الدورات الأسبق أو تلك الفاصلة ما بين 2013 عندما عرض «جاذبية» واليوم.

لابد إذن، من المقارنة بين هذا الافتتاح وافتتاح مهرجاني برلين وكان في السنة الحالية. برلين افتتح دورته الأخيرة في فبراير (شباط) المنصرم، بفيلم وس أندرسن نصف الناجح «جزيرة الكلاب». فيما افتتح «كان» دورته الأخيرة بالفيلم الإسباني «الكل يعرف» لمخرجه الإيراني أصغر فارهادي. هذا الفيلم الجديد لشازيل أفضل منهما واختياره على قاب قوسين أو أدنى من توجهه كأحد أكثر الأفلام عرضة للنجاح في موسم الجوائز المقبل.

الشرق الأوسط في

30.08.2018

 
 

«القاهرة السينمائي» يتصدر غلاف «فارايتي» بمهرجان فينيسيا

كتب - أحمد فاروق:

تصدر شعار الدورة 40 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، غلاف مجلة «فارايتي» الأمريكية، التي تعد أحد أهم الإصدارات السينمائية المتخصصة، وذلك خلال فعاليات اليوم الأول للدورة 75 بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

وتضمن الغلاف إشارة إلى فعاليات وأنشطة الدورة الأربعين، التي تقام في الفترة من 20 وحتى 29 نوفمبر، ويترأسها المنتج والسيناريست محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، الذي يشارك في عضوية لجنة تحكيم مسابقة «آفاق»، بمهرجان فينسيا، كما تشارك المخرجة التونسية كوثر بن هنية في عضوية مسابقة العمل الأول «لويجي دي لورينتيس».

يذكر، أن هذه الدورة من مهرجان فينسيا تشهد أكبر مشاركة عربية، بـ 7 أفلام، حيث يشارك في قسم «آفاق» المخرجة السورية سؤدد كعدان بفيلمها «يوم أضعت ظلي»، والفلسطيني «سامح زعبي» بفيلم «تل أبيب تشتعل»، وفي قسم «أيام فينيسيا»، ويشارك الفلسطيني «بسام جرباوي» بفيلم «مفك»، وفي قسم «أسبوع النقاد» يتنافس السوداني «حجوج كوكا» بفيلم «آ كاشا»، والسوريان «سعيد البطل» و«غيث أيوب» بفيلم «لسّه عمّ تسجل»، ويختتم القسم بعرض فيلم «دشرة» للمخرج التونسي عبدالحميد بوشناق، بينما يُقام عرض خاص للفيلم القصير «ابنة مغني الأفراح» للسعودية «هيفاء المنصور».

الشروق المصرية في

30.08.2018

 
 

On My Skin يفتتح مسابقة آفاق بمهرجان فينسيا السينمائي

كتبت- بوسي عبدالجواد:

يفتتح الفيلم الإيطالي On My Skin للمخرج أليسيو كريمونيني، مسابقة آفاق، بمهرجان فينسيا السينمائي، التي افتتحت فعاليات دورته الـ75، مساء أمس الأربعاء، وسط حضور عدد كبير من مشاهير الفن.

 الفيلم يتبع قصة الحياة الحقيقية لشاب روماني مات بعد تعرضه للضرب المبرح على يد الشرطة العسكرية الإيطالية.

 يُشار إلى أن الدورة الـ٧٥ تشهد مشاركة تاريخية لسبعة أفلام عربية، حيث يشارك بقسم "آفاق" فيلم The Day I Lost My Shadow- يوم أضعت ظلي، للمخرجة السورية سؤدد كعدان، وفيلم Tel Aviv On Fire – تل أبيب تحترق للمخرج الفلسطيني سامح الزعبي، وفي قسم أيام فينيسيا يعرض فيلم "مفك" للمخرج الفلسطيني بسام جرباوي، وجميعها تم اختيارها ضمن الأفلام المعروضة في الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائي نهاية سبتمبر المقبل.

 جدير بالذكر أن دورة هذا العام تشهد أيضًا مشاركة عربية على مستوى لجان التحكيم، تمثلت في اختيار المخرج والمنتج المصري محمد حفظي، ليكون عضوًا بلجنة تحكيم مسابقة "آفاق"، وكذلك اختيار المخرجة التونسية كوثر بن هنية ضمن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة "أسد المستقبل - لويجي دي لورينتيس" للأفلام الأولى.

####

جيليرمو ديل تورو :

التفاوت بين الجنسين مشكلة حقيقية في صناعة السينما

كتبت- بوسي عبد الجواد

أدان رئيس لجنة تحكيم مهرجان فينسيا السينمائي المخرج المكسيكي جيليرمو ديل تورو التفاوت بين الجنسين في صناعة السينما وطالب بإصلاح عاجل. وذلك على هامش مهرجان فينسيا السينمائي التي أفتتحت فعاليات دورته الـ75 مساء أمس وسط حضور عدد كبير من مشاهير الفن من جميع أنحاء العالم.

وقال جيليرمو ديل تورو ، الذي تحدث في اليوم الافتتاحي للمهرجان السينمائي الـ 75 ، إن المساواة يجب أن تتحقق بحلول نهاية العقد.

وردا على سؤال حول مسؤولية مهرجانات الأفلام لتشجيع التنوع ، أكد المخرج المكسيكي أن أهداف الدمج ضرورية. موضحا : "أعتقد أن الهدف يجب أن يكون واضحا ويجب أن يظل 50:50 بحلول عام 2020" مشيرا إلى ميثاق المساواة الذي تم إطلاقه في كان هذا العام.

وأضاف :"لدينا العديد من النساء القادرات على صنع وتقديم سينما جادة وحقيقة ذات مضمون وهدف جيد، وللاسف نحن نواجه مشكلة حقيقة بشأن التمييز بين الجنسيين على اساس النوع".

يُشار إلى أن الدورة الـ75 من مهرجان فينسيا واجهت انتقادات عديدة قبيل انطلاقها، فور الإعلان عن قائمة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، بسبب عدم اهتمامها بالعنصر النسائي في اختيار الأفلام.

وقد اعتبر البعض من النقاد ونشطاء التواصل الاجتماعي، أن الطريقة التي اعتمدتها إدارة لجنة مهرجان فينسيا السينمائي في اختيارها للأفلام "عنصرية"، خاصة أن جميع الأفلام المشاركة تحمل توقيع الرجال، في حين يوجد فيلم سينمائي واحد فقط يحمل توقيع المخرجة الاسترالية جنيفر كينت وهو فيلم "العندليب".

الوفد المصرية في

30.08.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)