كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

رحلة المخرج داميان شازيل الطويلة نحو الفضاء

«فينيسيا» يفتتح دورته الـ75 بفيلمه الجديد «الرجل الأول»

لندن: محمد رُضا

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الخامس والسبعون

   
 
 
 
 

بعد نجاح فيلماه «وبلاش» و«لا لا لاند» يستعد المخرج داميان شازيل لتقديم فيلمه الثالث «فيرست مان» في افتتاح الدورة الجديدة من مهرجان فينيسيا التي ستنطلق في التاسع والعشرين من هذا الشهر وتستمر حتى الثامن من الشهر المقبل.

إنها الدورة الخامسة والسبعين. مهرجان فينيسيا هو شيخ المهرجانات العالمية منها وكل مهرجان آخر مهما كبر أو صغر. وهو شهد أول لقاء بينه وبين المخرج الأميركي الشاب شازيل قبل عامين عندما قدم فيلمه «لا لا لاند» على شاشته في الدورة 73.

آنذاك لم يفز «لا لا لاند» بجائزة أفضل فيلم في المهرجان الإيطالي العريق، لكن بطلته إيما ستون نالت جائزة أفضل ممثلة. بالأهمية ذاتها دخل ذلك الفيلم الموسيقي - العاطفي ترشيحات الأوسكار في العام التالي (2017) وخرج بستة أوسكارات في الإخراج والتصوير «لينو ساندغرِن» والموسيقى «جستين هورفيتز» وأفضل أغنية كتبت خصيصاً للفيلم «بنجي باسك وجستين بول» وأفضل تصميم، كما نالت ممثلته الأولى إيما ستون أوسكار أفضل ممثلة.

هذا من بين 12 ترشيحاً من بينها أفضل فيلم وأفضل سيناريو «شازيل» وأفضل تمثيل رجالي أول «ريان غوزلينغ».

لكن هذا الفوز في نصف عدد الترشيحات شهد حدثاً غريباً من نوعه عندما تم الإعلان، بخطأ غير مقصود، عن أن «لا لا لاند» هو الذي نال أوسكار أفضل فيلم. هذا بدا منطقياً له وللمنتجين فصعدوا المنصة وانتظروا التتويج. لكن الخطأ تبدى عندما أعلن أن الفيلم الفائز هو «مونلايت» وبدأ صعود مخرجه باري جنكينز وفريق إنتاجه إلى المنصة. هذا الخطأ هو الوحيد من نوعه في تاريخ الأوسكار ووقوف فريقي فيلمين مختلفين على المنصة لقبول جائزة أفضل فيلم أمر لم يقع له مثيل من قبل.

قبل ذلك وخلال موسم الجوائز الممتد من سبتمبر (أيلول) إلى نهاية فبراير (شباط) حظي الفيلم الذي أعاد فن الميوزيكال إلى الشاشة بنجاح كبير حصد الفيلم أكثر من 220 جائزة أخرى ولو أن معظمها ليس من مناسبات سنوية كبيرة والكثير منها جوائز من جمعيات نقدية حول العالم.

في الوقت ذاته بلغت أرباحه العالمية 445 مليون و636 ألف دولار وهو الذي تكلف 30 مليون فقط دولار لصنعه.

فيلم شازيل الأول «وبلاش» كان نوعاً من إعلان الولادة السينمائية له. ووسط صفحات من المباركات النقدية تسلل ذلك الفيلم إلى نجاح مقبل قدره 50 مليون دولار. الرقم كبير بالنسبة لميزانية ذلك الفيلم التي لم تتعد ثلاثة ملايين و300 ألف دولار.

- وهج رومانسي

الآن في فيلمه الجديد، «الرجل الأول»، ينتقل المخرج إلى عداد الميزانيات الكبيرة في هذا الفيلم الذي يتناول سيرة نيل أرمسترونغ (1930 - 2012) أول ملاح فضائي يمشي على سطح القمر.

أكثر من أن الرحلة التي أطلقتها ناسا في مارس (آذار) 1966 كانت تمهيداً لنقلة تاريخية يقدم عليها الإنسان للمرة الأولى، فإنها كانت خطوة خطرة تجاه المجهول. كانت السينما وزعت أشراراً ومخلوقات متوحشة على كل كوكب كبير رصدته، والقمر في بعض تلك الأفلام، كان من بينها. لكن تأليف حكايات من المغامرات الخيال علمية شيء وولوج المغامرة فعلياً شيء آخر. هذا ما يوجه شازيل التفكير إليه في مقابلاته القليلة التي أجراها حول فيلمه الجديد.

يقول لمجلة «ذا هوليوود ريبورتر»، على سبيل المثال، «لا نفكر بكم هو خطر القيام، في ذلك الحين برحلات فضائية. ربما نتذكر بعض الكوارث التي حدثت لكن تفكيرنا السائد يقودنا إلى الانتصارات المنجزة. ما نراه هو العلم وهو يخفق وما نسمعه هو الترومبيت وهو يُعزف، وكل هذا يبدو (فعلاً) نبيلاً وسهلاً».

ما نستنتجه من هذا الكلام هو أن شازيل أراد نقلنا إلى مزج بين الحقيقة والواقع وكلاهما غير ما ساد ولا يزال حول رحلات الفضاء التي تتمتع اليوم بقدر أقل من وهج الأيام السالفة التي كان الفضاء مجال منافسة وسباق بين القوتين العظمتين. وما يرغب به المخرج بالتالي هو نوع من إيقاف الوهج الرومانسي حول تلك الرحلات وتقديم وجه أكثر واقعاً، وإذا ما كان أكثر واقعية فهو أكثر إثارة للخوف.

داميان شازيل يبقى أصغر سينمائي نال أوسكار الإخراج. عمره آنذاك كان 31 سنة (من مواليد سنة 1985) وهو ولد من أب أميركي وأم فرنسية وعاش متنقلاً بين البلدين مكتسباً هوية وطنين وثقافتين أيضاً. بواعثه لكي يصبح مخرجاً بدأت في جذورها في سن مبكرة. لم يكن يعرف بعد ما هو الإخراج لكنه في سن الخامسة تعلق بالسينما عندما كانت والدته تصطحبه معها لمشاهدة الأفلام.

بعد ذلك تحول التعجب من تلك الصور المتحركة إلى إدمان لازمه حتى دخل جامعة هارفارد في الثامنة عشرة من عمره ليتخرج في كلية الفنون البصرية. كان شغفه كبيراً لدرجة أنه خلال فترة دراسته حقق فيلماً قصيراً بالإسبانية من دون أن يجيد كلمة واحدة منها.

رغم ذلك الشغف والبذل لم يجد شازيل النجاح مقدماً له على طبق جاهز. حين انتقل لكي يعمل ويعيش في هوليوود وجد نفسه غير قادر على تأمين سكن صغير لأنه غالباً ما كان يمضي الوقت بحثاً عن عمل. انتقل كثيراً ما بين الشقق الصغيرة واضطر لمشاركة السكن مع أشخاص آخرين.

في سنة 2008 قرر أن المعجزات لن تحدث وأن عليه تغيير وجهته وعوض أن يكتب لنفسه سيناريوهات لا يريد تنفيذها أحد قرر أن يكتب سيناريوهات لسواه من تلك التي تبيع. أول سيناريو باعه، حسب قوله وليس حسب مراجع متداولة، كان «الادعاء» (The Claim) سنة 2000 وهو وسترن (سيء التنفيذ من المخرج مايكل وينتربوتوم) تمت إعادة كتابته ولم يظهر اسم شازيل عليه. ما هو مؤكد أنه شارك كتابة «10 كلوفيرفيلد لاين» الذي كان فيلم رعب تم لاحقاً خلق أجزاء أخرى منه.

في عام 2016 قام شازيل بتصوير 18 دقيقة من «سوط» (Whiplash) وعرضه في مهرجان صندانس. استرعى الفيلم انتباه شركة باراماونت فعرضت عليه إخراج «10 كلوفيرفيلد لاين (قبل أن يتولى إخراجه شاب آخر اسمه دان تراشتنبيرغ) لكن شازيل أبى وتمسك برغبة تحقيق فيلم طويل مستمد من الفيلم القصير الذي قام بتحقيقه. هذا الإصرار قاده إلى تحقيق النسخة التي شاهدناها في مهرجان صندانس سنة 2014 قبل أن تلف العالم بأسره.

صوره شازيل في 19 يوماً وجلب إليه ممثلين غير نجوم بينهم ج. ك. سيمونز ومايلز تَلر ودار حول تلميذ يتدرب على الطبل (درمرز) ومعلمه الذي أراد فرض منهجه القاسي ليتأكد من موهبة تلميذه.

إنجاز «لا لا لاند» كان معركة أخرى. بدأت عندما سعى شازيل لتحقيق الفيلم وأخفق في إيجاد التمويل المطلوب. قرر استبداله بمشروعه الحالي «ذ فيرست مان»، لكن رايان غوزلينغ كان سمع بـ«لا لا لاند» وحبذه. هذا ما أعاد الكرة إلى ملعب ذلك الفيلم الموسيقي. مع اسم غوزلينغ استطاع شازيل التغلب عن المصاعب الإنتاجية وتم له تحقيق ذلك الفيلم الموسيقي قبل الالتفات إلى فيلم الفضاء الذي سيرتسم على شاشة مهرجان فينيسيا بعد أيام.

الشرق االأوسط في

24.08.2018

 
 

مهرجان البندقية السينمائي ينطلق الأربعاء

بين الأفلام الملتزمة وضعف المشاركة النسائية

روما – أ ف ب:

يتميز مهرجان البندقية السينمائي في دورته الخامسة والسبعين التي تنطلق الأربعاء المقبل بخلطة مميزة من النجوم المشاركين بينهم ليدي غاغا وراين غوسلينغ، إضافة لأفلامه الملتزمة ضد العنصرية أو الإرهاب، فضلا عن مشاركة مخرجة واحدة في المنافسة.

ويتنافس حوالى 21 فيلما طويلا في المسابقة الرسمية، اعتبارا من الأربعاء لنيل جائزة الأسد الذهبي، التي ستمنح السبت في الثامن من أيلول/سبتمبر في قصر السينما في البندقية.

وستخضع الأعمال المشاركة لتقييم لجنة المهرجان برئاسة غييرمو ديل تورو، الذي حاز جائزة الأسد الذهبي العام الماضي عن فيلمه «ذي شايب أوف ووتر» مع لفيف من الممثلين والممثلات والسينمائيين هم سيلفيا تشانغ وتراين ديرهولم ونيكول غارسيا وباولو جينوفيزي ومالغوجاتا شوموفسكا وتايكا وايتيتي وكريستوف وولتز وناومي وات.

ويفتتح الأمريكي داميان شازيل (33 عاما) وهو أصغر سينمائي حائز جائزة أوسكار في تاريخ السينما مع فيلمه «لا لا لاند» في 2017، المهرجان مع عمله الجديد «فيرست مان» الذي يروي سيرة نيل أرمسترونغ أول رجل مشى على سطح القمر ويؤدي دوره راين غوسلينغ.

أما أكثر الضيوف المنتظرين على السجادة الحمراء فستكون بلا شك نجمة البوب الاستفزازية ليدي غاغا، التي تحضر لتقديم فيلم خارج المسابقة للممثل والمخرج برادلي كوبر بعنوان «إيه ستار إيز بورن» وهو إعادة لعمل كلاسيكي هوليوودي كبير خلدته جودي غارلاند في 1954.

وستكون للأعمال التاريخية حصة في هذه الدورة، خصوصا مع «بيترلو» لمايك لي المستوحى من معركة دامية تحمل الإسم عينه في 1819 إضافة إلى فيلم يعنوان «فيرك اونه اوتور» (عمل بلا كاتب) لفلوريان هنكل فون دونرسمارك الحائز جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي للعام 2007 عن «حياة الآخرين»، والذي يتناول ثلاث حقبات في تاريخ ألمانيا.

ويعالج البريطاني بول غرينغراس مسألة التطرف في «22 جولاي» فيما يتطرق الإيطالي روبرتو مينرفيني إلى مسألة العنصرية في أمريكا مع «وات يو غانا دو وين ذي وورلدز أون فاير؟» الذي يصوّر مجتمع السود الأمريكيين في 2017 بعد مقتل شباب سود على يد الشرطة.

وكما في كل عام، يمنح مهرجان البندقية السينمائي جائزتي أسد ذهبي تكريما لمسيرة عملاقين في مجال السينما، وهما ستمنحان هذا العام للممثلة البريطانية البالغة 81 عاما فانيسا ريدغرايف والمخرج الكندي البالغ 75 عاما ديفيد كروننبرغ.

وتقتصر المشاركة النسائية في المسابقة الرسمية لهذا العام على امرأة واحدة هي الأسترالية جنيفر كنت في مسابقة المهرجان هذا العام مع فيلم «ذي نايتنغايل»، ما شكل مصدر تنديد من جمعيات نسوية عبر رسالة مفتوحة وجهنها في 11 آب/أغسطس للمدير الفني لمهرجان البندقية السينمائي ألبرتو باربيرا.

وتضمنت الرسالة فضلا عن الاحتجاج على الطابع الذكوري للمنافسة، تنديدا بتصريحات أدلى بها باربيرا أخيرا خلال مؤتمر صحافي وأشار فيها إلى أن خياراته تستند إلى «جودة الفيلم وليس جنس المخرج».

وقال في معرض دفاعه عن خياراته «أفضّل تغيير المهنة بدل أن أُرغم على اختيار فيلم لأن مخرجته امرأة لا لكونه عملا ناجحا».

ومن بين الخيارات التي انتهجها المهرجان في دورته لهذا العام إشراك أعمال من انتاج «نتفليكس»، مع فيلم الويسترن «بالاد أوف باستر سكراغز» للمخرجين جويل وإيثان كوين و»22 جولاي» لبول غرينغراس و»روما» لألفونسو كوارون.

ومن بين الأسماء الكبيرة المشاركة أيضا في مسابقة المهرجان هناك الفرنسي جاك أوديار الذي يخوض غمار أفلام الويسترن مع عمله «لي فرير سيسترز» ومواطنه أوليفييه أساس مع فيلمه «دوبل في» بطولة جوليات بينوش وغيوم كانيه.

ويعود المخرج المجري لازلو نيميش الحائز الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي 2015 وجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي في العام التالي مع أول أفلامه الطويلة «ابن شاوول»، إلى المنافسات السينمائية العالمية الكبرى مع فيلمه الجديد «صن ست».

ومن الأعمال المنتظرة أيضا فيلم «فايفوريت» التاريخي للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس الذي يغوص في بلاط آن ملكة انكلترا في مطلع القرن الثامن عشر، مع إيما ستون ورايتشل ويز.

القدس العربي اللندنية في

27.08.2018

 
 

الناقد السينمائي الإيطالي جونا نازارو:

في المتوسط العربي سينما جديدة رائعة

عرفان رشيد

الوسط السينمائي المتوسطي يتوقع أن تكون اختيارات “أسبوع النقاد” للدورة الثالثة والثلاثين للبرنامج في مهرجان فينيسيا إضافة جديدة في إطار اكتشاف الطاقات الجديدة.

منذ تأسيسه في عام 1984 من قبل الناقد والبروفيسور الراحل لينو ميتشيكي، الذي تولّى في نهاية التسعينات رئاسة بينالي فينيسيا، وخلال سنواته الـ33 الماضية، صار برنامج «أسبوع النقّاد» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، محطّة أساسية وهامة للطاقات، ورفد السينما العالمية بالعديد من المخرجين الذين أكّدوا حضورهم الهام على الخارطة السينمائية، وما أسماء من قبيل كيفين رينولدز، مايك لي، بيتير مولان، أوليفييه آسّاياس، عبداللطيف كشّيش، بابلو ترابيرو، علاءالدين سليم وعدد آخر من المخرجين الذين فازوا بجوائز المهرجانات الكبرى كـ«كان» و«فينيسيا» و«برلين» وترشّحوا لجوائز «الأوسكار» إلاّ بعض من المخرجين الذين أنجزوا خطوتهم الأولى في هذا البرنامج، ما جعل منه، كما يقول المفوّض العام للبرنامج (المدير الفنّي) جونا نازارّو، ”مصنعا للطاقات السينمائية التي ترسم دائما مستقبل السينما العالمية“.

يتوقّع الوسط السينمائي المتوسطي أن تكون اختيارات “أسبوع النقاد” للدورة الثالثة والثلاثين للبرنامج في مهرجان فينيسيا إضافة جديدة في إطار اكتشاف الطاقات الجديدة والمخرجين الذين سنسمع عنهم الكثير في السنوات المقبلة.

ويقول جونا نازارو “ما سنُشاهد هذا العام ضمن برنامج أسبوع النقّاد سيكون نوعا من السينما الساعية إلى فتح أبواب على العالم. فبينما استبقنا في العام الماضي، بشكل واسع، مجمل السجال الذي تفجّر حول أوضاع المرأة والمشاعر الأنثوية المُغيّبة، فقد رأينا أنّ من المناسب أن نُركّز انتباهنا في هذه الدورة على سينما بدت لنا حيوية وناشطة أكثر من غيرها“.

وقد لمس نازارّو هذه الحيويّة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذْ قضّى الربع الأخير من العام الماضي وشهورا من العام الحالي يتجول في العالم العربي، يقول ”خلال سفرات عديدة، استرعت انتباهي الحيوية الثقافية والإبداعية الكبيرة لسينمائيي ما يُسمّى بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد لمست تلك الحيويّة الفائقة خلال المختبرات وورشات العمل والمهرجانات التي حضرتها وخلال لقاءاتي وأحاديثي مع الفنانين، ناهيك عن تأثيرات الموجة الطويلة لتيار ‘النوفيل فاغ’ السوريّة في المنفى والتي لم تستنفد بعد جميع تردّداتها، وأعني بذلك سينما المهاجر السوريّة“.

افتحوا عيونكم

يضيف نازارو “لقد اكتشفت خلال زياراتي إلى تلك البلدان وخلال لقاءاتي مع المثقّفين والفنانين، الكثير من الكتب والنصوص والأفكار، وإذا ما أُتيحت لي فرصة التعرّف على طبيعة تنظيم داعش، فالفضل في ذلك يعود مثلا إلى مخرج إيراني، وإذا ما اكتشفت فلاسفة عربا ملتزمين في إقناع الشبيبة العربية بالنأي بأنفسهم عن بعض الخيارات، فقد تمّ لي ذلك عبر زياراتي للمكتبات التونسيّة، وإذا ما اكتشفت وجود حركة مناهضة للأصوليّة، فأنا مدينٌ بذلك إلى أصدقاء جزائريّين الذين أماطوا لي اللثام عن أمور عديدة، ولم يحدث ذلك بالتأكيد عبر صيحات من يرفعون شعارات التخويف والترهيب المناهضة للإسلام، لكنّ كلّ هذه أمور لا تتمكن من عبور عتبات مكتباتنا أو أبواب استوديوهاتنا وبرامجنا التلفزيونيّة. وإذا ما وجب عليّ أن أدّعي لخياراتي السينمائية قيمة سياسيّة ما، فهي الدعوة التي أطلقها باحثون حين قالوا ‘افتحوا عيونكم!’، وإن ‘المتوسّط مكان ينبغي أن يُهمّنا جميعا!’، وبأن ما سيحدث في المتوسّط سيعني الجميع. ليس هذا اكتشافا لبعض سياسيّي اليوم، بل هو منذ مطلع الثمانينات، إن لم يكن قبل ذلك بكثير. وما هو مثير للاستغراب أن تجد الكثيرين مندهشين ومُتفاجئين إزاء ما يحدث هناك، وبالذات في صدد ما يحدث من عودة مُخجلة للعنصرية. ويحدث هذا في الوقت الذي تشهد فيه بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنتاجا ثقافيّا كثيفا، يُشيح الغربيون عنه النظر بدعوى عدم وجود ما يتحرّك هناك. وما يجري هنا هو أنّنا نُعطي صورة سطحيّة وبليدة، لا تفيد أحدا غيرنا، وهي صورة تُبنى عليها الخيارات والخطوات اللاحقة“.

لم أُردْ باختياراتي أن أطرح موضوعا سياسيا، بل لأقول إن السينما في يومنا هذا، والثقافة بشكل عام، أمران في غاية الجدّيّة، وبأنّه لم يعدْ ممكنا غرس الرؤوس في الرمل مثل النعامة، وادّعاء عدم حدوث شيء“، إلاّ أنّ نازارو لا يرغب في أن يُفهم من كلامه بأن الأفلام المٌختارة هي مجرّد أطروحات مجتمعيّة وسياسيّة، أو أنّها أفلام محتوى فحسب، ”بل على العكس، فهي أفلام لها خصوصيّتها واستقلاليتها الأسلوبيّة والشاعريّة، وهي أفلام تسكن هذا العالم“.

ويُضيف نازارو أنه ”كان مفرحا للغاية أن أكتشف خلال تواجهي أؤلئك الناس حماسة لا تُضاهيها حماسة في أي مكان من العالم. لقد عايشت جزءا ممّا يحدث اليوم في شمال أفريقيا، كتونس التي تذود بيدها العزلاء وبأسنانها عن ثورتها، ويواصل المثقّفون الجزائريون بذل الجهد في مواجهة محاولات الأصوليين بإغراق البلد مُجدّدا في محنة جديدة، دون تناسي الدور الذي تلعبه بعض دول الخليج في دعم السينما“.

إلاّ أنّ نازارّو يؤكّد أنّه لم يكن ليُغلّب تعاطفه مع هذه القضيّة أو تلك في إنجاز اختياراته للأفلام ويقول ”لم أكن، في أي حال من الأحوال، لأوافق على ضمّ فيلم ما في برنامج تظاهرتي على أساس ‘الكوتا’ المناطقيّة، ولم يكن لفيلم ما، يفتقر إلى القيمة الفنّية، لينضم إلى هذا البرنامج، ولم يكن قطعا ليُضمّ إلى البرنامج فقط لأنّه يأتي من منطقة ما من العالم“، ويشير موضّحاً ”إنّ برنامجي ليس على شاكلة ‘ألعاب بلا حدود’، ولا يعنيني على الإطلاق أن يكون لديّ فيلم من كلّ بلد، فإذا ما اخترت هذه الأفلام لأسبوع النقّْاد وللتواجد في بينالي فينيسيا، فذلك يعني أنّها أفلام أثق بقيمتها الإبداعية بنسبة مئتين في المئة”.

جونا نازاروالدورة الـ33 لـ"أسبوع النقاد" في مهرجان فينيسيا تنطلق الخميس المقبل والأفلام مفاجأة للعرب

القيمة الفنية أولا وأخيرا

ليس هناك خيطٌ رابطٌ ما بين الأعمال التي اختارها نازارّو ولجنته، ”لكنّ الأفلام المُختارة تتحاور في ما بينها بشكل جيّد، فإذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى الفيلم السوداني ‘آكاشا’ للمخرج السوداني الشاب حجّوج كوكا، والفيلم الفنلندي ‘M’ للمخرجة آنّا إيريكسون، إذْ تفصل الفيلمين عن بعضهما الملايين من العوالم ويتفرّد المخرجان في عملهما، لكنّهما يتآصران في أسلوب الاقتراب من موضوعيهما ومعالجتيهما، يبدو الفيلم السوداني وكأنّه كوميديا مصنوعة على طريقة المايسترو الإيطالي الراحل ماريو مونتشيلّي، أُنجز من قبل سينمائي استوعب تفكير المايسترو الأفريقي عصمان سمبين، وبرُغم كونه حكاية عن الرجال والمقاتلين، فهو يروي، في الواقع، حكاية المرأة وعن الأنثوي المُغيّب والمحظور في مجتمع الرجال المضمّخ بدماء حروب تدوم لأجيال. بالضبط كما يروي الفيلم الفنلندي عن الأنثوي المُغيّب، ويُظهر معنى أن يتم تناول هذا التغييب من قبل مخرجة، بالذات“.

لقد عثر جونا نازارو على مفردات للتوافق والحوار ما بين الأفلام، ويقول ”ولم نسعَ إلى العثور عن خيط رابط في ما بين الأفلام بشكل مُسبّق وبأيّ ثمن، بل سعينا إلى أن تتمكّن الأفلام من التحاور في ما بينها، بمعنى إذا ما رغب مشاهدٌ ما في حضور الأفلام جميعا واحدا بعد الآخر، فإنّه سيتلمّس بأن هناك تجانسا ما ضمن إطار الأفلام“، ويبدو البرنامج بمثابة لوحة مُركّبة أو كتاب من تسعة فصول، يحتل كلّ فيلم من الأفلام التسعة (7 في المسابقة وإثنان خارجها) فصلا من هذه الفصول.

سوريا بعيون شبابها

لأقلْ لك شيئا آخر عن الفيلم السوري ‘قيد التسجيل’ عملٌ اكتشفته كمشروع أولي قبل بضع سنوات“ في إطار برنامج أسبوع النُقّاد، كان بعض الشباب السوريين قد صوّروا المئات من الساعات، عندما حوصروا في مدينتهم خلال الحرب، وقد انطبعت تلك المشاهد التي اطلعت عليها في ذهني وبَقِيْتْ هناك، وبقيت أنا على اتّصال مع الشباب لثلاث سنوات لمتابعة تطوّر مشروعهم. وبإمكاني القول إنّني عندما زُرت بيروت كان السبب الرئيس من تلك الزيارة هو مشاهدة المادة التي انتهوا إليها في تلك المرحلة. وأنا اليوم في غاية السعادة أن يكون الفيلم في برنامجي، لأنّه، على الرُغم من سيل المشاهد القادمة من سوريا، فإن رؤية هذا الفيلم ستبدل تماما كلّ ما نعتقد بأنّنا نعرفه عن سوريا، لأنّ سوريا التي نشاهدها في الفيلم، ليست سوريا بوتين أو نتنياهو أو روحاني، وهي ليست سوريا ترامب أو ماكرون، بل هي ‘سوريا’ كما هي على حقيقتها، وهي أمرٌ آخر مختلفٌ تماماً“.

فيلم «Still recording» لم يُنجز من قبل سينمائيّين بل من قبل شباب أدركوا واجب تصوير تلك المشاهد لأنّهم وجدوا أنفسهم في مواجهة مع وضع مستحيل، ويقول نازارو ”ما أفخر به بشكل مُطلق، هو أنّني سأُقدّم سينما حقيقيّة، وكما يُعلّمنا دائما روبيرتو روسّلّيني، بأنّ السينما ليست دائما ما يصنعه السينمائيون فهي قد تأتيك في بعض المرّات من حيث لا تتوقّعه“.

فيلم الافتتاح.. هندي

يُضيف ”إنّه جوهري بالنسبة لي أن أعرض هذا الفيلم في فينيسيا، بالضبط كما أعرض فيلما أفريقيّا مثل ‘آكاشّا’ لحوجيج كوكا والذي لا يُشبه بأيّ شكل من الأشكال تلك السينما الأفريقيّة المُخدّرة من قبل الإنتاجات الأوروبيّة. أي أنّني أُري المشاهدين بأنّ في الإمكان رؤية العالم عبر عيون أُخرى، وأنّ بالإمكان اجتراح نظرات أخرى متمايزة“.

وتعود السينما الهندية إلى ليدو فينيسيا بعد غياب طويل وتُطلّ عبر برنامج أسبوع النقّاد، بالذات، الذي خصّص لحفل افتتاحه فيلم ‘تيمباد’ للمخرج الهندي الشاب زاهي آنيل بارفي. ويقول جونا نازارو ”في هذه السنين، وخلال أحاديثي مع الأشخاص المعنيّين بالسينما الهندية، على المستوى التجاري، حاولت أن أقول لهم إنّ جزءا من المسؤولية يقع على عاتق السينما الهندية أيضا، بمعنى أنّ هذه السينما، ومع الاستثناءات بالطبع، واصلت تقديم صورة بالمقاس الغربي، أي بمعنى الفقر والأطفال المشرّدين والتجاوزات والاغتصابات”.

وقد أُتيحت لنا فرصة العثور على فيلم فانتازيا، مناهض للكولونيالية ومنطقها، وثري بالمؤثّرات الخاصة، وهو ما يُقرّبه من أسلوب ستيفن سبيلبيرغ في الثمانينات. إنّه فيلمٌ أُنجز في الهند مع وحوش ومغامرات وبوجهة نظر خاصّة للغاية حول مغزى المال والجشع وغيرهما.

حين وجدنا أنفسنا أمام هذا الفيلم بدا لنا وكأنّنا أمام شيء لا معقول، وآمل أن يُقنع خيارنا هذا شركات الإنتاج الهندية على قبول فكرة بأن ‘أسبوع النُقّاد’ في فينيسيا ليس هو المكان الذي يسعى دائما إلى رؤية النوعية المعتادة من الأفلام ذاتها، بل هو المكان الذي يتم فيه استطلاع واقع مختلف لتلك البلدان.

في الختام تونس

تعود تونس إلى هذا البرنامج بعد عامين من فوز علاءالدين سليم بجائزة «أسد المستقبل» عن فيلمه «آخر واحد فينا».

ويقول المدير الفنّي لأسبوع النُقّاد ”لقد كان فيلم ‘دَشرة’ لعبدالحميد بوشناق، مفاجأة حقيقيّة بالنسبة لي. وخلال زياراتي لأماكن الإنتاج السينمائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعرّفت على منتجة تونسيّة طلبت منّي بشكل صداقي بحت بأن أُشاهد فيلما أنجزه صديقٌ لها، وأرسلت إليّ برابطه، وعندما شاهدت الشريط اكتشفت بأنّه فيلم رُعب رفيع المستوى ومثير للاهتمام، وهو بالإضافة إلى كلّ ذلك تأملٌ حول ما يجتازه المجتمع التونسي الآن. بإمكانك أن تتخيّل دهشتي الأخرى عندما اكتشف في ما بعد بأن عبدالحميد بوشناق هو نجل الموسيقي التونسي الكبير لُطفي بوشناق. بطبيعة الحال نأى عبدالحميد بوشناق بنفسه عن الإفصاح عن كونه نجل الموسيقي الكبير. شاهدت الفيلم وقلت في نفسي إنّه فيلم رائع، وليس ذلك لأنّه فيلم رُعب، أو فيلم رُعب أُنجز في تونس، ولم يكن خياري نتيجة للغرابة كونه جاء من تونس، بل لأنّه فيلم حقيقي بكل ما تعنيه هذه الكلمة، يُفصح فيه المخرج بدقّة لا متناهية عن أمور في بلاده. لا غبار على ما يقوله على المستوى السياسي، لكنّه فيلمٌ مصوّرٌ بشكل رائع، وهو فيلم يُثير الرعب الحقيقي في بعض أجزائه بسبب ما يحتويه من عنف قاس، ولحظات عالية من أقصى الخيال، ولذا فعندما تُتاح لك فرصة مشاهدة فيلم كهذا، فلن تتردّد أبدا في اختياره“.

ومع ذلك فقد اضطُرّ نازارو، بسبب ضيق المساحة المُتاحة له، إلى التخلّي عن بعض الأفلام التي كان أحبّها خلال رحلة الاختيارات ويقول ”لكن دعني أقلْ لك إنّه كان هناك عدد من الأفلام المثيرة للاهتمام، والتي أشعر بالأسى لأنّني لم أخترها بسبب ضيق البرنامج، وأنّ غالبية هذه الأفلام كانت قادمة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“.

كاتب عراقي

العرب اللندنية في

28.08.2018

 
 

فينيسيا ومحطات للسينما المصرية والعربية بها

أمل الجمل

"إن أهم أفلام مهرجان فينيسيا حتى الآن فيلم "خطة العنكبوت" لبرتولوتشي وفيلمان لمخرج مصري جديد هو شادي عبدالسلام، والفيلمان هما القصير "الفلاح الفصيح"، والروائي الطويل "المومياء". وباستثناء أفلام شادي لا شيء آخر يظهر له قيمة ملحوظة من البلاد العربية. يبدو أن شادي شخصية قائمة مستقلة بذاتها، بعيدة عن أن تحدد اتجاهاً لحركة جديدة في السينما المصرية. ربما يريد شادي أن يبتدع سينما وطنية تسود فيها روح فنون مصر القديمة، ويبدو أنه نجح، وهو نفسه موهبة يجدر الالتفات إليها.

ما سبق كتبه جون راسل تيلور في التايمز البريطانية بتاريخ 29 أغسطس 1970 عقب عرض المومياء بمهرجان فينيسيا عام ١٩٧٠. أما روبرت روسيلليني في حواره مع سامي السلاموني فقال: "هذا أول فيلم مصري أراه وفيه طعم مصر فعلاً. إني أكاد أشم رائحة طين بلادكم في الفيلم.. لقد كانت أفلامكم شيئاً فاقد الشخصية.. تقليداً ممسوخاً للفيلم الأوروبي".

٨٧ عاماً، و٧٥ دورة

نتذكر هذا بمناسبة قرب انعقاد الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في الفترة من ٢٩ أغسطس - ٨ سبتمبر ٢٠١٨. إنه أعرق مهرجانات الدنيا - مع كان وبرلين - والذي بدأ منذ عام 1932، لكنه توقف ست مرات منها ثلاث سنوات متتالية أثناء الحرب العالمية الثانية، كذلك أقيمت فعالياته ثلاث مرات من دون أن تحمل تلك الدورات أي رقم لها، وهو ما يفسر الفارق بين عمر المهرجان الحقيقي- ٨٧ - وبين رقم الدورة الحالية ٧٥. إضافة إلى أن المهرجان استمر في إقامة دوراته من دون مسابقة ومن دون أن يمنح الجوائز للأفلام المشاركة عشر مرات، منها السنة الأولى لانعقاده، ثم من عام 1969 حتى 1979.

لم تكن مشاركة مصر بالمومياء هي الأولي بمهرجان فينيسيا أو البندقية كما يطلق عليه البعض. كانت مصر أقدم دولة عربية تشارك في مهرجان البندقية، منذ عام 1936 بفيلم «وداد» من بطولة أم كلثوم للمخرج فريتز كرامب من إنتاج استديو مصر، ثم توقفت حتى عام 1951 عندما شارك يوسف شاهين بفيلمه «ابن النيل» خارج المسابقة. بعدها اشتركت مصر بأفلام «نساء في حياتي» 1957 لفطين عبدالوهاب و«أنا حرة» 1959 لصلاح أبوسيف، وفي عام 1964 تقدم شاهين بفيلمه «فجر يوم جديد» لكن عندما علم بأنه سيعرض خارج المسابقة رفض وانسحب.

أما في عام 1970 فشارك شادي عبدالسلام بفيلم «المومياء» لكن المهرجان في ذلك العام كان من دون مسابقة ومن دون جوائز. ثم عاد يوسف شاهين للمشاركة داخل المسابقة الرسمية عام 1982 بفيلم «حدوتة مصرية» وكان بطله نور الشريف مرشحاً بقوة لجائزة أحسن ممثل لكنها ذهبت إلى الممثل الروسي ميخائيل أوليانوف.

١٣ عاماً من الغياب

بعد ذلك، ولأسباب متباينة كثير منها يتعلق بالروتين، وبيروقراطية الموظف، وبعضها يتعلق بمستوى الأفلام، اختفت مصر من خريطة مهرجان فينيسيا نحو ثلاثة عشر عاماً بعد تكريم صلاح أبوسيف عام 1986 وعرض فيلمه «البداية». إلى أن عادت عام 1999 بفيلم «الأبواب المغلقة» للمخرج عاطف حتاتة الذي اشترك ببرنامج «سينما الحاضر» خارج المسابقة الرسمية للدورة السادسة والخمسين، وفاز بجائزة مؤسسة سينما المستقبل «الدوائر ليست مغلقة».

في عام 2002 وضمن فعاليات الدورة ٥٩ من مهرجان فينيسيا شارك فيلم "دعاء الكروان" للمخرج هنري بركات ضمن احتفالية نظمها المهرجان خاصة بأفلام الأبيض والأسود حيث تمت ترجمته إلى اللغة الإيطالية وكانت فاتن حمامة قد سافرت مع الفيلم، وكانت مصر تشارك أيضاً بعدة أفلام أخرى أبيض وأسود منها "جعلوني مجرما" لعاطف سالم. وتضمن البرنامج عشرين فيلما أبيض وأسود ضمن احتفالية تقيمها إيطاليا لهذه النوعية من الأفلام.

وإلى جانب المشاركة المصرية في احتفالية الأبيض والأسود عُرضت أيضاً مجموعة أفلام 11 سبتمبر، شارك فيها يوسف شاهين بفيلم عن رؤيته لأحداث 11 سبتمبر، وذلك ضمن برنامج أحداث خاصة. بالإضافة إلى ذلك كان هناك ثلاثة مخرجين عرب منهم رضا الباهي بفيلمه التونسي "صندوق عجب" خارج المسابقة، وفي أسبوع النقاد فيلم روائي طويل للمخرج رفاعي ناصر بعنوان "امتهان" داخل مسابقة العمل الأول. ولأول مرة تم اختيار ناقد سينمائي عربي كبير هو غسان عبد الخالق لرئاسة تحكيم مسابقة "ضد التيار" التي تمنح جائزة باسم سان ماركو مناصفة بين المنتج والمخرج 50 ألف يورو.

عودة للمسابقة

عام 2007 - شارك يوسف شاهين بفيلمه «هي فوضى» وكذلك شاركت وزارة الثقافة المصرية بفيلم «المسافر» لأحمد ماهر 2009 في المسابقة الرسمية من دون تحقيق نتائج، وبالعكس تم الهجوم علي الفيلم، واستقبله الأجانب بشكل سلبي خصوصا - في تقديري - في ظل الكود الثقافي المتعلق بمعاني وكلمات الأغاني- والتي لم تكن قليلة- المرتبطة بذكريات تاريخية ووطنية والتي تستدعيها في ذهن الإنسان المصري بينما لا تعني شيئا للأجنبي، مما يفقد الفيلم كثيرا من معانيه. أما المومياء، فرغم محلية الموضوع وخصوصية مصريته، لكنهم اعتبروه تحفة إبداعية، ليس فقط وقت عرضه في سبعينيات القرن الماضي، ولكن أحد أساطين الإخراج بالسينما الأمريكية وهو مارتن سكورسيزي في عام ٢٠٠٩ - عندما تم الاحتفاء به علي هامش الدورة ٦٢ من مهرجان كان السينمائي وعرضت نسخة مرممة ضمن الكلاسيكيات - تحدث عنه قائلاً: "اللغة السينمائية في هذا الفيلم أقرب إلى الشعر. أنا شغوف به فقد أثارني وأعتبره master piece تحفة إبداعية. ليس هذا فحسب ولكن المومياء هو الفيلم المصري والعربي الوحيد الذي تم اختياره عالمياً كواحد من أفضل مائة فيلم في المائة سنة الأولى من عمر السينما.

عودة مصرية للهامش

هكذا بدت الأمور في عام ٢٠١٠ حيث عُرض فيلم "ميكروفون" للمخرج أحمد عبدالله السيد في الدورة 67 لمهرجان فينيسيا على هامش المهرجان، بينما شارك الفيلم المصري التسجيلي "ظلال" إخراج ماريان خوري ومصطفى الحسناوي، والذي عُرض في برنامج آفاق، فكان المشاركة المصرية الوحيدة في المسابقة غير الرسمية. وقد عرض معه في نفس البرنامج الفيلم اللبناني التسجيلي "شيوعيون كنا" للمخرج ماهر أبو سمرا.

ومن تونس فينوس السوداء للمخرج التونسي عبداللطيف كشيش عرض في المسابقة الرسمية 2010، وكان مرشحا للذهبية. كما شاركت الممثلة هيام عباس في فيلم "ميرال" إنتاج أمريكي فرنسي إسرائيلي.

جوائز عربية

كان فوز فــيلم «طيارة من ورق» للمخرجة اللبنانية رادة الشهال عام ٢٠٠٣ بجائزة الأسد الفضي «جائزة لجنة التحكيم الخاصة» في دروته الستين، هو أول جــائزة للسينما العربية في مهرجان فينيسيا منذ بدايته، مع مراعاة أنه في عام عرض المومياء“ لم تكن هناك جوائز، فقد كانت دورة من دون جوائز. ويُعتبر فوز الشهال هو الجائزة الثالثة للسينما العربية في المهرجانات الكبرى – كان، برلين، البندقية - في تاريخ السينما العربية، بعد أن فاز محمد الأخضر حامينا عن «وقـائع سنوات الجمر» بالسعفة الذهبية عام 1975، وفوز شاهين عام 1979 بالدب الفضي ببرلين عن فيلمه «إسكندرية ليه»، فضلاً عن السعفة الذهبية عن مجمل أعماله عام 1997.

أسد ذهبي فينيسي لعمر الشريف

في ذلك العام وتلك الدورة أيضاً كانت مصر محظوظة بنجمها العالمي عمر الشريف إذ تم تكريمه بالدورة الستين من مهرجان فينيسيا وتم منحه جائزة الأسد الذهبي عام 2003 عن مسيرته الفنية، وتم عرض بعض من أعماله، وتم الاحتفاء بما يليق بتاريخه الطويل في السينما العالمية. ومَنْ يذهب إلى فينيسيا، سيجد صور عمر الشريف معلقة مع أشهر نجوم ونجمات السينما عالمية في بعض المحلات المحيطة بالليدو حيث مقر المهرجان.

إضافة إلى ما سبق لا يُمكن إغفال أن رندة الشهال شاركت في البندقية عام 1996 بفيلمها الروائي الأول «شاشات الرمال»، ثم الفيلم الثاني «متحضرات» عام 1999 والذي فاز بجائزة اليونيسكو، لكن شهال رفضت الجائزة لأنها كانت مشتركة مع المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي. وصرحت وقتها بأنها لا تستطيع أن تشارك مخرجاً إسرائيلياً الجائزة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان، أياً كان موقف غيتاي.

كانت جائزة شهال عن طيارة ورق“ هي الجائزة الدولية الثانية التي يفوز بها صناع السينما في لبنان بعد أن فاز مارون بغدادي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في «كان» 1991 عن فيلمه الفرنسي «خارج الحياة». وكانت جائزة الشهال أيضاً هي الجائزة نفسها التي حصل عليها عبد اللطيف كشيش عام 2007 عن فيلمه «كسكس بالسمك» مناصفة مع الفيلم الكندي «لست هناك».

ويبدو أن عام ٢٠٠٧ كان مميزا للسينما العربية، إذ شهد حضوراً عربياً مكثفاً، فإلى جانب المشاركات في المسابقة الرسمية وخارجها وتحكيم ثلاث نساء عربيات، عرض أيضاً 14 فيلماً قصيراً من المغرب في برنامج تكريمي خاص في سابقة أولى من نوعها، وحضرته مجموعة من المخرجين المغاربة. كذلك عُرص في قسم «أيام فينيسيا» فيلم المخرج اللبناني «فيليب عرقتنجي» «تحت القصف». وإلى جانب جائزة كشيش، فازت أيضاً الممثلة المغربية الشابة حفصية حرزي بجائزة أحسن ممثلة شابة عن «كسكس بالسمك».

أما في الدورة رقم 68 من مهرجان فينيسيا - والتي عقدت عام 2011 - فكانت تحمل خصوصية ذلك العام حيث اندلاع ثورات الربيع العربي، وأتاح المنظمون للمهرجان الإيطالي العريق الفرصة للسينما العربية لكنها كانت خارج المسابقة الدولية، وإن اختارت إدارة المهرجان أن تشرك العرب هذه الأحداث باشراك فيلمين لسوريا وهما "النهاية" و"طلائع" إلى جانب "حاضنة الشمس" الذي عُرض في برنامج "آفاق". كذلك فاز فيلم التحرير 2011 / الطيب والشرس والسياسي/ إخراج تامر عزت وآيتين آمين وعمرو سلامة بجائزة المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" والتي تحمل اسم السينمائي الإيطالي الشهير "انريكو فولشيانوني" التي تمنحها لجنة تحكيم خاصة لأحسن فيلم وهي الجائزة الوحيدة للمنظمة في مهرجان دولي.

العرب والتحكيم

في دورة البندقية التاسعة والخمسين عام 2002، وللمرة الأولى تم اختيار ناقد سينمائي عربي هو اللبناني الراحل غسان عبدالخالق لرئاسة تحكيم مسابقة «ضد التيار»، وفي عام 2003 كان الناقد المصري الراحل سمير فريد عضو لجنة التحكيم بمسابقة «ضد التيار» أيضاً، بينما ترأس يوسف شاهين لجنة تحكيم مسابقة العمل الأول والثاني عام 2004، والتي منحت في ذلك العام لفيلم «الرحلة الكبرى» للمخرج إسماعيل فروخي (إنتاج مغربي -فرنسي). وفي عام 2007 اشتركت ثلاث مخرجات عربيات في لجان التحكيم المختلفة بالبندقية، هن هالة العبدالله في برنامج «آفاق»، واللبنانية رندة شهال صباغ في مسابقة العمل الأول، والمغربية ياسمين قصاري في مسابقة الأفلام القصيرة.

وفي عام ٢٠١٤ أي في دورته رقم ٧١ كان المخرج الفلسطيني إيليا سليمان عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التي تمنح جائزة الأسد الذهبي وجوائز أخرى، وهذا العام في الدورة الخامسة والسبعين تم اختيار السيناريست محمد حفظي كعضو لجنة تحكيم مسابقة آفاق (ORIZZONTI).

موقع "مصراوي" في

28.08.2018

 
 

مواجهة سينمائية بين فلسطين وإسرائيل على شاشة مهرجان فينيسا

كتب ــ خالد محمود:

محمود درويش حاضر بـ«رسالة إلى صديق فى غزة» ومأساة لاعب سلة فى فيلم «مفك» وصراعات المصالح فى «ترام فى القدس»

مواجهة خاصة بين السينما الفلسطينية والإسرائيلية تشهدها شاشة مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى فى دورته الـ 75 التى تقام فى الفترة من 29 أغسطس إلى 8 سبتمبر المقبل، رغم الفارق بينهما فى الاعمال المشاركة، حيث تحضر فلسطين بفيلمين بينما هناك اربعة افلام إسرائيلية.

ففى مسابقة «أيام فينيسا» يشارك المخرج الفلسطينى بسام جرباوى بفيلم «مفك»، وهو فيلمه الروائى الاول، بطولة زياد بكرى، عرين عمرانى جميل خورى، ويروى الفيلم قصة لاعب كرة السلة الشاب زياد فى مخيم الجلزون للاجئين فى فلسطين، عندما يقتل صديقه بالرصاص على يد القوات الإسرائيلية، يحاول زياد وزملاؤه اغتيال مستوطن إسرائيلى. يتم القبض على زياد وسجنه، وتعذيبه قبل أن يطلق سراحه بعد 15 سنة. فى الفيلم الذى تدور اجواؤه فى اطار رعب نفسى يناضل زياد من أجل التأقلم مع عالمه الجديد الفوضوى ومع الحياة فى بلده، حيث يعانى من الاضطراب العقلى وبمرور الوقت، تمتزج هلاوسه بالواقع فيُعتقل من جديد ويعود إلى السجن، ولم يخفف من اضطرابه قصة حبه لسلمى وهى فتاة من المخيم.

وفى قسم «آفاق» الذى يعد احد الاقسام المهمة بالمهرجان يشارك المخرج الفلسطينى سامح زعبى بفيلم «تل أبيب تشتعل»، والذى تتناول احداثه سلاما فلسطينيا يبلغ من العمر 30 عاما يعيش فى القدس، يعمل كمتدرب فى مسلسل «تل أبيب على النار» الذى تنتجه رام الله، يجب على سلام فى كل يوم المرور عبر نقطة تفتيش إسرائيلية شاقة للوصول إلى استوديوهات التلفزيون، ويلتقى مع قائد نقطة التفتيش، وهنا يبدأ الصدام الكبير والتى يشترك فيها الضباط وجمهور المعجبين بالمسلسل.

وخارج المسابقة هناك فيلمان للمخرج الإسرائيلى آموس جيتاى، الأول تسجيلى بعنوان «رسالة إلى صديق فى غزة»، هو إنتاج مشترك بين إسرائيل وفرنسا وألمانيا وبلجيكا، ويطرح الفيلم مجموعة من الاشكاليات والتساؤلات حول النظرة للاخرين واهمالهم، وكيف يغرق البعض فى الاختيار للانسجام مع قطيع الاشرار، وما هو المصير الذى يمكن أن يصلوا اليه قبل ان يصاب بالصدمة ازاء ما فعله آباؤهم وأجدادهم وتوقفوا عن تقليدهم. كما يطرح الفيلم السماح بدقيقة من التفاؤل قبل أن يفوت الاوان ويستعين الفيلم بقصيدة الشاعر الكبير محمود درويش «فكر بغيرك».

والفيلم الثانى روائى هو «ترام فى القدس» والذى يحكى قصصا وأوضاعا إنسانية فى سياق المجتمع الفلسطينى الإسرائيلى الحالى فى عام 2018. فى القدس، يربط الترام العديد من الأحياء، من الشرق إلى الغرب، بتسجيل تنوعها واختلافها. يجمع الفيلم فسيفساء كاملة من البشر تتكشف فى هذه المدينة التى هى أيضا المركز الروحى للديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام. يرصد الفيلم الحياة اليومية لهذا المشهد الإنسانى، عبر سلسلة من اللقاءات التى تجرى على طول الخط الأحمر بين الركاب من الأحياء الفلسطينية فى شعفاط وبيت حنينا فى القدس الشرقية إلى جبل هرتزل فى القدس الغربية. وخلال هذه الرحلة يكشف الواقع الإنسانى للقدس من الصراعات والمصالحات واستخلاص الكراهية.

وفى نفس القسم هناك فيلم إسرائيلى ثالث للمخرج يارون شاناى بعنوان «تعرى أو «Stirpped، والفيلم يرصد المصاعب التى تواجهها إليسا التى تبلغ من العمر 34 عاما بعد نجاحها فى عالم الأدب حيث تتكاثر صور الاغتصاب من الاعتداء الجنسى لها وتزداد نوبات الهلع، فى المبنى المقابل للشارع، يعيش زيف البالغ من العمر 17 عاما مع والديه. إنه شاب موهوب يحلم بأنه موسيقى محترف عند مغادرته للجيش، ويظل حزينا وضعيفا، ويخرج من أحلامه وبراءته

وأعلن المهرجان عن وجود فيلم إسرائيلى رابع سيعرض فى أحد الاقسام يتم الكشف عنه خلال هذا الاسبوع.

الشروق المصرية في

28.08.2018

 
 

غدًا.. انطلاق الدورة الـ75 من مهرجان فينسيا السينمائي

كتبت- بوسي عبد الجواد

تتجه أنظار العالم صوب الدورة الـ75 من مهرجان فينسيا السينمائي المقرر انطلاقها غدا وتستمر حتى 8 من سبتمبر القادم.

وكانت الدورة قد تعرضت لانتقادات لاذعة قبيل انطلاقها، بسبب مشاركة فيلم واحد فقط من صنع النساء، ما يعني أن المهرجان فشل في إنصاف المرأة في الوقت الذي سعت فيه العديد من المهرجانات العالمية بتطبيق المساواة بين الجنسين في صناعة السينما.

بعيدا عن الانتقادات، أثبتت المؤشرات الأولية أن الدورة هذا العام ستكون استثنائية، بسبب عودة المخرجين الكبار الذي نجحوا خلال السنوات الماضية في تشكيل السينما بأفلامهم التي حصدت على جوائز الأوسكار، أبرزهم المخرج مايك لي ، وبول جرينجراس ، والأخوين كوين ، ولوكا غوادانيو - وأورسون ويلز، وامرأة واحدة فقط وهي المخرجة الأسترالية جينيفر كينت.

ويعود في هذه الدورة المخرج داميان تشازيل، الذي نجح فيلمه الأخير "اللا لا لاند" في الحصول على نصيب الأسد من جوائز المهرجانات العالمية اهمها الأوسكار، بفيلم "الرجل الأول".

وتسنح دورة هذا العام الفرصة لشركتي نتفليكس وأمازون من مشاركة أفلامهم في المسابقة الرسمية للمهرجان بعد حرمانها من المنافسة على السعفة الذهبية في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي.

الوفد المصرية في

28.08.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)