كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ضجة في المغرب حول ترشيح فيلم لجائزة «الأوسكار» بسبب اتهامات بالتحايل و«الفهلوة»

الطاهر الطويل

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2018)

   
 
 
 
 

الرباط ـ «القدس العربي» : تشهد الساحة الفنية المغربية حاليا ضجة كبيرة، بسبب اختيار فيلم جديد للمخرج والمنتج نبيل عيوش للمشاركة في الدور التمهيدي لجائزة «الأوسكار» الأمريكية لأفضل أجنبي. ويعود سبب الضجة إلى اتهام اللجنة التي أشرفت على عملية الانتقاء بالزبونية والشللية وتغليب العلاقة الشخصية، وكذلك إلى كون الفيلم لم يُعرض بعد في القاعات السينمائية، مثلما تنص على ذلك قوانين المسابقة العالمية المذكورة.

وذكر مصدر إعلامي أن وزير الثقافة والاتصال (الإعلام) المغربي، محمد الأعرج، سيفتح تحقيقا في الموضوع الذي أثار غضب واحتجاج العديد من السينمائيين المغاربة وأجهزتهم المختصة، ومن ضمنها «الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام». كما كتب نقاد مقالات يسخرون فيها من الطريقة التي تم بها ترشيح الفيلم المذكور. وكان المركز السينمائي المغربي أعلن، نهاية الأسبوع الماضي، عن اختيار فيلم «غزية» لمخرجه نبيل عيوش، لتمثيل السينما المغربية في تصفيات جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. وأشرفت على الاختيار لجنة ترأسها الكاتب والتشكيلي ماحي بينبين، وتشكلت من المخرجة زكية الطاهري والممثلة والمخرجة سامية أقريو والموزعة السينمائية ومستغلة القاعات منية العيادي والموزعة السينمائية سهام الفايدي والناقد السينمائي عمر بلخمار، بالإضافة إلى خديجة فضي ممثلة المركز السينمائي المغربي.

ويتوقع أن يثير الفيلم الجديد، عند بدء عرضه في القاعات السينمائية مطلع العام المقبل، جدالا مشابها للفيلم السابق للمخرج نفسه «الزين اللي فيك» الذي تضمن مشاهد وصفت بالصادمة لطابعها الجنسي، حيث أفاد موقع إخباري أن فيلم «غزية» ممنوع على أقل من 16 سنة لما يتضمنه من مشاهد جريئة، وذكر المخرج عيوش أن الفيلم يتطرق لموضوع الظلم الاجتماعي في المغرب، ويتناول قصصا وقعت بين سكان الأحياء اليهودية الغنية والفقيرة في الدار البيضاء.

وأصدر المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام في المغرب بيانا جاء فيه: «أشرقت شمس المركز السينمائي المغربي مجددا على فضيحة أخرى من سلسلة الفضائح التي أفرزها التسيير الإداري التسلطي الانفرادي غير الديمقراطي والذي يخرق بشكل سافر القانون المنظم للقطاع السينمائي. وتتمثل الفضيحة في الطريقة الغريبة وغير القانونية التي عينت بها لجنة اختيار الفيلم الذي يمثل المغرب في جوائز الأوسكار الأمريكية.» وفسّر البيان ذلك الخرق بالقول إنه «تم اختيار أفراد غير منتمين لأية غرفة أو هيئة مهنية، في حين ينص القانون بوضوح على ضرورة إشراك الغرف والهيئات المهنية. كما تم اختيار أشخاص، وبنيّة مبيتة، لهم علاقات عمل مباشرة مع منتج الفيلم الذي تم اختياره، رغم عدم استجابته لشرط العرض الرسمي في القاعات السينمائية.»

وأضاف البيان أنه «تعميقا للكارثة، تم تقديم شهادة منحتها عضو في اللجنة، تقول زورا إن الفيلم تم عرضه لمدة أسبوع في إحدى القاعات السينمائية بمراكش، في حين يعلم الجميع أن الفيلم المعني لم يقدم له إلى حد الآن أي عرض عمومي في المغرب.

ولذلك، فالغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام تحتج مجددا على الاستمرار في سياسة إقصاء الغرف والهيئات المهنية، وتطالب باتباع سياسة تشاركية، كما هو منصوص عليه في القوانين المنظمة للقطاع، سياسة تعتمد الشفافية والديمقراطية والحكم الجيد، كما تطالب وزير الثقافة والاتصال بإجراء تحقيق حول الخروق التي تشوب تسيير المركز السينمائي المغربي منذ ثلاث سنوات والتعقيدات الإدارية المجحفة التي جعلت الإنتاج السينمائي الوطني يتراجع بشكل ملحوظ، بحسب البيان.

تحايل و«فهلوة»

وتحت عنوان «علي بابا وعصابة الأوسكار»، روى الإعلامي جمال الخنوسي (مدير موقع إحاطة») تفاصيل «سرقة» نبيل عيوش ترشيحه لأشهر جائزة سينمائية في العالم، حيث استهل الكاتب مقاله قائلا: «هي حكاية فهلوة وتحايل، وقائعها تشبه أفلام المافيا والعصابات أو مسلسلات دسائس السياسيين الخسيسة، كما هي حكاية مصغرة تعكس ما يحدث على مستوى أكبر من فساد وعلاقات مشبوهة وشللية. شبكات تنسج خيوط المؤامرات والمصالح المشتركة، هدفها فتح الأبواب وتعبيد الطريق والربح الذاتي السريع والفائدة اللحظية، والسطو على كل شيء دون وجه حق».

وكشف الإعلامي المذكور عن وجود ما أسماه بـ«المؤامرة» التي تمثلت في اختيار أعضاء لجنة تربطهم علاقات إنسانية مالية أو مصالحية مع مهندس المؤامرة والمستفيد الرئيسي منها، المنتج والمخرج نبيل عيوش.

وفصّل القول في ذلك قائلا إن رئيس اللجنة ماحي بنبين تربطه وعيوش علاقة وثيقة جدا، إذ يشتركان في المجمع الثقافي «نجوم سيدي مومن» في الدار البيضاء، كما أن فيلم عيوش «يا خيل الله» مقتبس من رواية للكاتب ماحي بنبين، وابنة رئيس اللجنة (دنيا) تلعب دورا في فيلم «غزية» المرشح للأوسكار. 

أما المخرجة والممثلة سامية أقريو (عضو اللجنة) فقدمت المسلسل التلفزيوني «سر المرجان» من إنتاج شركة يملكها نبيل عيوش خلال موسمين، كما أنتج نفس المنتج والمخرج كبسولة «نجمة وقمر» لسامية أقريو. 

يضاف إلى ذلك أن الممثلة والمخرجة زكية الطاهري (وهي الأخرى عضو اللجنة) سبق لها أن أخرجت سلسلة «دور بها آلشيباني» التي أنتجها نبيل عيوش عبر شركته العملاقة. 

وأوضح الإعلامي المغربي أن فيلم «غزية» لم يُعرض في مدينة مراكش لمدة أسبوع، خلافا لشهادة إثبات أدلت بها منية العيادي، مالكة قاعة سينمائية في مراكش وهي في الوقت نفسه عضو لجنة الانتقاء. وتحدى المعنية بالأمر أن تقدم دليلا ماديا ملموسا على ذلك الادعاء.

وخرج الخنوسي بخلاصة مفادها أن «العملية كلها تحايل كبير على القانون وعلى المغاربة وعلى أكاديمية الأوسكار… فهلوة الهدف منها تلميع صورة نبيل عيوش الذاتية في الخارج فحسب، لأن الجميع يعلم أن الفيلم المغربي ليست له حظوظ في الأوسكار حيث تلعب لوبيات الشركات الكبرى والموزعين دورا كبيرا… هذا التلميع لا يحتاجه المخرج المذكور في الداخل، لأن لا أحد يجادل في كونه من أهم المخرجين المغاربة، لكن هذا لا يعني فرش البساط الأحمر أمام التحايل واستباحة كل شيء في البلد للأقوى والأكثر نفوذا، والمراهنة على جهل الناس وعلى تواطؤ المسؤولين وعلى رأسهم مدير المركز السينمائي المغربي».

«غزية» عيوش الذي لا يمثلني!

هكذا اختار الإعلامي والناقد السينمائي بلال مرميد، مقدم برامج في قناة وإذاعة «ميدي1»، أن يدلي بدلوه في الموضوع، حيث صاغ مقالا مما ورد فيه: «هل فعلا نحتاج في بلدنا إلى تكوين لجنة لاختيار الفيلم الذي يمثلنا في الدور التمهيدي للأوسكار؟ لماذا نحتفظ بالعادات السيئة و نلفظ تلك الجيدة؟ وهل نحسن اختيار من يختارون الفيلم الذي يمثلنا، أم أننا نمنح الفرصة لأي كان لكي يقوم بأي شيء بطريقة تبعث على الريبة؟ لجنة انتقاء يرأسها التشكيلي و الروائي و الفنان ماحي بينبين، الذي سبق واشتغل نبيل عيوش على روايته «نجوم سيدي مومن» ليخرج شريطه «يا خيل الله»، و تضم في عضويتها أناسا أحترمهم كأشخاص لكن أول عابر سبيل سينتبه إلى قربهم من نبيل عيوش. حتى ولو كانت صدفة، فالصدف في هذا المجال مرفوضة ولا مكان لها».

وتابع مرميد قائلا: «هل تعلمون بأن الفيلم الذي سيمثلكم لم يشاهده لحد الآن مهنيون ولا عارفون بالميدان؟ وهل تعلمون بأن العروض التقنية المغلفة بطابع تجاري في إحدى قاعات مراكش التي توجد المشرفة عليها ضمن اللجنة، لا تمنح الشرعية الأخلاقية على الأقل لاعتبار الأمر سليماً؟ هل تعلمون أن فرنسا التي تستحق صناعتها السينمائية تكوين لجنة للاختيار عقدت جلسة أولى تم خلال انتقاء ثلاثة أفلام عرضت لأول مرة في «كان» وسيتم الحسم بكل شفافية ووضوح في جلسة ثانية؟ ثم هل تعلمون أنه لجنتهم تقودها رئيسة لجنة التسبيق على المداخيل عندهم وتضم في عضويتها «تييري فخيمو» العقل المدبر في مهرجان «كان» و«جون پول سالومي» ورئيس أكاديمية السيزار، ثم الكبير «سيرج توبيانا»؟ هل تعلمون بأننا هنا لا نقارن، بل ننبه إلى أن من يختار طريق اللجان يجب أن يكون عارفاً بمن لديه الأحقية ليكون حاضراً في هذه اللجان؟». 

وتوالت التساؤلات: «هل تعلمون أنه في مصر، ولو أن حالهم ليس أفضل بكثير من حالنا، لجنتهم تضم علي بدرخان وطارق الشناوي وعمر عبد العزيز وسعيد شيمي؟ هل تعلمون بأنه كان بالإمكان اختيار شريط نبيل عيوش الذي لم يشاهده المعنيون في البلد الذي سيمثله، دون الدخول في كل هاته المتاهات التي تخلق التوتر وتزرع الشك؟ وهل تعلمون أن الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون ليست هي «الفيفا»، وستقبل بدون حرج اقتراح المركز السينمائي ما دام الأمر يتعلق بدور تمهيدي؟ الأكاديمية هناك لا وقت لها لكي تضيعه في متابعة فصول تكويننا للجان عجيبة، وكثيرة هي البلدان التي يلجأ القائمون على سينماها لانتقاء شريط دون تكوين لجان شكلية. 

وخاطب الناقد السينمائي المخرجَ نبيل عيوش قائلا: «أحترم أفلامك، وفي المرة المقبلة رجاء اختر شريطك بنفسك ليمثلك ويمثل البقية ما داموا يتقنون الصمت. شخصياً، بالطريقة التي تم بها الأمر، فأنت لا تمثلني، بل فرضك القرار غير السليم للمركز السينمائي عليّ وعلى غيري.» واعتبر أنه صار لهذه المؤسسة العمومية هدف واحد هو «تصفية السينما».

رأي المؤسسة

أما المدير العام للمركز السينمائي المغربي، صارم الفاسي الفهري، فنفى وجود أي مشكل مع اللجنة التي اختارت الفيلم المشار إليه، ما دام فيلم «غزية» لم يكن الفيلم الوحيد الذي عرض أمام اللجنة، حيث جرى التصويت على عشرة أفلام قبل أن يقع الاختيار على «غزية». 

وجوابا على سؤال طرحه عليه موقع إلكتروني حول وجود أشخاص في اللجنة ذوي صلة بالمخرج المذكور، قال المسؤول المعني بالأمر إنه إذا كنا سنراعي في تشكيل اللجان من هو الصديق ومن هو العدو فإننا لن نصل إلى أية نتيجة.

####

وزيرة الثقافة الإسرائيلية تشن هجوما على فيلم إسرائيلي مرشح للأوسكار

القدس – أ ف ب:

أثار فيلم «فوكستروت» الاسرائيلي المرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، الأربعاء استياء وزيرة الثقافة ميري ريغيف، الذي اعتبرته اهانة للجيش.

ويحكي فيلم «فوكستروت» الحائز جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الرابعة والسبعين من مهرجان البندقية السينمائي خلال الشهر الحالي، قصة حِداد على خلفية جيلين من الإسرائيليين أثرت فيهما الخدمة العسكرية الالزامية في الجيش، وعن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وفاز الفيلم، الذي أخرجه الاسرائيلي شموئيل ماعوز الثلاثاء بجائزة الأكاديمية الإسرائيلية للافلأم «أوفير»، ما يسمح بترشيحه الى جوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي. ونددت ميري ريغيف بهذا الخيار. وهي حملت على الفيلم مع انها اقرت بانها لم تشاهده. ويظهر في أحد مشاهد الفيلم جنود اسرائيليون يقتلون فلسطينيا بريئا في لحظة ذعر. ويقوم ضابط لاحقا بطمس هذا الخطأ. واتهمت الفيلم بالترويج لـ «تهمة الدم» وهي اتهامات وجهت الى اليهود في القرون الوسطى بقتل الاطفال المسيحيين لاستخدام دمائهم في طقوس مختلفة. ولطالما أثارت شخصية ريغيف التي شغلت في السابق منصبا في الرقابة العسكرية، الجدل بسبب هجماتها المتكررة على الوسط الفني الاسرائيلي الذي يرتبط تقليديا باليسار. ولم توجه لها دعوة لحضور حفل توزيع الجوائز الثلاثاء. وريغيف عضو في حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة اليمينية الاكثر تشددا في تاريخ الدولة العبرية. 

وقالت ريغيف في شريط فيديو نشرته على صفحتها الخاصة على فيسبوك «بصفتي وزيرة ووالدة خدمت في الجيش الاسرائيلي، اشعر بالخجل لحصول فيلم كهذا على جائزة مرموقة للغاية». 

واتهمت ريغيف الفيلم ب «التشهير» و»الكذب» فيما يتعلق بالجيش الاسرائيلي.

وكانت ريغيف اثارت جدلا قبل اشهر بسبب فستان ارتدته في مهرجان كان السينمائي في فرنسا كان عليه صورة قبة الصخرة في القدس الشرقية المحتلة.

وسبق لمخرج الفيلم ان نال جائزة في مهرجان البندقية العام 2009 عن فيلم «لبنان» الذي يظهر فظائع الحرب من منظار جهاز تصويب في دبابة اسرائيلية خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان العام 1982.

القدس العربي اللندنية في

21.09.2017

 
 

الترشيحات المصرية للأوسكار: فضائح متتالية

أحمد شوقي علي

في أحد المشاهد من فيلم "حين ميسرة"، يدخل الممثل عمرو عبد الجليل في شجار مع بعض الصِّبية حول لافتة انتخابية، لكنه ينجح في الظفر بها، قبل أن يمنحها إلى "الترزي" ليفصل له من قماشها ألبسة داخلية. ويبدو هذا المشهد –رغم تواضع الفيلم- صالحًا لتجسيد العراك الدائر في القاهرة بين السينمائيين، عقب الإعلان عن اختيار فيلم "شيخ جاكسون"، لتمثيل مصر في منافسات جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي (ناطق بغير الإنكليزية).

ويتشابه المشهد مع العراك، فيما يرمز إليه نصه الحواري، الذي يبدأ بصراخ عبد الجليل، المعتد بتفوقه عمريًا على الأطفال، قائلاً لهم: "حاسب ياض.. حاسب يلا.. اليافطة ديه من أول ما اتعلقت، وأنا قايل هاخدها بعد الانتخابات ما تخلص.. هات يابن الحرامية أنت وهو.. خد ياعم رزق فصّل لي ديه لباسين". فهناك شعور يسيطر على المخرجين كبار السن، بأحقيتهم -نظرًا للأقدمية- عن غيرهم من الشباب في الترشح للمنافسة على جائزة عالمية مثل الأوسكار، حتى وإن كان ذلك الترشح لا يعني شيئًا، ولا يضمن حظوظ أفلامهم في تخطي التصفيات الأولية للمسابقة، التي تشارك فيها أفلام من نحو 80 دولة.
فمجدي أحمد علي، مخرج فيلم "مولانا"، والذي لم يحز فيلمه بطاقة الترشح، لم يكفّ عن اتهام لجنة الاختيار التي شكلتها نقابة السينمائيين المصريين، بالمحاباة لفيلم "شيخ جاكسون" للمخرج عمرو سلامة. فبالرغم من أن اللجنة كانت تختار من بين أكثر من أربعين فيلماً، إلا أنه الوحيد الذي لم يكف منذ إعلان نتيجة الاختيار (في 11 أيلول/سبتمبر الجاري)عن الطعن في نزاهة اللجنة، والتحشيد ضدها في العديد من اللقاءات الصحافية والتلفزيونية، التي يجريها يوميًا في دأب ملفت، مهددًا في بعضها بتصعيد الموقف للأكاديمية ذاتها.

ولا يبدو أداء أحمد علي، بعيداً مما قام به المخرج الراحل محمد خان، في مناسبة مماثلة، وإن كان موقع الأخير معكوسًا. ففي العام 2014، اختير فيلم خان "فتاة المصنع"، للمشاركة في المسابقة ذاتها، إلا أنه خضع لإعادة التصويت بعد اكتشاف المحكّمين خطأ إدارياً أدى لسقوط فيلمي "فيلا 69" للمخرجة الشابة أيتن أمين، و"فرش وغطا" للمخرج الشاب أحمد عبدالله، لكن اختيارهم وقع للمرة الثانية على فيلم "فتاة المصنع". ولم يكن هذا الانتصار كافيًا لإرضاء غرور المخرج الكبير، الذي نشر تدوينة عبر حسابه الفيسبوكي، يحط فيها من شأن منافسيه، بل قال إنه "كانت هناك محاولة بائسة لإيقاف اشتراك فيلم "فتاة المصنع" فى مسابقة الأوسكار، حيث اشتكى مخرج من أن لجنة اختيار الأفلام لم تشاهد فيلمه الذي تقدم به، والواقع أن هذا حدث بفعل خطأ غير مقصود من موظف تلقى من منتج ملف واحد يشمل 3 أفلام من إنتاجه للعرض على لجنة الاختيار، ولم يراع المخرج المغمور ضغط ضيق الوقت قبل أن يُغلق باب الاشتراك، وبالفعل عُقد اجتماع لمراجعة الأفلام المتقدمة ومن ضمنهم فيلم المخرج، ورشحت غالبية الاعضاء فيلم "فتاة المصنع" للاشتراك فى الأوسكار، ما نفتقده اليوم هو الروح الرياضية واحترام الزمالة، وارجع وأقول فرق أجيال".

وبالرغم من ذلك لم يستطع فيلم خان، تخطي المنافسة الأولية للمسابقة، ولم يصل إلى قائمتها الطويلة، وهو الأمر نفسه الذي لا يضمنه مجدي أحمد علي، إن كان فيلمه قد ترشح، فأي مجد قد يعود عليهما من مجرد الإعلان محليًا عن ترشح فيلميهما؟

في الوقت نفسه، لا تبرر تفاصيل العراكَين، أداء المُخرجَين، وإنما تضعه في مقابل أداء آخر للجان الاختيار المصرية، لا يقل عبثًا عنه.

ففي الواقعة الأولى، والخاصة بفيلم "فتاة المصنع"، حدث أن اجتمع 10 من أعضاء لجنة الاختيار، المكونة أساساً من 17 سينمائياً وناقداً، للاختيار بين ثلاثة أفلام لترشيح واحد منهم للجائزة، وهي: "لا مؤاخذة" لعمرو سلامة، و"الفيل الأزرق" لمروان حامد، و"فتاة المصنع" لمحمد خان. وبعد إعلان النتيجة بترشيح الأخير، تقدم محمد حفظي منتج فيلم "لا مؤاخذة" باعتراض لدى اللجنة، أشار فيه إلى أنه شارك بفيلمين آخرين إلى جانب "لا مؤاخذة"، لكنهما لم يدخلا في قائمة الأفلام التي تم التصويت عليها. حينها بررت نقابة السينمائين الأمر باعتباره خطأ إدارياً، تسبب فيه الموظف الذي تسلم ملف التقدم من حفظي، والذي كان يضم عناوين ثلاثة أفلام، فاكتفى بإضافة الفيلم الأول وأغفل الباقي، وقررت إعادة التصويت، غير أن ضيق الوقت الذي أشار إليه خان في تدوينته، يكشف إهمالاً لا يقل فداحة عما ارتكبه ذلك الموظف الغافل. إذ أوضح حفظي في رده على تدوينة صاحب "سوبر ماركت"، أن "النقابة لم تكن على علم بمواعيد ترشح الفيلم المصري، واتصلت بالسيد النقيب وأرسلت اليه العنوان الإلكترونى للأكاديمية لمراسلتهم"، لذلك فإن الموعد الذي أتاحته النقابة أمام المنتجين للتقدم بأفلامهم كان يومًا واحدًا فقط لا غير!

وتنص لائحة الأوسكار أن تكون الجهة المنوطة بترشيح الأفلام للمشاركة في مسابقتها، غير حكومية. ويوضح الناقد طارق الشناوي، في مقال نشرته "المصري اليوم" تحت عنوان "حلم الأوسكار"، أن المركز الكاثوليكي للسينما كان المنوط بهذه المهمة، قبل أن يقرر وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، في العام 2004، تشكيل لجنة برئاسة الكاتب محمد سلماوي للقيام بها، لكن تلك اللجنة كثيرا ما كانت تنسى موعد التقدم للأوسكار، فتضيع على مصر فرصة المشاركة فيها، لذلك أسندت المهمة في السنوات الخمس الأخيرة إلى نقابة السينمائيين!

وتطالب الأوسكار، الدول المشاركة، بإرسال ترشيحاتها، بين 1 أكتوبر و30 سبتمبر من العام التالي. ويبدو أن اللجنة التي كونتها نقابة السينمائيين هذا العام، من 25 شخصية، قد تنبهت أخيرًا إلى أهمية عنصر الوقت بالنسبة للمرشحين، فقررت الاجتماع أول الشهر الجاري لاختيار الفيلم المرشح. وفي السابع من سبتمبر، اجتمعت اللجنة بحضور 20 من أعضائها، لتتخذ قرارًا بتأجيل التصويت لنهاية الشهر، وذلك "لإفساح مجال أكبر لأعضاء اللجنة لمشاهدة الأفلام التي عُرضت في عيد الأضحى، بجانب الأفلام الأخرى التي ستعرض حتى نهاية سبتمبر"، بحسب بيان صادر عنها في اليوم نفسه. ذلك أن لائحة الأوسكار تنص على ضرورة أن يُعرض الفيلم تجاريًا لمدة سبعة أيام متتالية في دور العرض، قبل يوم 30 سبتمبر، وعليه فقد أصدرت اللجنة بياناً ثانياً بعد ثلاثة أيام من اجتماعها الأول، طالبت من خلاله شركات الإنتاج السينمائي التي حجزت عرضاً لإنتاجها السينمائي في دور العرض قبل انتهاء شهر سبتمبر 2017، بسرعة مخاطبة النقابة بالفيلم حتى يُدرج في قائمة الأفلام المصرية التي ستقوم اللجنة الفنية في اختيار واحد منها للمشاركة فى مسابقة الأوسكار. وهكذا، إُدرج فيلم "شيخ جاكسون"، الذي قُدم موعد عرضه الجماهيري ليكون في يوم 26 سبتمبر بدلاً من 1 أكتوبر، وذلك لاستيفاء شرط الترشح.

وفي 11 سبتمبر الجاري، أي بعد يوم واحد من دعوة النقابة السينمائيين للتقدم بأفلامهم، وبعد 4 أيام فقط من اجتماعهم الأول الذي سبق وأعلنوا خلاله عن تأجيل التصويت لنهاية الشهر، عقدت اللجنة جلستها التحكيمية النهائية، والتي خصص خلالها عرض خاص لفيلم "الشيخ جاكسون"، تلاه التصويت على الأفلام في مرحلتين، ففاز "الشيخ جاكسون" بـ17 صوتاً، مقابل 5 أصوات لفيلم "مولانا"!

شاركت مصر خلال الستين عامًا الماضية، هي عُمر الجائزة، 33 مرة، ولم تصل أفلامها للقائمة الطويلة للمسابقة، غير مرة واحدة فقط، وذلك في العام 2003، عبر فيلم "سهر الليالي" الذي فشل في الوصول إلى القائمة النهائية التي تنافس فعليًا على الجائزة، والتي غالبًا ما تضم خمسة أفلام فقط. ولعل هذا التوق للوصول إلى تلك المرحلة من المنافسة، يفسر العنوان الرومانسي الذي صاغه طارق الشناوي –أحد أعضاء لجنة الاختيار الأخيرة- لمقاله المنشور قبل يوم واحد من اجتماعه برفقائه لإعلان الفيلم المختار، كما يفسر الأسباب التي دعت النقابة إلى تشكيل جيش مكون من 25 من أرباب مهنة السينما للاضطلاع بهذه المهمة الوطنية.

واتساقًا مع ذلك العبث كله، فإننا لن نستطع هذا العام –أيضًا- اجتياز المرحلة الأولى من التصفيات، ليس لأن فيلم "فتاة المصنع" كان عادي المستوى، أو لأن "مولانا" فيلم متواضع القيمة، أو لأن المخرج عمرو سلامة ينتحل أفلامه من السينما الغربية.. بل سنفشل لأننا بهذا العراك كله نستجلب معاكسة القدر، أو أننا بالتعبير المصري الدارج: بنقاطع!

المدن الإلكترونية في

23.09.2017

 
 

«شيخ جاكسون» والأوسكار: نصف قرن من أوهام السينما المصرية

إسلام حامد

أعوام طويلة تغير فيها نظام الحكم في مصر أربع مرات، وتطور صُنَّاع فنونها على الورق فقط، بينما تحولت السينما فيها من الإنتاج المتنوع الغزير إلى الكلام الواحد الغزير، منذ هزيمة 1967، والإدارة شخصية، والنجاح شخصي، والحقوق شخصية. بلد ألقت مؤسساتُها القانونَ واللوائحَ والمعاييرَ المحايدة في نهر النيل، ورسخت للتحكم الفردي لصاحب السلطة، فانسحبت القيمة من الفنون، وفُتح الباب على آخره لفن غير صالح للاستهلاك الآدمي، وأصبحت الاتفاقات والتربيطات والوساطة هوية لا يجوز التنازل عنها.

لكن لنبدأ من نقطة الاعتراف.

في حوار تلفزيوني للمخرج حسام الدين مصطفى عام 1971، اعترف أنه لفَّ على منازل أعضاء لجنة ترشيح الأفلام المصرية للأوسكار ليختاروا فيلمه «امرأة ورجل»، وبالفعل اختارته اللجنة من بين 44 فيلمًا.

نعم، أنتجت مصر في عام 1971 فقط 44 فيلمًا، بين إنتاج خاص وحكومي يتمثل في المؤسسة العامة للسينما. معظمها أفلام رديئة سينمائيًّا، ومن المفروض أن لجنةً مسؤولةً عن اختيار فيلم ليمثل مصر في مهرجان الأوسكار، عليها أن تختار الأفضل، فهل كان فيلم «امرأة ورجل» الأفضل؟

ضمن الـ44 فيلمًا التي اختارت منها اللجنة، كانت أفلام «الاختيار» من إخراج يوسف شاهين وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، و«شيء في صدري» من إخراج كمال الشيخ وإنتاج رمسيس نجيب، و«ثرثرة فوق النيل» من إخراج حسين كمال وإنتاج جمال الليثي، و«زوجتي والكلب» من إخراج سعيد مرزوق وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، لكن اللجنة اختارت «رجل وإمرأة» الذي أنتجه إيهاب الليثي لأنه أفضل منها سينمائيًّا، فهل يمكن وصف هذه اللجنة السينمائية بالمحايدة، أم أن الاختيار خضع لقاعدة أخرى؟

الأقربون أولى بالمجهول

تسببت سنوات الخلاص الفردي والتخلص من الهزيمة والبحث عن التحقق الشخصي على حساب الآخرين، والبلد أيضًا، (بين 1967 و1973)، في ترسيخ القبح بكل صوره في جميع المجالات. كان نظام ناصر، الذي أحكم قبضته على المؤسسات بكل أنواعها والفنية خصوصًا، لدرجة تدخل رئيس الجمهورية في إجازة عروض أفلام، قد اهتز وانشغل بلملمة ثوب بلد مزقته صدمة الهزيمة، بعد التباهي بالقوة المطلقة وخطابات التهديد والوعيد العنترية.

لجأ السينمائيون إلى التسلية بكل أنواعها، حتى وصلت إلى التفاهة والقبح، إلا نفر قليل اهتم بالتعبير عن الهزيمة ومحاولة فهم ما يحدث في أفلامه، لدرجة أن مصطفى درويش، مدير عام الرقابة على المصنفات الفنية من أكتوبر 1966 إلى إبريل 1968، قال إنه «أجاز أفلامًا لم يُجِزها أحد غيره لا من قبله ولا من بعده، منها أفلام قليلة مهمة سينمائيًّا، مثل سيناريو «المومياء» إخراج شادي عبد السلام.

الغارق يحرق طوق النجاة

تتسابق المواقع والصحف في الاحتفال وسرد أسماء الأفلام التي ترشحت من مصر، مع خلط واضح بين الترشح الأوَّلي والمنافسة في المرحلة النهائية.

أما نظام السادات فقرر منع كل ما هو جاد كقاعدة رقابية أصيلة، ورحب بكل ما هو سطحي، بل ألغي بعض أنواع الفنون الجماهيرية والتثقيفية، وتوقف إنتاج الدولة السينمائي حتى تتفرغ للحرب، فأصبحت كل مؤسسة منفصلة تمامًا وسيدة قرارها، وأصبح رئيسها الحاكم بأمره، يمنح من يريد ويمنع عمَّن يريد، لتتحول منظومة الفنون إلى الفردية.

من هنا بدأ ميراث إداري ذاتي القرار، أصبح مثل الصدأ الذي يتحول مع الوقت إلى مادة تأكل ببطء. بينما كل أنواع الإصلاح على مر الأعوام السابقة، وإلى الآن، تتلخص فقط في دهان الصدأ دون علاجه. حتى وجود الموجة السينمائية الجديدة في بداية الثمانينيات، متمثلةً في محمد خان وعاطف الطيب ورأفت الميهي وخيري بشارة وداوود عبد السيد، كانت موجة واحدة جادة في بحر من أمواج العنف والمخدرات والجنس والكوميديا السيئة سينمائيًّا، رسَّخت شعارًا مضللًا يقول إن «الجمهور عايز كده»، بعد أن كان «المسؤول عايز كده».

ولأننا نعيش امتدادًا لهذا الإرث السينمائي غير المفهوم، احتفى الإعلام بخبر اختيار فيلم «شيخ جاكسون» للترشح للأوسكار في دورته المقبلة، ودارت معركة مزيفة تعتبر تجليًا لميراث الاحتفاء بالأوهام، بل والإضافة إليها. فمثلًا، أصبح معلومًا عدم فوز فيلم «الناصر صلاح الدين» الذي أخرجه يوسف شاهين بجائزة الأوسكار بسبب الساعة التي ظهرت في يد كومبارس في الفيلم، وصفَّق جمهور الأوسكار لفيلم «القاهرة 30» إخراج صلاح أبو سيف عند عرضه في المهرجان، ووصول فيلم «أم العروسة» إخراج عاطف سالم إلى التصفية النهائية.

تتسابق المواقع والصحف في الاحتفال وسرد أسماء الأفلام التي ترشحت من مصر، مع خلط واضح بين الترشح الأوَّلي والمنافسة في المرحلة النهائية. والمعلومة الثابتة في تاريخنا السينمائي أنه لا يوجد فيلم مصري واحد وصل إلى الترشيح النهائي لجوائز الأوسكار.

الاحتفال بالعادي دليل ضعف

ترشيح دولة لفيلم، فعل سنوي متكرر لا يعبِّر عن أي قيمة، وكل دول العالم لها الحق في ترشيح فيلم واحد أو الامتناع. ومعناه مجرد اختيار لجنة رسمية من الدولة فيلمًا لدخول أولى مراحل التصفية الثلاث، التي لو تخطاها يُرشَّح لجائزة «أحسن فيلم أجنبي»، التي مُنحت للمرة الأولى عام 1956.  

يتعامل معظم الصحفيين المصريين مع جوائز «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة»، أو «أوسكار»، باعتبارها جوائز دولية، والحقيقة الثابتة أن الأوسكار مهرجان أمريكي محلي ولا يحمل أي صفة دولية. والفائز بجوائزه يفوز بجائزة أمريكية. والسبب في ترسيخ فكرة «الدولية» المغلوطة هو ماكينة الدعاية الأمريكية، وسيطرة الإنتاج السينمائي الهوليوودي علي العالم، خصوصًا العالم الثالث.

النزاعات حول اللجنة المسؤولة عن اختيار الفيلم هي التي منحتها أهمية وهمية، وربما هي سبب عدم وصول أي فيلم مصري إلى التصفية النهائية.

المهرجانات «الدولية» هي التي تحظى بعضوية «المؤسسة الفيدرالية الدولية لمنتجي الأفلام»، التي تأسست عام 1933 ومقرها باريس، وتضم 36 عضوًا من 30 دولة، وتمثل مصر فيها غرفة صناعة السينما.

كانت المهرجانات الدولية لا تزيد عن 13 مهرجانًا فقط في العالم كله، لكن مع زيادة عدد المهرجانات وظهور مهرجانات للأفلام التسجيلية والقصيرة، وتغير خريطة العالم باتحاد دول وتقسيم أخرى، أصبح عددها 47 مهرجانًا في عام 2015، قسمتها المؤسسة إلى أربع فئات هي:

متنافسة

متنافسة متخصصة

غير متنافسة

تسجيلية وقصيرة

جوائز الفئة الأولى هي الأهم والأكثر قيمةً في العالم، وتضم 15 مهرجانًا هي:

مواصفات هذه المهرجانات موحدة: لها مدير، ولجنة تحكيم دولية تتغير كل عام، وفئات جوائز ثابتة، يمكن إضافة جوائز أخرى إليها، ولا توجد فيها جائزة للأفلام الأجنبية.

قبول فيلم في المسابقة الرسمية لواحد من هذه المهرجانات هو الحدث الذي يدعو للفخر، وليس الترشح لمهرجان محلييوسف شاهين هو الوحيد الذي حصل على جوائز سينمائية دولية عدة، منها الدب الفضي من مهرجان برلين عام 1979، وجائزة عن مجمل أعماله عام 1997، وفرانسوا كاليه 1999 من مهرجان كان، وجائزة الأمم المتحدة من مهرجان فينسيا عام 2002.

هل ينتج الفراغ إلا الفراغ؟

لمدة تقرب من 50 عامًا، ظلت الجهة المسؤولة عن اختيار الفيلم هي «المركز الكاثوليكي للسينما»، وهو اختيار ليس له تفسير «سينمائي» على الأقل. إلى أن انتزعت وزارة الثقافة، في عام 2004، هذه المهمة بقرار وزاري بتكوين لجنة تابعة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتكون المسؤولة عن اختيار الفيلم. ثم انتزعت نقابة السينمائيين، في عام 2012، مهمة تكوين اللجنة برئاسة النقيب. هذه النزاعات هي التي منحت اللجنة الأهمية الوهمية، فهي لم ينتج عنها أي فائدة للسينما المصرية، وربما هي السبب في عدم وصول أي فيلم مصري إلى التصفية النهائية.

الثبات على المبدأ أهم من المبدأ نفسه

تشترط الأكاديمية في قواعد ترشيح الأفلام للأوسكار أن يكون قد عُرض تجاريًّا من 1 أكتوبر 2016 إلى 30 سبتمبر 2017، لمدة سبعة أيام متتالية.

تشترط أكاديمية الأوسكار أن تكون هذه اللجنة معتمدة وتضم في عضويتها فنانين وفنيين يعملون في مجال صناعة الأفلام السينمائية، ويجب إرسال قائمة بالأعضاء إلى الأكاديمية حتى تعتمدها. فهل كانت اللجنة المسؤولة عن الاختيار (الكاثوليكي ولجنتا الوزارة والنقابة) كل أعضائها يعملون في مجال السينما؟ وهل كان المركز الكاثوليكي للسينما، التابع لمؤسسة دينية، سببًا في عدم قبول أي فيلم مصري من قبل؟ معروف أن نقيب السينمائيين الحالي مخرج تلفزيوني، وفي اللجنة أعضاء لا يتوفر فيهم شرط العمل في المجال السينمائي.

بالطبع لن تبحث الأكاديمية في حقيقة كل عضو في لجنة محلية، وإلا ستبحث في لجان عشرات الدول، لكن الطعن على اللجنة لدى الأكاديمية يجعلها تستبعد الدولة والفيلم. الطعن مفتاح المستبعد.

لا جدوى من قطع طريق طويل للتأكد من وجود سراب في نهايته. ومع ذلك، من حقنا خوض التجربة المتكررة. حددت الأكاديمية قواعد لترشيح فيلم في فئة «أفضل فيلم أجنبي» للدورة المقبلة، وهي:

أن يكون الفيلم قد عُرض تجاريا في الفترة من 1 أكتوبر 2016 إلى 30 سبتمبر 2017، ويكون العرض لمدة سبعة أيام متتالية في دور عرض تجارية تدر ربحًا للمنتج وصاحب دار العرض، تصاحبه حملة إعلانية بطريقة عادية ووفقًا لقواعد التوزيع والإعلان المعروفة في بلده. والفيلم الذي لم يعرض تجاريًّا لن تقبله الأكاديمية. والدولة المرشِّحة للفيلم يجب أن ترسل شهادة مكتوبة بأن الفيلم كان «متاحًا لكل مواطني البلد والمقيمين فيها لمشاهدته»، فهل تتوفر في «شيخ جاكسون» هذه الشروط مهما كان مستواه الفني؟

المعلومة الثابتة أن اللجنة اختارت فيلمًا لم يُعرض تجاريًّا، وهو اختيار غير مفهوم ويفتح أبواب التشكيك واستحضار واقعة «امرأة ورجل»، خصوصًا بعد تضارب التصريحات بالترخيص بعرضه تجاريًّا.

مخرج الفيلم أعلن قبل انعقاد اللجنة أنه سيُعرض تجاريًّا في أكتوبر المقبل، أي بعد مرور الفترة التي حددتها الأكاديمية للعرض التجاري. وبعد اختيار اللجنة للفيلم، قال أحد أعضائها إن الفيلم حاصل على ترخيص للعرض يوم 27 سبتمبر. ثم كتب عضو لجنة آخر أن الفيلم سيُعرض تجاريًّا يوم 23 سبتمبر. بينما امتنع أحد الأعضاء عن التصويت لأنه طلب مناقشة الأفلام المرشحة، لكن غالبية أعضاء اللجنة رفضوا.

لا مفر من استدعاء الميراث

وصلت دول عديدة إلى التصفية النهائية ونافست على الجائزة، مثل الجزائر وفلسطين وموريتانيا والأردن، وحتى ساحل العاج.

برر نقيب السينمائيين التلفزيوني اختيار الفيلم بأنه أجرى اتصالات مع المنتجين للتأكد من عدم وجود أفلام أخرى جاهزة للعرض حتى آخر العام، بل ضم أفلام العيد الكبير إلى الأفلام التي تختار منها اللجنة. المشي حافيًا خير من السعي في حذاء ضيق.

غالبًا، فات على اللجنة أن تمنح الفرصة لفيلمين حصلا على جوائز في مهرجانات أوروبية دولية وعُرضا تجاريًّا في دول أوروبا وحظيا بكتابات نقدية أجنبية إيجابية، ولم يُعرضا في مصر أيضًا، هما «أخضر يابس» و«آخر أيام المدينة»، لكن الخروج على موقف الدولة يطفئ مصابيح الشهرة.ونتيجةً طبيعيةً لاختيار اللجنة وملابسات انعقادها، فُتح باب الاعتراض.

مجدي أحمد علي، مخرج فيلم «مولانا» الذي نافس «شيخ جاكسون» في الاختيار النهائي، أصدر بيانًا قال فيه إن «اللجنة شُكِّلت دون معايير واضحة لاختيار أعضائها، ودون وضع قواعد شفافة للتصويتما موقف اللجنة إذا عُرض فيلم قبل 30 سبتمبر؟ هل ستهدر حق صناعه أو تعيد التصويت أكثر من مرة؟ وهل يمكن هذا بعد التعجل المريب بإبلاغ الأكاديمية بالقرار الباطل؟ نطالب بمناقشة وإقرار كل ما يتعلق بهذه اللجنة، ونرجو سرعة تدارك الموقف وتصحيح الإجراءات».

من بدأ المأساة ينهيها

كتب منتج الفيلم، محمد حفظي: «أحب أطمِّن الجميع إننا عارفين ودارسين كويس اللائحة ومش أول مرة نترشح، وإن شيخ جاكسون سيلتزم بها حرفيًّا»، لندخل في معركة سرابية لا تختلف كثيرًا عن ضجة نسيان اللجنة في عام 2015 ترشيح فيلم للأوسكار، وهو ما وصفه أحد أعضائها وقتها بـ«المهزلة».

ربما يصلح وصف المهزلة أكثر لعدم اجتياز أي فيلم مصري المرحلة الأولى من الترشح، رغم تاريخنا السينمائي وإنتاجنا الضخم طَوَال أكثر من مئة عام سينما، بينما وصلت دول أخرى إلى التصفية النهائية ونافست على الجائزة، مثل الجزائر في أعوام 1995 و2006 و2010، وفلسطين 2005، وموريتانيا 2014، والأردن 2015، بل فازت ساحل العاج بالجائزة عام 1976. ويُسأل عن ذلك كل أعضاء اللجان التي كانت تختار الأفلام، الذين يعلمون جيدًا مراحل ترشح الفيلم. وإذا كانوا لا يعلمون، فيلدرسوا تجارب الآخرين الناجحة. كفانا بحثًا عن اختراع العجلة.

هل استحق الأوسكار الضجة الإعلامية والشروط الصارمة؟ لو فاز فيلم مصري بالجائزة خلال تاريخنا لكانت كل هذه المعارك مبرَّرة.

يخوض الفيلم المرشح من أي دولة ثلاث مراحل في سرية تامة:

تشاهد لجنة جائزة الفيلم الأجنبي في أكاديمية الأوسكار الأفلام لتختار منها ما تتوفر فيه الشروط الإجرائية التي ذكرناها (العرض التجاري واللجنة)، بالإضافة إلى توفر مجموعة من المواصفات الفنية المتخصصة في الفيلم، تتعلق بشريطي الصورة والصوت ومواصفاتهما الفنية البديلة إذا كان ديجيتال، ويرشح أعضاء اللجنة تسعة أفلام مستوفية جميع الشروط (6 أساسية و3 إضافية).

يشاهد أعضاء اللجنة نفسها الأفلام التسعة لترشيح خمسة أفلام منها فقط للجائزة.

يشارك كل أعضاء الأكاديمية الفعالين الأحياء من جميع الأقسام، وعددها 17 قسما تضم أكثر من سبعة آلاف عضو، لأن منهم من توفي، في اختيار فيلم واحد من الخمسة ليفوز بالجائزة. ويعلَن عنه ضمن حفل سنوي تقيمة الأكاديمية في الأسبوع الأخير من شهر فبراير على مسرح دولبي في هوليوود بلوس أنجلوس. ويحق لمخرج الفيلم أن يتسلم الجائزة. ويمكن ترشيح الفيلم في فئات أخرى في حالة توافر شرط إضافي هو عرضه تجاريًّا لمدة سبعة أيام متتالية في لوس أنجلوس.

هل يستحق مهرجان الأوسكار «المحلي» كل هذه الضجة والمراحل والشروط الصارمة؟ لو فاز فيلم مصري بالجائزة خلال تاريخنا، أو وصل إلى التصفية النهائية على الأقل، لكانت كل هذه المعارك مبرَّرة. والحقيقة الساطعة كالشمس تقول إن جائزة واحدة رسمية من المهرجانات الدولية الكبرى أهم من كل جوائز الأوسكار. وإذا أردنا معرفة أسباب الإخفاق، فلنتأمل في تاريخ اللجنة الذي ينافس مسرح «يوجين يونسكو» العبثي.

موقع "منشور" في

24.09.2017

 
 

في مسألة مولانا والشيخ جاكسون

مجدي أحمد علي‏:‏ الاختيار لم يتم بشفافية ولا طبقا لشروط الأوسكار

عادل عباس

أثار اختيار فيلم الشيخ جاكسون لأحمد الفيشاوي‏,‏ والذي لم يعرض تجاريا حتي الآن لمسابقة الأوسكار الأجنبي بدلا من فيلم مولانا للمخرج مجدي أحمد علي‏,‏ وبطولة عمرو سعد والذي عرض تجاريا منذ أكثر من عام تقريبا‏,‏ وتنطبق عليه جميع شروط الترشيح‏,‏ جدلا واسعا ولغطا شديدا علي الساحة السينمائية والنقدية‏.‏

وفي لقاء صريح وواضح مع المخرج مجدي أحمد علي أكد أن قضية اختيار الفيلم لا تعنيه علي الإطلاق, ولكن اعتراضه الأساسي علي الطريقة المعيبة التي تدار بها ـ للأسف ـ المنظومة السينمائية من داخل نقابة المهن السينمائية.. من خلال لجنة الاختيار التي شكلتها النقابة علي أهوائها, والتي تضم كثيرين لا ينتمون للسينما وصناعتها بأي صلة, إلا مجرد الأهواء الشخصية.. فالطريقة التي تشكلت لها لجنة الاختيار معيبة من الأساس, وأؤكد أن أكثر من نصف أعضاء هذه اللجنة لم يشاهدوا فيلم مولانا ولكنهم شاهدوا الشيخ جاكسون في عرض خاص أقامه لهم منتج الفيلم محمد حفظي.. وهذا يتنافي أساسا مع شروط الاختيار للأوسكار.

وأضاف مجدي أن هذا الاختيار معيب لأربعة أسباب خطيرة وأساسية هي: أولا: أن تشكيل اللجنة معيب وعشوائي لأن مسعد فودة نقيب السينمائيين تصرف وكأنه يجلس علي المقهي ويختار أعضاء اللجنة علي هواه وليس لمصلحة السينما, وبالتالي اجتماع اللجنة تم بشكل فيه تآمر مقيت, لأنه كيف تصوت اللجنة علي فيلم لم يعرض في دور العرض فعلا, ومن أهم شروط الاختيار للأوسكار هو أن يكون الفيلم عرض تجاريا, أما أن يتم ذلك في عرض خاص فهذه مسخرة سينمائية.. ثانيا: التصويت من اللجنة التي اختارها مسعد فودة تم علي عجل داخل العرض الخاص, وهذا يتنافي تماما مع شروط المسابقة, حيث إنه لابد من التصويت علي الفيلم بشكل سري ومكتوب عقب مشاهدته تجاريا, وليس في عرض خاص, وهذا من شروط المسابقة العالمية التي تقيمها الأكاديمية الأمريكية للسينما, والهدف أن يكون الاختيار بشكل فير تماما.. ثالثا: أراد المنتج محمد حفظي بالاتفاق مع نقيب السينمائيين واللجنة التي شكلها استغلال الموقف لصالح فيلمه, فعمل عرضا خاصا للجنة, وصرح بأنه سيعرض الفيلم شكليا لمدة أسبوع في الغردقة, مع أن التصويت تم علي الفيلم قبل أن يعرض تجاريا بالفعل.. رابعا: لابد أن يكون هناك شفافية بحيث يكون التصويت بشكل سري وفردي طبقا للأكاديمية الأمريكية التي تقام علي أساسها المسابقة العالمية, وأن يكون الاختيار من خلال لجنة محايدة وليست لجنة منتقاة كما فعل نقيب السينمائيين وأعوانه!!

الأهرام المسائي في

25.09.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)