تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

خرج من «دكان شحاتة» بلقب «مخرج العشوائيات»

خالد يوسف لـ «الشرق الأوسط»: وزارة الداخلية تطلب رؤية أفلامي.. وهيفاء موهوبة جدا

أسماء نصار

دخل السينما من الباب الكبير، تلميذا في مدرسة يوسف شاهين الفنية، ثم رفيق دربه في أعماله الأخيرة.. فاتهم بإفساد سينما شاهين. هو هكذا دوما، الشخصية الأكثر إثارة للجدل في عالم الإخراج السينمائي. أعماله جاءت تكريسا لهذه الحالة الإشكالية. لكن أحدا لم يستطع القبض عليه، ففي كل تجربة جديدة ينقلك خالد يوسف لعالم مختلف. هو مخرج دائم التجريب، مع وعي بكون السينما صناعة في نهاية المطاف. أفلامه تلامس الخطوط الحمراء لكنها تخرج من نفق الرقابة ولجان المشاهدة في وزارة الداخلية دون حذف. فيلمه الجديد «دكان شحاته» القريب من عالم «حين ميسرة» منحه لقب «مخرج العشوائيات» وأثار ـ كما عودنا ـ جدلا في الأوساط السينمائية. بعد هذه التجربة تحاورنا معه في القاهرة ..

·         أنت بكل معنى الكلمة «مخرج مثير للجدل».. كيف تقيم حالة الصخب الإعلامي والفني التي تلازمك دائما؟

ـ أفلامي تواجه بنوعين من الجدل، الأول عقيم لا يسمن ولا يغني من جوع، وهو يحتشد لمهاجمة الفيلم قبل عرضه على الناس. حتى إن البعض يحرك قضايا ضد أعمالي لأن بها مشاهد مخلة أو لأنها تسيء لسمعة مصر وهو لم يرها أصلا!! أما الجدل الذي يثار بعد عرض الفيلم، فهو جدل إيجابي، حتى لو كان ضد رؤيتي أو ضد ما يطرحه الفيلم.. وهو بالمناسبة لا يغضبني، لأن جوهر العمل الإبداعي هو التأثير، فأنا أؤمن بمقولة «ويلي من نار الكلمة إن لم تجد من يسمعها حتى أو يصفعها». في الستينات مثلا كان الاهتمام ينصب على قيمة الفيلم الفنية. وحينها كان السؤال.. هل نجح المخرج في استخدام أدواته؟..أما الآن فيختصرون الفيلم في مشهد أو اثنين مثلما حدث مع فيلم «الريس عمر حرب»، لقد أقاموا الدنيا حول مشهدين مدتهما دقيقتين وتركوا ساعتين من الأحداث.. وكذلك اختزلوا الحديث عن فيلم «حين ميسرة» تحت عنوان «الإساءة لسمعة مصر» وتركوا الحديث عن العشوائيات وهي قضية الفيلم الأساسية.. وفي تقديري أن ما يحدث أمر طبيعي، فالتردي الذي نعيشه اليوم سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي لابد أن يطال السينما والفن عموما. هذا قدر الأمم التي لم تأخذ بأسباب النهضة، بمعنى أنه عندما تكون هناك نهضة في كل مناحي الحياة فإن القضايا الكبيرة والعميقة هي التي ستتصدر اهتمامات المجتمع، وعندما تعيش أمة في العالم مرحلة هزيمة أو تردٍّ، فلن تجد غير المعاني السطحية التي لا تصنع مستقبلا.

·         هل يغضبك لقب مخرج العشوائيات؟

ـ أنا أخرجت فيلما واحدا فقط عن العشوائيات، لكن لو عشاق التصنيفات الجاهزة حشروني تحت «يافطة» مخرج العشوائيات، فهم أحرار. هذا لا يغضبني فأنا بالفعل مخرج فيلم «حين ميسرة» الذي يتحدث عن العشوائيات.. وهي ليست تهمة حتى لو كررتها في أفلام أخرى، فالقضية ليست تافهة، خاصة حين تعلمين أنها تتعلق بمصير 16 مليون مواطن في هذا البلد. هؤلاء الـ16 مليونا هم قنابل عنقودية قد تفجر المجتمع كله.

·         رغم جرأتك، يرى البعض أنك أكثر المخرجين المصريين حظا مع الرقابة؟

ـ كيف أكون محظوظا وأنا أتعذب في كل فيلم لمدة شهرين. ليس مع الرقابة فقط كبقية صناع الأفلام ولكن مع مؤسسات أخرى تتدخل وتطلب رؤية أفلامي قبل عرضها.

·         أي مؤسسات تقصد؟

ـ مؤسسات سيادية، منها وزارة الداخلية، فهم يطلبون مشاهدة الفيلم قبل حصوله على موافقة الرقابة.. ربما يعتبرونني محظوظا لأنني دائما أخرج من الرقابة بالفيلم كما صنعته بدون حذف، ولكن هذا ليس حظا، بل إصرار مني على جعل العمل يخرج إلى النور كما أريد. أنا أمارس حقي الذي يكفله لي القانون والدستور.

وبالمناسبة عندما يحدث حوار بيني وبين المسؤولين في الداخلية أجدهم متفهمين لثقافة الاختلاف، فمثلا مع فيلم «دكان شحاتة» كانت وجهة نظري متعارضة تماما مع رؤيتهم، لكنهم لم يجدوا هذا سببا لمنعه. ولا أنكر أن الحوار معهم كان راقيا ولم يتضمن مفردات الإجبار والقهر، لكن أنا مصر على أن الأمر لا علاقة له بالحظ إنما بالحوار الذي يفضي في النهاية إلى الإقناع.

·         في كلامك ما يتناقض مع تصريح وزير الداخلية عندما قال إنه يجب على الرقابة أن تراجع نفسها في عرض أفلامك لأن البلد ليست فوضى؟

ـ أنا أحترم تماما المؤسسة الأمنية في مصر، ولي أخ عميد بالمناسبة. أنا لست معاديا لوزارة الداخلية، وليس من مصلحة أحد أن يعادي مؤسسة قائمة علي أمن بلد.. لكني في الوقت نفسه ضد أي تجاوزات تصدر عن أفراد تلك المؤسسة.. وعموما قضية «هي فوضى» فُِهمت علي أنها تعميم علي المؤسسة الأمنية بالكامل وهذا لم يكن حقيقيا، والصورة التي وصلت إلى وزير الداخلية ليست صحيحة. في هذا الفيلم كنت أتحدث عن فرد في مؤسسة.. نموذج درامي، وفي النهاية «هي فوضى» لم يكن فيلما تسجيليا.. الدراما هي التي تحكم ما إذا كانت الشخصيات صالحة أو طالحة. في المقابل كان الضابط في فيلم «خيانة مشروعة» بطلا قوميا، فلماذا لم يعطني أحد وقتها شهادة تقدير أو شكر؟

·         ألا ترى أن رؤيتك للمجتمع المصري مفرطة في التشاؤم؟

ـ الواقع أسوأ بكثير مما قدمته إلى الآن، لكن الناس تكره أن تواجه نفسها أمام المرآة، لا نستطيع أن نرى تشوهاتنا ونحاول طوال الوقت أن نخفيها، بينما المكاشفة أسلم طريق لعلاج أي عيوب، وتلك هي مدرستي الفكرية.

·         عندما نشاهد السينما الأميركية نتعرف علي الأميركي كيف يحب ويعمل ويتعامل مع الآخرين. لكن إذا شاهد الأميركي السينما المصرية هل يستطيع أن يعرف من هو المصري؟

ـ لا.. لن يستطيع. 20 في المائة فقط من المنتج السينمائي عندنا هو الذي يعبر بصدق عن الشخصية المصرية والباقي مجرد أنماط استهلاكية.. صحيح أن الأفلام الحقيقية زادت بشكل واضح أخيرا لأن مجموعة من كبار مبدعينا عادوا للعمل السينمائي مثل داود عبد السيد، ومجدي أحمد علي، ومحمد خان، ويسري نصر الله، وأسامة فوزي، وهذا العام في تقديري سيشهد نهضة سينمائية قد تخرجنا من «الأزمة الثانية» للسينما المصرية.

·         ماذا تقصد بـ«الأزمة الثانية» للسينما المصرية؟

ـ بعد أن عانينا طويلا في التسعينات من قلة عدد الأفلام وتقلص سوق الفيلم المصري، ففي حينها لم تكن هناك قنوات فضائية تشتري الأفلام، كما أن دور العرض نفسها لم تكن كافية مثلما هو الحال اليوم، ناهيك عن منافسة الفيلم الأميركي. كان العائد كله من السوق الداخلي فقط. في هذا التوقيت جاء فيلم «إسماعيلية رايح جاي» ليكسر هذه الأزمة ويقدم قبلة الحياة للسينما المصرية التي كادت تحتضر.. لكن للأسف فإن المنتجين آثروا الاستسهال وقدموا عشرات الأفلام الكوميدية التي تضمن أموالهم بدلا من المخاطرة في فيلم جاد. هذا ما صنع الأزمة الثانية في تقديري، وجعل 90 في المائة من الأفلام كوميدية وبالتالي ظلت السينما المصرية لا تعبر عنا لفترات طويلة.

·         هناك غياب شبه كامل للتاريخ في السينما المصرية. في تقديرك لماذا لم تستلهم السينما من تاريخنا كما تفعل السينما الأميركية؟

ـ هذه مفارقة مذهلة أن يكون لديك تاريخ مثل تاريخ قدماء المصريين ولا تنتج السينما المصرية في مائة عام إلا فيلما واحدا هو «المهاجر».. السبب في ظني يعود إلى غياب مؤسسات ثقافية كبيرة تدعم هذه النوعية من الأفلام. المنتج الفرد لا يستطيع أن يتحمل صناعة فيلم تاريخي تكون تكلفته أربعة أو خمسة أضعاف تكلفة الفيلم العادي. لماذا يغامر بأمواله في فيلم من هذه النوعية؟! الحل الوحيد هو أن تسهم الدولة بجدية في دعم هذه الأفلام سواء بالإنتاج المباشر أو بفتح منافذ جديدة وسوق جديدة للفيلم التاريخي بخلاف السوق التقليدية. لكن الدولة لا تقوم بهذا ولا ذاك، لأنها لا تعتبر السينما مجالا جادا يستحق الدعم. بل يرونها مجرد ملاه ليلية للتسلية. وأشير للستينات مرة أخرى، حين كانت الدولة تقدر قيمة السينما وقدرتها على تجاوز الحدود الإقليمية الضيقة، كان الاهتمام موجودا وجادا.

·         ماض مجيد وحاضر بليد.. كيف ترى مستقبل السينما المصرية إذن؟

ـ أنا لا أفقد الأمل.. ورغم الأزمات فإننا نملك أهم أدوات إنتاج صناعة السينما التي تتمثل في مبدعينا. وهو الأمر الذي يحفظ الفن السينمائي من الانهيار.. وهناك بوادر لنوع من النهوض بدأ يظهر في السنوات الأخيرة مع زيادة عدد الأفلام الجادة. وهذا مؤشر جيد.

·         لو عدنا للسينما التاريخية، هل يفكر خالد يوسف في مشروع من هذا النوع؟

ـ لدي أكثر من فيلم تاريخي. ولكن كما قلت لك: ما الذي سيدفع المنتج لمغامرة من هذا النوع؟! لم أجد منتجا متحمسا كفاية لصناعة فيلم تاريخي. على الرغم من أنه لو توفرت الإمكانيات اللازمة ستكون تجربة جيدة وجذابة جدا. لكن إنتاج فيلم تاريخي أعلى من سقف السوق المصرية اليوم. الأمل الوحيد هو أن تشارك مؤسسات ثقافية عربية في دعم هذه النوعية وإلا ما فائدة الثروة العربية إن لم تسهم في خلق مناخ ثقافي عربي جاد.. في لحظة ما في حرب 73 قال الشيخ زايد «البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي» وأنا أقول الآن «البترول العربي ليس أغلى من الإبداع العربي» لأن الأبداع العربي هو الذي سيجعلنا ننتصر في صراع الحضارات وليس المال. العالم كله الآن يتهمنا بأن ثقافتنا متخلفة وعنيفة وعاجزة عن الإسهام الإيجابي في الحضارة الإنسانية، هذه الأفكار التي التصقت بنا لن تتغير إلا بصنع أفلام كبيرة توضح للآخر وجهة نظرنا.

·         ما رأيك في لافتة «للكبار فقط» التي أصبحت توضع علي معظم الأفلام، ألا تعتقد أنها تستخدم الآن لجذب الجمهور؟

ـ بالعكس أنا مع لافتة «للكبار فقط». وأتصور أن هذا التصنيف الذي يراعي المستوى الفكري للمشاهد هو أمر ضروري ومفيد. وفي تجربتي الخاصة كان لابد من أن يحمل فيلم «الريس عمر حرب» هذه اللافتة، فرواية فلسفية تتحدث عن غواية الشيطان يصعب أن يشاهدها من هم دون السادسة عشرة من العمر دون أن تصيبهم بالتشويش، وهو الأمر الذي لا نسعى إليه بطبيعة الحال.

·         وماذا عن فيلمك الجديد «دكان شحاتة» الذي يعرض أخيرا في دور العرض، كيف تصنفه؟

ـ «دكان شحاته» فيلم واقعي يتناول الواقع المصري علي مدار ثلاثين عاما مضت. ويتحدث عن هؤلاء الذين ولدوا في بداية الثمانينات وأصبحوا الآن في الثلاثينات من العمر ولم يشهدوا غير نظام حكم واحد. نظام له انحياز اجتماعي واضح. باختصار الفيلم يتحدث عن جيل احتكرته تجربة سياسية وشكلت عقله ووجدانه.. وقضيتي الأساسية أن أجيب عن سؤال بدا لي مهما؛ هل هذه التجربة أثرت في ملامح الشخصية المصرية أو لم تؤثر؟

·         وما هي الإجابة التي قدمها الفيلم؟

ـ بالتأكيد البعد الإنساني والنفسي في شخصية الإنسان يتأثر بالبعد السياسي والاجتماعي، والاقتصادي.. والفيلم يعرض لصراع قابيل وهابيل، صراع الخير والشر، وقد انتصر الشر. إن ما وصلنا إليه اليوم هو نتاج تلك التجربة السياسية. والتشوهات التي أصابت الشخصية المصرية يتحملها هذا النظام بلا شك.

الظلم والقهر الذي تعرض له البطل من قِبل إخوته في الفيلم، المقصود به المناخ العام لتلك الفترة، التي تحمل طابعا سياسيا واجتماعيا انعكس بالضرورة على الإنساني. وهو ظلم يمارس منذ ثلاثة عقود، وأتصور أن هذا المناخ غير من ملامح الشخصية المصرية بعد أن كانت الطيبة والبراءة والتسامح جوهر مكنونها تحولت إلى التوحش. وهذا يفسر كم الجرائم المتكررة التي نشهدها أخيرا.

·         في فيلمك الجديد استعنت بهيفاء وهبي، وهي تجربتها الأولى في السينما.. كيف تقيمها كممثلة؟

ـ هيفاء ممثلة موهوبة. وقد أجريت لها أكثر من اختبار وأكثر من بروفة لكي أتأكد من موهبتها. ولو لم تكن كذلك لكنت اعتذرت لها ونصحتها كصديق أن تبتعد عن السينما وتكتفي بالغناء. ولكني وجدتها موهوبة بالفعل. وبالمناسبة لا يستطيع المخرج مهما كانت قدراته أن يخرج من ممثل شيئا ليس موجودا بداخله. كان دوري أن أعطيها مساحة وظرفا ومناخا يساعدها علي تفجير أقصى طاقاتها.

·         هل تجد تعارضا بين قيمك الشخصية وقيم المجتمع أو حتى قيم الوسط الفني؟

ـ بالتأكيد هناك تصادم ما بين منظومة القيم التي أنتمي إليها، ومنظومة القيم التي تحكم المجتمع، وذلك لأن الموروث والعادات والتقاليد بها أشياء شديدة العظمة والأصالة. ولكن أيضا بها أشياء شديدة التخلف، ولا أعتبر نفسي واحدا من أولئك الذين يتعاملون مع المسلمات كمسلمات ولا التابوهات كـ«تابوهات». أنا دائما أعيد غربلة الموروث لأخرج بما أرى أنه صالح للمستقبل. وما في أفلامي من أفكار صدمت الجمهور بقدر ما كان مرتكنا إلى مسلماته. مثلا عندما أطرح في أفلامي مفهوما مختلفا عن الشرف يساوي بين الرجل والمرأة ولا يعتبر ـ مثلما هو الحال في المجتمعات العربية ـ أن الابن الذي يقيم علاقات متعددة هو في الحد الأقصى مستهتر، بينما الفتاة التي قد لا تقترف ربع ما يقترف نعتبرها في الحد الأدنى منحلة تستحق القتل. هذه ليست دعوة للانحلال ولكنها دعوة لفهم صحيح للدين وللعدل. فعندما تريد أن تطبق مقياسا للشرف طبقه علي الاثنين ولكننا نعاني من ازدواجية في المعايير. ونظرتنا للمرأة ما زالت متخلفة، وعموما كل الأفكار التي أحدثت قفزات حضارية كانت صادمة في وقتها فقاسم أمين كُفّر، ولو لم يفعل ما فعل لظلت النساء حتى الآن في «الحرملك».

·         وماذا عن قيم الوسط الفني؟

ـ الوسط الفني لا تختلف منظومة قيمه عن منظومة قيم المجتمع. وهي نفسها الموجودة في كل الأوساط. إن نسبة المستنيرين داخل الوسط الفني لن تختلف عن نسبتهم داخل أي وسط آخر. فلا يوجد انفصال بين قيم المجتمع وقيم أفراده بغض النظر عن المجال الذي يجمع بعضهم، حتى لو احتفظ ببعض الخصوصية أو اتسع هامش حريته قليلا.

·         رؤية الأشياء من منظور مختلف أمر صعب في نهاية المطاف ويحتاج لتدريب على استخدام العقل على نحو نقدي فعال، كيف يمكن تنمية هذه المهارات من واقع تجربتك؟

ـ تربيتي لها عامل كبير. ومن حسن حظي أني نشأت في بيت كان محرضا على الثقافة.. أبي كان عمدة قريته وكان يحكي لي قصص الأنبياء ويقرأ لي من القرآن الكريم. لم أمر على «ميكي جيب» مثل باقي الأطفال، بل قفزت مباشرة ليوسف إدريس، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم لأن أبي كان يملك مكتبة جيدة. أما توجهاتي وانتماءاتي السياسية فبدأت من خلال صداقة والدي بالزعيم اليساري خالد محيي الدين منذ كنت في الحادية عشرة من عمري.

·         وما الذي بقي من خالد يوسف ابن كفر شكر، خالد يوسف الفلاح؟

ـ أنا فلاح.. وأريد هنا التأكيد على أنه حتى انتصاري للمرأة على سبيل المثال هو نتاج كوني فلاحا أكثر من أي شيء آخر، نظرا لأن المرأة المصرية قد نالت حقوقها منذ عهد الفراعنة، وكانت عنصرا رئيسيا من عناصر الإنتاج في المجتمع المصري. فكرة الدين السمح التي أؤمن بها هي نتاج كوني فلاحا، فالفلاح المصري متدين جدا ولكن تدينه تدين فطري. ولذلك فهو متسامح وسلس وليس لديه أي نعرات طائفية. المشكلة في تقديري أن الدولة في عدائها للمتطرفين وحربها ضد الإرهاب، لكي تثبت أنها ليست ضد الإسلام تقوم مع الأسف بتكريس مفاهيم تصب في خندق التطرف في نهاية الأمر.

·         رغم كونك تلميذا ليوسف شاهين إلا أن لغتك السينمائية مختلفة عن لغته لحد كبير؟

ـ يوسف شاهين لم يكن يريد أن يجعلني امتدادا له.. ما كان يشغل شاهين هو أن أتعلم أن أكون نفسي. أن أتمكن من امتلاك أدواتي. يمكنك القول إن يوسف شاهين علمني المنهج العلمي للتفكير السينمائي حتى أستطيع التعبير عن هموم جيلي بالطريقة التي أختارها.

·         هناك من يعتبر أن علاقتك الفنية بيوسف شاهين قد أضرت بتاريخه ومشواره الفني، وأنك كنت مسؤولا عن تدني مستوى الأعمال التي قدمها منذ بدأت مشاركته الكتابة؟

ـ أحترم هذا الرأي. لكن هذه الأمور نسبية، فقد يرى البعض العكس تماما. لكن ما هو مؤكد أنني شاركت يوسف شاهين في فيلم «المصير» وهذا الفيلم شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي وهو أمر يمثل مجدا سينمائيا في حد ذاته، فما بالك وقد نال شاهين عن الفيلم جائزة اليوبيل الذهبي. كما اشترك فيلمي «هي فوضى» في المسابقة الرسمية لمهرجان «فينسيا». ولك أن تعرفي أن يوسف شاهين قد حصل على جائزتين على مدار مشواره السينمائي؛ الأولى عن فيلم «إسكندرية ليه» في سنة 78. والجائزة الثانية كانت اليوبيل الذهبي لمهرجان «كان» عن فيلم «المصير» الذي شاركت فيه.

·         ما هو حلم خالد يوسف الذي لم ير النور بعد؟

ـ «الأندلس».. وهو فيلم كتبته بالفعل، القصة والسيناريو، ويتناول الحضارة العربية كما تجلت في الأندلس. وهو حلم متوقف مع الأسف لأنه يحتاج لإنتاج ضخم.

الشرق الأوسط في

29/05/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)