تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

هنا يمثلون، وهناك يمثلون أنهم يمثلون

الدراما العربية تترنح تحت ضربات المسلسلات التركية المدبلجة

عمَّان ـ من شريف كتَّاني

الإنتاج الراقي، والدبلجة المتقنة، والتراث المشترك، تضع الدراما التركية في مقدمة اهتمامات الجمهور العربي.

فرضت المسلسلات التركية المدبلجة نفسها على القنوات الفضائية العربية ومشاهديها على نحو غير مسبوق في ظل الإفلاس الذي تعاني منه الدراما العربية.

ولا يكاد بيت عربي يخلو من متابعي مسلسلات مثل "نور" و"سنوات الضياع" و"الأجنحة المنكسرة" في ظاهرة تعيد إلى الأذهان موجة المسلسلات المكسيكية التي انتشرت مع مطلع التسعينيات، والأفلام الهندية التي اجتاحت العالم العربي في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي.

ودشَّنت قناة "ام بي سي" هذه الموجة ببثها لمسلسل نور المدبلج باللهجة السورية، ثم توالت الأعمال المدبلجة حتى وصلت ذروتها مع عدد من المسلسلات التي رعت دبلجتها قناة أبوظبي الأولى مثل "وادي الذئاب" و"دموع الورد".

وحصدت هذه المسلسلات أعلى نسب المشاهدة على مدار عامين متتاليين، وتمكنت من إزاحة المسلسلات العربية عن عرشها حتى في مواسمها التي لم يكن يتخيَّل أن تنافسها عليها دراما أخرى مثل شهر رمضان.

وشجع هذا النجاح العديد من الفضائيات العربية للاتجاه نحو دبلجة المزيد من المسلسلات؛ فقامت قناة أبوظبي بعرض عمل يعده النقاد الأهم في تاريخ الدراما التركية وهو "وادي الذئاب" بالإضافة إلى "دموع الورد" الذي لا يقل عنه رقياً وجمالاً.

وتعدت هذه المسلسلات كونها مجرد دراما لتحدث أثراً على أرض الواقع في بعض المجتمعات العربية؛ فسجلت حالات طلاق بسببها في بعض المجتمعات المغلقة كالسعودية، إضافة إلى حالات من الامتناع عن العمل وقت عرضها.

وفي الأردن كان مألوفاً أن يتجمع العشرات حول شاشات العرض الكبيرة التي توفرها المولات التجارية لمشاهدة هذه الدراما، بينما كانت حركة البيع والشراء في هذه المولات تبدو شبه متوقفة إلى حين انتهاء العرض.

وترى نهى محمود (28 عاماً) أن السبب في هذه "الحمَّى" هو "تعطُّش الفتيات العربيات للحب والحنان والعاطفة، خصوصاً المراهقات منهن، الأمر الذي لا تلبيه الدراما العربية للجيل الجديد".

ويقول هيثم جبرائيل (33 عاماً) وهو عراقي مقيم في عمَّان "كنت في البدء أمر على هذه المسلسلات بينما أقلب المحطات مرور الكرام، إلى أن تابعت حلقة منها، فاكتشفت فيها شيئاً جديداً لم أره في الدراما العربية؛ إنتاج راق، وتمثيل بمستوى عالمي، وذكرني أحد الممثلين الأتراك بممثلي العصر الذهبي للسينما المصرية كزكي رستم ومحمود المليجي".

ويؤكد عبد الله سعيد اندهاشه بالقضايا الجريئة التي يطرحها مسلسلا "وادي الذئاب" و"دموع الورد" مشيراً إلى "انهما يتناولان قضايا حية، في حين أن المسلسلات العربية ما تزال في حارات دمشق القديمة أو عبث الصراعات التافهة في القاهرة".

وتبدي دينا علي (32 عاماً) إعجابها بالمسلسلات التركية المدبلجة لأنها "لا مبالغة فيها. عوَّدنا الممثلون المصريون على المبالغة الشديدة في الأداء. أما أداء الممثلين الأتراك فهو انسيابي وراقٍ دون تكلف ولا تصنُّع. اكتشفت بالفعل أن الأتراك يمثلون، وأن المصريين يمثلون أنهم يمثلون".

ويبدو أن للتراث التركي الذي يتقاطع مع مثيله العربي، بالإضافة إلى اللهجة السورية التي أتقن المشرفون على الدبلجة صياغتها أثراً بالغاً في تقبل الجمهور هذه المسلسلات.

ويصف أيمن اللبدي (31 عاماً) مشهداً رآه في مسلسل لقرية تركية "ظننتهم من فلاحي بلادنا"، مشيراً إلى الريف الفلسطيني.

أما صديقه عاطف عميرة (29 عاماً) فيبدي إعجابه بالحرفية العالية التي تقوم عليها الدبلجة، ويقول "كنت أنسى أحياناً أنني أشاهد مسلسلاً مدبلجاً، واللهجة السورية أليفة للغاية ومحببة، وهي واقعية جداً بسبب قرب ملامح الممثلين الأتراك من ملامح العرب في سوريا".

ويتسابق شبان وشابات في التقاط مشاهد من هذه المسلسلات ومنتجتها بمصاحبة أغانيهم العاطفية المفضلة، فهنا مشهد من مسلسل "لحظة الوداع" بمصاحبة أغنية "درب الألم" لكاظم الساهر، وهناك مشاهد من "دموع الورد" مع أغنية "ليه خليتني أحبك" لميادة الحناوي، ويتبارون في نشرها على مواقع مشاركة الفيديو مثل يوتيوب.

كما شهد موقع التعارف الشهير "فيس بوك" ولادة نادٍ خاص بمعجبي بطل مسلسل "نور" مهند ـ وهو أصلاً عارض أزياء تركي ـ بلغ عدد المنتسبين إليه بالآلاف.

وتبدي سيرين أحمد (16 عاماً) إعجابها الشديد بالبطل الوسيم، وتقول إنه "يمثل لي ولصديقاتي في المدرسة فتى الأحلام".

وتتفاخر صديقتها منى (15 عاماً) بأنها ثيابها شديدة الشبه بثياب "لميس" بطلة مسلسل "سنوات الضياع"، وتقول إنها تحرص "على تفصيل ثيابي على نحو مطابق للموديلات التي كانت ترتديها لميس".

ولا يقتصر الاهتمام على الشابات، بل امتد ليصل إلى الأطفال.

وروت لنا علا نايف (24 عاماً) كيف أن طفلها يوسف (عشر سنوات) وطفلتها ربى (ثماني سنوات) يرفضان النوم قبل أن يشاهدا حلقتهما من مسلسل التركي المفضل "وادي الذئاب".

وتقول إنهما يرفضان الامتثال لأي أمر طيلة موعد بث الحلقة.

وتسترعي جماليات المكان التي يختارها منتجو هذه المسلسلات بعناية انتباه عدد من ربات البيوت الأردنيات.

وصرَّحت هيفاء ناجي بأنها وجاراتها يحرصن على متابعة هذه المسلسلات خصيصاً لمشاهدة فن الديكور الراقي الذي تعرضه، وأنهن يتبادلن الأحاديث حول الستائر والأرضيات والألوان وحتى ترتيب الأثاث.

ويبدو أن الاهتمام بهذه الدراما لن ينحسر قريباً، خصوصاً مع تكرار الدراما العربية نفسها وتحول بعضها ـ وخصوصاً المصرية ـ إلى قوالب جامدة معروفة البدء والنهاية مسبقاً.

ميدل إيست أنلاين

11/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)