تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مخرج لا يتوقف عن «فتح باب الأمل» للطبقة المتوسطة!

مجدى أحمد علي: لا أدعو للرضا بالواقع.. لكن أرفض «تسويد» الحياة!

محمد جمال

شعرت بالسعادة حين حدد لى موعدًا فى «الجريون» فى المثلث الذهبى لوسط القاهرة.. كان الوقت يقترب من منتصف الليل.. وقدماى تأخذنى فى شوارع ذكرياتى فى وسط المدينة التى تتعرض لحملة غزو غامضة لطمس آخر ما تبقى لنا من ذكريات مع القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيرة الخيرة الطاهرة الساحرة التى اجتمع عشاق ليلها فى «الجريون» ولسان حالى يردد: «يا قاهرة.. يا زينة جنينة حياتنا الحزينة.. بحبك بحبك يا أجمل مدينة». 

واللقاء كان مع المخرج الكبير قيمة وقامة «مجدى أحمد علي».. نصير المهمشين.. والمتحدث باسم «الطبقة الوسطي».. بائع الأمل للمسحوقين وما أكثرهم فى بلدنا الصابر.. الذى اقتربت منه منذ فيلمه المثير «أسرار البنات» حيث الضوء قادم من عتمة «فضيحة فقدان العذرية».. ثم تعلقت به أكثر بعد فيلمه الأخير «خلطة فوزية» الذى أكد خلاله انحيازه لحق «المهمشين» فى الحياة: 

·         بداية هل هناك «خلطة فنية» لنجاح أى فيلم؟ 

- تقدر تقول الخلطة التى تسعدنى.. وما يسعدنى أن أجيد التعبير عن «الطبقة المتوسطة» التى خرجت منها.. وهذه الطبقة تعيش حاليا مأزقًا يمثل أزمة المجتمع بأكمله.. ولم يعد أمامها إلا الأمل أو الانتحار! 

·     هذا هو فيلمك الرابع بعد «يا دنيا يا غرامي» و«البطل» و«أسرار البنات».. ألا ترى أن وجودك بطيء بين مخرجين آخرين يقفزون فى كل اتجاه؟ 

- تصحيحًا يعتبر فيلمى الخامس لأننى كتبت سيناريو فيلم «ضحك ولعب وجد وحب»!.. والمسألة عندى هى «قيمة وجودة» ما أقدمه.. لأن السينما فى النهاية وثيقة تاريخية محسوبة على من يصنعونها للأجيال وليس فقط لشباك التذاكر!.. أو ينفذون أوامر الآخرين. 

·         ما الجديد فى «خلطة فوزية» الذى رسمت به نموذجًا مختلفًا للمرأة؟ 

- هذه المرة هى فاعل Subject وليس مفعولا Object!.. لها فلسفة خاصة.. فهى تتعامل مع الفقر والعشوائيات بخلطة من الأمل والرضا حيث تتزوج 4 مرات بإرادتها الحرة.. والفنانة إلهام شاهين ذابت تمامًا فى الشخصية التى تعيش فى بساطة وعفوية وتعيش اليوم بيومه ولا تعمل حسابا لغدٍ! 

·         الأمل.. والرضا.. كيف يجتمعان لشخصيات مطاردة بواقع يدفعنا إلى الاكتئاب؟ 

- أنا لا أدعو إلى التسليم بالأمر الواقع والرضا به!.. ولكن فى نفس الوقت أرفض «تسويد» كل شيء.. هناك طاقة أمل تظل مفتوحة للمهمشين والبسطاء ولو فى متعة صغيرة أو وجهة نظر أخرى يفلسفون بها واقعهم.. وإلا فلا خلاص أمامنا لو كل شيء انهار إلا الانتحار!! 

ثم استطرد قائلاً: على سبيل المثال «فوزية» رغم أنها تعيش تحت خط الفقر ورغم مآسيها تبحث عن السعادة وتتمسك بها فتتزوج أكثر من مرة وهى تجيد الطهى وصناعة الحلوى ولها خلطة سرية فى طريقتها تجمع الكل حولها.. أليس هذا بابًا للأمل؟! 

·         إلهام شاهين أو «سكينة» فى «يا دنيا يا غرامي» ما الفرق بينها وبين إلهام شاهين فى «خلطة فوزية»؟ 

- هناك درجة متقنة من الحرفية والإحساس.. وإلهام كممثلة من أبرع الفنانات تقمصًا ومعايشة لشخصياتها التى تحب أن تفاجئ بها جمهورها وتتحدى بها نفسها!.. والسينما تعطى فرصة كبرى للمشاعر كلما زاد نضج الفنان. 

·         بصراحة.. هل تدخلت فى السيناريو باعتبار أنها «المنتجة»؟ 

- إطلاقًا.. ولم تتدخل فى أى شيء حتى النواحى الإنتاجية تركتها لى ولشقيقها أيمن شاهين! 

·         أنت كمخرج.. ما المعايير التى تختار بها أى ممثل لأداء دور معين فى أفلامك؟ 

- أولها صلاحية الممثل للدور السينمائى.. وبقدر الإمكان يشبه الشخصية.. وأنا انحاز للممثل ولو فى مشهد واحد.. لأن «أداء الممثل» يلعب دورًا مهمًا.. وإذا تأملت ستجد أنهم فى الخارج يستخدمون تعبير Per Fomance أى أداء إشارة إلى الفيلم، والسينما تبرز أكثر أداء الممثل.. فأنا كمخرج أستطيع أن أُعيد اللقطة أكثر من مرة، وفى المونتاج اختار أفضل مرة وهى التى ستسجل إلى الأبد وهكذا. 

·         أنت كمخرج.. هل يرهقك التعامل مع نجم أكثر مما تعمل مع ممثل؟ 

- أى ممثل مهما كان حجم نجوميته عليه أن يترك هذه النجومية على باب الاستوديو والجمهور قد يغفر لى حركة كاميرا سيئة أو موسيقى غير مناسبة.. لكن لن يغفر لى أبدًا إذا استعنت بممثل ضعيف أو ممثل يشعر الجمهور أنه «بيمثل» عليهم.. وأنا أحب «الشخصية» تتنفس على الشاشة، وذلك يتحقق بمصداقية الممثل. 

·         هل هناك فروق بين الممثل النجم والممثل المبتدئ تلاحظها كمخرج؟ 

- فى حالة المبتدئين أتعمد أن أُكثر من المدح إذا كان الأداء جيدًا لأن الممثل عموما «شخصية غير واثقة» مهما كان حجم نجوميته.. لذلك تجده بعد كل «شوت» يبحث فى عينى تأثير أدائه! 

·         بصراحة.. هل أعاد فيلم «خلطة فوزية» إلهام شاهين إلى السينما التى خطف الصف الأول بها النجمات الصغيرات؟ 

- إطلاقًا.. وإلهام قدمت فى السنوات الأخيرة فيلمين رائعين هما: «كلسترول» ثم «سوق المتعة».. وبجانب «خلطة فوزية» لها فيلم مثير اسمه «واحد صفر».. والمسألة بالنسبة لها تُحسب بقيمة الدور.. وليس مجرد الوجود! 

·     البعض شكك فى جائزة مهرجان أبو ظبى.. حيث قال إنها مجاملة لـ «إلهام شاهين».. خاصة وجود «يسرا» فى لجنة التحكيم!! فما رأيك؟ 

- لم يشكك فى الجائزة سوى «ناقد واحد» فقط.. ولا قياس على استثناء!.. والفيلم تنافس أمام 67 فيلمًا عالميا.. ولايزال يطلب لمهرجانات عالمية، وإلهام شاهين خطفت الجائزة بجدارة من النجمة العالمية «مونيكا بيلوتشي» التى تسابقت بفيلمها «دم ثائر».. ورئيس لجنة التحكيم قال لها: الجائزة ذهبت لمن يستحقها. 

·         هل تعتقد أن «خلطة فوزية» نال ما يستحق جماهيريا داخل مصر؟ 

- للأسف.. هناك أصابع وجهات لم ترحب بعودة المنتج المستقل الخاص.. وهو ما انعكس على دور العرض.. فتجد بعضها يعرض الفيلم فى الحفلات المتأخرة.. وتجد من يشيعون أنه فيلم ليس عليه إقبال.. ولهذا أنا أتمنى قيام كيانات من المنتجين المستقلين لمواجهة «أسافين وألاعيب الكيانات الاحتكارية». 

·     أنت كمخرج.. دائم التحليق فى فضاء الديمقراطية حتى ولو اصطدمت بالتابوهات إلى أى مدى تشعر بحرية السينما التى أصبحت تعرض نماذج الشواذ والسحاقيات؟ 

- هناك هامش حرية لابد من الاعتراف به.. لم تتعطف به الدولة.. بل انتزعناه ومعنا مجموعة من المستنيرين حتى ولو فى السلطة منهم على أبو شادى، وجابر عصفور، ود. فوزى فهمى، بل وحتى وزير الثقافة نفسه أنا أختلف نعم.. ولكننى لست ضد الجميع. 

ومن كسروا التابوهات يستحقون التحية.. والنماذج التى أشرت إليها لابد أن نتعامل معها من منظور إنسانى والسينما فى النهاية دعوة للحرية. 

·         ولكن البعض دائمًا ما يرفع شعار «سمعة مصر» مقابل هذا التيار؟! 

- مصر كدولة مركزية أقوى من كل ذلك.. وأى فيلم مهما بلغت جرأته.. ليس مطلوبًا بعده أن تخرج الناس فى مظاهرة.. لأن وظيفة الفن هى التغيير التراكمى البطيء. 

·         ماذا لو تعرض فيلم لك للمقص الوهابى مثلما تعرض خالد يوسف؟ 

- سيكون رد فعلى أقوى منه.. ونحن جميعًا نقف فى مواجهة الفن الوهابى الذى يريد فنًا يخاصم شروط الفن.. وأرفض احتكار الحقيقة.. وأرفض نفاق الناس وابتزاز مشاعرهم بدعاوى الدين.. والأخلاق. 

·         ولكن أحيانًا الجمهور نفسه يتصدى للفنان إن خالف وجهة نظره؟ 

- هذه حقيقة للأسف.. لأن «ثقافة الاختلاف» غائبة عن نشأتنا وسلوكياتنا.. وكلها أشياء تعود لغياب «الديمقراطية» التى تبدأ من لحظة ميلادنا بتكريس أبوية الرجل.. ثم تكريس أبوية الحاكم.. ورئيس العمل، وأبوية المجتمع ككل.. ولكن فى النهاية لا يوجد فنان محايد.. الفنان موقف ووجهة نظر.. حتى ولو خالف جمهوره! 

·         هل تعتقد أنك كمخرج مستنير مهووس بالتغيير والانقلاب الديمقراطى.. خاضع لذوق «محتكرى الفن»؟ 

- واجبى أن أتصدى لهم.. لأن السينما ليست مجرد رحلة شوبنج وتسلية فى «مول»! 

·     أعاد لنا فيلم «خلطة فوزية» نجمات كبيرات مثل نجوى فؤاد وعايدة عبدالعزيز وهالة صدقى التى ظهرت كضيفة شرف.. هل تعتقد أن الفيلم يمثل عودة جديدة للممثلين الكبار؟ 

- تغييب وتهميش هؤلاء أو ما نطلق عليهم «الجراندات» فيه ظلم للسينما نفسها.. لأن «الجمهور» نفسه متنوع ومختلف عمريا وثقافيا.. والنجوم الشباب الموجودون يمتلكون بحق الموهبة والأدوات.. ولكننا نظلمهم لو فصلناهم عن الجيل السابق! 

·     فى فيلمك «أسرار البنات».. السيناريو كان للكاتبة الصحفية عزة شلبى.. وفى «خلطة فوزية» كان السيناريو أيضًا للكاتبة هناء عطية.. هل هى مصادفة؟! 

- كلتاهما من الطبقة المتوسطة التى خرجت منها.. وكلتاهما تجيدان مفردات هذه الطبقة بحيث تبدو الفكرة البسيطة على لسان البطلة تلخيصا لثقافة الهم العام، وبإحساس صادق. 

·         هذه الطبقة المتوسطة جعلتك منحازًا أكثر لعشوائيات القاهرة دون أن تمر على الريف.. رغم أنك دقهلاوي!.. أليس كذلك؟ 

- أنا بالفعل ولدت فى المنصورة.. وتفتحت عيناى على أجمل مشاهد التسامح بين المصريين مسلمين ومسيحيين من رحم واحد هو مصر.. وأنا تأثرت بالريف عمومًا فى وجه بحرى ـ لأن والدى كان موظفا فى بنك التسليف الزراعى ـ وقد انتقلنا معه لقرى كثيرة مازلت أذكر منها «كوم النور» و«ميت دمسيس».. وأحدث أفلامى «عصافير النيل» البطل عندى شخصية ريفية.. وهو فتحى عبدالوهاب فى ثان لقاء معه بعد «خلطة فوزية»!.. وفيلم «عصافير النيل» أعتبره أنه عودة السينما لأحضان الأدب أو بالعكس وهو طريق أراه فى النهاية لصالح فن يعزف أكثر من لحن.. لجمهور متعدد الرؤى.. والثقافات! 

·         ما الذى يفرق مجدى أحمد على عن آخرين يعزفون على لحن «الطبقة المتوسطة»؟ 

- أنا أُحب جميع أبطالى وليس عندى ملاك مطلق أو شيطان مطلق.. أنا لا أصنع «كابوسًا» لأن الفيلم ليس صورة فوتوغرافية للواقع مهما كان سواده وقتامته.. أنا أصنع «حُلما» لأفتح بابًا للأمل لهذه الطبقة التى تناضل كل يوم من أجل أن تعيش بعد «تقييف» الواقع على قد ظروفها!.. لتعيش فى النهاية فى سعادة. 

·         غيابك ثم عودتك مع آخرين من أصحاب المشاريع الجادة مثل يسرى نصر الله وداود عبدالسيد.. هل الآن الظروف تغيرت؟ 

- لم تتغير الظروف.. وهناك مخرجون لا يملكون حق نطق كلمة «أكشن» أو «استوب» ولا يتدخلون فى المونتاج ويعملون دون أن يتدخلوا فى أى مرحلة لصناعة الفيلم!.. ونحن نقف على يسار هؤلاء فلم نستسلم لمقاييس السوق!.. ولا ننفذ أوامر أحد مقابل الأجر المرتفع.. وننتصر للمهنة.. ولقضايا الإنسان المصري! 

·         «افعل ما تحبه.. تعش راضيا».. ماذا لو تبنى كل إنسان هذا الشعار؟ 

- رد فى حماس: هذا أفضل من الاكتئاب.. واليأس.. لازم يكون فيه أمل فى بكرة! 

·         أستاذ مجدى فى نهاية هذا اللقاء.. هل سقط منى سؤال لم يطرحه أحد من قبل؟ 

- بصراحة.. هذا من أمتع الحوارات التى أجريتها.. لأننا كنا فى مباراة.. وكل منا انتصر لمهنته.. وقال ما يريده!.. خلينا نحلم بالتغيير.. ونستمتع بحياتنا مهما كانت الظروف تمامًا كما فعلت «فوزية» فى خلطتها المصرية المدهشة!! 

العربي المصرية

09/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)