تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

في المهرجان الكاثوليكي للسينما الآخلاق قبل الفن آحيانا!!

بقلم : طارق الشناوي

يوم ٠٢ فبراير القادم يفتتح المهرجان الكاثوليكي السينمائي المصري دورته رقم ٧٥.. إنه أقدم مهرجان سينمائي في مصر حيث يعقد مصالحة بين الفن والأديان ولا أقول الدين برغم أن المهرجان ينتمي إلي طائفة الكاثوليك المصريين.. إنهم دينيا ينتمون إلي بابا روما في »الفاتيكان« إلا أن المهرجان تجاوز منذ إنشائه الدائرة الكاثوليكية المسيحية ليعبر عن الأديان كلها في رسالتها السامية التي تدعو للحق والخير والعدل والجمال.

أتابع المهرجان سنويا علي أقل تقدير منذ أكثر من ربع قرن.. أتابعه كصحفي وناقد دائما وأتابعه أيضا كمشارك في عضوية لجنة التحكيم أحيانا.. هذه الدورة وقع اختيار ادارة المركز للجنة التحكيم التي يرأسها المخرج الكبير »محمدخان« وشارك في عضويتها »نيللي كريم« و »خالد أبوالنجا« والسيناريست »محمد ناصر« والمونتيرة »مني ربيع« ومديرة التصوير »نانسي عبدالفتاح« وكاتب هذه السطور.. اللجنة وضعت في خطتها أن تتواصل المشاهدة والمناقشات للأفلام المتنافسة حتي قبل إعلان النتائج بأربع وعشرين ساعة فقط وذلك لضمان السرية الشديدة!!

إن كثيراً من الزملاء والفنانين وربما أيضا أنت عزيزي القاريء سوف تسأل لماذا ستة أفلام فقط من بين ٧٤ عرضت في ٨٠٠٢ اختارتها فقط إدارة المركز للعرض في المهرجان حيث أنه يحكم اختيار المركز الذي يرأسه الأب »يوسف مظلوم« ونائبه الأب »بطرس دانيال« القيمة الأخلاقية في امتزاجها مع القيمة الفنية هي التي تحدد اختيارات المركز وهكذا تحققت تلك الرؤية من وجهة نظر المركز وليس لجنة التحكيم في أفلام »حسن ومرقص« رامي إمام »أسف علي الإزعاج« خالد مرعي »علي جنب يا اسطي« سعيد حامد »بلطية العايمة« علي رجب »طباخ الريس« سعيد حامد »رمضان مبروك أبوالعلمين« وائل إحسان.. لجنة التحكيم لا تشارك في الاختيارات وبالطبع فإن هذه الرؤية التي تندثر بالأخلاق في معناها المباشر أري أنها تتناقض مع الفن الذي من الممكن أن يري مثلا الأخلاق في »المومس الفاضلة«.. إلا أننا لايجب أن ننسي أننا بصدد مركز سينمائي لديه مسئوليات أدبية قد تختلف في درجة الالتزام المطلق بها وأنا أختلف في الخضوع لتلك النظرة الضيقة جدا التي تضع فيها الأخلاق في صراع مباشر مع الفن إلا أننا ينبغي أن نلتزم كلجنة في نهاية الأمر بما انتهت إليه لجان الاختيار.. فإذا شاهدت مثلا لجنة الاختيار لقطة بها جنس علي الفور تعتبرها ضد الأخلاق أو لو كانت مساحة تعاطي المخدرات زائدة في العمل الفني أو قال الفيلم مثلا أن الفساد صار جزءا من تركيبة المجتمع واضطر إلي عرض بعض المشاهد المعبرة عن الفساد فإن هذه الأسباب كفيلة بإبعاد الفيلم عن حق التنافس في المهرجان.. الحقيقة أن المركز بقدر المستطاع يحاول أن يحرر تلك النظرة الخانقة للفن رغم أن المجتمع نفسه صار يشجع علي الانغلاق ويعتبر أن هذا هو المطلوب وللحقيقة والتاريخ المركز الكاثولكي له مواقف عديدة كثرا ما أتذكرها في الدفاع عن الفن وتحطيم تلك النظرة المحدودة للقيم الأخلاقية التي باتت تشكل أيضا مأزقا لدي بعض المثقفين وخاصة الصحفيين والنقاد حيث أنهم صاروا أيضاً يطبقون نفس المعايير المتشددة أخلاقيا علي الأعمال الفنية.. أتذكر أن فيلم »سهر الليالي« للمخرج »هاني خليفة« شارك داخل المسابقة وحصل تقريبا علي كل الجوائز التي تمنحها لجنة التحكيم.. كان المركز قبل خمس سنوات يحرص علي أن يستعين في اختياراته للأفلام بعدد من النقاد ليساهموا بآرائهم في التصويت لاختيار الأفلام المشاركة داخل مسابقة المهرجان وكالعادة فإن المنطق كان يقول أن المركز سيتشدد دينيا بينما النقاد والصحفيين سوف يلعبون دور المدافع عن الفن وكان محك الاختيار الحقيقي هو بعض مشاهد فيلم »سهر الليالي«.. لو أنك وضعت فقط المعيار الأخلاقي هدفا وحيدا ومقياسا لاتري غيره فسوف يتم رفضها تماما ولكن لو أنك تأملت حالة الفيلم الفنية فلا شك أنك ستشعر أن المخرج عندما قدم مشهدا جنسيا لم يكن يقصد إثارة الغرائز بقدر ما كان يرمي إلي إثارة عقل المشاهد للتفكير.. بعض النقاد كان صوتهم يعلو بالرفض، تساوت الأصوات فكان ينبغي أن يحسم أحد الكفتين المتنازعتين صوت رئيس المركز الكاثوليكي الأب »يوسف مظلوم« انحاز إلي عرض الفيلم.. المنطق كان يقضي بأنه سوف يؤيد ولاشك الجبهة الرافضة التي تؤيد تطبيق القواعد الأخلاقية الصارمة إلا أن الأب »مظلوم« منح صوته إلي الجبهة المؤيدة لعرضه في المهرجان في الدورة التي أقيمت عام ٤٠٠٢ بل أكثر من ذلك رشحه لكي يمثل السينما المصرية في مسابقة الأوسكار الأمريكية حيث كان المركز الكاثوليكي وقتها هو الجهة المنوط بها ترشيح الفيلم المصري المشارك سنويا في جائزة »أوسكار« أفضل فيلم أجنبي وذلك قبل أن تتدخل وزارة الثقافة وتشكل لجنة برئاسة الأديب والكاتب الصحفي »محمد سلماوي« للقيام بتلك المهمة وهذه قضية أخري تحتاج إلي مقال آخر نسأل فيه لماذا سلبت وزارة الثقافة هذا الحق التاريخي من المركز الذي لم يشأ القائمين عليه إثارة هذه القضية وتنازلواعن حقهم!!

المركز الكاثوليكي يسعي بقدر المستطاع للانحياز إلي الفن إلا أن المعيار الأخلاقي في نفس الوقت تزداد سطوته في المجتمع بكل قطاعاته.. هكذا أري أن المركز نفسه لو قدمت السينما المصرية فيلما علي غرار »سهر الليالي« هذا العام فإن مصيره المنتظر كان سيصبح الرفض لعدم مطابقته للشروط الأخلاقية.. ورغم ذلك سيظل المركز الكاثوليكي المصري للسينما حافزا للإبداع وستظل جائزة المركز واحدة من أرفع وأهم أو أصدق الجوائز التي تمنحها المهرجانات في مصر لأنه علي مدي ٧٥ عاما لم يضبط يوما متحيزا لاتجاه فني محدد أو لفنان بعينه!!

التحية واجبة للأب »يوسف مظلوم« رئيس المركز ونائبه الأب »بطرس دانيال« لأنهما يواصلان تلك الرسالة السامية لامتزاج الفن بالقيم الأخلاقية حتي لو كان صوت القيم الأخلاقية قد أصبح أعلي من صوت الفن!!

أخبار النجوم المصرية

05/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)