تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

فيلم لبناني عن حياة القديس شربل في قاعة الأونيسكو

قداسة الشخصية شعّت على الكاميرا

صفوان حيدر

لا تزال السينما اللبنانية لغاية اليوم، مجرد محاولات فيلمية مستقلة، لم ترق إلى مستوى الصناعة السينمائية التي يمكن محاسبتها كمحاسبة فيلم وافد من هوليوود أو أوروبا أو من أي مكان ينتمي إلى السينما المتميزة والمتقدمة. وفي هذا الواقع الواهن والراكد، يأتي عرض فيلم »شربل« في قاعة الأونيسكو مساء الاثنين الماضي، محطة تأسيسية جديدة لسينما لبنانية قادرة على ان تتابع، وبخطوات حثيثة ونوعية وجادة ما يؤهلها لتصير لاحقاً إنتاجاً لبنانياً سينمائياً قادراً على التكامل والاستمرار، وبمميزات أفضل وبرؤى أعمق وأكثر خبرة وتعبيراً. هكذا، وبإخراج ناجح وواعد أنجزه نبيل لبس، شاهدنا فيلما ناجحا عن حياة القديس شربل في قصر الأونيسكو الذي امتلأ بالمشاهدين جلوساً ووقوفاً.

فيلم يحكي عن حياة القديس شربل من الولادة الى القداسة، نتوقع له نجاحا كاسحا وإقبالا جماهيريا كبيرا، رغم أن الفيلم موجه أساسا إلى المسيحيين اللبنانيين ولا يشبع رغبة بقية الطوائف اللبنانية برؤية فيلم عن شخصية تتمتع بطاقة روحية هائلة، وتحظى بالاحترام والتبريك لدى المسلمين أيضا. فنحن بحاجة إلى أن نتعرف أكثر إلى شخصية الطوباوي شربل بملامحها الاجتماعية والسياسية بعدما أصبح زمننا الراهن بحاجة ماسة إلى قديسين جدد.

أداء متفاوت

جاء نجاح الأداء التمثيلي في الفيلم متفاوتا في مستوياته. لعب أنطوان بالابان دور كهولة شربل بحضور تأملي ساطع وناجح وإن بقي حضور الصمت مهيمنا على حضور الكلام عنده. بينما تمكن إيلي متري من تحريك شخصية القديس شربل في شبابه بحيوية أكبر وبشفافية روحية مشعة وسلسلة أكثر دفئاً ولياقه وروحانية. أما جوليا قصار فأبدعت وبنجاح كبير في تقديم دور الأم لهذا الطوباوي الكبير، خصوصاً في مشهد زيارة ابنها في الدير، فجاء حضور جوليا متألقاً وباهراً في ذلك المشهد الذي يشكل أعلى لحظة أداء درامي وانفعالي في الفيلم وأكثرها توهجا عاطفيا، كذلك جاءت إطلالة رولا حماده في الفيلم موفقه وناجحة. وجاء دور خالد السيد (صديق والد شربل) ناجحا ومقنعا ومتجذرا بأصالة في تقديم الهوية الريفية اللبنانية. وكذلك الأمر مع غسان اسطفان وطوني معلوف وآخرين، بل إن جميع الممثلين لعبوا أدوارهم بنجاح وإن جاء متفاوتا في جودته. اما الموسيقى الكلاسيكية الفخمة والمفعمة بالقوة والمتانة والإيحاء فقد غطت وملأت ثغرات التمثيل والتحريك، ونجح تدي نصر في سبكها، وإن كان ينقصها بعض المؤثرات الموسيقية الشرقية، كعزف الناي او المنجيرة الريفية اللبنانية، مما قد يساهم في زيادة تأصيل المشهد الريفي الكسرواني والجبيلي.

نواقص ومستلزمات

نجح هذا الفيلم في تقديم المناخ البيئي والاجتماعي ـ السياسي لحياة القديس شربل، ولو بشكل مسطح، ولكن لا بد من ذكر بعض النواقص والمستلزمات: فإيقاع الفيلم بطيء عموما، إلا في مشاهد الثورة الفلاحية التي بقيت قصيرة نسبياً إزاء التركيز على الحالة التأملية لحياة الرهبنة. كذلك لم تكن جميع تقنيات الصوت وكلام الممثلين واضحة أو مفهومة، ولم يعالج الفيلم معجزات القديس شربل بشكل وافر وكامل، ولم يدخل الفيلم إلى عالمه الروحي، بل بقي التصوير طافيا على السطح. أما اسم طانيوس شاهين وثورته فقد ورد ذكرهما بشكل عابر ولم تأخذا حيزهما الذي كان كبيرا في حياة الجبل اللبناني آنذاك. ولم يقدم الفيلم إجابة عن سبب غياب الأهالي والفلاحين عن مسرح المواجهة مع العسكر العثماني. ولماذا اقتصرت المواجهة الدموية مع العسكر العثماني على الرهبان فقط؟ كما أن الكاميرا بقيت جامدة ومتوقفة عن التحرك في بعض المشاهد التي كانت تحتاج إلى مزيد من التحريك التصويري. ولكن يسجل للمخرج لبّس اختياره زوايا رائعة لكاميرا التصوير، ظهرت من خلالها الطبيعة اللبنانية جميلة جدا بل خلابة وآسرة. فالإخراج، ورغم هذه النواقص، بقي ناجحا ومؤثرا أثبت من خلاله نبيل لبس أن السينما اللبنانية قادرة على تقديم فيلم ناجح عن شخصية روحية كبيرة بحجم الطوباوي شربل. وسيبقى عرض الأونيسكو محطة مفصلية في مسار السينما اللبنانية باتجاه الآتي من الأيام.

السفير اللبنانية

04/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)