تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

نوع من التشويش على قتل الأطفال في غزة 

«تحد».. هولوكست في توقيت سيئ  

زياد عبدالله- دبي

فيلم جديد عن «الهولوكست» لكن بطريقة مغايرة هذه المرة لها أن تتناغم بنظرة متفحصة مع مجازر غزة الأخيرة؛ كون الفـيلم يحـمل ما له أن يكون مقاومة يهودية ضد القوات النازيـة، الأمـر الذي يمكن اعتبـاره جـديداً في أعراف السرد السينـمائي للهولوكـست، والتـي عودتـنا على أن اليهود ضحايا بلا حول ولا قوة، ضحـايا فقط لا غير.

أفلام لا حصر ولا عدّ لها تناولت المجازر النازية لليهود، لا بل صار عرفاً لصيقاً بكل الأفلام التي تناولت الحرب العالمية الثانية، فإن لم نكن أمام فيلم مثل «قائمة شندلر» لستيفن سبيلبيرغ فإن «عازف البيانو» لرومان بولانسكي سيفي بالغرض، أو «الحياة حلوة» أجمل أفلام روبرتو بينيني، أو أي شخصية لها أن تظهر في أي لحظة وفي أي فيلم، حيث سنعرف من الدمغة التي تحملها أنها من الناجين من المحرقة، وعلى شيء من التذكير الحي دائماً بالضحية اليهودية، وعلى شيء من جلد ضمير أوروبا الجمعي والحرص على تحميله عبء إثم له ألا يفارقه مهما فعل.

نحن دائماً حيال الضحية اليهودية، وفي حضرتها وهي تتلقى القتل النازي الممنهج، دون أي رد فعل، وعلى شيء من العجز التام عن الخلاص من مصير لا راد له، هذه حقيقة حاضرة في كل الأفلام، عدا فيلم Defiance (تحد) الذي بدأ عرضه في الولايات المتحدة الشهر الماضي، وفي توقيت ليس لنا إلا أن نصفه بالمدهش، كونه يأتي متزامناً مع مجازر غزة التي ليست إلا تأكيداً جديداً على احتكار اسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية مع كل إرثها «الهولوكستي» لدور الجلاد واقعياً، وفي غياب تام لملامح الضحية التي أمست فلسطينية بامتياز.

لم ينج فيلم «تحد» الذي أخرجه ادوارد زويك صاحب الأفلام الشهيرة ـ ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن رائعته «أساطير الخريف» ـ من اتهامات المتعصبين اليهود له في أكثر من منتدى بمعاداة السامية وما إلى هنالك من اتهامات جاهزة لم تكن أبداً في وارد العاملين فيه، ولا في خاطر أي مشاهد مادام أن الفيلم من أوله إلى آخره يقدم ملحمة بطولية يهودية، واستعادة لما لحق باليهود ووفق كل متطلبات التعاطف وغيرها من مشاعر، لكن ومرة أخرى إنه التوقيت، ولسان حال منتقديه يقول: يجب عدم التشويش على إسرائيل، إنها تقتل الأطفال بدم بارد، فرجاء عدم الإزعاج، اتركوا أفلام الهولوكست لفترات الهدوء وإن كانت قليلة.

تجري أحداث الفيلم في روسيا البيضاء (بيلاروسيا) ويبدأ بالأبيض والأسود كما لو أننا أمام صور وثائقية، لكن سرعان تتلون تلك الصور، ونتابع مشاهد قتل الجنود الألمان لأهالي قرية، ومن ثم تعرفنا إلى الإخوة بيلسكي الذين ينجون من القتل ويمضون إلى الغابات بحثاً عن الأمان، وليلتحق بهم الأخ الأكبر توفيا (دانيال كريج)، لكن مع إدراكنا أن جميع أفراد عائلتهم قد قتلوا على يد الجنود الألمان.

مع كل يوم يمضي يعثروا هؤلاء الإخوة على ناجين من المجازر النازية، ويتحول الإخوة وعلى رأسهم توفيا إلى ملاذ لكل الناجين، وليقوم ببناء مخيم لهؤلاء اللاجئين.

الصراع الرئيس في الفيلم سيكون بين توفيا من الجهة وأخوه الأصغر زوس (ليف شروبير)، حيث يؤمن هذا الأخير بالمقاومة وضرورة الثأر من الألمان، الأمر الذي يوافقه فيه توفيا في البداية، خصوصاً لدى قيامه منفرداً بقتل شرطي محلي يكون هو من كان يدل الألمان على اليهود، يقتله وأولاده في لحظة يتصاعد فيها حقده، ومن ثم يشارك زوس في مهاجمة دورية ألمانية، وليعزف توفيا عن ذلك، ويفترق عنه زوس الذي يقرر الانضمام إلى الجيش الروسي والمشاركة ومجموعة من أتباعه في أعمالهم الحربية ضد الألمان.

تلك هي منطلقات الفيلم الرئيسة، وما تبقى متروك لتعقب خيار كل أخ على حدة، فمن جهة نتابع ما يتبعه توفيا من نظم ومفاهيم في إدارة مخيم اللاجئين، وحجم المصاعب اليومية التي يتعامل معها بحكمة تستند إلى مبدأ رئيس يتمثل بأن البقاء على قيد الحياة هو أهم فعل مقاومة، بينما يواصل زوس انتقامه بدأب تحت قيادة السوفييت.

في النهاية سيحسم السلاح الخيارات، فمخيم توفيا لن يكون بمنأى عن هجمات الجيش الألماني، لا بل إنه سيقصف بالطائرات، وستتقدم القوات البرية تجاهه، ولن يكون أمامه إلا الدفاع والاستماتة في حمايته، كما أن الروس لن يكونوا أخياراً، فسرعان ما يكتشف زوس خداعهم وعنصريتهم اتجاهه ومن معه ـ هذا من بديهيات «هوليوود» ـ وعليه يلتقي مجدداً توفيا وزوس عند خيار المقاومة، ونجاحهما بتحقيق نجاة أغلب من في المخيم ونقلهم إلى مكان جديد آمن.

تفاصيل كثيرة يصورها الفيلم، الجوع الذي يجتاح المخيم، علاقات الحب، النقاشات والتباينات، لكن يبقى أهم دافع لمشاهدة هذا الفيلم، هو توقيته، قدرته «غير المقصودة» على تقديم المفارقة التاريخية التي تتسيد المنطق الاسرائيلي.

الإمارات اليوم

03/02/2009

 

«أولاد الحرام المجهولون» حرب عالمية جـديدة 

كونتيـن تارنتينو.. ضحـك ولعب وقتـل  

زياد عبدالله – دبي 

ما زال أمام كونتين تارنتينو (1963) زمن لا بأس به، ليقترف المزيد من الأفلام؛ ما زال على سطح الشاشة الكبيرة ما يتسع لـ15 فيلماً يريد أن يخرجها، ومن ثم يدير مسرحاً في قرية نائية ليقول عنه الناس هناك «إنه مخرج الأفلام المجنون»، إنها النهاية التي يتمناها رغم بحثه الجاري عن قتلة جدد خرج أولهم مع زم مُْي 1992 وجاء أطرفهم وأغربهم مع ذٌِ ئى كىَُ 1994(سعفة كان الذهبية)، وليصل الآن مساحة قتل عذراء مع جديده «أولاد الحرام المجهولون» حيث سيضعنا وجهاً لوجه أمام أولئك السفلة الذين لا يعرفون الرحمة، وفي مواجهة من يسمونهم «سفلة» أيضاً، أي ضباط الجيش الألماني النازي. فجديد تارنتينو يطمح إلى أن يصور عمليات انتقام مجموعة من القتلة اليهود الأميركان من أولئك الضباط.

بيل هذه المرة لن يكون وحيداً كما هو في فيلمه ثىٌٌ ىٌٌ بجزأيه، ولن يكون الوصول إليه مدعاة لقتل العشرات على يد العروس (أوما ثورمان) التي استقرت رصاصة في رأسها ونجت رغم ذلك من الموت، لن تكون «عصابة الأفاعي» موجودة أو «أفعى الجبل الكاليفورني» ولا «الابن رقم واحد»، لكن سيكون الأمر بالتأكيد مفتوحاً على مصراعيه أمام الانتقام كما العبارة الافتتاحية في «اقتل بيل»، «الانتقام طبق يؤكل بارداً». من دون أن ننسى السيوف، و«الكونفو» هوس تارنتينو العجيب، القادر على مزج الدم بالضحك والكوميديا، والإجابة لدى سؤاله، عن رأيه بقيام الصغار بعد مشاهدة «اقتل بيل» بتقطيع زملائهم في المدرسة بالسيوف، «الأفلام العنيفة لا تحول الأطفال إلى أشخاص عنيفين، بل تصنع منهم سينمائيين عنيفين».

يأتي تارنتينو إلى مشروعه الجديد بعد فيلم Grindhouse GCh Deathproof الجزء الذي أخرجه مع وجود ستة مخرجين معه في هذا الفيلم، على رأسهم روبرت رودريغز صديقه وصاحب «مدينة الخطيئة» وليكون هذا الفيلم تحية كبيرة للرداءة، واستجابة عجيبة للحنين إلى أفلام الدرجة الثانية الملقبة أميركياً «بي موفي» ، ولنكون حينها أي العام الماضي في صدد فيلم «زبالة» عن سبق إصرار وترصد، فالفيلم حمل انقطاعات متواصلة في الصوت، كما كانت ألوانه باهتة، وثمة غبش لا يفارق اللقطات، وأحياناً يتوقف الفيلم في مشهد من المشاهد، لتخرج على الشاشة عبارة تقول «الشريط مفقود»، الأمر الذي تطلب من تارنتينو أن يقوم بتوسيخ الشريط، ووضعه في الوحل، وإحداث خدوش أو ما شابه ليكون على ما كان عليه، متيحاً الفرصة أمام المشاهدين لاستعادة كل الأفلام الرديئة التي شاهدوها في حياتهم.

فيلم «غريند هاوس» الاسم الذي يطلق على دور العرض التي تعرض هكذا أفلام، مقسم إلى ثلاثة أفلام رئيسة وستة أفلام دعائية لأفلام لم تصور أصلاً، كما أن الباب مشرّع على مصراعيه لأكلة لحوم البشر، وتلك التي تقطع ساقها فتستعيض عنها برشاش هائل، والكاهن الذي يقتل بالساطور وقد ارتدى معطفاً جلدياً كما في «ماتريكس»، هذا عدا تأكيد أن الدم الذي يراق هو «كتشاب».

الهلوسة في ما تقدم مشفوعة بتاريخ تارنتينو الشخصي، الذي ترك المدرسة وهو في السادسة عشرة من عمره، ودخل السينما من الشباك، من متجر «منهاتن بيتش فيديو أركيف» الذي عمل فيه و شاهد آلاف الأفلام بكل أشكالها وأنواعها ولم يوفر الغث والسمين، كاراتيه ومصاصو دماء ومشعوذون وقتلة وأفلام لغودار وأخرى لسكورسيزي وخلط عجيب بينها جميعاً، فقد كانت هذه مدرسته، فهو لم يذهب إلى مدرسة أفلام بل «مضيت إلى الأفلام مباشرة» حسب تعبيره.

أفلام تارنتينو الستة دعوة خاصة إلى المفارقة، والالتباس العجيب بين أن يكون المشهد دموياً ويقتل من الضحك في الوقت نفسه؛ بين أن يكون السطو على مطعم أمراً لم يحدث من قبل أمام رتابة وبداهة السطو على بنك أو محطة وقود.

هناك لعب دائم في الزمن في أفلام تارنتينو، وتقسيم لها إلى فصول ومقاطع، ورمي خطوط درامية سرعان ما تلتقي، كل ذلك يمضي مع شخصيات لها عوالمها الخاصة، وسخريتها السوداء، مع قدرة على بناء حوارات يتجاور فيها السافل مع المقدس بخفة وعلى ما يشبه الواقع.

كونتين تارنتينو وعدا كونه مخرجاً، فإنه سيناريست بارع بكل ما تعنيه هذه الكلمة، لعل السيناريو عنصر رئيس في قوة أفلامه، قضلاً عن كتابته أفلاماً لم يخرجها، لها أن تدلل على براعته أيضاً مثل «قتلة بالفطرة» 1994 لأوليفر ستون، و«من الغسق إلى الفجر» 1995 إخراج روبرت رودريغز.

أما تارنتينو الممثل فلا داعي للخوض في ما هو عادي وعابر، فهو المخرج والكاتب وصاحب الجاهزية التامة للاستعانة بكل ما في متناوله ليدهشنا، بأفلام لها أن تكون دائماً تخليداً للقتل، أفلام على ارتباط كامل بكل ما سبقها من أفلام شاهدها يستحضرها ليحرفها أو يمسخها أو يطورها، فأعتى المقاتلين يستغرق قتله زمناً أقل بكثير ممن حوله من أتباع وحراس، مع موسيقى رومانسية هادئة، بينما الثلج ينهمر.

وحده تارنتينو من يفعل ذلك، إنه سينمائي القتلة بالفطرة، ولهم أن يقتلوا من الضحك.

لا جديد مع جديد كونتين تارنتينو «أولاد الحرام المجهولون» إن تعلق الأمر بكمية الدماء المزمع إراقتها في هذا الفيلم، فكل ما فيه يقود إلى بحر من الدماء، ليس له أن ينخفض منسوبه، ما دام الحديث هنا عن فرقة من الجنود الأميركيين يهبطون في فرنسا التي يحتلها الجيش الألماني، ويمضون قدماً في قتل الضباط والجنود الألمان، وبأساليب مبتكرة لعل أقلها ابتكاراً حز فروة الرأس، فعلى كل جندي من هذه الفرقة إحضار مئة فروة رأس نازي، أو الموت في سبيل بلوغ هذا الرقم كما يأمرهم رئيس الفرقة الملازم راين.

يحمل الفيلم العنوان نفسه لفيلم إيطالي أخرجه إينزو كاستلاري عام ،1977 وينفي تارنتينو أن يكون فيلمه إعادة له، بل شكلاً من أشكال التحية لكاستلاري، لا نعرف إلى أين ستمضي به هذه التحية، خصوصاً أن مرحلة الحرب العالمية الثانية هي الشيء الجديد على تارنتينو في هذا الفيلم، كما أن طاقم الممثلين الذين يشاركون في هذا العمل يخرجه للمرة الأولى من دائرة هارفي كيتيل وأوما هارثون، ورغبته الدائمة في استعادة ممثلين غائبين مثلما فعل مع جون ترافولتا، فالبطولة هنا لبراد بيت الذي يجسد شخصية الملازم ألدو راين، بعد أن كانت خياراته متأرجحة بين بيت وليوناردو دي كابريو، مع مشاركة ديان كروغر ومايك مايرز.

الألمان متخوفون كثيراً من هذا الفيلم، ويجدون ـ كما كتب الناقد الألماني توبياس نايب ـ في تجسيد مآسي الحرب عبر ثقافة «البوب» أمراً محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً مع مقاربة تارنتينو التاريخ بخفة عززها بتصريحه «لا أريد لفيلمي أن يكون تاريخياً.. أريده كما لو أنه يحدث الآن».

الألمان يفضلون «فالكري» فيلم توم كروز كونه ذا هم توثيقي وتاريخي، ولا يجدون في تارنتينو ما يخوله الاقتراب من النازية، أو حتى الهولوكوست اللائقة واللصيقة بستيفن سبيلبرغ ورومان بولانسكي، لا يريدون أن يشاهدوا أحدهم يحفر على وجه ضابط الصليب المعقوف، وآخر يهشم رأس ضابط ألماني بعصا البايسبول.

الإمارات اليوم

03/02/2009

 

ويل سميث يلقّننا درساً في الإنسانية  

«سبعة جنيهات».. خلاص على يد محصّـل ضرائب 

زياد عبدالله – دبي 

يسألنا فيلم Seven Pounds (سبعة جنيهات) الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية أن نبقى دائماً في حيرة من أمرنا ونحن نشاهد بن توماس (ويل سميث) يتنقل من فعل إلى آخر، على الرغم من أنها، أي هذه الحيرة، سرعان ما يتضح إلى أين هي ماضية، وفي إصرار صار هوس أغلب ما ينتج من أفلام هوليوودية بإدهاشنا لا بل صعقنا إن أمكن، بحيث صارت حتى الدهشة مدعاة للتثاؤب واستهلاك أكبر قدر ممكن من «الفوشار» لتمضية أوقات الفيلم العصيبة.

ويل سميث يستدعي منا هنا شيئاً من الرجاء بأن يمنح أوسكار أفضل ممثل ويريحنا، لأنه في أفلامه الأخيرة أكد لنا، وهاهو يعود إلى التأكيد مجدداً، بأنه البطل الذي لا يشق له غبار، ويمتلك من القدرات التمثيلية ما يجعله بطلاً مطلقاً في هذا الفيلم وما سبقه سواء في «هانكوك» أو «أنا أسطورة» وبالتأكيد في «مطاردة السعادة»، وليخيب الرجاء لأنه غير مرشح للأوسكار هذا العام، وعليه فلنا قريباً أن نجده في فيلم جديد يؤدي شخصية خارقة جديدة، تخلص البشرية من شرورها وتحاول أن تنشر الخير والعدالة.

فكرة فيلم «سبعة جنيهات» الذي أخرجه غابريل ماتشينو تتمركز حول المفهوم الأميركي الطُهراني المأخوذ تماماً بالخير والشر، والإيهام العجيب بأن النوايا الحسنة قد تخلص البشرية من مآسيها، وأن بإمكان أحدهم أن يمسي بين ليلة وضحاها مخلص البشر وآخر أمل لهم بحياة رغيدة.

فبن مأزوم، ولديهم قائمة من الأسماء التي يعمل على الاتصال بها، ومع انخطافات في الزمن تعيده إلى زوجته التي سيكتشف أي عاقل من اللحظة الأولى أنها قضت في حادث ما، وعليه يتواصل سرد الفيلم وفق منحنا أسئلة من دون إجابات، فهو يتواصل مع عدد من الأشخاص، من دون أن نعرف ماذا خلف مساعيه، يتصل برجل أعمى، ويكاشفه بكل ما يعرفه عن حياته، كذلك الأمر مع امرأة تعاني من مرض في القلب، وكل ذلك يجري باعتباره محصل ضرائب، يساعد هؤلاء المتأخرين عن تسديد مستحقاتهم إن أدرك أنهم يستحقون ذلك.

تلك البداية فقط وما خفي أعظم، إذ إننا سرعان ما نكتشـف أننا أمام مخلص متنكر بهيئة محصل ضرائب، وعليه تصبح هيئة تحصيل الضرائب معبراً إلى المطهر والخلاص والديمومـة، فهو وبعد تواصـله مع المرأة يقع في حبها، وبما يشير الى أنه لا محالة سيـهبها قلبه، لأنها تكون بانتظار متبرع لها بقلب، إذ إنه ينتحر ويقدم قلبه هدية حب يتخـطى الخيال، كما يقدم عينيه لذلك الأعمى، وبيته لامرأة مكسيكية بائسة تعيش هي وأولادها تحت رحمة صديقها المتوحش، وما إلى ذلك من نهاية تدفعنا للبكاء بمـرارة وحرقة على حجم التضحيات التي قدمها هذا الشهم والمغوار.

وإن كان من سؤال عن دوافعه، فلا تسأل إذ إنها ببساطة غير موجودة في الفيلم، ولا أعرف إن كانت وفاة زوجته بحادث السيارة التي كان يقودها ووفاة ستة أشخاص آخرين بسببه يشكل دافعاً لملائكيته، أو أن قصة تبرعه لأخيه برئتيه في البداية دفعه لإكمال طريقه وتوزيع أعضائه على البشر عن طيب خاطر ومحبة وإنسانية لقنّنا ويل سميث درساً فيها.

الإمارات اليوم

03/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)