تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ميكانو .. الحب في أسمى معانيه

محمد عبد العزيز من القاهرة

في زمن قلّ فيه الحب، وحلّ مكانه العنف والكراهية، يأتي (ميكانو) ليرجع لنا المشاعر، نشعر معه مرة أخرى بأن هناك في الحياة ما يسمى بالحب .. التضحية .. الحنان والعطف وغيرها من المشاعر الجميلة التي نحتاج إليها بشدة هذه الأيام، مع مواجهة الشعوب العربية لأسوأ الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشاعر نحتاج إليها لمواجهة الأزمة الاقتصادية، مواجهة القهر والاضطهاد، مواجهة النفس العملية الأنانية.

في أولى تجاربهم السينمائية، يقدم لنا الثلاثي المتمثل في المؤلف وائل حمدي، والمخرج محمود كامل والممثل السوري تيم حسن واحدا من أروع الأفلام الرومانسية التي صنعت في السينما المصرية خلال الآونة الأخيرة، فيلم على الرغم من اعتماده على إصابة البطل بمرض نادر الحدوث، إلا أنه يقدم لنا معاني الحب والتضحية في أجمل صورها، سواء بين الحبيب وحبيبته، أو الأخ وأخيه، والأم وابنتها.

المهندس المتميز في مجال عمله خالد الشهاوي، نجده دائم الارتباك.. لا يجيد التعامل مع الناس.. يتعامل مع رؤسائه من خلف ستار أخيه وليد الشهاوي الذي يتولى شؤونه الحياتية، نكتشف أنه مصاب بمرض فقدان الذاكرة قصير المدى، يتعرف في حفل لأحد مشاريعه والذي كان مجبرا على حضوره إلى مسؤولة التسويق المطلقة أميرة، تقع في غرامه على الرغم من تصرفاته المريبة، يبدو في البداية أن حب الاستطلاع والفضول هما من قاداها إلى التعرف أكثر إلى هذا المهندس الغامض، إلا أنهما قاداها إلى أجمل وأسوأ علاقة حب في حياتها، الأجمل لما ملأت به الشاشة من مشاعر كانت تتدفق لتغرق قاعة العرض بأجملها، والأسوأ لأنه من المستحيل عليها أن تكتمل، والسبب يرجع إلى المرض الذي يفقد خالد الذاكرة كل فترة، ليعود إلى سن السادسة عشرة مرة أخرى، غير متذكر كل ما مرّ به خلال هذه السنوات العشرين أو أكثر التي أمضاها في فهم ما هو عليه، يعود ليذاكر مرة أخرى الهندسة المعمارية التي يعشقها، ويسهل عليه الأمر أنه بالفعل موهوب بها منذ الصغر، تختار أميرة على الرغم من كل المعوقات والمطبات أن تستمر في هذه العلاقة المتوهجة البريئة، تختار كما اختار أخوه وليد المهندس التنفيذي أن يظل بجوار أخيه مراعيا له ومحافظا عليه، ينسى أنه تعدى الأربعين من عمره دون زواج أو ارتباط، ليظل بجوار أخيه الذي يحتاجه في كل لحظة، وتختار أميرة أن تظل مع خالد على الرغم من علمها التام بأنه في أي وقت سيصحو من النوم غير متذكر لها أو لحبهما أو أي شيء آخر كان يربطها به.

التضحية والحب أغرقا الفيلم دفئا وقربا، شعرنا في كل لحظة ونخن نشاهده بمشكلات شخصيات الفيلم الرئيسة الثلاث، تفاعلنا مع مشاهد المواجهة بين الأخ وأخيه، أطلقنا على الرغم منا صيحات الغضب بداخلنا والأخ يمنع أخاه من أن يتصل مرة أخرى بحبيبته، تمنينا أن نمسكه ونكتم صوته وتأنيبه المستمر له ونقول له "اتركه.. فهي من يحبها" وذلك على الرغم من أننا نعلم تماما أن هذه العلاقة مستحيلة، وأن كل ما يفعله الأخ في مصلحته، ولكن تحركنا العواطف لنحاول أن نجعل هذا الحب يستمر إلى النهاية.

كانت بالفعل مباراة في التمثيل، تيم حسن في أول إطلالة سينمائية له في حياته، يبتعد عن مشكلة إتقان اللهجة المصرية التي أتقنها بالفعل خلال أدائه لشخصية الملك فاروق، ليتفرغ تماما لإتقان دوره الذي يبدو أنه ذاكره جيدا قبل أن يؤديه، كل لفتة وكل جملة كان يقولها بشكل يقربك من الشخصية، يجعلك تتعاطف معها كليا، القلقلة في الكلام، والارتباك في التصرفات، غلق عينيه وفتحها بطريقة مرضية، أداء ينسيك دائما كل شيء إلا الشخصية التي يؤديها، خالد الصاوي يبهرنا مرات ومرات في أدواره المتعددة التي يقدمها في أفلامه، يكرر مفاجآته في "ميكانو" ويقدم دورا صعبا مركبا لا يؤديه إلا ممثل محترف، يصل إليك شعور بالتعاطف معه ثم مهاجمته بدافع العاطفة، ثم تتعاطف معه مرة أخرى، يحنو على أخيه ويضحي من أجله، ثم يعنفه ويتسلط عليه.. مشاعر متناقضة مطلوبة في هذه الشخصية الصعبة، أما نور فهي صاحبة الطلة الجميلة، الشخصية كانت مكتوبة بشكل جميل، هي المحركة للأحداث، مشاعرها لم تفلت منها، ويقف وراءهم جميعا مخرج في ثاني تجاربه الفعلية، والأولى جماهيريا يتحكم في كاميرته، زواياه متميزة وبسيطة، نجح في هذا الفيلم ببساطته في اختيار كادراته، لم يحاول مثل معظم المخرجين في تجاربهم الأولى فرد عضلاته وتوضيح إمكاناته وعمل "افتكاسات" إخراجية كما يسمونها، نجح في نقل المشاعر والأحاسيس، من خلال حرصه على النعومة في حركة الكاميرا، والقطعات المتميزة، والمشاهد المكتملة، سيناريو الفيلم وبالتحديد الحوار كان البطل الرئيس، قدم حوارا من أفضل ما يكون، واقعيا.. رومانسيا.. منطقيا.. مؤثرا للغاية .. مختصرا دون مط ولا تطويل، رسم الشخصيات بماضيها وحاضرها وانطباعتها وانفعالاتها كان واضحا لنا، كشف هذه الشخصيات كان مؤشرا منذ البداية على قوة السيناريو القادم، فالشخصيات الجيدة إذا امتلكها السيناريست سيصل بها إلى أفضل حكاية ممكنة، كان من الصعب في سيناريو مثل هذا اختيار نهايته، ولكنه اختار بالفعل النهاية المثلى والطبيعية لهذه الشخوص.. استمرار الحب والتضحية.

اسم الفيلم: ميكانو

بطولة: تيم حسن، خالد الصاوي، نور، خالد محمود، رشا مهدي

تأليف: وائل حمدي

إخراج: محمود كامل

إنتاج: الشركة العربية للإنتاج والتوزيع

مدير التصوير: هشام سري

موسيقى: تامر كروان

إيلاف

03/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)