تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

السينما الصهيونية.. وسياسات التفرقة العنصرية

هناك أيضا كتابان بعنوان السينما الإسرائيلية أولهما كتاب شفيق عبد اللطيف الذي صدر عام 1987ويتناول برؤية نقدية عربية وجهة نظر السينما الصهيونية علي وجه العموم سواء في إسرائيل أو خارجها .اما السينما الإسرائيلية كتاريخ وبدايات وإتجاه مخرجيها بشكل عام يظل غائبا عنا حتي صدور كتاب السينما الإسرائيلية وسياسات التفرقة العنصرية الذي ترجمه الناقد محمود علي لمؤلفته إيلا شوحات وهي أمريكية يهودية - تعمل أستاذة الدراسات السينمائية والثقافية والنسائية بجامعة سيتي نيويورك ، ومن ثم فهي الأقدر علي فك رموز وشفرات ومرجعيات السينما الإسرائيلية الدينية و التاريخية والأسطورية وهي مرجعيات وشفرات بعيدة عن المشاهد العربي بحكم غربتها عنا وتجاهلنا لها.يشير محمود علي في مقدمته إلي أنه قد لا يعجبنا إصرارالمؤلفة علي الحديث عن القومية اليهودية أو عن كفاح إسرائيل التحرري مثلا حيث اكتفي بعلامات التعجب أمام هذه العبارات في النص المترجم لأن المحصلة النهائية في رأيه هو إدانتها للسينما الإسرائيلية ..ومن ثم إسرائيل كدولة تمارس أقصي ألوان التفرقة العنصرية بين الإشكنازيم - اليهود من أصل أوروبي - والسفارديم - يهود الدول العربية وشمال إفريقيا - و بينهما وبين الفلسطينيين . ترويج الأسطورة هدف الكتاب طبقا لمؤلفته هو تقديم تفسير نظري ونقدي لتطور السينما الإسرائيلية من خلال منظور العلاقة بين الشرق الغرب و العالم الثالث الأول .من أجل هذا تابعت الخطوط العريضة لمسيرة السينما الإسرائيلية منذ أول محاولة سينمائية في فلسطين وهي تري أن نتاج السينما الإسرائيلية ليس كبيرا ، فما تنتجه من أفلام طويلة كل عام وطوال العقود الماضية لا يزيد علي عشرة أفلام إلا أنها تقدم مجموعة من الاتجاهات السينمائية التي تتراوح بين طموحات الإنتاج الهوليوودي و الإنتاج الكيفي لمناحم جولان إلي أفلام ذات ميزانيات بسيطة .أما الموضوعات فتتراوح بين ما تسميه بأفلام البطولات القومية التي تتناول قصص الكفاح من أجل إنشاء الدولة ، إلي أفلام تجارية وجماهيرية ذات صبغة ميلودرامية وكوميدية إلي الأفلام الشخصية وبعضها تحمل هما سياسيا واجتماعيا .كانت الافلام التسجيلية الصامتة والناطقة التي كان يخرجها ناثان إكسلرود و هيلمز ليرسكي بمثابة نماذج أولية للأفلام الروائية فيما بعد في تبنيها موضوعات ووجهات النظر الصهيونية مثل أفلام الرواد لإكسيلورد و صابرا 1933 لألكسندر فورد و أرض 1947 وكانت هذه الأفلام التسجيلية والدعائية تحرص علي إبراز موضوعات معينة من أحداث ومناظر وإنجازات الرواد والنمو السريع في أرض فلسطين من مزارع ورصف طرق وبناء مدن للتأكيد علي أنهم يحيلون الصحراء إلي ورود مزهرة وذلك بهدف جذب المزيد من يهود الشتات من أوروبا لمزيد من الدعم السياسي والمالي . باستثناء فيلمي أوديد التائه و صابرا لم تنتج إسرائيل فيلما روائيا حتي قيام الدولة لأن الآلة السينمائية كانت موجهة للأفلام الإخبارية والدعائية تلبية للمتطلبات العملية الآنية. مع قيام الدولة بدأ النشاط السينمائي أكثر تنظيما مع ازدياد دوره ليس من أجل الدعاية الصهيونية في الخارج فقط، بل وفي تطبيع المهاجرين الجدد في الداخل . ورغم إنقضاء ثلاثة عقود حتي ظهور أفلام ما بعد قيام إسرائيل مثل التل 4 لا يجيب 1955وعامود النار 59 و كانوا عشرة 1961 ومتمردون ضد الضوء 64 والهدف تيران 68 و الهروب الكبير 70 والتي تتناول موضوعاتها الموقف السياسي فمازالت هذه الأفلام تتشابه في بنيتها التي شكلتها بدايات الأيديولوجيه الصهيونية . وحتي منتصف ونهاية الستينات فإن غالبية هذه الأفلام ركزت علي بطولات إسرائيل الخارقة علي أرض الواقع من خلال الصابرا و الكيوبتزات و الجنود ضمن السياق العربي الإسرائيلي .في فترة السبعينيات وباستثناء بعض المحاولات في أفلام مثل ضوء في مكان ما 1973 و المنزل في شارع كلوش 73 و عمود الملح 79 فإن السينما الإسرائيلية لم تستطع تقديم بديلا لمشكلة الأنماط التي تقدم بها اليهود الشرقيون . فقد تأثرت غالبيتها بالأساطير التي تبثها وسائل الإعلام داخل وخارج إسرائيل و التي تقول بأن الصهيونية الأوروبية أنقذتهم من أسر وحكم العرب المؤلم ومن أوضاعهم البدائية و من الفقر والخرافات و التي تعايشوا معها بحكم ظروف المشرق .هذه الفجوة التي واجهت إسرائيل لا تعود إلي اختلاف مستواهم المعيشي مع يهود أوروبا فقط بل ولعدم اندماجهم الكامل مع رفاهية وتحررية إسرائيل بسبب الجهل والأمية و الاستبداد ونظام حيازة الأرض وميلهم للإنجاب والعيش في أسر كبيرة ..شخصية اليهودي وإذا كان الرواد في الأفلام الأولي يصلون عن طريق البحر ليجعلوا الصحراء مزهرة ، فإن أبطال أفلام الشخصية وبعد أن اخضرت الصحراء بعد عقود - مازالوا يحلمون بمكان ما ، وحتي لو لم تتناول هذه الأفلام موضوع الهرب حرفيا فإن الشعور به يمثل بنيتها لأن الأبطال فيها لا يشعرون بالانتماء للوطن ..ومن ثم يواصلون البحث عن مكان .وإذا كان الفلسطيني قد أزيح من مكانه والسفاردي وضع في المكان غير المناسب فإن المهاجرين الأوروبيين والصابرا - ويالها من مفارقة - يشعرون بأنهم خارج المكان ..في حنين دائم إلي وطن مثالي ...وموضوعات الاغتراب والبحث عن هوية و النهاية المفتوحة في البنية السردية، بل والجو المأساوي في هذه الأفلام يعكس الإحساس بالمأزق السياسي والوجداني . تدور موضوعات هذه الأفلام حول أبطال لا منتمين ،من ذوي الحساسية و الذين يجسدون الثقافة الجديدة لجيل من الصابرا لم يعد يتمسك بأوهام أسطورة الرواد في ازدهار الصحراء وقيام الدولة بعد أن تحققت بالفعل ولكن لتكشف وجود إسرائيل ثانية غاصبة تمثل تهديدا لسيطرة الإشكناز الإقتصادية و السياسية والثقافية ،فضلا عن أن مواصلة احتلال غزة والضفة الغربية منذ حرب 67 قد شوه من الصورة الإنسانية لإسرائيل الجميلة .وعن الموجة الفلسطينية في السينما الإسرائيلية فتعيدها الكاتبة لأسباب مختلفة منها الغزو الإسرائيلي للبنان عام 198 والذي استمر لفترة أطول مما كان مخططا له فكان باعثا لخلق جبهة سياسية معارضة ولممارسات فنية عبرت عن نفسها في أعمال سياسيين كانوا يعتبرون أنفسهم لا سياسيين. ورغم أن موجة الأفلام السياسية هذه تبتعد عن الثورية وتشترك في نزعتها إلي التحليل النفسي التي تميز السينما الجديدة ، إلا أن مجرد إشارتها للهوية الفلسطينية مثل مرحلة جديدة داخل الثقافة الإسرائيلية .هذه الموحة الفلسطينية يجب دراستها علي ضوء ما حولها من علاقات متبادلة .لقد بدأت السينما الإسرائيلية مع تدهور أفلام البطولة القومية في قمع القضية العربية علي الشاشة .وعزلة إسرائيل عن جيرانها ورفضها سياسيا من كثير من الدول وطبيعتها العسكرية وحروبها المستمرة صار جزءا من وجودها.نظرة مختلفةابتعدت الأفلام السياسية لفترة الثمانينات دراميا عن أسلوب التمثيل التقليدي للصراع الإسرائيلي العربي بمزيد من التركيز علي أبعاد الصراع الفلسطيني - كمناهض للعرب - وهو تغيير مواز لظهور الهوية الفلسطينية داخل خطاب الجناح اليساري بشكل عام .ولم تعد موضوعات الحرب التي سادت غالبية الأفلام الوطنية ملائمة بعد أن صارت قوة اليهود تفوق قوة الفلسطينيين ، وتتعارض مع دولة الأقلية الإسرائيلية ضد الأكثرية العرب .ولم تعد المواجهة بين العرب واليهود في الأفلام تدور رحاها في ساحة الحرب بل اتسع مجال السرد بدرجة معقولة في أفلام الموجة الفلسطينية التي ابتعدت عن نظرة التمثيل الثنوية التي تجسد الصراع علي إنه بين قوي الخير والشر. يخلص المترجم الناقد محمود علي من الكتاب إلي أن بروز صوت وصورة الشخصية الفلسطينية في السينما الإسرائيلية بدءا من ثمانينيات القرن الماضي لم يأت من فراغ ..بل بعد حرب أكتوبر المجيدة والمقاومة اللبنانية والانتفاضة الفلسطينية بحيث لم يعد مجديا أمام إسرائيل إلا أن تتيح لهم هامش تحت دعوي الديمقراطية . السينما الإسرائيلية عبر تاريخها كما تشير المؤلفة هي إبنة الصهيونية نبت من ثمارها تتلون كالسياسة الإسرائيلية باللون الذي يناسب المرحلة التي تمر بها الدولة .وهي في كل الأحوال حتي في أفلام الموجة الجديدة التي أتاحت فرصة أكبر للشخصية الفلسطينية والسفارديم تظل سينما عنصرية تعبر عن أيديولوجيتها مهما تزينت بزي الديمقراطية وهو ما يكشف عنه هذا الكتاب ضمن امور أخري كثيرة من أهمها إن المجتمع الإسرائيلي والسينما الإسرائيلية يتسمان بالتناقض والازدواجية فهما جغرافيا يقعان في الشرق إلا أن رؤاهما السياسية تنزع نحو الغرب ..فهي أمة تزعم أنها ناشئة نتاج نضال تحرري !!ولكنها دولة تستمد جذورها من منطلق إنكار وتجاهل الشرق وعدم شرعية النضال التحرري الفلسطيني .

جريدة القاهرة

03/02/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)