تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

دراما فلسطين علي شاشة التليفزيون بين الاجتياح والتغريبة الفلسطينية

ماجدة موريس

علي شاشة النيل للدراما تعرض الآن حلقات واحد من أهم الأعمال التي قدمتها الدراما التليفزيونية عن القضية الفلسطينية، وهي (التغريبة الفلسطينية) للكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي، المسلسل من إنتاج 2005 ويضم حشداً كبيراً من نجوم التمثيل في سوريا والأردن وفلسطين، بينهم جمال سليمان الذي يقوم بدور أحمد بن أبوصالح يونس، الشاب الذي ينتمي لعائلة مثل الأغلبية من المواطنين والمواطنات في بدايات القرن الماضي في فلسطين، وحيث كانت الأرض علي المشاع مع وجود سلطة الانتداب الانجليزية التي تسلمت من الامبراطورية العثمانية هذا البلد العربي الشقيق لتعده وتجهزه لحكم نفسه قبل أن يحصل علي الاستقلال بمقتضي قرار (عصبة الأمم) غير المأسوف عليها، والتي سبقت (هيئة الأمم) لتقيم الظلم بدل العدل.

يطرح المسلسل قصة عائلة (أبو صالح يونس) كنموذج لقصص وحكايات المواطنين الفلسطينيين في ذلك الوقت، وتلك الأوضاع، وحيث كان الفلاحون يأملون في شيء واحد فقط هو أن الاعتراف بجهدهم وعرقهم في فلاحة الأرض وانباتها علي هذا النحو الذي برع المسلسل في تقديمه، وكان هذا الاعتراف يعني أن توافق السلطات الحاكمة في فلسطين يومها علي تقسيم الأرض بين زارعيها في مساحات صغيرة يمتلكونها من خلال وثائق قانونية وتؤمنهم من غدر الزمن، غير أن الأمور سارت بالعكس، فقد تفنن المسئولون الانجليز وأزلامهم من «المخاتير» والعمد الذين عينوا كسلطة محلية، تفننوا في مراوغة الفلاحين، وفي إهداء الأرض إلي أنفسهم وأقاربهم وهو ما أتاح فرص ظهور أثرياء أصبحوا ضمن مراكز القوة التي تضع يدها علي أي أرض وتحضر الفتوات لحراستها عند شعورها بأنها ــ أي الأرض ــ في طريقها للتقسيم بين المزارعين الفقراء .. هكذا (واجه أحمد أبوصالح) أكبر أبناء الحاج أبوصالح الأمر حين طالب بحقه في تملك قراريط يزرعها ليأكل منها هو وعائلته الكبيرة، لكنه واجه الرفض، مباشرة أو خلف الأقنعة، وفي هذا الوقت بدأ البريطانيون يدخلون سراً اليهود القادمين علي مراكب في الليل، يعطونهم الأرض ويسهلون تملكها لهم.. ويلقي المسلسل نظرة اجتماعية وليست تاريخية فقط علي واقع المجتمع الفلسطيني وتكوينه وكيفية تكون طبقاته مظهراً أن التغريبة لم تكن فقط كما نعرفها خارج فلسطين بعد النكبة، وإنما بدأت مبكراً أثناء «الانتداب» أو الاحتلال الأجنبي لهذه الأرض، ودور المحتل في إضعاف المجتمع الأصلي لحساب القادمين من خارجه.

الاجتياح.. والمقاومة

ومنذ عامين خرج إلي النور مسلسل ثان، أكثر معاصرة عن فلسطين هو (الاجتياح) الذي تدور أحداثه حول اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة (جنين) الفلسطينية عام 2001.. المسلسل من إنتاج طلال العواملة المنتج الأردني المعروف، كتبه الكاتب الفلسطيني رياض سيف وأخرجه التونسي شوقي الماجري، مخرج مسلسل أسمهان. بينما قام ليث الربايعة المونتير الأردني أيضاً بدور مهم في مونتاج عمل يعتمد كثيراً علي عنصر الحركة والقتال والصراع بين القوات الإسرائيلية التي دخلت جنين، وواجهت مقاومة باسلة من قبل الناس في المخيمات والبيوت والشوارع، وبعد ستة أيام وصل فيها القتال إلي كل بيت انسحبت القوات المعتدية تاركة المدينة مهدمة تماماً..، وإذا كنا قد عرفنا، سواء كمشاهدين أو قراء، الموضوع الرئيسي للعمل، إلا أنه مأخوذ عن قصة حقيقية جرت أحداثها في المدينة التابعة للسلطة الفلسطينية واقترب أحد أطرافها من رأس السلطة وهو الرئيس ياسر عرفات وقتها، وهو أحد مساعديه أو حراسه، والذي كان قد سمع صرخات استغاثة وهو يمر بإحدي المناطق لفتاة هاجمتها خلية للمقاومة، فهب لنجدتها وأنقذها، ليتضح أنها إسرائيلية، من عائلة لها سجل عسكري حافل ولأحد أشقائها رتبة كبيرة في الجيش، شعرت الفتاة بأنها مدينة بحياتها لمن أنقذها، وتحول العرفان بالجميل إلي علاقة حب وتفهم من جانبها لموقف حبيبها وأهله، وقررت مساعدته باخباره بأنباء تحركات الإسرائيليين أولاً بأول فيما يخص الهجوم علي السلطة وعلي الشعب الفلسطيني ولكنها، أي الحبيبة، حين علمت بنية الهجوم علي المكان الذي يقع فيه بيت أهلها غضبت وأعلنت رفضها المساس بأسرتها التي تحبها وحين حدث الهجوم الإسرائيلي علي «جنين» اكتشفت القوات الإسرائيلية أن رجال المقاومة كانوا يعرفون به، وأن المخيمات تحولت إلي ترسانة مسلحة وهو ما رفع خسائرهم كثيرا ودفعهم إلي البحث والتقصي فاكتشفوا الأمر، فقبض عليها وسجنت ولازالت في المعتقل للآن بينما اغتيل حبيبها رميا بالرصاص.. قام بأدوار الحبيب والحبيبة وشقيقها كل من إياد نصار الممثل الأردني الذي رأيناه في المسلسلات المصرية منذ عام 2007، ومنذر رياحنة وديما قندلفت من سوريا.. ولقد حصل المسلسل مؤخرا علي جائزة «جرامي» التليفزيونية كأفضل عمل درامي تليفزيوني من غير الأعمال الأمريكية، وهي جائزة تماثل الأوسكار السينمائي، أما أكثر الأمور غرابة في هذا الموضوع فهو هذا الموقف، شبه الجماعي، من «الاجتياح» حيث رفضت كل القنوات التي تعرض مسلسلات رمضان عرضه منذ عامين وعرضته فقط فضائية LBC اللبنانية.. ومؤخرا، بعد الجائزة، أعلنت شبكة ART أنها بسبيل عرضه.. والحقيقة أن تعامل الدراما التليفزيونية المصرية والعربية مع قضية فلسطين والنكبة يمثل علامات استفهام عديدة، ففي بدايات الدراما التليفزيونية في مصر قدمت سهرة درامية، وبعد سنوات عديدة، أول السبعينيات، قدم المخرج القدير الراحل منير التوني مسلسلا، وبعده دخلت القضية ضمن ثنايا تغيرات وتحولات المجتمع المصري دراميا كما حدث في «ليالي الحلمية» وبعض الأعمال القليلة الأخري.. ومن المؤكد أن توجد معوقات عديدة أمام تقديم المسلسلات، تتضاءل في حالة تقديم أفلام روائية وتتضح أكثر سلاسة إذا كان الفيلم تسجيليا.. وهذا ما يفسر العدد الكبير من الأفلام الوثائقية والتسجيلية عن فلسطين، من كل مكان في العالم وليس المخرجون والمخرجات الفلسطينيين والعرب فقط.. في مقابل الأفلام الروائية، والمسلسلات.. وفي كل الأحوال فالقضية تحتاج إلي دعم عربي قوي من أجل إنتاج المزيد من الأفلام والمسلسلات، فالعدوان يتجدد وما يواجهه الشعب الفلسطيني يحتاج إلي ألف فيلم ومسلسل.. بشرط الجودة.. فنيا وفكريا.         

الأهالي المصرية في 28 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)