تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

يعرض الآن

في «الدوقة».. إبهار فني وتاريخ ضائع

كتب عماد النويري

«الدوقة» هو رابع فيلم تاريخي للممثلة كيرا نايتلي، من إخراج سوول ديب، ومقتبس عن قصة حقيقية كتبتها اماندا فورمان، ويحكي قصة الليدي جورجيانا سبنسر دوقة دوفونشاير، كما يرسم صورة عن المجتمع الارستقراطي الانكليزي، في القرن الثامن عشر.

تدور الأحداث لتصور حكاية امرأة أرادت أن تكون حرة في مجتمع يسجنها بتقاليده، والفيلم يرسم بورتريه جورجيانا سبنسر التي تزوجت صغيرة (16 سنة)، الدوق دوفونشاير الذي يكبرها كثيرا في العمر، وهو شخصية متعجرفة ومتعالية ومتسلطة وهو غير قادر أبدا على التعبير عن مشاعره وغير ذلك لا يتوانى في خيانة زوجته مع الليدي فوستر المطلقة التي تصبح عشيقة الزوج العلنية في ما بعد. ورغم الخيانة فان الليدي جورجيانا ستجد بعض التعويض في الوسط الاجتماعي الارستقراطي الذي ينبهر بشخصيتها المرحة وبساطتها وعفويتها وحبها للحياة وإصرارها على خوض العمل السياسي إلى جانب الحزب الليبرالي. لكن لان انكلترا القرن الثامن عشر، هي مجتمع يحق فيه للرجال ما لا يحق للنساء. فخيانة الدوق لزوجته، واصراره على جعل عشيقته تقيم معهما تحت سقف قصره مقبول! ولكن عندما تقع جورجيانا في غرام اللورد تشارلز غراي ستقوم قيامة هذا المجتمع، وستبدأ مأساة جورجيانا.

لكن لا بأس سرعان ما يتم حل كل المشاكل، وللمحافظة على التقاليد يتم تسليم العشيق غراي ابنته من جورجيانا بعد ان ترفض الاقتران به وتعود الدوقة لتكمل حياتها في قصر الدوق وفي صحبة غريمتها الليدي فوستر التي تصبح زوجة الدوق في ما بعد. في النهاية أدركت جورجيانا طبيعة المجتمع وتركيبته وتناقضاته وانصهرت في النهاية لتكون ترسا في عجلة الحياة وتناقضاتها دون ان تتقدم خطوة واحدة لتحقيق حريتها.

الخيانة الأولى

في الفيلم القصة والسيناريو يمكن الحديث عن وقائع لا يعرف احد على وجه البسيطة كيف تم تعديلها أو ما الذي تمت إضافته. طبعا أحداث الزواج والميلاد والموت يمكن تسجيل تواريخها وأحداث الزواج والطلاق والخيانة أيضا يمكن توضيحها، لكن تاريخيا من الصعب بل من المستحيل تسجيل كيف شعرت الشخصية بالحزن والفرح.

في فيلم «الدوقة» لم يكن هناك هدف ما يمكن تحقيقه من وراء عرض الحدث الذي حدث. جورجيانا ورغم فتنتها وجمالها وتناقضاتها بقيت امرأة مستسلمة حتى نهاية الفيلم. لم تترك زوجها عند أول خيانة وتخلت عن حبيبها عند أول اختبار وفي نهاية المطاف استسلمت للحياة حولها دون ان تفعل اي شيء من اجل تغيرها.

ربما نجد قليلا من التغيير في شخصية الدوق لكن لم يكن ذلك كافيا لإعادة التاريخ فالسيناريو ابتعد كثيرا عن أحداث الفترة التي يصورها ولم يتعمق بما فيه الكفاية ليقدم لنا تفاعلات السياسة وتأثيرها على الأحداث الفيلمية والشخصيات الحقيقية المصورة.

اختيارات

جورجيانا متمردة ومنفتحة جدا، ولديها موهبة أن تضع نفسها في المواقف الأكثر تعقيدا... وهي بحاجة إلى ان يعرف كل الناس عندما تكون سعيدة أو تعيسة.

لكن في النهاية سيصب تمردها في خانة التقلبات المزاجية الباردة التي لا تؤدي بالضرورة إلى تغيير في المفاهيم أو البحث عن طرق مختلفة للحياة.

لم تكن لجورجانا اختيارات حقيقية فهي في النهاية مجرد فتاة مرفهة لم توهب من الصلابة القدر الكافي لتقف في وجه التقاليد الجامدة وإنما ارتضت ان ترفع رايات استسلامها بسرعة عند أول اختبار حقيقي.

جاذبية

كيرا نايتلي التي جسدت شخصية الدوقة هي الممثلة الشابة الأكثر جدية بين زميلاتها الشابات اليوم،. لقد لعبت بطولة أفلام من الإنتاج الضخم كما في ملحمة «قراصنة الكاريبي»، وبخصوص بعض الإشاعات عن إصابتها بمرض انعدام الشهية، تشرح قائلة: كنت ضحية ملاحقات مزعجة، وهذا طبيعي، فأنا اشكل مشكلة بالنسبة الى المجلات التي تختص بالمشاهير، فأنا لا اخرج من النوادي الليلية في الرابعة فجرا.. وأنا لا اتقيأ.. كذلك لا يوجد كوكايين في انفي... وهي تبدو كفتاة انكليزية محترمة على الطريقة الانكليزية القديمة... تبدو كأنها خارج عصرها. فهي تتمتع بجاذبية وطهارة الفتيات الشابات للعائلات الرفيعة التي نجدها في روايات القرن التاسع عشر، وأكثر ما يلفتك بها، الجانب الجدي وهذا ما تؤكده نايتلي نفسها حين تقول: «والدتي تقول لي إنني عندما ولدت كان لي من العمر 45 سنة... وأنا لا اعرف كيف سيصبح الأمر حين أتقدم في العمر».

هذه الجوانب من شخصيتها هي وليدة جذورها، فهي ابنة الممثل الانكليزي ويل نايتلي، وابنة الكاتبة المسرحية شارمان ماكدونالد. وكما كل الفتيات الجادات، فإن كيرا نايتلي تسعى دائما لكي تكون أفعالها جيدة.. تقول: «لوقت طويل كان ينظر إلي كممثلة لا تملك شيئا»!

أجواء خاصة

وفي الفيلم «الفن» استطاع المخرج بنجاح استعادة الأجواء الخاصة بالفترة الزمنية ونجح في تقديم سيمفونية بصرية تلعب فيها عناصر الفيلم المختلفة أدوارها بنجاح كبير. ملابس مناسبة تماما للعصر وإضاءة توحي بالمكان وحركة للممثل محسوبة وأداء تمثيلي هادئ ورصين يتناسب وطبيعة الشخصيات وإيقاع مونتاجي متمهل وناعم وزوايا تصوير متفهمة لدورها الدرامي في توضيح اللقطة والمشهد. وهناك إشارة لابد منها لرالف فينيس الذي قدم واحدا من أجمل أدوارة عندما استطاع تجسيد شخصية الدوق بفهم وسلاسة موظفا كل أدواته الداخلية والخارجية لتحقيق ذلك.

فيلم «الدوقة» لا يقدم الكثير من حيث المضمون ولا يضيف كثيرا لتفسير أحداث التاريخ، لكن يمكن اعتبارة واحدا من الأفلام القادرة على جلب التسلية الممتعة لكل من يشاهده.

القبس الكويتية في 21 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)