تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

يعرض الآن

في Changeling.. ايستوود يواصل إبداعاته

كتب عماد النويري

الممثل والمخرج العالمي كلينت ايستوود يستحق عن جدارة، وبعد كل هذه السنوات الطويلة من العطاء الفني، ان يطلق عليه شيخ السينمائيين العالميين، ليس فقط لما قدمه من تحف سينمائية يذكرها المشاهد في كل مكان وليس لخبرته السينمائية الطويلة كممثل ومنتج ومخرج ومؤلف موسيقي، وإنما لقدرته المتجددة على اختيار موضوعات تأتي على تماس مع الإنسان في كل مكان، من خلالها يمكن سبر أعماق الشخصيات والتعرف على جوانبها المضيئة وجوانبها المظلمة في الوقت ذاته.

ولم يكتف كلينت ايستوود بممارسة الاخراج كهواية وإنما انتقل الى تقديم سينما خاصة به لها ملامحها ولها طبيعتها الخاصة. ولا نغالي اذا قلنا ان هناك سينما الآن تسمى سينما كلينت ايستوود، تماما كما نقول سينما بيرجمان وسينما فلليني وسينما كارلوس ساورا وسينما جودار وغيرهم من السينمائيين العالميين الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ السينما العالمية المعاصرة.

في «جسور مقاطعة ماديسون» و«لا تسامح» و «النهر الغامض» و«حبيبة بمليون دولار» و «رايات آبائنا» استطاع ايستوود ان يحقق الكثير من النجاحات على المستوى الفني وعلى المستوى النقدي، ولم يكن غريبا ان يتم ترشيحه لأكثر من جائزة اوسكار، ولم يكن غريبا أيضا أن يحصل على هذه الجائزة المهمة أربع مرات خلال حياته التي تمتد على مدى أكثر من نصف قرن.

وفي فيلمه الجديد كمخرج يعود إلينا ايستوود كما عهدناه في الفترة الأخيرة ليقدم لنا معالجة مرئية لقصة حقيقية وقعت أحداثها عام 1928 والى حد كبير ينجح ايستوود في تقديم معالجته مستعينا بالنجمة العالمية انجلينا جولي وبالممثل القدير جون مالكوفيتش.

طريقة وحشية

في إطار تشويقي بوليسي تدور الاحداث في نهاية العشرينات من القرن المنصرم لتصور قصة أم (انجلينا جولي) عادت إلى منزلها لتفاجأ باختفاء ابنها الوحيد. وبعد مرور أيام من البحث يتم إخبارها انه تم العثور على ابنها، لكنها تكتشف أن الابن المزعوم ليس ابنها، وإنما أتت الشرطة بابن مزيف في محاولة لإنهاء القضية التي شغلت الرأي العام. وحتى لا يقال إن الشرطة تقاعست عن أداء مهمتها.

ترفض الأم هذا التلفيق وتعاود السؤال عن ابنها الحقيقي. ولانها بدأت تلقي بظلال الشك والتآمر على الشرطة يتم إيداعها إحدى المصحات النفسية حتى تكف عن المطالبة بابنها. يرفض راعي الكنيسة (جون مالكوفيتش) ماحدث للام، ويحدث في هذه الأثناء اكتشاف جريمة قتل مروعة يروح ضحيتها أكثر من 20 طفلا يتم قتلهم بطريقة وحشية ودفنهم في إحدى المزارع ويتم الحديث عن احتمال وجود الابن المفقود بين الضحايا.

يتم الافراج بسرعة عن الأم ويتم القبض على القاتل وتتم محاكمة يحكم فيها بالإعدام شنقا على القاتل مع إيقاف رئيس الشرطة ومعاونيه عن العمل. ونعرف في ما نعرف ان الابن المفقود ربما يكون على قيد الحياة بعدما نكتشف ان هناك ثلاثة أطفال استطاعوا الهرب قبل أن يقعوا ضحايا للمجزرة. وينتهي الفيلم بعد أن يظهر واحد من الأطفال المختفين على أمل ان بقية الأطفال المختفين.

قتل ودوافع

في الفيلم «السيناريو» كان هناك تركيز على الأساليب القذرة لشرطة لوس انجلوس في تلك الفترة ، وقدم الفيلم إدانة واضحة لكل الأساليب الملتوية التي تلجا إليها الشرطة لتحسين صورتها ولو كان ذلك على حساب تلفيق التهم دون وجه حق مع الاستخدام السيئ للسلطة والنفوذ. وصور الفيلم أهمية الرأي العام في متابعة القضايا الإنسانية بشكل عام.

لكن يؤخذ على السيناريو عدم توضيح شخصية القاتل وتبيان دوافعه للقتل ولماذا ارتكب كل هذه الجرائم بحق أطفال أبرياء. انتظرنا ان يتكلم القاتل أثناء المحاكمة ولم يفعل، وانتظرنا أن يتكلم عن قصته ودوافعه قبل ان يشنق، خاصة انه طلب مقابلة ام الابن المفقود، لكنه لم يفعل. وظهر القاتل في كل المشاهد التي حضر فيها وهو في حالة شرود وبرود وكان من الواضح انه يعاني من مرض نفسي وربما من حزن شديد وربما كان يعاني من أشياء أخرى كثيرة. وانتهى الفيلم دون ان نعرف من هو القاتل ولماذا قتل.

سينما ايستوود

وفي الفيلم «الفن» يمكن الحديث عن الأداء المبهر لجون مالكوفيتش الذي أجاد تجسيد دوره ببراعة متناهية رغم انه لعب دوره في مساحة صغيرة ولم تكن شخصيته من الشخصيات المركبة. ونجحت انجلينا جولي في تأكيد وجودها كممثلة قديرة تعتمد على أدائها التمثيلي أكثر من اعتمادها على مفاتنها وكانت ناجحة تماما في اظهار لحظات الفقدان ولحظات الالم. لكن يؤخذ عليها المبالغة في وضع احمر الشفاه في اغلب المشاهد التي ظهرت فيها دون داع ودون احتياج حقيقي لذلك. وفي بعض المشاهد ظهرت بعض ردود أفعالها بطريقة باردة وكأنها بعيدة تماما عما يدور حولها.

ويمكن الإشارة أيضا إلى مجموعة الممثلين الذين لعبوا الأدوار الثانوية باقتدار مثل مايكل كيلي وكلم فيور، ويمكن التوقف عند الموسيقى التصويرية الموحية التي ألفها كلينت ايستوود وجاءت لتدخل في نسيج الدراما بشكل معبر ومقبول، ويمكن الحديث أيضا عن إضاءة موحية تتلاءم والأجواء النفسية للاحداث وهي احدى سمات سينما ايستوود. وغير ذلك كله لابد من الإشارة أيضا إلى قدرة المخرج الفائقة في استحضار الأجواء الخاصة بالفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، فقد نجح ايستوود من خلال الاختيار المناسب للملابس والإكسسوارات في إقناعنا بالأجواء الزمانية والمكانية للحدث.

فيلم «استبدال» من الافلام المهمة التي تستحق المشاهدة.

القبس الكويتية في 14 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)