تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

فيلم «هنا صوت فلسطين» للعدالة وجه آخر.. قاتم!

تونس – صابر سميح بن عامر

عاش مُؤخرا عشاق الفن السابع بتونس ليلة السينما الفلسطينية والوجع الدامي لأهالينا هناك، من خلال الشريط السينمائي الوثائقي للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي عرفه الجمهور التونسي مخرجا متوجا بالتانيت الفضي لأيام قرطاج السينمائية في دورتين آخرها السنة المنقضية عن فيلمه "عيد ميلاد ليلى"، وهو من مواليد عام 1964 لعائلة لاجئة أصلها من يافا ونشأ في مخيم الشاطئ في قطاع غزة.

إثر مرض والده اضطر في سن 12 عاما للإنتقال إلى تل أبيب للعمل كي يُساعد في إعالة عائلته.

في عمر 19 عاما أخرج فيلما قصيرا من 4 دقائق بعنوان الشركاء 1981 وأخرج فيلمه القصير الثاني "جواز السفر" عام 1986 حول زوجين علقا في المعبر الحدودي بين إسرائيل والأردن وذلك لأن الزوج أضاع جواز سفره.

وعام 1992 أخرج فيلما كوميديا قصيرا بعنوان "الساحر". عام 1993 هاجر إلى هولندا حيث أقام لمدة 3 سنوات وأسس مع هاني أبو أسعد شركة أفلام أيلول التي أنتجت أفلاما بالتعاون مع شركة أفلام أركوس الهولندية.

عام 1996 انتقل إلى رام الله حيث أسس مركز الإنتاج والتوزيع السينمائي في محاولة لتطوير طواقم إنتاج محلية وقام بإنتاج فيلم متوسط الطول بعنوان "رباب" 1997 وعدّة أفلام أخرى..

والفيلم المتحدث عنه في هذا المقال هو فيلم سينمائي وثائقي بالألوان من إنتاج سنة 2001 بعنوان "هنا صوت فلسطين" الذي يقدم بالصورة والصوت واقع الإعلام الفلسطيني في ظل النكسات العربية المتتالية ومدى حيادية الإعلام عامة، حيث ينطلق الفيلم بنقل حي لإحتشاد عدد من الفلسطينيين لإحياء ذكرى النكبة، لترافق الكاميرا مجموعة من الصحافيين والإعلاميين خلال قيامهم بمهامهم سواء داخل الأستوديو أو خارجه.

والفيلم -إنتاج فلسطيني فرنسي مشترك- وهو عبارة عن وثيقة حية تشهد على حياة وعمل فريق من الصحفيين الفلسطينيين كانوا يعملون في ظروف غير عادية ويغطون أحداث الانتفاضة يوما بيوم، حيث يركز المخرج مشهراوي في فيلمه بالأخص على الجانب الإنساني لدى الصحفيين، ونرى كاميراه تعبر في الممرات وتحضر الاجتماعات وترافق الصحفيين في منازلهم وأماكن عملهم في الخارج حيث الرصاص والقذائف وإلى الحواجز الإسرائيلية التي تمنع مرورهم.

ويطرح الفيلم أسئلة صعبة مثل: "هل نطلق على صوت فلسطين وسيلة إعلامية أم وسيلة للنضال"؟، و"في أي شروط يمكن للصحفيين المرتبطين بالسلطة الفلسطينية أن يعملوا"؟.

ولا يبحث مشهراوي من خلال تصويره للفيلم الحديث عن تاريخ الإذاعة وطريقة تمويلها، لكنه ينصرف إلى تصوير فريق العمل يوما بيوم دون تعليق أو تدخل، مركزا بشكل عام على ظروف حياتهم والضغوط التي يتعرضون لها.

وتتوقف الكاميرا في نهاية الفيلم عند النقص المستمر الذي كانت تعانيه إذاعة صوت فلسطين خصوصا في المعدات والضروريات لتظهر مدى الفرق في شروط العمل مع غيرها من الإذاعات الأجنبية والإسرائيلية، لينتهي الشريط بتدمير وإحراق أستوديو "صوت فلسطين" في 19 مايو/ آيار 2002.

ذاك هو ملخص الفيلم الوثائقي الحي الناقل والناقد للأوضاع الأمنية بفلسطين المحتلة في ظل جبروت غاشم من ترسانة استعمارية لا تبالي بالمواثيق الدولية وحرية الرأي والخبر.

والفيلم كما أكد رشيد مشهراوي الذي كان حاضرا في تفاعل أفقي مع الحضور الكثيف الذي ملأ القاعة ليلتها في ظل هذا الظرف العصيب الذي تعيشه فلسطين الباسلة، هو شريط أراد من خلاله تبليغ صوت إعلامي صارخ تم كتمه بقصف مستهدف من احتلال لا يؤمن إلاّ بالموت لطمس الحياة.

و"صوت فلسطين" كما جاء على لسان مديرها في الشريط: "نحن صوت السلطة ونجحنا أن نكون صوت الجمهور الفلسطيني"، مما يعني تحالفا حميدا بين الشعب والسلطة لأجل قضية عادلة. ولكن رغم كل الذي سبق هناك قوة سالبة غاشمة تنكّل بإرادة الشعوب.

وعمّا ما لم يُعرض في الشريط لأسباب رقابية أو دونها، قال مشهراوي "صورت قرابة المئة ساعة لنتحصل في النهاية على ما يزيد عن الساعة، وكل الأحداث حقيقية دون "روتوش" أو سيناريو، فقد تفاجئنا الحياة أحيانا بدراما أعمق من تخيلات أبرع كاتب في هذا العالم.

وللأسف الشديد أن هناك مشهدا لم يعرض في الفيلم لأسباب تقنية بحتة لا علاقة لها بالرقابة أو ما شابهها، حيث يطلق جيش الإحتلال النار على مجموعة من الصحفيين من بينهم صحافي فرنسي أصيب بجروح، لكن عطبا فنيا طارئا منعنا من أرشفة هذا المشهد" مضيفا في هذا الخصوص "وجلّ من شاهدتموهم في الفيلم استشهدوا لاحقا في ظل الانتفاضات الشعبية المتكررة على عنجهيّة المحتل".

في كلمات الفيلم شاهد حي وصادق من مخرج عاش المأساة وما يزال يعيش آلام شعب يدافع عن قضية عادلة، لكن للعدالة وجه آخر قاتم وجائر.. وتستمر المأساة..

العرب أنلاين في 11 يناير 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)