حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كارلوفي فاري ينفتح على العرب اللبناني "طيب، خلص، يلّلا" يخرق الحواجز

قيس قاسم/ كارلوفي فاري

لم تتغير مدينة كارلوفي فاري التشيكية كما تغيرت العاصمة براغ كثيرا، بعد  انتقالها من الأشتراكية الى الرأسمالية على المستوى الخارجي في الأقل، فظلت  على طبيعتها محتفظة ببراءتها وبذات الجمال الذي عرفت به بوصفها واحدة من  أجمل المدن الإصطيافة لعذوبة مياهها ونقاء هوائها، والهدوء الذي يحيطها رغم كل ضجة، مهرجانها العريق واقبال الناس عليه، ويكفي الخروج لدقائق عن حدود مركزها  لتعيد لزائرها  صورتها الأولى، ما تغير فجأة فيها هو طقسها حين برد على غير عادته في مثل هذا الموسم من السنة، حيث الشمس تظل ساطعة فيه، أما في هذة الأيام فغابت، وعوضا عنها أشرقت شمس السينما فراح لها جمهور كثير.

نحو العرب

رغم عمره الطويل لم يقم المهرجان علاقة قوية لا مع السينما العربية عموما ولا مع نقادها غير أن هذة الدورة توجهت وبشكل استثنائي الى السينما العربية فعرضت مجموعة من أفلامها واستضافت مجموعة من النقاد السينمائيين العرب وبهذا يتوجه المهرجان الى منطقتنا عبر بوابتي الأفلام والكتابة، حاله حال المهرجانات الأوربية الكبيرة والتي كان جزءا من تميزها وانفتاحها على سينمات العالم، غير السينما الأوربية والأمريكية، واستضافتها نقادا وصحفيين منها، ويأتي اختيار الفيلم اللبناني "طيب، خلص، يلّلا" الى جانب أفلام عربية أخرى انسجاما مع هذا السياق، أما جودته فتشجع بدورها الجمهور على الإقبال لمشاهدة  أفلام هذة المنطقة والتعرف على مستواها عبر عرض الكثير منها في دوراته، خاصة إذا كانت بمواصفات هذا العمل الذي فيه روح بحث جادة عن الذات ومعرفتها دون أحكام مسبقة أو تعبير  سياسي مشحون، فموضوعه المركزي لا يذهب الى هذة الوجهة الاشكالية قدر حرصه للذهاب الى دواخل الإنسان في هذا البلد. اختارا الثنائي رانيا عطية ودانييل غارسيا شابا  من طرابلس ، شمال لبنان، يعيش مع والدته ويختلفان على تفاصيل حياتهما اليومية كثيرا، أما بقية يومهما فيمضونه في عادية دون كثير اهتمام بالعالم الخارجي، ومشهد والدته وهي تنظر من شباك مطبخها الى الدخان المتصاعد من اطارات السيارات التي أحرقها شباب معارض في المنطقة، تُبين لنا هذا الجانب، فحينما أخبرها بتلك التفاصيل المتعلقة بفعل الشباب ورغبته مشاركتهم نهرته بهدوء وحذرته من المشاركة في أفعال توجع الرأس والشاب بدوره لم يعترض، إذاً ما يحرك دواخلهم ويجسد همومهم هو العيش اليومي، والبقية هامشية، لا تمثل شيئا بالنسبة اليهما فالشاب هاجسه يتمحور حول حلوياته التي يبيعها في محله والأم مشغولة بإدارة شؤون المنزل وما عدا هذا فعلاقات جورة  يُفعلها ويشد من توترها طفل جارتهم الذي يلعب في ساحة  حديقتهم الصغيرة ويتسبب في كسر بعض أشجارها. طفل الجيران كان من بين المشاركين في الريبورتاج الذي أعده المخرجان لنا بجانب الفيلم المصور بكاميرة ديجيتال. اضافة شخصيات الفيلم الرئيسية الى التسجيلات على رغم حضورها بقوة في معظم المشاهد، فيه نوع من الفصل بين ما هو دراما متخيلة وآخرى قريبة من الواقع مع انها غير واقعية بمعنى ليست هي بشخصيات من الحياة الحقيقة مسجلة وثائقيا. بهذة "اللعبة" حاولا المخرجان خلق عالمين يبدوان مختلفين فنيا ولكنهما موحدان دراميا في مقاربة الى صورة الشاب ووالدته التي تبدو شديدة القرب مع الواقع ولكن حين تسافر الأم الى بيروت تظهر أمامنا صورة ثانية مختلفة هي صورة الواقع الطرابلسي وفيه الشاب عنصرا عاكسا والى حد كبير لمرآة أخلاقيات المنطقة وتحفظاتها وأيضا للعالم الثاني المستور، عالم المومسات والخادمات الأجنبيات المضطهدات وفيه عنف داخلي  يظهر بشكل بريء عبر ألعاب الطفل فأغلبيتها أسلحة تماثل أسلحة القتل الحقيقة. ثنائية الواقع  وخفايا دواخل الشاب، هما ركيزتا فيلم "طيب، خلص، يلّلا" فسلوك الشاب الخارجي يمثل الصورة المرغوبة في عرضها الى الآخر وهو يلعب دوره فيها بشكل مدهش، دوره كمواطن سوي مستقيم أما في أعماقه الحقيقية فثمة أشياء تدفعه لممارسسة أفعالا أخرى "مشينة" يدعي طيلة الوقت عدم اهتمامه بها ولكنه سرعان ما يركض للقيام بها حال اختفاء الآخر من أمامه والجنس هو من أكثر المحاور النفسية التي تقلقه وتعري ارتباكه واختلالات توازنه النفسي. إذن نحو نشاهد أمامنا كائنا  فيه من السوية المعلنة ما يكفي لفهم عدم اهتمامه بالمرأة  كونه يكرس حياته كلها لوالدته ويبتعد عن الزواج أو الاقتراب من  أي واحدة كانت. هل هي الحرب، المنتظر اشعالها في كل لحظة، هي التي  تخيف الشباب من الزواج فيذهب بخوفه الى اتجاه آخر موجود موضوعيا في مجتمعاتنا؟ قد يكون هذا واحدا من الأسئلة الداخلية  التي جهد المخرجان في فرضها علينا بقدر متقارب من فرضهم علينا، وعبر أحداث صغيرة، أو حتى لقطات سريعة، صورة لبنان مصغرا في طرابلس وتناقضاته الحقيقية عبر موضوع الخادمات الأسيويات والأفريقيات مثلا. حاولا المخرجان  جمع صورة الواقع اللبناني انطلاقا من حياة شاب وأمه ولكنهما لم يغرقا في تفاصيلها لقد ظلت علاقة الشاب بمحيطة هي المرآة التي تعكس لنا الصورة الكبيرة في حين ركزا وعبر كاميرتهما الحساسة على جوانيات الكائن في لحظة مواجهته للواقع أو بالأحرى محاولة الفصح عن دواخله في غياب السلطة الأخلاقية المتمثلة بالأم. لقد بدا لنا غيابها المفاجيء كما لو أنه اعلان موت لها وبالتالي كسر الحاجز النفسي للشاب الذي أراد عيش حياته وفق شروط مدينته لا شروط والدته وبيتها الكئيب، وباخراجها من حياته أعطا المخرجان لبطلهما فرصة عرض واقع لبنان الجديد من خلاله، فلبنان ما زالت آثار حروبه واضحة على جسده والقلق ظاهر وجلي في سلوك شاب من شبابه ينتظره مستقبل غامض فيما إزدواجية السلوك لناسه يدمر دواخلهم لدرجة ما عادت قدرتهم العظيمة على التستر وراء شكلانيات يجيدون اللعب عليها تنفعهم في شيء بل صارت اللعبة نفسها  تزيد دواخلهم تمزقا وتزيد توترهم شدة.

"اليوم الـ 32 من شهر أغسطس على الأرض"

المحتفى به الكندي دوني فيلنوف قدمت له الدورة الى جانب فيلمه عن الحرب الأهلية في لبنان "حرائق" عدة أفلام من بينها رائعته السينمائية "اليوم الـ 32 من شهر أغسطس على الأرض" حيث يكثف فيها عشرات من الأسئلة الوجودية عن الحياة والموت، الخوف والعنف، والفرد وعلاقته بمجتمعه كل ذلك عبر قصة غاية في السهولة دارت حوادثها بعد تعرض فتاة لحادث سير وخوفا من الموت الذي كانت قريبة منه، طلبت من أقرب أصدقائها الزواج منها ليوم واحد حتى تنجب منه طفلا. أمام هذة الفكرة وحين حاولا تحقيقها على الأرض ظهرت الى جانبها عشرات المشاكل والتعقيدات وانتهت بدخول الصديق الى المستشفى مصابا بغيبوبة "كومة" أثر اعتداء شباب متهورين عليه حولته ضرباتهم العنيفة الى جسد ميت سريريا. عمل فيه كثافة وجمال تصوير نقله الى مستوى يقارن بشغل مخرج كبير كالفرنسي غودار. أما فيلم "جين أير" والذي أثارت برمجته لإفتتاح الدورة 46 نقاشا بين المعنيين حول جدوى عرض فيلم مقتبس من رواية حولت الى السينما أكثر من مرة، لكن سرعان ما فهم المتحاورون سر اختياره بعد مشاهدتهم له، فالنسخة السينمائية الجديدة من هذا العمل والموقعة بخط المخرج كيري جوني فوكوناغا جاءت مختلفة كثيرا عن النسخ التي سبقتها  من ناحية المعالجة والتركيز على جين أير شابة وكيف قاومت كل ما أحاط بحياتها من تحولات دراماتيكية وظلت مخلصة لعلاقتها بالرجل الذي ساعدها وأحبها ثم عادت اليه بعد أن خسر كل شيء وفقد بصره. دراما كلاسيكية فيها تميز كبير فهمنا بعدها كيف أن بعض المهرجانات العالمية تراهن في برمجتها على اختياراتها المنتقاة بعناية لتسهم عبرها في خلق ذائقة سينمائية رفيعة لمشاهديها مراهنة على تزكية الوقائع لها، فيما بعد، فالرهان على الطليعي من الأفلام يستوجب الإقدام أولا وهذا ديدن المهرجانات الكبيرة وعلى خطاها سار مهرجان كارلوفي فاري وراهن.

المدى العراقية في

21/07/2011

 

فيلمان منها في آفاق كارلوفي فاري..

تركيا بلغي جيلان في "كان يا ما كان في الأناضول

قيس قاسم/ كارلوفي فاري 

وضع منظمو الدورة الـ 46 لمهرجان كارلوفي فاري الفيلمين التركيين "كان يا ما كان في الأناضول" و"أغلبية" ضمن برنامج "آفاق" متجنبين، على أغلب الظن، إشراكهما في المسابقة الرسمية، لاحتمال خروجهما بجوائز محتملة تحرم البقية من فرص الفوز لاسيما وأنهما قد حصلا على جوائز مهمة في  مهرجانات عالمية كبيرة، وأيضا لأن آفاق سينما المناطق المتاخمة للحدود الأوربية الجديدة تعني كثيرا لجمهورهم الذي بدأ، والعالم معه، يدرك أهمية أعمال  مبدعي هذا الجزء الموصل بين أوربا وآسيا وبين ثقافات مختلطة قد تحتاج إليها القارة لتغيير صورتها المكرسة، المنغلقة على جغرافية تشهد رغم هذا  تغييرا، موضوعيا، في حقول الإبداع، ويكفي التذكير بفوز باموق بجائزة نوبل للآداب وخروج  صاحب فيلم "كان يا ما كان في الأناضول" نوري بلغي جيلان بجائزة لجنة التحكيم الكبرى في دورة  مهرجان "كان" الأخيرة.  تركيا بلغي جيلان فيها روح باموق، وعنوان فيلمه يشي بمثيولوجيا مكانية تخص تلك البلاد وفيه مقاربة مع عوالم "اسطنبول" و"ثلج" باموق، أيضا. لقد وصف صاحب نوبل التركي دوما مدينته بالحزينة والمعزولة في شتاء مثلج أو منزوية في سهول شاسعة تولد عند السائر فيها شعورا بالتيه واللاانتماء، وجيلان بدأ فيلمه من ذات المناخ في مشهدية واسعة يلفها الليل وتخترقها مصابيح سيارات تسير على غير هدى باحثة عن مكان لتقف فيه وتجد الحفرة التي دُفن فيها رجل، اعترف قاتلاه بجريمتهما ولكنهما يجدان صعوبة حقيقية في تحديدها لرجال الشرطة الذين كُلفوا في إيجاد جثة الشاب القتيل ونقلها إلى المشرحة في تلك الليلة الحالكة الظلمة! في البداية، وكعادته لا يفصح جيلان عن الحدث بل يتركنا نتعرف عليه عبر تفاصيل دقيقة وتطورات بطيئة، معتمدا على كاميرته بوصفها الوسيط لنقل مشاعر أبطاله وقصصهم، وبذلك يصنع لنفسه طريقة خاصة في سرد الحكاية، وربما لهذا سمى فيلمه "كان يا ما كان في الأناضول" ليوحي لنا بوجود قصة قد يختلف الناس في طريقة سردها ولكنها في النهاية تفضي إلى قتل فراغهم وتملأ جزءاً من حيوات يسودها الحزن وتقل فيها الضحكات، لهذا رأينا معظم الشخصيات في الفيلم تبكي نفسها، والموت كان دافعا شكليا عندهم، أكملوا به ما يحتاجونه للتعبير عن الأسى الكامن في نفوسهم وأيضا كمبرر لقبول فعل البكاء المتستر، الصامت من رجال يعاب عليهم وفق ثقافة شرقية البوح بمشاعرهم بهذا القدر من الإفصاح. بدت قافلة سيارات رجال الشرطة المصورة بلقطات واسعة وبعيدة وكأنها أجسام أرضية صورت من السماء، من علو لا صله له بالأرض التي تدوس عليها عجلات السيارات ومصابيحها التي كانت تضيء جزءا ضيقا من مساحة الظلام الواسع، وكلما توقفت ونزل الرجال منها بصحبة الأخوين كنعان ورمضان الباحثين عن حفرتهما كان الضوء يزداد سعة ويبدو المشهد أرضيا، هذه المرة، ولو مؤقتا. هل أراد بلغي جيلان ربط الموت بهاتين المنطقتين، بهذين المستويين من اختلاف الضوء ربما، لكن المؤكد أن إدارة الإضاءة كانت واحدة من أهم عناصر هذا العمل السينمائي المبهر كونها وَصلت المناخ النفسي ليس لرجال الشرطة بل ولتركيا كلها تقريبا، وهذا ما سيتضح بعد أكثر من ساعة عرض حين تظهر البلاد وهي تحت شمس ساطعة يتحرك وسط نورها نفس الرجال الذين بكوا بصمت في عتمة الليل لينقل لنا إحساسهم بالفجيعة والحزن العميقين في تحولات الليل والنهار الأزلية في بلاد الأناضول.

امرأة.. وأكثر

مع كل الترقب في معرفة مكان دفن الشاب ينقل جيلان الشد الدرامي إلى مكان آخر، تظهر فيه ولدقائق شابة في بيت والدها مختار القرية وهو يستقبل رجال الحكومة فيه. ظهور المرأة يغير بشكل مفاجئ  كل المناخ النفسي للرجال المتعبين ويسحبهم إلى دواخلهم متناسين وجودهم الحقيقي لائذين في صمت معبر عن حاجتهم إلى تكامل مع هذا الكائن الخارج عن حدود ذلك المكان. ثم وحتى لا يجر نفسه إلى بساطة وعادية يتركها لشأنها دون علاقة بأحد سوى في الفراغ الذي يضمها وفي خيال من رآها تحت ضوء مصباح زيتي لون وجهها بلون النار. إلى جانبها ظهرت امرأة ثانية، زوجة القتيل الشابة مع طفلها قرب مركز شرطة البلدة الذي سلموا إليه الجثة، وفق روتين وظيفي كان لابد منه لإنهاء إجراءات التفتيش والتحقيق. في المسار الطويل الأول وقبل طلوع النهار، وجدنا أنفسنا وقد فصلنا وفق تصوراتنا، أو هكذا طلب منا جيلان، أبطالا لنا من بين من الذين شاركوا في عملية البحث، منهم: الطبيب الشرعي والمحقق العدلي، لكن في الواقع أن لا أحد من هؤلاء وصل إلى درجة التماهي مع ذواتنا، لكونهم  وببساطة شخصيات عابرة، تنقصها قدرة الاقتراب من الآخر صراحة، كمَعلم بارز للشخصية التركية المنطوية على ذاتها والمتشاغلة بهمومها مع حاجاتها إلى البوح في كل لحظة، انها تركيا المتسترة وراء انتمائها التاريخي والمنفتحة على أوربا جديدة لا تقول حقيقة مشاعرها للذين تريد الانتساب إليهم، ولعل جملة واحدة فلتت من لسان المحقق وهو يهدئ ضابط الشرطة الذي انهال بضرب القاتل "كنعان" لاعتقاده بأنه يريد تضليلهم عن مكان دفن الجثة، قال له: فكر في صورتنا (كأتراك) ونحن نريد دخول الوحدة الأوربية! هدأ الضابط ظاهريا وفي داخله كان العنف يغلي، كما هو حال معظم شخصيات جيلان في "كان يا ما كان في الأناضول"، فالناس كانت دواخلهم تغلي لكن قدرتهم على التعبير عنها كانت ضعيفة سلبية تنقصها الشجاعة وربما الوحيد الذي عبر عما كان يشعر به هو ابن القتيل حين رمى قاتل والده بحجر، في حين ظلت نظرات والدته للطبيب فيها شيء من تعبير ملجوم، وحكاية انتحار زوجة المحقق قالها الزوج المنكوب للطبيب على لسان رجل آخر مع أن الأخير قد خلصه من عقدته، وعذاب ضميره حين فند له فكرة إقدام المرء على قتل نفسه ليعذب كائنا آخر، وهذا ما كان يشعر به طيلة الوقت وكان يسبب له ألما داخليا وحزنا مزمنا. التستر المرضي، عن المشاعر جعل الناس مزدوجي السلوك، فحتى جريمة القتل لم نعرف سببها رغم إننا فهمنا "وفهمنا فقط" إن دوافعها عاطفية وهذه كلمة كناية متسترة عن علاقة قد تكون أبعد من هذا ربما كانت جنسية! وربما لهذا السبب دفنا الشاب حيا! إزاء هذا العنف لن تعود للكلمات كبير معنى، وربما في هذه الحالة تكون الصورة أشد تعبيرا عن الحالة التركية، وهو هاجس حاول جيلان عرضه من خلال حكايته عن بلاد جاء منها إلى السينما وقدم عنها فيلما مهما جدا، حاول فيه رسم ملامح بلاد الأناضول في يوم من الأيام.  

المدى العراقية في

28/07/2011

 

 

في فيلم "الفصول الثلاثة"

قصيدة تستدعي أثر الحب والحرب والطفولة المشردة في فيتنام

كتب: فريد رمضان 

يستدعى المخرج الفيتنامي الأمريكي الجنسية "توني باي" في فيلمه "الفصول الثلاثة" إنتاج عام 1999م، تاريخ فيتنام الحاضر، بإستدعاء أربع شخصيات وأربع حكايات، تتقاطع فيما بينها لتقدم قصيدة حزينة وجميلة تدور أحداثها في مدينة "سايغون" حيث التحول الرأس مالي، وسطوة الحياة العصرية بزهوها عبر الفنادق الفخمة، والبضائع الأمريكية التي اجتاحت هذه المدينة التي تحاول ان تتناسى ماضيها المؤلم، عبر حاضر أشد ألما.

نتابع في هذا الفيلم فتاة زهرة اللوتس التي جاءت من احد القرى لتعمل في حقل كبير لقطف زهور اللوتس وبيعها في منافسة خاسرة أمام الزهور الاصطناعية الرخيصة التي أصبحت تجتاح أسواق سايغون. فتاة ورثت الأغاني الفلكلورية التي تغنيها كل صباح وهي تمارس قطف زهور اللوتس، أمام شاعر، وصاحب هذا الحقل، والذي يعاني من مرض الجذام الذي افقده اصابع يديه مما منعه من كتابة الشعر، ومن الظهور للعلن!

في الجانب الآخر من الفيلم نتابع سائق الأجرة الذي يستخدم دراجة هوائية مخصصة لنقل الركاب وهو يقع في حب فتاة تعمل في الدعارة في أحد الفنادق الكبرى، ويسعى لانتشالها من هذا الواقع من خلال الدخول في مسابقة مخصصة لهذا النوع من الدراجات عله يتمكن من الفوز بالجائزة النقدية.

في حين، نتعرف على رجل أمريكي، كان جنديا سابقا أبان التدخل الأمريكي في سايغون، وهو يعيش لحظات البحث عن أبنته التي تركها مع أمها الفيتنامية عندما كانت طفلة.

بين هؤلاء الكبار، نتابع معاناة طفل فيتنامي يمتلك صندوق لبيع السجائر، ويتعرض للسرقة، فيعيش لحظات معاناة طويلة للبحث عن صندوقه، ويتهم الأمريكي بسرقتها.

تتقاطع هذه الحكايات الأربع لتقدم لنا قصيدة بصرية جميلة ومؤلمة للواقع الفيتنامي المعاصر، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تجتاحه بقسوة، ولكن بجمالية باهرة نجح المخرج في تقديمها.

ففتاة زهرة اللوتس تجد نفسها في سوق خاسرة أمام رغبة الناس في شراء زهور اصطناعية لا تموت، وحين يسمح لها الشاعر بلقائه ليسرد عليها شعره العاجز عن خطه بيده، تتحول إلى كاتبة لهذا الشعر وهذه القصائد، وترتبط به وجدانيا، وعندما يموت تذهب إلى قريته لتنثر في النهر زهور اللوتس، وهي تردد القصائد الفلكلورية التي صارت محل النسيان!

في حين لا يجد الأب الأمريكي من حوار أو اتصال بينه وبين أبنته التي يتعرف عليها أخيرا، ويلتقى بها في مقهى، يقدم لها باقة من زهور اللوتس مع تمنياته لها بحياة سعيدة، رغم حجم الحزن الذي يجسده حوارهما، ذلك إنهما غريبان، ترفض طلبه بالذهاب معه لتعيش في وطنه لانها ببساطة لا تعرفه، ولانها تعيش في وطنها.

أما الطفل المشرد والذي يتعرض للإهانات والضرب بسبب فقدانة بضائعه البسيطة التي يبيعها على السياح الأجانب، ويجد نفسه لأول مرة داخل صالة فندق فخم مكيف ومضاء بالنيون، حين يرى بشر يختلفون عنه بملابسهم وإناقتهم، حتى يتم طرده، ويظل في بحثه عن صندوقه حتى يجده مرميا بين القمامة.

أما صاحب الدراجة الهوائية التي يستخدمها للأجرة ويفوز بالجائزة النقدية في المسابقة، فانه يدفع بالمبلغ نظير أجرة يوم واحد في فندق فخم لتنام فيه حبيبته في غرفة نظيفة ومكيفة دون ان يمسسها، معبرا عن علاقة حب نقية وخالصة، تدفعها للتوقف عن عملها السابق وتجد نفسها بزيها الفيتنامي الأصيل الأبيض اللون تسير في شارع مغطى بازهار حمراء فيما يشبه الحلم أو الجنة.

الفصول الثلاثة فيلم يقدم المجتمع الفيتنامي المعاصر عبر مجازات بالغة الحساسية، لدولة تنفتح على العالم لتقول عن هذه التحولات في بلد مازال يعاني الفقر ويسعى عبر الانفتاح الرأس مالي لبناء مجتمع جديد ينتج بالضرورة مشاكل كثيرة، وينحاز للحنين والبساطة التي كان عليها. من خلال العديد من الرموز بدأ من الزي النسائي التقليدي وملابس العصر الحديثة، ووصولا إلى رمز زهرة اللوتس التي تشكل المعنى العميق في وجدان الإنسان الفيتنامي.

رشح هذا الفيلم للعديد من الجوائز لعل أهمها حصوله على ثلاث جوائز من مهرجان "سان دانس" الأمريكي.

بوابة المرأة في

28/07/2011

 

 

أفلام الهم العراقي تطوف المهرجانات وتحصد جوائز 

بدأت صناعة السينما في العراق بعد سنوات قليلة من بدايتها في مصر ورغم أن بغداد لم تتحول إلى مركز منافس لصناعة الأفلام العربية إلا أن الحياة الثقافية والفنية الثرية في هذا البلد جعل من ارتياد دور العرض ومشاهدة الأفلام العربية والأجنبية عادة اجتماعية واسعة الانتشار الأمر الذي شجع على بناء عشرات من دور العرض في العاصمة بغداد والمدن الإقليمية الأخرى..

لكن الظروف السياسية وتقلباتها خصوصاً منذ الثمانينيات والحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت ثم الغزو الأمريكي 2003 دفع بالصناعة وبدور العرض إلى ما يشبه الموات فقد تحول العديد من هذه الدور إلى مخازن أو محلات أو ترك مهجوراً لسنوات وزاد المد الأصولي بعد الغزو الأمريكي من انحسار عادة ارتياد دور العرض وندرة الإنتاج..

لكن عدداً من المحاولات الفردية لمخرجين عراقيين مغتربين في معظمهم دفع بالسينما العراقية من جديد إلى الواجهة والمشاركة في العديد من المهرجانات سواء الإقليمية أو العالمية فقد شارك فيلم (ابن بابل) الذي كتبه وأخرجه محمد الدراجي في معظم المهرجانات المحلية والعالمية وحصد العديد من الجوائز ومن قبله طاف الفيلم الأول للمخرج (احلام) 125 مهرجاناً وحصد أكثر من عشرين جائزة ومثل العراق في تصفيات الاوسكار، ومثل العديد من المخرجين العراقيين، يعيش محمد الدراجي في أوروبا وينتج أفلامه بمساهمة من شركات وهيئات ثقافية غربية..

لكنه لم ينقطع قط عن الهم العراقي من أفلامه فجسد فيها معاناة شعبه وما تعرض له من أهوال أما المخرج المخضرم قاسم حول فقد هاجر من العراق منذ السبعينيات وتنقل بين العديد من البلدان من اليمن إلى ليبيا إلى اليونان قبل أن يستقر في هولندا حيث يعيش حتى الآن وعاد إلى العراق في عام 1975 ليخرج فيلماً وثائقياً وهو (الاهوار) الذي قال إن السلطة منعته لسنوات قبل أن تعرضه مشوهاً كما أخرج في نفس العام الفيلم الروائي (بيوت في ذلك الزقاق) قبل أن يعود للهجرة من جديد لكن الهم العراقي أعاده مؤخراً ليخرج ويكتب فيلماً جديداً هو فيلم (المغنى) الذي شارك في مهرجان الخليج ومهرجان دبي السينمائي وفي مهرجان سينما المؤلف في الرباط الذي اختتم مؤخراً وحصد الفيلم جائزة أفضل ممثل وحصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم..

ويصور الفيلم قصة مغني عراقي يتم اختياره لإحياء حفل ذكرى ميلاد ديكتاتور لكنه يصل متأخراً عن موعده بسبب تعطل سيارته وحين يصل إلى القصر الرئاسي يعاقبه الديكتاتور بأن يجعله يغني ووجهه للحائط.. الذي يجسد تمثالاً للديكتاتور.. وشارك في إنتاج الفيلم شبكة ارتي الفرنسية وعرض الفيلم في أكثر من بلد أوروبي وتلقى دعوات للمشاركة في العديد من المهرجانات الغربية..

لكنه لم يعرض حتى الآن في العراق رغم تلقيه لدعوة للمشاركة في مهرجان يقام في بغداد في شهر سبتمبر القادم لكن المخرج قاسم حول يشك في إمكانية عرض الفيلم حيث يرفض حذف أي مشهد منه ومن بينها مشاهد للديكتاتور مع عشيقته في الفراش، ومؤخراً انتهى المخرج الكردي طه كريمي من إخراج فيلمه الوثائقي (أنا أجير أبيض) وهو يصور عملية الأنفال والمذابح التي قامت بها قوات صدام حسين ضد الأكراد وشارك فيها بعض المستشارين من الكرد.

وتقول بعض التقارير الصحفية إن انحسار موجة التشدد الأصولي نسبياً في المدن العراقية قد أعاد عدداً من دور العرض للحياة كما شجع بعض المستثمرين على افتتاح دور عرض جديدة.. ويظل رغم كل الظروف في العراق من يتحدى الدمار والموت والتشدد.. فقد نظمت جمعية "سينمائيون عراقيون بلا حدود" دورات لمهرجان بغداد السينمائي في أعوام 2005 و 2007 وهي تستعد الآن لتنظيم الدورة الثالثة من المهرجان كما انطلق في عام 2010 مهرجان الهربان السينمائي المتجول الذي نجح في حمل الهم العراقي إلى العديد من البلدان العربية كان من بينها قطر.

الراية القطرية في

28/07/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)