حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

هالة خليل:

صورت التظاهرات لـ«حلاوة روح» وخالد يوسف يسجل الاعتصامات لفيلم لم يستقر عليه

كتب ايه رفعت

ميدان التحرير لم يخل تقريبا من الاعتصامات والثوار الذين لهم مطالب تؤثر في مسار الثورة وأيضا لا يخلوا من الفنانين كمعتصمين تارة وكمهنيين تارة أخري، أن يشهد الميدان منذ اندلاع الثورة نزول عدد من المخرجين في الاعتصامات والتظاهرات وتصويرها لاستخدامها في أفلامهم التي يعدون لها حاليا والمتعلقة بالثورة، وقيام عدد آخر بتصوير لقطات حية للميدان بشكل توثيقي وأرشيفي يمكن فيما بعد استغلالها وتوظيفها في أعمال درامية لها علاقة بتاريخ مصر في هذه المرحلة يساعدهم علي ذلك عدم وجوب استخراج تصاريح للتصوير من الجهات المختصة والتي كانت تضعهم أمام عراقيل تقيد تحرك المخرجين.

ولعل الفنانين الذين قرروا تقديم عمل عن الثورة اثناء تواجدهم وسط المتظاهرين في الميدان لم يتعد اصابع اليد الواحدة لينفتح بعد انتهاء الثورة وسقوط النظام سيل من الأفكار الفنية التي تدور جميعها حول 25 يناير وأحداثها، ومع تكرار الاعتصام في ميدان التحرير وتزايد أعداد المتظاهرين يومًا بعد يوم قرر عدد من المخرجين حذو نفس طريق زملائهم لتأمين أنفسهم فنيًا عن طريق تصوير مشاهد طبيعية وقت الاعتصام لاستخدامها في أفلام تتعلق بالثورة.

المخرج يسري الجندي أحد هؤلاء المخرجين، إذ قام بالفعل بتصوير مشاهد حية لاعتصامات التحرير والتي تفيده في تصوير فيلمه «ريم ومحمود وفاطمة» الذي يحضر له، وتدور أحداثه حول قصة ثلاثة مصريين من فئات عمرية واجتماعية مختلفة ليعرض آراءهم وأفكارهم تجاه الأحداث التي أثرت بهم وقت حدوث الثورة. وقد برر «نصر الله» تصويره للاعتصامات أنه فرصة لا يجب أن تفوت إذ يتوافر بها التواجد الجماهيري والثوري في نفس الميدان الذي أندلعت منه الثورة، إضافة إلي أن التصوير بالميدان حاليًا لا يتطلب أي تصاريح أمنية مما يعطي له حرية في التعبير عن رؤيته بصورة واضحة بدون عرقلة. وأضاف أنه استعان بأبطال فيلمه «منة شلبي» و«باسم سمرة» و«ناهد السباعي» بالنزول معه إلي الميدان لتصوير مشاهد طبيعية للفيلم.

المخرجة هالة خليل أيضًا صورت بعض المشاهد لتستخدمها في إطار أحداث فيلمها «حلاوة روح» الذي تعكف علي كتابة أحداثه حتي الآن لاستمرار تطور الأحداث بشكل سريع، ولكنها فضلت النزول للميدان وتصوير لقطات عامة للمتظاهرين بدون وجود نجوم العمل.

كما قرر المخرج خالد بهجت الذهاب لميدان التحرير مؤخرًا لتصوير بعض اللقطات العامة التي قد يستخدمها في فيلمه «25 ميدان التحرير» الذي يقوم حاليًا بالإعداد له مع الفنان صلاح عبد الله والفنانة «درة» ولم يستقر «بهجت» حتي الآن علي الاختيار النهائي لباقي فريق العمل الذي تدور احداثه حول المواقف التي تعرض لها المصريون بميدان التحرير عقب الثورة.

المخرج مجدي أحمد علي لم يفوت الفرصة وقرر اللجوء مرة أخري لتصوير مشاهد حية من ميدان التحرير رغم قيامه بتصوير لقطات حية للميدان يوم تنحي مبارك وذلك لتدعيم مشاهد فيلمه «الميدان» يلازمه في ذلك فريق العمل المتكون من عدد من الممثلين الشباب الذين شاركوا في الثورة منذ يومها الأول ومنهم نهي العمروسي ومني هلا وأحمد عبد العزيز وأحمد مجدي.

أكد مجدي أنه يقوم بتصوير جميع الأحداث والحوادث التي تحدث في الفترة الراهنة لأن فيلمه يشمل الثورة بتغيراتها فهو دائما يريد أن يكون ملمًا بالأحداث الجديدة في فيلمه لأنها تؤثر كلها في مصر وفي مسار الثورة.

علي جانب آخر يقوم المخرج خالد يوسف بتصوير مشاهد عديدة بكاميرته الخاصة كلما تواجد في الميدان ولم يقرر يوسف حتي الآن البدء في اخراج فيلم عن الثورة ولعل ما يفعله هو ارشيف للقطات حية سوف يعيد توظيفها بعد استقرار الأوضاع علي عمل ترتبط احداثه بميدان التحرير.

روز اليوسف اليومية في

24/07/2011

 

فيلم "المغني" للعراقي حول يعرض بأوروبا ومؤجل في بلده

ايلاف من لندن:  

فاز فيلم المغني لمخرجه العراقي قاسم حول بجائزتين في مهرجان الرباط لسينما المؤلف حيث حصل مؤخرا على جائزة خاصة من لجنة تحكيم المهرجان، كما فاز الممثل العراقي مجيد عبد الواحد ممثل دور العقيد سيف في الفيلم بجائزة أحسن ممثل.

مهرجان سينما المؤلف هو مهرجان دولي يعرض الأفلام التي يكتبها مخرجوها وهو يقام منذ سبعة عشر عاماً ويحظى بإهتمام عالمي كبير. ويقول المخرج قاسم حول بان الممثلة كاترين الخطيب وهي تظهر لأول مرة في السينما وتمثل أيضا لأول مرة قد إستحوذت على إعجاب الجمهور وكانت حقا مرشحة وجديرة بالفوز بجانب أفضل ممثلة إلى جانب الممثل مجيد عبد الواحد لكن لم يكن من السهل أن تعطى لفيلم واحد ثلاث جوائز مع أن ذلك حق ووارد في المهرجانات السينمائية ولكني أشعر بأن الجميع في المهرجان قد تحدثوا عنها كممثلة كبيرة في السينما.

يتحدث فيلم المغني الذي تم تصويره في مدينة البصرة العراقية وأنجزه قاسم حول عام 2010 عن مغن لم يستطع الوصول إلى حفل ذكرى ميلاد دكتاتور عربي ويصل متأخراً بسبب تعطل سيارته في الطريق. وبسبب الإجراءات الأمنية التي تحول دون وصول السيارات إلى القصور الرئاسية. فيغضب الدكتاتور منه ويطلب منه أن يغني ووجهه للحائط لأنه لا يطيق النظر إليه بسبب تأخره عن الحفل.

في رده على سؤال عمن هو الدكتاتور المعني بهذا الفيلم سيما وأن صورة الدكتاتور لا تشبه دكتاتوراً عربياً بذاته يقول المخرج المبدع حول "لست بصدد تصفية حسابات شخصية مع دكتاتور معين، فهذه ليست مهمة الثقافة. لقد أخذت فكرة الدكتاتور من مواصفات دكتاتور قريب زمنيا منا لأنه ماثل أمامي وناقشت غرائبية سلوك الدكتاتور التي قد تقود إلى كوارث. وعندما كتبت قصة وسيناريو الفيلم كنت في أسبانيا أعمل هناك. وأرسلت السيناريو إلى أمريكا وإلى فرنسا. الشركة الأمريكية وافقت على إنتاج الفيلم ولكن ضمن جدول لاحق فيما الأرتي الفرنسية وافقت على دعم الفيلم بشكل سريع ما دفعني ذلك إلى السفر للعراق لتنفيذه وقد وجدت لدى الناس التفاعل الشديد مع السينما عندما كنا نصور المشاهد الخارجية في شوارع البصرة وفي منطقة "أبو الخصيب" وعما اذا سيعرض الفيلم في مهرجانات قادمة يؤكد حول "نعم تلقيت دعوات من السويد والنرويج ومن مهرجان مراكش". وفيما اذا كان سيعرض في العراق اشار الى انه في العراق لا توجد صالات سينما، فلقد تم تهديم كافة صالات السينما العراقية. ولكن يوجد مهرجان سينمائي في ايلول (سبتمبر) المقبل وتلقيت دعوة للمشاركة وأبلغتهم بأن ثمة مشاهد بين الدكتاتور وعشيقته على الفراش وهي ضمن البنية الدرامية للفيلم ومن الصعب حذفها كما وأنني لا أوفق أن تحذف لأنها تؤثر على أحداث الفيلم لأنها من صلب الحدث لأن حادث أغواء الدكتاتور لزوجة جنرال في الجيش ومعرفة الجنرال بهذه العلاقة تؤدي إلى إنتحاره في الفيلم.

واضاف ان هذه الأحداث الدرامية وغيرها تجري في الحفل وتتم عملية قتل إمرأة والمغني لا يستطيع الإلتفات نحو الصالة بل هو يواجه الجدار الذي عليه تمثال الدكتاتور. وقال أتمنى أن يراه الجمهرو العراقي. لقد علمت بأن هناك رجل أعمال يريد بناء صالات سينما عراقية حديثة.. حبذا أنها خطوة جبارة في إعادة الحياة للثقافة العراقية. وأتمنى أن تكون لدى مؤسسة السينما العراقية حيث يقام المهرجان السينمائي العراقي تقنية تقدم الفيلم بشكله الفني لأن ذلك في حال عدم توفر مثل هذه التقنية أخشى أن لا أوافق لأن الجمهور في حال لم يعرض الفيلم نظاميا فسوف يظن بأن مستوى الفيلم تقنيا غير صحيح. إن شكل الفيلم السينمائي في التلقي مسألة غاية في الأهمية.

وعن فيلمه الروائي المقبل يقول المخرج حول" أنجزت السيناريو وهي الخطوة الأهم وسوف أتقدم للمؤسسات الأوربية الداعمة وهو أمر مؤسف ونحن عراقيون نغفو على بحور من الثروات وأنا وغيري من المخرجين نبحث بصعوبة بالغة عن دعم لإنتاج أفلامنا".

إيلاف في

24/07/2011

 

ألان ديلون متهم بتزوير لوحة سيارته في سويسرا

هل تفلت خيوط السيطرة من يد النجم الفرنسي الحريص على سيرته وسمعة أولاده؟

باريس: «الشرق الأوسط» 

صدقت محكمة الاستئناف الفيدرالية في سويسرا حكما بتغريم الممثل ألان ديلون مبلغ 1500 فرنك سويسري (1300 يورو) لاستخدامه لوحة مزورة لسيارته. وأوضحت المحكمة أنها ردت الاستئناف الذي تقدم به النجم الفرنسي ضد حكم ابتدائي كانت محكمة الشرطة في جنيف قد أصدرته في حقه، الصيف الماضي. ولجأ ديلون إلى استخدام لوحة متحركة لأرقام السيارة، كان ينقلها بين سيارتين يملكهما، واحدة من نوع «مرسيدس» والثانية من نوع «بي إم دبليو».

وإذا كان نقل لوحة الأرقام من سيارة إلى أخرى مسموحا به في سويسرا، فإن الممثل خالف القانون عندما سعى إلى تصنيع لوحة، في باريس، مطابقة للوحة السويسرية، لاستخدامها في السيارة العائدة لشركة الإنتاج السينمائي الخاصة به، وذلك لتفادي نقل اللوحة من سيارة إلى أخرى. لذلك استند قرار المحكمة على أن اللوحة تعتبر مزورة، حسب القوانين السويسرية، لأنها غير صادرة عن جهة رسمية في البلاد. كما يتعين على المتهم دفع مصاريف القضية وقدرها 2000 فرنك سويسري.

وكان ألان ديلون، على غرار الكثير من نجوم السينما والرياضة والأزياء الفرنسيين، قد نقل إقامته إلى سويسرا وحصل على جنسيتها قبل 12 عاما، للتهرب من دفع ضرائب باهظة في فرنسا. ويملك الممثل شقة في حي راق في جنيف، وهي الشقة نفسها الواقعة في الطابق السادس التي كانت مسرحا لحادثة إطلاق نار تحدثت عنها الصحافة، في وقت سابق من مطلع الشهر الحالي. واستجوب المحققون المحليون ألان فابيان، أصغر أبناء الممثل، البالغ من العمر 17 عاما، لمعرفة سبب إطلاق النار أثناء حفل كان الولد قد دعا إليه عددا من الأصدقاء والصديقات. كما استمع المحققون إلى شاب آخر من أصدقائه. وحسب التحقيقات، فإن رصاصة انطلقت من سلاح ناري عائد للممثل، أثناء تدافع جرى بين صاحب الدعوة وأحد المدعوين، وتسبب في جرح بليغ في البطن لشابة كانت بين الحضور.

ديلون، الذي لم يكن موجودا في المكان وقت الحادث، هرع إلى جنيف ليكون بجانب ولده القاصر. وحسب المحامين فإن الحادث ليس أكثر من قضاء وقدر عرضي لا عمد فيه. وقد أكد ديلون أنه لا يملك أي سلاح في شقته، لكنه يحتفظ بقطعتين أو ثلاث في منزله الريفي الواقع جنوب باريس. وكان واضحا أن النجم الفرنسي الأصل الذي يقترب من الثمانين، الشهير بحرصه على أن تبقى صورته تحت السيطرة، لم يكن يريد لهذه القضية أن تأخذ أكثر من مداها، خصوصا أن محكمة فرنسية كانت قد نقلت، العام الماضي، حق حضانة ألان فابيان من والدته، عارضة الأزياء السابقة والممثلة الهولندية روزالي فان بريمن. وأنجبت بريمن من ديلون، أيضا، ابنة هي أنوشكا التي تقاسمت مع والدها بطولة مسرحية «يوم عادي»، التي عرضت على أحد مسارح العاصمة الفرنسية، مؤخرا.

بدأ الصراع على حضانة الابن أوائل صيف العام الماضي، عندما أعلنت والدته، في تصريح لصحيفة هولندية، أن ابنها يتعاطى المخدرات، وهي بصدد إدخاله مصحة للعلاج من الإدمان. وسارع الولد إلى الاتصال بأبيه لطلب الحماية، خصوصا أن تصريحات روزالي لم ترق للممثل الحريص على منع أي شائعات أو تقولات حول حياته الخاصة وحياة أبنائه. ومن جانبها، لم تسترح الأم للقاءات الكثيرة بين طليقها وابنهما الذي تريده بجانبها في جزيرة «سيلت» الألمانية التي كانت تمضي فيها إجازاتها مع زوجها الجديد، رجل الأعمال الإيطالي، روبيرتو أغوستينيلي. وبعد فشل المفاوضات بين الطليقين، تقدم ديلون بدعوى قضائية يطالب فيها بحق حضانة الولد المراهق، وحصل على حكم لصالحه.

لكن يبدو أن رعاية الأب لم تكن بأفضل من رعاية الأم. وفيما يخص حادثة الطلق الناري، كان يمكن للمسؤولية الجنائية أن تقع على عاتق الممثل النجم لولا مسارعته لتوكيل أفضل المحامين للدفاع عن نفسه وعن ولده. وقد تساءلت الصحف السويسرية عن أسباب وجود مسدس في حفل لجماعة من الشبان المراهقين في غياب شخص مسؤول أو بالغ؟ وكيف يمكن أن يكون في متناولهم؟

لا يحب ديلون الصحافيين الفضوليين الذين يسعون للنبش في ماضيه وابتداع سيرة غير مرخصة له. وهو قد دأب، طوال العقود الأربعة الماضية، على ملاحقة من يدس أنفه في صحنه، من دون رغبة منه، ونجح في منع إصدار كتاب كان الصحافي برنار فيوليه قد أعده عنه ودفع به إلى دار باريسية معروفة للنشر. لكن صاحب الدار سارع إلى أخذ رأي الممثل وأرسلت له نسخة من المخطوطة. وكانت النتيجة حصول ديلون على حكم قضائي بمنع توزيع الكتاب؛ فما الذي يخفيه الممثل الذي تربع على عرش الفتى الأول في السينما الفرنسية منذ خمسينات القرن الماضي، وحتى سنوات قلائل؟ هل هي علاقته الغامضة بمواطن يوغوسلافي كان سائقا له ولقي حتفه في ظروف غامضة؟ أم هي علاقته المتوترة بابنه البكر أنطوني من زوجته الأولى ناتالي، الذي تعرض للسجن بسبب القيادة بسرعة كبيرة وفي حالة سكر؟ أم أن ديلون لا يحب العودة إلى علاقاته المتعددة بالنساء، على الرغم من أن تلك القصص ما عادت تهم أحدا؟ لعله لا يحب، أيضا، ما تنشره الصحف عنه، بين الحين والحين، من أخبار حول ميول يمينية وتصريحات معادية للمهاجرين.

وعلى الرغم من كل ما يقال، يحاول ألان ديلون أن يبقى بمثابة «الأيقونة» التي لا تبهت. لكن يبدو أن الحظ لم يعد يقف بجانبه، والدليل قضاياه التي تعكر مزاجه مع العدالة. ألا يكفيه، اليوم، عزاء، عودة شركة باريسية كبرى للعطور إلى صورة قديمة له، يبدو فيها في أوج شبابه وسحره، لاستخدامها في واحدة من حملاتها الإعلانية الجديدة؟ إن الصورة المكبرة الموزعة على جدران باريس تشهد بأنه كان «الفرنسي الوسيم» الذي سحر هوليوود ووقف أمام أجمل نجمات أميركا وإيطاليا وألمانيا، فضلا عن حكاياته الشهريارية مع بريجيت باردو ورومي شنايدر وشيرلي ماكلين وآن مرغريت وميراي دارك وآن باريو وكلوديا كاردينالي.

الشرق الأوسط في

24/07/2011

 

بين كوبولا وأورويل وكونراد

كوابيس سينمائية مثــل زفرة الصدق الأخيرة

زياد عبدالله 

كابوس أم حلم، أيهما أبقى؟ السؤال أبعد ما يكون عن مساحة نقدية! إنه على شيء من استخدام وردة، ومن ثم نزع بتلاتها بالقول: «كابوس حلم، كابوس حلم»، إلى أن تصل آخرها فتستقر على كابوس، لا لشيء، وليس لأن في الأمر قدرية أو حتمية، لكن على شيء من الإجابة البسيطة والمدوية التي تقول لنا مازال الكابوس متواصلاً، ويأتي الحلم رداً على هذه الكابوسية، ولعل الكتابة هنا ستكون على شيء من المسعى لتسليط الضوء على هذا الكابوس سينمائياً، وعلى شيء من الكاميرا الذاتية بعيداً عن الكاميرا الموضوعية.

العقيد كيرتز يبقى لغزه مرابطاً قادراً على إيقاظ الكوابيس برمتها، يمكن لكوبولا في «القيامة الآن» أن يصور ذلك في فيتنام، بينما كيرتز لغز آخر خارج من رواية جوزيف كونراد «قلب الظلام» في أدغال إفريقيا، تحالف اللغز مع الأعماق الإنسانية سيقودنا حتماً إلى الكابوس، كابوس الحقائق العارية، الأول سينمائياً سيكون في الحرب وجحيمها، ومع ذلك ملمح من كيرتز الروائي الذي يجد في قلب الظلام ملاذه وخلاصه وكوابيسه، الأول يحيط به القتل من كل جانب، ويصطدم في عالم مجهول تماما بالنسبة إليه فيجد فيه كل ما على الانسان أن يكونه، والبدائية هي الحقيقة الكبرى، بدائية الشعوب الآسيوية في «القيامة الآن» وهي تتلقى قنابل «النابالم» الأميركية مترافقة مع موسيقى فاغنر والأجواء الجهنمية، وبدائية الأفارقة في رواية كونراد والعاج هو كل ما يبحث عنه الرجل الأبيض، بينما كيرتز مشغول بالخلاص بالبحث عن الجوهري في الإنساني.

في الفيلم يقول كورتز: «لقد شهدت الأهوال، لكن ليس لك أن تدعوني قاتلا، لك أن تقتلني، لكن ليس لك أن تطلق حكمك عليّ، من المستحيل للكلمات أن تصف ما هو ضروري لأولئك الذين لا يعلمون ما يعنيه الرعب، الرعب، للرعب وجه، ومترتبٌ عليك أن تصادقه، الرعب والترويع الأخلاقي هما صديقاك، إن لم يكونا كذلك، فهما عدوان مترتبٌ عليك خشيتهما، عدوان حقيقيان». بينما في الرواية يقول كيرتز «كان عليّ ـ بسبب من خطاياي كما أظن ـ أن أجرب عذاب النظر في داخلها بنفسي، لم يكن لأي بلاغة أن تكون أكثر تدميرا لإيماننا بالجنس البشري مثل زفرة الصدق الأخيرة».

كلاهما وقع في غواية المجهول، الأول في الفيلم كولونيل يعلن انشقاقه عن الجيش الأميركي، وليتعامل معه سكان القرية التي يلجأ إليها كما لو أنه إله، الأمر نفسه بالنسبة لكيرتز الأصلي في رواية كونراد، إلا أنه مجرد موظف في شركة للبحث عن العاج، كلاهما على حافة المجهول يكتسبان الرؤية، يغوصان عميقاً في النفس البشرية، وتتحول حياتهما إلى كابوس بشري من شدة حقيقتها ومسعاها للحقيقة.

الكابوس سابق الذكر سنجد له بيئة خصبة أخرى بعيدة عن المجهول قريبة أكثر من الواضح والمعيش، وهنا يطفو كابوس العيش في ظل الأنظمة الديكتاتورية، والثنائية التي سنقع حيالها ستكون أيضاً تنقلاً بين الرواية والفيلم، وتحديداً فيلم 1984 لمايكل رادفورد، ورواية جورج أورويل الشهيرة المأخوذ عنها، وهنا تطالعنا واحدة من الشخصيات الأثيرة أدبيا وسينمائياً، أي وينستون سيميث، ولعل ما بدأنا به بكون الكابوس أبقى من الحلم يجد شرعيته من خلال هذه الرواية وهذا الفيلم، إذ إن أورويل وحين تأليف تلك الرواية عنونها بعام 1984 بوصفها رواية مستقبلية، وعلى شيء من قلب العام الذي كتبت فيه أي عام ،1948 وهو يتحرى ما صارت أو ستصير إليه الستالينية، وليبقى هذا الكابوس الديكتاتوري حاضراً في أرجاء كثيرة من العالم بعيدا عن الستالينية الآن، وإن مستقبلية الرواية تخطت ،1984 وبقيت مجازاً لما يمكن أن يصير إليه الانسان في ظلها، ونحن نرى سميث تحت رقابة كاملة من الشاشة الموجودة حتى في شقته وصولاً إلى الطائرات التي تتفقده كما كل من يعمل في الحزب الخاضع لسيطرة الأخ الأكبر وتحت شعار يتمثل في «الحرب هي السلام، الحرية هي العبودية، الجهل هو القوة».

كل شيء تحت وطأة الأخ الأكبر، صوره في كل مكان، كلامه مقدس، الحرب متواصلة، الخراب معمم، وأي ميل في التفكير سيودي بصاحبه إلى تعذيب يجعله في النهاية ينفي بنفسه كل ما فكر فيه، مسح دماغه كاملاً في حالة سميث بعد أن يخوض قصة حب وجيزة مع جوليا، إنه الرجل الروبوت الخاضع بالمطلق للأخ الأكبر، كل تفكير ممنوع خارج تبجيله وتقديسه، وحين يقترف هذا الذنب ويمنح لإنسانيته مساحة خارج ذلك، والحزب الذي يرصد كل شيء علينا أن نسمع سميث وهو يقول عن العذاب الذي يتعرض له «في ميدان القتال أو في غرفة التعذيب أو على متن سفينة تغرق، تغدو القضايا التي تحارب من أجلها طي النسيان دائماً، ذلك لأن جسدك يظل يتضخم حتى يملأ عليك العالم فلا ترى سواه».

في «1984» المعالجة السينمائية للرواية ليست مثل «القيامة الآن» ففي الأخير يكون المأخوذ من رواية كونراد جوهرها، بينما في الأول فإن الفيلم هو معادل بصري مبني بحنكة لرواية أورويل دون اجتهادات كثيرة على صعيد الأحداث الرئيسة، وهنا ننتقل إلى كابوس سينمائي من نوع آخر دون أن يكون مأخوذا عن رواية، وهو فيلم يوناني بعنوان «ناب» ليورغوس لانثيموس، إذ إن ما يقدمه هذا الفيلم يلتقي بما تقدم مع توصيف الكابوس، ولعله أقرب إلى 1984 لكن من خلال عائلة يمارس فيها الأب دور «الأخ الكبير»، إذ يمارس مع ابنه وابنتيه وزوجته شتى أنواع الديكتاتورية التي تجعلهم جميعاً سجناء بيت محاط بالأسوار.

الأب يحتكر كل شيء، ممنوع على الزوجة والأبناء مغادرة البيت، وكل ما يتلقونه يأتي من خلاله، بما في ذلك لغتهم وتعريفهم للأشياء فالمسدس هو طائر أبيض جميل على سبيل المثال، وهو كذلك طالما أن الأب قد قال ذلك، ولا يمكن للأبناء مغادرة البيت إلا عند سقوط الناب من الفك، وفي الوقت نفسه لا يمكن الخروج إلا باستخدام السيارة، ولا يمكن تحقق ذلك إلا عندما ينبت الناب من جديد، الناب اليسار أو اليمين ما من مشكلة في ذلك، ما يعني ووفق هذه القواعد أن الأبناء محكومون بسجن أبدي، المحكومية هنا مصاغة منذ الولادة، فكل ما تم تلقينه للأبناء مؤسس لتحقيق هذا الغرض، والانقضاض على ما كانوا عليه من البداية بوصفهم «عجينة» يجري تشكيلها حسب الأب الديكتاتور.

ومع هذا الفيلم نصل إلى نهاية صياغة ما قصدنا في البداية وصفه بالكابوس، ولعله أمضى حين يأتي متسلحاً بسرديات سينمائية خاصة، ذلك أن تلك الكوابيس مازالت متواصلة.

الإمارات اليوم في

24/07/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)